مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث البحث في لسان العرب ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث إرشادات البحث

البرزخ (أيام من دولة المتوكل)

المقدمة

» الجزء 1
» الجزء 2
» الجزء 3
» الجزء 4
» الجزء 5
» القتيل عند دير العاقول

شارك بالنقاش

البرزخ

البرزخ
(أيام من دولة المتوكل)
بقلم: محمد أحمد السويدي
الجزء 4

تاريخ التحديث 12 كانون الثاني 2009

الصوت الثاني (الفتح بن خاقان):

دخل عبادة المخنث يوماً إلى دار المتوكل، فرأى رطبة مطروحة فأكب ليأخذها، فرآه ابن للمتوكل صغير فأشار بإصبعه إلى استه وقال: يا عم من فتح لك هذه الكوة؟ فقال له عباده: الذي فتح لأمك اثنتين، فسمعه المتوكل فأمر بضرب عنقه، فهرب ولم يدر إلى أين يتوجه، فأخذ يهرب في الصحاري ومعه طبله ونايه، فلما أمعن في الصحراء خاف أن يدركه الطلب، فرأى غاراً مفتوحَاً فدخله وسد بابه بالحجارة، فلما صار إلى أقصاه وجد فيه أسداً عظيماً رابضَاً ففزع منه وهمّ الأسد أن يثب عليه، فما وسعه إلا أن ضرب الطبل، فلما سمعه الأسد فزع من صوته وهرب يريد الخروج، فوجد باب الغار مسدوداً فربض هناك خائفاً من صوت الطبل. فجعل عبادة تارة يضرب بالطبل، وتارة يزمر بالناي خوفاً من الأسد، ووافق ذلك قدومي من نزهة كنت خرجت إليها، فلما سمعت صوت الطبل والناي في الصحراء أنكرت ذلك، ثم تبعته حتى وقفت على باب الغار، وأمرت أن يفتح، فلما فتحوه خرج الأسد هارباً على وجهه، فخرج عبّادة وهو يبكي ويصرخ، ويقول: هذا دفعه إليّ أمير المؤمنين أعلّمه ضرب الطبل والغناء بالناي وشردته علي، فقلت له : أنا أرضي أمير المؤمنين، ولك علي ألف دينار، فقال: أخاف واللّه أن يضرب عنقي. فقلت له: أنا أستوهبه دمك، فقال: إن فعلت فقد رضيت. ثم أخذته معي، وأتيت به المتوكل، فلما دخلت عليه قلت: يا أمير المؤمنين، لي إليك حاجة، قال: وما هي؟ قلت: هب لي دم عبادة فأنا الذي أذنبت وليس هو، فقال: ما كانت نيتي إلا أن أضرب عنقه، وقد وهبته لك، فقبلت يده وقلت: أنا الذي أطلقت الأسد وما له ذنب، فلما سمع المتوكل ذكر الأسد سألني عن أصل القصة، فقلت له بما رأيت، وقلت أنّه زعم أن أمير المؤمنين أعطاه ذلك الأسد ليعلمه الطبل والغناء، فضحك المتوكل حتى فحص برجله الأرض وقال: خدعك واللّه يا فتح، إن الأصل كيت وكيت، وأنجزت لعبّادة الألف التي وعدته بها.



الصوت الثالث(البحتري):

مدحت عيسى بن إبراهيم أبا نوح الكاتب وكان من كتاب المتوكل الذين قدموا معه دمشق. كان على المطبخ والحرس، وكان يكتب للفتح بن خاقان، وامتدحته وهو عليل فأنشدته من قصيدة:

 

إذا اعتللت ذممنا العيش وهو iiندٍ   طلق  الجوانب  ضافٍ ظله iiرغد
لو أن أنفسنا اسطاعت وقيت بها   حتى تكون بنا الشكوى التي تجد

فقال لي: يا أبا عبادة، ما نسمع شيئاً حسناً حتى نراك، وقد أمر لك الأمير – الفتح بن خاقان - بمئتي دينار، وقد أضفت إليها مئة لأني لست مثله. فأخذتها وانصرفت.

ومن شعري في أبي نوح:



الصوت الثاني (الفتح بن خاقان):

سأل المتوكل أبي العنبس يوما: أخبرني عن حمارك ووفاته وما كان من شعره في الرؤيا التي رأيتها، قال: نعم يا أمير المؤمنين، كان أعقل من القضاة، ولم يكن له جريرة ولا زلّة، فاعتلَّ علة على غفلة، فمات منها، فرأيته فيما يرى النائم، فقلت له: يا حماريِ، ألم أبرّد لك الماء، وأنقّ لك الشعير، وأحسن إليك جَهْدِي. فلم مُت على غفلة؟ وما خبرك؟ قال: نعم، لما كان في اليوم الذي وقَفْتَ على فلان الصيدلاني تكلمه في كذِا وكذا مرّت بي أتان حسناء، فرأيتها فأخذَتْ بمجامع قلبي؟ فعشقتها واشتد وجدي بها، فمتُّ كمداً متأسفاً، فقلت له:
يا حماري، فهل قلت في ذلك شعراً. قال: نعم، وأنشدني:

 

هامَ   قلبي   iiبأتان   عند باب الصيدلاني
تيمّتني  يوم  iiرُحْنَا   بثناياها     الحسان
وبخذَيْنِ    iiأسيلين   كلون    iiالشنقراني
فبها مُتَّ ولو iiعش   ت  إذاً طَالَ iiهواني

قال: قلت: يا حماري، فما الشنقراني؟ فقال: هذا من غريب الحمير.
فطربت وأمرت الملهين والمغنين أن يغنوا ذلك اليوم بشعر الحمار، وزدت في تكرمة أبي العنبس وجائزته.

الصوت الرابع(عبّادة المخنّث):

كنت أشرب بين يدي المتوكل ويترك في القدح فضلة. فقال: يا عبادة؛ ما تدري ما يقول الناس؟ قلت: وما هو ؟ قال: يقولون إن شارب النبيذ إذا شرب وعبس وجهه وفضلت في القدح فضلة فإن إبليس يضرب قفاه ويقول: اشرب فضلة ما استطبت. فمضت الأيام واصطبح المتوكل وأنا حاضر، وشرب قدحاً كان في يديه وفضلت فضلة. فقلت: يا أمير المؤمنين، جاءك الرجل.


الصوت الثالث(البحتري):


قلت في استبطاء عطاء الفتح:

 

أعاتبُ   إخواني   ولستُ   ألومُهمْ   مُكافحةً     أن    الملوم    iiالمُلَوَّمُ
وما  أنت  بالثاني  عِناناً عن iiالعلى   ولا    أنا    بالخلّ   الَّذي   iiيتجرَّمُ
سأحملُ  نفسي  عنك  حملَ مُجامل   وأكرِمُها   إن  كانتِ  النَّفس  iiتُكرمُ
وأبعدُ  حتَّى  تعرضَ  الأرض iiبيننا   ويُمسي  التلاقي  وهو غيبٌ iiمُرجَّمُ
عليك السّلامُ أقصر الوصل فانطوى   واجمع    توديعاً   أخوك   iiالمسلّمُ
وما   منعَ  الفتحُ  بن  خاقان  نَيْلهُ   ولكنها    الأقدارُ   تُعطي   iiوتحْرمُ
خلا   أن   باباً  ربما  التاثَ  iiدونه   ووجهاً     طليقاً    ربما    iiيتجهَّمُ
سحاب  خَطاني  جودُهُ وهو iiمُسبلٌ   وبحر  عداني  فيضُهُ  وهو  iiمُفعمُ
وبدرٌ  أضاءَ  البدرَ  شرقاً  iiومَغرباً   وموضعُ  رجلي  منه  أسود iiمُظلمُ
أأشكو  نداه  بعدما  وسِعَ  iiالورى   ومن   ذا   يذم   الغيثَ  إلاَّ  مُذَمّمُ



الصوت الثاني (الفتح بن خاقان):

احتجب المتوكل عن ندمائه لرمد عرض له، فكتبت إليه:

 

عيناك  أجمل  من عينيّ iiبالرمد   . فاسلم وقيت الردى لآخر الأبد
من  ضن  عنك بعينيه iiومهجته   فلا رأى الخير في أهل ولا iiولد


الصوت الثالث (البحتري):

قلت في معاتبة الفتح بن خاقان:

 

هل  يجلّبن  إليّ  عطفك  موقف   ثبت   لديك  أقول  فيه  وتسمع
ما زال لي من حسن رأيك موئل   آوي  إليه  من الخطوب ومفزع
فعلام  أنكرت  الصديق  iiوأقبلت   نحوي  جناب  الكاشحين  iiتطلّع
وأقام  يطمع  في  تهضم جانبي   من  لم  يكن من قبل فيه iiيطمع
إلا   يكن   ذنب  فعدلك  iiواسع   أو  كان  لي ذنب فعفوك iiأوسع

الصوت الرابع(عبّادة المخنّث):

تجارى الجواري بحضرة المتوكل فسبقتهنّ جارية ممشوقة. فقال المتوكل لي: اجر معها حتى ننظر من يسبق صاحبه. فقلت: إن سبقتها فما لي ؟ قال: هي لك، وإن سبقتك صفعتك. فجرت معي الجارية فسبقتني مرة بعد أخرى، فقلت: يا أمير المؤمنين؛ كيف لا تسبقني وهي تجري بمدادين وأنا أركض بخرجين؛ فضحك المتوكل ووهبها لي.

(يتبع)



مواد أخرى

» يوميات دير العاقول
» مقابلة مع صحيفة الإمارات اليوم
» مقال في صحيفة الحياة
» على سبيل الختام
» واحة المتنبي
» الإسكندر بين قرني آمون ولندن‬