قصة الكتاب :
أول معجم اعتمد في ترتيب مواده على الترتيب الهجائي الذي وضعه نصر بن عاصم الليثي (أ ب ت ث ج.. ) معتمداً في ترتيبه أواخر الكلمات. فجعل أول أبوابه ما ينتهي بحرف الهمزة وأوله همزة، نحو (آأ) و(بأبأ) و(بدأ) إلى آخر الحروف، ثم ما ينتهي بحرف الباء، وأوله همزة نحو (الأبّ) و(الإتب) إلى آخر حروف المعجم. أما أبو عمرو الشيباني (ت 206هـ) فأول من رتب مفردات المعجم في كتابه (الجيم) حسب الترتيب الهجائي، معتمداً أوائل الكلمات، إلا أنه لم يرتب فصوله، فجعل كل ما أوله همزة في باب الهمزة، وافتتحه بكلمة (الأوق) ثم (الألب) ثم (المأفول) ثم (الأفيق) وختم باب الألف بكلمة (الإدة) كاد كتاب الصحاح بحسن ترتيبه أن ينسي الناس كل ما ألف قبله من معاجم، وانصرف الناس إليه، ينتخبون، ويختصرون، وينعمون بحسن ترتيبه، وجودة نظامه. ولم تمض مدة من الدهر حتى صارت منتخباته تعد بالعشرات، وتملأ رفوف المكتبات في الشرق والغرب، وأغرى ذلك علماء اللغة بسبر غوره، وتمحيص زغله، وتصويب أخطائه، فاشتهرت فيه عشرات الكتب التي، عنيت بذلك. وسمى أحمد عبد الغفور عطار في مقدمة نشرته للصحاح (109) أعمال ألفت في الصحاح، بين رسالة ومقالة وكتاب. أهمها: كتاب (التكملة والذيل والصلة) للصاغاني جمع فيه ما أهمله الجوهري، فاستدرك عليه ستين ألف مادة، ورجع في كتابه إلى ألف كتاب، وفرغ من تأليفه في الحرم المكي يوم 10/ صفر / 635هـ. ومنه نسخة نادرة في مكتبة المدينة المنورة، انظر وصفها في مجلة العرب (س3 ص486) وفيها (س21 ص503) نقد مسهب لنشرة المرحوم عبد الغفور عطار، في حلقات متتالية، آخرها (س22 ص211). قال الصفدي في مقدمة كتابه (غوامض الصحاح) وهو واحد من أربعة كتب له في الصحاح: (إن كتاب الصحاح للجوهري من الكتب المفيدة، والمصنفات السعيدة، والمؤلفات التي قصور محاسنها مشيدة، اشتهر بين الناس اشتهار المحب بالإدلال، والحبيب بالإذلال، والقمر في الهزيع بالأنوار، والزهر في الربيع بالأنوار...وقد أحببت جمع الغوامض التي في الصحاح، ورشف ثغورها التي تفتر عن مباسم الأقاح، ورتبت ذلك على حروف المعجم...) وللوزير لسان الدين الخطيب (الإكباب على اختصار الكتاب) قال المقريزي في (درر العقود):(اختصر فيه صحاح الجوهري ورد حجمه إلى الخمس) والجوهري ابن أخت الفارابي اللغوي المتوفى قريباً من سنة 350هـ وصاحب كتاب (ديوان الأدب) الذي يقال إنه أول معجم سلك هذا النظام، وعنه أخذ أصحاب المعاجم من بعده. وقد طبع كتابه (ديوان الأدب) بتحقيق أحمد مختار عمر. وانظر مجلة مجمع اللغة الأرني (س5 ع17 و18ص55).