مجال البحث
المكتبة التراثية المكتبة المحققة أسماء الكتب المؤلفون القرآن الكريم المجالس
البحث المتقدم ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث البحث في لسان العرب ثقافة, أدب, شعر, تراث عربي, مكتبة , علوم, تاريخ, لغة, كتب, كتاب ,تراث عربي, لغة, أمهات الكتب, تاريخ, فلسفة, فقه, شعر, القرآن, نصوص, بحث إرشادات البحث
خطبة أكثم بن صيفي في نصرة النبي (ص)

أكثم بن صيفي بن رباح الأسيدي التميمي أبو حيدة: أكبر حكماء العرب في عصر النبوة، وأحد معمريها المشهورين، أخباره منثورة في معظم كتب الأدب والأمثال، وكان شاعرا مجودا. ترجم له البلاذري في (أنساب الأشراف) انظره على الوراق. وهو أول من دعا إلى ضرورة وضع الفواصل بين الجمل في الكتابة، كما ذكر أبو هلال العسكري في كتابه (الصناعتين) قال: (وكان أكثم بن صيفي إذا كاتب ملوك الجاهلية يقول لكتّابه افصلوا بين كل معنىً منقضٍ، وصلوا إذا كان الكلام معجونا بعضه ببعض). أسلم ولم ير النبي (ص) ومات وهو في طريقه إلى يثرب، فنزلت فيه الآية: (وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)النساء: الآية (100). وهو وابن عم أبي هالة الأسيدي: زوج خديجة أم المؤمنين. وعم الصحابيين: حنظلة الكاتب وأخيه رباح ابني الربيع بن صيفي. ومن مشاهير أحفاده: القاضي العباسي المشهور: يحيى بن أكثم والشاعر المعروف بالحيص بيص (ت 574هـ). أما خطبته التي نحن بصدد دراستها فقد ذكرها الميداني في (مجمع الأمثال) في شرح المثل: (ويل للخلي من الشجي) وذكرها ابن الجوزي في (المنتظم) -على خلاف في كثير من ألفاظها- في حوادث السنة الرابعة من الهجرة، مع ذكر الأحداث التي سبقت الخطبة، والوقائع التي أسفرت عنها، ونص كتاب النبي (ص) إلى أكثم، وقد أشار إليه أكثم في فاتحة خطبته. انظر رواية ابن الجوزي على الوراق، وأولها: (ومن الحوادث العجيبة أن أكثم بن صيفي الحكيم لما سمع بظهور رسول الله (ص) أراد أن يأتيه فمنعه قومه...إلخ) وأما الميداني فقال: (قال المدائني ومحمد بن سلام الجمحي: أول من قال ذلك أكثم بن صيفي التميمي. وكان من حديثه أنه لما ظهر النبي عليه الصلاة والسلام بمكة ودعا الناس إلى الإسلام بعث أكثم بن صيفي ابنه حبيشاً، فأتاه بخبره، فجمع بني تميم وقال: (يا بني تميم، لا تُحضروني سفيهاً، فإنه من يسمع يخل(1) إن السفيه يوهن من فوقه، ويثبت من دونه.(2) لا خير فيمن لا عقل له. كبرت سني ودخلتني ذلة، فإذا رأيتم مني حسناً فاقبلوه، وإن رأيتم مني غير ذلك فقوموني أستقم. إن ابني شافه هذا الرجل مشافهة وأتاني بخبره، وكتابه؛ يأمر فيه بالمعروف وينهى عن المنكر، ويأخذ فيه بمحاسن الأخلاق، ويدعو إلى توحيد الله تعالى، وخلع الأوثان، وترك الحلف بالنيران، وقد عرف ذوو الرأي منكم أن الفضل فيما يدعو إليه، وأن الرأي ترك ما ينهى عنه. إن أحق الناس بمعونة محمد ومساعدته على أمره أنتم. فإن يكن الذي يدعو إليه حقاً فهو لكم دون الناس، وإن يكن باطلاً كنتم أحق الناس بالكف عنه وبالستر عليه. وقد كان أسقف نجران يحدث بصفته، وكان سفيان بن مجاشع يحدث به قبله وسمى ابنه محمداً، فكونوا في أمره أولاً ولا تكونوا آخراً. ائتوا طائعين قبل أن تؤتوا كارهين. إن الذي يدعو إليه محمد صلى الله عليه وسلم لو لم يكن ديناً كان في أخلاق الناس حسناً. أطيعوني واتبعوا أمري أسأل لكم أشياء لا تنزع منكم أبداً، وأصبحتم أعز حي في العرب وأكثرهم عدداً وأوسعهم داراً فإني أرى أمراً لا يجتنبه عزيز إلا ذل، ولا يلزمه ذليل إلا عز. إن الأول لم يدع للآخر شيئاً. وهذا أمر له ما بعده. من سبق إليه غمر المعالي واقتدى به التالي. والعزيمة حزم، والاختلاف عجز. فقال مالك بن نويرة: قد خرف شيخكم (3). فقال أكثم: ويل للشجي من الخلي، وا لهفي على أمر لم أشهده ولم يسعني.(4)

 ---------------------------------------------------------------------------------------------

(1) ورد هذا المقطع في رواية ابن الجوزي على النحو التالي: (فإن مَنْ يسمع يخل، وإن مَنْ يخل ينظر، وإن السفيه واهي الرأي وإن كان قوي البدن، ولا خير فيمن عجز رأيه ونقص عقله) وشرح الميداني قوله: (فإن من يسمع يخل) في موضع آخر من كتابه فقال: (ومعناه من يسمع أخبار الناس ومعايبهم يقع في نفسه عليهم المكروه). وأورده الجاحظ في سياق حديثه عن تخوفه من تحريف كتبه فقال: (بل لا آمن أن يتجاوز ذلك إلى الطعن عليها بقولٍ أو إشارة، فيوهم فساد معانيها ويُومي إلى سقوط ألفاظها، من غير أن يُظهر المعاداة لها ، والحسد لمؤلفها، والحمل عليها بقولٍ يكون دليلاً على ما يضمر، وهو أبلغ ما يكون من قلب المستمع وأنجعه فيه، فيقع ذلك بخلده. وقد قيل: "من يسمع يخلْ". وليس يقابله أحدٌ بردٍ، ولا يوازيه بنزاع، فيزداد نشاطاً عندما يرى من خلاء الأمر. وقد قيل: "كلُّ مُجْرٍ في الخلاء يُسرُّ" وكلُّ مناظر متفردٍ بالنظر مسرور، وإنما يُعرف جري الخيل عند المسابقة، وبراعة النظر عند المخاصمة.... قال ابن منظور: (وقيل في المثل: من يَشْبَعْ يَخَلْ، وكلام العرب: من يَسْمَعْ يَخَلْ؛ قال أَبو عبيد: ومعناه من يسمع أَخبار الناس ومعايبهم يقع في نفسه عليهم المكروه، ومعناه أَن المجانبة للناس أَسلم، وقال ابن هانئ في قولهم من يسمع يَخَلْ: يقال ذلك عند تحقيق الظن، ويَخَلْ مشتق من تَخَيَّل إِلى). وقال أبو هلال العسكري في كتابه (ديوان المعاني): وقولهم: "كشند ميد" مثل قول العربي: "من يسمع يخل" سواءٌ في المعنى، والفارسي أقل حروفاً. وقال في كتابه (جمهرة الأمثال): وأخذه البحترى فقال: (سمعت أن التصابى خـرقٌ * بعد خمسين ومن يسمع يخل) قلت: وهو في ديوانه: (خَيَّلَت) مكان (سمعت) وقد ضمن هذا المثل في شعره شعراء كثيرون، انظرهم في الموسوعة، ومنهم ابن الوردي في لاميته، وقوله (أينَ عادٌ أينَ فرعونُ ومَنْ * رفعَ الأهرامَ مَنْ يسمعْ يخلْ ) وأيدمر المحيوي: (وَحدّثتهم نُفوسٌ ما نصحنَ لَهُم * مُنى أَحاديثَ مَن يَسمَع لَها يَخَلِ) ومهيار الديلمي، وفتيان الشاغوري وسيف الدين المشد، وجماعة من المتأخرين.

(2) يثبت: كذا في الأصل، والظاهر أنها يثبط.

(3) وفي رواية ابن الجوزي : فقام مالك بن عروة اليربوعي مع نفر من بني يربوع فقال: خرف شيخكم، إنه ليدعوكم إلى الغباء، ويعرضكم للبلاء، وإن تجيبوه تفرق جماعتكم، وتظهر أضغانكم، ويذلل عزكم، مهلا مهلا.

(4) بقوله: (ولم يسعني) تنتهي الخطبة في رواية الميداني، وأما في رواية ابن الجوزي: (فقال أكثم بن صيفي: ويل للشجي من الخلي، يا لهف نفسي على أمر لم أدركه ولم يَفتني،: ما آسَى عليك بل على العامة، يا مالك إن الحق إذا قام دفع باطل وصرع صرعى قياماً، فتبعه مائة من عمرو وحنظلة، وخرج إلى النبي (ص) فلما كان في بعض الطريق، عمد حبيش إلى رواحلهم فنحرها، وشق ما كان معهم من مزادة وهرب، فأجهد أكثم العطش فمات، وأوصى مَنْ معه بإتباع النبي (ص) وأشهدهم أنه أسلم. فأنزل فيه: "ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى اللّه ورسوله ثم يدركه الموت، فقد وقع أجره على اللّه".). قال ابن الجوزي: (فهاتان الروايتان تدلان على أن أكثم بن صيفي أدرك رسول الله (ص) وقد روينا أنه مات قبل ذلك.) ثم قال: (كان أكثم بن صيفي من كبار الحكماء، وعاش مائتي سنة، وله كلام مستحسن). ثم ساق طائفة من كلماته السائرة. ولابد من التنويه هنا إلى أن معظم أخباره التي وصلتنا، تعج بمآرب الإلحاد والشعوبية. قال القلقشندي: (أول من حكم أن الولد للفراش في الجاهلية أكثم بن صيفي حكيم العرب، ثم جاء الإسلام بتقريره) وفي شرح نهج البلاغة وصية له من الوصايا الطوال، أولها: (يا بني تميم، لا يفوتنكم وعظي) وانظر في كتاب (المعمرون والوصايا) طائفة من وصاياه أيضا، ورسالته إلى الحارث بن أبي شمر الغساني. وأولها: (إن المروءة أن تكون عالما كجاهل) ورسالته إلى ملك هَجَر، وأولها: (إن أحمق الحمق الفجور) وخطبته بين يدي النعمان - مع قطعتين من شعره - وأولها: (أبيت اللعن: قد علم قومي أني من أكثرهم مالا) وفي العقد الفريد: خطبته بين يدي كسرى وأولها: (إن أفضل الأشياء أعاليها) ولما فرغ من خطبته قال له كسرى: (لو لم يكن للعرب غيرك لكفى).




    * هذه الصفحة من إعداد الباحث زهير ظاظا : zaza@alwarraq.com
نصوص أخرى