قصة الكتاب :
أنفس ما أنتجه العلماء العرب في مجال الفيزياء، وأهم كتاب في البصريات ظهر في الحقبة الممتدة من القرن الثاني الميلادي (وفيه ألف بطليموس كتابه: المناظر) حتى أوائل القرن السابع عشر حين ظهرت كتابات (كبلر) و(ديكارت). ويمكن تقسيم الكتاب إلى قسمين كبيرين، يختص الأول بإشراق الأضواء ورؤية المبصرات على الاستقامة (وهو موضوع المقالات الثلاث الأولى) ويختص الثاني بانعكاس الأضواء وانعطافها وما يترتب عليهما من إدراك المبصرات في المرايا المختلفة الأشكال. (وهو موضوع المقالات الأربع الأخيرة) طبعت ترجمته اللاتينية لأول مرة سنة (1572م) في مدينة (بازل) بعناية (فريدريش رِزنر) ولا يعرف من قام بهذه الترجمة، ولا تاريخ القيام بها حتى الآن. على إنه ورد ذكرها في مقال (في المثلثات) لجوردانوس دي نيموري، الذي أزهر في الفترة (1220- 1230م) ويوجد من الترجمة اللاتينية زهاء (20) نسخة، منها (7) تعود إلى القرن (13م). كما وصلتنا ترجمة إيطالية عنها. وطبع الكتاب بالعربية لأول مرة في حيدر أباد الدكن (1928 ـ 1929م) بعناية المستشرق فرتز كرنكو في مجلدين، مع شرحه المسمى (تنقيح المناظر) لكمال الدين ابن الحسن الفارسي (ت 720هـ)اشتمل على مختصر للمناظر. وكان المرحوم مصطفى نظيف في طليعة المهتمين بالكتاب، حيث نشر في العامين (1942 و1943م) دراسة عنه بعنوان (الحسن بن الهيثم: بحوثه وكشوفه البصرية) في جزأين. تطرق فيه للحديث عما يسمى بمسألة ابن الهيثم، وهي المسألة التي اجتذبت اهتمام الرياضيين في القرن (17) وخص هذه المسألة بصفحات طويلة من كتابه، هي من أحسن ما كتب في تاريخ العلم العربي، بل من أحسن ما كتب في تاريخ العلوم عامة، كما يقول د. عبد الحميد صَبره في مقدمة نشرته لكتاب المناظر (الكويت: 1983م) وهو مرجعنا في إعداد هذه البطاقة. وقد قام بإصدار الكتاب في أربعة أجزاء، جعل الأول والثاني للنص العربي، والترجمة الإنجليزية للمقالات الثلاث الأولى، وأفرد الجزأين الأخيرين للمقالات الأربع الأخيرة. قال: (وراعينا أن يكون كل جزء مستقلاً عن بقية الأجزاء من حيث الفهارس والمعاجم وجداول المقارنة، ورقمنا فقرات الكتاب بأرقام تتيح للقارئ مقارنة النص العربي بترجمته الانجليزية، ..واللاتينية). وصلتنا خمس نسخ مخطوطة للكتاب، والكاملة منها نسخة واحدة، وكلها في مكتبات استنبول، وأقدمها: نسخة في سبع مجلدات، وصلتنا خمس منها، بخط صهر ابن الهيثم، نسخها في البصرة بعد وفاة ابن الهيثم بحوالي (43) سنة.