نفاضة الجراب في علالة الاغتراب (المؤلف : لسان الدين ابن الخطيب) أشهر رحلات ابن الخطيب وأضخمها. تقع في الأصل في أربعة أسفار ضخمة.
لم يصلنا سوى الجزء الثاني منها، في نسخة يتيمة، تحتفظ بها مكتبة الأسكوريال، في (318) صفحة من الحجم الكبير. وقد ذكرها ابن الخطيب في كتابه (اللمحة البدرية) الذي فرغ من تأليفه سنة (765).
ويبدو أنها ضاعت بُعَيدَ مقتله، أو كان لقتله سبب في خوف الناس من إظهارها. قال الأمير ابن الأحمر (ت807هـ): (ونفاضة الجراب في أربعة أسفار، وهو من أحسن تآليفه، ولم أزل أكثر البحث في هذا التاريخ عنها فلم أقف على عين ولا أثر إلا عدة أوراق متفرقة، وقد كنت قبل هذا التاريخ رأيت بعضها).
ويبدأ الجزء الثاني بخبر صعوده جبل (هنتاتة) حيث يصف أحوال هنتاتة وعاداتها، ومنها يتوجه إلى (أغمات) فيزور قبر ابن عباد، ثم يعود إلى (سلا) ماراً بمراكش وآسفي ودكالة وأزمور.
ويعتبر الكتاب كما قال د. أحمد مختار العبادي في مقدمته لنشرته: مذكرات شخصية للمؤلف عن المدة التي قضاها لاجئاً عند أبي سالم المريني صاحب المغرب، في صحبة سلطان غرناطة المخلوع: (الغني بالله) ابن الأحمر بعدما انقلب عليه أخوه لأبيه أبو الوليد إسماعيل الثاني يوم 28/ رمضان/ 860هـ الذي سرعان ما زال ملكه على يد (البرميخو) زوج أخته المتلقب ب(الغالب بالله) وقتله يوم 8/شعبان/ 761هـ. وفي 20/ جمادى الآخرة/ 763 عاد الغني بالله وتمكن من استرداد عرشه بعد هروب البرميخو في أخبار طويلة أتي على تفصيلها ابن الخطيب في كتابه هذا، مع ذكر سيرة أبي سالم المريني، وما جرى له من انقلاب وزيره عليه، هذا الوزير الذي استطاع أن يستخدم (الغني بالله) للعمل على تقويض عرش أبي سالم، بالرغم من كل الحفاوة التي لقيها عنده.
وكان هذا الكتاب أحد ثمانية كتب ألفها ابن الخطيب في منفاه هذا في مدينة (سلا) في قرية تسمى (شالة) وقد سمى هذه الكتب في هذا الكتاب، منها (رقم الحلل) و(معيار الاختبار). وفي هذا المنفى توفيت زوجته، فأقام لها ضريحاً في (سلا) وزينه بقصيدة في رثائها، ثم لم يبرح أن أرسل إلى أحد سلاطين عصره يطلب منه جارية أسبانية.
وفي فصول الكتاب رسائل مهمة مما كاتب به أعيان عصره، مثل ابن خلدون وابن بطوطة.
ومن طريف الوصف قوله يصف أحد أمراء غرناطة: (وكان زناتي الشكل والركض والآلة). ولا يزال لفظ (jinete) مستعملاً إلى اليوم في الأسبانية بمعنى: فارس.
وانظر في (نفح الطيب) وصف المقري لأسلوبه في النفاضة.
|