البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : في تاريخنا عبرة لأولي الأبصار    قيّم
التقييم :
( من قبل 4 أعضاء )

رأي الوراق :

 ياسين الشيخ سليمان 
17 - نوفمبر - 2010
في تاريخنا عبرة لأولي الأبصار
في هذا الملف أحاول استخلاص بعض العبر من تاريخنا السياسي وما حفل به من أحداث. أما المصادر والمراجع التي اعتمدتها فسوف أذكرها في الآخر:
أبو مسلم الخراساني، الذي كان وفيا لبني العباس أيما وفاء، وكان داعية إليهم، والذي قام بتوطيد أركان الخلافة العباسية في خراسان وغيرها ؛ مرتكبا الكثير من الجرائم في سبيل ذلك، انتهى أمره إلى القتل على أيدي من كان وفيا لهم.
إن في قصة مقتل أبي مسلم وفي قصص الكثير من القادة ؛ من خلفاء ، وأمراء، ووزراء، والعديد من العلماء... مما ورد ذكره في كتب التراث العربي الإسلامي ، ومما حفل به التاريخ الحديث أيضا من أحداث، لعبرة نستخلص منها أن منهج القادة السياسي لا يقوم على الأخلاق الكريمة ورعاية الذمم، وإنما يقوم على المصالح والشهوات والمنافع الدنيوية، وعلى رأسها شهوة الحكم والسيطرة.
لقد كان أحرى بالسياسة وأصحابها أن يكون فيهم وفيها للدين وما يحث عليه من خلق قويم النصيب الأكبر؛ ولكن الواقع التاريخي؛ ماضيا وحاضرا، ينبئنا أن السياسة لم تكن في يوم من الأيام كذلك، خلا سياسة الأنبياء والرسل والثلة التي سارت على نهجهم.
 لقد تسلط المستبدون برأيهم على الشعوب باسم الدين، فأوّلوا أحكامه وفقا لمصالحهم ولما تمليه عليهم أهواؤهم ونزواتهم، وكأن الدين ارتضاه الله لنصرة الظلمة المستبدين ، ولم يرتضه لنصرة المستضعفين المقهورين!
وكأني بأبي مسلم، وقد ساهم في إنشاء الدولة العباسية مساهمة فعالة، قد ظن أن مساهمته تلك تنفعه عند أبي جعفر المنصور، فتحميه من القتل؛ ولكن الحقيقة كانت عكس ذلك تماما. فبعيد وفاة السفاح زادت أحوال أبي مسلم مع المنصور سوءاً، وآلت إلى نهاية مفجعة.
لقد ذكرت كتب التراث إن أبا مسلم لم يكن يعبأ بالمنصور في حياة السفاح ولم يكن يطيع له أمرا ، وكان ينافسه أحيانا في بعض الأمور، وإن أبا مسلم ادعى النسبة لبني العباس، وانه تجرأ على أن يخطب عمة المنصور لنفسه؛ ولكن هذا كله ربما لم يكن سببا رئيسيا ووحيدا، وإن كان مهما، لنقمة المنصور عليه..
كان أبو جعفر المنصور يخشى على دولة بني العباس الفتية من أن ينقض قواعدها أبو مسلم، الذي ذاع صيته واشتهر أيام أبي العباس السفاح حتى قصده الناس من كل صوب، ودانت له خراسان بعد أن فتك بالأمويين ولم يدع فيها لسانا ينطق بالعربية ، وتشبه بالملوك، وهابه القادة الكبار .
كان أبو مسلم يشعر بخشية المنصور منه ؛ ولكنه مع ذلك لم يتمكن من مخالفة أمر المنصور بالقدوم إليه ليتخلص المنصور منه وبالتالي من نفوذه . لقد وفد الخراساني على المنصور لما أرسل إليه بالرغم من النصائح التي أسداها إليه صحبه ومن تحت إمرته بأن لا يلتقي المنصور، فالمنصور قاتله لا محالة.  
لم يستطع الخراساني الاستجابة لتلك النصائح. فالعباسيون عشيرة حكمت الناس مستندة إلى قرابتها للنبي صلوات الله عليه، وليس من السهل أبدا على أبي مسلم الخراساني أو غيره الإطاحة ببني العباس أو حتى مخالفة أوامرهم إلا أن يدعو إلى طاعة غيرهم من أقرباء النبي وحفدته من العلويين ، وهذا ما يمكن أن يكون المنصور الفقيه الداهية قد حسب له كل حساب، واهتم منه كل اهتمام ، بل لحقه منه غم عظيم لم يزل عنه إلا بزوال أبي مسلم من الوجود.
 فالدعوة إلى العلويين تهمة لحقت بأبي سلمة الخلال، منافس أبي مسلم، والذي كان من أهم دعاة العباسيين ثم وزيرا للسفاح، وقد تنكر له السفاح لما بلغه عنه ذلك .. قُتل الخلال غيلة، ويقال إن أبا مسلم الخراساني دبر مقتله، وإن السفاح لما علم بقتله أنشد:
إلى النار فليذهب ومن كان مثله على أي شيء فاتنا منه iiنأسف!
إن سبب مقتل أبي سلمة الخلال يعد مؤشرا واضحا على خشية المنصور من انتقال الخلافة من بني العباس(ر) إلى بني علي بن أبي طالب(ر).
البقية تأتي..
 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
مبدأ الشورى مبدأ فطري    كن أول من يقيّم
 
تحياتي أستاذنا الدمنهوري ، وشكرا لك على هذه المساهمة الهامة المفيدة، ذات اللغة والأسلوب الرائعين،
إن من أهدافي في هذا الملف بلا ريب أن أتعظ من حالنا الماضية لأنظر كم وكيف تنفع الموعظة في حالنا الحاضرة ، مع ركوبي مركب العقل والعقلانية؛ مبحرا نحو شاطئ السلامة الفكرية ما أمكنني، وذلك بابتعادي ، ولو مجبرا أحيانا،عن العاطفة والتحيز لبني ديني وجنسي . فالنقد الذاتي لدي كأنه طبع طبعه الله فيّ في سن باكرة. وكم تفكرت في هذا الطبع فوجدته أقرب ما يكون إلى الحق، وأبعد ما يكون عن الضلال.
إن تاريخنا العربي الإسلامي لا يخلو كما نعلم كلنا من محاسن بزت كل المحاسن، ومن مشاعل نور أخرجت كثيرا من أبناء البشرية من الظلمات إلى النور، وكيف لا وهذا النور من نور الله تعالى!، وكل هذا كان في برهة ليست بالطويلة؛ ولكن مسيرتنا التاريخية ظلت بعد تلك البرهة تكبو مرة وتنهض مرة، ثم تكبو وتكبو مرات عديدة، إلى أن وصلت إلى ما نحن عليه الآن من فرقة وتشرذم، وإلى ما نحن فيه من هوان على مختلف الأصعدة الأممية والدولية.
وعندما نتفكر في أحوال الأمم من غير العرب والمسلمين، نجدها وقد أفادت كثيرا من العبر من تاريخها الذي ربما بلغ في معظمه من السوء مبلغا بعيدا جدا، إلا أن غالب هذه الأمم الآن فيها الكثير من الخير، وفيها الكثير من التقدم في جميع مجالات الحياة بأنواعها، وفيها الكثير من حرية الرأي والقول، بل وفيها من نظرة الإنسان إلى أخيه الإنسان نظرة الحب والرحمة والمساواة، باستثناء من نشئوا على التعصب للجنس أو العرق أو االمعتقد وما زالوا. ولا أعني نظرة الحكومات وقادة الدول، فهؤلاء في غالبهم تحكمهم طبيعة السياسة الدولية ومصالحها، مع أنهم تجاه شعوبهم هم لا يألون جهدا في خدمتها. ولو قارنا حال تلك الأمم بحالنا نحن الحاضرة، لوجدنا البون شاسعا، والتشابه شبه معدوم.
ما السبب في انعدام التشابه؟
المعلوم أن من أساسيات استقامة حياة المجتمعات أن تتبنى مبدأ الشورى نظاما لحياتها، والذي ذكره الله تعالى في كتابه الكريم. فـ " وشاورهم في الأمر" و " أمرهم شورى بينهم" متضادتان تمام التضاد مع الاستبداد. ومن العجيب أن مبدأ الشورى لم يتحقق لدى العرب والمسلمين إلا في صدر الإسلام ! فبدل أن يعتاد المسلمون هذا المبدأ الهام، الذي باعتياده يتخلصون من الشقاق والنزاع والفرقة، رأيناهم وقد تناسوه تناسيا شبه تام، ونبذوه وراء ظهورهم؛ متعللين بأن واقع الحال السياسي والاجتماعي ، وأهمية العصبية والقوة هي التي تنفعهم في تثبيت دعائم ملكهم واستقرارها. وظل المسلمون على هذه الحال حتى الآن على الرغم من أن كثيرا من شعوب العالم وحكوماته التزمت مبدأ الشورى بشكل أو آخر، فاستراحت مما يسببه كبت حرية الرأي من مصائب، وما يجره من ويلات.
ويأتي اليوم الذي يضطر فيه العرب والمسلمون إلى اتخاذ مبدأ الشورى منهجا بأمر وهدف من دول الغرب القوية، التي تتحكم في السياسة، وفي القوة العسكرية، وفي الاقتصاد العالمي، لينصاع العرب انصياعا ظاهريا فقط، ذلك أن مبدأ مثل هذا لا يتبع قسرا، بل إن اتباعه يجب أن يصدر عن اقتناع و عن رغبة تسعى إليه دون ضغط أو إكراه ، فكانت النتيجة أن ما يسمونه بالديمقراطية طغى عليه عندنا المكر والخداع، وتلون بألوان الزيف والبهتان ، فصارت حالنا أسوأ من حال الاستبداد البين الواضح. وكانت النتيجة أيضا أن أنظمة الحكم لدينا ظلت تسير على نفس المنوال وإن اختلفت مسمياتها، بين نظام ملكي، أو جمهوري، أو سلطاني ، أو أميري، فهي مسميات متعددة لنظام واحد. وأصبح الحزب يمثل العشيرة أو القبيلة، وظل التمسك بالنسب والعرق وبالطائفية سائدا، فتفرق الناس شيعا وأحزابا، لا عن ديمقراطية؛ ولكن ليذوق بعضهم بأس بعض.
وتنشأ بيننا جماعات تطالب بالحريات، منها من يحاول التشبه بالإسلام في أول أمره أو كما تفهمه هي أو منظروها من القرآن والسنة والتاريخ، كالجماعات الإسلامية، ومنها من يحاول التشبه بالنظم الديمقراطية الغربية؛ فتولد لدينا الليبراليون، والعلمانيون، والديمقراطيون، الذين غدوا يطالبون بفصل السياسة عن الدين، وان تكون الدولة مدنية ويظل الدين شأنا شخصيا لكل فرد من الأفراد. ولقد فات أولئك أن الدين لا ينحصر أمره في إقامة الحدود والعبادات؛ وإنما الدين هو الفطرة السوية التي تكره الظلم، وتسعى إلى إحقاق الحق والقضاء على الباطل بالزوال.. وهو الدين الذي أكبر همه سعادة الإنسان في آخرته وفي دنياه، وهو الدين الذي يسعى إلى المساواة بين الناس على اختلاف أجناسهم ومعتقداتهم، ويسعى إلى تحرير نصف المجتمع من الإناث من عقاله،أو من ابتذاله، ويسعى إلى ضبط الحرية الشخصية حين تصادمها مع المصلحة العامة.. وهو الدين الذي نص على الشورى وحرية الرأي..
إن الدين بهذا المعنى الذي ذكرناه لا يبقى فيه مجال للعبث أو الإفساد، لا من مسلم من أي طائفة كان، ولا ليهودي ، ولا لمسيحي، ولا لبوذي، ولا لهندوكي، ولا حتى لملحد منكر للدين من أصله.
ونعود إلى مبدأ الشورى، لنرى فيه أنه مبدأ يتماشى مع فطرة الإنسان السوية، التي لا يمكن ان ترضى بالاستبداد وفرض الرأي بقوة السيف. 
البقية تأتي إن شاء الله
*ياسين الشيخ سليمان
30 - نوفمبر - 2010
أيام لا تنسى    كن أول من يقيّم
 
تحية طيبة مجددا أستاذنا الأكرم ياسين الشيخ سليمان:
كنت أتحين الفرصة لنشر هذه القصة، لأنها غير منشورة في كل الكتب المتاحة بنصوصها على الشبكة.. لذلك وجدت صعوبة في تبييض اوراقها باستثناء التراجم في الهامش فهي من كتب منشورة في الموسوعة، فإذا لمحتم خطأ مطبعيا فأرجو أن تشيروا إليه لأقوم بتصحيحه لاحقا.
وكنت لما تذاكرت مع صديقي الأستاذ عبد الله السريحي بقصة ابن النابلسي قال لي: ما هذا بشيء أمام بطشة المطهر (المتوكل على الله الزيدي) ابن الإمام يحيى شرف الدين بخولان وفتكته الكبرى بجيش الدولة العامرية في مَوْكل. وهو جبل شرق جنوب ذمار من أعمال محافظة البيضاء.
 ثم تركني وعاد ومعه كتاب (روح الروح فيما حدث بعد المائة التاسعة من الفتن والفتوح) لمؤلفه عيسى بن لطف الله ابن المطهر ابن يحيى شرف الدين، وقبل أن يعطيني الكتاب كتب عليه: وفاة المؤلف سنة (1048هـ) ووفاة المطهر بن يحيى سنة (980هـ) ووفاة يحيى شرف الدين سنة (965هـ)
وأعطاني الكتاب لأقرأ فيه (ص80) : (وفي هذه السنة لما استقر في صنعاء ظهر من خولان الخلاف وطلب النزال والمصاف، وخرجوا عن طاعة الإمام ونكثوا ذلك الذمام، وسعوا في الأرض فسادا، وأخافوا أغوارا وأنجادا، ودخلوا في قوله تعالى (وإذا أردنا ان نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا) فكتب إليهم المطهر ابن الإمام كتابا بقول فيه: (إن رهائنكم الذين في القصر على شفير التلاف، مقرونين بتمام ذلك الخلاف، فإن أصررتم على العصيان وصممتم على الطغيان أجرينا فيهم حكم الله، وإن عدتم عما نهيتم عنه ودخلتم في طاعة إمامكم ومنفذ أحكامكم عفونا عن سيئاتكم واغتفرنا خطاياكم) فلما أبلغهم الرسول الكتاب أجابوه بغير الصواب، فعند ذلك أمر المطهر برهائنهم وكانوا زهاء ثمانين نفرا في سن التكليف فقطعت أيديهم وأرجلهم. ولما بلغ ذلك أهلهم سقط في أيديهم واجتمعوا في ناديهم، وصح لهم أن في ذلك العارض بروقا مقلقة وصواعق محرقة، فتحزبوا وحشدوا، واعدوا واعتدوا. وقد كان قبل قطع رهائنهم والتوجه إلى مساكنهم انبرى أشرارهم والمردة من فجارهم إلى باب اليمن =أحد أبواب صنعاء= وقد أظلم الليل وجنّ ،فأضرب فيه شهابا وأذكى فيه التهابا. فقطن له الحماة، فحمق مسعاه وتبعوه في سواده =أي سواد جِزْيَز جنوب صنعاء= فاختفى في بعض وهاده.
وتوجه ذلك الأسد في العد والعدد فاجتمعوا لقتاله وراموا مفاجاة نزاله. فجرت بينهم حروب أفضت عن هزيمتهم وانحلال عزيمتهم. فأخذ بلادهم وفتح أغوارهم وأنجادهم ودمّر ديارهم وقطع أعنابهم وأشجارهم، وتركها خاوية على عروشها كاسفة بقطع غروسها.
ولما استأصل بالمغروس والمعمور تركها خاوية بما ظلموا (هل نجازي إلا الكفور) ولما تيقنوا ألا مانع ولا رادع ولا دافع ولا مناصر ولا مدافع سلموا الأمر إليه، ودخلوا فيما حكم به لديه.
فقبض من شياطينهم ثلاثمائة نفر أو يزيدون وأودعهم السجون، وامر بهم بقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، فذعر من بقي وخاف، ونسأل من الله خفي الألطاف.
ثم إنه عرفهم ألا أمان لهم ولا سكون، ولا يدعهم يغرسون ولا يعرشون حتى ياتوه بمحرّق الباب ولو كان في السحاب.
فطلبوه طلب المعدم الدرهمَ والجريح المرهمَ، فوجدوا المريد على بركة ماء في أقصى وَدْيَد =قرية شرق مدينة خمر من مدن ذيبين واعمال محافظة عمران=
فحملوه إلى المطهر فأمر بأن يحمل غلى صنعاء فتسمر في الباب كفاه حتى تدركه الوفاة .... ولما فتح نجران وخمدت نار الطغيان وانطمست آثار الشقاق والعصيان، ولم يبق في الجهات الشامية شجن من الأشجان خرج من صعدة يوم سابع ربيع الاخر من السنة المذكورة ووصل الجِراف =قرية شمال صنعاء= يوم الخميس 14 ربيع الآخر ثم دخل محروس صنعاء بكرة يوم الجمعة منتصف الشهر ..وقد كان ولده المطهر تخلف عنه في تلك الجهات لأمر رىه واقتضاه ولما أراد الله فتح بقية البلاد اليمينة والجهات العامرية تحرك عامر بن داود بن طاهر، لفناء بقية ذلك الملك الذاهب والعز الغارب، لزواله واتضاع حاله.
وكان عنده وزير سوء: الشريف يحيى السراجي: وهو ممن باع الهدى بالضلالة ونكث عهود الإمام لا أبا له.
وكان منه أن حسّن لعامر بن داود ما حسّن، فهلك المُحسِّن والمحسَّن. وذلك لما طالت إقامة الإمام في تلك الجهات الشامية وتعقبه المرض الحادث في العسكر بنجران ظن أن عود الإمام وولده المطهر دونه القارضان.
فسهّل لعامر قصد بلاد الإمام وإنفاذ أمره فيها والأحكام.
فعمل في عامر كلامه وأسكر مدامه.
فتجهز الشريف يحيى السراجي المشير بالمسير، وصحبه علي بن محمد البغدادي الملقب بالشرامي، وكان عين دولة عامر، القائم فيها والآمر.
فعاثت الجيوش العامرية في أطراف البلاد الإمامية، وعاب من عاب من ولاة الحصون، مثل الدارم وهيوه وغيرها، وانتهى السراجي المذكور إلى (دَمْت) وتخلف عنه الشرامي.
فلما بلغ الإمام الخبر أرسل الرسل إلى المطهر وهو بنجران في سكون وأمان.
فجمع زهاء ألف ناقة من ذوات القوة والطاقة، فأركب عليها عساكره وصاحب باكره، وتوجه لا يلوي على شيء ولا يأوي إلى فيء، حتى صبّح القوم بمَوْكَل  وقد أناخ الشريف السراجي بها الكلكل. وذلك يوم الأحد الرابع والعشرين من شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة، فما شعر الشقي إلا والسيوف عليه مظلة وغمامها مستهلة.
وكان مستبعدا وصول المطهر من نجران كما يستبعد الزبرقان =القمر= فأخذهم المطهر في ذلك الحين، وساء صباح المنذَرين.
ولما ظفروا بالشريف أسيرا وأتوا به حسيرا أمر بضرب عنقه في الحال وأذاقه الوبال.
وكانت الأسرى ألفين وثلاثمائة. والرؤوس التي قطعت حال دخل عليهم المطهر ثلاثمائة.
فأمر المطهر وهو راكب بضرب أعناق ألف من الأسرى
واستبقى ألفا وثلاثمائة
ولقد حدثني من شهد ذلك الموقف أنه لما أمر المطهر بضرب أعناق الأسرى وهو راكب على بغلته وهم يأتون بالأسرى أفواجا.
فقتل كل زمرة وحدها حتى غطى الدم حواف بغلته.
 
ثم حمل كل أسير رأسا ووجه بهم إلى والده إلى محروس صنعاء.
فدخلوا بالأسرى والرؤوس إلى صنعاء في العشر الوسطى من جمادى الأولى، وكان لوصولهم على هذه الصفة إلى صنعاء موقع عظيم وباس جسيم.
ثم إنهم وجهوا بالرؤوس والأسارى إلى مدينة صعدة إلى عند الفقيه عماد الدين يحيى بن إبراهيم النصيري وكان واليا على تلك البلاد من قبل الإمام.
فلما وصلت الرؤوس والأسارى إلى صعدة ذلت النفوس وانقاد النافر الشموس.
وللسيد العلامة المطهر بن تاج الدين الحمزي قصيدة رائقة ومنظومة فائقة أثيت بعضها وأضربت عن أكثرها اختصارا وإيجازا كان أولها:
يـا  وطـيـة وطئ الإله iiبمَوكل انجت  على حزب الضلال iiبكلكل
طـحـنتهم  طحن الرحى iiبثفالها أو  طحن طود هد أرضا من iiعل
كـانـت  على يد فخر آل iiمحمد عـن  امـر واسط عقده iiالمتوكل
قـاد  الـكتائب من جميع iiجهاتها حـمـراء بـين مجفف iiومسربل
وانصب من نجران من كثب على أهـل الـضلالة انصباب iiالأجدل
فـتـصـادم الجيشان في iiأرجائه نـاهـيك  من حول هنالك iiأحول
مازال  يزحف في قساورة iiالوعى ذاك  الـنـهـار على أقبّ iiهيكل
مـن كـل ندب للحروب iiمجرب وافٍ أخـي ثـقـة انوف iiأفضل
ودخـان  نـفـط لـلقتام ممازجا أذكـر وأطـيب من دخان iiالمندل
وكـان  مـعـترك المنايا iiعندهم مـلقى الأحبة في الدخول وحومل
جـتـى أحـان الله أعداء iiالهدى يـحـنـون  بـين مجدّل ومكبّل
مـتـحـملين  رؤوس قتلاهم iiفيا لـشـقـاوة  المحمول iiوالمتحمل
*زهير
30 - نوفمبر - 2010
هوامش    كن أول من يقيّم
 
هوامش تابعة للتعليق السابق
ترجم العصامي  في (سمط النجوم العوالي) للإمام يحيى شرف الدين فقال:
ثم كانت دعوة الإمام شرف الدين يحيى بن شمس الدين ابن الإمام المهدي أحمد ابن يحيى بن المرتضى بن أحمد بن المرتضى بن المفضل بن الحجاج بن علي بن يحيى بن القاسم بن يوسف الداعي بن يحيى بن أحمد بن الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنهم - حادي عشر جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، وكان أول ظهوره بجهات المغرب من جهات صنعاء، وما ساعدته القبائل لقوة سلطان اليمن إذ ذاك عامر بن عبد الوهاب.
فلما انقضت دولته باستيلاء الشراكسة، وتملكهم أرض اليمن كانت بصنعاء طائفة من الشراكسة فكاتب أهل صنعاء الإمام شرف الدين المذكور، وتكفلوا له بإدراك ذلك سنة أربع وعشرين وتسعمائة.
وفي شوال قصد صنعاء فلما وصل إليها مال إليه أهلها، وأخرج من كان فيها من الجند المصري بالأمان، ودخل صنعاء، ودانت له البلاد إلى أن كانت وفاته سنة خمس وستين وتسعمائة في دولة السلطان سليمان خان بن سليم خان. ثم قام الهادي ..إلخ
** وترجم الشوكاني في (البدر الطالع) للمطهر فقال:
السيد المطهر ابن الإمام شرف الدين بن شمس الدين ابن الإمام المهدي أحمد بن يحيى:
الأمير الكبير ملك اليمن وابن ائمتها المشهور بالشجاعة والحزم والإقدام والمهابة والسياسة والكياسة والرياسة، كان من أعظم الأمراء مع والده الإمام وكان قد حلت هيبته بقلوب أهل اليمن قاطبة وقلوب من يرد إليها من الأتراك والجراكسة، فسعى بعض أعداء الإمام بينه وبين ولده هذا الهمام بما أوجب تكدر خاطر كل واحد منهما على الآخر وتزايدت الوحشة حتى ألقي إلى المطهر أن والده الإمام يريد القبض عليه بعد صلاة الجمعة في قربة القابل وكان بلوغ ذلك إليه وهو في المسجد مع والده منتظرا للصلاة فأرسل إلى جماعة من أعيان أصحابه فما كملت الصلاة إلا وقد حضروا فخرج عقب الصلاة إلى الجبل ودار بينه بين أخيه شمس الدين كلام طويل فلم يتم أمر فكان آخر الأمر أنه ذهب المطهر إلى حصن ثلا مغاضبا، ورجع الإمام إلى الجراف، ثم آل الأمر إلى أن وقع بين صاحب الترجمة وبين أخيه شمس الدين مصاف، وتفاقم الأمر حتى غزا بطائفة من أصحابه إلى الجراف للقبض على والده فدفع الله عنه. وكان آخر الأمر أن الإمام أعطى ولده صاحب الترجمة جميع ما شرطه لنفسه واستولى على كثير من معاقل اليمن ومدائنها لاسيما بعد موت والده في تاريخه المتقدم، فإنه كاد يستولي على اليمن بأسره وجرت بينه وبين الأتراك خطوب وحروب نال منهم ونالوا منه، وكانت ملاحم عظيمة لاسيما بينه وبين الباشا سنان وقد استوفى ذلك قطب الدين الحنفي في (البرق اليماني) وبالجملة فصاحب الترجمة من أكابر الملوك وأعاظم السلاطين بالديار اليمنية وله ماجريات في الشجاعة وحسن السياسة، وجودة الرأي وسفك الدماء، لم يتفق إلا للنادر من الملوك الأكابر وتوفي سنة 980 ثمانين وتسعمائة وقد أهمل ذكره صاحب مطلع البدور.
 
*** وترجم الحيمي  في (طيب السمر)  للمؤلف فقال:
السيَّد عيسى بن لطف الله بن المطهَّر بن شَرَفِ الدين هذا ممن قرب عهدُه، وكاد أن لا يخرج عن أهل العصر عدُّه، فلم أستحسن اطِّراح ذكرِه، ولم أسمح بعدم إيراد شيء من بنات فكره، فأقول:
هو ماجد استدرك من الفضل ما قارب فوتا، وأحيا ميّت المعالي ولا غرو فعيسى عُرِف بإحياء الموتَى. (((إلى أن قال بع صفختين من الإطراء))
وأما في علم التَّاريخ، فصاحب اليد الطُّولَى، التي تقصر عندها الشَّماريخ، وله فيه كتاب "رَوْح الرُّوح، فيما جرى بعد المائة التاسعة من الفتح والفتوح"، وقد طالعته في خِلْوَة، وذُقت له عبارة حِلْوَة، وكان يَعْتزي إلى الأتراك، وينصب من الاتصال بهم لطَيْر الثَّروة الأشراك، وبعناية بعضهم ألَّف كتابه المسمَّى ب"الأنفاس اليمنية"، وبأنامل سطوره تناول من دوح الأمل ثمراته الجنية، فظلَّ في نعمةٍ أبرد من صبا العَشيّة، وجَرَت له الإرادة على مقتضى المشية، فأصبحت أيَّامه أيام العروس، وأوقاته أصيل القلوب وسَحَر النفوس،
 
فمن نفثات قَلَمِه، وسحر بيانه وَكَلِمِه، ما رثى به قتيلاً، أخذ في المعركة أخذاً وبيلاً، وكان إذ ذاك غلاماً جميلاً، فهو بدْرٌ في الشَّفق من دمه غاب، وغزال افترسته من الأتراك أسود غاب، وهو قوله (ثم ساق القصيدة فمن شاء فلينظرها) في الموسوعة وأولها: حُيّيت يا ساجي الأجفان حييتَا ) وفيها قوله:
في فِتيَةٍ من كماة الترك ما تركت للرَّعد  في حالةٍ صوتاً ولا iiصيتَا
قـومٌ إذا قـوبـلوا كانوا iiملائكةً حـسناً وإن قوتلوا كانوا iiعفاريتا
*زهير
30 - نوفمبر - 2010
رسالة من الأب أنستاس إلى محمود شكري الآلوسي    كن أول من يقيّم
 
تحية طيبة أستاذنا الأغر ياسين الشيخ سليمان، نشرت هذه الرسالة قبل قليل في نوادر النصوص، وآثرت أن اعيد نشرها في ملفكم الأثير هذا لأن فيها أيضا عبرة لأولي الأبصار، وسأعقبها بترجمة ملخصة للأب انستاس من كتاب السامرائي، وعسى ان تجدوا فيها سلوانا
______
بيروت في 15/ تشرين الثاني/ 1908
إلى شيخ الأئمة وقائد الأمة بالفكر الصائب والعقل الثاقب سيدي صاحب الفضيلة والمناقب محمود شكري أفندي الآلوسي  أفرغ الله عليه شآبيب كرمه من علو عرشه القدسي:
 ما وقع بيدي رسالة من بغداد سيدة البلاد إلا وفاحت مطاويها رائحة عطرت ما لمستها من الأياد، فعلمت أن من طيها ألوكة قادمة من فخر الأسياد، فما خاب أملي وما كذبني ظني في ما عنّ لي.
أما من جهة عودتي فلا تكون قبل خمسة أشهر لأن الرئيس الأكبر الذي بيده الأمر والنهي قلدني قضاء مهمة تاريخية تتعلق بمنشأ طريقتنا في سابق العهد، فلبيت أمره وها أناذا قد شرعت منذ نيف وشهر.
ولسوء الطالع ما بلغتني تلك الرسالة المعطرة بعطر الكمال إلا بعد خروجي من دار السعادة، ولذا جاءتني إلى بيروت متأخرة، ومع ذلك فإن العمّ الذي رأيته في مجلس المعارف لم يذخر وسيلة إلا وسهل لي الدخول في مكتبة "كوبرلي" أما سائر المكاتب فلم أستطع الدخول فيها لأن الأيام كانت أيام رمضان، والجوامع والمكاتب كلها مغلقة وإن كانت الجوامع مفتوحة للصلاة فقط. ومع هذا كله فقد وجدت في الأستانة ما عوض عن الغربة والابتعاد عن مثل شخصكم الجليل.
إن حالة "ماسنيون" قد تحسنت بالكلية، وهو الآن ينشئ المقالات في مجلة الإسلام الفرنسوية، ويهيئ تأليف كتاب في موضوع إسلامي. وقد زالت منه أعراض الأمراض والجميع منه راض، وحينما أعود إلى الوطن أفصل لكم الأحوال والرحلة إذ القلم لا يفي بوصف ما بنا قد ألمّ من المشقة والألم.
إن التفاصيل التي أوردتموها بخصوص إعلان الدستور أفادتني ويا ليت كانت مطولة لأقف على بعض الحقائق، فقد شاع في الأستانة أن بعض رعاع المسلمين قد ذبحوا نفراً من اليهود، وكنت أحب أن أقف على هذه الحقيقة من لسانكم الناطق بالصدق وإن شاء الله تجيبوني عن هذا السؤال عند جوابكم على هذه الرقعة المرقعة.
توجهت في الأستانة مع جميل صدقي الزهاوي وفهمي منشئ "الزوراء" سابقا وفي بيروت تواجهدت مع الدكتور نظام الدين بك، وقيل لي إن ابن الشيخلي جاء إلى بيروت، ومنها إلى الأستانة، وقد جاءني إلى محلي هنا في بيروت فلم يجدني وكان مستعجلا فذهب راكبا بالباخرة إلى دار السعادة.
وإني لأفرغ كل ما في وسعي في البحث عن كتاب "الديارات" و"الكنائس"، ولعلي أقع عليهما، والله الموفق إلى كل خير.
سلامي وتحياتي إلى الودادية إلى أبناء العم كل واحد باسمه، وحرسكم الله ذخرا وفخرا.
كتبه
الأب انستاس ماري الكرملي
(صح: من طيي هذه الرسالة مغلف مكتوب
عليه عنواني حتى لا تتكلفوا وتبعثوا بالرسالة إلى
الدير في بغداد، بل رأسا إلى إدارة البريد العثماني
بدون زيادة شيء، ولكم الفضل والمنة)
عن كتاب الأب أنستاس ماري الكرملي وآراؤه اللغوية للدكتور إبراهيم السامرائي (منشورات معد البحوث والدراسات العربية) 1969م (ص120)
*زهير
1 - ديسمبر - 2010
الأب أنستاس ماري الكرملي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
ولد بطرس ميخائيل الماريني البغدادي  المشهور باسمه الكنسي "الأب أنستاس ماري الكرملي" في بغداد في آب 1866 من أب لبناني وأم بغدادية، وتعلم وهو صغير في مدرسة الآباء الكرمليين في بغداد، ولما ناهز الثامنة عشرة صار في سلك مدرسيها، ثم انتقل إلى (كلية الآباء اليسوعيين) ببيروت سنة 1886 فكان مدرسا للغة العربية، ثم قصد بلجيكا 1887 فانتمى إلى الرهبانية الكرملية في دير (شفرمون) قرب مدينة (لييج) وفيها عرف باسم أنستاس ماري الكرملي. وغادر بلجيكا إلى فرنسا سنة 1889 لتلقي العلوم العالية في الفلسفة واللاهوت في مونبلية وفي سنة 1894 رسم قسيسا باسم أنستاس ماري الكرملي، وغادر فرنسا إلى أسبانيا، وعاد منها إلى العراق فاضطلع بإدارة مدرسة الآباء الكرمليين طوال أربع سنوات وكان يعلم فيها العربية والفرنسية، وأصدر مجلة (لغة العرب) شهرية العدد الأول في رجب 1339 تموز 1911م ونفاه العثمانيون إلى مدينة قيصري في الأناضول بسبب ما كان من دعوته لاستعمال العربية والإشادة بها في مجلته الشهيرة (لغة العرب) فلبث هناك سنة وستة أشهر (1914 – 1916)  ثم استأنف إصدارها سنة 1926 فاستمرت إلى 1936 ومجموعها تسع مجلدات ولما عاد إلى بغداد  في عهد الاحتلال الإنجليزي أصدر جريدة العرب (جريدة سياسية أخبارية أدبية عمرانية) استمرت أربع سنوات الأعداد 1- 872 4 تموز 1917 إلى 31 أيار 1920 كان يصدرها يوميا ولم يذكر اسمه فيها وكان يكتب فيها جماعة من شبان العرب من مسلمين ونصارى وقام برحلات عدة إلى مصر وسورية ولبنان والأردن وأقطار أوروبية عدة، وجعلته حكومة الاحتلال البريطاني من أعضاء مجلس المعارف وأصدر مجلة (دار السلام) سنة 1917 (نصف شهرية) وكان من أعضاء مجمع المشرقيات الألماني والمجمع العلمي العربي في دمشق والمجمع اللغوي في مصر، ومن الأعضاء المؤسسين للجنة الترجمة والنشر التي تأسست في العراق وكانت الأصل الذي قام عليه المجمع العلمي العراقي وتوفي ببغداد يوم 7/1/ 1947م ولكوركيس عواد كتاب في سيرته سماه (الأب أنستاس ماري الكرملي). وكان ينشر بحوثه الدينية بأسماء مستعارة بلغت زهاء أربعين اسما، منها:
ابن الخضرة في مجلة العرب، وابن العصر في (المباحث) و(أبو الخير فهر بن الطائي) في (المقتطف) وأمكح في المقتطف وهي الأحرف الأولى من أنستاس ماري الكرملي الحافي، وتطلق الحافي على الراهب الكرملي لأن من رسم هذه الرهبنة ألا يلبسوا جوارب ولا احذية بل ينتعلوا خفا ساذجا.
وباسم بطرس ميخائيل في مجلة جزويت و(ب م م) في مجلته لغة العرب وبعيث الخضري في (صوت الحق) و(المسرة) و(المشرق) وهو تعريب اسم أنستاس و(البغدادي) و(الجابري) و(الجزويتي) و(الخضري)
وساتسنا في (الزهور والمسرة والمقتبس والمقتطف وهو مقلوب أنستاس.
و(عصام الدين أبو يوسف) في المقتطف، ويعقوب العكاري وفهر الجابري في (الزهراء: لمحب الدين الخطيب) و(المقتطف) و(الهلال) وكلدة في (مجلة المعلمين) و(المقتطف) والماروني والماريني ومبتدئ ومتطفل ومحب الفجر ومحقق وعراقي بغدادي وباحث ومستفيد ومستهل  ومعتدل ومنتهل  ونقيب بتشديد القاف، وربما كتب بأسماء تلاميذ له معروفين مثل (نجيب شيحا) و(أبكار أبكيان) في أواخر القرن 19  انظر (الأب أنستاس ماري الكرملي وآراؤه اللغوية للدكتور إبراهيم السامرائي: ص22) قال: وكانت مكتبته تملأ خمس غرف من الطابق الثاني من مبنى دير  الآباء الكرمليين القديم وتضم نحو عشرين ألف مجلد واحاقت بها نكبة هائلة عام 1917 حين نهبت وتشتت جانب كبير منها شذر مذر، واستطاع أن يستعيد بعضا منها بالشراء أو بالاسترجاع وكتب عن هذه الكارثة في جريدة العرب الصادرة يوم 25 إيلول و1 و2 تشرين الأول سنة 1917م وارتأى الدير إهداء المكتبة بعد موته إلى (مكتبة المتحف العراقي) سنة 1949 واختصوا متحف الموصل الذي كان مؤسسا حديثا ب( 5600) كتابا منها، ومجموع الكتب في المكتبة 1335 مخطوطة و6000 مطبوعة وانظر معلومات مهمة عن هذه المخطوطات في مقالات نشرها كوركيس عواد في مجلة سومر 7 (1951) (ص 278 – 283) بعنوان مخطوطات الكرملي ببغدادـ وكذل في المقالات التي وصف فيها (فهرست مخطوطات المتحف العراقي) المخطوطات التاريخية: سومر 13: 1957 ص40 -82 والمخطوطات الأدبية سومر 14: 1958 ص 127 -1959 ومخطوطات الطب والصيدلة والبيطرة: سومر 15: (1959 ص 25 – 52) أم الكتب الدينية النصرانية والكتب الإفرنجية وبعض المطبوعات العربية الحديثة ذوات الترجمة الإفرنجية وبعض مؤلفات الأب أنستاس الخطية ولاسيما معجمه (المساعد) فقد احتفظ بها الدير. نقل السامرائي هذه المعلومات من كتاب كوركيس عواد (الأب أنستاس ماري الكرملي) وكان يعقد مجلسه الأسبوعي يوم الجمعة من كل أسبوع. قال المؤلف: وقد ترددت سنوات إلى مجلسه امتدت من عام 1936 إلى 1946 فكنت ألتقي هناك بجماعة من الأفاضل..لعل من الخير للتاريخ أن أسرد أسماء من أتذكر منهم وقد رتبتها على السياق الهجائي:
إبراهيم حلمي العمر/ إبراهيم الدروبي/ الدكتور إبراهيم عاكف الآلوسي/ الدكتور إبراهيم المعلوف/ أحمد ناجي القيسي/ جلال حنفي/ جواد الدجيلي/ الدكتور حنا خياط/ خضر العباسي/ الدكتور داود الجلبي/ رزوق شفو/ رزوق عيسى/ رزوق غنام/ رفائيل بابو إسحاق/ رفائيل بطي/ روبين سوميخ/ سليم إسحاق/ سليمان الدخيل/ طه الراوي/ عباس العزاوي/ عبد الرحمن أمين/ عبد الرحمن البناء/ عبد الرزاق الحسني/ عبد الصاحب الملائكة/ عبد القادر البراك/ عبد المجيد النعيمي/ الملا عبود الكرخي/ عزت الكرخي/ عزيز ثابت/ علي الخطيب/ علي غالب العزاوي/ كاظم الدجيلي/ كمال عثمان/ كوركيس عواد/ محمد رضا الشبيبي/ محمد فاتح توفيق/ الدكتور محمود الجليلي/ محمود العبطة/ مشكور الأسدي/ الدكتور مصطفى جواد/ معروف جياووك/ منذر زبوني/ مهدي مقلد/ ميخائيل عواد/ مير بصري/ الدكتور هاشم الوتري/ يعقوب سركيس/ يوسف غنيمة/ يوسف مسكوني. وهناك آخرون كانوا يترددون إلى مجلس الأب ولم نهتد إلى معرفة أسمائهم معرفةأكيدة (ص32).
ثم أورد السامرائي (ص 34) جدولا بمظان (94)  بحثا أو مقالا في الصحف، منها بحث عن قبيلة الصليب في مجلة المشرق (1: 1898 ص 673 – 681) واليزيدية في المشرق 2: (1899) على ثماني حلقات، والكلم اليونانية في اللغة العربية: المشرق 2: 1899 و1900م في سبع حلقات، والمقامات النصرانية لابن ماري (المشرق 3: 1900 ص 591) وكتاب جليل في الموسيقى: المشرق (4: 1901 ص 476 وهو الرسالة الفتحية لمحمد بن عبد الحميد اللاذقي.
و(تفكهة الأذهان في تعريف ثلاثة أديان) المشرق 4: 1901 ص 577 وتضم التعريف بالصالية =من فرق الإسلام الباطنية= تعريفهم موطنهم لغتهم ديانتهم صناعتهم، والباجوران: تعريفهم ومحل وجودهم ولغتهم ودينهم وبعض من شعائرهم وصناعتهم/ والشبك: تعريفهم وموطنهم ولغتهم وحياتهم وعوائدهم وصناعتهم، وقد نشرت المقالة في ثلاثة أجزاء
(إطلاع الحضر على أطلاع النوَر) (المشرق: 5: 1902 ص 673 و740 و780 و834) في كل ما يتعلق بالنور =الغجر=
و(الخيل العراب عند العرب والأعراب) (المشرق: 7: 1904) ص 345
والكويت: 7: 1904 ص 449 و507 في معنى الكويت وموقعها
واشتقاق اسم الدويدارية (المشرق 8: 1905) وأدوات الطرب عند الأندلسيين: (المقتبس 1: 1906 ص 435 بتوقيع أحد قراء المقتبس. ومدارس الزوراء (مجلة المشرق 10: 1907 ص 385 و440 تناول فيه تاريخ زهاء عشرين مدرسة) ودير الزور: أسماؤها ومعانيها قديما وحديثا (المشرق 10: 1907 ص 488 وعليه تعليق للأب هنري لامانس 10/ 491) وأنواع الأرز المعروفة في العراق (لغة العرب 1: 1912 ص 374) ونقد كتاب (دفع الهجنة في ارتضاخ اللكنة للرصافي (لغة العرب: 3: 1913 ص 239) واليعاسيب في المقتطف 42: 1914 ص 220  بتوقيع أمكح، و(الدواخل والكواسع في العربية) (لغة العرب 8: 1930 ص 15) بلا توقيع
و(الألفاظ اليافثية والهندأوربية في العربية) (لغة العرب 8: 1930 ص 403) ومعجم أسماء النبات لأحمد عيسى بك (لغة العرب 9: 1931 ص 321) و(لماذا أرى اللاتينية من العربية) (الهلال 43 : 1935 ص 415) و
قال ومقالاته في الصحف تربو على (1300) مقالة، ثم أورد مسرد مؤلفاته وهي كثيرة ومشهورة وأهمها (ذيل لسان العرب) قضى في تاليفه زهاء خمسين سنة، وسماه (المساعد) و(ثبت الكتب الخطية المحفوظة في خزانة مبعث الآباء الكرمليين ببغداد) مخطوط في ثلاثة مجلدات تقع في أكثر من ١٠٠٠ صفحة. وصف فيه ١٥٠٠ مخطوط.
و "الشفاء من داء الإنشاء": ألفه سنة 1883 باسمه القديم المعلم بطرس ميخائيل الماريني البغدادي
عن كتاب الأب أنستاس ماري الكرملي وآراؤه اللغوية للدكتور إبراهيم السامرائي (منشورات معد البحوث والدراسات العربية) 1969م
*زهير
1 - ديسمبر - 2010
فضلكم علينا لا ينسى    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
أحييكم أستاذنا الغالي زهير ظاظا؛ شاكرا لكم جهودكم المغنية في هذا الملف وفي غيره من الملفات، هذا، وإنني أعتبر وجودكم في هذا الموقع المحترم  من أكبر السلوان لي في هذه الحياة ، واكبر معلم وموجه لي إلى الطريق السوي، الذي يؤدي إلى استراحة البال وهدوء الحال. ففضلكم أستاذنا، علينا لا ينسى.
ولا يفوتني أن أبدي إعجابي بصديقكم الأستاذ السريحي وفقه الله، كما وأشكركم على "أيام لا تنسى"، وعلى المعلومات المفيدة عن الأب أنستاس ماري الكرملي، الذي عرفنا عنه حبه للغة العربية وخدمته لها، حبا وخدمة لا شك في صدقهما، وذكرتنا كتابتكم عنه بالأديب والمربي الفلسطيني  المرحوم خليل السكاكيني.
إنني وأنا أحاول إعادة كتابة التاريخ لنفسي( بمعنى قراءته قراءة أخرى غير قراءتي إياه وأنا في مقتبل العمر) ، أكون مطمئنا إلى توجيهاتكم وتوجيهات السادة القراء، ففيها الخير كل الخير، وفيها الفائدة كل الفائدة.
من وحي ابن خلدون
وإنني ، ومنذ بضعة عقود، وأنا أطالع وأعيد مطالعة مقدمة ابن خلدون، وأركز على اعتباره العشائر والعصائب أهم مقوم لقيام الحكم والسلطان، بل إن ابن خلدون ، كما تعلمون حضرتكم، عد الانتصار بالعشيرة والعصبية عادة مستقرة في الناس بما فيهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. فابن خلدون وصف واقعا جرت العادة عليه عشرات القرون . أما الأنبياء عليهم السلام، فأمرهم يبدو مغايرا. فمنهم من حماهم رهطهم من الرجم كالنبي شعيب(ع) فقد كان رهطه أعز على الكفار من الله تعالى، ومنهم من أعانهم كونهم من عشيرة لها موقعها بين العشائر كالنبي محمد(ص) رغم أن من عشيرته الأقربين من كانوا من ألد أعدائه، وما نصره بإذن الله إلا تضحياته وتضحيات من معه من المؤمنين من مختلف القبائل والأعراق. ومنهم من لم تكن لديه قوة ولا ركن شديد يأوي إليه كلوط (ع)، ومنهم من حرّقه قومه انتصارا لآلهتهم كأبي الأنبياء(ع) ، ومنهم من نشره قومه بالمناشير كزكريا(ع)، ومنهم من أسلمه قومه للذبح كيحيى(ع)، ومنهم من قتله وصلبه قومه ( ظنا منهم انه هو) كالمسيح (ع)، ومنهم من آذاه قومه وأتعبوه وعصوه وكلهم من أقربائه أبناء إسرائيل كموسى(ع)، ومنهم صالح(ع) ، ومنهم هود(ع) وغيرهم ممن لم تنفعهم عشيرة ولا قبيلة إلا قلة من الذين آمنوا. ومنهم كذلك يوسف(ع) الذي آذاه أقرب الناس إليه.. كل أولئك الرسل والأنبياء ما نفعهم في حقيقة الأمر إلا إيمانهم وتضحياتهم ومن معهم من المؤمنين القلائل، وكل ذلك بعون من الله تعالى وتوفيق. ولهذا أرى أن فكر ابن خلدون في مسألة العشائر والعصائب لا ينطبق كثيرا على الأنبياء والرسل، فهم مستثنون من العادة الاجتماعية التي ركز عليها ابن خلدون، وهم قد أرسلوا في الأصل من أجل هدم أسس تلك العادة وتحويلها إلى اعتياد الإيمان بالله وطاعته بصرف النظر عن الانتماء القومي المعرض للتغير والتبدل على مر السنين باختلاط الناس بالنسب والمصاهرة، والذين يعودون جميعا إلى أب واحد وأم واحدة.
ومهما يكن فكر ابن خلدون صادقا في مسألة العصبية والاعتزاء بها لدى بني آدم الذين سبقوا، فإن من لحقهم من بني آدم المعاصرين لم تعد أنظمة الحكم الفاعلة ترتكز عندهم على العصبية القبلية، بل على توافق الآراء والأهداف وخدمة شعوبهم بأعراقها المتباينة؛ ممثلة في الأحزاب السياسية الحاضرة، خاصة في الدول التي تسمى بالمتقدمة ، بل إن كثيرا من الدول التي تسمى بالعالم الثالث اضطرت إلى انتهاج نفسج نهج الدول المتقدمة ولو ظاهريا على الأقل. لهذا كله كانت إعادة قراءة التاريخ  واستخلاص العبر منه لإصلاح حال الأمة أمرا لا بد منه .
أستودعكم الله، وأعود إلى ما كنت أعددته للنشر في هذا الملف.
 
*ياسين الشيخ سليمان
2 - ديسمبر - 2010
لزوم الجماعة    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
 
ابن تيمية رحمه الله ،الذي ذكره الأستاذ الدمنهوري، وغيره من علماء المسلمين، والذين أشاروا إلى ضرر الخروج على السلطان، وإن ضرر هذا الخروج أكبر من نفعه بكثير، كانوا يصفون أحوال العهود التي عاشوها، والتي لم تختلف كثيرا عن عهود من سبقهم من دول المسلمين، ولا من لحقهم منها من جهة أحوالها السياسية. فالحكم فيها للأقوى، ولذي العزوة والمنعة . فخروج الضعيف على القوي لانتزاع السلطان منه، أو محاولة تقويمه، عمل فيه من التهور ما فيه، وفيه من الخطأ في حسابات الربح والخسارة الشيء الكثير. وابن خلدون نفسه، وهو عالم في الاجتماع وممارس للسياسة خطير، أشار إلى أولئك المتدينين السذج، الذين كانوا يدعون إلى إحقاق الحق، وإرساء قواعد العدالة؛ مستندين في ذلك إلى تقوى وإيمان أتباعهم من عامة الناس، ثم لا يلبثون إلا قليلا حتى يتمكن السلطان من رقابهم . يقول ابن خلدون في مقدمته: "  ...ومن هذا الباب أحوال الثوار القائمين بتغيير المنكر من العامة والفقهاء فإن كثيرا من المنتحلين للعبادة وسلوك طرق الدين يذهبون إلى القيام على أهل الجور من الأمراء داعين إلى تغيير المنكر والنهي عنه والأمر بالمعروف رجاء في الثواب عليه من الله فيكثر أتباعهم والمتلثلثون بهم* من الغوغاء والدهماء ويعرضون أنفسهم في ذلك للمهالك وأكثرهم يهلكون في هذا السبيل مأزورين غير مأجورين لأن الله سبحانه لم يكتب ذلك عليهم وإنما أمر به حيث تكون القدرة عليه..." .
على أن تاريخنا حفل بذكر خليفة مسلم رفض الانصياع للأمويين مثلما الأمويون رفضوا الانصياع إلى خلافة علي بن أبي طالب(ر)، وهو عبد الله بن الزبير(ر)**، أول مولود في الإسلام، والذي لم يكن من عامة الناس ودهمائهم، فقد كان عينا من أعيانهم، وأبوه صحابي كبير ، وأمه ذات النطاقين صحابية كبيرة .
 دانت بلاد كثيرة لخلافة ابن الزبير منها خراسان والعراق ومصر وأجزاء من بلاد الشام معقل الأمويين مدة تسع سنين ونيف؛ ولكن عبد الملك بن مروان استطاع أن يقضي عليه ويتخلص منه عن طريق الحجاج، بعد أن قتل أخاه مصعبا، وهدم قصر الإمارة بالكوفة.
عبد الله ابن الزبير إذن لم يكن مثل الذين ذكرهم ابن تيمية وابن خلدون، ولا يمكن أن يوصف بما وصفوا به. فهو لم يكن مغمورا لا حول له ولا قوة ولا عزوة مثلهم حتى يلام على ثورته على بني أمية، وليوصف بأنه لا دينا أظهر ولا دنيا أبقى . فما العمل إذن مع من هم مثل الأمويين ومثل ابن الزبير على مر التاريخ العربي الإسلامي؟ أليس الحل السليم المريح، والخالي من سفك الدماء وهضم الحقوق، هو أن تتاح للناس، عربا وغير عرب، مسلمين أو من أي دين آخر في كل زمان ومكان حرية الاختيار دون ضغط أو إكراه أو تزوير لنتائج الانتخابات؟!
أما الجماعة التي يجب علينا لزومها فمن هي؟ هل هي الجماعة التي استولى زعماؤها على مقاليد الأمور بقوة السلاح، أو هي الجماعة التي تدعي حكم الناس بتفويض من الله تعالى، أو لقرابتها من النبي صلوات الله عليه، أم هي الجماعة التي ينتخبها عباد الله اتباعا للشورى التي أمر الله بها؟! وهل هي الجماعة التي زعماؤها من الأغنياء وذوي الجاه ، والفقراء ليس لهم عندها نصيب؟! أو هل هي الجماعة التي زعماؤها من ذوي اليسار والانتماء القبلي والعشائري،أو العرقي، وأن من ليست له قبيلة أو عشيرة تمنعه، فلا حظ له في إدارة أو حكم؟ لا شك في أن اتباع الشورى هو الأمثل، وهو الأولى والأفضل، بل هو الواجب المفروض.
إن الجماعة التي يجب علينا لزومها هي جماعة المؤمنين الخيرين، أهل الفطر الصافية السليمة النقية، الذين لا يبطشون بصاحب رأي، ولا ينقمون على أحد شكوى أو نصح أو توجيه نقد جريء .. والذين حبهم للعدالة ولأوطانهم وشعوبهم يكاد يعدل حبهم اللهَ ورسوله. والذين يرون في حكمهم المسلمين وأصحاب الأعراق أو الديانات الأخرى من شعوبهم أمانة ثقيلة في أعناقهم ، ويخافون يوما تشرئب فيه الأعناق، وتتقلب فيه القلوب والأبصار.
لقد ولي الخلافة كبار الصحابة أول الأمر، فما كان لأحد منهم مطمعا في جاه أو سلطان أو مال، وما كانوا ليرضوا أن يتولاها أحد من أبنائهم.. وما كانوا ليضيقوا بنقد ناقد، ولا بنصيحة ناصح.
ولو كانت الشورى محل اهتمام المسلمين جميعهم في عهد ابن الزبير، وأن الخليفة هو المرشح الذي يحصل على أكبر تأييد من الناس، وأن على المرشحين الآخرين التزام النتائج الانتخابية، لما ضربت الكعبة المشرفة بالمنجنيق، ولما قتل من قتل من المسلمين، ولما قتل ابن الزبير وقطع رأسه** وصلب وسلخ جلده على بعض الروايات، ولمَا رجت السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق( رضي الله عنهما) الحجاج إنزال جثة ابنها من على خشبة الصلب قائلة والحزن والألم يعتصر قلبها: " أما آن لهذا الفارس أن يترجل!"، ولما اضطر عروة ابن الزبير أخو عبد الله أن يلجأ إلى قتلة أخيه يستعطفهم ليبقوا عليه حيا، ولما اضطر الكثيرون إلى النفاق للمنتصر ؛ رغبة في نوال، أو طمعا في رد تهمة.
والنفاق، أعاذنا الله منه، داء شره مستطير، وضرره كبير وخطير. ويكفينا من أمر النفاق أن الله جل وعلا جعل المنافقين في الدرك الأسفل من النار، هذا من جهة النفاق في العقيدة كما نفهم من علماء الدين، إلا أن النفاق في غير العقيدة أيضا رذيلة ما بعدها رذيلة. فالنفاق يمحو شخصية الإنسان السوية، ويستبدلها بشخصية ليس فيها من الإنسانية غير الشكل الظاهري، ويجعل كرامة الإنسان وشرفه في الحضيض..
يتبع..
*ياسين الشيخ سليمان
2 - ديسمبر - 2010
هامش المشاركة السابقة    كن أول من يقيّم
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أقاموا معهم لا يبرحونهم(أنظر لثث في لسان العرب)
** قلة من المؤرخين من عدوا ابن الزبير خليفة من خلفاء المسلمين، فكأن واقع السيطرة الأموية، وقصر مدة خلافته ، والنهاية التي انتهى إليها، كل ذلك جعلهم ينسون أو يتناسون كونه خليفة.
 
*ياسين الشيخ سليمان
2 - ديسمبر - 2010
الضغط والإكراه غالبا ما يؤدي إلى النفاق    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

رأي الوراق :
 
 
إن الضغط والإكراه والترهيب الذي يقع على الناس من الحكام أو من غيرهم، كثيرا ما يؤدي إلى جعلهم منافقين دون قصد سابق منهم إلى النفاق، ويضطرهم إلى اللجوء إلى تبرير أفعالهم أمام منتقديهم بطرق ملتوية غير مقنعة، وهذا مما يُفقد الناس الثقة بمن كانوا يقتدون بهم؛ سواء كان المقتدى بهم من العلماء بالدين، أو من موظفي الحكومات، أو من الصحفيين والكتاب والأدباء والنقاد، أو من غير هؤلاء ممن يقع عليهم الإكراه الملجئ إلى النفاق.
ونضرب مثلا ببعض من علماء الدين السابقين ومن تبعهم على رأيهم في زماننا هذا. فقد قالوا بحرمة الخروج على الحاكم الفاجر، ولو أزهق أرواح الناس ظلما، وابتز أموالهم بغير حق، بل لو ارتكب الكبائر جميعها. فما دام مسلما، لا يجوز الخروج عليه؛ لأن الخروج عليه عندهم يمكن أن يتسبب في مفسدة أكبر وفتنة أعظم ربما يروح ضحيتها أعداد كبيرة من الناس، ويكون مصير بلاد المسلمين في كف عفريت . فهم استندوا إلى أن درء المفسدة أولى من جلب المنفعة ، ورأوا أن بقاء الحاكم الفاجر مرتكب الكبائر أقل سوءا من الخروج عليه. وقد ذكرت بعض كتب الحديث النبوي أحاديث عديدة، وهي إما موضوعة، أو ضعيفة بمعنى الضعيف عند المتأخرين، أو في أحسن الأحوال بعضها مرسل، في الأمر بالصلاة وراء كل بر وفاجر...الخ.
ويرد الآن على خاطري سؤال لأولئك العلماء: لو كان الرئيس اللبناني مثلا ، وهو مسيحي، رجلا مرتكبا للكبائر ظالما ، ويزهق الأرواح البريئة، (وهو ليس كذلك طبعا) فهل يجوز الخروج عليه من رعيته المسلمين لأنه غير مسلم؟ أعني أنني لو كنت ملكا أو أميرا أو رئيسا، وقد سجلت ديانتي في هويتي الإسلام، ولكني أعمل السبع الموبقات واختزنها في ذمتي، فهل لأن ديانتي الإسلام لا يجوز الخروج علي؟! حقيقة الرأي عندي أنني أولى بالخروج علي من غيري؛ لأن ديانتي الإسلام، وقد خالفت ديانتي مخالفة صريحة.
ومن حقنا أن نتساءل: هل القول بأن بقاء السلطان الجائر أقل مفسدة من إزالته قول لا يحتمل الخطأ؟ وما يدرينا أن إزالته أقل ضررا أحيانا بكثير من الإبقاء عليه؟
إننا لا ندعو هنا إلى الإبقاء على سلطان نفاقا له، أو الخروج عليه بقوة السيف كما كان السابقون من أهل القوة والعزوة يفعلون، فنحن يا قوم، لسنا من أولي القوة ، وحتى لو كنا أقوياء فلن ندعو إلى انقلاب على سلطة أو نظام حكم كما كانت الانقلابات العسكرية في العالم العربي في عصرنا الحديث،والتي سفكت فيها دماء ودماء، وسُحلت فيها أجساد على الطرقات حتى تمزقت أشلاءً، أوصلبت أيضا أو شنقت على الأعواد، والتي أراحنا الله منها وله الفضل والمنة. فنحن لا نبتغي سوى حرية الرأي، ونروم أن تكون الشورى لدينا مقدسة، ولكننا في ذات الوقت لا نرضى بأن يجد النفاق لدينا سبيلا. فالذي يُبقي السلطان عدله وحب الناس له ومشورته إياهم. والسلطان إن طالت مدة بقائه، فهو في نهاية الأمر إلى زوال؛ سواء كان ظالما أو كان عادلا. فإن كان عادلا فهنيئا له عند ربه. ونذكر هنا حكمة ترددت بين الناس: لو دامت لغيرك ما وصلت إليك..
ترى لو كان لأولئك العلماء المفتين حرية القول مكفولة، أكانوا يفتون بما أفتوا؟ لا نظن ذلك.
أليست الشورى إذن وما يلزمها من منح الحريات أنجع علاج لداء النفاق وأهله؟! فالذي يكون حرا في التعبير عن رأيه، ولا يخاف عقابا من أحد إن هو خالف رأي المتنفذين، لن يكون منافقا أبدا.
يتبع...
*ياسين الشيخ سليمان
2 - ديسمبر - 2010
ملحق بالمشاركة السابقة    كن أول من يقيّم
 
فطنت إلى ما روي عن ابن تيمية رحمه الله بخصوص الدولة العادلة والدولة الظالمة بعيد إرسالي مشاركتي السابقة بقليل ، وها هي الرواية انقلها من ملتقى اهل الحديث كما هي ، وأرى لها علاقة وثيقة بمشاركتي: (( قال الشيخ رحمه الله في الفتاوى 28/63: فَإِنَّ النَّاسَ لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي أَنَّ عَاقِبَةَ الظُّلْمِ وَخِيمَةٌ وَعَاقِبَةُ الْعَدْلِ كَرِيمَةٌ وَلِهَذَا يُرْوَى : " { اللَّهُ يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الْعَادِلَةَ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً وَلَا يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الظَّالِمَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُؤْمِنَةً } " .
وكلامه رحمه الله عما هو واقع قدرا وكونا.
ومصداقه أيضا الوضع المعاصر الآن .))
*ياسين الشيخ سليمان
2 - ديسمبر - 2010
 1  2  3