البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الفلسفة و علم النفس

 موضوع النقاش : المثال الأفلاطوني 1    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 صادق السعدي 
8 - أكتوبر - 2010
 
الى صديقنا الأستاذ عبد الحفيظ
 
 
   بدأ أفلاطون حياته شاعرا، وانتهى فيلسوفا مثاليا. وما بين النشأتين كان سقراط ماثلا بين عينيه، وحاضرا في  كل مرحلة من مراحل حياته التي اضطربت بعد موت أستاذه. فاعتزل الناس، وهام على وجهه يبحث عن مثال العدل ، بعد اعدام مثله الأعلى بحكم القانون والعدل  في مفهومه الأرضي.
 
   ترك أفلاطون مسقط رأسه، ومضى يتنقل بين الأقطار والمدن، يبحث عن العدل ويفتّشُ عن الحاكم الذي تجتمع فيه الحكمة والفضيلة والخير. وعاد من تنقله في البلدان خالي الوفاض، بعد أهوال ومخاطر عديدة تعرّض لها، فأُسِر وبيع كما يباع العبيد وهو الارستقراطي النبيل.
 
   ما الذي يجعل شاعرا حالما ينتمي الى أسرة ثريّة ولها صلة قوية في الدولة وأدارة الحكم، أي على علاقة بالواقع المعاش وشروطه المادية، يثور على هذا الواقع وينكر قيمته وحقيقته، ويقيم  نظرية أساسها المثال المفارق للمادة.
 
لعل ذلك يعود الى أمرين أساسيين: 
 
الأول: مواجهة السوفسطائيين الذين أنكروا إمكانية المعرفة الموضوعية للأشياء المتغيّرة وغير الثابتة،  من خلال افتراض حقيقة مفارقة أزليّة وثابتة تعلو على قانون التغيّر والكون والفساد.
الثاني: كما يظهر لي هو إعدام سقراط!
 
   شهد أفلاطون الأيام الأخير لحياة سقراط ، ورأى بنفسه كيف يُعتدى على الفكر الحر، وتنتهك العدالة بإسم العدل والدين والمحافظة على أخلاق الإمة وحماية الشباب من دعوات الكفر والهرطقة. كان إعدام سقراط بالنسبة الى أفلاطون إعدام للعدل والحق والجمال على الأرض؛ فاتجهه ببصره الى السماء بحثا عن الكمال المطلق، والمثال المنشود. لعل المُثل الأفلاطونية كانت في وجه من وجوهها مشهدا من مشاهد العزاء لسقراط ، و صرحا من صروح المعرفة الشامخة في تاريخ الفكر الفلسفي،  شيّده أفلاطون تخليدا لفلسفة أستاذه في طلب الحقيقة. والمفارقة أن الذين تآمروا على سقراط كان على رأسهم أحد الشعراء، والآخر زعيم ديمقراطي!
 
   إن عقيدة الصليب، وفكرة الفداء، وحلول اللاهوت في الناسوت عند النصارى، صدرت من فكرة آلام المسيح وضرورة الخلاص التي هدفها نجاة البشرية بسعادة الخلود. فلسفة مطبوعة بطابع الحزن والشجن، ومصبوغة بحمرة الدم القاني. وهي لاتنفصل بدورها عن المثل الأفلاطونية في كل الأفكار والفلسفات المدوّنة في سجل التاريخ الإنساني.
 
   ليست هناك أفكار عظيمة، ولا فلسفة خالدة لا يقف ورائها بركان هائل وثورة جبارة تهزّ وجدان الإنسان وتحرك فيه الراكد من جوهره النفيس، ذلك الجزء المنفصل والمفارق مما هو مقهور ومكبوت. المتحرر من سلطة الأشياء ونوازع الخوف وكل ما هو تافه وعارض على العقل.
 
   ولكن لا ننسى أن الأشياء النفيسة، والأفكار العظيمة غالبا ما تكون عرضة للنهب والسطو والمتاجرة الرخيصة. وكذلك دماء الشهداء، وتضحيات المخلصين لا تنجو من شهادة الزور وقول البهتان. عليها شيّدت القصور، وأقيمت النوادي ومآتم البكاء والتأبين، وجُمع المال الحرام، وقامت دول وسقطت أخرى خاوية على عروشها لم يبق منها سوى رسم أو طلل.كما  نسلت من رحمها عقائد ومذاهب، منها ما هلك وزال، ومنها ما هو على قيد الحياة بفعل المال والرجال، وهمة الدولة التي بنت عليها مجدها.  
 
   في واقعنا الإسلامي شواهد نمرّ عليها مرورا سريعا. كان مقتل الخليفة عثمان أول تصدع حقيقي  في جدار البناء الإسلامي. هذا مايتفق عليها أغلب المؤرخين. وأول مآتم الحزن التي أعانت على قيام دولة قوية، وشكّلت طبيعة مذهب من مذاهب الفكر والعقيدة مازال قائما. ولعلّ منها بدأت فكرة الثأر من الخصوم، وعودة النفس الجاهلي في تصفية الحسابات، والإحتكام لمنطق القوّة والغلبة. كانت روح الإنتقام وشرارة الكراهية قد أخذت ترتفع:
 
لتسمعن وشيكا في ديارهم          الله أكبر يا ثارات عثمانا.
 
   ورسخت الدولة الأموية أقدامها في واقع الحياة الإسلامية، وطبعت الكثير من ظواهر الإسلام بطابعها الذي يحتفي بإبهة الملك وتصفية الخصوم والمخالفين، واتهامهم بالخروج على طاعة أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم. وكلما نهض ثائر، قمعت ثورته بشدّة ولوحق أنصاره وأتباعة قتلا وسجنا وتشريدا. ويختلط في الظلم والعدوان، الطابع السياسي بالطابع العقائدي والمذهبي، لأن كل منها يشكل الآخر ويغذّيه ويمدّه بأسباب القوّة والبقاء:
 
صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة          ولم نر مهديّا على الجذع يُصلب
وقستم بعثمــان عليّــا سفاهــــة           وعثمان خيـر من علي وأطيـب
 
   وجاء مقتل علي بعد مقتل عثمان، ولكن الصورة هذه المرة مختلفة. فكما صوّرها الإمام بقوله : فلما نهضتُ بالأمرنكثت طائفة ومرقت أخرى وقسط آخرون. فلم تكن له ولا لولده الحسن من بعده دولة بالمعنى الحقيقي. ولانرغب أن نخوض في ذلك فنخرج عن طبيعة موضوعنا، ولأن المجال لا يتسع لمثل هكذا مواضيع بحاجة إلى مزيد من الدرس والتأمل والموضوعية والجرأة وحرية البحث. كان مقتل علي وهو في طريقه الى المسجد للصلاة، في لحظة تاريخية حساسة من الصراع السياسي والمذهبي، والخروج من معركة طاحنة كانت آثارها المؤلة ماتزال تفعل فعلها في النفوس،  قد أسهمت في تشكيل نبرة الأسى والحزن العميق في مسيرة التّشيّع لعليّ ولأبناءه من بعده.
 
    وإذا اختلف الناس في أمرعثمان بين عاذر وعاتب، لم يختلف الكثيرون في علي،من حيث عدالته وزهده ونصرته للضعفاء، والتي ألّبت عليه المنتفعين من الحالة الطبقية، واستئثار جماعة قليلة بالمال والسلطة.
 
    كان استشهاده حرقة في قلوب المطحونين والمهمشين والمحرومين. وكلما ارتفعت وتيرة الظلم، ارتفع معها الخوف و الحاجة الى المخلّص والمثل الأعلى، وضرورة التخفّي والعمل في الظلام. وطبيعة العمل في الظلام يصحبها التخبط ولا تسلم من العثرات والفوضى والإندفاع والثورات العارمة غير المدروسة، وربما غير العقلانية. معها تتشكل ظاهرة ازدواج الشخصية، والأمراض الإجتماعية والأخلاقية والمكر السياسي.
 
   لو تمكن الإمام علي من تحقيق انتصار عسكري حاسم في معركة صفين، لرأيتَ مشهدا مختلفا وواقعا مغايرا في العقيدة والمذهب والدولة وإدارة الحكم ومفهوم الأقلية والأكثرية. وفي كل الأحوال والأزمنة والظروف، لابدّ لك من ضريح تلوذ به وتتوسل إليه في معاشك وفراشك، في صحتك ومرضك، في قوتك وضعفك. لا يهولنّك من يجعج بل عليك بالطحين. دراويش في حضرة هذا المذهب وتلك العقيدة وذاك المفكر والعبقري ورب المال والسلطة والحاكم الأوحد. صور تجمع بين طيّاتها الجدّ بالهزل، والضحك غير المفتعل بالبكاء المحرق.
 
بركان على الورق. أما قلب الشاعر فكما صوّره الفريد دوموسيه، مثل مالك الحزين: ( وقد عاد خائبا الى فراخه على صخرة في عرض البحر، فلم يحصل على قوت لهم فما كان منه إلا أن ضرب صدره في حدّ الصخروجعل من لحمه طعاما لفراخه الساغبين) الثورة والفن. الدكتورعفيف بهنسي. ص78
 
وللمثال بقية.....
 
 
 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
" أهل الكتاب "    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
* شكرا أستاذنا السعدي على هذه السياحة الفكرية *
 
*رأس حسن التكوين خير من رأس حسن الامتلاء *
 
 
أدرك الجميع أن الوقت للفوات، وأن كل شيء يتأهب للصعود، وأن العمال الكادحين ذوي الطلعات الكالحة الذين تغنت بأحلامهم هتافات الثوار الأدعياء يحطون رحالهم الآن فوق حراب الجاحدين لدمائهم، الغرباء الذين يتسقطون الصعود والفوز السريع، وأن دموع الفلاحين الفقراء، المنهمرة كالسيل من عل، يتاجر بها السماسرة النبهاء ملتقطو الإشارات البعيدة، صيادو دلائل الخيرات والضيعات، الضالعون في اجتلاب اللذات وارتقاء المواسم بلا حروب، وأن رايات المثقفين المتهورين المطفأة، حلت بها موجة التحلل، ولا شيء يعدل في الطريق رغوة الولاء، ولذة الفناء في محبة أهل السلطان والتوبة المتواترة في عادات مجالس الشرب والقرب.
وتوزع أهل الكتاب في الساحات والأسواق خطباء مدججين باللقوة والصياح العظيم ينادون في العباد أن زمن القسوة والكدح قد ولى، خابت المطرقة وخاب مسعاها، واعتزل المنجل لوعة الحصد، ولا أحد بمقدوره أن يدفع الثمن، فلتكن الطريق لمتعة اليمين، المحجة «البيداء»، إنا تعبنا من  قر الحروب الباردة وحر الساخنة منها، ومن الفتن والسواعد «المقفرة» والسدود والصنابير المغلقة وشارات المرور التي لا تشيد غير الهزائم فوق رؤوسنا.
ها نحن فرسان الصراع الطبقي أهل الاستراتيجية والتكتيك والمادية الجدلية والحتمية التاريخية والبنيات التحتية والسفلى، والاشتراكية العلمية والنظرية الثورية مضطرون إلى إغلاق الأبواب والدخول في ملة أهل الكتاب منصورين لا يضيرنا من خذلنا أو خذلناه.
جاء المنجل منتحبا يبكي مواعيد الحصاد وعويل الفلاحين وانقلاب الأغصان على الجذور، ومد عنقه إلى نافذة الحلم كأنما يقول: أيتها البروليتاريا المضرجة بكل التعب العميق، وعرق التاريخ البعيد، ها هم أهلك اليوم يتعهدون الأوضاع، منهم الوزراء وكبار المدراء والناطقون الرسميون بكل الشطط الكائن والمحتمل، لم يعودوا بحاجة إلى عطر ثوابتك، أو مخاضات النضالات المجهضة. لقد استنزفوا العاصفة، وهاهم الآن يمرون واحدا تلو الآخر، يفسح الواحد منهم الموقع للثاني، ويشدون أزر بعضهم البعض كالبنيان المغشوش، ويبنون أمجادهم على قاموس الذكريات المهدورة.
لم تكن الاشتراكية إلا مكالمة من مجهول.
لم يكن ماركس إلا عبقريا مفلسا.
لم يكن ستالين إلا جنديا مجهولا.
 
منقولة بتصرف عن
....http://www.almassae.ma/node/6806
 
                                         
*abdelhafid
10 - أكتوبر - 2010
مبدعون تركوا مهنهم إلى الكتابة ..    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

 وآخرون هجروا القلم إلى مهن أخرى

المساء
كما هو بارز من خلال عنوان مقال «مبدعون تركوا مهنهم إلى الكتابة وآخرون هجروا القلم إلى مهن أخرى»، يرصد عدنان أبو زيد المدحتي  مجوعة من تجارب عدد من الكتاب في هذا الشأن،
من بينهم سبينوزا، طه حسين، أديسون، دويستويفسكي وأحفاد الزيات. ولأهمية هذا المقال المنشور   في موقع «إيلاف»، ندرجه ضمن هذا الملف.
كثيرا، ما قيل إن الفلسفة والكتابة صناعة من لا صناعة له‏، على الأقل في بلدان العالم الثالث ودول أخرى لا تدر فيها صنعة الكتابة لصاحبها إلا النزر اليسير. ورغم ازدهار النشر الإلكتروني وتعدد المواقع والجرائد، التي أضحت بالآلاف، فإن مهنة الكتابة والفكر تظل المهنة الأفقرَ بين المِهن والأكثر قلقا ومسؤولية، وربما لهذا السبب ولأسباب أخرى، اختار كتاب العالم وشعراؤه، بل وفلاسفته، مهنة أخرى يؤمّنون منها قُوتهم اليومي. كما أن البعض منهم زاول مهنا بسيطة، قبل أن يشتهر ويصبح له شأن في عالم الفكر والقلم. وعلى عكس هؤلاء، فهناك من «هجر» مهنته (كالطب، مثلا) التي تدر عليه دخلا جيدا، إلى الكتابة، التي هي مهنة الفقراء، حسب تعبير ألبير كامي.
والكتابة، كمهنة، لم يمارسها من درسها في كثير من البلدان، وهي معادلة تبدو غريبة، إذا ما عرفنا أن اغلب الكتاب والشعراء المعروفين لم يدرسوا الأدب، بل مارسوه كهواية سرعان ما أصبحت «مهنة» لهم، تاركين مِهنهم الأخرى، التي درسوها وقضوا سنوات في الحصول على شهادات ممارستها... في حين نجد من الفلاسفة من لم تسعفهم أفكارهم في الحصول على دخل جيد، ليعيشوا في فقر مدقع، مثل الفيلسوف اليوناني سقراط، الذي كان يعتمد على ما يتلقاه من أموال تلميذه أفلاطون‏، ولكنه رفض أن يكون هذا هو المصدر الوحيد لحياته‏.‏ فاضطر للعمل منظِّفا لوجوه التماثيل من مخلفات العصافير، إضافة إلى أنه تعلم مهنة نحت الصخور عن والده.
دانتي  الجندي
الشاعر دانتي أليغييري، صاحب البيان الأدبي الأعظم، الذي أنتجته أوربا خلال العصور الوسطى، وقاعدة اللغة الإيطالية الحديثة، كان جنديا قاتَل في معركة «كامبالدنو» (11 يونيو 9821) مع فرسان الغويلفيين، بل كان من أبرز الفرسان الذين رافقوا كارلو مارتيلو أنجو (ابن كارلو الثاني، ملك نابولي) حينما كان في فلورنسا. وإضافة إلى مهنة الجندية، فقد عمل طبيباً وصيدلياً. والطريف أن أحفاده لم يقتفوا أثره،‏ فقد توارثوا زراعة العنب وعصير النبيذ، أجيالا عدة‏.‏ وعمل أفراد أسرته في استرجاع المخلفات وتدويرها إلى صناعات أخرى.
حنا مينة.. حلاق في دكان صغير!
كان الكاتب السوري حنا مينة عاملا في الموانئ السورية، وهو المتحدر من عائلة فقيرة جداً، ما أضطره إلى ممارسة مهن عدة خالط فيها عمال البحر والتبغ والعاطلين عن العمل والمشردين. كما عمل حلاقاً في دكان صغير...
سبينوزا..  خبير  الزجاج
كان الفيلسوف سبينوزا يعمل في صناعة العدسات والنظارات‏، في حين كان معظم الفلاسفة من مُجايِليه يدرسون في الجامعات‏.‏ فحين هاجمه رجال الدين وقضوا عليه بالحرمان الديني، سنة 6561، نُفي إلى ضواحي أمستردام، ليكسب عيشه من صقل البلور وإصلاح المناظير المقرِّبة. وقد ألف، في هذه الأثناء، كتابه «رسالة موجزة في الله والإنسان وسعادته». ولما سافر إلى رينسبورغ، شرع في تأليف «رسالة في إصلاح العقل». ونزولاً عند رغبة أصدقائه في الإدلاء برأيه في بعض مسائل فلسفة ديكارت، ألّف كتابه «مبادئ فلسفة ريني ديكارت.
طه حسين.. الأدب والتدريس
ثمة أدباء كانوا يعتاشون من عائدات كتبهم، مثل طه حسين، إلى جانب عمله أستاذا وعميدا وعضوا في هيئات كثيرة‏.‏ وكان العائد كبيرا‏.‏
أما العقاد فكان يعيش على ما تُدرُّه عليه عوائد كتبه‏ القليلة، فكان فقيرا يشكو مصاعب الحياة‏.‏ وقد دفعه الفقر إلى أن يمد يده في الظلام ويطلب المساعدة‏.‏ وكان يلقى الرفض والاعتذار والهروب‏!‏ وكذلك كان، قبله بعصور كثيرة، الفيلسوف الأديب أبو حيان التوحيدي‏...‏
أحفاد الزيات.. وبيع الجعة
لم يجد أولاد الكاتب الكبير أحمد حسن الزيات بدا من بيع الجعة (البيرّة)، بعد أن عرفوا أن مهنة مثل مهنة أبيهم سوف لن تكون كافية لمواجهة مصاعب الحياة...
والشاعر بشارة الخوري، الذي لُقب بـ«الأخطل الصغير»، أفنى عمره في نظم الشعر لكن مصدر رزقه كان من باب آخر، ألا وهو الدبلوماسية والسياسة.
أما يوسف السباعي، المتخرج من الكلية الحربية سنة 7391، فقد تولى العديد من المناصب، منها التدريس في الكلية الحربية، ثم عُيّن، سنة 2591، مديرا للمتحف الحربي وتدرَّج في المناصب حتى وصل إلى رتبة عميد. لكن كل ذلك لم يبعده، أبدا، عن هاجسه الأبدي في الإبداع الثقافي لاسيما القصصي، حتى شغل منصب وزير الثقافة سنة 3791، ومنصب رئيس مؤسسة «الأهرام» ونقيب الصحافيين وقدم 22 مجموعة قصصية وأصدر 61 رواية، حتى اغتيل في قبرص في 81 فبراير 8791. وكان السباعي غالبا ما يردد أن عالم الأدب هو الأجمل و لأبقى لكنه لا يدر مالا...
يوسف إدريس.. من الطب إلى الصحافة
يوسف إدريس مثال للمبدع الذي مزج بين العلم والأدب والسياسة، فلم يتخلَّ عن أحديهما على حساب الآخر. لكن الأدب شكل منعطفا حاسما في حياته، المادية والمعنوية، وسعى يوسف إلى أن يكون طبيبا، رغم شغفه بالأدب، ذلك أن أسرته كانت تنصحه بمهنة تدر عليه دخلا جيدا... وكان أثناء دراسته للطب قد بدأ كتابة قصته القصيرة الأولى، التي لاقت شهرة كبيرة بين زملائه. ومنذ سنوات الدراسة الجامعية وهو يحاول نشر كتاباته.. وواصل مهنة الطب، حتى سنة 0691، حيث انسحب منها وعُيِّن محرراً في جريدة «الجمهورية».
وفي 1691، انضم إلى المناضلين الجزائريين في الجبال وحارب في معارك استقلالهم، لمدة ستة أشهر، وأصيب بجرح وأهداه الجزائريون وساماً، إعراباً منهم عن تقديرهم لجهوده في سبيل استقلالهم، فعاد إلى مصر. وقد صار صحافيا معترَفاً به، حيث نشر روايات قصصية وقصصاً قصيرة ومسرحيات..
أما إبراهيم ناجي، شاعر الحب والتغني بجمال الطبيعة، فتخرج في مدرسة الطب عام 2291، وعُيِّن طبيباً ومراقباً للقسم الطبي في وزارة الأوقاف، لكنه لم يتمتع بمهنته قدْر متعته وهو يقرض الشعر، كما كان يقول دائما، بل كان يغتنم الفرص أثناء دوامه الرسمي ليدون أفكاره الشعرية على قصاصات ورق تفرقت بين جيوبه، حتى أضاع الكثير منها.
يحيى حقي.. الكتابة والمحاماة
لم يكن الأديب يحيى حقي راضياً عن عمله في النيابة، فاختار المحاماة، بمرتب شهري قدره ستة جنيهات... لكنه، إلى جانب عمله، كانت عيناه منصبَّتيْن على ميوله في الأدب والثقافة، فأنجز من المشاريع الثقافية والأدبية ما بقي ماثلا للعيان، حتى حصل، في عام 9691، على جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وهي أرفع الجوائز التي تقدمها الحكومة المصرية للعلماء والمفكرين والأدباء المصريين، لكونه واحداً ممن أسهموا في حركة الفكر والآداب والثقافة في مصر، بدءاً من الربع الأول من القرن العشرين.
كما منحته الحكومة الفرنسية، عام 3891، وسام «فارس» من الدرجة الأولى، وكان واحداً ممن حصلوا على جائزة الملك فيصل العالمية، لريادته في القصة العربية الحديثة، عام 0991.
القصيبي.. الأدب والدبلوماسية
زاوج الدكتور غازي القصيبي بين وظيفته الدبلوماسية وممارسة أدبية خصبة. لم توقفه المهام الكثيرة التي مارسها سفيرا ووزيرا وأستاذا جامعيا، من التوقيع على مسيرة إبداعية في الأدب والثقافة، فقرض الشعر وكتب الرواية والقصة، وساهم في الصحافة وفي التنمية والسياسة.
أديسون وجون شتاينبك.. بائعا صحف وجرائد
لم يكن أديسون (7481 -1391) العالم الأمريكي، مخترع الكهرباء والتصوير الفوتوغرافي، سوى بائع للصحف على أرصفة السكك الحديدية في طفولته،. لفتت انتباهَه عملية الطباعة فسبر أغوارها وتعلم أسرارها. في عام 2681، أصدر نشرة أسبوعية سماها «Grand Trunk Herald». وإلى جانب بيع الصحف، امتهن بيع الخضر من محصول مزرعة والده، ما در عليه ربحا ممتازا. لقد كان أديسون فتى هادئا يركز في ما يعمل. كان يرتدي بذلة رخيصة الثمن ولا يشترى سواها، حتى تبلى، ولم يكن يمسح أحذيته، ونادرا ما يمشط شعر رأسه. وكان يغتنم الفرص أثناء عمله، ليكتب قصائد وخواطر لم يشتهر بها قدر شهرته بعد اختراعه المصباح الكهربائي.
كما كان المؤلف الأمريكي جون شتاينبك، الحائز على جائزة نوبل للآداب، بائعا للصحف والفاكهة على حافة الطريق، والغريب أن ضيق ذات اليد دفعه إلى أن يترك دراسته الجامعية، حيث كان يدرس علم الأحياء، ليعمل أجيراً في مزرعة وبائع جرائد ومساعد صيدلي. وتعد روايته «عناقيد الغضب» (9391) من أكثر أعماله شهرة، يصف فيها حالة عائلة فقيرة من أوكلاهوما، وتعكس، حسب نقاد، حالة الكفاف التي يعيشها.
غوته.. النبيل
درس غوته، الطموح، اللغة الإنجليزية في وقت مبكر من حياته والتحق بجامعة «ليبزيج» لدراسة القانون، ليعين في منصب قانوني في القصر الإمبراطوري.
وفي عام 1871، درس علم التشريح والعظام والجيولوجيا ولكنه ترك دراستها، بعد أن عينه الإمبراطور جوزيف الثاني وزيرا ثم رقاه إلى رتبة نبيل. لكن المناصب الرفيعة التي شهدتها حياته لم تكن عائقا أمام السمو الروحي الذي كان يعتريه ليعبر بإبداع فني وثقافي بهر العالم، بصدقه وعفويته.
ديستوفسكي.. المهندس
كان الروائي دويستوفسكي ضابطا حربيا عام 2481، وقبل ذلك، ترك الهندسة استجابة لنداء السرد الروائي، كما كان يقول. ورغم حياته الحافلة بالسياسة، فإنه لم يخلص لهذا قدْر إخلاصه لإبداعه.
غير أن بلزاك، الذي درس القانون ومارس المحاماة وتابع، في الوقت نفسه، دراسة الآداب والفلسفة في «السوربون»، تدرج في الأعمال الأدبية، لكنْ دون تحقيق أي نجاح، ودفعه هوس النجاح إلى أن يكتب مع مجموعة من رفاقه روايات تحت أسماء مستعارة ونُشرت باسم مؤلفات «أوراس دوسان أولان» الكاملة.
مارك  توين.. عامل  مطبعة
كان الكاتب الأمريكي مارك توين، وهو من أعظم كتّاب الأدب الساخر، عاملاً في إحدى المطابع، ثم عاملاً في الزوارق البخارية في نهر الميسيسيبي.
وصمويل لانغهورن كليمنس هو الاسم الأصلي لتوين، الذي ولد في ولاية «ميسوري». كان ملاحا وشارك في الحرب الأهلية عام 1681. وبعد انتهاء الحرب، عمل في الصحافة في جريدة محلية في فرجينيا واتخذ اسم مارك توين، فرافقه الاسم طيلة حياته ووقّع به كتبه ورواياته.
تولستوي.. ماسح أحذية وشكسبير.. سائس خيل!
عمل الروائي الروسي ليو تولستوي في إصلاح الأحذية ومسحها، وعندما بلغ السبعين من عمره، ارتدى ثياب الفقراء وعاش في البرية، يكسب قوته مما عرق جبينه.
وكان وليام شكسبير، أحد أهم كتاب المسرح في العالم، سائساً للخيل.
مصطفى محمود.. الطب والأدب
أما مصطفى محمود، المفكر والطبيب، فعُرف كأديب أكثر منه طبيبا في مصر، ورغم دراسته الطب وتخرجه عام 3591 وتخصَّصه في الأمراض الصدرية، فإنه تفرغ للكتابة والبحث، رغم هوسه  بالعلوم وتجاربها، حتى أنشأ معملا صغيرًا يصنع فيه الصابون والمبيدات الحشرية ليقتل بها الحشرات، ثم يقوم بتشريحها... وحين التحق بكلية الطب، اشتهر بـ«المشرحجي»، نظرًا إلى وقوفه، طيلة اليوم، أمام أجساد الموتى، طارحًا التساؤلات حول سر الحياة والموت وما بعدهما. لكن كل ذلك لم يمنعه من أن يكون هاجسه الأول الأدب والكتابة، فأبدع فيهما أيما إبداع.   

*abdelhafid
11 - أكتوبر - 2010
الثالوث المثالي    كن أول من يقيّم
 
 
 
 
     يقسم أفلاطون- كما هو معروف في فلسفته- العالم الى قسمين: عالم مثالي وعالم مادي. ويمتاز عالم المثال بالثبات والديمومة والكمال. أما عالم المادة فهو متغيّر وصورة مشوهة وممسوخة من ذلك العالم الحقيقي.
 
    ولكن إذا نظرنا الى المسألة  بدقة أكثر، نجد أفلاطون يقسم أشكال المعرفة الى ثلاثة: 
 
1 - عالم المثال والكمال المطلق، وهو عالم الحقيقة المفارق للمادة. ولعله يريد به العقل الأول أو معلومات الله في علمه الأزلي كما يرى الشهرستاني.
2 - عالم المادة والإدراك الحسي، وعن طريقه تصلنا صور الأشياء ناقصة وممسوخة ومحملة بكدر المادة وثقلها.
3 - عالم العقل ( الإنساني) وله طبيعة تماثل طبيعة المثال في تجرده دون كماله، تجرّد على مستوى الذات العارفة وماديّ على مستوى الفعل الرابط بين عالم المثال في كلّيته وتجرّده، وعالم المادة في جزئيّته.
 
   هذا التقسيم النظري عند أفلاطون نجد صورته العملية في الواقع من خلال تقسيم المجتمع الى طبقات ثلاث:
- طبقة االحكّام والفلاسفة.
- طبق الجنود الذين يحرسون الدولة ويحققون لها الأمن الداخلى ويحمونها من الغزو الخارجي.
- طبقة الصناع والكسبة وأصحاب الحرف والمزارعين ومن في درجتهم من الطبقات الدنيا.
 
     يقول الشهرستاني وهو يحكي ما نُقل عن أفلاطون قوله: لما كان العقل الإنساني من ذلك العالم أدرك من المحسوس  مثالا منتزعا من المادة معقولا، يطابق المثال الذي في عالم العقل بكلّيته، ويطابق الموجود الذي في عالم الحس بجزئيته. ولولا ذلك لما كان لما يدركه العقل مطابقا مقابلا من الخارج. فما يكون مدركا لشيء يوافق إدراكه حقيقة المدرَك. ص 343
 
      فالعقل بهذا المعنى يعمل في إتجاهين مختلفين، فهو يدرك مثالا عقليا، وهذا المثال الذي يدركه العقل يجب أن يكون- كما نفهم على الأقل- يتطابق مع طبيعة العقل في تجرده. بل لابد أن يكون كذلك حتى تتم المطابقة التي افترضها أفلاطون في نظريته المعرفية. ولكلي ينتزع مثاله لابد من أن يكون ذلك بواسطة الإدراك الحسي.
 
   فالعقل هنا يلعب دور الوسيط والجسر الذي يربط  عالم المثال المجرد بكليته، بعالم المادة بجزئيته. والكلام لا يخلو بعد من غموض وتناقض. فحقيقة المدرَك هو المادة، فكيف توافق حقيقة العقل الذي يتصوره أفلاطون من جوهر ذلك العالم المثالي؟! يمكن أن نفهم من قوله: كان العقل من ذلك العالم، أن أفلاطون يضع العقل الأنساني في الدرجة الأدني من سلم العقول المجردة لتعلقه بالمادة فعلا و تجرده منها على مستوى الذات، فيكون له بالمادة نحو من القرب والصلة التي تمكنه من إدراك ماهو مادي ومحسوس من جهة، ومطابقة ذلك المدرَك للمثال المفارق بتوفيق من  العقل الذي وإن تجرد من المادة ذاتا، يبقى على صلة بها من جهة الإدراك لها. وفي كل الأحوال ليس للمادة وجود حقيقي في فلسفة أفلاطون، بل هي خيال وظل لا غير. فإذا كانت المادة أمرا عدميّا لا حظ لها من الوجود سوى الظل، فهل الإنسان بهذا المعنى  إنما يتعقّل الوهم. أو يتوهّم أنه يعقل شيئا بالفعل وليس الأمر كذلك؟ الجواب أنه يتعقل الحقيقة من خلال تذكرها. فالمعرفة عند أفلاطون تساوي التذكر، أو هي التذكر لماضي جميل ومتعال ومجرد، عاشته النفس قبل علوقها بشرك المادة:
 
هبطت إليـك من المحــل الأرفــع             ورقـــاء ذات تعـــزز وتمنّــــع
تبكي وقد ذكرت عهودا بالحمــى             بمـدامـــع تهمــي ولمّــا تقـــلــع
وتظل ساجعــة على الدمـــن التي            درست بتكرار الرياح الأربـــع
إذ عاقها الشرك الكثيف وصدّهــا             قفص عن الأوج الفسيح المربـع
حتى إذا قرب المسيــر من الحمى           ودنا الرحيل الى الفضاء الأوسع
سجعت وقد كشف الغطاء فأبصرت         ما ليس يُدرك بالعيــون الهجّـــع
 
    بالطبع لم يستطع أرسطو بعد ذلك من التخلص تماما من أثار أفلاطون في المنطق وبناء نظريته الفلسفية للمعرفة. فجعل مراتب العلم أو المعرفة ثلاث:
 
- التصوّر البسيط وهو انطباع صورة الشيء في  العقل دون حكم أو تصديق. أو مجرّد تصور الماهية لا الحكم عليها إثباتا أونفيا.
- التصديق أو الحكم بمطابقة التصور للواقع ونفس الأمر.         
- وما بين الأمرين يقع الإستدلال والبرهنة على صدق القضية أو كذبها. أي الإنتقال من معلوم الى مجهول.
 
والقياس أيضا لا يصحّ إلا بأركانه الثلاثة المعروفة:
 
1 – مقدمة صغرى
2 – مقدمة كبرى
3 – نتيجة
وتظهر فكرة الوسط و أهميّتها في منطق أرسطو بوصفه الجسر الذي يعطي حكم الأكبر للأصغر في عملية القياس.
 
   واختلاف أرسطو مع أستاذه  هو إنكاره للمثل الأفلاطونية. ولكن تبقى فلسفته قائمة على ثنائية عالم العقل وعالم المادة، بالتعبير عنهما: الصورة والمادة أو الهيولى. فالعقل عند أرسطو ينتزع بواسطة الإدراك الحسي صورا ومعاني كلية يتعقلها من طبيعة العلاقة الموجودة بين الإشياء، هذه العلاقة التي يحكمها قانون السببية أو العلية والمعلولية.
 
   ولكن كيف يتمكن العقل من ادراك هذا القانون الموجود بين الأشياء؟ هنا يلجأ أرسطو ال مثالية مشابهة. فهو يُرجع ذلك القانون الى مباديء أولية وضرورة مركوزة في طبيعة العقل ذاته. وهي لا تحتاج الى البرهان في تحصيلها وإلا لزم الدور. بمعنى آخر: استحالة البرهنة العقلية. فلم يكسر أرسطو الغصن الأكثر مثالية في ثالوث أفلاطون، بل تعلّق به وقدمه على الارض.
 
و عندنا أمثلة أخرى...
 
 
*صادق السعدي
13 - أكتوبر - 2010
الشعار والدثار    كن أول من يقيّم
 
لا يستعمل مصطلح الأكثرية والأقلية في المجال السياسي فقط، بل يتسع نطاقه ليشمل نواحي اجتماعية واقتصادية ومذهبية وعقائدية. فيقال: أكثرية برلمانية، وأكثرية مسلمة وأقلية مسيحية، وأكثرية سنية في هذا البلد وأقلية في بلد آخر، وأقلية شيعية هنا وأكثرية هناك. وقد يعبر عن كل ذلك بالأغلبية. وهو تعبير نتناوله ربما بشكل يوميّ دون الإلتفات الى مضمونه الذي يدل على المغالبة في صيغة التفاضل. وكأن الأمر صراع ينتصر فيه غالب، ويخضع فيه المغلوب لإرادة ذلك الغالب.
 
  ليست الأكثرية أوالأقلية من المصطلحات القرآنية، ولكن الله تعالى وصف أكثر الناس بأوصاف مذمومة لو جمعناها لم بق لإسلامها فضلا عن إيمانها شيء على الأطلاق. فهم لا يعلمون ولا يفقهون ولا يشكرون، غافلون فاسقون، للحق كارهون، ولنعمة الله منكرون كافرون.
هذه الأكثرية التي يتحدث عنها القرآن الكريم، هي الأكثرية الظالمة الجاحدة المتعالية التي تستضعف من هو دونها في القوة والمال والقدرة. الأكثرية المالكة للقرار السياسي والإقتصادي، المتحكمة بالوضع الإجتماعي والمسار الفكري والعقائدي ومصير الأمم على الأرض.
 
   الأكثرية ليست عددا، بل هي رمز الإستبداد والطغيان في كل زمان ومكان:      
 
( إنّ فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يُذبّح أبناءهم ويستحي نساءهم إنّه كان من المفسدين. ونريد أنّ نمنّ على الذين استُضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) القصص 4 – 5 .
 
   والآية الثانية ترددت على لسان أكثر من طاغية بعد تحقيق النصر على طاغية مثله سبقه في الظلم والعدوان، يستدل بها على صحة حكمه، ومشروعية ولايته على الإمة.
 
   وهؤلاء هم أنفسهم الفئة المترفة التي قال عنها القرآن الكريم:  
 
( وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون). سبأ 34
 
   أما قوله تعالى: كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، ليس مدحا لها في مقابل ذم الفئة الكثيرة. بل هو بيان وتنبيه للمسلمين على أهمية الإيمان وصدق النية والعزيمة في تحقيق النصر على العدو ولو تفوّق بالعدّة والعدد.
 
   فقد تمكن الخوارج كما يحدثنا التاريخ من إلحاق الهزائم العديدة بتلك الجيوش الجرارة التي كانت الدولة الأموية ومن بعدها الدولة العباسية ترسلها لقتال الخوارج. وقد زعموا أنهم الفئة المؤمنة التي نصرها الله على الفئة الكافرة.
 
   كما في الأكثرية كذلك في الاقلية، مظاهر للإستبداد والقهروالإعتداء على الحقوق والحريات وانتهاك لحرمة الإنسان ومباديء العدل. حكمت الأقلية باسم الارستقراطية المتفوقة عقليا وأخلاقيّة واقتصاديّا واجتماعيا، مقابل أكثرية تراها دهماء وغوغاء ضعيفة العقل، تفتقر الى الحكمة في سلوكها وتقاد كما يقاد القطيع. لا تفهم معني الحرية، ولا تناسبها الديمقراطية.
 
   ليست الأقلية صالحة بالضرورة.بل تتشخص في الواقع فتكون بيضاء كما تكون رمادية وسوداء. وقد تكون حمراء دامية.  
*صادق السعدي
14 - أكتوبر - 2010