البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : كيف حسبتها يا أبا الطيب؟    قيّم
التقييم :
( من قبل 3 أعضاء )

رأي الوراق :

 صادق السعدي 
19 - يونيو - 2011
 
أتى الزمان بنوه في شبيبته          فسرهم وأتيناه على الهرم
 
والذين هرموا في اننظار المخلص كثر. هذا الرجل الكهل بكل عفويّته وغيره ممن ماتوا وهم يحلمون، وحلموا وهم في لحظة الفجيعة أن شيئا ما لابدّ أن يكون في نهاية النفق المظلم.
 
لكن البداية التي أراها في هذه الأمسية وأنا في كامل اللاأبالية في التعبير والكياسة المعهودة في حضرة اللغة الكريمة أن تستميحنى ألف عذر وعذر. كنت قد وعدت أن تكون لي وقفة مع ما يجري في الشارع العربي من أحداث أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها غير متوقعة لا لأننا كنا قد آمنا بالواقع المر على أنه قدر مقدور من الله تعالى ولا غالب لقدره وقضاءه، ولا لأننا قد أدمنا عبادة الأصنام غير الآدمية فأصبح ذلك مالوفا بحكم التكيّف الشرطي، وإنما هناك- في ظني القاصر- جملة من المسائل التي يفترض الوقوف عندها وفهمها جيدا في سياق ما يجري من أحداث تعيدني الى زمن ليس ببعيد كثيرا.
 
قبل الدخول في التفاصيل لابد من الإشارة الى عنوان هذه الأمسية التي دخلتها من بيت أبي الطيب. ولأنني أجد مايحدث في غاية الغرائبية والريبة أيضا، تداعى الى ذهني الآن مشهد مصرع المنتنبي. وأغرب ما في قصة المتنبي أن يكون مقتله في أسخف قصيدة كتبها من ملأ الدنيا وشغل الناس قديما وما زال. قبح الله هذه اللحية يا سبّاب، ألست القائل:
 
الخيل والليل والبيداء تعرفني              والضرب والطعن والقرطاس والقلم
 
وأنا ذاك يا ابن اللخناء، هكذا نقل الرواة، قتل عددا من المهاجمين وجرح بعضهم، ثم خارت قواه فقتل مع ولده محسّد وغلمان كانوا معه. ولم تكن هذه نهاية الفاجعة. ذكر أحدهم أنه مرّ على مصرع المتنبي، فرأى بدنه مفصولا عن رأسه، والزنابير تدخل من فيه وتخرج من حلقه!
 
القمر كما يبدو لي من خلال النافذة  في تمامه وكما له، يعيد صياغة المشهد في المخيلة و يسقط ما يشاء من تفاصيل الصورة. وفي حساب النجوم وطوالع السعود والنحوس أقول خيرا إنشاء الله وأبدأ الحكاية:
 
في الساعة السابعة والنصف تماما سمعت صفارات الإنذار. كنت قد سهرت طوال الليل أنتظر ما يسفر عنه الصباح من تهديد كان جورج بوش الإبن قد وجهه لصدام حسين بضرب العراق إن لم يسحب قواته من الكويت. ولم يكن عندي غير المذياع وبالكاد كان قادرا على إيصالي بأخبار العالم الخارجي. ولمعرفتي بما يدور وأبعاد اللعبة! أدرت الموجة باتجاه إذاعة إسرائيل! طائرات التحالف بدأت هجومها على العراق، قصفت أهم الأماكن الحيوية والإستراتيجية..... اقشعر بدني، لم أستطع بالضبط تقييم مشاعري تجاه مايحدث في تلك اللحظة. سقوط هذا النظام بكل ظلمه واستبداده وعبثيّته كان حلما يعاقب عليه قانون البعث، لا فرق فالبعث هو البعث!
لكن ما هو الثمن؟ كنت بصدق مشوّش التفكير، تتنازعني نشوة الرجاء بالحرية ورغبة جامحة بضرورة تغيير هذا الواقع الهزيل المفجع.....
 
قبل ذلك بأعوام همس بأذني أحد المشايخ من آبائنا المفطورين بصدق الرؤيا: لو حدث يوما وقامت ثورة في العراق ضد النظام، فحاذر أن تكون وقودا لها. لقد اكتوينا بالنار قبلا وركبها غيرنا والنتيجة كما ترى.
 
واكتويت بالنار، وللحديث بقية..
 
 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
غير مأسوف على زمن ينقضي بالهم والحزن    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
ذكر الرواة أن ابن جني طلب من ولده إعراب هذا البيت فارتبك.
 
وسرّ الإرتباك عند القدماء لعله لا يختلف في جوهره وحقيقة أمره عن دواعي خوفنا وارتباكنا كلما أردنا التعبير والبوح والإعراب عما نشعر به، أو نجد من الضرورة قوله.
 
نحن مقموعون بارث نحمله تربّينا عليه من الصغر.نخاف من الكبار وإن لم يكونوا كبارا بالفعل وواقع الحال، لكنهم كبار كما يرون أنفسهم أو كما قيل لهم عن مواصفات الإنسان الكبير. طول وعرض، شارب يقف عليه الصقر- لماذا ليس غراب البين فهو أليق وأكثر صدقا إذا ما تصورنا الملازمة بين خبر الغراب وفعل هؤلاء- يخزي العين حوله، مالي هدومو.
كنتُ كثيرا ما أسأل عن سرّ التعتعة واحمرار وجوهنا ونحن نتحدث مع من يكبرنا في السن. كان في ظني أن الموضوع يتعلق باحترام الكبير وتوقيره. ربما كان الأمر كذلك من بعض وجوهه، لكن الوجه الآخر الذي أراه من ذلك، هو طبيعة القمع التي تتنقل كالوباء من جيل الى جيل. الطاعة العمياء. من يكبرك في يوم هو أفهم منك بالضرورة حتى لو لم يكن يفهم من هذه الدنيا غير إشباع البطن والفرج.
 
وهي إشكالية كبيرة حقا لا إستطيع أن أخوض بكل تفاصيلها، أو أتناولها من أبعاد أخرى لأنني لا زلتُ أيضا أحمل جرثومة الخوف والتردد ومقاربة الأشياء بحذر تحسبا من ملمسها الخشن. فما كل ما يعرف يقال، ولا كل ما يقال هو صواب أو حق. وإلا كنا مستبدين ونحن ضحايا الإستبداد. ومن قال أن الضحية لم يكن مستبدا يوما ما . كل برغوث على مقدار دمه. الأب على ولده، والزوج على زوجه إلا إذا كانت تمتاز عليه بالمال أو الجمال أو الخوف من مكانة أهلها. والزوجة أيضا لا تقل في استبدادها لو كان الزوج أضغف منها، بل لعلّها في ذلك أشد من بطش الرجل لما لها من إمكانيات ليست عند الرجل. ونحن نشاهد ما يجري هنا في الغرب من مآسي حتى داخل الأسرة المسلمة. وهذا جزء من مشهد الواقع المبرقع الذي رمّ على فساد.. والكل مسؤول.
 
 في لحظة الشعور بالقوة والسلطان، تتلاشى جميع الإبعاد، وينكشف الإنسان عاريا أمام نفسه المفطورة على العدوان واستغلال الضعيف. حيوان بكل امتياز. بل هو أضل.
 
يفال أن من أسباب نكبة البرامكة- هكذا عودنا جهابذة التاريخ في تبريره- قوله:
 
ليت هندا أنجزتنا ما تعد     وشفت أنفسنا مما تجـــد
واستبدت مرة واحـــدة      إنما العاجز من لا يستبد
 
وكيف لا يستبدّ وعرشه قد بات مرهونا في يد من أصبحوا عند العامة نجوم الدهر. أقسم أن لا ينام ليله والإسرة البرمكية على فراشها الوفير.
 
وهذه الأمسية كما سابقتها، محاولة لتمرين النفس، وتنشيط العقل علّه ينفك من عقاله، يكسر قيده، ويعرب ماليس تحته خط.
 
وأيضا للحديث بقية..
 
*صادق السعدي
20 - يونيو - 2011
شاعرنا الكبير    كن أول من يقيّم
 
شاعرنا الكبير صادق السعدى
عاطر التحية
فى انتظار بقية الحديث ..زدنا من حديث الحرية  والحياة  والأحلام الموؤدة
.
*عبدالرؤوف النويهى
22 - يونيو - 2011
عرس عبود    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
 
 
   كانت العربات العسكرية قد أخذت تشقّ الطريق الترابي داخل المعسكر في كل ليلة تقريبا. وبدأنا نسمع عن اعتقالات عشوائية للقوات العسكرية أو رجال الأمن السعودي. تدخل خيمة الرجل وتقوده باتجاه الحدود العراقية التي كانت تبعد مسافة عشرين كيلو مترا تقريبا عن معسكر رفحاء. كان الرجل يسلم الى الى رجال الإمن العراقي حيث يُجهل مصيره بعد ذلك. يقال والعهدة على من قال: كانت الصفقة مقابل عدد من زجاجات الخمرة المعتقة. دخل عليّ سليم ذات ليلة  وجسده ينتفض واطرافه ترتجف. لم أتبيّن إن كان ذلك بفعل الخوف أو بسبب البرد الشديد وقتها.
   هل سمعت صوت الرجل؟ سألني وأطرافه لا تزال ترتعش. قلت ُ: لا. عن أي صوت تتحدّث، أنا كنتُ نائما كما رأيت. قال: كان صوته يشق قلب الليل: وينكم يا أهل المروءة، وينكم يا أهل الإنتفاضة؟ راح يا خذوني- يعتقلوني-  ثم اختفى صوته. أجهش بالبكاء. لكنني لم أستطع ذلك. انحبست العبرة في صدري وشعرتُ بالضعف حتى على البكاء. سوف يسوقوننا كالنعاج الى زنازين بغداد واحدا بعد الآخر. يبدو أنه مخطط لأفراغ المعسكر وتنظيفه منّا تماما!
   كنتُ أشعر أن ارتعاشاته كانت تخفّ شيئا فشيئا كلما استمرّ في حديثه. تركته يتحدث. كنتُ بحاجة الى السماع أكثر من حاجتي للحديث. انتبه الى أنني لم أقل شيئا، توقف عن الكلام. فقلتُ له: سليم، يحضرني الآن موقف الحسين في كربلاء عندما قال لأصحابه في ليلة العاشر من محرم: يا أصحابي، هذا الليل قد غيشكم فاتخذوه جملا. إن القوم يطلبونني فلا تقتلوا أنفسكم وأنتم في حلّ من بيعتي- لاحظ سليم أن عينيّ كانتا تترقرقان بدموع عصيّة- لكن يا أصحابي، شقّوا صحراء الغاضرية واذهبوا بعيدا حتى لا تسمعوا صوت ناعية الحسين؛ فمن سمع ناعية الحسين ولم ينصرنا فقد استحقّ العذاب.
   كان عبود قد سمع أنه في قائمة  المطلوب اعتقالهم. لبس كفنه الأبيض، وهو يحمل خنجره في يده يمشي باتحاه البوابة الرئيسية للمعسكر. صرخ بأعلى صوته:
   أنا عبود، من يطلبني منكم فليخرج إلي! ومن يريد اعتقالي فليحملني جثة هامدة لصدام حسين.
   كان الجنود ينظرون الى الرجل وكأنهم يشاهدون فلما من أفلام التاريخ. وجم الجميع. وكأن الأرض قد انشقّت عن هذا الرجل الذي يقف في ثيابه البيضاء حاسرا عن صدره أمام الجند المدججين بالسلاح وهو يقول بلهجة التحدي: كونوا رجالا واطلقوا عليّ الرصاص، ولا تغزوا خيمتي ليلا  مثل اللصوص. جثة بلا روح، إذا اردتم جثة بلا روح فخذوها!
   دقائق معدودة فقط، ودوىّ فضاء المعسكر بصيحات: الله أكبر، الله أكبر. وتقدمت المجموع الغفيرة نحو بوابة المعسكر، وهم يحملون العصي والحجارة. حُمل عبود على الأكتاف وسط أهازيج الناس: بالروح بالدم نفديك يا عبود وهو يتوسل بهم: أرجوكم أنزلوني ترى رحت أبجي!
   إجتمع الوجهاء الذين يمثلون الناس داخل المعسكر وأقسموا أن لا تدخل بعد اليوم دورية جيش الى المعسكر إلا على أجسادهم. وكالعادة في كل ليلة، دخلت عربتان عسكريّتان تنهبان الطريق داخل المعسكر باطمئنان كبير. كان بعض الشباب قد نصبوا الكمائن في أنحاء متفرقة من المعسكر بين الخيام. فلما توسّطتا المعسكر انقضّ الرجال على الدوريّتين. أخذوا العربتين، ونزعوا سلاح الجنود وساقوهم الى إحدى الخيام.
   ساعات معدودة فقط، وسمعنا الرصاص في كل الإتجاهات. طوّق الجيش المعسكر من جميع المنافذ. سمعنا من مكبرات الصوت من يقول: يا فلان أخرج لكي نتكلم ونتفاوض!
-ما هذا الذي فعلتموه بدوريتنا؟ أين الجنود الآن. ماذا فعلتم بهم؟
- بل أنتم ماذا فعلتم برجالنا؟ هل هذه هي المروءة؟ ألم تقولوا لنا: أنتم ضيوف الملك! كيف تغيرون علينا في كل ليلة تعتقلون الرجال ثم تقومون بتسليمهم الى المخابرات العراقية وأنتم تعرفون وحشية النظام؟ أمّا جنودكم فهم عدنا في أمان وكرامة.
- لا علم لنا بما تقول. ونحن لم نأمر بشيء من ذلك.
- كيف لا تعلمون وأكثر من مئة وخمسين رجلا قد اعتقلوا و تمّ تسليمهم الى الأمن العراقي.
- أنت تتحدث عن أشخاص كانوا يخمّرون – يصنعون الخمرة- ويشربون. وأنتم تزعمون أنكم مجاهدون!
- كيف عرفت أنهم يفعلون ماذكرت؟ هل مؤذن المسجد الذي يشهد الجميع بصلاحه وتقواه حتى أنه لا يفارق المسجد كان يخمّر أيضا. فلماذا أخذتموه من خيمته قبل أيام؟ ثم كيف تقبلون شهادة من نعرفه وتعرفونه. وهو يسكر مع ضبّاطكم ليلا كما يشتغل قوّادا لهم والجميع يشهد بذلك!
وعلى فرض أن ما ذكرته صحيح، كيف تسلمون ضيوفكم الى أعدائهم؟
هذا الكلام فيه تجاوز. ولكننا مع ذلك سوف نقوم بالتحقيق وإذا كان ما تزعمه حقا قد وقع، فسوف نعاقب كل من فعل ذلك. كما أننا سوف نقوم بمنع دخول الدوريات وتجوالها داخل المعسكر. ولكم بعد ذلك الحرية في إدارة شؤونكم بأنفسكم دون تدخل الجيش إلا إذا طلبتم منّا المساعدة.
 
   وبقيت حكاية عبود الذي شقّ الأرض بكفنه الأبيض يتحدى الموت بصدره العاري، حديث الناس في المعسكر.
 
  كما كانت الليلة هي ليلة عبود بامتياز!
 
والحديث لم ينتهي بعد..
 
 
 
 
 
 
 
 
*صادق السعدي
22 - يونيو - 2011
إعتذار    كن أول من يقيّم
 
 
بعد النشر لا يمكن تدارك الأخطاء سواء كانت نحوية أو إملائية.
*صادق السعدي
22 - يونيو - 2011
المثقف الدجّال    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
 
 
 
قالت: طلّقته. سألها: طلّقك أم طلّقتيه؟ فشر بعينه، أنا الذي طلّقته!
كانت قد تزّوجته بأبيات من الشعر الحلال، وطلّقته لنفس السبب. هكذا قالت.
الشاعر إذن قادر على أن يمارس دورا شرعيّا وغير شرعي في الحياة الإجتماعية للناس. عملية من الدجل المزدوج مارسها ولايزال رجل الدين في التوفيق بين الدين والسياسة، والمثقف في الموازنة بين مصالحه الشخصية، وبين رضا الحاكم وتملّق الجماهير من خلال اللعب على حبال الكلمات التي تحتمل أكثر من دلالة وتقبل أكثر من تفسير.
المثقف ليس نبيّا ولا الشاعر قدّيسا. والشعب ليس على صواب بالضرورة. من قال الأكثرية على حق؟ بل العكس هو الصحيح. وهذا كتاب الله بين أيدينا ينطق بالحق ويؤكد هذه الحقيقة لمن يطلبها بصدق. وإذا كان الكتاب حمّال أوجه فكلّنا مع الكتاب!
في أحد قصور آل عثمان في استنبول، قرأتُ في القطعة المعلقة على أحد جدران الغرف الملكيّة، والمنقوشة بماء الذهب: الملوك ملهمون! إلتفتُ لصاحبي الذي كان معي في الرحلة فقلتُ له: الملوك عندكم ملهمون؟ قال: وعندكم؟ قلت، عندنا والحمد لله أجناس مختلفة، سلاجقة، بويهيّون، عثمانيّون، خروف أبيض، خروف أسود، مندوب سامي بريطاني، مندوب سامي أمريكي....
الشعب يريد إسقاط النظام، والنظام لا يرى مبرر لكل هذا. الذين يريدون إسقاط النظام فوضويّون، جهّال، مدسوسون، عملاء، مخرّبون، حشّاشون، خارجون على القانون، يعملون بأجندات خارجيّة. والأجندة كما هو ظاهر من لفظها، أجنبية دخيلة لا علاقة لها بالإسلام، ولا صلة تربطها بالعروبة.
كانت عندما تعود متأخرة يقول لها: يا ابنتي صحيح نحن نعيش في مجتمع غربي، لكننا مسلمون. تذكري ذلك يا ابنتي!
يا رجل، فكّها شويّه. حلال عليك حرام عليها! نسيت مأذونك الشعري وما فعله بزوجة الرجل:
 
فتقدمي يا قطتي الصغرى  إليّ تقدمي
وتحرري مما عليك وحطّمي وتحطّمي
فغدا شبابك ينطفي مثل الشعاع المضرم
وغدا سيذوي النهد والشفتان منك فأقدمي
وتفكّري بمصير نهدك بعد موت الموسم
لا تفزعي فاللثم للشعراء غير محرّم
نهداك ما خلقا للثم الثوب لكن للفمم
مجنونة من تحجب النهدين أو هي تحتمي
مجنونة من مرّ عهد شبابها لم تلثم
 
وللحديث بقيّة...
*صادق السعدي
28 - يونيو - 2011
ذهب الحصان وبقيت العربة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
 
   بعض الدول لا ترى أهمية كبيرة بالنسبة لتاريخها البعيد. فالحاضر بالنسبة إليها هو الأهم وهو ما يجب الإلتفات إليه وتوجيه العناية له والبحث عن سبل تطوير الحياة التي يعيشها الفرد في واقعه ومفردات حياته اليومية. فالتاريخ كما يرونه هو ما يصفه ديورات: من إملاء الهوى، وأكثره ظنون.
   لكن هل بالإمكان الحديث عن الواقع  منفصلا عن التاريخ؟  الحديث عن الثورة مثلا وانتفاضة الشعوب. هل ما يقع اليوم يمكن فصله عما حدث قبل ذلك  من تحوّلات كبرى في المنطقة العربية  من نتائجها ما نشهده الآن من انهيار ليس فقط في الجانب السياسي، إنما هناك تداعي هائل وكبير لمنظومة القيم الإجتماعية والفكرية والدينية والأخلاقية. ولست بصدد رصد وتقييم واقع ما يجري من متغيّرات متسارعة  من الصعب التكهّن إن كانت إيجابية أم سلبية بالنسبة للوضع العربي أو الإسلامي في المستقبل القريب أو البعيد.
   هناك مدرستان مختلفتان في رؤية المسار التاريخي للإمم والشعوب ومن يقف وراء التحوّلات الفارقة  والمدهشة في التاريخ. البعض يرى أن العبقرية والنبوغ الفردي هو الذي يوجّه التاريخ  ويصنع مساره في هذا الإتجاه أو ذاك، في الجانب السياسي كما في الجوانب الأخرى من الحياة الإجتماعية والدينية والفكرية والإقتصادية. الفرد هو القطب والمركز الذي يجذب الأشياء فتنقاد إليه وتدور في فلكه.
   ويرى البعض الآخر أن القضية  أشد تعقيدا من هذا التصور الساذج في نظرته الأحادية للتاريخ. الفرد فيه مجرد جزئية في منظومة كليّة مترابطة تصنعها عوامل متعددة إجتماعية واقتصادية ودينية وأخلاقية ونفسية، وانتفاضات طارئة غير محسوبة بدقة لكنها لا تخرج من السياق العام لحركة التغيّر المنطقي للإشياء.
   لو كانت تفاحة نيوتن الشهيرة – على فرض الأخذ بها – قد سقطت على رأس فلاح هل كانت تعني له شيئا يستحق التعليل أكثر من كونها ثمرة كانت قد نضجت فسقطت. لعلّ بالصدفة وقف على الغصن طائر صغير، أو هبت ريح خفيفة فعجّلت في االسقوط. لم تكن سببا، إنما الصدفة التي صاحبت السبب الحقيقي.
   هل كان المواطن البسيط صاحب العربة مثلا، سببا في تفجير الثورات في المنطقة العربية؟ هل أحرق الرجل نفسه لإحداث ثورة تطيح بالنظام، وتهزّ عروش أنظمة أخرى؟ أم هو اختيار الموت وسيلة للتخلص من القهر والفقر والهروب من سؤال من ينتظر أن يأتي له بالقوت في المساء؟
   من الطريف ما حدث لأخي قبل أكثر من ثلاثين عاما. خرج من البيت ليلا، وكانت الريح تعصف في الزقاق الضيّق. بعد دقائق معدودة سمعنا الصراخ: حرامي، حرامي!
   خرج أهل المحلة- الزقاق- ماذا حدث! قال جارنا وهو في حالة ذعر شديد: رأيته، رجلا طويلا، ضخم الجثة، يغطي اللثام نصف وجهه وعيناه تبرقان بشكل مخيف، بيده طبر عريض. كيف اختفى لا أدري والله؟! كأن الريح قد حملته الى السماء!
عاد أخي بعد ساعة تقريبا. قلنا له أين كنت؟ سمعت بقصة الحرامي الذي أراد السطو على بيت جارنا؟ الناس خائفون أن يكون ( أبو طبر) قد عاد مرّة أخرى!
   قال أخي: أنا الحرامي!! وبادرنا ونحن لانزال في حالة الدهشة وعدم التصديق: خرجت من البيت، ماهي إلا خطوات حتى وجدت الريح قد ضربت بعنف باب جارنا سيد سلطان، فانفتح الباب محدثا دويّا هائلا. ثم سمعت الصراخ: حرامي، حرامي! خفت وارتبكت، وبلا شعور أطلقت ساقي في اتجاه الريح التي حملتني معها وقذفت بي خارج الزقاق.
   لم نجرأ بعد ذلك أن نخبر جارنا بحقيقة ما وقع، مع أن المسألة كانت بسيطة جدا لا تسبب أي مشكلة في حالة معرفة حقيقة ما وقع. ربما لأننا خشينا أن يكذبنا جارنا ويصرّ على صحة ما شاهد، أو أن يتهم أخي أنه بالفعل من جماعة ( أبو طبر).
   رحل بوعزيزي رحمه الله، وبقيت العربة في سوق المزاد تبحث عن قنّاصي الفرص، ومن يركبها أولا!
وللحديث صلة...
*صادق السعدي
3 - يوليو - 2011
الطنطل والعصا وأبو طبر    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
 
    في العادة أن الأب هو من يلوّح لولده غيرالمطيع بالعصا، أما الأم مكسورة الجناح فتخوّف أبناءها بالطنطل! حتى عندما يكبر أحدنا ويشبّ عن الطوق، لا يستطيع نسيان الطنطل. عندما يتشاجر أحدهم مع غيره ويتظاهر بالقوة ويدعو الى التحدّي، يقول له خصمه: لا تصير طنطل براسي! أي لا تتظاهر بالشجاعة فلست أخاف من ذلك.
   وفي كل ميدان من ميادين الحياة العامة تجد الحاجة لوجود طنطل ما يمثل وظيفة اجتماعية أو دينية أوسياسية.. في بداية السبعينيات من القرن الماضي، ظهر مصارع في العراق اسمه عدنان القيسي. أصبح هذا الرجل اسطورة في بلد يعشق الأساطير، ويمجّد الأبطال الطناطل! ويتداوى بكرامات الاولياء، ويتصاحب الفقر فيه مع الغنى ولا يرفع أحدهما الآخر على رغم أنف المنطق. لم ينازل أحدا من أبطال العالم إلا غلبه وأذلّه أمام الجماهيرالتي كانت تحتشد في الملعب أو تجلس أمام التلفاز في البيوت والمقاهي. أصبح هذا البطل الأسطوري خبز الناس وفاكهتم. أدرك الكثيرون أسرار هذه اللعبة المفضوحة وأبعادها، لكنهم وجدوا أنفسهم بحكم التعوّد وحبّ التسلية، يصفّقون مع من يصفّق، كلما شاهدوا بطلهم يرفع خصمه بطل العالم بالمصارعة ويهوي به الى الأرض، ويصيحون: عدنان، عكسيّة، عكسيّة! وهي الضربة التي اشتهر بها هذا المصارع حيث يهزم خصمه وينهي النزال لصالحه، بالعكسيّة!
   أصبح عدنان القيسي أغنية على فم الصبايا الحالمات:
 عدنان القيسي يكول كصّن شعرجن
سوّن ذيل الحصان واني بطلجن
 والمثال الذي يسعى كل شاب للإقتداء به لا سيما تقليد ضربته التي خلقت مشاكل عديدة في العراق، مما دفع الدولة وقتها الى إنهاء هذه اللعبة التي كانت قد استنفذت أغراضها!
   وكان قد تزامن مع جود هذه اللعبة ظهور مسرحية إسمها:(أبو طبر)! طنطل من طناطل الظلام. كان سلاحه الوحيد هو الطبر- الساطور- ينتقل بين البيوت، لا تعيقه الأبواب المقفلة بإحكام، ولا الشبابيك الحديدية. يصطاد ضحيّته في الوقت الذي يريد، والمكان الذي يحب دون أن يترك أثرا يدل عليه. يقتل لأجل القتل! ويتوعّد الناس بالموت واحدا بعد الآخر. أدخل الرعب قي قلوب العراقيين. الكل أصبح هدفا ل ( أبو طبر)! صار الناس ينامون في النهار، ويسهرون في الليل خوفا من الطنطل السفّاح.
   وبدأ الجار يهمس في أذن جاره: أتظن أن الحكومة متورّطة  في هذا الأمر! لقد اعتقلوا الكثير من الناس، ولايزال هذا المجرم طليقا. كل الذين قبصت عليهم السلطة ليلا كانوا من مساعدي الطنطل. ولم يكن الطنطل من بينهم. أصبح الأمر الآن واضحا عند الناس! واضطرّت السلطة الى إنهاء هذه المسرحيّة أيضا.
  وكان الفصل الأخير على شاشة التلفاز؛ يُضحك الثكلى:
هذا أبو طبر!!
 
*صادق السعدي
5 - يوليو - 2011
ثوب عنترة ووجه شيبوب    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
 
   وعاد أخيرا من رحلته المحفوفة بالأهوال والمخاطر على حمار ضال في صحراء الجزيرة العربية. ذهب بحثا عن النوق الصافير مهرا لحبيبته عبلة. وعاد بعد أن تعرّض لضربة شمس غير مسبوقة في تاريخ هذه المنطقة. نفق حصانه في رحلة المغامرة، وحالفه القدر الذي لامردّ لحكمه وقضائه، فوجد مركوبا لم يكن مناسبا لكنه يفي بالغرض والوصول الى مضارب بني عبس. أقبل وقد تغيّرت سحنته وانطمست ملامحه، وألبسته حرارة الشمس ثوبا من القطران احتفاءا بعودة ابنها البارالى حومة الدار.
   وانقسم الناس سماطين، وهكذا هم في كل زمن منقسمون في شأن أبطالهم التاريخيين. بنو عبس يصفّقون ويهللون: عنترة، عاد عنترة ومعه النوق العصافير مهر الغالية عبلة. وذبيان تسخر من هذا الإدعاء الكاذب الرخيص، وتصرّ أنّه شيبوب في ثياب عنترة.
   يبحث في مضارب القبيلة، يقلّب وجوه النساء بأجفان أحرقها لهيب العشق وحلم العودة، وعينين غائرتين من تعب السفر ومخاطر الطريق. لا يزال في الأفق خيط من ضوء الأمل يتبدّى شاحبا. ما زالت النوق العصافير بين يديه، وحمار يركبه، وسيف بتّار ورهان مع الزمن. لا بديل سوى الصبر والجلد، أو المنافي ولعنة التاريخ الذي لا يرحم المنهزمين:
 من الحلم أن تستعمل الجهل دونه          إذا اتسعت في الحلم طرق المظالم
وأن ترد المــــاء الذي شطـــره دم          فتسقي إذا لم يسـق من لم يزاحــم
ومـن عـرف الأيام معـرفتي بـــها           وبالناس روّى رمحـه غير راحـم
فلـيـس بمرحـوم إذا ظفـروا بـــــه           ولا بالردى الجاري عليـهم بآثــم
   ظنّ القذّافي أن مداهنة أمريكا سوف تجعله في أمان يحكم هو وأبناءه من بعده، وأن تعويض ضحايا لوكربي بمليارات الدولارات ترسّخ قدمه أكثر في أرض ليبيا. قال بعد أن تعنتر لسنوات، ورفع سيفه في وجه الصليبيين والإستعمار: أمريكا دولة عظمى، شئنا أم أبينا! علينا أن نكون واقعيين ونتعامل معها على هذا الأساس، وإلا داستنا الأقدام! نفس اللعبة تتكرر في نفس الطريقة الساذجة والملعونة، يمارسها الحكام الذين أصبحوا كأنهم دمى متشابهة تتحرك بوتيرة واحدة على نغمة واحدة: الموت لأمريكا، الموت للصهيونية، تعيش فلسطين عربية حرة. عاش الشعب- بالأمس كان يقتل الآلاف من أبناء شعبه ويفتخر بكل وقاحة أمام الناس أنه لا يرفّ له جفن وهو يفعل هذا بالخونة وعملاء الإستعمار! حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين. وجبت لك الجنة إذن بفتوى مشايخ السلطان وعلى الضحايا السلام!
  صرنا من فقرنا نستشهد بأقوال الصهاينة: العرب لا يقرؤون، وإذا قرأوا لا يفهمون. وإذا فهمنا لا نعمل بطبيعة الحال وحكم العادة. قال لي أحدهم هنا: أنظر الى أحوال العرب، وانظر الى إسرائيل، هل كان بإمكانكم لو حكمتم هذه الأرض أن تجعلوها أجمل مما هي الآن! كانت الإجابة على طرف لساني، لكني تذكرت شعارات الحاكم العربي، فآثرت الصمت على مضض.
   وأخيرا وليس آخرا، بارك البشير تقسيم السودان بالعدل والإحسان، بعد أن كان يلوّح بعصاه الشهيرة في وجه أعداء الوحدة ودعاة الإنفصال. فعصفور في اليد، خير من عشرة على الشجرة، وربما المنفى والسجن. وليذهب الوطن الى الجحيم! 
 
*صادق السعدي
10 - يوليو - 2011
"من يصبن أحسن " ؟؟؟    كن أول من يقيّم
 
(1×3)  
 
 
 
*abdelhafid
11 - يوليو - 2011
الشعراوي ومبارك..    كن أول من يقيّم
 
 
بدون تعليق.....
*abdelhafid
20 - يوليو - 2011