البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التربية و التعليم

 موضوع النقاش : وصايا خالدة    قيّم
التقييم :
( من قبل 4 أعضاء )
 زهير 
26 - سبتمبر - 2010
وصية ابن سعيد لابنه علي:
تحية طيبة أصدقائي وأساتذتي الكرام:
كنت قد نشرت هذه الوصية قبل قليل، ثم ارتأيت أن يكون الملف تحت عنوان (وصايا خالدة) نضم إليها أجمل ما نظفر به من وصايا الأمراء والعلماء
وأفتتح هذا الملف بهذه الوصية المطولة وهي وصية أبي عمران موسى بن سعيد لابنه علي مشاركه في تاليف كتاب (حلى المغرب) نقلتها من (نفح الطيب) واستدركت ما وقع فيها من نقص، وما لحقها من اغلاط الطبع، وقد أوردها المقري في أخبار موسى بن سعيد قال:
(قال ابنه علي: لمّا أردت النهوض من ثغر الإسكندرية إلى القاهرة أول وصولي إلى
الإسكندرية، رأى أن يكتب لي وصية أجعلها إماماً في الغربة، فبقي فيها أيّاماً إلى أن كتبتها عنه، وهي هذه، وكفى بها دليلاً على ما اختبر وعلم:
أودعك الرحمن في غربتك         مرتقباً رحماه في أوبتك
وما اختياري كان طوع النوى         لكنّني أجري على بغيتك
فلا تطل حبل النوى إنّني         والله أشتاق إلى طلعتك
من كان مفتوناً بأبنائه         فإنّني أمعنت في خبرتك
فاختصر التوديع أخذاً، فما         لي ناظرٌ يقوى على فرقتك
واجعل وصاتي نصب عينٍ ولا         تبرح مدى الأيام من فكرتك
خلاصة العمر التي حنّكت         في ساعة زفّت إلى فطنتك
فللتّجاريب أمورٌ إذا         طالعتها تشحذ من غفلتك
فلا تنم عن وعيها ساعةً         فإنّها عونّ إلى يقظتك
وكلّ ما كابدته في النّوى         إيّاك أن يكسر من همّتك
فليس يدرى أصل ذي غربةٍ         وإنّما تعرف من شيمتك
وكلّ ما يفضي لعذرٍ فلا         تجعله في الغربة من إربتك
ولا تجالس من فشا جهله         واقصد لمن يرغب في صنعتك
ولا تجادل أبداً حاسداً         فإنّه أدعى إلى هيبتك
وامش الهوينا مظهراً عفّةً         وابغ رضى الأعين عن هيئتك
أفش التحيّات إلى أهلها         ونبّه الناس على رتبتك
وانطق بحيث العيّ مستقبحٌ         واصمت بحيث الخير في سكتتك
ولا تزل مجتمعاً طالباً         من دهرك الفرصة في وثبتك
وكلّما أبصرتها أمكنت         ثب واثقاً بالله في مكنتك
ولج على رزقك من بابه         واقصد له ما عشت في بكرتك
وايأس من الودّ لدى حاسدٍ         ضدٍّ ونافسه على خطّتك
ووفّر الجهد فمن قصده         قصدك لا تعتبه في بغضتك
ووفّ كلاًّ حقّه ولتكن         تكسر عند الفخر من حدّتك
ولا تكن تحقر ذا رتبةٍ         فإنّه أنفع في غربتك
وحيثما خيّمت فاقصد إلى         صحبة من ترجوه في نصرتك
وللرّزايا وثبةٌ ما لها         إلاّ الذي تذخر من عدّتك
ولا تقل أسلم لي وحدتي         فقد تقاسي الذلّ في وحدتك
ولتزن الأحوال وزناً ولا         ترجع إلى ما قام في شهوتك
ولتجعل العقل محكّاً وخذ         كلاًّ بما يظهر في نقدتك
واعتبر الناس بألفاظهم         واصحب أخاً يرغب في صحبتك
بعد اختبارٍ منك يقضي بما         يحسن في الأخدان من خلطتك
كم من صديقٍ مظهرٍ نصحه         وفكره وقفٌ على عشرتك
إيّاك أن تقربه، إنّه         عونٌ مع الدّهر على كربتك
واقنع إذا ما لم تجد مطمعاً         واطمع إذا نفّست من عسرتك
وانمُ نموّ النّبت قد زاره         غبّ الندى واسم إلى قدرتك
وإن نبا دهرٌ فوطّن له         جأشك وانظره إلى مدّتك
فكلّ ذي أمرٍ له دولةٌ         فوفّ ما وافاك في دولتك
ولا تضيّع زمناً ممكناً         تذكاره يذكي لظى حسرتك
والشّرّ مهما اسطعت لا تأته         فإنّه حوبٌ على مهجتك
يا بني الذي لا ناصح له مثلي ولا منصوح لي مثلة قد قدمت لك في هذا النظم ما إن
أخطرته بخاطرك في كل أوان رجوت لك حسن العاقبة، إن شاء الله تعالى، وإنّ أخفّ منه للحفظ وأعلق بالفكر وأحق بالتقدم قول الأول:
يزين الغريب إذا ما اغترب         ثلاثٌ فمنهنّ حسن الأدب
وثانيةٌ حسن أخلاقه         وثالثةٌ إجتناب الرّيب
وإذا اعتبرت هذه الثلاثة ولزمتها في الغربة رأيتها جامعة نافعة، لا يلحقك إن شاء الله تعالى مع استعمالها ندم، ولا يفارقك بر ولا كرم، ولله درّ القائل:
يعدّ رفيع القوم من كان عاقلاً         وإن لم يكن في قومه بحسيب
إذا حلّ أرضاً عاش فيها بعقله         وما عاقلٌ في بلدةٍ بغريب
وما قصّر القائل حيث قال:
واصبر على خلق من تعاشره         وداره فاللبيب من دارى
واتخذ الناس كلّهم سكناً         ومثّل الأرض كلّها دارا
وأصغ يا بني إلى البيت الذي هو يتيمة الدهر، وسلّم الكرم والصبر:
ولو أنّ أوطان الديار نبت بكم         لسكنتم الأخلاق والآدابا
إذ حسن الخلق أكرم نزيل، والأدب أرحب منزل، ولتكن كما قال أحدهم في أديب
متغرّب: (وكان كلّما طرأ على ملك فكأنّه معه ولد، وإليه قصد، غير مستريب بدهره، ولا منكر شيئاً من أمره)
 وإذا دعاك قلبك إلى صحبة من أخذ بمجامع هواه فاجعل التكلف له سلّماً، وهبّ في روض أخلاقه هبوب النسيم، وحلّ بطرفه محلّ الوسن، وانزل بقلبه نزول المسرة، حتى يتمكن لك وداده، ويخلص فيك اعتقاه، وطهر من الوقوع فيه لسانك، وأغلق سمعك، ولا ترخّص في جانبه لحسود لك منه، يريد إبعادك عنه، لمنفعته، أو حسود له يغار لتجمله بصحبتك، ومع هذا فلا تغتر بطول صحبته، ولا تتمهد بدوام رقدته، فقد ينبهه الزمان، ويغير منه القلب واللسان، ولذا قيل: إذا أحببت فأحبب هوناً مّا، ففي الممكن أن ينقلب الصديق عدوّاً والعدوّ صديقاً.
وإنّما العاقل من جعل عقله معياراً، وكان كالمرآة يلقى كل وجه بمثاله، وجعل نصب ناظره قول أبي الطّيب:
ولمّا صار ودّ النّاس خبّاً         جزيت على ابتسامٍ بابتسام
وفي أمثال العامة: من سبقك بيوم فقد سبقك بعقل، فاحتذ بأمثلة من جرّب، واستمع إلى ما خلّد الماضون بعد جهدهم وتعبهم من الأقوال، فإنّها خلاصة عمرهم، وزبدة تجاربهم.
ولا تتكل على عقلك، فإن النظر فيما تعب فيه الناس طول أعمارهم وابتاعوه غالياً بتجاربهم يربحك، ويقع عليك رخيصاً.
وإن رأيت من له مروءةٌ وعقل وتجربة فاستفد منه، ولا تضيّع فعله ولا قوله، فإن فيما تلقاه تلقيحاً لعقلك، وحثّاً لك واهتداء، وإيّاك أن تعمل
بهذا البيت في كل موضع:
فالحرّ يخدع بالكلام الطّيّب
فقد قال أحدهم: ما قيل أضرّ من هذا البيت على أهل التجمّل، وليس كل ما تسمع من
أقوال الشعراء يحسن بك أن تتبعه، حتى تتدبره، فإن كان موافقاً لعقلك مصلحاً لحالك قوّاه ذلك عندك، وإلاّ فانبذه نبذ النواة، فليس لكل أحد يُتبَسّم ولا كل شخص يكلّم، ولا الجود ممّا يعم به، ولا حسن الظنّ وطيب النفس ممّا يعامل به كل أحد، ولله در القائل:
وما لي لا أوفي البريّة قسطها         على قدر ما يعطى وعقلي ميزان
وإياك أن تعطي من نفسك إلا بقدر، فلا تعامل الدون بمعاملة الكفء، ولا الكفء بمعاملة الأعلى، ولا تضيع عمرك فيمن يملكك بالمطامع، ويثنيك عن مصلحة حاضرة عاجلة بغائبة آجلة،  (في جواهر الأدب: ولا تضيع عمرك فيمن يعاملك بالمطامع ويثيبك على مصلحة ...) واسمع قول الأول:
وبغ آجلاً منك بالعاجل
وأقلل من زيارة الناس ما استطعت، ولا تجفهم بالجملة، ولكن يكون ذلك بحيث لا يلحق
منه ملل ولا ضجر ولا جفاء، ولا تقل أيضاً أقعد في كسر بيتي ولا أرى أحداً، وأستريح من الناس، فإن ذلك كسل داع إلى الذل والمهانة، وإذا علم عدوّ لك أو صديق منك ذلك عاملاك بحسبه، فازدراك الصديق وجسر عليك العدوّ،
وإياك أن يغرّك صاحبٌ واحد عن أن تذخر غيره للزمان، وتطيعه في عداوة سواه، ففي الممكن أن يتغير عليك فتطلب إعانة عليه أو استغناء عنه فلا تجد ذخيرة قدمتها، وكان هو في أوسع حال وأعلى رأي بما دبره بحيلته في انقطاعك عن غيره، فلو اتفق لك أن تصحب من كل صناعة وكل رياسة من يكون لك عدّة لكان ذلك أولى وأصوب، وسلني فإنّي خبير، طال والله ما صبحت الشخص أكثر عمري لا أعتمد على سواه، ولا أعتدّ إلاّ إيّاه، منخدعاً بسرابه، موثوقاً في حبائل خطابه، إلى أن لا يحصل لي منه غير العضّ على البنان، وقول: لو كان ولو كان، ولا
يحملنك أيضاً هذا القول أن تظنّه في كل أحد، وتعجل بالمكافأة، وليكن حسن الظن بمقدار مّا، واصبر بقدرٍ مّا، والفطن لا تخفى عليه مخايل الأحوال، وفي الوجوه دلالات وعلامات، وأصغ إلى القائل:
ليس ذا وجه من يضيف ولا يق         ري ولا يدفع الأذى عن حريم
فمن يكن له وجه مثل هذا الوجه فولّ وجهك عنه قبلة ترضاها، ولتحرص جهدك على ألا تصحب أو تخدم إلاّ ربّ حشمة ونعمة، ومن نشأ في رفاهية ومروءة، فإنّك تنام معه في مهاد العافية، وإن الجياد على أعراقها تجري، وأهل الأحساب والمروءات يتركون منافعهم متى كانت عليهم فيها وصمة، وقد قيل في مجلس عبد الملك بن مروان:
أشرب مصعب الخمر؟
فقال عبد الملك - وهو عدوّ محارب له على الملك - : لو علم مصعب ا، الماء
يفسد مروءته ما شربه.
والفضل ما شهدت به الأعداء
يا بني، وقد علمت أن الدنيا دار مفارقةٍ وتغير، وقد قيل: اصحب من شئت فإنّك
مفارقه، فمتى فارقت أحداً فعلى حسنى في القول والفعل، فإنّك لا تدري هل أنت راجع إليه، فلذلك قال الأول:
ولمّا مضى سلمٌ بكيت على سلم
وإياك والبيت السائر:
وكنت إذا حللت بدار قومٍ         رحلت بخزيةٍ وتركت عارا
واحرص على ما جمع قول القائل: ثلاثة تبقي لك الودّ في صدر أخيك، أن تبدأه بالسلام، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب الأسماء إليه.
واحذر كل ما بيّنه لك القائل: كلّ ما تغرسه تجنيه إلاّ ابن آدم فإنّك إذا غرسته يقلعك، وقول الآخر: ابن آدم يتمسكن حتى يتمكن، وقول الآخر: ابن آدم ذئب مع الضعف، أسد مع القوّة.
وإياك أن تثبت على صحبة أحد قبل أن تطيل اختباره، فيحكى أن ابن المقفع خطب من الخليل صحبته، فجاوبه: إن الصحبة رقٌّ، ولا أضع رقي في يدك حتى أعرف كيف ملكتك.
واستمل من عين من تعاشره، وتفقّد في فلتات الألسن وصفحات الأوجه، ولا يحملك الحياء على السكوت عما يضرك ألا تبينه، فإن الكلام سلاح السلم، وبالأنين يعرف ألم الجرح، واجعل لكل أمر أخذت فيه غاية تجعلها نهاية لك، وآكد ما أوصيك به أن تطرح الأفكار، وتسلّم للأقدار:
واقبل من الدهر ما أتاك به         من قرّ عيناً بعيشه نفعه
إذ الأفكار تجلب الهموم، وتضاعف الغموم، وملازمة القطوب، عنوان المصائب
والخطوب، يستريب به الصاحب، ويشمت العدوّ المجانب، ولا تضرّ بالوساوس إلا نفسك، لأنّك تنصر بها الدهر عليك، ولله درّ القائل:
إذا ما كنت للأحزان عوناً         عليك مع الزّمان فمن تلوم
مع أنّه لا يردّ عليك الفائت الحزن، ولا يرعوي بطول عتبك الزمن. 
ولقد شاهدت بغرناطة شخصاً قد ألفته الهموم،وعشقته الغموم، ومن صغره إلى كبره لا تراه أبداً خلياً من فكرة حتى لقب "بصدر الهم"  ومن أعجب ما رأيته منه أنّه يتنكد في الشدة، ولا يتعلل بأن يكون بعدها فرج، ويتنكد في الرخاء خوفاً من أن لا يدوم، وينشد:
توقّع زوالاً إذا قيل تمّ
وينشد:
وعند التّناهي يقصر المتطاول
وله من الحكايات في هذا الشأن عجائب، مثل هذا عمره مخسور يمر ضياعاً.
ومتى رفعك الزمان إلى قوم يذمون من العلم ما تحسنه حسداً لك، وقصداً لتصغير قدرك عندك، وتزهيداً لك فيه، فلا يحملك ذلك على أن تزهد في علمك، وتركن إلى العلم الذي مدحوه، فتكون مثل الغراب الذي أعجبه مشي الحجلة فرام أن يتعلّمه فصعب عليه، ثم أراد أن يرجع إلى مشيه فنسيه، فبقي مخبل المشي.
كما قيل:
إن الغراب وكان يمشي مشيةً         فيما مضى من سالف الأجيال
حسدّ القطا وأرادَ يمشي مشيها         فأصابه ضربٌ من العقَّال
فأضلَّ مشيته وأخطأ مشيها         فلذلك كنَّوهُ أبا مرقال
 
ولا يفسد خاطرك من جعل يذم الزّمان وأهله، ويقول: ما بقي في الدنيا كريم ولا فاضل ولا مكان يستراح فيه، فإن الذي تراهم على هذه الصفة أكثر ما يكونون ممّن صحبه الحرمان، واستحقّت طلعته للهوان، وأبرموا على الناس بالسؤال، فمقتوهم، وعجزوا عن طلب الأمور من وجوهها فاستراحوا إلى الوقوع في الناس، وإقامة
الأعذار لأنفسهم بقطع أسبابهم، وتعذير أمورهم.
ولا تزل هذين البيتين من فكرك:
لن إذا ما نلت عزّاً         فأخو العزّ يلين
فإذا نابك دهرٌ         فكما كنت تكون
ولا قول الآخر:
ته وارتفع إن قيل أق         تر وانخفض إن قيل أثرى
كالغصن يسفل ما اكتسى         ثمراً ويعلوا ما تعرّى
ولا قول الآخر:
الخير يبقى وإن طال الزّمان به         والشرّ أخبث ما أوعيت من زاد
واعتقد في الناس ما قاله القائل:
ومن يلق خيراً يحمد الناس أمره         ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائما
وتحفّظ بما تضمّنه قول الآخر:
ومن دعا الناس إلى ذمّه         ذمّوه بالحق وبالباطل
ولله درّ القائل:
ما كلّ ما فوق البسيطة كافياً         فإذا اقتنعت فكلّ شيء كافي
والأمثال يضربها لذي اللّبّ الحكيم، وذو البصر يمشي على الصراط المستقيم، والفطن يقنع بالقليل، ويستدل باليسير، والله سبحانه خليفتي عليك، لا ربّ سواه.
 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
أدب الوعظ ، يلحق به ( أدب الوصايا والحكمة)    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
الأساليب الأدبية في مواعظ الحسن البصري
بقلم الأستاذ/ شمس الدين درمش
كثيرًا ما نسمع في مجال النقد الأدبي اتهام نص إبداعي بالمباشرة والخطابية، وأن المبدع يلجأ إلى الوعظ في إيصال فكرته إلى المتلقي، وأن عليه أن يقدم الفكرة بشكل رمزي غير مباشر.
يقال هذا: إذا كان النص ملتزما في توجهه بالإسلام وما ينبثق عنه من ضوابط عقدية وفكرية وأخلاقية فيما يسمى الآن أدباً إسلامياً، وكان الناقد ينطلق من الرؤى التجديدية المنبثقة من معين الآداب العربية والإسلامية.
أما إذا كان الناقد ينطلق في نقده من الرؤى الحداثية بأفكارها المستوردة من الغرب، فإنه لايقبل أن يدخل معنا في الحوار منذ البدء، لأن الأدب والنقد في نظره بمنأى عن الدين والأخلاق.
وحديثي يتوجه إلى الفئة الأولى التي نتفق معها بأن الالتزام في الأدب لا يحده بل يمده. ويتواصل مع الفئة الثانية إذا هي أقرت بقاعدة الالتزام، وذلك بأن النص الأدبي لا يطلب منه دائماً أن يكون رمزاً، وغير مباشر، وخيالاً تصويرياً، ومبالغات، وغير ذلك مما يقرره بعض النقاد والدارسين.
فأدب الوعظ فنٌ قائم بذاته، وله مبدعوه الذين اشتهروا به منذ القدم، ويلحق به ما يسمى:" بأدب الحكمة والوصايا" سواء أكان في الشعر أم في النثر.
ولعل تقديم نماذج من أدب الوعظ يبين بعض ما أريد الوصول إليه، من أن هذا الأدب يتمتع بالحيوية والقدرة على التأثير في مجاله، مثل غيره بل أكثر.وأن فيه من تنوع أساليب البيان والمعاني والبديع ما يجعله من عيون الأدب.
وقد عرف تاريخ الكلمة الأدبية التراثية من أصحاب هذا الفن رجلاً كان له حضوره غير العادي في عصره، هو الإمام الحسن البصري، الذي ولد في المدينة سنة إحدى وعشرين للهجرة، وتوفي في البصرة عن ثمان وثمانين سنة.
ونصوصه مبثوثة في كتب العلم والأدب والحِكَم والمواعظ، والتي منها: "كتاب جامع العلوم والحكم" لابن رجب الحنبلي، وكتاب:" الزهد" الذي جمع نصوصه وحققها الدكتور محمد عبد الرحيم محمد.
يقول عنه ثابت بن قُرَّة:"لقد كان - أي الحسن- من دراري النجوم علماً وتقوى وزهداً وفصاحة، مواعظه تصل إلى القلوب، وألفاظه تلتبس بالعقول، وما أعرف له ثانياً، قريباً ولا مدانياً..."(1)
وفيما يأتي أختار بعض النصوص من هذا الكتاب، وأُعلق عليها بما تيسر بإذن الله سبحانه.
حادثوا القلوب.. واقدعوا الأنفس

يقول: الحسن البصري:" حادثوا هذه القلوب بذكر الله فإنها سريعة الدثور، واقدعوا هذه الأنفس فإنها طلعة، وإنكم إن تطيعوها في كل ما تنزع إليه لا تبقي لكم شيئا"(2).
فقوله: " حادثوا هذه القلوب بذكر الله فإنها سريعة الدثور" تشخيص للقلب، واعتباره إنساناً مستقلاً يحادثه صاحبه، وهي صورة يأنس بها صاحب القلب نفسه عندما يتوجه إلى قلبه وكأنه شخص آخر فيطلب منه أن يتذكر ولا يغفل، ودثور القلب غفلته، ودثور السيف والثوب صدؤه واتساخه. وقوله: " واقدعوا هذه الأنفس..." أي: اكبحوها تشبيه لها بالفرس الجامحة التي يشد لجامها للسيطرة عليها. والتصرف بالتشبيهات من الأساليب البيانية الأدبية المؤثرة في إبلاغ المعنى إلى المتلقي، وحمله على الاستجابة النفسية التي تدفعه إلى العمل.
كِدْتُ أن أكون السواد المُخْتَطف:

وللقصة أثر كبير في المتلقي، والعناية بها واضحة في القرآن الكريم، وفي السُّنة النبوية، حتى صار الهدي القرآني والنبوي مقصد الواعظين يستقون من معينهما في الوعظ، وتأثر الكتاب في كل عصر ومصر بذلك. والحسن البصري كثيراً ما يستعين بالقصة للوصول إلى قلب سامعه، وكان له من صدق اللهجة ما جعل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يُقِرُّه في مجلسه بمسجد البصرة إذ منع غيره من الوعاظ من مساجد البصرة والكوفة وغيرهما.
يقول الحسن البصري: "كان رجل من المسلمين يبلغه موت أخ من إخوانه فيقول: كدت والله أن أكون أنا السواد المختطف. فيزيده الله بذلك جداً واجتهاداً. فيلبث بذلك ما شاء الله، ثم يبلغه موت أخ من إخوانه فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، كدت والله أن أكون أنا السواد المختطف، فيزيده الله بذلك جداً واجتهاداً.
قال الراوي: فردَّدَ الحسن هذا الكلام غير مرة. فوالله مازال كذلك حتى مات موتاً كيساً"(3)، فهذه القصة أقرب إلى ضرب الأمثال منها إلى رواية قصة واقعية، لانعدام العناصر الحقيقية للأحداث من الشخصيات والزمان والمكان، وإسناده الفعل إلى مجهول، وتركيزه على الحدث المجرد والعبرة منه، وهي الاستعداد للموت الذي يأتي فجأة، والتهيؤ له بالعمل الصالح.
ففي القصة يأتي خبر موت (أخ) إلى (رجل) من المسلمين بصيغة النكرة فيتأثر بذلك ويعد نفسه للموت، ويتكرر الحدث بالطريقة نفسها، ليعطي الثمرة نفسها من حصول الموعظة والجد والاجتهاد بالعمل الصالح. ويتدخل الراوي ليوضح لنا أن الرجل من المسلمين كان الحسن البصري نفسه، وكان الأخ الذي يموت هو أي أحد من المسلمين، حتى أفضى به الأمر أن يموت موتاً كيِّساً، أي: حسناً.
وما كان للحسن البصري أن يقول للناس: إنه يعني نفسه بذلك الذي يأخذ العبرة، فيزكي نفسه، فيقع في دائرة المحظور في الوعظ! وهذا أبلغ في الموعظة. والتكرار في القصة عامل آخر من عوامل التأثير بأسلوب الإطناب، يجدد به التأثير في المتلقي ويجعله في دائرة التذكر الدائم.
لا حياة لمن تنادي:

ونجد لدى الحسن البصري أسلوب المثال الحقيقي بدلاً من ضرب المثل بالمجهول، فقد "رأى شيخاً في جنازة، فلما فرغ من الدفن، قال له الحسن: ياشيخ، أسألك بربك أتظن أن هذا الميت يود أن يرجع إلى الدنيا فيتزيد من عمله الصالح، ويستغفر الله من ذنوبه السالفة؟ فقال الشيخ: اللهم نعم. فقال الحسن: فما بالنا لا نكون كهذا الميت؟! ثم انصرف وهو يقول: أي موعظة؟! ما أنفعها لو كان بالقلوب حياة! ولكن لا حياة لمن تنادي".(4)، فالحكاية عن الغائب في النص السابق حكاية حاضرة في هذا النص يعتمد الحوار القصير المكثف، ويتخذ من التشبيه التمثيلي بين حالة حاضرة، وحالة ماضية، وحالة مستقبلة أسلوباً، ويدخل أسلوب القسم لتأكيد المعنى واستجماع النفس التي ما تزال تلهو وتغفل، ثم يلجأ إلى أسلوب التهويل( أي موعظة)، والتعجب (ما أنفعها لو كان بالقلوب حياة)، ثم التيئيس الذي يهدف إلى التخويف من حالة الغفلة العامة عند الإنسان(ولكن لا حياة لمن تنادي). والجملة الأخيرة في لحظتها تحمل معنى تشبيه الأحياء بالأموات فيما يظهر لعدم انتفاعهم بالموعظة، والأموات بالأحياء لتمنيهم العودة إلى الحياة لاستدراك ما فات، ولكن هيهات هيهات!!
قيام يفترشون وجوههم:

وقد يجعل القصة رواية مباشرة منه –رحمه الله- إذ يقول: " والله لقد أدركت أقواماً، وصَحِبتُ طوائف منهم، ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا أَقْبَل، ولا يأسفون على شيء منها أدبر، ولهي كانت أهون في أعينهم من هذا التراب. كان أحدهم يعيش خمسين سنة لم يطو له ثوب قط، ولا نصب له قدر، ولا جعل بينه وبين الأرض شيئاً، ولا أمر في بيته بصنعة طعام قط. فإذا كان الليل فقيام على أطرافهم يفترشون وجوههم، تجري دموعهم على خدودهم، يناجون ربهم في فكاك رقابهم، وكانوا إذا عملوا الحسنة، دأبوا في شكرها، وإذا عملوا السيئة أحزنتهم وسألوا الله أن يغفرها. وإنكم أصبحتم في أجل منقوص، والعمل محفوظ، والموت والله في رقابكم، والنار بين أيديكم، فتوقعوا قضاء الله في كل يوم وليلة".(5)
في هذا النص جملة من الأساليب الأدبية والبلاغية، فقد عمد إلى الرواية المشاهدة للقصة، وذلك أوقع من الخبر المنقول لثقة السامع بصدق المتحدث، وليس الخبر كالمعاينة! وإذ استوثق من تصديقهم لما يخبر أطنب في وصف من يخبر عنهم، ويعظ بحالهم، مستخدماً أسلوب المقابلة القائمة على التضاد في موقفهم من الدنيا، فإذا كان أكثر الناس يفرحون إذا هي أقبلت، ويحزنون إذا هي أدبرت، فإن هؤلاء القوم المشمرون بالجد لا يأبهون بالدنيا في حالي إقبالها وإدبارها.
ويشبه الدنيا في هوانها بالتراب، بل هي أهون، وينتقل بعد ذلك من مظاهر الوصف المعنوي إلى مظاهر الوصف الحسي الدال على الحالة المعنوية التي هم فيها، فـ"لم يطو له ثوب" كناية عن عدم التنعم باللباس، "ولا نصب له قدر، ولا أمر في بيته بصنعة طعام" كناية عن عدم التنعم بالطعام، " ولا جعل بينه وبين الأرض شيئا" كناية عن عدم التنعم بالنوم، و"قيام على أطرافهم يفترشون وجوههم" كناية عن التعبد عامة وبالسجود خاصة، و "يناجون ربهم في فكاك رقابهم" كناية عن تذللهم في الدعاء لربهم، وتشبيه لعبودية المخلوق للخالق بعبودية المخلوق للمخلوق في مجتمع كان لعبودية الرق فيه شأن، يعايشه الناس بأنفسهم.
ومثل هذه الأساليب التصويرية التي تحفز الخيال بالحسي إلى المعنوي، وتكشف المعنى في أكثر من صورة، تؤثر في مراكز الاستقبال في القلب والعقل تأثيراً محموداً، فإذا لم يحمله على الاقتناع المباشر حمله على التفكير، وإذا لم يدفعه إلى العمل الفوري هيأه للتحرك إلى العمل في مرة قادمة.
هل رأيت فقيهًا بعينيك؟!:

ونجد في مواعظ الحسن البصري أساليب علم المعاني تخدم هدفه، في إيصال موعظته لسامعيه، ويحشد في الجملة الواحدة أكثر من أسلوب.
فعن عمران بن القصير قال: "سألت الحسن عن شيء، فقلت: إن الفقهاء يقولون كذا وكذا، فقال: وهل رأيت فقيها بعينيك!؟ إنما الفقيه الزاهد في الدنيا، المداوم على عبادة ربه عز وجل"(6).
فالحسن يستنكر على عمران بن القصير قوله:"إن الفقهاء يقولون كذا وكذا" ذلك أن الفقه غير الكلام عند العلماء الربانيين، فصاغ عبارته بأسلوب الاستفهام الإنكاري، الذي يتضمن النفي. ثم يتابع إيضاحه لما استنكره فيعرف الفقيه بأسلوب القصر بإنما و بتعريف المبتدأ والخبر بأل التعريف "إنما الفقيه الزاهد في الدنيا"وأسلوب القصر بأداة واحدة يفيد التوكيد، وبأداتين يفيد زيادة التوكيد، فهو نفى المعنى الشائع للفقيه أولاً ثم أكَّدَ المعنى الذي يريده بأداتين من أساليب القصر، وأضاف للجملة الأولى جملة ثانية بأسلوب الإطناب، لوجود علاقة عموم وخصوص بين الزهد في الدنيا والمداومة على عبادة الله سبحانه، وجاء بكلمة "ربه" ليفيد معنى قرب العابد من المعبود، المتضمن إشارة الإقرار بالربوبية المستدعية للشكر من المربوب.
بئس الرفيقان الدرهم والدينار:

وفي حملته على الدنيا ومغرياتها، وتحذير الناس منها بشكل دائم يلفت نظر مستمعيه إلى الدرهم والدينار اللذين يفتنان الناس ويغريانهم، يقول حزم بن أبي حزم: "سمعت الحسن يقول: بئس الرفيقان الدرهم والدينار، لا ينفعانك حيث يفارقانك"(7).
وذلك أن الإنسان يحب أن يكون درهمه وديناره معه حيث يذهب وكأنهما رفيقان، والمتوقع من الرفيق أن ينفع عند الحاجة، فإذا تخلى عن مرافقه أشد ما يكون محتاجاً إليه فبئس الرفيق هو إذن. وهكذا الدرهم والدينار في نظر الحسن البصري لا ينفعانك حيث يفارقانك، والمعنى يحتمل أن يكون لا ينفعانك لأنهما يفارقانك، أو لا ينفعانك عندما يفارقانك فتذهب إلى الآخرة ويبقيان في الدنيا لغيرك، وبين المعنيين صلة.
ما يصنع بالزرع إذا طاب؟!:

ويحرص الحسن على الاستفادة من كل سَانحَةٍ للموعظة، فقد حضر يوماً مجلساً جمع شيوخاً وشباباً فقال: معشر الشيوخ، ما يصنع بالزرع إّذا طاب؟ قالوا: يحصد. ثم التفت فقال: معشر الأحداث، كم من زرع لم يبلغ، قد أدركته الآفة فأهلكته، وأتت عليه الجائحة فأتلفته، ثم بكى، وتلا:?? وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ? [إبراهيم:25] (8)، فقد جعل من مادة الزرع وسيلة لإيصال المعنى بأبلغ صورة محسوسة، بما يُسمى التشبيه التمثيلي، وكثيراً ما يضرب القرآن الكريم، مثل الحياة الدنيا بالزرع الذي ينمو صغيراً ثم يشتد سُوقه، ثم يصفر فيستحصد. وهكذا خاطب الشيوخ الذين عاشوا أعمارهم بجملة واحدة فقال: ما يصنع بالزرع إذا طاب؟ أي: إذا بلغ أَوَان الحصاد فقالوا: يحصد! وهو الموت بالنسبة للإنسان. ثم التفت إلى الشباب الذين تضطرم الآمال في قلوبهم المقبلة على الحياة، ليوقظهم من غفلة الشباب واغترارهم بطول الأمل، ليقول لهم: كم من زَرْعٍ لم يبلغ(أوان الحصاد) قد أدركته الآفة (وهو أخضر) فأهلكته، وأتت عليه الجائحة (أي المصائب) فأتلفته.
والحسن البصري لا يكتفي بنقل الصورة الواعظة لغيره وينسى نفسه، بل يتفاعل أشد التفاعل بما يقول، كما هنا، ثم بكى وتلا: (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) [إبراهيم:25] وهو ما يسميه نقاد الكلمة الأدبية صدق التجربة، وفيه سر التأثير في المتلقي.
أمانيها كاذبة وآمالها باطلة:

ومع أن مواعظ الحسن البصري مقاطع قصيرة أو جمل معدودة، فإن له مواعظ طويلة سواء في مجالس خاصة اتخذت أسلوب المشافهة، أو في المراسلات التي كانت تتم بينه وبين بعض الولاة والخلفاء، فمن الخلفاء والولاة الذين وعظهم الحسن عمر بن عبد العزيز(رحمه الله)(9) إذ كتب إليه رسالة طويلة في ذم الدنيا، ومثلها في الطول موعظة وعظه بها أصحابه(10). ومثلها ما روي في موعظته المشهورة لعمر بن هُبيرة والي العراق، في مجلس حضر فيه هو والشعبي، خوَّفَ فيه الوالي من طاعة الخليفة في معصية الله تعالى(11).
ووعظَ النَّضْر بن عمرو والي البصرة(12)، وعَدِي بن أرطأة (والي البصرة)(13)، والحجَّاج في أكثر من مناسبة (14)، كما أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله كاتبه عدة مرات يطلب منه الموعظة.
والميزة في هذه المواعظ أنها طويلة مكتوبة أو مشافهة، ويظهر فيها التصرف بالأساليب الأدبية والبلاغية أكثر من تلك المقاطع القصيرة. "،ف مع فقرة من رسالته عن الدنيا إلى عمر بن عبد العزيز(15) يقول فيها: "واعلم يا أمير المؤمنين أن أمانيها كاذبة، وآمالها باطلة، وعيشها نكد، وتاركها موفق، والمتمسك بها هالك غرق.." ،.
وقد وصف عمر بن عبد العزيز هذه الرسالة قائلاً: "وصلت مواعظك النافعة فاشتفيت بها، وقد وصفت الدنيا بصفتها، والعاقل من كان فيها على وجل، فكأن كل من كتب عليه الموت من أهلها قد مات".
فقال الحسن يصف استجابة أمير المؤمنين للموعظة: "لله در أمير المؤمنين من قائل حقاً، وقابل وعظاً، لقد أعظم الله جل ثناؤه بولايته المنة، ورحم بسلطانه الأمة، وجعله بركة ورحمة"(16).
فهذه الرسائل الطويلة تظهر فيها الأساليب البديعية اللفظية من غير تكلف ولا إكثار، تخدم المعنى، وتجعله أدنى إلى القبول لتقديمه في ثوب من اللفظ الجميل الذي يستند إلى المجانسة والسجع والمقابلة والطباق بالتماثل والتضاد.
يسر المرء ما كان قدم من تقى:
وكان الحسن البصري يعنى بالموعظة الشعرية يتمثل بها في نفسه، ويبلغها سامعيه، ومن ذلك ما روي أن أصحابه دخلوا عليه يوماً فوجدوه يبكي وينشد(17):
دعُوه لا تلومُوه دعُوه فقد عَلِمَ الذّي لم تعلَمُوه
رأَى علم الهُدى فسَما إليه وطالبَ مطلباً لم تطلبُوه
أجابَ دُعاءَهُ لماَّ دعَاهُ وقامَ بأمرِه وأضَعتُموه
بنفسِي ذاكَ مِن فَطِن لبيبٍ تذَوَّقَ مَطْعمًا لم تَطعمُوه
ونحن لا نعرف قائل الأبيات، ونجدها تتضمن شيئاً من الرمز الشفيف، مع وضوح الألفاظ، وبساطة الصورة الخيالية (رأى علم الهدى فسما إليه) و (تذوق مطعماً لم تطعموه) التي رسمت صورة حركية في الصورة الأولى، ووضعت المعنوية موضع المحسوس في الثانية.
وربما أبدى إعجابه ببيت شعر، فقد روي أن رجلاً أنشده يوما(18):
وأجرأُ من رأيتُ بظهرِ غَيبٍ على عَيبِ الرِّجالِ ذُوو العُيوب
فقال الحسن، لله در هذا القائل! إنه لكما قال!، فهو استعمل أسلوب التعجب والتوكيد الإنكاري والإطناب في تثبيت المعنى.
وروي أنه كان يتمثل إذا أصبح وفرغ من تسبيحه ببيت الشعر(19):
وما الدُّنيا باقِية لحيٍّ ولا حيّ على الدُّنيا بباق ٍ
وإذا أمسى بكى وتمثل بيت الشعر:
يسرُّ الفَتى ما كانَ قدَّم من تُقى إذا عرفَ الدَّاء الذي هو قَاتلُه
وهذان البيتان مبنيان على الوضوح، لأنهما تعبران عن تجربة الحياة، واكتساب الحكمة منها، والشطر الأخير من البيت الثاني فيه تشبيه للذنوب المهلكة لصاحبها، والتقوى المنجية لها بالداء القاتل، والدواء الشافي من الداء.
صاحب الأسلوب المونق:

وقد عرف النقاد المنصفون من المعاصرين مكانة الحسن البصري وأهمية مواعظه وأثرها. يقول الدكتور شوقي ضيف(20): "وهو بلا ريب أكبر من ثبتوا في هذا العصر، ذلك الأسلوب المونق الذي تأثر به عبد الحميد (الكاتب) ومن خلفوه من الكتاب، إذ كان يقتدر على تصريف الكلم، مع السلامة من التكلف، والبراءة من التعقيد، وليس ذلك فحسب، بل أيضا مع تحلية لفظه بالمزاوجات والمقابلات والتشبيهات والاستعارات والتقسيمات الدقيقة" ونقل له نصوصاً عدة في كتابه لإظهار سمو أدب المواعظ.
من سمات أدب المواعظ:
وخص الدكتور عدنان النحوي كتاباً لهذا الفن سماه " أدب الوصايا والمواعظ.. منزلته ونهجه وخصائصه الإيمانية والفنية". وكان منطلق الكتاب بحثاً قدمه المؤلف في الندوة العلمية السنوية التي أقامتها رابطة الأدب الإسلامي العالمية عن "أدب الوصايا والمواعظ في الإسلام" سنة 1417هـ/ 1996م بمدينة حَيْدَر أباد في الهند برئاسة الشيخ أبي الحسن الندوي رحمه الله.ولخص الدكتور عدنان النحوي في الفصل الخاص بالدراسة الفنية الموجزة لسمات أدب المواعظ أنقل منها بإيجاز ما يأتي(21):
1- تأتي المواعظ مباشرة قوية لتقرير الحقائق للترغيب أو الترهيب.
2- تأتي على صيغة السؤال والتعجب والدهشة والدعوة إلى التأمل والتفكير أو الأمر والنهي.
3- تأتي على أسلوب القصة والخبر والحكمة لتبرز سنن الله في الحياة والكون.
4- تأتي على أسلوب الحوار، وعلى أسلوب التكرار للتأكيد والتثبيت.
5- تأتي على أسلوب ضرب الأمثال لتقديم الموعظة في صورة مؤثرة في النفس.
ولقد وجدنا هذه الأساليب ظاهرة في مواعظ الحسن البصري على قلة النصوص التي استشهدت بها مراعاة لعدم الإطالة، وفي هذا غنية لمن أراد الغناء، وابتعد عن المكابرة والمراء.
-----
الهوامش:
1- كتاب الزهد، ص3، جمع وتحقيق د.محمد عبد الرحيم محمد، دار الحديث، القاهرة.
2- ص20.
3- ص21.
4- ص21.
5- ص30-31.
6- ص49.
7- ص50.
8- ص63.
9- ص30.
10- ص40.
11- ص75.
12- ص163.
13- ص167.
14- ص166.
15- ص168.
16- ص169.
17- ص61.
18- ص54.
19- ص22.
20- العصر الإسلامي، د.شوقي ضيف، ص50، مكتبة المعارف، القاهرة.
21- أدب الوصايا والمواعظ، د.عدنان النحوي، صـ269، نشر دار النحوي في الرياض، ط1، 1418هـ / 1998م
*د يحيى
27 - سبتمبر - 2010
أدب الوصايا والمواعظ    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
أدب الوصايا والمواعظ
منزلته ونهجه وخصائصه الإيمانية والفنية
د.عدنان علي رضا النحوي
لقد كان منطلق هذا الكتاب الندوة العلمية السنوية التي عُقدت في مدينة حيدر آباد تحت عنوان " أدب الوصايا والمواعظ في الإسلام "  في عام (1417هـ ـ 1996م ) .
لقد شاركت ببحث في هذا الموضوع ، وشارك أساتذة كثيرون كذلك . لقد هزّني الموضوع هزّاً عنيفاً وأنا أجمع المادّة لبحثي في المواعظ والوصايا عبر مراحل مختلفة في التاريخ الإسلامي ، ومن بقاع ممتدة في الأرض ، تضمّ أمة الإسلام في تاريخ عظيم . وهزّني ما قدّمه الإخوة الأساتذة في الندوة .
أدب الوصايا والمواعظ ! ما هي منزلته في الإسلام وما هو نهجه وخصائصه ؟! ربما يرى بعضهم أنه ليس في الوعظ من سبيل للأدب والفنّ المنبثق عن التصور الإسلامي ، ونرى أن المواعظ والوصايا كانت ثروة عظيمة في تاريخ الأدب الملتزم بالإسلام ، وعبقاً نديّاً تحمله الدعوة الإسلامية في مسيرتها لتُغْنيَ به البشرية كلها .
لقد كانت المواعظ والوصايا قديمة في تاريخ جميع الشعوب . وكانت تبدو كأنها من عبق رسالة الأنبياء  والمرسلين الذي بعثهم الله في تاريخ البشرية ، رسولاً في كلّ أمة ، أو أنها من البقية الباقية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها والتي شُوّهت بانحراف الناس عن رسالة أنبيائهم ورسلهم .
ولقد جعل الله كتابه الكريم كله موعظة للناس ماضية مع الزمن حتى قيام الساعة ، تُقرع القلوب : توصي وتذكّر :
( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين )
وكذلك كانت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم  وبيان الخلفاء الراشدين ، ونُصْح أئمة الإسلام الأعلام في تاريخ غني طويل .
وكان الجمال الفنّي والمستوى الأدبي الذي حملته المواعظ والوصايا على درجة عالية من الإبداع ، حمل جماله الفنّي من عظمة الإيمان والتوحيد ، وعظمة منهاج الله ، وعظمة اللغة العربية ، دفعته المواهب الغنيّة نثراً وشعراً ، ليقدّم      " النصيحة " الأمينة الوفيّة استجابة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم :        " الدين النصيحة … " !
وإذا هبط مستوى المواعظ والوصايا  في واقع المسلمين اليوم ، فلا يجوز أن يكون هذا مسوّغاً لإنكار غناء هذا الأدب العظيم ، ويظلّ الإسلام يذكرنا بأهمية هذا الأدب في مسيرة الأمة المسلمة . ونحن المسلمين اليوم في أشدّ الحاجة إلى أدب المواعظ والوصايا ، ليستأنف مسيرته في حلة جميلة غنية من جمال الأدب والبيان . وما أجمل الأدب حين يكون موعظة ، وما أجمل المواعظ حين تكون أدباً وبياناً .
يأتي هذا الكتاب الذي يقع في ( 320 صفحة ) في سبعة أبواب  :
الباب الأول بعنوان : قضايا في الأدب الإسلامي . وأعالج من خلال فصول هذا الباب قضايا أعتقد بأهميتها في ميدان الأدب الملتزم بالإسلام : مفهوم الأدب الملتزم بالإسلام ، تعريفه وخصائصه وأهدافه . ثمّ أهم أسباب اختلاف التصورات نحو الأدب الإسلامي ، وأهمية اللغة العربية ، وأهمية الوعظ والوصايا، وأدب غير المسلمين ، وحوار مع بعض الذين ينكرون الأدب الإسلامي.
وفي الباب الثاني : امتداد الوصايا والمواعظ في الشعوب والعصور . نعرض من خلال فصلين : امتداد الوصايا في الشعوب والعصور ، ونماذج من الوصايا والمواعظ في العصر الجاهلي .
 وفي الباب الثالث : نعرض أهم الخصائص الإيمانية في أدب الوصايا والمواعظ ، كما نجدها في الكتاب والسنة . والوصايا في القرآن الكريم ، والوصايا في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلّم .
وفي الباب الرابع : نعرض نماذج من أدب الوصايا والمواعظ في عهد الخلفاء الراشدين .
 وفي الباب الخامس : نعرض لنماذج لأدب الوصايا والمواعظ بعد الخلفاء الراشدين . في العصر الأموي والعهد العباسي الأول ، حيث نرى اختلاف النهج في بعض الوصايا والمواعظ عما كانت عليه في عهد الخلفاء الراشدين .
وفي الباب السادس : أدب الوصايا والمواعظ في الشعر .نعرض نماذج من أدب الوصايا والمواعظ لدى عدد من الشعراء المخضرمين والمسلمين في عصور مختلفة ، لنرى دور الشعر في الموعظة والوصية ، ومستوى الجمال الفني فيه .
وفي الباب السابع والذي بعنوان : دراسة فنية موجزة لبعض النصوص. في هذه الدراسة نطبق أولاً النظرية التي ندعو لها في النقد أو ( النصح ) الأدبي كما عرضناها في كتبنا الأدبية المختلفة ، وكما نعرض موجزها في هذا الكتاب . ثم نعرض أنواع البلاغة من تشبيه واستعارة ومجاز وكناية وغير ذلك من باب علم البيان ، وكذلك بعض أنواعٍ من علم المعاني وعلم البديع ، ومدى أثرها في إبراز الجمال الفني.
*د يحيى
27 - سبتمبر - 2010
وصايا صينية عشر    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
                           الوصايا العشر الصينية فى أدب الحياة


1- من آداب الحياة

لا تسخر من الآخر وأحلامهم الوردية الجميلة ولاسيما من تعتقد أنهم أقل منك من البسطاء الطيبين ، فربما تكون منزلة خادمتك عند الله أسمى وأرفع منك ومن كثير من أعالي القوم ، وقد تحظى بشفاعتهم يوم القيامة ولا تقلل من شأن الأحلام فالدنيا بدونها رحلة جافة ومملة مهما يكن الواقع جميلاً.

2- من آداب الحوار

فكر كثيراً ،واستنتج طويلاً ،وتحدث قليلاً، ولا تمهل كل ما تسمعه ،بل اخترته فمن المؤكد أنك ستحتاجه في المستقبل.



3- من آداب الاعتذار

لا تتردد في أن تتأسف لمن أخطأت في حقه وانظر لعينيه وأنت تنطِق كلمة آسف ليقرأها في عينيك وهو يسمعها بأذنيه.



4- من آداب المعاملة

لا تحكم على شخص من أقربائه ، فالإنسان لم يختر والديه فما بالك بأقربائه.



5- من آداب الحديث

عندما لا تريد الإجابة على سؤال فابتسم للسائل قائلاً: هل تعتقد أنه فعلاً من المهم أن تعرف ذلك ؟



6- من آداب الكفاح في الحياة

عندما تخسر جولة في رحلة الحياة لا تخسر التجربة وانهض فوراً مستبشراً أولى درجات النجاح.



7 - من آداب الحديث في التليفون

عندما يرن التليفون ابتسم وأنت تلتقط السماعة، فإن محدثك على الطرف الآخر سيرى ابتسامتك من خلال نبرات صوتك ،وغالباً ما تكون نهاية المكالمة في صالحك .



8 - من آداب الحب

إذا أحببت شخصاً فاذهب إليه وقل إنك تحبه، إلا إذا كنت تعني ما تقول فعلاً؛ لأنه سيعرف الحقيقة بمجرد النظر في عينيك .



9- من آداب الصداقة

لا تدع الأشياء الصغيره تدمر صداقتك الغالية مع الآخرين فالصداقة الحقيقية تاج على رؤوس البشر لا يدركها إلا سكان الجدران الخالية والقلوب الخاوية.



10- من آداب الزواج

تزوج من تجيد المحادثة فعندما يتقدم بك العمر ستعرف أهمية ذلك عندما يصبح الحديث مع من تحب قمة أولوياتك واهتماماتك.

 
*د يحيى
27 - سبتمبر - 2010
الوجه الآخر    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
ما أجل كل هذه الوصايا وما أحلى وقعها في النفوس وأثرها في القلوب وتنشيط العقول وتحريكها لجهة النظر والتدبر في بيان الحكمة في الأشياء. ولكن ما هو على مستوى واقع الحال وسيرة التاريخ في تعرّجاته وصعوده وهبوطه، في مسيره المحكوم بمنطق الصراع والمغالبة، ضفيرة معقودة بالدموع وأنهار الدم التي لاتجف، صراع حافل بالوان الكذب والزور والبهتان، وارتفاع قامة الجبابرة وانسحاق المظلومين وانتهاك الحرمات. وصايا كتبت للملوك رغبة بما عندهم، وللإبناء شفقة عليهم، وللولاة خوفا من جورهم على من هم تحت سلطتهم من العامة، واشفاقا على الرعية أو خوفا من ثورتهم. تنظير جميل، وديباجة من طراز لا كلام ولا مزيد عليها.هذه الوصايا الحكيمة، والمأثور من الكلام الخالد، عزاء الأنسان في مسيرته التاريخية الطويلة، حيث آمن فيها صفوة الفلاسفة والحكماء باستحالة العدل على الارض، وأن الوجود خطيئة الإنسان الأول على هذه البسيطة. حملها معه في هبوطه كرها، وأورثها من جاء بعده من الأولاد والأحفاد.
 
واستجار النصارى بالمسيح ليحمل الوزر وحده على صليبه يفتدي شعبه والمؤمنين برسالته، بل ليفتدي الإنسان على الأرض.ولكن الأرض التي منها كان نبت الخطيئة لم تكتف بهذا القربان. فهذه الأرض كانت وما زالت تطحن أبنائها في غير عدل ولا رحمة.
 
وأرواحنا في وحشة من جسومنا     وحاصل دنيانا أذى ووبال
 
استوقفتني كلمة عبد الملك في مصعب بن ازبير: لو علم أن الماء يفسد مرؤته ماشربه، فتذكرتُ ماعلق في الذاكرة من قصة مصعب في قتله لزوجة المختار وكانت إمراة فائقة الجمال كما ذكر أهل الأخبار، والتي هزّت وجدان أبي نؤاس، فذكرها في إحدى قصائده المعروفة ومنها البيت المشهور:
 
كتب القتل والقتال علينا     وعلى الفاتنات جرّ الذيول 
 
أما الأمين فقد جمع له أبوه الرشيد من المؤدبين من الفقهاء وعلماء الأدب والنحو ورواة التاريخ، وأوصاه بما أوصاه، والأيمان والمواثيق التي دوّنت في وثيقة العهد و علقت على جدار الكعبة، ذهبت في ليالي السمر واللهو والعبث والصيد وسماع الموسيقا، حتى وبغداد تضرب بالمنجنيق من جيش أخيه المأمون. ولوأنكر البعض صحة ما روي عن الأمين من هذه القصص. فكم لها في التاريخ من نظائر.
 
وكم رفض العقاد في إباء وكبرياء ما عرض عليه من مال كان في أمس الحاجة إليه، ثم نكتشف في إحدى رسائله يخاطب أحد أصدقائه بطريقة لا تخلو من التوسّل وبذل ما لم يكن يبذله في ما عرف من أطوار حياته المختلفة بكل تقلباتها وحاجته الملحة الى المال.
 
الوصايا بحكمتها الرصينة، تهذب النفوس، وترقق القلوب، وتنبّه العقول وتشحذ الهمم. فهي تربية نافعة للناشئة في مستقبل أيامهم.أشعار تمس الوجدان وتلهب الخيال، ونثر بديع. لا ننكر أثرها، ولا ندفع قيمتها وضرورتها في المجتمعات والشعوب. إنها ثمار العقول، ونتاج التجربة، ومعدن الفضيلة، وأساس كل تربية صالحة في الأمم الراقية.
 
 ولكن الوجه القاتم من الصورة هو صرامة الواقع التي تحيل ما هو جميل على مستوى التصور والتنظير والتعبير الأدبي، الى خيبة وإنكسار كبير في نفس المتأمل على ما عليه حقيقة الإنسان في حياته وسلوكه، في ضعفه وانسحاقه وهزيمته، في مكابرته وتحديه لعالم تنعدم فيه الرحمة وتتضاعف فيه القسوة، ويضطر فيه الكبير قبل الصغير أن يعمل بمدأ المصانعة والمداهنة والقبول بالممكن مهما كان رديئا وساقطا من منظور الوصايا والحكمة المتعالية.
 
الوصايا هو الباقي من عزائنا في أيامنا السود هذه.
 
عذرا يا أستاذي وصديقي أبا الفداء. ليس قصدي الإجهاز على هذه الوصايا، لكن جمالها أغراني بالحديث عن منابت السوء في واقعنا. سلوتنا الكلام، والوقت يمضي بسيفه على رقابنا، ونحن في ذروة العجز وانعدام القدرة على الفعل في موازاة تلك الوصايا النبيلة.
 
*صادق السعدي
27 - سبتمبر - 2010
ما شاء الله    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
كل الشكر أستاذنا دكتور يحيى مصري (الحلبي) على ما تفضلتم به من رعاية هذا الملف الذي أتمنى أن يكون (جمهرة وصايا العرب) بجهود سراة الوراق الكريمة، وعميق الشكر لصديقنا الغالي الأستاذ الشاعر صادق السعدي على مشاركته الثمينة هذه والتي افتتحت بجمالها صباح يومي هذا، أكتب هذه الكلمات بينما صورة محمد إقبال وهو ينصح ولده جاويد تحول بيني وبين صفحة الحاسوب:
أبـنيَّ لن يصل الغراب iiلعشنا مهما استطالت في السماء iiقواهُ
هـذه  الشواهين التي يلهو iiبها أبـنـاء سـيـده الـذي iiربّاهُ
أبـنيَّ  صان الله وجهك iiعاليا ما في زمانك من يصون حياءه
إيـاك  أن يـأتي لقبري iiزائر ويـقول لي: جاويد يبذل iiماءه
*زهير
27 - سبتمبر - 2010
نصوص وصايا أهل الكتاب، والوصايا العشر في الإسلام ( منقول برُمّته من الموسوعة).    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
نصوص الوصايا العشر
هناك نصان هما المعروفان بالوصايا العشر موجودان في سفر الخروج، وسفر التثنية من الكتاب المقدس.
وفقاً للتقاليد اليهودية، يحتوي سفر الخروج على أول تلاوة وهداية لله من الوصايا العشر، وهي التي عرضها موسى، عليه السلام، على بني إسرائيل الذين كانوا قد غادروا مصر قبل وضع تابوت العهد. سفر التثنية يحتوي على إعادة للوصايا العشر من الله إلى الجيل الذي ولد في أثناء الضياع في الصحراء، بعد أن أوحي لموسى في سيناء وقبل دخولهم إلى أرض كنعان. ووفقاً للمؤرخين، فقد كتبت كل نسخة من الوصايا من قبل كاتب مختلف (أو مجموعة من الكتاب) في أوقات مختلفة خلال تاريخ مملكة إسرائيل الموحدة، أو خلال السبي بابلي.
وتقسم الوصايا إلى أول أربع وصايا، وهي التي تنظم علاقة بين الرب والإنسان، في حين تنظم الوصايا الست الأخيرة العلاقة بين البشر بعضهم مع بعض.

 الوصايا التي تنظم علاقة الرب والإنسان

1- لا يكن لك آلهة أخرى غيري. الله يأمر بني إسرائيل ألا يشركوا بالله إلهاً آخر، و تحرم عبادة غير الله، و كل ما عبد من دون الله فهو باطل.
2- لا تصنع تمثالاً منحوتاً ولا صورة لما هو موجود في الجنة. حرم الله على بني إسرائيل صناعة و تشكيل ما يمثل الله على الأرض وعبادتها، لأنه نوع من أنواع الإخلال بالتوحيد.
3- لا تقسم باسم الرب باطلاً، لأن الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلاً. أمر الله بني إسرائيل أن لا يحلفوا بالله كذباً أو الاستخفاف باسمه، بل يجب معاملة اسم الله باحترام تام و بكل أدب.
4- تذكر يوم السبت واجعله مقدساً. أمر الله بني إسرائيل أن يقدسوا كل يوم سبت، و قد أحل الله على بني إسرائيل العمل في كل الأيام إلا يوم السبت فإنه يوم لتقديس الله و للعبادة فقط.

 الوصايا التي تنظم علاقة الإنسان مع أخيه الإنسان

5- أكرم أباك و أمك . الله طلب من بني إسرائيل أن يحترموا الوالدين و ألا يسيئوا لهما.
6- لا تقتل. حرم الله على بني إسرائيل القتل المتعمد للإنسان.
7- لا تزنِ. حرم الله على بني إسرائيل الزنا.
8- لا تسرِق. حرم الله على بني إسرائيل أخذ ما هو ليس لهم بغير حق.
9- لا تشهد على قريبك شهادة زور. حرّم الله على بني إسرائيل شهادة الزور التي يترتب عليها ضياع حقوق البشر.
10- لا تشتهِ زوجة جارك. حرم الله على بني إسرائيل اشتهاء ما ليس لهم.

 الوصايا العشر في الإسلام

في الإسلام يبجل موسى بوصفه أحد أولي العزم من رُسل الله. لكن الإسلام يعتبر أن التوراة والإنجيل قد حُرّفت نصوصهما الأصلية مع الزمن وتغير مضمونهما بسبب قلة الاهتمام بهما. وبرغم هذا التحريف، لا تزال مضمون الرسالة في التوراة والإنجيل قريبة من بعض الآيات في القرآن. وهذا ينطبق -وبشكل كبير- على الوصايا العشر. فبرغم أن الوصايا العشر لم تذكر بالتفصيل في القرآن، فهن لا يزلن مشابهات لبعض الآيات التالية:
1- (فاعلم أن لا إله إلا الله) سورة محمد 19
2- (وإذ قال إبراهيم رب أجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام) سورة إبراهيم 35
3- (ولا تجعلوا الله عُرضة لأيمانكم) سورة البقرة 224
4- (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعَوا إلى ذكر الله) سورة الجمعة 9
5- (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إمّا يبلغن عندك الكبر أحدُهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما) سورة الإسراء 23
6- ( من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً) سورة المائدة 32
7- (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) سورة الإسراء 32
8- (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسَبا) سورة المائدة 38
9- (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتُمْها فإنه آثمٌ قلبُه) سورة البقرة 282
10- (ولا تمدنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه) سورة طه 131
*د يحيى
28 - سبتمبر - 2010
هديتي لأخي الذواقة الفنان المثقف عبد الحفيظ    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
ملف:Darvaze Qoran by Pejman.jpg.jpg
حجم هذا العرض: 800 × 600 بكسل
*د يحيى
28 - سبتمبر - 2010
سبع نصائح للمثقف    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
مـا  الـفرق بين مقلدٍ في iiدينه راضٍ بـقـائده الجهول iiالحائر
وبـهـيـمة  عمياء قاد iiزمامها أعمى على عوج الطريق الجائر
البيتان من نوادر شعر الإصلاح الديني، وقد عثرت عليهما في كتاب (الحور العين) لنشوان الحميري (ت 573هـ) ولم يسمّ قائلهما وربما تكون من شعر ابن عبد البر القرطبي في قصيدة له في ذم التقليد، عثرت على بيت منها في كتاب (الثقافة ومآسي رجالها) للدكتور محمد بن عبد الكريم الجزائري (ص77) ولم ينسبها إلى مصدر قال أثناء حديثه عن صفات المثقف: (وأن يكون فاهما لكل ما يحفظ، متدبرا في كل ما يفهم، آخذا حذره من التقليد الأعمى، ولاسيما التقليد في الشؤون الاجتهادية التي لم تقتل بحثا، والتي مازالت قابلة لرأي مصيب يبت فيها بتا تزول به الشبهات والأوهام، والتقليد عند المسلمين مذموم في كل شيء، بدليل أن علماءهم قد اختلفوا في صحة إيمان المقلد في التوحيد، قال أبو عمرو ابن عبد البر في قصيدة يذم التقليد:
لا فرق بين مقلد وبهيمة تنقاد بين جنادل ودعاثر
وقال إبراهيم اللقاني في (جوهرة التوحيد):
وكل  من قلد في التوحيد إيمانهم لم يخل من ترديد
ثم أسدى المؤلف سبع نصائح لرجال الثقافة
أولها: أن يكون ملتزما لأهداف الثقافة مقيدا بوظائفها فكرا ولسانا وقلما
ثانيتها: أن يتجنب الافتراضات الوهمية والتفلسف الخيالي في الأمور التعبدية الواردة في الأديان السماوية لأن الخوض فيها يؤدي إلى الشك والتشكك اللذين ينفيان الملكة العلمية المشروطة في رجل الثقافة
ثالثها: ألا يجزم إلا بما تيقن حقيقته
رابعتها: ألا يفوه إلا بما آمن به
خامستها: ألا ينقل إلا ما فهم مرماه وهضم معناه وثبتت صحته
سادستها: أن يعتمد في إقناع السامع والقارئ على العقل لأن الأمور العقلية لا تختلف باختلااف الأجناس واللغات
سابعتها: ألا يخطئ رأيا أو يصوب آخر إلا ببراهين قطعية لا يتطرق إليها ارتياب
*زهير
28 - سبتمبر - 2010
وصية طريفة ..    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
تحية طيبة الأستاذ يحيى
أشكرك جزيل الشكر على الهدية والإطراء الذي لا أستحقه
وأهدي لك وللأستاذ زهير هذه البطاقة التي تتضمن
وصية "شعبية " طريفة :
 
خذ حذرك من الحاج والعجاج و "الفيراج "
 
..
 
*العجاج : الغبار..النقع ..
*الفيراج : كلمة بالفرنسية وتعني  المنعطف .
 
 
*abdelhafid
30 - سبتمبر - 2010
وصايا متفرقة من ( لباب الآداب ) لأسامة بن منقذ - أ -    كن أول من يقيّم
 
( 1 ) لا تكسل ولا تضجر .
قال محمد بن علي لابنه : (( يا بني لا تكسل ؛ فإنك إن كسلت لم تؤد حقًّا ، ولا تضجر ؛ فإنك إن ضجرت لم تصبر على حقٍّ ، ولا تمتنع من حقٍّ ، فإنه ما من عبدٍ يمتنع من حقٍّ إلا فتح الله عليه باب باطلٍ ينفق فيه أمثاله )) .
( 2 ) التعامل مع الإخوان .
قال عمر بن الخطاب : (( من عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن ، ومن كتم سره كانت الخيرة بيده ، وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك عليه ، ولا تظنن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شرا وأنت تجد لها في الخير موضعًا ، وعليك بإخوان الصدق فكِسْ في اكتسابهم ؛ فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء ، ولا تهاون في الحلف بالله فيهينك ، وعليك بالصدق ولو قتلك ، ولا تعتزِ إلى من لا يغنيك ، واعتزل عدوك ، واحذر صديقك إلا الأمين ؛ والأمين من خشي الله تعالى ، ولا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره ، ولا تطلعه على سرك فيفضحك ، وتخشع عند القبور ، وآخ الإخوان على قدر التقوى ، ولا تستعن على حاجتك من لا يحب نجاحها لك ، وشاور في أمرك الذين يخافون الله عز وجل )) .
*محمود العسكري
30 - سبتمبر - 2010
 1  2  3