البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الجغرافية و الرحلات

 موضوع النقاش : رحلة الى دمشق النائمة خلف الاسوار    قيّم
التقييم :
( من قبل 2 أعضاء )

رأي الوراق :

 جميل 
18 - يوليو - 2005
إن مقالي اليوم عبارة عن جولة سريعة الى دمشق القديمة، التي ما زالت محافظة على ملامحها رغم غبار السنين وكوارث الأيام. وللعلم ان مقالي اليوم قد ارسلته للنشر في احدى الصحف واحببت نشره هنا كمادة لطيفة عن دمشق القديمة فهي نمضي: سنين تمضي لا بل قرون ....حضارات اتت هذه الارض واندثرت .....لكنها ابت الرحيل دون ان تترك اثارها .... انها دمشق مدينة التاريخ والحضارات......تقف شامخة لتتنفس عبقها....من لم يمر من هنا......تابعوا.... السومريين ...الاراميين....الاكاديين......الحثيين....الفرس ....البيزنطيين.....لن نطيل عليكم........كل هؤلاء مروا على هذه الارض.....رموا بحضارتهم فيها...... دمشق عاصمة اكبر دولة اسلامية......حين حكم الامويون ووصل سلطانهم الى الغرب ....... دعونا نزور دمشق..... او الشام كما يحلو لاهلها مناداتها..... لكن من اين نبدأ الرحلة .....وهل نستطيع ان نزور دمشق بسرعة.....انه امر من المحال... لذلك سنرحل اليوم في دمشق القديمة .....دمشق النائمة خلف الابواب الدمشقية الشهيرة....والمحاطة بسور يفصل قديمها عن جديدها...... دعونا نمر في احياء دمشق القديمة......... دعونا نسير في تلك الحارات الضيقة متنقلين بينها......حيث نرى البيوت ملتصقة مع بعضها البعض لتعبر عن حالة الود التي تسيطر على المكان......لا تترددوا في الدخول اذا شاهدتم في طريقكم احدى الحمامات القديمة .....ولن تكونوا نادمين لو تسنى لكم الوقت للاستحمام والاستلقاء للتدليك......تأكدوا بان هكذا حمام لن تنسوه طوال حياتكم.....لكن من يعرف ان هكذا حمام مرمي بين حارات قديمة يفوق تاريخه تاريخ قارة بحالها.....تاكدوا ان الكلام غير مبالغ فيه ....فاحدى تلك الحمامات انشئ قبل حوالي 850عام......اليس عمر استراليا يفوق المئتي عام بقليل...... تابعوا المسير....لا تخافوا لو مشيتم في احدى الحارات وحدكم حيث لا يمكنكم سماع سوى خطواتكم.....اطمئنوا فانتم مازلتم محاطين بابواب المدينة.........هل من يعرف الابواب... باب شرقي...... شرقي المدينة عند بداية الشارع المستقيم الذي كان يحوي قوس النصر الذي كشف عنه ويتألف من ثلاث فتحات مقوّسة أكبرها الفتحة الوسطى.... أما الفتحتان الجانبيتان فكانتا للمشاة حيث الأروقة على جانبي الطريق المفروش بالبلاط الحجري، ومن هذا الباب دخل خالد بن الوليد فاتحاً دمشق...... باب الجابية..... ويقع في الطرف الغربي من الشارع المستقيم وهو مماثل للباب الشرقي، ومنه نزل أبو عبيدة بن الجراح..... باب توما : وينسب إلى أحد عظماء الروم....نزل منه عمرو بن العاص، ولقد رمم وفصل عن السور?? باب السلام?.أحد الأبواب الشمالية للسور وأطلق عليه اسم باب السلام أو السلامة لأنه محمي بمجرى نهر العقرباني?.باب روماني أعاد بناءه نور الدين بن زنكي وأنشأ فوقه مئذنة كباقي الأبواب ثم جدد في عام1243م?.. باب الفراديس أو باب العمارة: وهو من الأبواب الشمالية ،روماني الأصل. وقد تم تجديده في عصر نور الدين أيضاً?? باب الصغير.... أصغر أبواب السور.... ويقع في الجهة الجنوبية، نزل منه يزيد بن أبي سفيان عند فتح دمشق.... ورممه نور الدين وأقام عليه مئذنة وعلى مقربة منه مقبرة باب الصغير...... باب كيسان: في الجهة الجنوبية وأمامه كنيسة القديس بولس... وكيسان هو مولى معاوية ..... باب الفرج: وهو من الأبواب الشمالية أنشأه نور الدين ويقع بين العصرونية والمناخلية وهو باب مزدوج له باشورة، تم تجديده عام 1241م ..... اما باب النصر....فقد كان موقعه عند بداية سوق الحميدية وقد هدم عام 1863م...ولم يبق منه شئ..... كذلك هناك العديد من الابواب الدمشقية الشهيرة.... لكنها تعتبر أبواب للحارات القديمة......وأشهرها .... باب السريجة.... باب زقاق البرغل... وباب مصلى..... وبوابة الصالحية...... دعونا نتابع الرحلة.....ها قد وصلنا الى سوق الحميدية........الملتصق بقلعة دمشق من اليسار لودخلنا من شارع النصر.......انه اعرق الاسواق .....لا تنزعجوا لو تطفل عليكم احد الباعة ليعرض عليكم بضاعته.....فقط تاملوا المحلات والابنية الحجرية القديمة المترامية على الطرفين......يمكنكم التسوق في اي وقت تشاؤون ، ولن تشعروا بالامطار او اشعة الشمس....فالسوق مغطى بغطاء معدني .....تشهد ثقوبه على ايام الهجمات الفرنسية على سورية....... وإلى يمين السوق تقع منطقة الحريقة.... بيمارستان نور الدين المدخل...وهي منطقة أحرقها الفرنسيون عام 1925 للقضاء على بيوت الثوار فيها....واحترقت معها دار السعادة والمدرسة القجماسية والعذرائية وحمام عذرا والمدرسة الصلاحية وكثير من البيوتات الشامية....لهذا سميت بالحريقة..... تابعوا سيركم سترون أنفسكم فجأة أمام الجامع الاموي......القبلة التي يقصدها اي زائر لدمشق..... يشهد الجامع الذي بني في عهد الخليفة الاموي الوليد بن عبد الملك ......يشهد على عظمة الفن المعماري العربي......لا تسالوا عن التكلفة التي دفعها الامويون لانجاز الجامع في ذلك الوقت.....فقط اهتموا بالتامل بالفسيفساء والمرمر والرخام.....وادخلوا الى حرم الجامع حيث تشعرون بالراحة فيه.....وهو ليس مقصدا للمسلمين فحسب بل للمسيحين حيث يضم بداخله ضريح يوحنا المعمدان.....(النبي يحيى) هل من يعلم ان هذا الجامع لا يفوقه اهمية الا الحرم الشريف في مكة والمسجد الاقصى في القدس.... قبل خروجكم من جامع بني امية تاملوا الصغار يلعبون مع الحمام في ساحة الجامع.....يا له من منظر رائع...... بالقرب من الجامع يمكننا المرور على قصر العظم.....الذي تحول الى متحف للفنون والتقاليد الشعبية....لقد كان يوما مسكنا للحاكم العثماني..... واذا احسستم بالتعب لاتترددوا في الاستراحة في احدى المقاهي ..... سترون اناسا من جنسيات مختلفة يتسامرون ويضحكون كل بلغته .....انه مزيج من لغات مختلفة.... لكن ماذا لو كان المساء قد حل.... ستبهرون بمنظر الأضواء المنبعثة من الجامع الاموي....وسيريحكم الهدوء المسيطر الممزوج بدمدمات فنية خارجة من احدى المطاعم المنتشرة....او بقصة من قصص الحكواتي القديمة.... تابعوا سيركم في تلك الحارات وسط مزيج من روائح البهارات مغلفة بروائح التاريخ....انه سوق البزورية الخاص بالبهارات والمكسرات.......وهو سوق شهير.... وكوننا مازلنا في دمشق القديمة لماذا لا نعرج على كنيسة حنانيا الاثرية التي يربطها بكنيسة القديس بولس نفق...هرب منه بولس حين بدا التبشير بالمسيحية... ها قد وصلنا الى منطقة باب توما المسماة على اسم الباب الشهير باب توما......... انها احياء تتميز ببيوتها المتلاصقة مع بعضها البعض وبشارعها المرصوف بالحجر القديم ....وفيه منطقة تسمى النبطيون نسبة الى الأنباط الذين سكنوها قبل الرومان....وفي هذا الحي تكثر الكنائس الهامه ... مثل الكاتدرائية المريمية وتعتبر من اقدم كنائس دمشق.... دعونا نمضي نحو الشارع الطويل الذي يبلغ 1500متراً وهو الطريق المستقيم الروماني الذي يصل الباب الشرقي بالباب الغربي وهو باب الجابية... لقد كشفت الحفريات عن قوس روماني أعيد ترميمه وهو موجود الى اليوم...ليضاف الى آثار هذا الشارع التي تشهد بلاطاته مع قواعد الأعمدة الجانبية على تاريخ هذا الشارع.... هناك الكثير قد تجاوزناه في رحلتنا هناك المدارس القديمة كالعزيزية والجقمقية بالقرب من الجامع الاموي شمالا?..وهناك الخانات القديمة والجوامع الاثرية?? لكن دعونا نزور القلعة لننهي جولتنا بها?. قلعة دمشق .....التي بناها الملك العادل شقيق صلاح الدين الايوبي...... تبلغ مساحة القلعة حوالي (33176م2 ) وهي مستطيلة الشكل ذات أضلاع غير مستقيمة ويبلغ طولها( 240-250م) وعرضها 165-120م.....يحيطها من الخارج سور منيع ذو أبراج مربعة ضخمة يبلغ عددها 12 برجاً.....وتعلو الأسوار رواشن من الحجر..... ولاسوار القلعة أربعة أبواب.... الباب الحديث في الشمال وأمامه جسر.... والباب الشرقي وهو المدخل الرئيسي....و بابان بجسور متحركة فوق الخندق في الغرب وفي الجنوب يقال انهما سريان..... وكان يحيط بالقلعة خندق تم توسيعه عام 1214-1216م وهو بعرض 20 متراً وقد يصل إلى 5 أمتار.....وقد تم ردم الخندق فيما بعد إلا من الجهة الشمالية حيث أصبح مجرى لنهر العقرباني..... وكان للقلعة دور كبير في حماية دمشق من الحملات الصليبية..... وبجانب القلعة يقف تمثال صلاح الدين شامخا .....وشاهدا على بدء حملته من دمشق لتحرير القدس..... لا تظنوا بأن رحلتنا في دمشق القديمة انتهت بذلك ....لكن لو احببتم هذه الجولة السريعة تاكدوا بانكم ستقضون اياما عديدة تتجولون في دمشق المختبئة خلف اسوارها، خوفا من زحف دمشق الجديدة اليها..... انها مجرد رحلة في مكان ما من التاريخ .....تحت كل شبر منه قصة من قصص الخلود، كلما مررتُ بها تذكرتُ قول أبي العلاء، مع تعديل بسيط في الشطر الأول من البيت الثاني: (سر إن اسطعت في الهواء رويدا * لا اختيالا على رفات العباد) (رب قصر قد صار قصرا مرارا .. ضاحك من تزاحم الأضداد)..... جميل لحام
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
رب لحد    كن أول من يقيّم
 
فقط اردت ان ابين الشطر الاصلي لابي العلاء الذي تم تغيره ليواكب النص وهو (رب لحد قد صار لحداً مرارا) ولكي يكتمل المعنى، يلزم تعديل الشطر الثاني ليصير: (رب قصر قد صار قصرا مرارا * ضاحك من تعاقب الأضداد) وليكون البيتان لصيقين بدمشق إلى الأبد نعتذر من أبي العلاء في تعديل البيت الأول ليصير: (سر إن اسطعت في دمشق رويدا * لا اختيالا بها على الأمجاد)
*جميل
18 - يوليو - 2005