قصة الكتاب :
من نفائس كتب الجاحظ، لولا ما يفتقر إليه من الترتيب. له شهرة عالية في كتب الأدب، ونجد فصولاً منه في (ثمار القلوب) و(محاضرات الأدباء) و(خزانة الأدب) و(نهاية الأرب) للنويري، وفيها مقدمة كتاب البغال، والنص على أنه ألفه مفرداً عن كتاب الحيوان.
وقد أفرد الجاحظ البغال بكتاب مفرد لكونها مادة للتندر عند العرب. ويفهم من مقدمته أنه
ألفه وهو في الفالج الشديد. وافتتحه بذكر نبذة من عناية الأشراف بالبغال. وأتبعها بفصول في نوادر أخبارها، وما قيل فيها من الشعر، ومن قتلته بغلته، ومنهم: البَرْدَخْت الشاعر. وأتبع ذلك بفصل في استخدامها في البريد، وآخر: في تأويل رؤياها في المنام، وما ورد في اللغة والأدب من مشتقات البغل، ذكر في أثنائها (الدرهم البغلي) الذي عرف به الأب أنستاس في كتابه (النقود العربية/ ص22). وعرف بالبغلات: وهن جوار من رقيق مصر، نتاج ما بين الصقالبة وجنس آخر، ..إلخ) وأتبع ذلك بفصل في أجناس البغال، وعاد فعقد فصولاً أخرى في أخبارها وما قيل فيها من الشعر، وما ضرب فيها من الأمثال، وطرق جماعها مقارنة مع غيرها من الدواب. وما يلحقها من الأمراض، وحملها وولادتها (?) أتبعها بفصل في أكل لحم الخيل، واشتهار الترك بذلك. وفصول في ألوان الحيوان، وما قيل من الشعر في ذم البغال وعقمها، ومنافعها، وباب في (الكوادن) وأبواب في مسائل شتى.
ولابد من الإشارة هنا إلى ما في الكتاب من نصوص تعبر عن منهجه في نقد الحديث، كتعليقه الذي نقل فيه عن شيخه النظام قوله: (ولا نترك قولا عاماً قاله الله تعالى في كتابه ونصه، لحديث لا ندري كيف هو) وتعليقه على خبر عائشة (ر) يوم الدار، بقوله: (هذا (حفظك الله) حديث مصنوع...ومن أراد الأخبار فليأخذها عن مثل قتادة، وأبي عمرو ابن العلاء وابن جعدبة، ويونس بن حبيب، وأبي عُبيْدة، ومسْلمة بن مُحارب، وأبي عاصم النَّبيل، وأبي عُمر الضَّرير، وخلاَّد بن يزيد الأرقط، ومحمد بن حفص - وهو ابن عائشة الأكبر، وعُبيْد الله بن محمد - وهو ابن عائشة الأصغر، ويأخذها عن أبي اليقْظان سُحيْم بن قادم. فإنَّ هؤلاء وأشباههم مأمونون، وأصحاب توقٍّ وخوْف من الزوائد، وصوْن لما في أيديهم، وإشفاق على عدالتهم.
نشر الكتاب لأول مرة بعناية شارل بلا في مطبعة الحلبي سنة 1375هـ معتمداً نسخة مكتبة الداماد بتركيا. وهو الرسالة (16) من نشرة المرحوم عبد السلام هارون (رسائل الجاحظ: 2/ 213 إلى 378).
|