رغم كونها محتلة بقيت الهضبة نابضة بالعروبة والإبار

شدَدْتُ الرّحالَ، صباح أحد الأيام، إلى الجولان السوري المحتل، مدفوعا بما سمعتُه عن سحر وجمال المكان، وأيضا بسبب غيابه شبه الكامل في وسائل الإعلام العربية.
في شارع القدس، في رام الله، توقّفنا للتزود بالماء والسجائر وبعض الأكلات الخفيفة وفوجئت بصاحب الدكان، يسأل زميلي ما إذا كان يريد سجائر السلطة، فتدخلت بسرعة قائلا: هل هناك سجائر تصنعها حماس؟.. ضحك الجميع وأخبروني بأن السجائر هنا نوعان: واحدة تأتي عن طريق إسرائيل وفيها التحذير باللغة العبرية، في حين تأتي الأخرى عن طريق السلطة، على ما يبدو، من دولة عربية، لأن التحذير من مضارّ التدخين مكتوب عليها باللغة العربية. «سجائر السلطة» أرخص بشيكليْن اثنين عن سجائر إسرائيل -حوالي درهم ونصف- نعم الشيكل لأنه في مناطق السلطة الفلسطينية -كما هو الأمر لدى حماس في غزة- فإن «العملة الرسمية» والمتداوَلة هي الشيكل، أي العملة الإسرائيلية.
استغرقت الرحلة حوالي خمس ساعات من رام الله إلى قرية «مجدل شمس» السورية المحتلة، بما في ذلك التوقف «العادي» لدى نقطة تفتيش إسرائيلية جرى فيها تفتيش السيارة وجميع المعدات، بالإضافة إلى أجسادنا، تفتيشا دقيقا...
المكان فاق كل ما كنت أتصوره وأسمعه عن جماله وسحره. زاد توفره على كميات هائلة من الماء في اخضرار أرضه وتنوع غطائه النباتي.
سكان المنطقة كانوا المفاجأة الأجمل في الوطنية والكرم ودماثة الخلق وأجمل دليل على نجاح الإرادة الجماعية في التغلب على سياسة الحديد والنار، بالحفاظ على الهوية اللغوية والثقافية والدينية.
هنا، لا يظهر الاحتلال في وجهك، كما هو الشأن في القدس لكنه يسرق خيرات هذا الشعب في وضح النهار، في انتهاك عار من أي حياء لكل القوانين التي وضعتها الإنسانية لحماية الأقليات المنهزمة أيام الحروب.
في المرصد القومي لحقوق الإنسان في القرية السورية، التقيتُ ناشطتين إيرلنديتين تُوثِّقان، بالصورة والأرقام، حجم السرقة التي تتعرض لها خيرات الجولان على أيدي المستوطِنين اليهود.
أبلغتني كيرين هانلدن، إحدى الناشطتين، بأن ثمانين في المائة من «إنتاج» إسرائيل من الخضروات والفواكه تأتي من المرتفعات السورية المحتلة، في حين قامت صناعات مائية ضخمة في مقدمتها شركة «عيون إيدن» تعلب الماء العربي وتبيعه كبضاعة إسرائيلية في الكثير من الأسواق الأوربية.
نعم، الماء هنا له هوية.. حتى الشجرة العربية التي يملكها أصحاب الأرض لا تحصل إلا على ربع ما تُسقى به أشجار المستوطنين.. بل يُمنَع السكان المحليون حتى من حفر الآبار، لأن المياه الجوفية تُعدّ في نظر الإسرائيليين مياها «يهودية» لا يحق للعرب الاقتراب منها!..
لكنْ، رغم كل ذلك ورغم هدوء الجبهة السورية منذ سقوط المرتفعات عام 67، بقيت الهضبة نابضة بالعروبة والإباء والقدرة على التّحمُّل، لأن الإسرائيليين ليسوا أول محتل يأتي أو يُطرَد.
الكرم الحاتمي كان من الخصال العربية العريقة التي حافظ عليها أهل الجولان، وربما أيضا لأن زائريهم من الغرباء قليلون، فقد بالغوا معي في الكرم والضيافة..
على حفل شواء خِلت أنهم وضعوا خلاله جميع حيوانات المرتفعات على النار.. كانت المفاجأة الجميلة حضور ثلاثة من شبان القرية درسوا في ما كان يُعرف بـ«الاتحاد السوفياتي» مع طلاب مغاربة لم يحتفظوا من تلك الأيام بذكريات جميلة معهم فحسب، بل حفظوا أيضا لهجة مغربية طليقة وأغاني مغربية، كأغاني المجموعات من «ناس الغيوان» إلى «جيل جيلالة»، في حين أبدع أحدهم في أداء رائعة عبد الوهاب الدكالي «مرسول الحب»، في ليل الجولان الهادئ...
استغرقت الرحلة حوالي خمس ساعات من رام الله إلى قرية «مجدل شمس» السورية المحتلة، بما في ذلك التوقف «العادي» لدى نقطة تفتيش إسرائيلية جرى فيها تفتيش السيارة وجميع المعدات، بالإضافة إلى أجسادنا، تفتيشا دقيقا...
المكان فاق كل ما كنت أتصوره وأسمعه عن جماله وسحره. زاد توفره على كميات هائلة من الماء في اخضرار أرضه وتنوع غطائه النباتي.
سكان المنطقة كانوا المفاجأة الأجمل في الوطنية والكرم ودماثة الخلق وأجمل دليل على نجاح الإرادة الجماعية في التغلب على سياسة الحديد والنار، بالحفاظ على الهوية اللغوية والثقافية والدينية.
هنا، لا يظهر الاحتلال في وجهك، كما هو الشأن في القدس لكنه يسرق خيرات هذا الشعب في وضح النهار، في انتهاك عار من أي حياء لكل القوانين التي وضعتها الإنسانية لحماية الأقليات المنهزمة أيام الحروب.
في المرصد القومي لحقوق الإنسان في القرية السورية، التقيتُ ناشطتين إيرلنديتين تُوثِّقان، بالصورة والأرقام، حجم السرقة التي تتعرض لها خيرات الجولان على أيدي المستوطِنين اليهود.
أبلغتني كيرين هانلدن، إحدى الناشطتين، بأن ثمانين في المائة من «إنتاج» إسرائيل من الخضروات والفواكه تأتي من المرتفعات السورية المحتلة، في حين قامت صناعات مائية ضخمة في مقدمتها شركة «عيون إيدن» تعلب الماء العربي وتبيعه كبضاعة إسرائيلية في الكثير من الأسواق الأوربية.
نعم، الماء هنا له هوية.. حتى الشجرة العربية التي يملكها أصحاب الأرض لا تحصل إلا على ربع ما تُسقى به أشجار المستوطنين.. بل يُمنَع السكان المحليون حتى من حفر الآبار، لأن المياه الجوفية تُعدّ في نظر الإسرائيليين مياها «يهودية» لا يحق للعرب الاقتراب منها!..
لكنْ، رغم كل ذلك ورغم هدوء الجبهة السورية منذ سقوط المرتفعات عام 67، بقيت الهضبة نابضة بالعروبة والإباء والقدرة على التّحمُّل، لأن الإسرائيليين ليسوا أول محتل يأتي أو يُطرَد.
الكرم الحاتمي كان من الخصال العربية العريقة التي حافظ عليها أهل الجولان، وربما أيضا لأن زائريهم من الغرباء قليلون، فقد بالغوا معي في الكرم والضيافة..
على حفل شواء خِلت أنهم وضعوا خلاله جميع حيوانات المرتفعات على النار.. كانت المفاجأة الجميلة حضور ثلاثة من شبان القرية درسوا في ما كان يُعرف بـ«الاتحاد السوفياتي» مع طلاب مغاربة لم يحتفظوا من تلك الأيام بذكريات جميلة معهم فحسب، بل حفظوا أيضا لهجة مغربية طليقة وأغاني مغربية، كأغاني المجموعات من «ناس الغيوان» إلى «جيل جيلالة»، في حين أبدع أحدهم في أداء رائعة عبد الوهاب الدكالي «مرسول الحب»، في ليل الجولان الهادئ...
**********************************************************************
** وهذه مقتطفات من أشهر أغاني المجموعات المغربية ، ناس الغيوان و جيل جيلالة و المشاهب ..
أرجو أن تنال إعجابكم . ( عبد الحفيظ )
* يرجى النقر على هذا الرابط .