قصة الكتاب :
من مشاهير أولى معاجم اللغة العربية. قال ابن منظور (ولم أجد في كتب اللغة أجمل من تهذيب اللغة للأزهري، ولا أكمل من المحكم لابن سيده...وما عداهما ثنيات الطريق) وقال القفطي: (رزق هذا التصنيف سعادة، وسار في الآفاق، واشتهر ذكره اشتهار الشمس) ثم ذكر ما علقه الزمخشري على أحد أجزائها حين ظفر بنسخة منه بخط الأزهري. ألفه الأزهري بعد ما تجاوز السبعين، ونهج فيه على منوال كتاب (العين) واتبع نظامه في تقليب الكلمة وذكر وجوهها، مع أنه نفى أن يكون من تأليف الخليل، وأكثر من الطعن على مؤلفه، حتى كأنه أراد الانتقام للخليل من الليث بن المظفر الذي يتهمه باختلاق العين على الخليل (انظر كتاب (العين) في هذا البرنامج) وقدم له بمقدمة تعتبر من أهم ما كتب في تاريخ اللغة العربية، ذكر فيها طبقات أئمة اللغة الذين اعتمد عليهم في جمع كتابه، مبيناً تراجمهم وآثارهم اللغوية، وهم خمس طبقات، تجمع ثمانية وثلاثين إماماً، وأتبع ذلك بباب نبه فيه إلى سبعة ممن اشتهروا بعلوم اللغة، وحشوها بالمزال المفسد والمصحف المغير، وأولهم الليث بن المظفر الذي نحل الخليل كتاب (العين) جملة لينفقه باسمه. ثم الجاحظ، وابن قتيبة الدينوري، وابن دريد، وقطرب، والبشتي صاحب (تكملة العين) وأبو الأزهر البخاري صاحب (الحصائل) وساق مطاعنه في هؤلاء السبعة، لاسيما البشتي. قال: (وسميت كتابي تهذيب اللغة لأني قصدت بما جمعت فيه نفي ما أدخل في لغة العرب من الألفاظ التي أزالها الأغبياء عن صيغها، وغيرها الغُتم عن سننها...ولو أني أودعت كتابي هذا ما حوته دفاتري وقرأته من كتب غيري، ووجدته في الصحف التي كتبها الوراقون وأفسدها المصحفون لطال كتابي، ثم كنت أحد الجانين على لغة العرب ولسانها). وقد عني فيه بالبلدان والمواضع والأمكنة والمياه عناية كبيرة، جعلت كتابه من أصح المصادر في هذا السبيل. منه في مكتبات العالم ثماني عشرة نسخة، أهمها: نسخة مكتبة عارف حكمت في المدينة المنورة، وهي بخط ياقوت الحموي، كتبها سنة 616هـ انظر التعريف بها في مجلة العرب (س3 ص494) طبع الكتاب لأول مرة سنة 1964م في مصر بتحقيق طائفة من العلماء.
وكان الأزهري قد وقع في أسر القرامطة سنة 311هـ قال: (وكان القوم الذين وقعت في سهمهم عربا نشأوا بالبادية، يتتبعون مساقط الغيث أيام النجع، ويرجون إلى أعداد المياه في محاضرهم زمان القيظ، ويرعون النعم ويعيشون بألبانها، ويتكلمون بطباعهم ولا يكاد يوجد في منطقهم لحن أو خطأ فاحش، فبقيت في أسرهم دهرا طويلا، وكنا نشتي بالدهناء ونرتبع بالصمان ونقيظ بالستارين، واستفدت من محاورتهم ومخاطبة بعضهم بعضا ألفاظا جمة ونوادر كثيرة أوقعت أكثرها في كتابي-يعني التهذيب - وستراها في مواضعها.. قال ابن خلكان: وكان جامعا لشتات اللغة مطلعا على أسرارها ودقائقها،وصنف في اللغة كتاب التهذيب وهو من الكتب المختارة يكون أكثر من عشر مجلدات، وله تصنيف في غريب الألفاظ التي تستعملها الفقهاء في مجلد واحد، وهو عمدة الفقهاء في تفسير مايشكل عليهم من اللغة المتعلقة بالفقه، وكتاب التفسير.
|