المرأة الداعية كن أول من يقيّم
( وَظِيفَةٌ قَدِيمَةٌ شَاغِرَةٌ ) - النَّهْدَةُ وَالنَّهْضَةُ لا تكون بجناحٍ واحدٍ يَجْدِفُ ولا يطيرُ ، لذلك - فَإِنَّ الْجَنَاحَ الثَّانِي مِنَ الشَّرِيكَةِ الأُنثَوِيَّةِ بحاجةٍ إلى إثارةٍ مُلِحَّةٍ ؛ لِيُسْهِمَ في الإقلاعِ والتحليقِ إلى ارتفاعٍ أَعْلَى بصُورَةٍ أَجْلَى . - العلمُ هُوَ النُّورُ ، والشَّمْسُ لا يَنبَسِطُ ضياؤُها على مخلوقٍ دُونَ مخلوقٍ ، والمرأةُ كالرَّجُلِ جسدًا ورُوحًا وعَقْلاً ، فلا بُدَّ أن تَأْخُذَ حِصَّتَهَا من النُّورِ ، ومَجَالَهَا من الحركةِ ، وطَاقَتَها من التنفُّسِ ،= لِتَنْمُوَ مَوَاهِبُهَا الْخَلاَّقَةُ الإِبْدَاعِ إِلَى شَبَابٍ مُّكْتَمَلٍ . - بالمجتمعِ حاجةٌ مُلْحِفَةٌ إلى تحريرِ المرأةِ مِنَ التَّحْجِيمِ الْمُشَوِّه الذي تُعَانِي منه في كَثِيرٍ من الأحيانِ ، بطاعةٍ عَمْياءَ لعُرْفٍ أخرسَ ، أو فَهْمٍ مَغْلُوطٍ ، أو تجارةٍ مُجَرَّمةٍ ، أو أشياءَ أُخَرَ تتمالأُ وتتآمرُ = لتَحِيكَ للمرأةِ شُعًّا خبيثًا يُعِيقُ حركتَها ، ويعُطِّلُها من كُلِّ وظيفةٍ ، أو يُحَاصِرُها إلى قزامةٍ مُنَفِّرَةٍ . - وشَيْءٌ آخرُ - أكرَهُه ، ويستفِزُّ فِيَّ حساسيةً تجاهه : أنَّ الكلامَ عن قضايا المرأةِ في كثيرٍ من أطاريحِهِ يجيءُ في مَعْرِض الانتصافِ من الرَّجُلِ ، والأمرُ ليسَ كذلك ! ، فالحقُّ المكفولُ لا تحيله جميلاً مُتَطَوَّلاً به سماحةُ الاقتضاءِ ، ولا تحيله كذلك خصومةً لدودةً مماطلةُ القضاءِ ، لأن الرَّجُلَ والمرأةَ كليهما قد يقعانِ تحت سَطْوَةِ فِكْرٍ واحدٍ مُهَيْمِنٍ ، فليس أحدهما بأسعد حالاً من الآخر ، والمعطياتُ الجبريةُ المتناظرةُ للمرأةِ والرَّجُلِ في القَلْبِ الشاعرِ والعقلِ الْمُفَكِّرِ والجسدِ الكادحِ = ليس بها مِنْ خِصِّيصى تَحُوشُ كُلاًّ منهما إلى أصيدةٍ مُنْعَزِلةٍ غيرٍ مُخْتلِطَةٍ في شُعُورٍ أو فِكْرٍ أو كَدْحٍ . - ومن المعلوم الضروريِّ شريعةً : أنه لا نَصَّ ولا قياسَ ولا إجماعَ ولا أيَّ دليلِ أحكامٍ غيرِ هذهِ = يُفْهَمُ من خطابِه بالموافقةِ أو الْمُخالفة فَحْوَى أو لَحْنًا : حِرْمانُ المرأةِ من عِلْمٍ نافعٍ ترغبُ فيه استفادةً وإفادةً ، أو حِرْمانها من عملٍ صالحٍ تَقْدِرُ عليه وتساهمُ به في سُوقِ التعارُفِ الإِنسانِيِّ أَخْذًا وعطاءً . - نحن في آفاقِ الشريعةِ الرَّحْبةِ أكبرُ من أي مَنْهَجٍ غَرْبِيٍّ أو شَرْقِيٍّ يسمو ما يسمو - ويَظَلُّ رهينًا إلى الآخِيَةِ بوَهَقٍ من اللذة ، وكيفَ غيرُ ذلك لمن لا يغتذي بالإيمانِ النَّاضِجِ ؟! . - الغَرْبُ الكافرُ لا يتصوَّرُ نفسه بلا كأسِ خَمْرٍ ، أو شَريحةُ خِنـزِيرٍ ، أو دارِ قيادةٍ ، أو دخينةِ غِلْيُونٍ ، هذهِ السيئاتُ قاسمٌ مشتركٌ في تفكيرِ أفاضلِهم وأراذلِهِمْ على سواءٍ . - نحنُ في الإسلامِ : لا نعرفُ عُرْفًا غالِبًا يَشِذُّ عنِ الشريعةِ أَمْرًا أو نَهْيًا ، إنِ الْحُكْمُ إلا للهِ ، فالعتاقةُ الزمنِيَّةُ لوَضْعٍ اجتماعِيٍّ مُورِس رِدْحًا من الدَّهْرِ لا تُسْبِغُ عليه قداسةً معتبرةً ، فمناقضتُه لا تثيرُ استغرابَ الرانِي بالعينِ الفقيهةِ إلى المقاصدِ الكُلِّيَّةِ ، بل تثيرُ استغرابَ الناظرِ تحتَ الأقدامِ بتحفُّظٍ كريهٍ . - والحديثُ ذو شُجُونٍ تتداعى وفُنُونٍ تتشَعَّبُ ؛ فلا أسترسِلُ . - لا بُدَّ أن تتَّجِهَ وزاراتُ الأوقافِ والشُّؤُونِ الإسلاميةِ إلى إِحْدَاثِ وظيفةٍ جديدةٍ نسائيةٍ تحت اسمِ : ( إمامةٌ وخطيبةٌ ومُدَرِّسَةٌ ) ؛ كما هو الحال للرجال ، والمرأةُ التي تتقلَّدُ هذه الوظيفةَ يكونُ عملُها : إمامةُ النساءِ في المساجدِ ، والخطابةُ العامَّةُ فِيهِنَّ يومًا من الأسبوعِ ، وتدريسُ العلومِ الشرعِيَّةِ لَهُنَّ عَقِبَ الصَّلواتِ أو في أوقاتٍ مُّحَدَّدَةٍ ، وتكونُ لهذه الوظيفةِ مكافأةٌ شهريةٌ مستحَقَّةٌ ، كذلك إحداثُ وظيفةٍ جديدةٍ تحت اسم : ( شيخةُ مَقْرَأةٍ وأعضاءُ مقارئَ نسائِيَّةٍ ) على النحو الموجود للمقارئ المصرية حالاً . - بمثل هذه الوظائفِ الجديدةِ : يتأكَّدُ ويتقَدَّمُ الدَّوْرُ الرِّيادِيُّ للمرأةِ في الدَّعْوةِ والإرشادِ والوَعْيِ الدينِيِّ ، ويصبحُ مَرْأى هؤلاءِ الدَّاعياتِ الْمُتَمَيِّزَاتِ الأعمالِ والأزياءِ والألقابِ واقِعًا مألُوفًا مُؤَثِّرًا في حياةِ المجتمعِ ، فالمرأةُ بذلكَ تكونُ مُعَلِّمةً ومُرَبِّيَةً للأجيالِ في البيتِ ، والمدرسةِ ، والجامعةِ ، والمسجدِ ، وعَبْرَ الأثيرِ . - ولا بد أن يُتَّجَهَ أيضًا إلى إنشاءِ ( قنواتٍ نسائِيَّةٍ خاصَّةٍ ) عَبْرَ المذياعِ أو الرَّانِي تَبُثُّ البرامجَ العِلْمِيَّةَ والدَّعَوِيَّةَ ؛ كالتي تُقَدِّمُها إذاعةُ القُرْآنِ الكريمِ في مِصْر . - فِي مِصْرَ : تتخَرَّجُ كُلَّ عامٍ آلافُ من الطالباتِ منَ المعاهدِ الدينيةِ وكُلِّياتِ الدِّراساتِ الإسلاميةِ والعربيةِ ومعاهدِ القراءاتِ ، ولكن مجالاتِ العملِ التعليميِّ والدَّعَوِيِّ ما زالتْ محصُورَةً أمامَهُنَّ ، وهذا ما نَحْتَاجُ إلى فَكِّ حِصَارِهِ بانطلاقةٍ إلى أُفُقٍ أَرْحَبَ . - وكتجربةٍ شَخْصِيَّةٍ : فقد بَدَأْتُ – حَقًّا - في تدريبِ مجموعةٍ من طالباتِي على الخطابةِ والإلقاءِ ، وقدْ بَدَأْنَ يكتَسِبْنَ المهارةَ والكفاءةَ تَدْرِيجِيًّا ، والحمدُ للهِ . |