قصة الكتاب :
الكتاب الذي خلد ابن طفيل ورفعه إلى مصاف فلاسفة العالم.
وهي القصة التي أفشى فيها السر وهتك الحجاب كما يقول.
وتوصل بها إلى معالجة اختلاف المذاهب الدينية في أبرز مدارسها: الظاهرية والباطنية، متمثلتين في أسال الظاهري وسلامان الباطني. وهما رجلان كانا يسكنان في جزيرة، قرب جزيرة حي بن يقظان، ولكل منهما تلاميذ وأصحاب. قال: (فأما أسال فكان أشد غوصاً على الباطن وأطمع في التأويل، وأما سلامان فكان أكثر احتفالا بالظاهر وأشد بعداً عن التأويل. وكان اختلافهما في الرأي سبب افتراقهما).
فقصد أسال جزيرة للانقطاع والتبتل، وفيها التقى بحي بن يقظان، وكانت تلك المرة الأولى التي تقع فيها عين حي على إنسان. وبعد مدة وجيزة علّمه اللسان العربي. وعرض عليه أصول ديانته وملخصها. فرضي بأشياء وأبى أشياء، زعم أن الناس ألحقوها بالدين. وسأل أسال أن يأخذه إلى جزيرته، ليهدي أهلها. فنصحه أسال أن يلتقي أصحابه، وأعلمه أن تلك الطائفة هم أقرب إلى الفهم والذكاء من جميع الناس، وأنه إن عجز عن تعليمهم فهو عن تعليم الجمهور أعجز.
فلما أتيا الجزيرة، كان سلامان قد أصبح رئيساً لها. وجمعه أسال بأصحابه. (فلما ترقى إلى وصف ما سبق إلى فهمهم خلافُه، جعلوا ينقبضون منه، وتشمئز نفوسهم مما يأتي به. وما زادهم استلطافه لهم إلا نبواً. مع إنهم كانوا محبين للخير راغبين في الحق... فاعتذر عما تكلم به معهم وتبرأ منه، وعلم أن تلك الطائفة القاصرة لا نجاة لها إلا بطريقها، وأنها إذا رُفعت عنه إلى يفاع الاستبصار اختل ما هي عليه، ولم يمكنها أن تلحق بدرجة السعداء، وتذبذبت وانتكست وساءت عاقبتها). ورجع أسال وحي إلى جزيرتهما وعاشا منقطعين فيها حتى فارقا الحياة.
وقد عالج ابن طفيل في فصول قصته معظم مشاكل الفلسفة والدين، وخص وحدة الوجود ببحث مسهب، قال فيه: (والتحكم بالألفاظ على أمر ليس من شأنه أن يلفظ به خطر).
واستطاع أن يأمن عواقب قصته بأن جعل أسال وسلامان من أتباع أحد الأنبياء، وليسا مسلمين، فقال: (وذكروا أن جزيرة قريبة من الجزيرة التي ولد بها حي، انتقلت إليها ملة من الملل الصحيحة، المأخوذة عن بعض الأنبياء المتقدمين).
وانظر في مجلة العرب (س26 ص53) نقداً لنشرة فاروق سعد التي أصدرها لأول مرة سنة 1974م بيروت. ود. يوسف زيدان (حي بن يقظان: النصوص الأربعة ومبدعوها) تناول فيه قصة حي بن يقظان في نصوص لابن سينا وابن طفيل وابن النفيس والسهروردي.
|