البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التربية و التعليم

 موضوع النقاش : وصايا خالدة    قيّم
التقييم :
( من قبل 4 أعضاء )
 زهير 
26 - سبتمبر - 2010
وصية ابن سعيد لابنه علي:
تحية طيبة أصدقائي وأساتذتي الكرام:
كنت قد نشرت هذه الوصية قبل قليل، ثم ارتأيت أن يكون الملف تحت عنوان (وصايا خالدة) نضم إليها أجمل ما نظفر به من وصايا الأمراء والعلماء
وأفتتح هذا الملف بهذه الوصية المطولة وهي وصية أبي عمران موسى بن سعيد لابنه علي مشاركه في تاليف كتاب (حلى المغرب) نقلتها من (نفح الطيب) واستدركت ما وقع فيها من نقص، وما لحقها من اغلاط الطبع، وقد أوردها المقري في أخبار موسى بن سعيد قال:
(قال ابنه علي: لمّا أردت النهوض من ثغر الإسكندرية إلى القاهرة أول وصولي إلى
الإسكندرية، رأى أن يكتب لي وصية أجعلها إماماً في الغربة، فبقي فيها أيّاماً إلى أن كتبتها عنه، وهي هذه، وكفى بها دليلاً على ما اختبر وعلم:
أودعك الرحمن في غربتك         مرتقباً رحماه في أوبتك
وما اختياري كان طوع النوى         لكنّني أجري على بغيتك
فلا تطل حبل النوى إنّني         والله أشتاق إلى طلعتك
من كان مفتوناً بأبنائه         فإنّني أمعنت في خبرتك
فاختصر التوديع أخذاً، فما         لي ناظرٌ يقوى على فرقتك
واجعل وصاتي نصب عينٍ ولا         تبرح مدى الأيام من فكرتك
خلاصة العمر التي حنّكت         في ساعة زفّت إلى فطنتك
فللتّجاريب أمورٌ إذا         طالعتها تشحذ من غفلتك
فلا تنم عن وعيها ساعةً         فإنّها عونّ إلى يقظتك
وكلّ ما كابدته في النّوى         إيّاك أن يكسر من همّتك
فليس يدرى أصل ذي غربةٍ         وإنّما تعرف من شيمتك
وكلّ ما يفضي لعذرٍ فلا         تجعله في الغربة من إربتك
ولا تجالس من فشا جهله         واقصد لمن يرغب في صنعتك
ولا تجادل أبداً حاسداً         فإنّه أدعى إلى هيبتك
وامش الهوينا مظهراً عفّةً         وابغ رضى الأعين عن هيئتك
أفش التحيّات إلى أهلها         ونبّه الناس على رتبتك
وانطق بحيث العيّ مستقبحٌ         واصمت بحيث الخير في سكتتك
ولا تزل مجتمعاً طالباً         من دهرك الفرصة في وثبتك
وكلّما أبصرتها أمكنت         ثب واثقاً بالله في مكنتك
ولج على رزقك من بابه         واقصد له ما عشت في بكرتك
وايأس من الودّ لدى حاسدٍ         ضدٍّ ونافسه على خطّتك
ووفّر الجهد فمن قصده         قصدك لا تعتبه في بغضتك
ووفّ كلاًّ حقّه ولتكن         تكسر عند الفخر من حدّتك
ولا تكن تحقر ذا رتبةٍ         فإنّه أنفع في غربتك
وحيثما خيّمت فاقصد إلى         صحبة من ترجوه في نصرتك
وللرّزايا وثبةٌ ما لها         إلاّ الذي تذخر من عدّتك
ولا تقل أسلم لي وحدتي         فقد تقاسي الذلّ في وحدتك
ولتزن الأحوال وزناً ولا         ترجع إلى ما قام في شهوتك
ولتجعل العقل محكّاً وخذ         كلاًّ بما يظهر في نقدتك
واعتبر الناس بألفاظهم         واصحب أخاً يرغب في صحبتك
بعد اختبارٍ منك يقضي بما         يحسن في الأخدان من خلطتك
كم من صديقٍ مظهرٍ نصحه         وفكره وقفٌ على عشرتك
إيّاك أن تقربه، إنّه         عونٌ مع الدّهر على كربتك
واقنع إذا ما لم تجد مطمعاً         واطمع إذا نفّست من عسرتك
وانمُ نموّ النّبت قد زاره         غبّ الندى واسم إلى قدرتك
وإن نبا دهرٌ فوطّن له         جأشك وانظره إلى مدّتك
فكلّ ذي أمرٍ له دولةٌ         فوفّ ما وافاك في دولتك
ولا تضيّع زمناً ممكناً         تذكاره يذكي لظى حسرتك
والشّرّ مهما اسطعت لا تأته         فإنّه حوبٌ على مهجتك
يا بني الذي لا ناصح له مثلي ولا منصوح لي مثلة قد قدمت لك في هذا النظم ما إن
أخطرته بخاطرك في كل أوان رجوت لك حسن العاقبة، إن شاء الله تعالى، وإنّ أخفّ منه للحفظ وأعلق بالفكر وأحق بالتقدم قول الأول:
يزين الغريب إذا ما اغترب         ثلاثٌ فمنهنّ حسن الأدب
وثانيةٌ حسن أخلاقه         وثالثةٌ إجتناب الرّيب
وإذا اعتبرت هذه الثلاثة ولزمتها في الغربة رأيتها جامعة نافعة، لا يلحقك إن شاء الله تعالى مع استعمالها ندم، ولا يفارقك بر ولا كرم، ولله درّ القائل:
يعدّ رفيع القوم من كان عاقلاً         وإن لم يكن في قومه بحسيب
إذا حلّ أرضاً عاش فيها بعقله         وما عاقلٌ في بلدةٍ بغريب
وما قصّر القائل حيث قال:
واصبر على خلق من تعاشره         وداره فاللبيب من دارى
واتخذ الناس كلّهم سكناً         ومثّل الأرض كلّها دارا
وأصغ يا بني إلى البيت الذي هو يتيمة الدهر، وسلّم الكرم والصبر:
ولو أنّ أوطان الديار نبت بكم         لسكنتم الأخلاق والآدابا
إذ حسن الخلق أكرم نزيل، والأدب أرحب منزل، ولتكن كما قال أحدهم في أديب
متغرّب: (وكان كلّما طرأ على ملك فكأنّه معه ولد، وإليه قصد، غير مستريب بدهره، ولا منكر شيئاً من أمره)
 وإذا دعاك قلبك إلى صحبة من أخذ بمجامع هواه فاجعل التكلف له سلّماً، وهبّ في روض أخلاقه هبوب النسيم، وحلّ بطرفه محلّ الوسن، وانزل بقلبه نزول المسرة، حتى يتمكن لك وداده، ويخلص فيك اعتقاه، وطهر من الوقوع فيه لسانك، وأغلق سمعك، ولا ترخّص في جانبه لحسود لك منه، يريد إبعادك عنه، لمنفعته، أو حسود له يغار لتجمله بصحبتك، ومع هذا فلا تغتر بطول صحبته، ولا تتمهد بدوام رقدته، فقد ينبهه الزمان، ويغير منه القلب واللسان، ولذا قيل: إذا أحببت فأحبب هوناً مّا، ففي الممكن أن ينقلب الصديق عدوّاً والعدوّ صديقاً.
وإنّما العاقل من جعل عقله معياراً، وكان كالمرآة يلقى كل وجه بمثاله، وجعل نصب ناظره قول أبي الطّيب:
ولمّا صار ودّ النّاس خبّاً         جزيت على ابتسامٍ بابتسام
وفي أمثال العامة: من سبقك بيوم فقد سبقك بعقل، فاحتذ بأمثلة من جرّب، واستمع إلى ما خلّد الماضون بعد جهدهم وتعبهم من الأقوال، فإنّها خلاصة عمرهم، وزبدة تجاربهم.
ولا تتكل على عقلك، فإن النظر فيما تعب فيه الناس طول أعمارهم وابتاعوه غالياً بتجاربهم يربحك، ويقع عليك رخيصاً.
وإن رأيت من له مروءةٌ وعقل وتجربة فاستفد منه، ولا تضيّع فعله ولا قوله، فإن فيما تلقاه تلقيحاً لعقلك، وحثّاً لك واهتداء، وإيّاك أن تعمل
بهذا البيت في كل موضع:
فالحرّ يخدع بالكلام الطّيّب
فقد قال أحدهم: ما قيل أضرّ من هذا البيت على أهل التجمّل، وليس كل ما تسمع من
أقوال الشعراء يحسن بك أن تتبعه، حتى تتدبره، فإن كان موافقاً لعقلك مصلحاً لحالك قوّاه ذلك عندك، وإلاّ فانبذه نبذ النواة، فليس لكل أحد يُتبَسّم ولا كل شخص يكلّم، ولا الجود ممّا يعم به، ولا حسن الظنّ وطيب النفس ممّا يعامل به كل أحد، ولله در القائل:
وما لي لا أوفي البريّة قسطها         على قدر ما يعطى وعقلي ميزان
وإياك أن تعطي من نفسك إلا بقدر، فلا تعامل الدون بمعاملة الكفء، ولا الكفء بمعاملة الأعلى، ولا تضيع عمرك فيمن يملكك بالمطامع، ويثنيك عن مصلحة حاضرة عاجلة بغائبة آجلة،  (في جواهر الأدب: ولا تضيع عمرك فيمن يعاملك بالمطامع ويثيبك على مصلحة ...) واسمع قول الأول:
وبغ آجلاً منك بالعاجل
وأقلل من زيارة الناس ما استطعت، ولا تجفهم بالجملة، ولكن يكون ذلك بحيث لا يلحق
منه ملل ولا ضجر ولا جفاء، ولا تقل أيضاً أقعد في كسر بيتي ولا أرى أحداً، وأستريح من الناس، فإن ذلك كسل داع إلى الذل والمهانة، وإذا علم عدوّ لك أو صديق منك ذلك عاملاك بحسبه، فازدراك الصديق وجسر عليك العدوّ،
وإياك أن يغرّك صاحبٌ واحد عن أن تذخر غيره للزمان، وتطيعه في عداوة سواه، ففي الممكن أن يتغير عليك فتطلب إعانة عليه أو استغناء عنه فلا تجد ذخيرة قدمتها، وكان هو في أوسع حال وأعلى رأي بما دبره بحيلته في انقطاعك عن غيره، فلو اتفق لك أن تصحب من كل صناعة وكل رياسة من يكون لك عدّة لكان ذلك أولى وأصوب، وسلني فإنّي خبير، طال والله ما صبحت الشخص أكثر عمري لا أعتمد على سواه، ولا أعتدّ إلاّ إيّاه، منخدعاً بسرابه، موثوقاً في حبائل خطابه، إلى أن لا يحصل لي منه غير العضّ على البنان، وقول: لو كان ولو كان، ولا
يحملنك أيضاً هذا القول أن تظنّه في كل أحد، وتعجل بالمكافأة، وليكن حسن الظن بمقدار مّا، واصبر بقدرٍ مّا، والفطن لا تخفى عليه مخايل الأحوال، وفي الوجوه دلالات وعلامات، وأصغ إلى القائل:
ليس ذا وجه من يضيف ولا يق         ري ولا يدفع الأذى عن حريم
فمن يكن له وجه مثل هذا الوجه فولّ وجهك عنه قبلة ترضاها، ولتحرص جهدك على ألا تصحب أو تخدم إلاّ ربّ حشمة ونعمة، ومن نشأ في رفاهية ومروءة، فإنّك تنام معه في مهاد العافية، وإن الجياد على أعراقها تجري، وأهل الأحساب والمروءات يتركون منافعهم متى كانت عليهم فيها وصمة، وقد قيل في مجلس عبد الملك بن مروان:
أشرب مصعب الخمر؟
فقال عبد الملك - وهو عدوّ محارب له على الملك - : لو علم مصعب ا، الماء
يفسد مروءته ما شربه.
والفضل ما شهدت به الأعداء
يا بني، وقد علمت أن الدنيا دار مفارقةٍ وتغير، وقد قيل: اصحب من شئت فإنّك
مفارقه، فمتى فارقت أحداً فعلى حسنى في القول والفعل، فإنّك لا تدري هل أنت راجع إليه، فلذلك قال الأول:
ولمّا مضى سلمٌ بكيت على سلم
وإياك والبيت السائر:
وكنت إذا حللت بدار قومٍ         رحلت بخزيةٍ وتركت عارا
واحرص على ما جمع قول القائل: ثلاثة تبقي لك الودّ في صدر أخيك، أن تبدأه بالسلام، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب الأسماء إليه.
واحذر كل ما بيّنه لك القائل: كلّ ما تغرسه تجنيه إلاّ ابن آدم فإنّك إذا غرسته يقلعك، وقول الآخر: ابن آدم يتمسكن حتى يتمكن، وقول الآخر: ابن آدم ذئب مع الضعف، أسد مع القوّة.
وإياك أن تثبت على صحبة أحد قبل أن تطيل اختباره، فيحكى أن ابن المقفع خطب من الخليل صحبته، فجاوبه: إن الصحبة رقٌّ، ولا أضع رقي في يدك حتى أعرف كيف ملكتك.
واستمل من عين من تعاشره، وتفقّد في فلتات الألسن وصفحات الأوجه، ولا يحملك الحياء على السكوت عما يضرك ألا تبينه، فإن الكلام سلاح السلم، وبالأنين يعرف ألم الجرح، واجعل لكل أمر أخذت فيه غاية تجعلها نهاية لك، وآكد ما أوصيك به أن تطرح الأفكار، وتسلّم للأقدار:
واقبل من الدهر ما أتاك به         من قرّ عيناً بعيشه نفعه
إذ الأفكار تجلب الهموم، وتضاعف الغموم، وملازمة القطوب، عنوان المصائب
والخطوب، يستريب به الصاحب، ويشمت العدوّ المجانب، ولا تضرّ بالوساوس إلا نفسك، لأنّك تنصر بها الدهر عليك، ولله درّ القائل:
إذا ما كنت للأحزان عوناً         عليك مع الزّمان فمن تلوم
مع أنّه لا يردّ عليك الفائت الحزن، ولا يرعوي بطول عتبك الزمن. 
ولقد شاهدت بغرناطة شخصاً قد ألفته الهموم،وعشقته الغموم، ومن صغره إلى كبره لا تراه أبداً خلياً من فكرة حتى لقب "بصدر الهم"  ومن أعجب ما رأيته منه أنّه يتنكد في الشدة، ولا يتعلل بأن يكون بعدها فرج، ويتنكد في الرخاء خوفاً من أن لا يدوم، وينشد:
توقّع زوالاً إذا قيل تمّ
وينشد:
وعند التّناهي يقصر المتطاول
وله من الحكايات في هذا الشأن عجائب، مثل هذا عمره مخسور يمر ضياعاً.
ومتى رفعك الزمان إلى قوم يذمون من العلم ما تحسنه حسداً لك، وقصداً لتصغير قدرك عندك، وتزهيداً لك فيه، فلا يحملك ذلك على أن تزهد في علمك، وتركن إلى العلم الذي مدحوه، فتكون مثل الغراب الذي أعجبه مشي الحجلة فرام أن يتعلّمه فصعب عليه، ثم أراد أن يرجع إلى مشيه فنسيه، فبقي مخبل المشي.
كما قيل:
إن الغراب وكان يمشي مشيةً         فيما مضى من سالف الأجيال
حسدّ القطا وأرادَ يمشي مشيها         فأصابه ضربٌ من العقَّال
فأضلَّ مشيته وأخطأ مشيها         فلذلك كنَّوهُ أبا مرقال
 
ولا يفسد خاطرك من جعل يذم الزّمان وأهله، ويقول: ما بقي في الدنيا كريم ولا فاضل ولا مكان يستراح فيه، فإن الذي تراهم على هذه الصفة أكثر ما يكونون ممّن صحبه الحرمان، واستحقّت طلعته للهوان، وأبرموا على الناس بالسؤال، فمقتوهم، وعجزوا عن طلب الأمور من وجوهها فاستراحوا إلى الوقوع في الناس، وإقامة
الأعذار لأنفسهم بقطع أسبابهم، وتعذير أمورهم.
ولا تزل هذين البيتين من فكرك:
لن إذا ما نلت عزّاً         فأخو العزّ يلين
فإذا نابك دهرٌ         فكما كنت تكون
ولا قول الآخر:
ته وارتفع إن قيل أق         تر وانخفض إن قيل أثرى
كالغصن يسفل ما اكتسى         ثمراً ويعلوا ما تعرّى
ولا قول الآخر:
الخير يبقى وإن طال الزّمان به         والشرّ أخبث ما أوعيت من زاد
واعتقد في الناس ما قاله القائل:
ومن يلق خيراً يحمد الناس أمره         ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائما
وتحفّظ بما تضمّنه قول الآخر:
ومن دعا الناس إلى ذمّه         ذمّوه بالحق وبالباطل
ولله درّ القائل:
ما كلّ ما فوق البسيطة كافياً         فإذا اقتنعت فكلّ شيء كافي
والأمثال يضربها لذي اللّبّ الحكيم، وذو البصر يمشي على الصراط المستقيم، والفطن يقنع بالقليل، ويستدل باليسير، والله سبحانه خليفتي عليك، لا ربّ سواه.
 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
وصية عتبة بن أبي سفيان لمعلم ولده    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
قال الجاحظ في البيان والتبيين:
وقال عُتبة بن أبي سفيان لعبد الصَّمد مؤدِّب ولدِه: (ليكن أوَّلَ ما تبدأُ به من إصلاحك بَنِّي إصْلاحُك نَفسَك؛ فإنَّ أَعينهم معقودة بعينك، فالحسَنُ عِندهم ما استحسنت، والقبيحُ عندهم ما استقبحت، علِّمْهم كتابَ اللَّه، ولا تُكرِهْهم عليه فيَملُّوه، ولا تتركْهم منه فيهجُروه، ثم روِّهم من الشِّعر أَعَفَّه، ومن الحديث أَشْرَفه، ولا تُخْرِجْهم من عِلْمٍ إلى غيره حتّى يحْكموه، فإنَّ ازدحامَ الكلام في السَّمع مَضَلَّةٌ للفهم، وعلِّمْهم سِيَرَ الحكماء وأخلاقَ الأدباء، وجنِّبْهُم محادَثة النساء، وتهدَّدْهم بي وأدِّبْهم دُوني، وكنْ لهم كالطَّبيب الذي لا يَعجَل بالدَّواء حتى يعرف الداء، ولا تَتّكل على عُذري، فإني قد اتَّكلتُ على كفايتِك، وزد في تأديبهم أزدك في برّي إن شاء اللَّه)
قلت أنا زهير: وتنسب هذه الوصية في بعض المصادر إلى عمرو بن عتبة بن أبي سفيان، كما في (العقد الفريد) أما عتبة  فكان والي مصر لأخيه معاوية، ولا تزال ترجمته تفتقر للتحرير، وفي التاريخ جماعة من الأدباء والعلماء والشعراء ينتسبون إليه، وأشهرهم العتبي الذي يروي عنه أبو الفرج في (الأغاني)
*زهير
26 - سبتمبر - 2010
وصية الرشيد للأصمعي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
قال صاحب التذكرة الحمدونية:
ومن الكلام البديع فيما أوصى به أتباع السلطان ما وصى به الرشيد الأصمعي في أول ما عزم على تأنيسه. قال له:
يا عبد الملك، أنت احفظ منا ونحن أعقل منك، لا تعلمنا في ملاء، ولا تسرع إلى تذكيرنا في خلاء، واتركنا حتى نبتدئك بالسؤال، فإنَّ بلغت من الجواب قدر استحقاقه فلا تزد، وإياك والبدار إلى تصديقنا، أو شدة العجب بما يكون منا، وعلمنا من العلم ما نحتاج إليه على عتبات المنابر وفي أعطاف الخطب وفواصل المخاطبات، ودعنا من رواية حوشي الكلام وغرائب الأشعار، وإياك وإطالة الحديث إلا أن يستدعى ذلك، ومتى رأيتنا صادفين عن الحق فأرجعنا إليه ما استطعت، من غير تقرير بالخطأ ولا إضجار بطول الترداد. قال الأصمعي أنا إلى حفظ الكلام أحوج مني إلى كثير من البر.
*زهير
26 - سبتمبر - 2010
وصية الرشيد لخلف الأحمر    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
قال ابن خلدون في المقدمة:
ومن أحسن مذاهب التعليم، ما تقدم به الرشيد لمعلم ولده. قال خلف الأحمر: بعث إلي الرشيد في تأديب ولده محمد الأمين فقال: "يا أحمر إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه وثمرة قلبه، فصير يدك عليه مبسوطة وطاعته لك واجبة، فكن له بحيث وضعك أمير المؤمنين. أقرئه القرآن وعلمه الأخبار وروه الأشعار وعلمه السنن، وبصره بمواقع الكلام وبدئه وامنعه من الضحك إلا في أوقاته، وخذه بتعظيم مشايخ بني هاشم، إذا دخلوا عليه، ورفع مجالس القواد، إذا حضروا مجلسه. ولا تمرن بك ساعة إلا وأنت مغتنم فائدة تفيده إياها من غير أن تحزنه، فتميت ذهنه. ولا تمعن في مسامحته، فيستحلي الفراغ ويألفه. وقومه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإن أباهما فعليك بالشدة والغلظة.
*زهير
26 - سبتمبر - 2010
أدب الوصايا والنصائح    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 

يقول الأستاذ أحمد أمين في مقدمة كتابه " إلى ولدي " :

وهذه العادة ، عادة كتابة الآباء إلى الابناء (كتابة الوصايا والنصائح) ، عادة قديمة قصها علينا القرآن الكريم في نصيحة لقمان لإبنه ، ونصيحة الفارسية المعروفة بجويدان خرد ، وكثيراً ما نصح الملوكُ عمّالهم في كيف يسيرون وأي منهج ينهجون : نصح عمر بن الخطاب أَبا موسى الأشعري نصيحته المشهورة في كيف يسير في القضاء ، وقالوا إن عليِّ بن أبي طالب نصح الأشتر النخعي بنصيحته المشهورة عندما ولاه مصر . واستمرت هذه النصائح في التاريخ الأدبي إلى يومنا هذا .... ولما كان لكِّل عصر نصائحه ، ولكل عصر أسلوبه آثرتُ أن أَجْري مجراهم مراعياً اختلاف البيئة واختلاف العصر .

تتخذ صيغة الوصايا في الأدب العراقي القديم أشكالاً عديدة . وتظهر بعض هذه الوصايا بلغة صريحة تحذر من ارتكاب الأعمال المشينة . وكانت بعض هذه الوصايا ترد على لسان أستاذٍ لتلميذه يُخاطبه فيها بكلمة (يا بني) .
وكانت الوصايا ترد أيضاً بصيغة تنبيهات على شكلٍ فؤول .
ولدينا من مصر القديمة عدد من نصوص الحكم والوصايا ، وهذه النصوص طويلة وعلى جانب كبير من الإفاضة والتفصيل وهي تطلعنا على جانب من جوانب الحياة الأخلاقية للمجتمع المصري القديم .
وتمتاز الوصايا في العصر الجاهلي بجمالها ، وتناسب جملها ورقتها . وهي تمثل البيئة العربية الجاهلية من حيث الحفاظ على مكارم الأخلاق ووضوح الغايات والوسائل إلى جانب الاهتمام بالحكمة والمثل .
وتعددت موضوعات الرسائل في العصر الإسلامي فشملت جميع النظم الجديدة التي قامت عليها دولة الإسلام .
وتعددت موضوعات الرسائل في العصر الإسلامي فشملت جميع النظم الجديدة التي قامت عليها دولة الإسلام .
وارتكزت مضامين الرسائل في هذا العصر والعصور اللاحقة ، على التوجيهات الأخلاقية المستوحاة من روح الرسالة الدينية في شتى مناحي الحياة! السياسية والاجتماعية والاقتصادية . كما استمر وجود نوعين من الرسائل ، الأول الذي اتخذ الطابع الرسمي ، وهو ما كان يوجه من الخليفة أو الحاكم إلى أفراد الرعية ، أما النوع الآخر وهو غير الرسمي ، فقد شاع في حياة الأمة بغرض نقل المشاعر والعواطف والأفكار من شخص للآخرين ، للتأثير في عواطفهم وميولهم ...
*د يحيى
27 - سبتمبر - 2010
أدب الوصايا والنصائح (2)    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
أدب الوصايا والنصائح
من الأدب العراقي القديم

 

تمهيد :
تتخذ صيغة الوصايا في الأدب العراقي القديم أشكالاً عديدة . وتظهر بعض هذه الوصايا بلغة صريحة تحذر من ارتكاب الأعمال المشينة . وكانت بعض هذه الوصايا ترد على لسان أستاذٍ لتلميذه يُخاطبه فيها بكلمة (يا بني) وبعضها يرد بصيغة تنبيهات على شكلٍ فؤول .
 
1) من الوصايا الأكدية
 
" يا بني ...
لا تفترِ ، بل قل كلمات صالحة
لا تتداول بأمور شريرة ، ولا يكن لك سوى كلمات طيبة !
فالذي يفتري ، ويقول كلمات شريرة
سينتظرُ عبثاً مكافأة شمش
لا تدع المجال لفمك بالإفراط وراقب شفتيك !
حتى  إذا كنت وحدك ، لا تُبح بأفكارك الخفية :
فما تكون قد قلته مرةً وستلقاه بعدئذٍ !
لذا ، مرِّنْ فكرك على السيطرة على أحاديثك "
 
 
2) تنبيهات للملك سنحاريب
كُتِبَ هذا النص على الأرجح في عهد الملك سنحاريب (704 – 681) ق.م قبل أن يدمر بابل سنة 689 ق.م :
 
" إذا لم ينتبه ملكٌ إلى الحق ، فسيقع شعبه في الفوضى ، وسيُجتاحُ بلده
إذا لم ينتبه ملك إلى حق بلده ، فإن إيا ملك المصائر الإلهي
سيغير مصيره الخاص وسيدفعه دوماً على طريق التعاسة
إذا لم ينتبه إلى حكيمه . فستكون أيامه قصيرة
إذا لم ينتبه إلى مستشاره فستثور بلاده عليه
إذا أصغى إلى نذل فستتغير ذهنية البلاد
إذا انتبه إلى رسالة إيا .. فإن الآلهة العظام سيقودونه دوماً في المشورة وطرق الإنصاف .
 
*د يحيى
27 - سبتمبر - 2010
أدب الوصايا والنصائح (3)    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
أدب الوصايا والنصائح
من الأدب العراقي القديم

 

3) من أبٍ إلى ابنه
 
 
هذه فقرات من لائحة طويلة تنوف عن 350 وصية يرعى تطبيقها الإله شمش وهذا النص يعود إلى عام 700 ق.م
( 1 )
-  أكبح جماح فمك ، راقب كلماتك .
-  وكما يحافظ الرجل على ثروته احفظ شفتيك .
-  لا تتفوه بما لا يفيد ولا تعط نصيحة في غير محلها .
-  لا تصنع بخصمك شراً .
-  ومن يبادلك بسيئة كافئه بحسنة .
-  واجه عدوك بالعدل ولا تظلم .
-  لا تترك قلبك نهبة لإغواء العمل السيء .
 
( 2 )
- اعطِ الطعام لسائله وشراب البلح لطالبه ، ولا ترد طالباً لصدقة أو ثوب ، ففي ذلك مرضاة للإله شمش ، وبه يُجزي حسنة .
- كن مصدر عون لإخوتك ، صانعاً للخير .
- أي بني ، إذا اختارك الأمير لخدمته ، حافظ على ختمه محافظتك على نفسك ، وإذا فتحت خزينته وولجت إليها ، سترى أموال لا يمكنك عدها ، فغض الطرف عنها ولا يروادك طمع بها .
 
( 3 )
- لا تغلظ في الكلام ولا تفتر على أحد ، من يغلظ القول ويفتر على الناس ، يعاقبه الإله شمش ويلاحقه طالباً رأسه.
 
*د يحيى
27 - سبتمبر - 2010
أدب الوصايا والنصائح (4)    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
أدب الوصايا والنصائح
من الأدب المصري القديم

 

... ولدينا من مصر القديمة عدد من نصوص الحكم والوصايا ، وهذه النصوص طويلة وعلى جانب كبير من الإفاضة والتفصيل وهي تطلعنا على جانب من جوانب الحياة الأخلاقية للمجتمع المصري القديم .
 
1) وصايا أمين أم أوبيت وتعود إلى حوالي عام 700 ق.م
 
- لا تسرق من المسكين ، ولا تحمِّل الضعيف فوق طاقته .
- لا تزعزع أحجار حدود الحقول عن مواضعها ، ولا يكن جشعك لبضعة أمتار من الأرض .
- لا توسع أرضك على حساب أملاك الأرملة ، لأن المتر الحلال أفضل من خمسة آلاف متر حرام ، وحصادها لا
  يبقى يوماً في صومعتك ، وغلتها لا تقدم لبرميل واحد من الجعة .
- أفضل لك أن تكون فقيراً بين يدي الله ، من أن تكون غنياً في وسط مستودعاتك .
- الرغيف الواحد مع الطمأنينة ، أفضل من الثورة مع الأحزان .
- لا تشته الغنى ولا المظاهر ، فكل إنسان مملوك لساعته .
- لا تجهد نفسك في الاكتناز وحاجتك آمنة ، فإن المال الحرام لا يلبث في يدك ليلة ، ومع الصباح يختفي من بيتك ،
  تصير له أجنحة وتطير .
- لا تطمع في مال الفقير ولا تشته خبزه ، لأنه سيصير شوكة في حنجرتك وقيئاً في حلقك .
- إذا كان لك دين عند رجل فقير ، اجعله ثلاثة أقساط ، سامحه بقسطين واترك واحداً ، عندها ستنام ملء جفونك ،
  وفي الصباح ستجد عملك كالبشارة الطيبة .
- لا تجعل لنفسك أوزاناً مغشوشة ، لأنها سوف تزخر بالبلايا بإرادة الله .
- لا تقض ليلك في خوف من الغد ، لأنه من يعرف ما سيكون عليه الغد عند انبلاج الصبح .
- ما يقوله الإنسان شيء ، وما يفعله الله شيء آخر .
- إذا آذاك أحد لا تقل إن لي رئيساً قوياً ، وإذا أصابك أحد بضرٍ لا تقل إن لي حامياً ، بل ضع نفسك في رعاية الله.
- لا تهزأ من أعمى ولا تسخر من قزم ، ولا تنفجر غضباً في وجه من يرتكب خطأ ، فما الإنسان إلا قش وتراب ،
  خلق الله .
- إن الله يخلق ألف إنسان ضعيف إذا شاء ، ويخلق ألف إنسان حكيم أيضاً .
- لا تنهر الأرملة ويه تجمع البقايا في حقلك ، ولا تمنع عن الغريب جرة زيتك ، إن الله يفضل احترامك للفقير على
  تعظيم للقوي .
*د يحيى
27 - سبتمبر - 2010
أدب الوصايا والنصائح (5)    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
أدب الوصايا والنصائح
الوصايا في العصر الجاهلي

 

 
... وتمتاز الوصايا في العصر الجاهلي بجمالها ، وتناسب جملها ورقتها .
 
1) عمرو بن كلثوم
 
جمع عمرو بن كلثوم بنيه حينما حضرته الوفاة ، وكان قد عاش مائة وخمسين سنة ، فقال : ـ
 
" يا بَنيَّ ، قَدْ بَلغْتُ منْ العُمَرِ ما لمْ يَبْلغْهُ أحدٌ منْ آبائي ، ولا بدَّ أنْ يَنْزلَ بي ما نَزلَ بهم منَ الموْتِ . وإني واللهِ ما عيّرتُ أحداً بشيءٍ إلا عُيِّرتُ بمثْلهِ ، إنْ كانَ حقاً فَحقاً ، وإن كانَ بَاطلاً فبَاطلا ، ومنْ سَبَّ سُبَّ . فكُفُّوا عنِ الشتّمِ ، فإنّهُ أسْلمُ لَكمْ ، وأحسِنوا جِوارَكمْ ، يحسنْ ثناؤُكم ، وإذا حُدِّثْْتم فَعوا ، وإذا حَدثْتم فأوْجِزوا ، فإن مع الإكثارِ تكونُ الأهْذار .
أشجعُ القَومِ العَطوفُ عندَ الكرِّ ، كَما أن أكرمً المنايا القتلُ ، ولا خيرَ فيمن لا رَويّة لهُ عندَ الغضَبِ ، ولا منْ إذا عُوتبَ لم يُعْتِبْ ، ولا تَتزوجوا في حيِّكم ، فإنّه يودي إلى قُبْحِ البُغْضِ " .
 
2) ذو الإصبع العدواني
 
وأوصى ذو الإصبع العدواني ، لما حضرته الوفاة ، ابنه فقال :
" يا بُني ، إن أباكَ قد فَنِيَ وهوَ حيُّ ، وعاشَ حتَى سَئِمَ العَيشَ . وإنِّي مُوصيكَ بما إنْ حفظْته بَلغتَ في قَوْمكَ ما بَلغتُه : ألِنْ جانبَك لقَومك يُحبُّوكَ ، وتَواضعْ لهُمْ يرفَعوكَ ، وابسُطْ وجْهَكَ يُطيعوكَ ، ولا تستأثْر علَيهمْ بشيءٍ يسوِّدوكَ ، وأكْرِم صغارَهُمْ كَما تُكْرمْ كبارَهُمْ ، يُكْرمكَ كبارهُم ، ويَكبُرْ على مودَّتكَ صِغارَهُمْ ، واسْمحْ بمالكَ ، وأعززْ جارَكَ ، وأعنْ من اسْتعانَ بِكَ ، وأكرم ضَيفكَ ، وصُنْ وجهكَ ، عنْ مسألِة أحدٍ شيئاً ، فَبذلِكَ يَتمُّ
سُؤْدُدُكَ ".
*د يحيى
27 - سبتمبر - 2010
أدب الوصايا والنصائح (6)    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
أدب الوصايا والنصائح
الوصايا في العصر الإسلامي

 

رسالة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في القضاء إلى أبي موسى الأشعري عندما ولاّه قضاء البصرة .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
" من عبد الله عمر بن الخطاب ، أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس ؛ سلام عليك؛ أما بعد ، فإن القضاء فريضة محكمة ، وسنة متبعة ، فافهم إذا أدلي إليك ؛ فإنه لا ينفع تكل بحق لا نفاذ له . آس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك ؛ حى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك . البينة على من ادّعى واليمين على من أنكر ، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً . أو حرم حلالاً .
 
لا يمنعك قضاء قضيته اليوم ، فراجعت فيه عقلك ، وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق ؛ فإن الحق قديم ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل ، الفهمَ الفهمَ فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب ولا سنة ثم اعرف الأشباه والأمثال فقس الأمور عند ذلك ، واعمد إلى أقربها إلى الله، وأشبهها بالحق ، واجعل لمن ادعى حقاً غائباً أو بينة أمداً ينتهي إليه ، فإذا أحضر بينة أخذت له بحقه ، وإلا استحللت عليه القضية ؛ فإنه أنفى للشك ، وأجلى للعمى . المسلمون عدول بعضهم على بعض ، إلا مجلوداً في حد ، أو مجرباً عليه شهادة زور ، أو ظنيناً في ولاء أو نسب ؛ فإن الله تولى منكم السرائر ، ودرأ بالبينات والأيمان ، وإياك والقلق والضجر والتأذي بالخصوم ، والتنكر عند الخصومات ؛ فإن الحق في مواطن الحق يعظم الله به الأجر ، ويحسن به الذخر ، فمن صحت نيته ، وأقبل على نفسه ، كفاه الله ما بينه وبين الناس ، ومن تخلق للناس بما يعمل أنه ليس من نفسه ، شانه الله ، فما ظنك بثوّاب عند الله عز وجل في عاجل رزقه ، وخزائن رحمته ، والسلام ".
 

المفردات :
(1)    أدلي إليك : إذا تقدم إليك المتقاضون بحجتهم .
(2) آس بين الناس : سو بينهم .
(3)    لحيف : الميل . أي ميلك معه لشرفه .
(4)    تلجلج : تردد حتى كان موضع حيرة .
(5)    الكتاب : القرآن الكريم ، والسنة : ما أثر عن النبي من قول أو فعل أو تقرير .
(6)    ظنين : متهم : أي ينتسب إلى غير أبيه ، أو يدعي إلى غير مواليه فليس أهلاً للشهادة .
(7) درأ : دفع ، يريد منع الحدود .
(8) القلق والضجر ضيق الصدر ، وقلة الصبر .
 
*د يحيى
27 - سبتمبر - 2010
أدب الوصايا والنصائح (7)    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
أدب الوصايا والنصائح
الوصايا في العصر الإسلامي

 

رسالةٌ إلى والٍ  
 كتبها الإمام عليٌّ بن أبي طالب إلى بعض عُمّاله وقد بَلَغَهُ أنّه يستغلُّ السلطة السلطة لمصلحته الخاصة .. 
 
أَمّا بَعْدُ ، فقد بلغَني عنك أمرٌ ، إنْ كنتَ فَعَلْتَهُ فقد أسخَطتَ ربَّك ، وَعَصَيْتَ إمامَكَ ، وأَخزيْتَ أمانتكَ .
 
بَلَغني أنَّك جرَّدتَ الأرضَ فأخذتَ ما تحتَ قدميْكَ . وأكلتَ ما تحتَ يديْكَ ، فارفَعْ إليَّ حِسابَكَ . واعلمْ أنَّ حسابَ اللهِ أعظمُ من حسابِ الناس .
 
وقد كنتُ أشركْتُكَ في أمانتي ، وجعلتُكَ شِعاري وبطانتي ، ولم يكنْ رجلٌ من أهلي أوثَقَ منكَ في نفسي لمواساتي ومؤازرتي ، وأداءِ الأمانةِ إليَّ ، فلمّا رأيت الزّمانَ على ابنِ عمِّكَ قد كَلِبَ والعدوَّ قد حَرِبَ ، وأمانةَ الناسِ قد خَزِيَتْ ، قلبْتَ لابنِ عمِّكَ ظهرَ المِجَنِّ ففارقْتَهُ مع المُفارقينَ ، وخَذلتَهُ مع الخاذلين ، وخُنْتَهُ مع الخائنينَ فلا ابْنَ عمِّكَ آسيتَ ولا الأمانةَ أدَّيْتَ ، وكأنَّكَ إنّما كنتَ تكيدُ هذه الأمَّةَ عن دُنياهُم وتنوي غِرَّتَهُمْ عن فَيْئِهِمْ ، فلمَّا أمْكَنَتْكَ الشدَّةُ في خيانةِ الأمّةُ أسْرَعْتَ الكرَّة ، وعاجلْت الوَثْبَةَ ، واختطفتَ ما قَدْرتَ عليه من أموالِهم المصونةِ لأرامِلِهِم وأيتامِهِم اختطافَ الذئبِ الأزَلِّ داميةَ المِعزى الكسيرةَ ، فحملْتَهُ إلى الحجازِ ، رحيبَ الصَّدْرِ بحَمْلِهِ ، غيرَ متأثِّم من أخذِهِ ، كأنّك – لا أبا لغيركَ – حدرْتَ إلى أهلِكَ من أبيكَ وأُمِّك ، فَسُبْحان اللهِ ! أما تُؤمِنُ بالمعادِ ؟ أوَ ما تخافُ نقاشَ الحسابِ ، أيُّها المعدودُ – كان – عندنا من ذوي الألبابِ كيف تَسيغُ شراباً وطعاماً وأنتَ تَعْلَمُ أنَّكَ تأكُلُ حراماً وتشربُ حراماً ؟ فاتّقِ اللهَ واردُدْ إلى هؤلاءِ القومِ أموالَهم ، فإنّكَ إن لم تفعَلْ ثم أمكنني اللهُ منكَ لأعذِرَنَّ إلى اللهِ فيكَ ، ولأَضرِبَنَّكَ بسيفي الذي ما ضَرَبتُ به أحداً إلاّ دخلَ النارَ ! واللهِ لو أنّ الحسنَ والحُسينَ فَعَلا مثلَ الذي فَعَلْتَ ما كان لهما عندي هَوادَةٌ ، ولا ظَفِرا منّي بإرادةٍ ، حتّى آخذَ الحقَّ منهما..
 

المفردات :
(1) أخزيت أمانتك : أفسدتها ، وكان هذا العامل أخذ ما عنده من مخزون بيت المال .
(2) المؤازرة : المناصرة .
(3) كلب : كفرِحَ : اشتدٌ وخشّن .
(4) المِجَنّ : الترس ، وهذا مثل يضرب لمن يخالف ما عهد فيه .
(5) آسيت : ساعدت وشاركت في الملمات .
(6) كاده عن الأمر : خدعه حتى ناله منه .
(7) الغِرّة : الغفلة .
(8) الفَيء : مال الغنيمة والخراج .
(9) الأزلّ : السريع الجري .
(10) الدامية : المجروحة .
(11) التأثّم : التحرّز من الإثم – بمعنى الذنب .
(12) لا أبالغيرك : تقال للتوبيخ من التحامي من الدعاء عليه .
(13) حدرتَ : أسرعت إليه .
(14) حدره : حطّه من أعلى لأسفل – " كان " هنا زائدة لإفادة معنى المضيّ ، لا تامّة ولا ناقصة .
(15) تسيغ : تبلغ بسهولة .
(16) لأعذرنّ إلى الله فيك : المقصود هنا لأعاقبنّك عقاباً يكون لي عذراً عند الله من فعلتك هذه .
 
*د يحيى
27 - سبتمبر - 2010
 1  2  3