معتقد أهل السنة كن أول من يقيّم
1) أشكر للأستاذين الكريمين / زهير ظاظا ، وعبد الرؤوف النويهي على ما تفضَّلا به من التحية والسلام والتعليق على هذا الموضوع ، والحقيقة : أني وإن قَصَّرْتُ في حَقِّ أستاذنا النويهي بالزيارة أو الاتصال ؛= فإنه كان ولا يزال : حبيبًا إلى الروح قريبًا من القلب ، كَرَّمَهُ الله ، ومَتَّعَهُ بالصحة والعافية ، وأدام فيما بيننا المودَّة والمعروف .
2) لم أكن أحبُّ أن أقطع تسلسل مقالات أ . صادق السعدي وتتابع أفكارها ؛ ولكن لمناسبة الموضوع وأهميته : أحببت إيرادَ هذا النَّقْلِ من متن العقيدة الواسطية لابن تيمية - غفر الله لنا وله ! - وقد حَفِظْتُهَا بحمد الله مُنذُ سَنَوَاتٍ في المرحلة الإعدادية .
----------------------------------------------
ومن أصول أهل السنة والجماعة :
سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كما وصفهم الله به في قوله تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (الحشر:10) .
وطاعةً للنبي صلى الله عليه وسلم في قوله : (( لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه )) .
ويقبلون ما جاء به الكتاب أو السنة أو الإجماع من فضائلهم ومراتبهم .
فيفضلون من أنفق من قبل الفتح - وهو صلح الحديبية - وقاتل على من أنفق من بعده وقاتل .
ويقدمون المهاجرين على الأنصار .
ويؤمنون بـ : أن الله تعالى قال لأهل بدر - وكانوا ثلاث مئة وبضعة عشر- : (( اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم )) .
وبأنه : (( لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة )) ؛ كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، بل قد رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وكانوا أكثر من ألف وأربع مائة .
ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ كالعشرة .
وكثابت بن قيس بن شماس ، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم .
ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره ؛ من أن خير هذه الأمة بعد نبيها : أبو بكر ، ثم عمر ، ويثلثون بعثمان ، ويربعون بعلي رضي الله عنهم ؛ كما دلت عليه الآثار .
وكما أجمعت الصحابة على تقديم عثمان في البيعة ، مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر؛ أيهما أفضل ؟
فقدَّم قَوْمٌ عثمان ، وسكتوا ، أوربَّعوا بعلي .
وقدم قوم علياً .
وقوم توقفوا .
لكن استقر أمر أهل السنة على : تقديم عثمان ، ثم علي .
وإن كانت هذه المسألة – مسألة عثمان وعلي – ليست من الأصول التي يُضَلَّلُ المخالف فيها عند جمهور أهل السنة .
لكن المسألة التي يضلل المخالف فيها : مسألة الخلافة .
وذلك بأنهم يؤمنون : بأن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم .
ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء الأئمة ؛ فهو أضل من حمار أهله .
ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويتولونهم .
ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ حيث قال يوم غدير خُمّ : ((أُذَكِّرُكُم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي )) .
وقال أيضاً للعباس عمه ؛ وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم ؛ فقال : ((والذي نفسي بيده ؛ لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي)).
وقال : (( إن الله اصطفى إسماعيل ، واصطفى من بني إسماعيل كنانة ، واصطفى من كنانة قريشًا ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم )) .
ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين .
ويقرون : بأنهن أزواجه في الآخرة .
خصوصاً خديجة رضي الله عنها أم أكثر أولاده ، وأول من آمن به وعاضده على أمره ، وكان لها منه المنـزلة العلِيَّة .
والصديقة بنت الصديق رضي الله عنها التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم : (( فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام )) .
ويتبرؤون من :
طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم .
وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل .
ويمسكون عما شجر بين الصحابة .
ويقولون : إن هذه الآثار المروية في مساويهم :
منها ما هو كذب ، ومنها ما قد زِيدَ فيه ونُقِصَ ، وغُيِّرَ عن وجهه .
والصحيح منه هم فيه معذرون :
إما مجتهدون مصيبون .
وإما مجتهدون مخطئون .
وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره .
بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة .
ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر .
حتى إنه يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم ، لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم .
وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أنهم خير القرون )) .
وأن (( الْمُدَّ من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبًا ممن بعدهم )) .
ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب ؛ فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه ، أو غفر له بفضل سابقته ، أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذين هم أحق الناس بشفاعته ، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كُفِّرَ به عنه .
فإذا كان هذا في الذنوب المحققة ؛ فكيف بالأمور التي كانوا فيها مجتهدين : إن أصابوا ؛ فلهم أجران ، وإن أخطأوا ؛ فلهم أجر واحد ، والخطأ مغفور .
ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم ، من الإيمان بالله ورسوله ، والجهاد في سبيله ، والهجرة ، والنصرة ، والعلم النافع ، والعمل الصالح.
ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة ، وما مَنَّ الله عليهم به من الفضائل ؛ علم يقينًا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء .
لا كان ولا يكون مثلهم .
وأنهم هم صفوة الصفوة من قرون هذه الأمة ، التي هي خير الأمم وأكرمها على الله . |