قصة الكتاب :
أول كتاب طبع بالعربية من آثار ابن رشد.
ويعتبر تطويراً للمقالة المعروفة بالضميمة والمطبوعة معه.
وقد نحا فيه ابن رشد (كما يرى معظم الباحثين) للتوفيق بين مقاصد الشريعة والفلسفة. ولا أدل على ذلك من قوله: (إن طباع الناس متفاضلة في التصديق، فمنهم من يصدق بالبرهان، ومنهم من يصدق بالأقاويل الجدلية، ومنهم من يصدق بالأقاويل الخطابية...وقد دعت شريعتنا الناس من هذه الطرق الثلاث...وذلك صريح في قوله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).
قال الأستاذ عبد المجيد الصغير: (وكأني بابن رشد يحاول في كتابه هذا لا تقريب الشريعة إلى الحكمة، بل عقد هدنة بينهما...وحين نستمر في تحليله يأخذنا العجب من وجود تراجع كبير لابن رشد، لا أقول عن نظرياته في (التهافت) ولكنه تراجع واضح عن الفجوة التي عمقها وخلقها بين الفكر الفلسفي والفكر الديني..لتصبح هذه الفجوة هي ذاتها السلم الذي نرتقي من خلاله نحو تضييق فجوة الخلاف بين الحكمة والشريعة).
بينما يرى د. عبد المجيد الغنوشي أن مؤرخي الفلسفة الإسلامية، منذ ثمانية قرون، وجماعة المستشرقين برمتهم لم يوفقوا لفهم مراد ابن رشد، وأن مراد ابن رشد من وراء كتابه وعنوانه: الفصل والفرز بين خطابين غير متجانسين، خطاب شرعي مقام على الوحي والإيمان، وخطاب فلسفي مؤسس على الاستدلال والعقل والبرهنة. قال:(وإذا ما ادعينا أن ابن رشد قد عنى (بفصل المقال) القول الحاسم في التوفيق بين الحكمة والشريعة فلن نكون أوفياء لا إلى الكتاب، ولا إلى عنوانه، ولا إلى مضمونه..) ويرى أنه بفضل هذا الكتاب تحررت أوروبا في القرن (14م) من جميع أنواع التخليط والتلفيق، تاركة العالم الإسلامي يتخبط في عموهيته.(ابن رشد فيلسوف الشرق والغرب في الذكرى السنوية الثامنة لوفاته) مجلدان في (1244) صفحة، إصدار المجمع الثقافي، أبو ظبي. (ج1 ص113).
طبع الكتاب لأول مرة مع المقالة المعروفة بالضميمة في ميونخ سنة (1859م) بعناية مولِّر معتمداً نسخة الاسكوريال. ثم ترجمه إلى الألمانية، ونشرت ترجمته سنة 1875. وطبع مع كتابه (الكشف عن مناهج الأدلة) بعناية فرح، أنطون مرفوقين بردود للشيخ محمد عبده، بعنوان: (فلسفة ابن رشد). وفي مقدمة نشرة د. محمد عمارة (ص12) قائمة بطبعاته وترجماته.
وانظر: ليون جوتيه (نظرية ابن رشد حول علاقة الشريعة والفلسفة). أطروحته التي قدمها للسوربون عام 1909م.
|