البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : جذور الصراع الطائفي في العراق    قيّم
التقييم :
( من قبل 4 أعضاء )

رأي الوراق :

 صادق السعدي 
6 - مايو - 2012
 
 
    أسباب عديدة كانت تقف حائلا بيني وبين الكتابة في موضوع أراه يمثل جوهر المحنة التي عاشتها أمتنا العربية والإسلامية من قرون ولا زالت تعاني وتقاسي في ظل أوضاع عربية وإسلامية بائسة وكارثية يساهم الباحث والمثقف قبل رجل السياسة المنتفع في دعم مشاريع خطيرة مشبوهة يدفعه في ذلك قصور في الرؤية وفهم خاطيء لطبيعة الصراع التاريخي على أساس مسبقات وخلفيات تاريخية ومذهبية إذا جاز لرجل الشارع البسيط أن يسقط في فخّها، فمن المعيب أن يكون المثقف أو المفكر طرفا في صياغتها وتصديرها لوضع المزيد من الحطب على النار في قنوات إعلامية وصحف صفراء رخيصة مسيّسة الى قرونها والتي لا تنطح عدوا ولا تدفع الضرّ عن صديق. كنت كلّما تقدمت خطوة للكتابة في موضوع كهذا على أهميته وخطورته أجد الخوض فيه مجازفة لا تصرفني عنها خشية أحد من الناس أو خوف خسارة مادية أو معنوية، فليس عندي ما أخسره وأنا في الخمسين، أو أخشى ضياعه وأنا في بلال الغربة. ما أخشاه حقا أن لا أعطي موضوع في حقيقته مشروع لا أزعم أنه يرتقي الى مستوى وضع اليد على جوهر الصراع الذي كان ولازال يمزق الأمة الى طوائف وفرق متناحرة. فقد كتب الكثيرون في هذا المضمار، وأسهمت نخبة من رجال الفكر والثقافة والأدب في رأب الصدع ومحاولة تضييق الفجوة بين الأطراف المختلفة عن طريق الكتابة والمؤتمرات والندوات الدينية والثقافية. ولم تثمر كثيرا تلك الجهود المبذولة في جمع الأمة أو على أقل تقدير إيجاد قواسم مشتركة قد لا تعالج جوهر الصراع ولكن تجمع الأطراف المتخاصمة على أساس المصالح المشتركة والتنبيه على أن المعركة الحقيقية في ساحة أخرى ساهم العدو الحقيقي في ذكاء وتقنية عالية أن يجعل الحرب خارجها وفي بيت المختلفين من أبناء العمومة والخؤولة.
يتبع...
 1  2  3  4 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
أنشودة المطر     ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
أحببت العراق وأهل العراق وعشت سنوات طويلة عاشقاً لشعرائها وكتابها وقصاصيها .وأذكر والذاكرة جد خؤون بعضاً من عظمائها ..الجواهرى ونازك والسياب والبياتى والشاعر حسين مردان وأحفظ له قصيدة اسمها النهاية "أيامنا مرت سدى / مرت سدى /وضحكنا قد انتهى/ ولم نزل نغوص فى طين الرؤى/ وأنت عين تلتظى/ بلا سنا /ومبسم بلا منى/ ولا لمى /نحلم بالرجوع/ أو بالملتقى/ والموت فى وادى الأسى/ يصيح فى وادى الأسى /موت  سدى/ أيامنا مرت سدى/ وضحكنا قد انتهى/ وكل مانحمله من الهوى/ إلى الثرى" وعبدالمجيد الربيعى. ولا أنسى مجلة الأقلام والمورد وكتب الموسوعة الصغيرة ...
لكن القلق دائماً  يساورنى ،كلما شاهدت وسمعت عن الصراع بين السنة والشيعة وتأججه والاحتقان بينهما المتزايد بمضى السنين .
لماذا هذا القتال الشرس والعنيد الذى لا يهدأ ولاينطفئ؟؟
ولماذا أُبتليت العراق دون سواها من البلاد العربية بهذا الشقاق ؟؟
ولماذا يظل هذا الصراع مشتعلاً طوال القرون ؟؟
 أسئلة لا تموت بمرور سنى عمرى  شابا وشيخاً عجوزاً.
ومن خلال ما قرأته  منذ سنوات ، أن هذه الحرب الضروس بين العثمانيين والصفويين  تركزت على مناطق الأناضول "أرضروم -وتبريز" وعلى العراق بغداد -الموصل ....كمصالح إقتصادية وتجارية وأهمية استرتيجية للإمتداد الجغرافى من تبريز فالموصل  فبغداد فالبصرة فالخليج أو من ديار بكر إلى حلب إلى البحر المتوسط .. وما أضافه أستاذنا الجليل صادق السعدى "ولمّا كان الصراع سياسيا في طبيعته وجوهره، فقد قرر السلطان العثماني أن يصفي حسابه مع الدولة الصفوية التي كانت قد أخذت في الإتساع وتهديد تخوم الدولة العثمانية ولكن بغطاء مذهبي هو الثأرلأهل السنة في العراق. وبالفعل شنّ السلطان سليم الأول حملة شعواء على الشيعة في الأراضي التابعة لسلطة الدولة العثمانية، قتلا وتشريدا. وفي كل الاحوال لم يكن أكثر الضحايا طرفا في هذا الصراع المذهبي البغيض بين الفرس والعثمانيين".
لكن السؤال يكرر نفسه ويستأثر باهتمامى.
  لماذا يعود هذا التاريخ الدامى ليكرر نفسه ولكن بمصطلحات جديدة ونعرة مذهبية تأكل الأخضر واليابس وتفتك بالأرواح والأنفس ؟؟
هل هناك قوى خارجية  تؤججه؟ 
*عبدالرؤوف النويهى
17 - مايو - 2012
معتقد أهل السنة    كن أول من يقيّم
 
1)         أشكر للأستاذين الكريمين / زهير ظاظا ، وعبد الرؤوف النويهي على ما تفضَّلا به من التحية والسلام والتعليق على هذا الموضوع ، والحقيقة : أني وإن قَصَّرْتُ في حَقِّ أستاذنا النويهي بالزيارة أو الاتصال ؛= فإنه كان ولا يزال : حبيبًا إلى الروح قريبًا من القلب ، كَرَّمَهُ الله ، ومَتَّعَهُ بالصحة والعافية ، وأدام فيما بيننا المودَّة والمعروف .
2)         لم أكن أحبُّ أن أقطع تسلسل مقالات أ . صادق السعدي وتتابع أفكارها ؛ ولكن لمناسبة الموضوع وأهميته : أحببت إيرادَ هذا النَّقْلِ من متن العقيدة الواسطية لابن تيمية - غفر الله لنا وله ! - وقد حَفِظْتُهَا بحمد الله مُنذُ سَنَوَاتٍ في المرحلة الإعدادية .
----------------------------------------------
ومن أصول أهل السنة والجماعة :
سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كما وصفهم الله به في قوله تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (الحشر:10) .
وطاعةً للنبي صلى الله عليه وسلم في قوله : (( لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه )) .
ويقبلون ما جاء به الكتاب أو السنة أو الإجماع من فضائلهم ومراتبهم .
فيفضلون من أنفق من قبل الفتح - وهو صلح الحديبية - وقاتل على من أنفق من بعده وقاتل .
ويقدمون المهاجرين على الأنصار .
ويؤمنون بـ : أن الله تعالى قال لأهل بدر - وكانوا ثلاث مئة وبضعة عشر- : (( اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم )) .
وبأنه : (( لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة )) ؛ كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، بل قد رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وكانوا أكثر من ألف وأربع مائة .
ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ كالعشرة .
وكثابت بن قيس بن شماس ، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم .
ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره ؛ من أن خير هذه الأمة بعد نبيها : أبو بكر ، ثم عمر ، ويثلثون بعثمان ، ويربعون بعلي رضي الله عنهم ؛ كما دلت عليه الآثار .
وكما أجمعت الصحابة على تقديم عثمان في البيعة ، مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر؛ أيهما أفضل ؟
فقدَّم قَوْمٌ عثمان ، وسكتوا ، أوربَّعوا بعلي .
وقدم قوم علياً .
وقوم توقفوا .
لكن استقر أمر أهل السنة على : تقديم عثمان ، ثم علي .
وإن كانت هذه المسألة – مسألة عثمان وعلي – ليست من الأصول التي يُضَلَّلُ المخالف فيها عند جمهور أهل السنة .
لكن المسألة التي يضلل المخالف فيها : مسألة الخلافة .
وذلك بأنهم يؤمنون : بأن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم .
ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء الأئمة ؛ فهو أضل من حمار أهله .
ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويتولونهم .
ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ حيث قال يوم غدير خُمّ : ((أُذَكِّرُكُم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي )) .
وقال أيضاً للعباس عمه ؛ وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم ؛ فقال : ((والذي نفسي بيده ؛ لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي)).
وقال : (( إن الله اصطفى إسماعيل ، واصطفى من بني إسماعيل كنانة ، واصطفى من كنانة قريشًا ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم )) .
ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين .
ويقرون : بأنهن أزواجه في الآخرة .
خصوصاً خديجة رضي الله عنها أم أكثر أولاده ، وأول من آمن به وعاضده على أمره ، وكان لها منه المنـزلة العلِيَّة .
والصديقة بنت الصديق رضي الله عنها التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم : (( فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام )) .
ويتبرؤون من :
طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم .
وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل .
ويمسكون عما شجر بين الصحابة .
ويقولون : إن هذه الآثار المروية في مساويهم :
منها ما هو كذب ، ومنها ما قد زِيدَ فيه ونُقِصَ ، وغُيِّرَ عن وجهه .
والصحيح منه هم فيه معذرون :
إما مجتهدون مصيبون .
وإما مجتهدون مخطئون .
وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره .
بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة .
ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر .
حتى إنه يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم ، لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم .
وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أنهم خير القرون )) .
وأن (( الْمُدَّ من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبًا ممن بعدهم )) .
ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب ؛ فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه ، أو غفر له بفضل سابقته ، أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذين هم أحق الناس بشفاعته ، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كُفِّرَ به عنه .
فإذا كان هذا في الذنوب المحققة ؛ فكيف بالأمور التي كانوا فيها مجتهدين : إن أصابوا ؛ فلهم أجران ، وإن أخطأوا ؛ فلهم أجر واحد ، والخطأ مغفور .
ثم القدر الذي ينكر من  فعل بعضهم قليل نزر مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم ، من الإيمان بالله ورسوله ، والجهاد في سبيله ، والهجرة ، والنصرة ، والعلم النافع ، والعمل الصالح.
ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة ، وما مَنَّ الله عليهم به من الفضائل ؛ علم يقينًا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء .
لا كان ولا يكون مثلهم .
وأنهم هم صفوة الصفوة من قرون هذه الأمة ، التي هي خير الأمم وأكرمها على الله .
*محمود العسكري
17 - مايو - 2012
الى الأستاذ هشام     ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
   كنت أظن أن حبّ العراقيين لأهل الشام بسبب جوارهم للسيد زينب، حتى زرت الشام، هذا الحب الجارف لدمشق، هذه الوجوه الجميلة، الأزقة المتعرجة والأحياء القديمة، الجامع الشامخ العظيم، من شيد أركانه وأقام بنيانه؟ هذا التاريخ بكل عمقه وعنفوانه لمن يعود؟ للغساسنة؟ أم الرومان؟ أم الأمويين؟ كل هذا لا يهم، ليس في اهتمام أوتفكير البسطاء المحبين.
    على طاولة مستديرة، أو على دكة أو سكة من سكك دمشق القديمة، نجلس وجها لوجه، أو كتفا بجنب كتف، نشرب القهوة أو نحتسي الشاي، نتحدث بصوت مسموع وننظر بعفة الى جمال الدمشقيّات! أنا أعرف حب الشوام لجمال النساء، يموتون كما هو العراقي على أعتاب المرأة الجميلة. غزلهم رقيق عذب وصادق في عفافه. على دكة دمشقية نتبادل الكلام، وسوف نكتشف أننا لم نكن بعيدين، وأن المسافة بيننا قريبة، وأننا كنا مربوطين بذيل حمار، يجرنا الى النار! الجامع المشترك بيننا هو أن نكون أحرارا من هذه الأوزار يا أستاذ هشام.
 
*صادق السعدي
17 - مايو - 2012
الى الأستاذ محمود    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
    العقيدة الواسطية أو فتاوى المفيد! أو جهنم الحمراء! خيارات صعبة لم نضعها نحن لكي نكون مسؤولين عن وضع الحلول لها. لماذا بالضرورة هذا أو ذلك، أو التهديد بعقاب جهنم. أو على أقل تقدير زعل ومناكفة وشجار على أطمار أو أحجار!
   نحن بحاجة الى عقيدة وسطية ولا أنازع في العقيدة الواسطية في معناها ومضمونها يا أستاذ محمود ويا صديقي العزيز. حفّاظ الشعر والنثر كثر، لكنّ المبدعين منهم قلة. والتساؤل الذي طرحه الأستاذ النويهي يوما عن غياب الفيلسوف، هو نفسه مطروح في قضية المفكر الحر والسياسي الحر والضمير. لماذا لا يوجد في عالمنا العربي على ما هو ظاهر لنا على الأقل، مفكر حقيقي؟ لماذا نكتشف بعد حين أن الذي حسبناه مفكرا كبيرا كان لا يتورّع عن سرقة الأفكار من لغة أخرى غالبا، يعرف أن أغلب الناس يجهلونها أو لا يقرؤون بها!
    ليس موضوعي المتون ولا الهوامش والحواشي. وقد قيل من طلب الحواشي لم يصل الى شي مع ما فيها من علم نافع. ولو كان الطريق الى الحلّ بهذه الوسائط والطرق، ما اختلفنا وما زلنا منذ قرون. كل يغني على ليلاه، ويرقص على لحنه القديم الأثير.
    قبل ثلاثين عام، وبعدها بأعوام كنت أرى ما ترى، وأعتقد ما تعتقد، ولكن باتجاه آخر. فتنة المتون لا تقل عن فتنة المرأة وسحرها. ثم عام بعد عام كما قال المتنبي:
 
وأن مــن بـغــداد دارا لــــه            ليس مقيما في ذرى عضبه
لابــد للإنسان من ضـجعـــة           لا يُقلب المُضجع عن جنبـه
لو فكــّر العاشــق في منتهـى         حسن الذي يسبيـه لم يسبـــه
يموت راعي الضأن في جهله        موتـة جالينـوس في طبّـــــه
أحبك يا أستاذ محمود بقدر حبي لأهل مصر، وشهادة أستاذنا النويهي فيك ليست مجروحة. ولا أداريك إذا قلت كما قال المتنبي في سيف الدولة:
أحبك يا شمس الزمان وبدره       وإن لامني فيك السها والفراقد
وذاك لأن الفضل عندك باهر      وليس لأنّ العيش عنـدك بارد
فإنّ قليل الحب بالعقل صالح       وإنّ كثير الحبّ بالجهل فاسد
 
*صادق السعدي
17 - مايو - 2012
إلى الأستاذ صادق    كن أول من يقيّم
 
المسافة بيننا قريبة .. وستبقى قريبة 
*محمد هشام
18 - مايو - 2012
مجالس العزاء 1    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
   لا أعرف أنّ أمة من أمم الأرض قديما أو حديثا بكت على قادتها أو رجالاتها التاريخيين أو أئمتهم كبكاء الشيعة، ولا أقاموا مواكب العزاء تعبيرا عن الحزن والجزع عليهم كما هو الحال عند الشيعة. حتى بات الإنطباع السائد عنهم أنهم لا يحسنون شيئا كما يحسنون الندب واللطم وشق الرؤوس! وهي عندهم من الواجبات الدينية المقدسة، يتقربون فيها الى الله تعالى ويرجون ثوابه تعالى ويعتقدون أن النبي الكريم ينظر الى فعلهم ويبارك مواساتهم له في حفيده الشهيد. و قد كان أئمة أهل البيت- كما يعتقد الشيعة- يوصون شيعتهم بضرورة إحياء ذكرهم: أحيوا ذكرنا، رحم الله امرءا أحيا ذكرنا.
    وإذا كان الشيعة يفهمون من معنى الذكر الاقتداء بسيرتهم العطرة، فإنهم يرون أنّ إحياء ذكرهم يعني أيضا التذكير بمصائب أهل البيت وما لحقهم من الظلم والأذى والقتل. ما منّا إلا مقتول أو مسموم، كما تقول الرواية المنقولة عنهم.
    وشبهة التصفية الجسدية بواسطة السم قديمة، فقد ذكروا أن رسول الله نفسه مات مـتأثرا بالسم من فعل يهودية. ويتمادى خيال بعض الشيعة- وهم قلة- في اتهام أم المؤمنين عائشة بمساعدة حفصة بنت عمرفي تدبير ذلك الفعل! مستدلين بما حدث بعد ذلك من وصول أبي بكر للحكم تمهيدا لعمرالذي قدّمه في السقيفة، ليقدمه بعد ذلك برغبة شخصية تضامنية خليفة للمسليمن من بعده. وأعراض المرض التي ظهرت على أبي بكر قبل وأثناء وفاته كانت شبيهة بتلك الأعراض التي ظهرت على النبي وكانت سببا في وفاته. القصة نفس القصة، والمتهم واحد: اليهود!
  هل فعلها عمر؟! لم لا؟! هذا ماسمعته في إحدى المجالس الخاصة قبل ثلاثين سنة تقريبا، ولا أذكر إن كنت قد قرأت مثل هذا الاتهام في كتاب.
   وإذا كان أبو لؤلؤة قد طعن عمر بخنجر غيرمسموم، فإن شبهة تواطؤ بعض رجالات قريش المتضررين من سياسة عمر، بسبب العزل والمصادرة المالية ونية الخليفة إعادة النظر في سياسة توزيع العطاء، لم تكن غائبة عن ذهنية المؤرخ المنشغلة بفكرة التآمر والانقلاب على السلطة.
   وقد كانت هذه الشكوك تحوك أيضا في صدرالفاروق قبل غيره وهو على فراش الموت، فقد قال لابن عباس كما تقول الرواية: هل حدث هذا برضى من قريش!
    والسيف الذي قتل به علي بن أبي طالب كان مسموما. وكذلك ولده الحسن سمته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس كما يرى الشيعة بتحريض من معاوية. وبعض مؤرخي السنة يقبلها بصيغة التمريض!
 
*صادق السعدي
19 - مايو - 2012
مجالس العزاء 2    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
    هذا هو التاريخ من يرد أن يحرقه فليفعل. قررت أن أغوص الى آخر الجرح الغائر وإن كثر الصراخ وتوجّع المريض الذي يحب أن يعالج السرطان بحبة بانادول!
    شكك وادفع وانقض ما تحب وتريد، المحكمة عندها الأدلة والشهود وبالها طويل. إن أُنزل الستار، وانتهت المحاكمة التاريخية، سوف يغلق باب القضاء، ويجلس المحامون والقضاة والموظّفون ومن يعمل في إدارة شؤون المحكمة في بيوتهم متذمرين ساخطين. أرزاق تقطع، وعيال تشرّد. وقد قال يوما أحد القادة العرب لأمراء العرب الكرام: قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق. لم يفهموا الرسالة جيدا، فكانت النتيجة محرقة وعاصفة صحراء وضحايا وأشلاء، ويا حوم اتبع لو جرّينه!
   باللهجة العراقية، ولا تستقيم العبارة في مكانها من قلب الحدث الكبير إلا بهذه اللهجة التي لا يعرفها سوى أبناء البيوت العتيقة والقصب البردي، أصحاب الوجوه الشاحبة، والأسمال البالية،
 ماء زعاق وجوّ قاتم وهوىً  نتنٌ  وشدة حر غير مؤتمن
أنظر الى كل أهليها كأنهم    من السقام استحقوا الدرج بالكفن.
كما قال الرصافي يصف حال مدينة البصرة وحال أهلها قبل أكثر من ثمانين سنة. هذه المدينة التي تقوم خرائب بيوت أبنائها على بحيرات من النفط!
  أبناء الجنوب الثكالى المثقلون بالحزن والأسى والفقد ودفع الضرائب عن حماقات الغير وتجار الحروب ومن يريد تصفية حسابه مع الغير على أرض غير أرضه ودماء غير دمائه الزرقاء!
 
*صادق السعدي
19 - مايو - 2012
مجالس العزاء3    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
 
   أعود الى مواكب العزاء، ومسيرة الحزن التاريخي الطويل، سندنا في ذلك ما قال أصحاب الشأن أنّ أول من أقام مجالس العزاء الأئمة أنفسهم. فقد ذكروا أن علي بن الحسين الذي شهد أحداث كربلاء ومصرع أبيه وأهل بيته، كان إذا أراد أن يشرب الماء يبكي، فيقول له خادمه: أما لهذا الحزن من نهاية، فيجيبه: حتى الشاة تسقى قبل ذبحها وقد قتل أبي عطشانا ورضّت الخيول صدره، وقطع رأسه وطيف به في البلدان...
   بل قالوا إنّ أول من بكى على الحسين هو جده المصطفى عليه السلام. جاءت به أمه فاطمة بعد ولادته الى النبي، فحمله بين ذراعيه وضمّه الى صدره وبكى. سألته الزهراء: ما يبكيك يا أبتاه، قال: يقتل ولدك هذا في أرض تسمى كربلاء.
    فهل تاريخ أهل البيت على الأقل فيما نقله الرواة يمكن أن يساعدنا في قبول هذه الصورة الجنائزية والبكاء الدائم؟ فعلي بن الحسين الذي شهد مأساة كربلاء، كان قد انقطع الى العبادة والعلم ولم يشترك بعد ذلك في أي نشاط أو عمل معاد للحكم. وكان أهل المدينة قد ثاروا على يزيد بن معاوية، فاعتزل علي بن الحسين الناس ولم يشترك في الثورة. بل آوي آل مروان في بيته وجمعهم مع أسرته كما هي عادة هذه الأسرة في المروءة والكرم. وكان يعرف بالسجّاد لكثرة عبادته. أما ولده محمد فقد اشتهر بالعلم حتى سمّي بالباقر لغزارة علمه.
   وأما الإمام جعفر الصادق فقد ورث عن أبيه العلم والسماحة وأدب الحوار والتواضع، وملكة الفقه في الدين حتى صار إماما للأئمة وصاحب مدرسة فقهية. والشيعة الإثنى عشرية كانوا ولا زالوا يتعبدون بالمذهب الجعفري في الفقه. وقد وصفه الإمام مالك بقوله: كنت آتي جعفر بن محمد، وكان كثير التبسم، فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم اخضر واصفر. ولقد اختلفت إليه زمانا، فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصليّا، وإما صائما، وإما يقرأ القرآن. وما رأيته قط يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على الطهارة، ولا يتكلم فيما لا يعنيه. وكان من العلماء العباد الزهاد الذين يخشون الله، وما رأيته إلا يخرج الوسادة من تحته، ويجعلها تحتي...
 
*صادق السعدي
19 - مايو - 2012
مجالس العزاء4    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
 
هذه الصورة التي أجمع على صدقها الشيعة والسنة في وصف آل البيت: إيمان عميق بقضاء الله وقدره، وعزوف عن الدنيا إلا في الحدّ الأدنى من مطالبها وضروراتها، والإنقطاع للعبادة وطلب العلم وتدريسه لطالبيه من مختلف المشارب والمذاهب، تؤكد إيجابية أئمة أهل البيت عليهم السلام، وأنّ اعتزالهم الشأن السياسي نتيجة الأوضاع العصيبة والتجارب المريرة التي عرفوها، لم يمنعهم من المشاركة في أكثر من جانب من جوانب الحياة العلمية والإجتماعية والتربوية والأدبية.
   لا شكّ أنّ مقتل الحسين وآل بيته وصحبه كان خسارة عظيمة  للمسلمين لا يمكن التقليل من أثرها في نفس آل البيت من أسرة الحسين والطالبيين والهاشميين وكل من له صلة قربى بشهداء الطف. إن تلك الحادثة جعلت الجميع يدا واحدة مع اختلاف النوايا والأهداف، وجعلتهم ينقمون على الحكم الأموي، فكانت حركة التوابين ثم حركة المختار التي رفعت شعار: يالثارات الحسين. وكذلك ثورة عبد الله بن الزبير، وثورة أهل المدينة قبل ذلك لم تخل من خلفية وآثار مقتل الحسين. حتى الحركة العباسية كانت قد رفعت نفس الشعار وقاتلت به الأمويين وأسقطت دولتهم، ليتحوّل الشيعة من أصحاب حقّ في الخلافة كما كان المقرر في بداية الدعوة، الى أعداء للدولة الجديدة يجب استئصالهم.
   ويطول الحديث في الدوافع والأسباب التي جعلت الحزن والبكاء من أظهر ما يتميز به الفرد العراقي والشيعة من أبناء الجنوب على وجه الخصوص. قد يعود الأمر لطبيعة هذه البلاد وما كان يتعرض له العراق من غزو خارجي مستمرّ عبر تاريخه الطويل. وقد يكون بسبب الكوارث الطبيعية والأمراض التي كانت تفتك بالسكان، فتترك آثارا اجتماعية واقتصادية ونفسية عميقة في بنية المجتمع. وكذلك الفيضانات التي كانت تأتي في غير موسمها فتجلب معها الخراب، أو ما يحدث من تغيّر في مجرى دجلة والفرات بسبب انخفاض منسوب المياه أوفيضان عارم غالبا ما ينتج عنه هجرة السكان وخراب المدن القائمة على ضفاف النهرين. لعلها أسباب موضوعية مقبولة في تفسير ظاهرة الحزن والبكاء، حتى في أغاني أبناء جنوب العراق.
    وإذا ما علمنا أن تشيّع الكثير من القبائل العربية في جنوب العراق كان في وقت متأخرلا يمتدّ في عمقه التاريخيّ أكثر من ثلاثة قرون، يكون فصل السقيفة، ومظلومية الزهراء، واستشهاد الإمام الحسين، مجرد خطوط حادة في ذلك المشهد البعيد، خطوط أظهرت الملامح التاريخية الغائرة في موكب الرثاء والبكاء العراقي الشجي.
 
*صادق السعدي
19 - مايو - 2012
وقد أكون مخطئا    كن أول من يقيّم
 
 
   إذا كانت جهنم هي المكان الذي لا يموت فيها الإنسان ولا يحيا، فإننا نحيا منذ قرون في تاريخ جهنميّ لم نتجاوزه بعد، كما أنه لم يتجاوزنا. أما (أن الجدل في التاريخ عقيم ولا يعلمنا شيئا) فعلينا أولا أن نرفع عمر وعليا من المعادلة التاريخية حتى لا نصل الى نتيجة : صدام حسين وبشار الأسد!
    لماذا نستعمل كل أسلحة الجدل والأدلة المنطقية وغير المنطقية من أجل الدفاع عن موقفنا بثوب مذهبي وخلفية ورثناها عن السلف. ما يحدث في العراق وفي سوريا والبحرين ثم لبنان، والأطراف المتصارعة التي تصرّ على أن الحلّ في بغداد أو دمشق وبيروت، وربما القاهرة أوغيرها من البلاد العربية التي تشهد نزاعات وحروب داخلية، وليس الحلّ في البيت الابيض أو طهران أو الرياض. أي على طريقة: يكوى غيره وهو راتع!
   هل هذا أيضا جدل في تاريخ عقيم، أم حاضر مقيم. أين هو المنطق الذي يجعلني أترحم على هذا القائد بوصفه بطلا قوميا لا لأنه جعل من بلده الغني بثوراته، والذي كان الشيخ زايد رحم الله يتمنى أن يرى الإمارات قطعة من عاصمته، جنة على الارض، ولا لأنه فتح فلسطين التي من بيضها الثمين يأكلون كما قال نزار قباني، لا لهذا ولا لذاك، بل لأن هذا محسوب على السنة، والآخر على الشيعة.
   خطابين مختلفين متناقضين من صوت واحد، وقصائد عصماء في الذم والمدح لعملة واحدة وحزب واحدة ونهج واحد وسياسة واحدة، وضحايا قد يختلف عددهم هنا أوهناك، ملايين هنا وآلاف هناك... ومن قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا...
   قتلاكم في الجنة وقتلانا في النار. هذا صوت حاضر بيننا، أكبر منا جميعا وأقوى من كل قلم، وأبلغ من كل كلام. هذا ليس من  الماضي فنكون قد نبشناه وأخرجنا أجساد الموتى لنقيم عليها الحد. هل كان ذلك الذي أخرج الجماجم وسلاميّات الموتى من قبورهم ليقيم عليها الحدّ بسوطه، سلفا صالحا أم طالحا؟ أم السلف أيضا خيار وفقّوس! نحن في قلب العاصفة وعلى مركب واحد.
   ولو ترك القطا، لنام.
 
*صادق السعدي
21 - مايو - 2012
 1  2  3  4