قصة الكتاب :
رسالة صغيرة. اقتصر المؤلف فيها على ذكر شعره الذي كتبه في هذا الباب، استجابة لطلب جماعة من أصحابه. واعتذر عن هذه الرسالة ببيتين على غرار بيتي ابن الوردي في اعتذاره عن كتابه: (مائة مليح). وقد كان دارجاً أن يتفكه الشاعر بمثل هذه المعاني، ولم تستهجن نسبتها إلى أعلام كبار، كالغزالي والسبكي وابن خلكان وابن حجر، حتى قيل: إنه لم يسلم من ذلك إلا ابن تيمية، ومع ذلك نسبوا إليه أشنع رسالة في التداوي من الحب. على أننا لا نسكت عما يظهر في بعض هذه القطع من انحلال أخلاق المؤلف، الذي دخل على غلام وهو في سياق الموت، فلم يمنعه مانع أن يتغزل به. إلا أن انحلاله هذا لم يكن مقصودنا، وإنما ما قد يرد في أمثال هذا الشعر من فرائد، تلقي مزيداً من الضوء على تلك الحقبة من التاريخ. وهو في بعض هذه الشعر يؤرخ لجانب مهم من تاريخ السياسة والاجتماع، فهو يتغزل بغلمان كانت لهم الصدارة في المجتمع، فهذا غلام، ولكنه خليفة، وذلك غلام ولكنه سلطان، وآخر وزير، وثانٍ تولى منصب (ناظر الخاص) أو (ناظر الجيش) أو كان (كاتب السر) أو سفيراً، أو محتسباً، أو واليا، أو قاضياً، أو إمام مسجد، أو خطيب منبر. أو مرقياً: وهو الذي يتقدم الخطيبَ شاهراً سيفه. أو ميقاتياً أو مدرساً أو معيداً، أو محدثاً أو فقيهاً، أو معبر منامات...إلخ. وقديماً قال الوزير المهلبي (352هـ) في (تكين) غلام معز الدولة: (جعلوه قائد عسكر ضاع الرعيل ومن يقوده) وقد اشتملت بعض هذه القطع على فوائد نادرة، كوصفه للخيالي: الذي يقوم بعرض خيال الظل بفانوسه. ووصفه للميقاتي، والحرفي والمهندس، والساحر، والحاوي، والوقاد وطفّايته. وقد وصف في بعضها غلاما حشاشاً، ما يدل على قدم هذه الآفة. وسأل في أخرى تركياً عن أصله فقال: حبيبي، وأراد أنه من أنطاكية، بلدة حبيب النجار. انظر التعريف برسالته الثانية: (الكنس الجواري).
|