البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : مسؤولية المثقف وثمن الكلمة    كن أول من يقيّم
التقييم :

رأي الوراق :

 صادق السعدي 
19 - يوليو - 2011
  
 واجه العرب عموما والعراق بوجه الخصوص ثلاث مشاكل كبيرة ومعضلة بعد سقوط الدولة العثمانية، هي التي حددت فيما بعد واقع الأمة العربية التي تشرذمت الى أقطار ودول متعددة على أسس قبلية و دينية ومذهبية. المشكلة الأولى ولعلها الأكبر والأهم والتي منها تفرّعت مشاكل وأزمات أخرى، هي تركة الفترة العثمانية الثقيلة من الجهل والأمية وتفشي الفساد والمحسوبية والتخلف في جميع الأصعدة والميادين الثقافية والفكرية والإقتصادية والإجتماعية...
   وكانت بريطانيا قد وعدت العرب الذين ساندوها في حربها ضد الخلافة العثمانية حق تقرير المصير، وحرية اختيار من يحكمها ويكون قادرا على تحقيق تطلعاتها ومصالحها الوطنية. كما وعدت بمدّ يد العون والمساعدة في البناء والإعمار للخروج من واقع التخلف الحضاري والثقافي الذي فرضته الهيمنة العثمانية على المنطقة العربية لقرون طويلة.. لكن بريطانيا كانت قد لحست الكثير من وعودها التي أعطتها للعرب وأبدلتها بأتفاقيات ومعاهدات كانت وراء العديد من الإنتفاضات الشعبية في الأقطار العربية، وظهور أحزاب الرفض والممانعة التي  تسببت بدورها في مشاكل كثيرة فاقمت من أزمة الحكومات المتعاقبة في هذه الأقطار. 
   ولعل من الموضوعية والإنصاف أيضا أن نقول، ما دمت أتحدث في هذا القسم الذي أريد تخصيصه للحديث عن دور المثقف في العراق، أن كثيرا من السياسيين ووجهاء العراق هم من دفع بريطانيا الى التصرف بحذر كبير فيما يخص وضع العراق وشكل النظام الذي يجب أن يسود، نظرا لطبيعة هذا البلد من الناحية المذهبية والإثنية. فقد كان الأكراد يتطلعون الى دولة كردية تجمع شتاتهم في العراق وسوريا وإيران وتركيا. وكان الحلفاء قد وعدوا الأكراد في مد يد العون لهم ومساعدتهم في تحقيق حلمهم في ذلك. ولامجال للخوض في أسباب تخلي الدول المتحالفة عن الأكراد والتنصّل من وعودها لهم، لأن الحديث في ذلك يطول كما يختلف لأختلاف وجهات النظر في هذه القضية.
   أما عرب العراق فلم يكن موقفهم واحدا، كما لم تكن لهم رؤية واضحة أو ناضجة في الحكم. وكان مشروع الدولة العراقية بمعناها الصحيح غائبا عن أذهان أغلب العراقيين الذين ذهبوا في خطوة بائسة غير محسوبة ولا مدروسة- والتي سوف تظهر نتائجها السلبية بعد ذلك- في التطلع الى خارج العراق بحثا عن ملك يحكمهم! كانت هذه هي المشكلة الأخرى والتحدي الاكبرالذي تزامن مع وجود الجهل والتخلف وانعدام الكفاءات المطلوبة لإدارة شؤون البلد. مما جعل البعض يشكل وفدا لزيارة الشريف حسين يلتمس منه أن يبعث أحد أبنائه ليكون ملكا على العراق. كان هذا بالنسبة الى بريطانيا حلا وسطا ومناسبا للمشكلة المعقدة في هذا البلد. فالملك فيصل بن الحسين يمتد نسبه الى الإمام علي عليه السلام، وريث النبي الشرعي ووصيّه على الإمة من بعده كما يعتقد الشيعة، وهذا قد يبدو كافيا بالنسبة لشيعة العراق الذين قبلوا ذلك على تردد وحذر في أجواء من الإنقسام والإفتقار للوعي السياسي. ولما كان فيصل سنيّ المذهب، حصل التوافق ولو شكليا بين السنة والشيعة أن يتولى حكم العراق رجل من الأسرة الهاشمية.
    ولعليّ لا أغالي إن قلت أن العراق كان بالرغم من هذه التوافقات الشكلية من أكثر دول المنطقة في ذلك الوقت قدرة على تسوية أوضاعه الداخلية ولملمة نفسه، وترميم بيته الداخلي وإيجاد حلول لمشاكله في مجال التعليم والثقافة وبناء دولة قوية مستقرة. فقد كان هناك برلمان على ما فيه من عيوب ومساويء، وأحزاب سياسية، وصحف وحريّات مدنية بما يتناسب والظروف القائمة في حينها والتي لو قيست الى ما وصلت إليه أوضاعنا اليوم، لكانت في غاية الرقي والتقدم.
    لكن العامل الخارجي يعود مرة أخرى وبقوة هذه المرة ليلعب دوره غير الإيجابي في تشكيل خارطة الواقع السياسي في الوطن العربي، ويساهم في تحديد مسار مستقبله بعد نهاية الحرب الثانية. فكان قرار تقسيم فلسطين، ورفض العرب لهذا القرار باعتبار قضية فلسطين تخص العرب والمسلمين. وهكذا أصبحت قضية العرب الكبرى، كأن لم يكن لكل قطرعربي مشاكله الداخلية التي كادت بل كسرت ظهره، مما دفعت كل قطر الى تصدير أزماته ومشاكله الى الخارج، والهروب من مسؤوليّاته الداخلية واللعب بأوراق القضية الكبرى!
    وإذا كان العرب قد عجزوا عن إيجاد حلّ لقضاياهم الداخلية، فهم بالقطع أكثر عجزا في حل غيرها من قضايا لا تخصهم إلا بقدرما تجلب لهم من شهرة ومنافع شخصيّة، والتنصّل من المشاكل الداخلية وضرورة البحث الجاد عن حلول واقعية مناسبة لها، بدلا من تصدير شعارات الغرض منها خداع الجماهير وتضليلها وصرف أنظارها عما يفضح عورة الحاكم ويظهره في صورته وحجمه الحقيقي..
   في قلب هذا الصراع وما فيه من تناقضات حادة، كان لابد لصوت المثقف أن يكون صدى لهذه التناقضات، يشارك في صياغتها، ويعمل في نطاقها ويدفعها بقوة الى أن تفعل فعلها السلبي في نواحي الحياة وأشكالها المتعددة؛ إنطلاقا من مصلحة شخصية ونظرة نرجسية شكلتها ثقافة موروثة من عصور الهيمنة الأجنبية والشعور بالعجز، وواقع اجتماعي وسياسي وحضاري متخلف، أو شعور بالتعالي والإنكفاء على الذات ولعن الأوضاع، ووصف الجماهير بالرعاع والغوغاء. ويأس يدفع بالمثقف أحيانا الى الإيمان بالقدر والإستسلام والقبول بالواقع ومداهنته. كما يدفع آخرين كثر الى الإنتهازية والتصيّد واستثمار الفرص والتقلب في الأدوار و استبدال الأقنعة..
   ما هو دور المثقف في تشكيل منظومة القيم الدينية والثقافية والإجتماعية والسياسية في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية بمباركة أجنبية، وحتى سقوطها بقرار أجنبي.
ذلك محور حديثنا القادم إن شاء الله.
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
العرب    كن أول من يقيّم
 
العرب  عجزوا عن إيجاد حلّ لقضاياهم الداخلية .............
laid
21 - يوليو - 2011
ملوخية بالعفاريت000     كن أول من يقيّم
 
يا أمة ضحكت ...
 
وتحية صباحية عطرة
 
 
 
 
*abdelhafid
27 - يوليو - 2011
أباطيل عرقوب    كن أول من يقيّم
 
 
   كنت قد وعدت أن أتناول في حديث مقبل دور المثقف في العراق، ثم نويت أن أعرج بعد ذلك للحديث عن دور المثقف في مصر بوصفها الشريان المركزي للثقافة العربية، كانت ولا تزال على الرغم من التحولات الكبيرة التي حدثت خلال قرن أو أكثر من الزمان، تغذي فيه مصر العالم العربي بكل أشكال الإبداع الفني والثقافي والأدبي. وفي تفاعلها مع كل من العراق وبلاد الشام التي أصبحت بعد ذلك قطرين منفصلين هما سوريا ولبنان، كانت مصر هي مركز استقطاب الجميع وحاضنة الثقافة العربية.
   ولكن قبل الحديث عن دور المثقف في مصر، لابد من من الوفاء بالوعد الذي قطعناه غير جازمين، لأننا لا نملك جرأة الشيوخ الواثقين من وعودهم بالنصر المؤزّر والظفر العظيم. لعل في االوقت متسعا إن أراد الله لنا ذلك قبل حلول الشهر الفضيل، وقد استعد له البعض بشحذ سكّينه على أهل البدع والزيغ والضلال. شحذها كعادته بسم الله وحب الخير وجمع الشمل ووحدة الإمة والتقريب بينها. وليس من الغريب أن نعرف بالمصادفة أو الحدس أو من فلتات اللسان أن هؤلاء المحسنين من أهل الكرامة والنخوة من العاملين والساهرين على حب الألفة، قد فضلوا التريث لبعض الوقت بعد أن وضعوا عناوين عريضة تمهيدا لصراع الديكة. لكن المناخ كما أخبرهم بذلك الغراب الأسحم، قد اعتدل قليلا فلابد من العمل بتوقيت بين بين، أو العمل بمبدأ: هدني أهدّك. وهذا مبدأ عام وإن كانت صيغته عراقية. اتركني أتركك. لاتتحرش بي حتى لا أتحرش بك. أظن واضح! قد تسأل أين الوضوح في كل هذا الغموض والألغاز الملغمة؟! ألم أقل إننا على أبواب شهر الله الحرام. والشيء بالشيء يذكر، فقد قررأحدهم حج البيت المعمور، فقال له الناس: ما شأنك وبيت الله وأنت لم تترك محرما إلا وقد فعلته. هل هداك الله وعزمت على التوبة؟ قال: لا. إنما استهوتني عبارة البيت الحرام!
   أذن عملا بمبدأ هدني أهدك، وبناءا على إشارات بعيدة المدى رفع المانشيت العريض، الذي يدهن في كل رمضان بدهان المحبة والتسامح ... عسل أسود كما يقولون. وربما هو تكتيك ورد التحية بمثلها:
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم        ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوّم         ومن شاء تعويجي فإنّي معوّج
    وشعارهم في الحب! إن عدتم عدنا. فلعل وعسى لا تسمم بدننا في هذا الشهر الكريم كما في كل عام، حلوى رخيصة بعد الإفطارأو صلاة التراويح! يكفي ما نحن فيه من تخمة مقرفة، وتفاهات يقف عليها ويسيّرها عرابو ثقافة الدجل واللعب في بركة الدم الشريف.
    أشاهد العجب على الفضائيّات، وأقرأ المضحكات وما عشت فاقرأ عن المزايدين والمقامرين بسفه الكلام وانتحال الإباطيل.   
   نحن في شهر شعبان، وعلى الأبواب رمضان. والله المستعان.
    ومن الطريف ما دام حديثنا يدور حول أهمية الكلمة ومساهمة المثقف في بناء المجتمع أوهدمه، أذكر هنا قبل أن أختم كلامي لهذه الليلة،ما قاله أحد المثقفين من الأدباء من أن العالم لم يعرف الإستبداد والنظم الشمولية قبل عصر التوحيد الذي جاءت به الأديان السماوية من إبراهيم الى نبيّنا محمد (ص)! ليته جاء بشيء جديد نتفق عليه أو نختلف ليس في الأمر مشكلة. لكن هو التقليد وفي أسوأ أشكاله إثارة واستفزازا.
  
   والوجه الآخر لهذه العملات هو التطرف المقابل واليقين المبني على التمني والترجي وسذاجة الطرح. وكأن القضية عندهم مخارج حروف وليس البحث عن مخرج....
   وإن شاء الله لنا عودة...
*صادق السعدي
28 - يوليو - 2011
فانوس رمضان    كن أول من يقيّم
 
أقـبلت يا رمضان وجهك متعب عـيناك تذرف والجبين iiمعصّب
فـانوسك  المكسور مثل iiنفوسنا ومع  الظلام على القلوب iiمحبب
ما عاد صوتك في السحور يهزّنا فـنقوم  من فرح اللقاء iiونطرب
أقـبلت لا صوت علا في مسجد عـند الأذان ولا ضمير iiيغضب
وأراك وحدك في الطريق iiمشيّعا وكـما أتيت مع الحرائق iiتذهب
نـزل  الإمـام وقام في iiمحرابه مـن هـول نازلة يحدث iiأشعب
مـا  بـين ناب الأفعوان iiوسمّه سـيـكون أيسر ما تلزّ iiالعقرب
هذا  الدم المسفوح أكبر من iiفمي وأشـدّ  من وقع الحديد iiوأصلب
ويصوم  عن ذلّ الخنوع iiمرابطا ويدور  من كأس الكرامة iiيشرب
هـذا  الدم المسفوح ليس يسومه مهما  اختلفنا في المذاهب مذهب
 
*صادق السعدي
8 - أغسطس - 2011