وابتدعت
الأوبرا الإبداعية ما يسمى بالمشاهد الموسيقية الدرامية، فنقلت مهمة التعبير إلى
الأوركسترا وازدادت أهمية الجانب السمفوني وتقلص دور
الغناء فيها. ويبدو ذلك واضحاً في أعمال فاغنر الدرامية الموسيقية. إلا أن
الأوبرا الإيطالية تشبثت بضرورة هيمنة الجانب الغنائي فيها ولو أنها مزجت في كثير من الأحيان بين المصاحبة
السمفونية والخطوط الغنائية كما في بعض أعمال فيردي الأخيرة.
وعلى أية حال، فقد أثرت الإبداعية في نظرة الموسيقيين إلى الأوبرا، وغدا لها مؤلفون مختصون، الأمر الذي لم يكن قائماً في العصر الاتباعي، إذ كان من المفترض أن يكون نتاج
المؤلف الموسيقي آنذاك متنوعاً من موسيقى آلية وأوبرالية ودينية وغيرها. ومع الإبداعية بدا أن الاختصاص الموسيقي في التأليف للصيغ والأشكال الموسيقية أصبح مألوفاً وإن تطرق إلى صيغ أخرى مختلفة. فكان تشايكوفسكي[ر]
Tchaikowsky مبدعاً في الباليه[ر] ballet، ولم يغامر فاغنر وفيردي في عالم السمفونية و«الحوارية»[ر] و(الكونشرتو) concerto ووقف شوبان نفسه للبيانو، ولم يخاطر برامز بالغوص في عالم الأوبرا.
وكانت الأوبريت operette [ر. الأوبرا] من نتاج الحركة الإبداعية أيضاً. وقد اتصفت بالخفة والمرح والسخرية من المجتمع التقليدي, وأصبح أوفنباخ[ر] Offenbach خير مبدع في هذا النوع الفني الذي أراد الحفاظ فيه على الأساليب الفرنسية القديمة الطروب.
حسني الحريري