رحلة السيرافي (المؤلف : أبو زيد السيرافي) لهذه الرحلة شهرة واسعة في أوروبا بسبب كونها من أقدم الرحلات العربية التي رأت النور، فقد طبعت عام (1815) في باريس بعناية المستشرق الفرنسي رينو، وكتب لها مقدمة حافلة بالفرنسية في (180) صفحة، ونشرت بعنوان (السياحات البحرية التي أجرتها العرب والعجم من مراسي البحر الفارسي إلى بلاد الهند والصين: تصنيف سليمان التاجر مع أبي زيد السيرافي) ولم تصلنا سوى نسخة يتيمة من الرحلة، وهي التي تحتفظ بها مكتبة باريس الأهلية، وهي ناقصة من أولها، وربما يكون مقدار النقص أكثر من خمسين صفحة. وهي رحلة سليمان العماني التاجر، قدمها وعلق عليها واحد من أعيان عصره، وهو (أبو زيد السيرافي) والذي لم يصلنا من اخباره سوى ترجمة مبتسرة كتبها المسعودي في (مروج الذهب) وكان قد التقاه عام (303هـ) ونجد في الصفحة (53) من هذه النشرة وصفا مهما لدور السيرافي في هذا الكتاب، وهو قوله: (إنني نظرت في هذا الكتاب الذي أمرت بتأمله وإثبات ما وقفت عليهه من أمر البحر وملوكه وما عرفته من أحاديثهم ما لم يدخل فيهن فوجدت تاريخ الكتاب في سنة (237) وأمور البحر في ذلك الوقت مستقيمة لكثرة اختلاف التجار إليها من العراق، ووجدت جميع ما حكى في الكتاب على سبيل حق وصدق، إلا ما ذكر فيه من الطعام الذي يقدمه اهل الصين إلى الموتى ... وقد تغير بعد هذا التاريخ امر الصين خاصة وحدثت فيه حوادث انقطع لها الجهاز إليهم، وخربت البلد وزالت رسومه، وتفرق أمره. وانا أشرح ما وقفت عليه من السبب إن شاء الله) والسبب كما يذكره هو سقوط ممالك الصين في قبضة متمرد اسمه بابشو، وذلك عام (264) وكان أول مملكة خربها (خانفو) التي كانت سوق تجار العرب.
تضمن الكتاب مقارنات في غاية الأهمية بين الصين والهند، فمن ذلك: (وأهل الصين أهل ملاه، وأهل الهند يعيبون الملاهي: ص 47) (وحد السرقة في جميع بلاد الهند والصين القتل ولو سرق فلسا: ص 48) ويكون قتله في الهند بالخازوق. ويكون في الصين بطريقة عجيبة (انظرها: ص 56) (ويتزوج الرجل في الهند والصين ما شاء من النساء: ص 49) (وأهل الصين لا يستنجون إلا بالقراطيس، وأهل الهند يغتسلون كل يوم قبل الغداء..... وبلاد الهند اوسع من بلاد الصين وهي أضعافها: 50) (ولا اعلم أحدا من الفريقين مسلما ولا يتكلم بالعربية ... وبلاد الصين انزه وأحسن، وأكثر الهند لا مدائن لها، واهل الصين في كل موضع لهم مدينة عظيمة .... واهل الصين أشبه بالعرب في لباسهم، يلبسون الأقبية والمناطق، وأهل الهند يلبسون فوطتين :51) قال (ص 45): (واهل الصين اهل جمال وطول وبياض نقي مشرب حمرة، أشد الناس سواد شعر، ونساؤهم يجزون شعورهن) إلا أهل (تايوا) فهم قصار.
ومن نوادره: وصف الشاي (ص 42) وطريقة إعداده، وبذلك يكون اول من ذكر الشاي من الرحالة العرب، وسماه (الساخ) ووصفه فلوس اهل الصين والفرق بينها وبين دننانير العرب (ص 58) وكلامه عن مؤسسة البغاء (ص 57) وبغايا البد: (ص 84) ونبذة عن الفن والرسم (ص60) و(الكتاب الذي فيه صورة النبي محمد (ص) راكبا على جمله: ص 62) و(وصف مدينة "خمدان" عاصمة الصين: 64) و( وصف ظباء المسك، وان لها نابين كنابي الفيل صغيرين : ص75) (وطقوس إحراق الموتى 78) (وسجود أهل بلاد الزنج للعربي، لانه من بلاد التمر، ص 86) (وان في الهند قوما يرون الأكل من صحن واحد عيبا فاحشا) ومنهم من يتخذ صحونا من الخوص تستخدم مرة واحدة، ثم ترمى في القمامة 93)
ومن ممالك الهند التي وصفها: مملة الكمكم، وملكها أعظم ملوك الهند، يدين بمحبة العرب، ومملكة الجرز، وملكها أشد الملوك عداوة للعرب، وممالك الطافق، والكاشبين، والقيرنج، والموجة، والمابد، والزابج والقمار، وقنوج: (مملكة السحرة والمنجمين) وهذا غير ممالك الصين التي تزيد على مائتي مملكة.
وقد تصدى الأستاذ عبد الله الحبشي لإعادة نشر ما وصلنا من الكتاب (أبوظبي: المجمع الثقافي 1999م ط1)
|