مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث البحث في لسان العرب ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث إرشادات البحث

البرزخ (أيام من دولة المتوكل)

المقدمة

» الجزء 1
» الجزء 2
» الجزء 3
» الجزء 4
» الجزء 5
» القتيل عند دير العاقول

شارك بالنقاش

البرزخ

البرزخ
(أيام من دولة المتوكل)
بقلم: محمد أحمد السويدي
الجزء 5

تاريخ التحديث 12 كانون الثاني 2009

الصوت السادس (بغا):

كان الفتح بن خاقان يعشق شاهك خادم المتوكل، واشتهر الأمر فيه حتى بلغه، وله فيه أشعار، وكنت أسعى فيما يحبه الفتح، ونمى الخبر إلى المتوكل فاستدعاني، وقال لي: إنما أردتك لتنادمني، لا لتقود على غلماني، فأنكرت ذلك، وحلفني يميناً حنثت فيها، فطلق من كانت حرة من نسائي، وأعتق من كان مملوكاً، وألزمني حجّ ثلاثين سنة، فكنت أحجّ في كلّ عام.
وأمر بنفيي إلى تكريت فأقمت فيها أياماً، ثم جاءني زرافة الحاجب في الليل على البريد، فبلغني ذلك، فظننت أن المتوكل لما شرب بالليل وسكر أمر بقتلي، فاستسلمت لأمر الله، فلما دخل إلي، قال لي: قد جئتك في شيء، ما كنت أحب أن أخرج في مثله، قلت: وما هو؟ قال: أمير المؤمنين أمر بقطع أذنك، فرأيت ذلك هيناً في جنب ما كنت اتوهمه من إذهاب مهجتي، فقطع غضروف أذني من خارج، ولم يستقصه، وجعله في كافور كان معه، وانصرف به.
وبقيت منفياً مدة، ثم حدرت إلى بغداد، فأقمت بمنزلي مدة. فلقيت إسحاق بن إبراهيم الموصلي، ثم لما كف بصره، فسألني عن أخبار الناس والسلطان، فأخبرته، ثم شكوت إليه غمي بقطع أذني، فجعل يسليني ويعزيني، ثم قال لي: من المتقدم اليوم عند أمير المؤمنين، الخاص من ندمائه؟ قلت: محمد بن عمر البازيار، قال: من هذا الرجل؟ وما مقدار علمه وأدبه؟ فقلت: أما أدبه فلا أدري، ولكني أخبرك بما سمعت منه منذ قريب، حضرنا الدار يوم عقد المتوكل لأولاده الثلاثة، فدخل مروان بن أبي الجنوب ابن أبي حفصة، فأنشده قصيدته، التي يقول فيها:

 

بيضاء في وجناتـهـا   ورد،  فكيف لنا iiبشمه

فسرّ المتوكل بذلك سروراً كثيراً شديداً، وأمر، فنثر عليه بدرة دنانيرفقال: يا أمير المؤمنين: ما رأيت كاليوم، ولا أرى، - أبقاك الله - ما دامت السموات والأرض، فقال محمد بن عمر: هذا بعد عمر طويل إن شاء الله وقبل، قال له: فما تقول في أدبه? فقال: أأكثر من أن يقول للخليفة: - أبقاك الله - يا أمير المؤمنين إلى يوم القيامة وبعد القيامة بشيء كثير? فقال إسحاق: ويلك، جزعت على أذنك، وغمّك قطعها، حتى لا تسمع مثل هذا الكلام? ثم قال: يا أبا عبدالله لو أن لك مكوك آذان، ما الذي كان ينفعك مع هؤلاء؟

الصوت الرابع(عبّادة المخنّث):

كان لرجل عليّ دين، فكان يتردد إليّ كل يوم، فيقال: ليس هو في البيت، فغلّس عليّ يوماً في الثلث الأخير، فدقَّ الباب فقيل: ليس هو ها هنا، فصاح الرجل واستغاث بالجيران. فلما اجتمعوا قال: يا معشر الناس، في الدنيا أحد ليس هو في بيته الساعة؟ فأشرفت عليه من طاق لي وقلت: نعم يا بن الفاعلة، هو ذا أنت لست في بيتك الساعة.

الصوت الثاني(الفتح بن خاقان):

 

وغريرة  شغل الكمال iiبصنعها   عيش  الهوى  ومنية iiالعشاق
شغلت بتنفيض الدموع شمالها   ويمينها     مشغولة    iiبعناق


الصوت الثالث(البحتري):

قلت في محمد بن عبد الله وأحن إلى عهد الفتح والمتوكل:
 

 

أعيرت  به  بغداد  سكب iiغمامة   تعل   البلاد   من  نداها  iiوتنهل
وما  زلت  مدلولاً على كل iiخطة   من  المجد  ما  ترقا  وما iiتتوقل
تداركني  الإحسان  منك iiومسني   على  حاجة ذاك الجدى iiوالتطول
ودافعت عني حين لا الفتح يبتغي   لدفع  الذي  أخشى  ولا iiالمتوكل



الصوت الرابع(عبّادة المخنّث):

قلت يوماً للمتوكل: قَدْ عُمِل بي البارحة كذا وكذا دفعةً. فقال لَي المتوكل: ويْحكَ!! أما أعْييتَ؟ قلت: إنّما يعْيا البريد لا الطريق.

الصوت الثالث (البحتري):

اجتاز الفتح بن خاقان على بعض القناطر، وهو يتصيد، وقد انقطع من عسكره، فانخسفت القنطرة من تحته، فغرق. فرآه أكار، وهو لا يعرفه، فطرح نفسه وراءه، وخلصه، وقد كاد أن يتلف، ولحقه أصحابه، فأمر للأكار بمال عظيم، وتصدق بمثله. فقلت مهنئا بسلامته من الغرق:

 

سَقى  اللَهُ عَهداً مِن أُناسٍ iiتَصَرَّمَت   مَوَدَّتُهُم     إِلّا    التَوَهُّمُ    iiوَالذِكرُ
وَفاء   مِنَ  الأَيامِ  رَجعُ  iiحُدوجِهِم   كَما  أَنَّ  تَشريدَ  الزَمانِ  بِهِم iiغَدرُ
هَلِ  العَيشُ  إِلّا  أَن تُساعِفُنا iiالنَوى   بِوَصلِ  سُعادٍ  أَو  يُساعِدَنا  iiالدَهرُ
عَلى   أَنَّها   ما   عِندَها  iiلِمُواصِلٍ   وِصالٌ  وَلا  عَنها  لِمُصطَبِرٍ  iiصَبرُ
إِذا  ما  نَهى الناهي فَلَجَّ بِيَ iiالهَوى   أَصاخَت إِلى الواشي فَلَجَّ بِها iiالهَجرُ
وَيَومَ    تَثَنَّت    لِلوَداعِ    iiوَسَلَّمَت   بِعَينَينِ  مَوصولٌ  بِلَحظِهِما  iiالسِحرُ
تَوَهَّمتُها   أَلوي   بِأَجفانِها  iiالكَرى   كَرى النَومِ أَو مالَت بِأَعطافِها الخَمرُ
لَعَمرُكَ   ما  الدُنيا  بِناقِصَةِ  iiالجَدى   إِذا  بَقِيَ  الفَتحُ  بنُ  خاقانَ iiوَالقَطرُ

إلى أن بلغت:

 

لقد  كان  يوم  النهر  يوم عظيمة   أطلّت  ونعماء  جرى  بهما iiالنهر
أجزت   عليه   عابراً   iiفتشاعبت   أواذيه  لما  أن  طما  فوقه iiالبحر
وزالت أواخي الجسر وانهدمت iiبه   قواعده  العظمى  وما ظلم iiالجسر
تحمّل   حلماً   مثل  قدسٍ  iiوهمّة   كرضوى  وقدراً  ليس  يعدله قدر
فما  كان  ذاك  الهول  إلاّ  iiغيابة   بدا  طالعاً  من تحت ظلمتها iiالبدر
فإن  ننس  نعمى  اللّه فيك iiفحظّنا   أضعنا وإن نشكر فقد وجب الشكر


فقال لي الفتح: الناس يهنئونا بنثر، وأنت بنظم، وبراحة، وأنت بتعب، وأجزلَ صلتي.


الصوت السابع(محمد بن المتوكل):

في هذا العام ( 244 هجرية) قتل والدي المتوكل يعقوب بن السكيت الإمام في العربية؛ وذلك أنه حضر يوماً مجلسه ، وكان يؤدب أولاده، فجاء منهم المعتز والمؤيد، فقال أبي: يا يعقوب، أيما أحب إليك ابناي هذان أم الحسن والحسين ابنا علي رضي اللّه عنهم? فقال يعقوب: بل قنبر. فقال المتوكل للأتراك: سلوا لسانه من قفاه، ففعلوا ذلك فمات، ثم أرسل المتوكل لأولاده دية أبيهم عشرة آلاف درهم.

الصوت الثالث (البحتري):

قلت في قصيدتي التي أولها: أجدكَّ لا ينفكّ يسري لزينبا.

وفي أثنائها أعرض لذكر الأسد، ومبارزة الفتح بن خاقان له. قلت:

 

وما    نَقمَ   الحسادُ   إلا   أصالة   لديكَ     وفعلا    أرْيَحِيَّا    iiمهذَّبا
وقد  جربوا  بالأمس  منك iiعزيمةً   فَضَلْتَ بها السيف الحُسام iiالمجَّربا
غداةَ  لقيتَ  الليث  والليثُ  iiمُخْدر   يُحَدَّد     نابا     للقاء     iiومخلَبا
إذا  شاء غادَى عانةً أو غدا iiعلى   عقائل   سِرب   أو  تقنص  iiرَبربا
شهدتُ  لقد  أنصفتَه  حين iiتنبرِي   له مُصْلِتا عَضْبا من البيض مِقَضَبا
فلم  أر  ضِرغامَين  أصدق iiمنكما   عِراكَا   إذا  الهيابةُ  النِكسُ  iiكذَّبا
هزبرُ  مشى  يبغي  هزبراً iiوأغلبُ   من القوم يغشى باسل الوجهِ iiأغْلبا
أدل   بِشَغْب   ثم   هالته   صولةُ   رآك   لها  أمضى  جَنانا  iiوأشغَبا
فأحجم  لما  لم  يجد  فيك  iiمَطْمع   وأقدم  لما  لم  يجدْ  عنك  iiمَهربا
فلم   يغنه   أن  كرَّ  نحوك  مُقبلا   ولم   يُنجه  أن  حاد  عنك  iiمُنَكباً
حملتَ عليه السيفَ لا عزمك iiانثنى   ولا   يَدُك   ارتدت  ولا  حَدُّه  iiنَبا


الصوت الرابع (عبّادة المخنّث):

دخلت على الواثق، وبعضٌ يُضرب، وبعضٌ يُقتل في خلق القرآن، وبعض يُحبس، فقلت: والله إن امتحنني أمير المؤمنين ليقتلني، ولكن أبدؤه أنا، فقلت: أعظم الله أجرك يا سيدي، فقال لي: ويلك فيمن؟ قلت: في القرآن، فقال لي: ويلك والقرآن يموت؟! قلت: نعم، كل مخلوق هو ميت، فإذا مات القرآن في شعبان، من يصلي بالناس في رمضان؟ فقال: أخرجوه، أخرجوه.


الصوت السابع (محمد بن المتوكل):

لمّا قتلت أبي دخل إليّ قاضي القضاة جعفر بن عبد الواحد الهاشمي فقالوا له: بايع قال: وأين أمير المؤمنين يعني: المتوكل؟ قلت: قتله الفتح بن خاقان قال: وأين الفتح؟ قال: قتله بغا قال: فأنت ولي الدم وصاحب الثأر فبايعني وبايعني الوزير والكبار ثم صالحت إخوتي عن ميراثهم على أربعة عشر ألف ألف درهم. وكنت أقول: يا بغا أين أبي؟ من قتل أبي؟!! وأسب الأتراك وأقول: هؤلاء قتلة الخلفاء، فقال بغا الصغير للذين قتلوا المتوكل: ما لكم عند هذا رزق فعملوا علي وهموا فعجزوا عني لأنني كنت يقظاً متحرزاً لا كأبي فتحيلوا إلى أن دسوا إلى طبيبي ابن طيفور ثلاثين ألف دينار عند مرضي فأشار بفصدي ثم فصدني بريشة مسمومة فمت منها. وكنت أردد في مرضي : يا أماه ذهبت مني الدنيا والآخرة عاجلت أبي فعوجلت.

مواد أخرى

» يوميات دير العاقول
» مقابلة مع صحيفة الإمارات اليوم
» مقال في صحيفة الحياة
» على سبيل الختام
» واحة المتنبي
» الإسكندر بين قرني آمون ولندن‬