أدب الوصايا والمواعظ ( من قبل 4 أعضاء ) قيّم
أدب الوصايا والمواعظ منزلته ونهجه وخصائصه الإيمانية والفنية د.عدنان علي رضا النحوي لقد كان منطلق هذا الكتاب الندوة العلمية السنوية التي عُقدت في مدينة حيدر آباد تحت عنوان " أدب الوصايا والمواعظ في الإسلام " في عام (1417هـ ـ 1996م ) . لقد شاركت ببحث في هذا الموضوع ، وشارك أساتذة كثيرون كذلك . لقد هزّني الموضوع هزّاً عنيفاً وأنا أجمع المادّة لبحثي في المواعظ والوصايا عبر مراحل مختلفة في التاريخ الإسلامي ، ومن بقاع ممتدة في الأرض ، تضمّ أمة الإسلام في تاريخ عظيم . وهزّني ما قدّمه الإخوة الأساتذة في الندوة . أدب الوصايا والمواعظ ! ما هي منزلته في الإسلام وما هو نهجه وخصائصه ؟! ربما يرى بعضهم أنه ليس في الوعظ من سبيل للأدب والفنّ المنبثق عن التصور الإسلامي ، ونرى أن المواعظ والوصايا كانت ثروة عظيمة في تاريخ الأدب الملتزم بالإسلام ، وعبقاً نديّاً تحمله الدعوة الإسلامية في مسيرتها لتُغْنيَ به البشرية كلها . لقد كانت المواعظ والوصايا قديمة في تاريخ جميع الشعوب . وكانت تبدو كأنها من عبق رسالة الأنبياء والمرسلين الذي بعثهم الله في تاريخ البشرية ، رسولاً في كلّ أمة ، أو أنها من البقية الباقية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها والتي شُوّهت بانحراف الناس عن رسالة أنبيائهم ورسلهم . ولقد جعل الله كتابه الكريم كله موعظة للناس ماضية مع الزمن حتى قيام الساعة ، تُقرع القلوب : توصي وتذكّر : ( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ) وكذلك كانت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم وبيان الخلفاء الراشدين ، ونُصْح أئمة الإسلام الأعلام في تاريخ غني طويل . وكان الجمال الفنّي والمستوى الأدبي الذي حملته المواعظ والوصايا على درجة عالية من الإبداع ، حمل جماله الفنّي من عظمة الإيمان والتوحيد ، وعظمة منهاج الله ، وعظمة اللغة العربية ، دفعته المواهب الغنيّة نثراً وشعراً ، ليقدّم " النصيحة " الأمينة الوفيّة استجابة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " الدين النصيحة … " ! وإذا هبط مستوى المواعظ والوصايا في واقع المسلمين اليوم ، فلا يجوز أن يكون هذا مسوّغاً لإنكار غناء هذا الأدب العظيم ، ويظلّ الإسلام يذكرنا بأهمية هذا الأدب في مسيرة الأمة المسلمة . ونحن المسلمين اليوم في أشدّ الحاجة إلى أدب المواعظ والوصايا ، ليستأنف مسيرته في حلة جميلة غنية من جمال الأدب والبيان . وما أجمل الأدب حين يكون موعظة ، وما أجمل المواعظ حين تكون أدباً وبياناً . يأتي هذا الكتاب الذي يقع في ( 320 صفحة ) في سبعة أبواب : الباب الأول بعنوان : قضايا في الأدب الإسلامي . وأعالج من خلال فصول هذا الباب قضايا أعتقد بأهميتها في ميدان الأدب الملتزم بالإسلام : مفهوم الأدب الملتزم بالإسلام ، تعريفه وخصائصه وأهدافه . ثمّ أهم أسباب اختلاف التصورات نحو الأدب الإسلامي ، وأهمية اللغة العربية ، وأهمية الوعظ والوصايا، وأدب غير المسلمين ، وحوار مع بعض الذين ينكرون الأدب الإسلامي. وفي الباب الثاني : امتداد الوصايا والمواعظ في الشعوب والعصور . نعرض من خلال فصلين : امتداد الوصايا في الشعوب والعصور ، ونماذج من الوصايا والمواعظ في العصر الجاهلي . وفي الباب الثالث : نعرض أهم الخصائص الإيمانية في أدب الوصايا والمواعظ ، كما نجدها في الكتاب والسنة . والوصايا في القرآن الكريم ، والوصايا في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلّم . وفي الباب الرابع : نعرض نماذج من أدب الوصايا والمواعظ في عهد الخلفاء الراشدين . وفي الباب الخامس : نعرض لنماذج لأدب الوصايا والمواعظ بعد الخلفاء الراشدين . في العصر الأموي والعهد العباسي الأول ، حيث نرى اختلاف النهج في بعض الوصايا والمواعظ عما كانت عليه في عهد الخلفاء الراشدين . وفي الباب السادس : أدب الوصايا والمواعظ في الشعر .نعرض نماذج من أدب الوصايا والمواعظ لدى عدد من الشعراء المخضرمين والمسلمين في عصور مختلفة ، لنرى دور الشعر في الموعظة والوصية ، ومستوى الجمال الفني فيه . وفي الباب السابع والذي بعنوان : دراسة فنية موجزة لبعض النصوص. في هذه الدراسة نطبق أولاً النظرية التي ندعو لها في النقد أو ( النصح ) الأدبي كما عرضناها في كتبنا الأدبية المختلفة ، وكما نعرض موجزها في هذا الكتاب . ثم نعرض أنواع البلاغة من تشبيه واستعارة ومجاز وكناية وغير ذلك من باب علم البيان ، وكذلك بعض أنواعٍ من علم المعاني وعلم البديع ، ومدى أثرها في إبراز الجمال الفني. |