الأحكام السلطانية والولايات الدينية
تأليف : الماوردي
الولادة : 363 هجرية الوفاة : 449 هجرية
موضوع الكتاب : علوم مختلفة --> السياسة
الجزء :
تحقيق :
ترجمة :
|
|
|
|
|
|
قصة الكتاب :
أول كتاب من نوعه تناول جميع جوانب الحكم في الدولة، وموقف الخلافة في ظل استبداد الدول المتغلبة عليها، سواء كان ذلك بالاستيلاء أو التفويض. ألفه أبو الحسن الماوردي البصري الملقب بأقضى القضاة المتوفى يوم الثلاثاء 30/ ربيع الأول/ 450هـ 1058م) وهي السنة التي انهارت فيها دولة بني بويه، وكان الماوردي رأس الدهاة الذين عملوا سرا على دعوة السلطان السلجوقي طغرل بك، لاستئصال دولة بني بويه. وكان تأليفه للكتاب في أوج غلبة دولتهم على الخلافة الإسلامية ببغداد. وأحدث بكتابه هزة في أوساط الشافعية =وهو أحد كبرائهم وأئمتهم= بسبب ما انفرد به من تجويزه أن يتولى الذمي وزارة التنفيذ. وهي الفقرة التي وقف عندها السبكي في (الطبقات) فقال: (قال في الأحكام السلطانية: يجوز أن يكون وزير التنفيذ ذميا بخلاف وزير التفويض وفرق بأن وزير التفويض يولي ويعزل ويباشر الحكم ويسير الجيش ويتصرف في بيت المال بخلاف وزير التنفيذ) وانظر في ذلك (د. محمد سليمان داود: الإمام أبو الحسن الماوردي (ص 109) وفيه ينقل عن كتاب (غياث الأمم) لأبي المعالي الجويني =وهو معاصر للماوردي= قوله: (ذكر مصنف الكتاب المترجم بالأحكام السلطانية أن صاحب هذا المنصب =أي الوزارة= يجوز أن يكون ذميا، وهي عثرة ليس لها مقيل، مشعرة بخلو صاحب الكتاب عن التحصيل...إلخ) ونقل عن أبي سالم النصيبي (ت 652هـ) قوله في كتابه (العقد الفريد للملك السعيد): (اختلفت آراء الأئمة في أن يكون وزير التنفيذ من أهل الذمة، فذهب عالم العراق الإمام أبو الحسن الماوردي إلى جوازه، وذهب عالم خراسان، إمام الحرمين أبو المعالي الجويني إلى منعه، وعدم تجوزه، وذلك من عالم العراق عثرة لن تقال).
وصلتنا نسخ كثيرة من كتاب (الأحكام السلطانية) وطبع أيضا طبعات كثيرة أولها في ألمانيا عام (1853) بعناية المستشرق إنجر. مع ترجمته إلى الألمانية. وطبع مترجما إلى الفرنسية في الجزائر (1915م) بعناية المستشرق الفرنسي (أفاجتان) وطبع مترجما إلى الإنجليزية في لندن (1947م) بعناية (هوتنج) وله غير ذلك من الترجمات إلى اللغات الأوروبية. وفي مقدمته قوله: (ولما كانت الأحكام بولاة الأمور أحق، وكان امتزاجهم بجميع الأحكام يقطعهم عن تصفحها مع تشاغلهم بالسياسة والتدبير، أفردت لها كتابا امتثلت فيه أمر من التزمت طاعته، ليعلم مذاهب الفقهاء فيما له منها فيستوفيه، وما عليه منها فيوفيه، توخيا للعدل في تنفيذه وقضائه، وتحريا للنصفة في أخذه وعطائه) ويفهم من هذه الكلمات أنه أول من جمع شتات الأحكام السلطانية في كتاب. ويرى الأستاذ عزيز العظمة، في كتابه (المنتخب من مدونات التراث: الماوردي ص15) أن الماوردي في كتابه هذا يبدي لنا على صورة بينة أن فقهاء الإسلام، عندما كان الفقه نظاما قانونيا جاريا وملائما =وهو ليس كذلك اليوم= لم يسارعوا إلى القطع، ولم يروا في الفقه لائحة قوانين حصرية، بل وجدوا فيه سوابق وإمكانيات مشروعة، تؤدي إلى الحكم بما يلائم الحال) ووقف عند قول الماوردي: (ليس إذا وقع الإخلال بقاعدة سقط حكمها) قال: وكثيرا ما يستشهد على هذا بإمارة الاستيلاء على الخلافة، التي أقامها الأمراء البويهيون). وكان المرحوم طه حسين من أوائل من نبه إلى إكثار ابن خلدون من الاعتماد على الماوردي في مباحث الخلافة والوزارة. انظر في ذلك (د.صلاح الدين بسيوني رسلان: الفكر السياسي عند الماوردي) (ص 53). و(د. طه حسين: فلسفة ابن خلدون الاجتماعية: ترجمة عنان ص 127).
ويعود الفضل للمستشرق الألماني إنجر في التنويه بقيمة الكتاب في أوروبا في نشرته المذكورة آنفا. وتعاقب من بعده على دراسة الكتاب مستشرقون كثر، يطول الحديث عنهم وعن أعمالهم في الكتاب. انظر في ذلك (د. أحمد مبارك البغدادي: الفكر السياسي عند أبي الحسن الماوردي ص 107 - 112). ومما نقله قول بروكلمان في (دائرة المعارف) في وصف الكتاب بأنه (عرض مثالي محض، وشرح وصفي للأحوال السياسية السائدة في عصر الماوردي). قال: وذهب المستشرق الألماني (فون غرنيبوم) إلى أن الماوردي (اقتصر فيه على وصف الواقع دون تفاعل معه ، على الرغم من مشاركته السياسية الواسعة في أحداث المجتمع). أما الأمريكي (مالكلوم كير) فإنه أنكر القيمة العملية التي تضمنها الكتاب، ورأى أنه جاء خاليا من أي برنامج عملي لإصلاح الواقع. وذهب (هاملتون جيب) إلى أنه ليس نظرية سياسية مستقلة بقدر ما هو دفاع عن الوضع السياسي الراهن لعصره، ومع ذلك فهو يؤيد المستشرق روزنثال الذي يرى أن الفضل يعود إلى الماوردي في تأسيس نظرية الضرورة في الواقع السياسي، والتي تبناها من بعده كل من الغزالي وابن جماعة، عندما استخدما نفس النظرية لتبرير الاستيلاء على الإمارة أو ما يعرف في الفكر الإسلامي بولاية المتغلب. ويضيف جيب بأن الماوردي وضع في كتابه هذا منهجا عمليا لكيفية استمرارية الخلافة وتبرير واقعها الذي آلت إليه تحت يد البويهيين دون أن يؤدي ذلك إلى زوال شرعية الخلافة، كما أنه وضع التبرير الشرعي لقيام إمارة الاستيلاء التي تجاهلها كثير من الفقهاء الذين كتبوا في الإمامة قبل الماوردي. وذهب إلى أن الماوردي يشارك في كتابه هذا النظرية الأشعرية في اثنين من أهم خصائصها وهي: الإسراف في التفريع الجدلي، وصوغ النتائج بكثير من التعسف. (د. أحمد مبارك البغدادي: الفكر السياسي عند أبي الحسن الماوردي ص 107 - 112).
وانظر في مقدمة نشرة خالد العلمي للكتاب (دار الكتاب العربي: بيروت 1410هـ 1990م) (ص9) مقارنة قيمة لكتاب الماوردي وكتاب (الأحكام السلطانية) لمعاصره القاضي أبي يعلى الحنبلي الفراء (ت 458هـ) وفيها قوله: (قل أن تجد فصلا واحدا لم يتشابه الكتابان فيه، حتى ليخيل إليك أنهما نسختان لمؤلف واحد... ومن العجيب أننا نجد مواطن الاقتباس واحدة غالبا وبنفس العبارات، فنجد الماوردي يقول في كتابه: قال أبو عبيد، فيقول أبو يعلى في نفس الموضع: قال أبو عبيد.. ويختلف الكتابان في أن الماوردي يذكر رأي الشافعية ومن خالفهم من الحنفية والمالكية، ثم ينتصر لمذهبه غالبا، بينما يكتفي أبو يعلى بذكر الآراء في مذهب الإمام أحمد ابن حنبل... وبينما يكثر الماوردي من الاستدلال بالشعر، فإننا لا نعثر في كتاب أبي يعلى على بيت واحد)(1). وانظر في ذلك (د. محمد سليمان داود: الإمام أبو الحسن الماوردي (ص 109) ويرى المرحوم أبو عمر: حنا ميخائيل (ت 1976م) في كتابه (السياسة والوحي: والماوردي وما بعده ص142) أن أبا يعلى وضع كتابه ردا على تجاهل الماوردي الحنابلة. قال: ويكاد يكون نسخة مطابقة لكتاب الماوردي. ثم أورد ميخائيل معلومات مهمة عمن رجع من القدماء إلى كتاب الماوردي، ومنهم: ابن نصر الشيزري في كتابه الذي ألفه عن السياسة بطلب من صلاح الدين، وابن جماعة في كتابه (تحرير الأحكام) والنويري في (نهاية الأرب) وابن الإخوة في كتابه المؤلف في الحسبة، والقلقشندي في الفصل الذي دعا فيه أرباب المناصب إلى معرفة متطلبات الشريعة فيما يتعلق بمختلف المناصب الحكومية، حيث يشير إلى كتاب الماوردي بأنه ينطوي على كلمة الفصل في الموضوع. وطاشكبري زاده في بحثه عن إدارة الجيش، حيث يقول: إنه لا شيء تمكن إضافته على كتاب الماوردي في الموضوع.
وانظر في كتاب الماوردي على الوراق الفصل الذي أوله: (والوزارة على ضربين: وزارة تفويض ووزارة تنفيذ). والفصل الذي أوله: (وأما نقص التصرف فضربان: حجر وقهر) والفصل الذي أوله: (وأما إمارة الاستيلاء التي تعقد عن اضطرار...إلخ). وانظر طائفة من النوادر المتعلقة بالماوردي في زاوية التعليق على الكتاب.
-----------
(1) وفي ذكريات المرحوم علي الطنطاوي ((8/ 324) قال : (والأحكام السلطانية كتابان بين أيدي الناس، عنوانهما واحد وموضوعهما واحد، وترتيبهما واحد وكل شيء فيهما واحد إلا أن أحدهما يستشهد بأحكام الفقه الشافعي، والآخر بأحكام الفقه الحنبلي، ومؤلفاهما كانا يعيشان في عصر واحد وفي بلد واحد، وكلاهما كان قاضيا، وأحسب أنهما كانا في محكمة واحدة، وكلاهما عالم كبير في مذهبه هما: الماوردي الشافعي الملقب بأقضى القضاة والقاضي أبو يعلى الذي إذا أطلق اسم القاضي عند الحنابلة انصرف إليه: فمن منهما الذي أخذ من الآخر؟ معضلة مرت عليها القرون ولم يستطع أحد أن يحكم فيها بدليل، ولكن الذي يميل القلب إليه أن المؤلف الأصلي هو الماوردي الشافعي لأن له كتبا أخرى تشبه هذا الكتاب، وأبو يعلى على علو قدره في الفقه، ما في كتبه ما يشبه هذا الكتاب، لا في ترتيبه ولا في أسلوبه، وهذا والله وحده العالم بحقيقة ما كان)
|
|
|
|
أعد هذه الصفحة الباحث زهير ظاظا
.zaza@alwarraq.com
|
مرآة التواصل الاجتماعي – تعليقات الزوار
|