الرحلة في عالم الكتب سياحة تحبس الأنفاس في عالم من الفن الخالد والجمال الأخاذ، وهكذا أردت لها أن تكون في هذه النافذة من الوراق، ولم يكن واردا أن أقدم تعريفا شاملا بكل مخطوطات الكتاب وطبعاته ومختصراته وشروحه، كما تجد ذلك في كتب الببليوغرافيا الموسوعية. وكنت محكوما في بدء شروعي بالعمل بسطور محدودة، لم يكن لي أن أتجاوزها. ومن هنا كان منهجي في ذلك: تسليط الضوء في بدء التعريف بالكتاب على أهم أخباره وأحواله، فما كان منها نادرا في قدم طبعته، افتتحت الحديث في التعريف به عن تاريخ طبعته، وما كان منها ضائعا، أو عزيز الوجود، أو لم تصلنا سوى أقسام منه، افتتحت الحديث عنه بقصة العثور عليه، وتسمية المكتبة التي تحتفظ بالنسخة
اليتيمة منه، والتنويه بما وصلنا من أقسامه. وما كان من هذه الكتب أساسا لعلم، أو بابا لفن، أو سببا لوجود طائفة من الكتب والمؤلفات، جعلت محور الحديث عنه متصلا بمكانته ومنزلته وتسمية أشهر الكتب المتعلقة به. فمن ذلك أني افتتحت التعريف بكتاب (ضوء السقط) بقولي (طبع لأول مرة عندنا في المجمع الثقافي، بمدينة أبو ظبي) وافتتحت كتاب (معاهد التنصيص) بقولي (كتاب مختار من مئات الكتب المؤلفة في أجوائه) وافتتحت التعريف بكتاب (المغرب في حلى المغرب) بقولي: (كتاب عظيم) ولم أنعت كتابا سواه بذلك، لأنه كتاب عظيم، قضى مؤلفوه في تأليفه (115) سنة. وافتتحت التعريف بكتاب (نهاية الأرب) للنويري، بقصة العثور عليه بعدما انقطع خبره، وعده الناس في عداد الكتب المفقودة، وكذا كتاب (الاعتبار) لأسامة بن منقذ، و(رسالة الملائكة) لأبي
العلاء. ومنها ما رأيت التعريف بنوادره أكثر فائدة من أبواب التعريف الأخرى، كالتعريف بمضامين (صيد الخاطر) لابن الجوزي، و(الهوامل والشوامل) للتوحيدي، وكان التقصير واضحا في التعريف ببعض الكتب، سيما معاجم اللغة، التي اقتضت ظروف العمل أن أقوم بالتعريف بها في ليلة واحدة. وعانيت الكثير في التعريف بالكتب المطبوعة قديما، والتي ليس لها طبعة محققة، فأنهل من عمل المحقق فيها. وسميت في كل بطاقة مرجعي في التعريف بالكتاب، حفاظا على حقوق الناس وتمييزا للغث من السمين. راجيا المولى عز وجل أن ينعم علي بإتمام هذه العمل، واستدراك النقص فيه. متمنيا على زوارنا الأكارم أن يمنوا علي بتصويب عثراتي، وتنبيهي إلى أوهامي، وإرشادي إلى ما هو أصلح مما تقدمت به في هذه البطاقات.
|