بهجة أهل مكة وزفتها للفلوس المسكوكة باسم شريفها أبي نمي ابن زين الدين بركات سنة (927هـ).
قال جار الله ابن فهد في كتابه (نيل المنى) (1) الذي ذيل به على كتاب أبيه (بلوغ القرى) في تاريخ مكة المكرمة: (وفي يوم الخميس 4/ ربيع الثاني/ 927هـ =الموافق 1521م= ظهرت سكة المساعيد (2) والفلوس. وصُرف كل محلّق من المساعيد بثمانية، ومن الفلوس بأربعة وعشرين، وزُفت في معاشر على رؤوس الجمال بالطبل والزمر، وداروا بها شوارع مكة، فانفرنج المسلمون بها، واستراحوا من الربا في صرف المحلقة بالمساعيد لزيادتها، ووصلت في صرف المساعيد العتيقة إلى ثمانين مسعوديا كل محلق، وهي تتطاير بأدنى شيء من الكف.
وكُتب على المساعيد الجدد والفلوس اسم الشريف أبي نُمي صاحب مكة. وكان فعل ذلك بسبب كلام قطب الآفاق الشيخ محمد بن عراق مع الشريف صاحب مكة وغيره من أرباب الدولة. ثم تُركت المساعيد وتعامل الناس بالفلوس، واستراح أهل مكة من الربا المنحوس، وذلك ببركة الشيخ ابن عراق (3) نفع الله به جميع الآفاق). قال: (وفي صبح يوم الثلاثاء 23/ ربيع الثاني/ من العام نفسه قبض الحاكم بمكة على أهل السوق من الصيارف والجبانين والسمانين وغيرهم، وضرب كثيرا منهم، وتهددهم بكلمات كثيرة للزيادة في صرف المساعيد الجدد إلى اثني عشر مسعوديا كل محلق، بعد أن فعل بثمانية، وقال لهم هذه مخالفة لصاحب البلاد، فخدموه =أي رشوه= بمال، وطلّعوا الأسعار في ثاني تاريخه بعد نزولها) (نيل المنى: نشرة محمد الجيب الهيلة: مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة: ط 1 عام 1420هـ 2000م) (ص322 و 325).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): انظر التعريف بالكتاب. في قائمة الكتب غير المنشورة على الوراق
(2): المساعيد: هي الدراهم المسعودية، نسبة إلى الملك المسعود يوسف ابن الملك الكامل محمد الأيوبي ملك اليمن في بداية القرن السابع الهجري (المحقق: ص 289) علق المحقق بهذا الهامش على قول المؤلف : (وفي 2/ ذي القعدة/ 926 نادى الحاكم بمكة القائد مبارك بن بدر بصرف المساعيد: كل محلق باثنين وثلاثين، بزيادة نصف صرفه المعتاد، وذلك لزغل المساعيد بالنحاس وكثرتها، ممن لا يُعرف فاعله. فانحصر الفاعلون لذلك وتوقفوا في إخراجها بالأسواق، فقل وجودها، وتشوش الناس لذلك وتكلموا مع الحاكم في بطلان ما نادى به، فلم يجبهم لغرضهم، فاستمر التوقف مدة، ثم ظهرت المساعيد، وهي الآن: وزن المساعيد قدْر المحلق المصروف بها. فخف الأمر في زيادتها. فالله تعالى يلهم الحكام لشريعة سيد الأنام) (3): ابن عراق: أحد شيوخ المؤلف جار الله ابن فهد، وهو جمال الدين أبو علي محمد بن نور الدين علي بن عبد الرحمن بن أحمد بن صالح بن يوسف بن عراق الموسوي الدمشقي الصالحي الشافعي. وكانت وفاته عصر يوم الأحد 5/ صفر/ 933هـ انظر خبر وفاته في الكتاب (ص388). قال: (وكانت ساعة مهولة ذرفت لها العيون، ووجلت لها القلوب، فيا لها من ساعة لم يُر مثلها، ولم يُفجع الخلق بأعظم منها ...إلخ) |