قصة الكتاب :
أندر ما وصلنا من رسائل أبي العلاء.
ذكرها جماعة من المستشرقين فيما كتبوه أو طبعوه من الآثار العربية، مثل (كولسبير) في شرح ديوان الحطيئة، ومرجليوث في (رسائل أبي العلاء) وكيير في (شعر الأعشى) وطبعت في مصر سنة 1910م. وطبعها الميمني كملحق في آخر كتابه (أبو العلاء وما إليه) سنة 1345هـ وطبعها الكيلاني مع رسالة الغفران ثلاث مرات، آخرها سنة 1938م وقام بطبعها كراتشكوفسكي سنة 1932م بعدما صرف في تحقيقها وضبطها عشرين عاماً كما قال محمد سليم الجندي، وفي مقدمة هذه الطبعات أن الرسالة في أجوبة مسائل صرفية، وافاه بها أبو فلان.
ثم تبين لاحقاً أن الذي تحدث عنه المستشرقون، ونشره المحققون، وأتعب كراتشكوفسكي ما هو إلا مقدمة للرسالة، مستلة من كتاب (الأشباه والنظائر ) للسيوطي. وأما الرسالة فكانت لاتزال قابعة في بيت من بيوتات دمشق، لا تسمع لها حفيفاً.
فلما قتل مالك النسخة: المرحوم محمد بك المنيِّر الدمشقي، سنة 1943م ارتأى ورثته إهداء مكتبته إلى المكتبة الظاهرية في دمشق، فكانت المفاجأة التي ملأ دويها الدنيا. إذ عثر في بعض دشوت هذه الكتب على (رسالة الملائكة) وعليها تملكات بخط أحفاد محمد: أخي أبي العلاء. وفي مقدمتها أنها أجوبة مسائل وافاه بها أبو القاسم علي بن محمد بن همام.
وهي (16) مسألة أجاب عنها أبو العلاء، وقدم أمام الأجوبة مقدمة: بحث فيها في أصول (21) مادة لغوية.
وسبب تسميتها برسالة الملائكة أنه افتتحها بتفسير أسماء طائفة من الملائكة، وقد عمد لدفع السآمة من مواضيع الصرف إلى أن صور نفسه فيها وكأنه أشرف على الموت، فأراد أن يدفع عنه ملك الموت بما يشغله عنه، فجعل يلقي عليه أسئلة عن أصل كلمة (ملك) واشتقاقه، ثم صور نفسه وقد خرج إلى المحشر، فتصدى للبحث عن أسماء مسميات تكون في الجنة أو النار. وضمن لكلماته في اختراعه لتلك الأخيلة أن تنفذ إلى أعماق القلوب.
وكان تاريخ كتابتها كما يقول أبو العلاء (حين صدق فجر اللمة وبلغ سن الأشياخ)
|