يلاحظ الناظر في كلام منتقدي التصوف عامة غياب الوضوعية وطغيان التهجم المستند إلى أفكار مسبقة غير دقيقة . لست متصوفا، ولست هنا مدافعا عن الصوفية، ولكني أرى أن التصوف تجربة لها مبرراتها الواقعية والفكرية والروحية، وهو لذلك جدير بأن ينظر إليه الناقد باعتباره إفرازا لممارسات دينية واجتماعية لم رآها الصوفية انحرافا عن جوهر الدين.
من أهم عوامل ظهور التصوف شكلنة الدين كما مارسها الفقهاء الذين حولوا العبادات إلى مجرد حركات روتينية تكاد تخلو من الروحانية والتفاعل الحقيقي مع المعبود ، وأشد تلك الحركات تجسيما للشكلنة ، تلك الأحكام المعقدة المتعلقة بالسهو في الصلاة ، فإنها بالفعل تجعل الصلاة مجرد تمرين رياضي يخضع لضوابط لا يمكن اختراقها وإذا اخترقت يجب ترقيعها.
التصوف وضرورة إعادة النظر في الفقهيات المتعلقة بالعباداتكن أول من يقيّم
إن أقل ما تطرحه علينا التجربة الصوفية ضرورة إعادة النظر في المدونة الفقهية المتعلقة بالعبادات ، باعتبارها مدونة غارقة في الشكلانية الجوفاء . ربما أخطأ الصوفية في علاج هذه الشكلانية ، ولكنهم أصابوا على أية حال في نقدها.