بسم الله الرحمن الرحيم طلب العلم فريضة لقد حثنا ربنا عز وجل على طلب العلم فى مواضع كثيرة من القرآن الكريم فقال- جل شأنه – بصيغة الأمر{اقرأ}ولم يذكر سبحانه الشيئ المراد قرائته أى أنه لم يذكر المفعول به وذلك ليعطى إشارة بأن القراءة لاتقتصر على شيئ معين بل هى متاحة فى كل شيئ ولكل شيئ بشروطها وآدابها وقواعدها التى تأتى على إثرها الفائدة المرجوة من القراءة. وفى موضع آخر يأتى قول الله عزوجل{قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون} وقوله سبحانه {وما يعقلها إلا العالمون}... وغيرها من الآيات التى الكثيرة التى تبين وتؤكد ضرورة طلب العلم. أما إذا نظرنا فى ميراث النبى – صلى الله عليه وسلم – رأينا نورا يشع ببشارة مباركة من النبى – صلى الله عليه وسلم – ألا وهى (العلماء ورثة الأنبياء) وأى ميراث أفضل وأزكى وأغلى وأشرف من هذا الميراث، لذلك نرى فى حديث آخر (من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين) ثم يأتى دور البيان المتضمن للقاعدة الرائعة التى هى (طلب العلم فريضة)... كل هذه النصوص المتلألئة لا يستطيع أحد أن يعيها جيدا إلا رجل مثل الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – الذى رحل وارتحل فى طلب العلم – ليس إلا – إلى الثغور والشامات والسواحل والمغرب وكذا الجزائر ومكة والمدينة والحجاز واليمن والعراقين جميعا وفارس وخرسان والجبال والأطراف، ثم عاد إلى بغداد، أى أنه طاف جل ما يعرف من الكرة الأرضية – فى ذلك الزمان ، على دابته أو حتى على قدميه أقول ماذا لو تيسر للإمام ما تيسر لنا من وسائل المواصلات؟!!! إن الإمام كان يرتحل من مَصر إلى مصر، ومن قُطر إلى قُطر ربما ليسمع حتى لو حديثًا واحدًا من إمام أو شيخ ثقة، حتى حفظ أكثر من ألف ألف حديث جمع منها ستين ألف حديث ثم انتقى منها أربعين ألفا فى مسنده،حتى لقب بأمير المؤمنين فى الحديث ثم أتساءل: ماذا لو توفرت للإمام ما توفر لنا من وسائل التعليم والتعلم من موسوعات ومجموعات وسلاسل فى الحديث ؟ ثم ماذا لو توفر لديه وفى بيته وبأقل جهد مثل هذه القنوات الإسلامية التى تنشر العلم على أيدى علماء أفاضل من جميع أنحاء المعمورة؟!!!! لذلك أستطيع أن أقول: إننا وبلا شك ما زلنا لم نؤدى تلك الفريضة بعد على الوجه الذى ينبغي. وأنبه على ما نبه عليه ابن عبد البر أن طلب العلم درجات ومناقل ورتب لا ينبغي تعديها ومن تعداها جملة فقد تعدى سبيل السلف ومن تعدى سبيلهم عامدا ضل ومن تعداه مجتهدا زل، فأول العلم حفظ كتاب الله وتفهمه أسأل الله العلى القدير أن يرزقنا – جميعا- فهم كتابه والعمل بما فيه إنه على ذلك قدير. وللحديث بقية إن شاء الله تعالى. كتبه/محمد عبد العزيز إبراهيم الزيات |