عطر المفكر ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
رأي الوراق :
يؤكد العارفون أن العقاد كانت له علاقة غير شرعية بإحدى النساء، كانت ثمرتها فتاة اعتادت على زيارته بين الحين والآخر، وكان العقاد يعطف عليها من غير أن يعلن أبوته لها. بعد وفاة العقاد حضرت الفتاة كما ذكروا مجلس العزاء، فظنّت أسرة العقاد أنّها جاءت تطالب بالأرث، لأنهم- كما يظهر- كانوا على علم بتفاصيل تلك القصة، فطردوها من البيت، فانتحرت. قد تكون مثل هذه القصص من الأمور الشخصية كما يرى البعض، ولا يصح أن نحاكم من خلالها المثقف، بل علينا أن نفصل بين الشأن الشخصي، وبين دورالمثقف في الحياة الأجتماعية والفكرية وسارئر شؤون الحياة التي يساهم رجل الفكر بإثرائها من خلال الكتابة إذا كنا نحاسب رجل الشارع البسيط بوصفه فردا من أفراد المجتمع عندما يقوم بعمل يؤثر سلبا في الحياة العامة ، فمن باب أولى أن يكون المثقف في دائرة من يجب محاسبته أو معاتبته لطبيعة دوره وأهمية الأفكار التي يطرحها وأثرها في الناس. من الجدير بالذكر أن جان جاك روسو المفكر الفرنسي الشهير صاحب العقد الإجتماعي، كان قد كتب في مذكرته أمورا تتصل بالجانب الأخلاقي من سيرته، منها علاقته بمربيته مثلا، ولكن روسو لم يشر الى مسألة هي أكثر خطورة من ذلك، وهي إنجابه عدد من الأبناء غير الشرعيين ووضعهم في الملجأ. وهي حالة كما وصفها البعض تدل على خبث شريحة كبيرة من المثقفيين في إخفاء أفعال مشينة كبرى، بواسطة التطرّق الى مسائل تعد هفوات أو نزوات عابرة كما هو الحال في العلاقة مع النساء، لاسيما في مرحلة الشباب. وهي من الأمور التي لا يلتفت إليها في العادة أحد بالقياس الى مايُعدّ جريمة إجتماعية وأخلاقية مثل إنجاب أطفال غير شرعيين والتخلي عنهم ونبذهم في الملاجيء، والهروب من المسؤولية بضمير مستريح. ثم يتحدث هذا المفكر نفسه عن الأخلاق والعقد الإجتماعي. والكلام هنا عن القدوة والرمز سواء كان رجل دين أو رجل سياسة أو مثقفا يساهم في صياغة الفكر الثقافي والتربوي للمجتمع. قد يرى البعض أن أثر الحياة الشخصية لقادة الفكر وصنّاع القرارات السياسية وأصحاب النظريات الفلسفية الكبرة لا تؤثر إلا بقدر ضئيل فيما يكتبون وماينشرون. نحن نتحدث عن الإخلاق بمعناها العام، وإنعكاس ذلك على الوظيفة الثقافية والتربوية والإجتماعية والسياسية وسائر نشاط المثقف في الحياة العامة. فمثلا ينقل عن طه حسين أنه كان غاضبا من زكي مبارك لأنّه كان يمنح فؤاد سراج الدين درجة النجاح في مادة الأدب، دون أن يكون قد حضر وأدى ذلك الإمتحان بالفعل مقابل زجاجة كولونيا! ما قيمة مثل هذه القصص التي تتكرر يوميا في حياتنا سواء الخاصة منها والعامة؟ الإنسان يصيب ويخطيء وليس ملاكا، وما يعني ذلك، والدرجة التي كان يحتاجها الرجل لم تكن داخلة في صميم اختصاصة القانوني. إنها درجة في الأدب فرضت عليه فتحايل للتخلص من عبئها. والرجل لم يكن أستاذا للأدب أو اللغة العربية فيؤثر ذلك على مهنيّته في أداء عمله؟! ليس الهدف هو التعريض باحد، بل هو مجرد مثال من أمثلة عديدة سنشير إليها في حينها، الغرض منه التأكيد على أن الإنسان تاريخ متصل بعضه بالبعض الآخر، ونسيج عضوي ملتحم لا يمكن فصل ماضيه عن حاضره. فالرجل الذي نتحدث عنه كان رجل سياسة ومحاميا كبيرا وعضوا في حزب الوفد، ووزيرا للزراعة والمواصلات، ووزير داخلية ومالية. وسياسيا نشيطا. أعتقل عدد من المرات، وسجن عدد من المرات... دور سياسي، وآخر حزبي، ودور إقتصادي ومالي، ودور أمني، بل يقال أنه صاحب مجانية التعليم. من حقنا بعد ذلك أن نسأل: ماهو مقدار أثر زجاجة الكولونيا التي أشار إليها عميد الأدب في مجمل ذلك النشاط الكبير والمؤثر الذي لعبه الرجل في الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية والقانونية على مدى أكثر من خمسين سنة؟ وآخرون قصصهم أعجب. نستعرضها إن شاء الله في المجالس القادمة. |