قصيدة حسان هذه من أغاني العرب المشهورة، ذكرها أبو الفرج في (الأغاني) وذكر أنها من غناء حنين بن بلوع (1) وعلق على الأغنية بقوله: وهذا الصوت من صدور الأغاني ومختارها، وكان إسحاق يقدمه ويفضله. ووجدت في بعض كتبه بخطه قال: الصيحة التي في لحن حنين:
لـمـن الـدار اقفرت iiبمعان
بين شاطي اليرموك iiفالصمان
فـالقريات من بلاس iiفداريا
فـسـكاء فالقصور iiالدواني
ذاك مغنى لآل جفنة في iiالده
ر وحـق تـصرف iiالأزمان
صلوات المسيح في ذلك الدي
ر دعـاء القسيس iiوالرهبان
قلت أنا زهير: (ولا تزال هذه القرى التي ذكرها حسان معروفة بأسمائها في قرى دمشق من جهة حوران، حتى يومنا هذا، سيما (القريات) و(حوش بلاس) و(داريا)..) ويبدو أن بيت القصيد سقط من كتاب الأغاني، وهو قول حسان: قد دنا الفصح والولائد ينظم ن سـراعـا أكلة المرجان
انظر القصيدة في (الموسوعة الشعرية) الإصدار الثالث، وهي (8) أبيات، وقد سقط من نشرتها مطلع القصيدة وهو:
لـمـن الـدار أقفرت بمعان
بين شاطي اليرموك فالصمان
وقد ذكر المسعودي ستة أبيات من القصيدة في ترجمة الأيهم في (مروج الذهب) نشرة الوراق (ص 212) فقال: وهو الملك الذي امتدحه حسان بن ثابت الأنصاري، حيث يقول في شعر: أشْـهِرَنْهَا فإنَ ملكك بالشا م إلى الروم فخر كل يماني ثم علق على القصيدة بقوله: (وَجَبَلَة بن الأيهم هوالذي أسلم وارتد عن دينه خاف إلعار وَالقَوَدِ من اللَّطْمَة، وخبره واضحِ مشهور، قد أتينا على ذكره فيما سلف من كتبنا...) ومعان المذكورة في البيت أشهر مدن الأردن اليوم، وأجلها في التاريخ، حظيت بدراسات موسعة يناهز بعضها ألف صفحة. ومن أغاني حسان المذكورة في كتاب الأغاني، قوله ويريد قبر الأيهم والد جبلة:
فلا زال قبر بين تبنى وجاسم
عليه من الوسمي جود iiووابل
فينبت حوذانا وعوفا منورا سأتبعه من خير ما قال قائل وتبنى وجاسم من أشهر قرى حوران اليوم (عام 2006) وقد ذكر ياقوت البيتين في مادة (تبنى) ونسبهما إلى النابغة الذبياني اقتداء بسيبويه في (الكتاب) وقال: (تُبنى: بالضم ثم السكون وفتح النون والقصر، بلدة بحوران من أعمال دمشق... وقال ابن حبيب: تُبنى قرية من أرض البثنية لغسان قال ذلك في تفسير، قول كثير: أكاريسَ حلت منهم مرج راهط فـأكـناف تُبنَى مرجها فتلالُها قال أبو الفرج: (وهذا القبر الذي ذكره حسان فيما يقال قبر الأيهم بن جبلة بن الأيهم الغساني. وقيل: إنه قبر الحارث بن مارية الجفني، وهو منهم أيضاً. والغناء لعزة الميلاء...إلخ).
_______________________
(1) حنين بن بلوع الحيري التميمي أبو كعب أكبر مغني عصره في العراق، من أهل الحيرة، وهو في الغناء من طبقة ابن سريج، قال أبو الفرج: (كان شاعرا مغنيا من فحول المغنين) أخذ الغناء عن عمر بن داود الوادي وحكم الوادي، وعاش 107 سنوات، ومات نصرانيا، ووفاته في المدينة المنورة في دار سكينة بنت الحسين،وكان قد أتى المدينة بدعوة من ابن سريج بعدما زاره في الحيرة وبقي في ضيافته شهرين. وهو المراد بالمثل السائر: (رجع بخفي حنين) فيما ذكر البلاذري في بعض الأقوال، في (أنساب الأشراف) وذكر أن الإمام الشعبي حضر بعض حفلاته. ترجم له الصفدي في الوافي (الوراق: ص 1835) والنويري في نهاية الأرب (الوراق: 496) والزركلي في (الأعلام) وجعل وفاته نحو عام (110هـ) وأبو الفرج في (الأغاني) وذكر أن حفيدا له كان يغني بأغانيه في عصر الرشيد، وكان نصرانيا أيضا.