قصة الكتاب :
أشهر مؤلفات الحنابلة في التصوف، والمشهور من أمر الكتاب أنه (مختصر لحلية الأولياء) والصحيح أنه كتاب مستقل، اتخذ ابن الجوزي فيه من كتاب (حلية الأولياء) ونقده مقدمة لمشروعه في التأريخ لمشاهير الزهاد والعباد نساء ورجالا، ورتبهم حسب البلدان. وبعدما أورد مآخذه على كتاب (الحلية) =انظر ذلك في التعريف بكتاب الحلية= قال: (وأنا أبتدئ بتوفيق الله سبحانه ومعونته فأذكر بابا في فضل الأولياء والصالحين، ثم أردفه بذكر نبينا محمد (ص) وشرح أحواله وآدابه وما يتعلق به، ثم أذكر المشتهرين من أصحابه بالعلم المقترن بالزهد والتعبد، وآتي بهم على طبقاتهم في الفضل، ثم أذكر المصطفيات من الصحابيات على ذلك القانون، ثم أذكر التابعين ومن بعدهم على طبقاتهم في بلدانهم. ... وقد طفت الأرض بفكري شرقا وغربا، واستخرجت كل من يصلح ذكره في هذا الكتاب من جميع البقاع، ورب بلدة عظيمة لم أر فيها من يصلح لكتابنا، وقد حصرت أهل كل بلدة فيها، وترتيبهم على طبقاتهم، أبدأ بمن يعرف اسمه من الرجال، ثم من لم يعرف اسمه، ثم عابدات ذلك البلد على ذلك القانون، وربما كان في عقلاء المجانين من يصلح ذكره من الرجال والنساء فأذكره) ثم بدأ بعد ذكر رسول الله (ص) بالمدينة، لأنها دار الهجرة، وثنى بمكة، ثم الطائف لقربها من مكة، ثم اليمن ثم بغداد، ثم بلاد المشرق، ثم البلاد الواقعة في المغرب. قال: (ثم ذكرت من لم يعرف له اسم ولا مكان من العباد، ثم ذكرت طرفا من أخبار بنيات صغار، تكلمن بكلام العابدات الكبار، ثم ذكرت طرفا من أخبار عبّاد الجن فختمت بذلك الكتاب) وسماه (صفة الصفوة) وأحسب أنه أراد بذلك معنيين، الأول أن يكون مرادفا لمعنى حلية الأولياء، لأن الحلية معناها الصفة، ومن ذلك ما يرد من ذكر حلية النبي (ص) في كتب السيرة. والمعنى الثاني: يتضمن استحداث تعريف جديد للتصوف بأنه الاتصاف بأوصاف الصفوة من العباد والزهاد. وذلك لأن أبا نعيم أراد بكتابه الحلية تأصيل معنى التصوف من خلال تعريفات للتصوف يستخلصها من كل ترجمة حسب ما امتاز به صاحب الترجمة من الخصائص. ويرد اسمه في بعض المصادر (صفوة الصفوة). وصلتنا نسخ كثيرة من الكتاب، منها في باريس وبرلين والمتحف البريطاني وليدن وكوبريلي باستنبول والآصفية بالهند ودار الكتب بالقاهرة والظاهرية بدمشق. وطبع لأول مرة في حيدر أباد الدكن سنة (1339هـ) في أربعة أجزاء، وأخطا بروكلمان فذكر أنه طبع في القاهرة سنة (1339هـ). ثم أعيد طبعه، فطبع الجزء الأول منه في مطبعة الأصيل حلب سنة (1389هـ 1969م) والثاني في مطبعة النهضة الجديدة بمصر سنة (1390هـ 1970م) والثالث في مطبعة وكالة الصحف العالمية بمصر سنة (1393هـ 1973م) والرابع في دار الشعب بمصر سنة (1393هـ 1973م). وكتب على هذه الأجزاء الأربعة حققه وعلق عليه محمود فاخوري، وخرج أحاديثه محمد رواس قلعة جي. وهي طبعة خالية من الفهارس العلمية إلا فهرس التراجم كما وردت في الكتاب. ولصفة الصفوة مختصرات أشهرها مختصر الإمام الشعراني، وقد نشره المرحوم محمد رشيد رضا في مطابع المنار بمصر، ونبه إلى أنه ليس مختصرا لصفة الصفوة، وإنما هو كتاب مستقل ألفه الشعراني، واستعان فيه بصفة الصفوة، لأنه ترجم فيه لشيخه في العلم الشيخ زكريا الأنصاري، وشيخه في التصوف الشيخ علي الخواص. ومنها (النديم والخلوة والمن والسلوى والروضة والقهوة المنتخب من صفة الصفوة) تأليف علي الخراط (ت 739هـ) ذكر بروكلمان أن منه نسخة خطية في مكتبة (داماد إبراهيم) في تركيا بخط المؤلف. ومنها كتاب (أحاسن المحاسن) لإبراهيم بن أحمد الرقي الحنبلي (ت 703) ذكره بروكلمان وحدد أماكن وجود مخطوطاته في ليبسك وبرلين وبروسه وجونتجن والإسكندرية، قال حاجي خليفة: (اختصره من صفوة الصفوة) انظر ما كتبه الأستاذ المساعد بجامعة الرياض: محمد لطفي الصباغ عن كتابَي (صفة الصفوة) و(حلية الأولياء) في كتابه (أبو نعيم: حياته وكتابه الحلية) (دار الاعتصام ط: 2 عام 1398هـ 1978م) وهو مرجعنا في هذا التعريف.