قانون نامه مصر (المؤلف : مصطفى بن جلال التوقيعي) قانون نامه مصر: هو القانون الذي فرضه على مصر السلطان العثماني سليمان القانوني سنة (931هـ) (1525م) ليكون بديلا عن قانون السلطان قايتباي الذي كان متبعا حتى ذلك التاريخ. وقد قام بصياغة مواد القانون رئيس الجاويشية التركي الدفتردار مصطفى بن جلال التوقيعي، بأمر من الصدر الأعظم إبراهيم باشا زوج أخت السلطان سليمان القانوني. الذي جاء بنفسه لإعلان القانون الجديد في مصر يوم 8/ جمادى الثانية/ 931هـ وبعد ذلك قام بتعيين سليمان باشا الخادم والي الشام واليا على مصر، وقفل راجعا إلى استنبول. وقد نشر (قانون نامه مصر) باللغة العربية لأول مرة في القاهرة عام (1986م) بترجمة د. أحمد فؤاد متولي (وكيل كلية الآداب بجامعة عين شمس ورئيس قسم اللغة التركية فيها). ونشرت النسخة التركية من القانون، وهي النسخة الأصلية، لأول مرة بعناية د. عمر برقان ضمن كتابه: (النظم الزراعية والاقتصادية والقانونية والمالية في الإمبراطورية العثمانية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر) واعتمد في نشره لكتاب (قانون نامه مصر) نسخة أسعد أفندي التي تحتفظ بها المكتبة السليمانية باستنبول برقم (1827) وهي بخط مصطفى جلال نفسه. وقام أحمد فؤاد متولي بمقابلة هذه النشرة على النص العثماني المحفوظ في دار الكتب المصرية، تحت رقم (4 تاريخ تركي طلعت) وهذه النسخة مكتوبة بخط ناسخ مجهول في أواخر عهد سليمان القانوني، وهي تختلف عما نشره د. برقان اختلافا طفيفا في أسلوب بعض الجمل مع الاحتفاظ بالمعنى كاملا. وتمتاز أيضا بثناء طويل على السلطان القانوني في مقدمة النسخة استغرق (15) ورقة.
ويتضمن قانون نامه (24) بابا، لقوانين تتعلق بالأحوال التالية:
1- أحوال فرقة الكوكليان (أي: المتطوعين)
2- أحوال فرقة التفنكجيان السواري، أي: حملة البنادق من الفرسان.
3- فرقة مستحفظان قلعة مصر، أي: (محافظي قلعة مصر).
4- فرقة العزبان (الذين يحرم عليهم الزواج)
5- فرقة طائفة الجراكسة
6- فرقة الجراكسة المتقاعدين
7- فرقة جاويشية مصر المكلفين بإبلاغ الأوامر والمهمات.
8- جماعة كشاف نواحي مصر.
9- أحوال مشايخ العربان.
10- أحوال العمال.
11- أحوال الحوالات. والحوالة هو الشخص المكلف بجمع الأموال السلطانية.
12- أحوال الشونة. أي السفن التجارية
13- محصول البهار.
14- أحوال الموانئ والبنادر.
15- أحوال خراج الأراضي.
16- أحوال المساحة.
17- الشراقي، أي: الأراضي التي لم يغمرها الماء لعدم وفاء النيل.
18- أحوال الأراضي الخوالي والبور والخراب.
19- أحوال أمير الأمراء وما يترتب عليه فعله.
20- أحوال الأوقاف.
21- أحوال الأرزاق الجيشية والإحباسية.
22- أحوال مساكن الجراكسة في مصر بعد هروبهم منها.
23- قانون دار الضرب للنقد الفضي والذهبي.
24- أحوال تتعلق ببيع السكر. وإلغاء فرض بيعها على التجار.
وفيما يلي نماذج من هذه القوانين، ففي الباب المتعلق بأحوال أمير الأمراء (ص74) ما نصه:
1- (أبيحت بعض المحرمات من قبل بشرط أن تحصل عنها مقاطعة =أي ضريبة= ولما كانت همة السلطان واهتمامه منصبا على إقامة قواعد الدين واتباع سنة سيد المرسلين فقد ألغى المقاطعات من هذا النوع، وصدر الأمر الشريف واجب التشريف يتضمن أساسا: إلغاء الحانات التي توجد في المدن أولا، وفي القرى والأمصار ثانيا .... وهناك عادة قبيحة وسنة سيئة فاضحة تمارس من قديم الزمان: فليلة العرس تخرج العروس على الجميع سبع مرات، وهم يحتسون الخمر ويمارسون الفسق والفجور، وفي كل مرة تخرج بلباس جديد وطلعة مختلفة، وعندما تحل بالمجلس تلعب وتلهو وترقص، ويقوم الحاضرون بلصق النقود على وجهها، وهذه أيضا عادة مخالفة لما يقتضيه الشرع المطهر، وهي لهذا ممنوعة ومحظور ممارستها البتة، ومن يخالف ذلك بعد التبيه يقبض عليه السوباشي، ويشهر به. ويجرمه بشدة.
2- كان أمين (بيت المال) في المملكة يمنع المسلمين والكفار من دفن موتاهم دون إذنه، فكان الميت يبقى يوما أو يومين قبل دفنه. ومن الآن فصاعدا إذا مات مسلم أو نصراني أو يهودي، اخبر أهل الميت صاحب المال في الحال، فيهرع إلى مكان الميت ويأخذ من تركته ما يعود إلى بيت المال إن وجد، ثم يصرح بدفنه في الحال ...إلخ.
3- ومنها في القانون المتعلق بحماية السفن التجارية (ص49): (وترسل من استنبول المحروسة سفينتان مجهزتان بالمدافع، تحمل نحاسا في مكان الصابورة وفوقه أخشاب وجذوع =أي لصناعة السفن وصيانتها= وعلى أمين الشونة أن يطلب هاتين السفينتين كل عام ... وتحمل السفينتان لدى عودتهما إلى استنبول ما صنعته مصر من ملح البارود المحفوظ فيها، وير سل إلى الأبواب العالية دفتر التفصيل، مدون فيه ما أرسل إلى مصر من نحاس وأخشاب وجذوع، ومقدار ما صرف منها على بناء السفن الخاصة وما تبقى في المخازن، ومقدار ملح البارود الذي أرسل من مصر.
4- وفي الباب المتعلق بأحكام الموانئ (ص53) : (وعندما تجيء سفينة من عند الفرنجة إلى موانئ مصر، ترسل من قناصلهم الدفاتر الممهورة الخاصة برسوم الأمتعة المرسلة من قبلهم، وإذا حان ميعاد تبديل قنصل كافر من هؤلاء جاء بذلك الدفتر مختوما إلى مجلس القضاء وأطلع عليه الناظر والأمين ..إلخ)
5- وفي الباب المتعلق بقصور أمراء الجراكسة الهاربين من مصر (ص90): (يدخل بيوت أمراء الجراكسة والمنازل التي هجرها أصحابها في مصر المحروسة جنود من السباهية وغيرهم، من الأشخاص، ويأخذون أحجارها وأخشابها ويشعلونها... وعلى ناظر الأموال في هذه الحالة أن يرسل رجلا كفءاً من أرباب القلم، يفتش في المدينة عن هذه الدور، ويسجل في دفتر ما يمتلكه أمراء الجراكسة السابقون وغيرهم من الذين هجروها، ويضم المنازل التي لا يسكنها أحد إلى بيت المال، وما كان منها مسكونا يقدر القاضي إيجارها على ساكنها، ويحصل الإيجار شهريا إلى الميري. .. وما كان منها لمن قتل وقت فتح الخنكار =أي السلطان سليم= لهذه الديار من الجراكسة العصاة أو لأشخاص غائبين ضمها لأموال الخزينة العامرة، وعدها من الخواص السلطانية، ولا اعتبار لدعوى ملكيتها.
6- وفي الباب المتعلق بصرف الذهب (ص92): نما إلى مسامعنا أنه عند تبديل النقود المحصلة من الديار المصرية لإرسالها إلى القسطنطينية كان الأهالي يضطرون لبيع ذهبهم بسعر أقل من السعر المتعارف عليه بين الناس، ولفرط شفقتنا وعطفنا أبطلنا شراء الذهب بهذه الطريقة، فلا يشترى الذهب في أي وقت بسعر يقل عما يروج بين المسلمين ولو بآقجة واحدة... وعُرض على الأبواب العالية أن الصرافين يخرجون دائما ويطوفون القرى، الواحدة تلو الأخرى، ليشتروا الذهب ممن يجدونه لديه، ومتى احتاج الميري إلى الذهب لم يجده لدى أحد، واضطر إلى اللجوء إلى الصرافين، وهؤلاء بدورهم يبيعونه بالقيمة التي يرتضونها. وهذا أيضا ممنوع، وليحرم أمير الأمراء على الصرافين الخروج إلى النواحي لجمع الذهب بعد اليوم، ومن لم ينته بعد هذا التنبيه تصادر أمواله ويوقع عليه العقاب.
7- وفي الباب المتعلق ببيع السكر (ص94): قد علمنا أيضا أنه عندما كان السكر يكرر للخواص السلطانية كان العسل المستخرج منه يطرح على التجار، فيجبرون على شراء العسل الأدنى جودة على أنه أوسط، والأوسط على أنه أعلى..فماجت بحار شفقتنا وعاطفتنا الزاخرة لهذا الوضع، فرفعنا هذا الظلم، وقررنا ألا يحمل أحد بعد الآن على شراء قطرة واحدة من العسل المستخرج من مصانع السكر.
وانظر في نوادر النصوص على الوراق ما اخترناه من هذا الكتاب تحت عنوان (قانون صناعة البنادق وحيازتها في مصر عام 931هـ 1525م).
|