قصة الكتاب :
كتاب جليل، غزير المادة، صدره الجرجاني بمقدمة تحليلية لجيد الشعر ومرذوله، في دواوين القدماء والمحدثين، وجعلها مدخلاً لوساطته بين خصوم المتنبي ومحبيه، وهو من معاصري المتنبي، مولده قبل المتنبي ب 13 سنة ووفاته بعده ب12 سنة. وقد نافح فيه عن المتنبي ورد به على الصاحب ابن عباد، وكان من ندمائه، فلم تمنعه صلته به عن الانتصار للمتنبي. انظر الفصل الذي أوله: (وقد تجد كثيراً من أصحابك ينتحل تفضيل ابن الرومي). قال الثعالبي في اليتيمة: (ولما عمل الصاحب ابن عباد رسالته المعروفة في إظهار مساوي المتنبي عمل القاضي أبو الحسن كتابه (الواسطة بين المتنبي وخصومه) فأحسن وأبدع، وأطال وأطاب، وأصاب شاكلة الصواب، واستولى على الأمر في فصل الخطاب، وأعرب عن تبحره في الأدب وعلم العرب، وتمكنه من جودة الحفظ وقوة النقد، فسار الكتاب مسير الرياح، وطار في البلاد بغير جناح، وقال فيه بعض العصريين من أهل نيسابور:
(أيا قاضياً قد دنت كتبــــــــه* وإن أصبحت داره شاحطه)
(كتاب الوساطة في حسنه* لعقد معاليك كالواســطه)
قال صاحب كشف الظون: (أما القاضي أبو الحسن فأنه ادّعى التوسط بين خصوم المتنبي ومحبيه، وذكر أن قوماً مالوا إليه حتى فضلوه في الشعر على جميع أهل زمانه، وقوماً لم يعدوه من الشعراء وازدروه غاية الازدراء، حتى قالوا إنه لا ينطق إلا بالهوى، ولم يتكلم إلا بالكلمة العوراء، ومعانيه كلها مسروقة، فتوسط بين الخصمين وذكر الحق من القولين)
وهو في حديثه يراوح في الفصل الواحد بين الخصوم والمتعصبين، كاشفاً للخصوم عن محاسن المتنبي ومعجزاته، ملوحاً للمتعصبين بعثراته وسقطاته، وكلا الفرقين كما يقول إما ظالم له أو للأدب فيه.
طبع الكتاب مرات عديدة، منها طبعة أحمد عارف الزين، صيدا 1331هـ ومطبعة البابي الحلبي بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي البجاوي، نوفمبر 1966م
وللدكتور السيد فضل (تراثنا النقدي: دراسة في كتاب الوساطة) يناير 1987
|