البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : بارك الله لكم في رمضان    قيّم
التقييم :
( من قبل 8 أعضاء )
 زهير 
9 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم برمضان أخوتي الأكارم وأعاننا وإياكم على احتمال هذا الشهر الصعب (آب اللهاب) والذي أنزل فيه القرآن فقد كان أول رمضان في الإسلام رمضان آب عام 610ميلادي،  ولكنه لم يكن قد فرض الصيام فيه بعد.
(رمضان آب في أبوظبي) ذكرى ما مثلها ذكرى لمن عاشها وقد عشت مع أوابدها العام الفائت وتذكرت اليوم صور أصدقائي الصائمين من سكان أبوظبي فكانت هذه القصيدة (رمضان: آب أبوظبي)
الصوم صوم iiالعرب في  آبَ في iiأبوظبي
يـكـاد من iiيصومه يكشف عن وجه نبي
مـعـركـةٌ  بلا قنا وجـنـةٌ مـن iiلهب
ألـمَـحُ في iiنيرانها صوميَ  إذ أنا صبي
يـلـعب  فيها لاهيا والـجد  غير iiاللعب
أبـوظـبي iiأبوظبي أيـن دمـشق iiوأبي
وصـوم آب واحـد فـيك كصوم iiالحقب
رأيت من فتيانك iiال صيام  أقصى عجبي
مـن  مرهف iiمجرد ووادع  iiمــهـذب
يـذوب  في iiقميصه مـضـمخا  iiبالأدب
أغفو  وأصحو iiبينما أرسـمهم  عن iiكثب
حـقـيقة لا iiقصصا نـقرؤها  في iiالكتب
وصـورا  تلمع iiفي ذاكـرتـي iiكالذهب
 
 2  3  4  5  6 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
تنبه ! كل شيء مسجَّل عليك....    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم
 
كل شيء مسجَّل:
" مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" {50/18}
" رُوي: " أنَّ اللهَ تَعَالَى وَكَّلَ بالإنْسَانِ مَلَكَيْنِ باللَّيلِ، وَمَلَكَيْنِ بالنَّهَار يَحْفَظَانِ عَمَلَهُ، أحَدُهُمَا يَكْتُبُ الْحَسَنَاتِ، وَالثَّانِي يَكْتُبُ السَّيِّئَاتِ، فَإذا تَكَلَّمَ الْعَبْدُ بحَسَنَةٍ كَتَبَهَا الَّذِي عَلَى الْيَمِينِ عَشْراً، وَإذا تَكَلَّمَ بسَيِّئَةٍ قَالَ صَاحِبُ الْيَمِينِ لِلآخَرِ: أنْظِرْهُ، فَنَظَرَهُ سِتَّ سَاعَاتٍ أوْ سَبْعَ سَاعَاتٍ، فَإنْ تَابَ وَاسْتَغْفَرَ لَمْ يَكْتُبْهَا، وَإنْ لَمْ يَتُبْ كَتَبَ عَلَيْهِ سَيِّئَةً وَاحِدَةً " هكذا قال صلى الله عليه وسلم.
وعن أنسٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" وَكَّلَ بعَبْدِهِ مَلَكَيْنِ يَكْتُبَانِ عَلَيْهِ، فَإذا مَاتَ الْعَبْدُ قَالاَ: يَا رَب قَدْ قَبَضْتَ عَبْدَكَ؛ أفَتَأْذنُ لَنَا أنْ نَصْعَدَ إلَى السَّمَاءِ؟ فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: سَمَائِي مَمْلُوءَةٌ مِنْ مَلاَئِكَتِي يُسَبحُونَ، فَيَقُولاَنِ: أنُقِيمُ فِي أرْضِكَ؟ فَيَقُولُ: إنَّ أرْضِي مَمْلُوءَةٌ مِنْ خَلْقِي يَعْبُدُونَنِي، فَيَقُولاَنِ: أيْنَ نَذْهَبُ؟ فَيَقُولُ: قُومَا عَلَى قَبْرِ عَبْدِي وَهَلِّلاَنِي وَكَبرَانِي وَاكْتُبَا ذلِكَ لِعَبْدِي إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ". (الطبراني).
الحديث: " إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ أو المسيء، فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها ، وإلا كتب واحدة " .
(سلسلة الأحاديث الصحيحة 3/210).
إنْ كلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ" {الطارق86/4}
" والمعنى: إنْ كلُّ نفسٍ لعَلَيها حافظٌ من الملائكةِ يحفَظُها ويحفظُ عليها عملَها وأجَلَها، حتى إذا انتهَى إلى المقاديرِ كُفَّ عن الحفظِ.
وقرأ الحسنُ وابنِ عامرٍ وعاصم وحمزةُ بالتَّشديد، يعنُون( ما كلُّ نفسٍ إلاَّ عليها حافظٌ)، وهي لغةُ هُذيل، يقولون نَشدتُكَ اللهَ لَمَّا قُلتَ، يعنون إلاَّ قُلتَ، قال ابنُ عبَّاس: ((هُمُ الْحَفَظَةُ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ)). قال الكلبيُّ: ((مَعْنَاهُ حَافِظٌ مِنَ اللهِ يَحْفَظُ قَولَهَا وَفِعْلَهَا)). وعن أبي أُمامة قال: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" وُكِّلَ بالْمُؤْمِنِ مِائَةٌ وَسُتُّونَ مَلَكاً يَذُبُّونَ عَنْهُ مَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، مِنْ ذلِكَ الْبَصَرُ سَبْعَةُ أمْلاَكٍ يَذُبُّونَ عَنْهُ كَمَا يَذُبُّ الرَّجُلُ الذُّبَابَ عَنْ قَصْعَةِ الْعَسَلِ، وَلَوْ وُكِّلَ الْعَبْدُ إلَى نَفْسِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ لاخْتَطَفَتْهُ الشَّيَاطِينُ ".( الطبراني).
 
غيب مطلق
" تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ" {المسد111/1}
" مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ {111/2}
" في هذه الآية سؤالان هما:
أولاً: لقد كان صلى الله عليه وسلم مع قومه في مكة ملاطفاً حليماً، فكيف جاء به عمه بهذا الدعاء: { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ }؟ والجواب: أنه كان يلاطفهم ما دام يطمع في إسلامهم، فلما يئس من ذلك، كان هذا الدعاء في محله، كما وقع من إبراهيم عليه السلام، كان يلاطف أباه
يٰأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ ٱلشَّيْطَانَ }[مريم: 44]،يٰأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَآءَنِي مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَٱتَّبِعْنِيۤ أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً }[مريم: 43]، فلما يئس منه تبرأ منه كما قال تعالى:فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ }[التوبة: 114].
والسؤال الثاني: وهو مجيء قوله تعالى: { وَتَبَّ } ، بعد قوله: { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ } ، مع أنها كافية سواء كانت إنشاء للدعاء عليه أو إخباراً بوقوع ذلك منه.
والجواب، والله تعالى أعلم، أن الأول لما كان محتملاً الخبر، وقد يمحو الله ما يشاء ويثبت، أو إنشاء وقد لا ينفذ كقوله:
قُتِلَ ٱلإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ }[عبس: 17]، أو يحمل على الذم فقط، والتقبيح فجاء " وتب " لبيان أنه واقع به لا محالة، وأنه ممن حقت عليهم كلمات ربك لييأس صلى الله عليه وسلم، والمسلمون من إسلامه. وتنقطع الملاطفة معه، والله تعالى أعلم.
وقد وقع ما أخبر الله به، فهو إعجاز القرآن أن وقع ما أخبر به، كما أخبر ولم يتخلف.
وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً }[الأنعام: 115]، وقوله:كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُوۤاْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }[يونس: 33]. نسأل الله العافية، إنه سميع مجيب." ( الشنقيطي).
* " سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ" {111/3}
" وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ" {111/4}
" أي سيدخلُ أبو لَهب ناراً لا يسكنُ لَهبُها ولا يطفأُ جَمرُها، قرأ أبو رجاء (سَيُصَلَّى) بالتشديد وضمِّ الياء" .( الطبراني).
" فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ" {111/5}
" أي مِمَّا مُسِّدَ أي فَتِلَ، ومنه رجل ممسود الخلق أي مجدوله، وهو ترشيح للمجاز أو تصوير لها بصورة الخطابة التي تحمل الحزمة وتربطها في جيدها تحقيراً لشأنها، أو بياناً لحالها في نار جهنم حيث يكون على ظهرها حزمة من حطب جهنم كالزقوم، والضريع وفي جيدها سلسلة من النار، والظرف في موضع الحال أو الخبر وحبل مرتفع به."
عن النبي صلى الله عليه وسلم
" من قرأ سورة تبت رجوت أن لا يجمع الله بينه وبين أبي لهب في دار واحدة ".( البيضاوي).
*د يحيى
14 - أغسطس - 2010
الغيب النسبي    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم
 
غيب نسبي
" وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ" {الانفطار82/10}
" كِرَامًا كَاتِبِينَ" {82/11}
" معناهُ: وإنَّ عليكم رُقباءَ يحفَظون أعمالَكم وأفعالكم وهم الملائكةُ. قَوْلُهُ تَعَالَى:
{ كِرَاماً كَاتِبِينَ }؛ أي كِرَاماً على اللهِ كاتِبين يكتُبون أقوالَكم وأفعالَكم، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ أحَدٍ يَأْوي إلَى مَضْجَعِهِ إلاَّ شَكَتْ أعْضَاؤُهُ إلَى اللهِ تَعَالَى مِمَّا يَجْنِي عَلَيْهَا الإنْسَانُ " ، وإنما قالَ كِرَاماً على اللهِ ليكون أدعَى إلى احترامِهم وإلى الامتناعِ عن فعلِ ما يُؤذيهم." ( الطبراني).
" يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ" {82/12}
" في الظاهرِ دون الباطنِ، يعني يعلَمون ما تفعلون دون ما تعتقِدون، قال ابنُ مسعود: " يَكْتُبُونَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الأَنِينَ" ونظيرهُ قولهُ:وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ }[القمر: 53].( الطبراني).
" وأكد الكلام بحرف { إنَّ } ولام الابتداء، لأنهم ينكرون ذلك إنكاراً قويّاً.
و { لحافظين } صفة لمحذوف تقديره: لملائكة حافظين، أي مُحْصين غير مضيعين لشيء من أعمالكم.
وجمع الملائكة باعتبار التوزيع على الناس: وإنما لكل أحد ملكان قال تعالى:

إذ يتلقى المتَلَقِّيانِ عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد }[ق: 17، 18]، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن لكل أحد ملكين يحفظان أعماله " وهذا بصريح معناه يفيد أيضاً كفاية عن وقوع الجزاء إذ لولا الجزاء على الأعمال لكان الاعتناء بإحصائها عبثاً.
وأجري على الملائكة الموكّلين بإحصاء أعمالهم أربعةُ أوصاف هي: الحفظ، والكرم، والكتابة، والعلم بما يعلمه الناس.
وابتدىء منها بوصف الحفظ لأنه الغرض الذي سبق لأجله الكلام الذي هو إثبات الجزاء على جميع الأعمال، ثم ذكرت بعده صفات ثلاث بها كمال الحفظ والإِحصاء وفيها تنويهٌ بشأن الملائكة الحافظين. فأما الحفظ: فهو هنا بمعنى الرعاية والمراقبة، وهو بهذا المعنى يتعدى إلى المعمول بحرف الجر، وهو (على) لتضمنه معنى المراقبة. والحفيظ: الرقيب، قال تعالى:
اللَّه حفيظ عليهم }[الشورى: 6]. وهذا الاستعمال هو غير استعمال الحفظ المعدّى إلى المفعول بنفسه فإنه بمعنى الحراسة نحو قوله:يحفظونه من أمر اللَّه }[الرعد: 11]. فالحفظ بهذا الإِطلاق يجمع معنى الرعاية والقيام على ما يوكل إلى الحفيظ، والأمانة على ما يوكل إليه.
وحرف (على) فيه للاستعلاء لتضمنه معنى الرقابة والسلطة.
وأما وصف الكرم فهو النفاسة في النوع كما تقدم في قوله تعالى:
قالت يا أيها الملأ إني ألقيّ إلي كتاب كريم }في سورة النمل (29).
فالكرم صفتهم النفسية الجامعة للكمال في المعاملة وما يصدر عنهم من الأعمال، وأما صفة الكتابة فمراد بها ضبط ما وكّلوا على حفظه ضبطاً لا يتعرض للنسيان ولا للإِجحاف ولا للزيادة، فالكتابة مستعارة لهذا المعنى، على أن حقيقة الكتابة بمعنى الخط غير ممكنة بكيفية مناسبة لأمور الغيب.
وأما صفة العلم بما يفعله الناس فهو الإِحاطة بما يصدر عن الناس من أعمال وما يخطر ببالهم من تفكير مما يراد به عمل خير أو شر وهو الهَم.
و { ما تفعلون } يعم كل شيء يفعله الناس وطريق علم الملائكة بأعمال الناس مما فطر الله عليه الملائكة الموكّلين بذلك.
ودخل في { ما تفعلون }: الخواطر القلبية لأنها من عمل القلب؛ أي العقل فإن الإِنسان يُعمل عقله ويعزم ويتردد، وإن لم يشع في عرف اللغة إطلاق مادة الفعل على الأعمال القلبية.
واعلم أنه ينتزع من هذه الآية أن هذه الصفات الأربع هي عماد الصفات المشروطة في كل من يقوم بعمل للأمة في الإِسلام من الولاة وغيرهم فإنهم حافظون لمصالح ما استحفظوا عليه وأول الحفظ الأمانة وعدم التفريط. فلا بد فيهم من الكرم وهو زكاء الفطرة، أي طهارة النفس.
ومن الضبط فيما يجري على يديه بحيث لا تضيع المصالح العامة ولا الخاصة بأن يكون ما يصدره مكتوباً، أو كالمكتوب مضبوطاً لا يستطاع تغييره، ويمكن لكل من يقوم بذلك العمل بعد القائم به، أو في مغيبه أن يعرف ماذا أجري فيه من الأعمال، وهذا أصل عظيم في وضع الملفات للنوازل والتراتيب، ومنه نشأت دواوين القضاة، ودفاتر الشُّهود، والخِطاب على الرسومِ، وإخراج نسخ الأحْكام والأحباس وعقود النكاح.
ومن إحاطة العلم بما يَتعلق بالأحوال التي تسند إلى المؤتمن عليها بحيث لا يستطيع أحد من المخالطين لوظيفه أن يموّه عليه شيئاً، أو أن يلبس عليه حقيقة بحيث ينتفي عنه الغلط والخطأ في تمييز الأمور بأقصى ما يمكن، ويختلف العلم المطلوب باختلاف الأعمال فيقدم في كل ولاية من هو أعلم بما تقتضيه ولايته من الأعمال وما تتوقف عليه من المواهب والدراية، فليس ما يشترط في القاضي يشترط في أمير الجيش مثلاً، وبمقدار التفاوت في الخصال التي تقتضيها إحدى الولايات يكون ترجيح من تسند إليه الولاية على غيره حرصاً على حفظ مصالح الأمة، فيقدم في كل ولاية من هو أقوى كفاءة لإِتقان أعمالها وأشدّ اضطلاعاً بممارستها.".
( ابن عاشور).
*د يحيى
14 - أغسطس - 2010
هذه الآية لم تنف سعي الغير.    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم
 
لم تنف سعي غيره:
 
" وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى" {53/39}
"وذُكر عن ابن عباس أنه قال: هذه الآية منسوخة.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله { وأنْ لَيْسَ للإنْسانِ إلاَّ ما سَعَى } قال: فأنزل الله بعد هذا
:{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وأتْبَعْناهُمْ ذُرّياتِهِم بإيمَانٍ ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرّياتِهِمْ } فأدخل الأبناء بصلاح الآباء الجنة." ( الطبري).
" المراد من الآية بيان ثواب الأعمال الصالحة أو بيان كل عمل، نقول: المشهور أنهما لكل عمل فالخير مثاب عليه، والشر معاقب به. والظاهر أنه لبيان الخيرات يدل عليه اللام في قوله تعالى: { لِلإِنسَـٰنِ } فإن اللام لعود المنافع وعلى لعود المضار تقول: هذا له، وهذا عليه، ويشهد له ويشهد عليه في المنافع والمضار، وللقائل الأول أن يقول:إن الأمرين إذا اجتمعا غلب الأفضل كجموع السلامة تذكر إذا اجتمعت الإناث مع الذكور، وأيضاً يدل عليه قوله تعالى:ثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَاء ٱلأَوْفَىٰ }[النجم: 41] والأوفى لا يكون إلا في مقابلة الحسنة، وأما في السيئة فالمثل أو دونه العفو بالكلية....{ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } بصيغة الماضي دون المستقبل لزيادة الحث على السعي في العمل الصالح. وتقريره هو أنه، تعالى، لو قال: ليس للإنسان إلا ما يسعى، تقول النفس إني أصلي غداً كذا ركعة وأتصدق بكذا درهماً، ثم يجعل مثبتاً في صحيفتي الآن لأنه أمر يسعى وله فيه ما يسعى فيه، فقال: ليس له إلا ما قد سعى وحصل وفرغ منه، وأما تسويلات الشيطان وعداته فلا اعتماد عليها" .( الرازي).
" قال الربيع بن أنس: { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } يعني الكافر. وأما المؤمن فله ما سَعَى وما سَعَى له غيره.
قلت: وكثير من الأحاديث يدل على هذا القول، وأن المؤمن يصل إليه ثواب العمل الصالح من غيره، وقد تقدّم كثير منها لمن تأملها، وليس في الصدقة ٱختلاف، كما في صدر كتاب مسلم عن عبد الله بن المبارك. وفي الصحيح:
" إذا مات الإنسان ٱنقطع عمله إلا من ثلاث " وفيه " أو ولد صالح يدعو له " وهذا كله تفضل من الله عز وجل، كما أن زيادة الأضعاف فضل منه؛ كتب لهم بالحسنة الواحدة عشراً إلى سبع مِئة ضِعف إلى ألف ألف حسنة؛ كما قيل لأبي هريرة: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألف ألف حسنة " فقال سمعته يقول: " إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألفي ألف حسنة " فهذا تفضل. وطريق العدل { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ }.
قلت: ويحتمل أن يكون قوله: { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } خاص في السيئة؛ بدليل ما في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" قال الله عز وجل إذا همّ عبدي بحسنة ولم يعملها كتبتها له حسنة فإن عملها كتبتها له عشر حسنات إلى سبع مِئة ضِعف وإذا همّ بسيئة ولم يعملها لم أكتبها عليه فإن عملها كتبتها سيئةً واحدة " وقال أبو بكر الورّاق: { إِلاَّ مَا سَعَىٰ } إلا ما نوى؛ وبيانه قوله صلى الله عليه وسلم: " يُبعث الناس يوم القيامة على نياتهم ""( القرطبي).
" ..وقوله تعالى: { وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ } أي: يوم القيامة؛ كقوله تعالى:
وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَـٰلِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [التوبة: 105] أي فيخبركم به، ويجزيكم عليه أتم الجزاء، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وهكذا قال ههنا: { ثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَآءَ ٱلأَوْفَىٰ } أي الأوفر." ( ابن كثير).
" ...أخرج أبو داود، والنحاس كلاهما في الناسخ، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عنه قال: { وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَـٰنِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } فأنزل الله بعد ذلك:وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرّيَّتُهُم بِإِيمَـٰنٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرّيَّتَهُمْ }[الطور: 21]، فأدخل الله الأبناء الجنة بصلاح الآباء". ( الشوكاني).
" { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } أي عمل وهذا في صحف إبراهيم وموسى أيضاً قال ابن عباس هذا منسوخ الحكم في هذه الشريعة بقوله تعالى:ألحقنا بهم ذريتهم }[الطور: 21] فأدخل الأبناء الجنة بصلاح الآباء وقيل كان ذلك لقوم إبراهيم وموسى فأما هذه الأمة فلها ما سعوا وما سعى لهم غيرهم لما روي عن ابن عباس " أن امرأة رفعت صبياً لها فقالت يا رسول الله ألهذا حج؟ قال نعم ولك أجراً ". أخرجه مسلم وعنه " أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمي توفيت أينفعها إن تصدقت عنها؟ قال نعم ".
وفي رواية أن سعد بن عبادة أخا بني سعد وذكر نحوه وأخرجه البخاري وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " إن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال نعم. " أخرجاه في الصحيحين. وفي حديث ابن عباس دليل لمذهب الشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء أن حج الصبي منعقد صحيح يثاب عليه وإن كان لا يجزيه عن حجة الإسلام بل يقع تطوعاً. وقال أبو حنيفة: لا يصح حجه وإنما يكون ذلك تمريناً للعبادة. وفي الحديثين الآخرين دليل على أن الصدقة عن الميت تنفع الميت ويصله ثوابها." ( الخازن).
" { وأن ليس للإنسان إِلاّ ما سعى } قال الزجّاج: هذا في صحفهما أيضاً. ومعناه: ليس للإنسان إِلاّ جزاء سعيه، إِن عَمِل خيراً جُزِي عليه خيراً، وإِن عَمِل شَرّاً. جزي شَرّاً. واختلف العلماء في هذه الآية على ثمانية أقوال.
أحدها: أنها منسوخة بقوله:
وأَتْبَعْناهم ذُرِّياتِهم بإيمان }[الطور: 21] فأُدخل الأبناء الجَنَّة بصلاح الآباء، قاله ابن عباس، ولا يصح، لأن لفظ الآيتين لفظ خبر، والأخبار لا تُنْسَخ.
والثاني: أن ذلك كان لقوم إبراهيم وموسى، وأما هذه الأمَّة فلهم ما سَعَوا وما سعى غيرُهم، قاله عكرمة، واستدل
" بقول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي سألته: إنَّ أبي مات ولم يحُجَّ، فقال: «حُجِّي عنه» ".
 والثالث: أن المراد بالإنسان هاهنا: الكافر، فأمّا المؤمن، فله ما سعى وما سُعي له، قاله الربيع بن أنس.
والرابع: أنه ليس للإنسان إلاّ ما سعى من طريق العدل، فأمّا مِنْ باب الفَضْل، فجائز أن يَزيده اللهُ عز وجل ما يشاء، قاله الحسين بن الفضل.
والخامس: أن معنى «ما سعى» ما نوى، قاله أبو بكر الورّاق.
والسادس: ليس للكافر من الخير إلا ما عمله في الدُّنيا، فيُثاب عليه فيها حتى لا
يبقى له في الآخرة خير، ذكره الثعلبي.
والسابع: أن اللام بمعنى «على» فتقديره: ليس على الإنسان إلا ما سعى.
والثامن: أنه ليس له إلاّ سعيه، غير أن الأسباب مختلفة، فتارة يكون سعيه في تحصيل قرابة وولد يترحم عليه وصديق، وتارة يسعى في خِدمة الدِّين والعبادة، فيكتسب محبة أهل الدِّين، فيكون ذلك سبباً حصل بسعيه، حكى القولين شيخنا علي ابن عبيد الله الزاغوني." ( ابن الجوزي).
" قال ابن عطية: الجمهور أنّ قوله: { وأن ليس للإِنسان إِلا ما سعى } مُحْكَمٌ لا نسخ فيه، وهو لفظ عام مخصّص. هـ يعني: أن المراد: الكافر، وهكذا استقرئ من لفظ " الإنسان " في القرآن، وأما المؤمن فجاءت نصوص تقتضي انتفاعه بعمل غيره، إذا وهب له من صدقة ودعاء وشفاعة واستغفار، ونحو ذلك، وإلاَّ لم يكن فائدة لمشروعية ذلك، فيتصور التخصيص في لفظ " الإنسان ": وفي السعي، بأن يخص الإنسان بالكافر، أو السعي بالصلاة، ونحو ذلك مما لا يقبل النيابة مثلاً. والحاصل: أن الإيمان سعي يستتبع الانتفاع بسعي الغير، بخلاف من ليس له الإيمان. هـ قاله الفاسي: وكان عز الدين[ العز بن عبد السلام] يحتج بهذه الآية في عدم وصول ثواب القراءة للميت، فلما مات رؤي في النوم، فقال: وجدنا الأمر خلاف ذلك.
قلت: أما في الأجور فيحصل الانتفاع بسعي الغير، إن نواه له، وأما في رفع الستور، وكشف الحجب، والترقي إلى مقام المقربين، فالآية صريحة فيه، لا تخصيص فيها؛ إذ ليس للإنسان من حلاوة المشاهدة والقُرب إلا بقدْر ما سعى من المجاهدة. والله تعالى أعلم." ( ابن عجيبة).
" { وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَـٰنِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } بـيانٌ لعدمِ انتفاعِ الإنسانِ بعملِ غيرِه من حيثُ جلبُ النفعِ إليهِ إثرَ بـيانِ عدمِ انتفاعِه بهِ منْ حيثُ دفعُ الضررِ عنْهُ، وأما شفاعةُ الأنبـياءِ عليهم السَّلامُ واستغفارُ الملائكةِ عليهم السَّلامُ ودعاءُ الأحياءِ للأمواتِ وصدقتُهم عنُهم وغيرُ ذلكَ ممَّا لا يكادُ يُحصَى من الأمورِ النافعةِ للإنسانِ مع أنَّها ليستْ من عملِه قطعاً فحيثُ كان مناطُ منفعةِ كلِّ منهَا عمله الذي هو الإيمانُ والصَّلاحُ ولم يكن لشيءٍ منها نفعٌ مَا بدونِه جُعل النافعُ نفسَ عملِه وإنْ كان بانضمامِ عملِ غيرِه إليهِ" ( أبو السعود).
"... وقد جاءت آية من كتاب الله تدل على أن الإنسان قد ينتفع بسعي غيره وهي قوله تعالىوَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ }[الطور: 21].
ووجه الجمع بين قوله تعالى: { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } وبين قوله:
{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ } من ثلاثة أوجه:
الأول: أن الآية إنما دلت على نفي ملك الإنسان لغير سعيه، ولم تدل على نفي انتفاعه بسعي غيره، لأنه لم يقل: وأن لن ينتفع الإنسان إلا بما سعى، وإنما قال وأن ليس للإنسان، وبين الأمرين فرق ظاهر، لأن سعي الغير ملك لساعيه إن شاء بذله لغيره فانتفع به ذلك الغير، وإن شاء أبقاه لنفسه.
وقد أجمع العلماء على انتفاع الميت بالصلاة عليه والدعاء له والحج عنه ونحو ذلك ما ثبت الانتفاع بعمل الغير فيه.
الثاني: أن إيمان الذرية هو السبب الأكبر في رفع درجاتهم، إذ لو كانوا كفاراً لما حصل لهم ذلك. فإيمان العبد وطاعته سعي منه في انتفاعه بعمل غيره من المسلمين، كما وقع في الصلاة في الجماعة، فإن صلاة بعضهم مع بعض يتضاعف بها الأجر زيادة على صلاته منفرداً، وتلك المضاعفة انتفاع بعمل الغير سعى فيه المصلي بإيمانه وصلاته في االجماعة، وهذا الوجه يشير إليه قوله تعالى:
{ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ }.
الثالث: أن السعي الذي حصل به رفع درجات الأولاد ليس للأولاد كما هو نص قوله تعالى: { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } [النجم: 39] ولكن من سعي الآباء فهو سعي للآباء أقر الله عيونهم بسببه، بأن رفع إليهم أولادهم ليتمتعوا في الجنة برؤيتهم.
فالآية تصدق الأخرى ولا تنافيها، لأن المقصود بالرفع إكرام الآباء لا الأولاد، فانتفاع الأولاد تبع فهو بالنسبة إليهم تفضل من الله عليهم بما ليس لهم، كما تفضل بذلك على الولدان والحور العين، والخلق الذين ينشؤهم للجنة. والعلم عند الله تعالى. اهـ منه." ( الشنقيطي).
*د يحيى
14 - أغسطس - 2010
فكرة التمكين ، وتمكين الفكرة    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم
 
 
 
 

فكرة التمكين وتمكين الفكرة


الفكرة هي الصورة الذهنية لأمر ما والفكر اسمى صور العمل الذهني بما فيه من تحليل وتركيب وتنسيق، وأية فكرة يُراد لها أن تنجح لابد أن تكون ممكنة في نفوس أصحابها، فهم يؤمنون بها ويسعون لتنفيذها ويجتهدون ويأخذون بالأسباب لتمكينها، ويعرف المرء بصدقه وإخلاصه من خلال سعيه، وهذا هو الفرق بين أصحاب العقائد السليمة الصحيحة وتجار الشعارات الزائفة البراقة، فكم من إنسان يتفوه بكلام جميل ولم يسع لتنفيذه وليس له رصيد في عالم الواقع!
 
  هذا بشأن أية فكرة، فما بالك لو كان السعي لتمكين العقيدة والسعي لجعل لا إله إلا الله منهج حياة؛ فسيرة النبي صلى الله عليه وسلم مليئة بالجواهر والصور العملية، فهل تذكرنا المؤاخاة على سبيل المثال التي أرسى قواعدها النبي صلى الله عليه وسلم ـ والتي لم تشهد لها الإنسانية والبشرية مثيلًا ـ هل تمعنا وتأملنا وتصورنا ما قام به الأنصاري وقد اقتسم أمواله مع المهاجري وأخذ يعرض عليه أن يختار إحدى نسائه ليطلقها له الأنصاري ويتزوجها المهاجري.
 
  فعلينا أن نأخذ هذه الصور بكل جوانبها فهم أناس أدركوا معني لا إله إلا الله كمنهج حياة وفهموا معني العبودية لله؛ فعاشوا قول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، وأدركوا حقيقة الحياة ووظيفتهم في الدنيا، وعملوا لتحديد مصيرهم في الآخرة، فتمكنت العقيدة من قلوبهم وأخضعت جوارحهم لشرع الله، فدانوا لله بقلوبهم وسلوكهم فتصرفوا بتلقائية، وأدركوا أن التمكين لدين الله لن يأتِ إلا بالتضحية بالمال والنفس.
 
  فلا ينبغي أن نفهم أن هذا العمل "المؤاخاة" انطلق من خلال الكرم والإيثار ومساعدة الغير فحسب؛ بل الفهم والتصور أشمل وأعم، وينم عن منظومة عقائدية فكرية منهجية واعية، هل قرأنا عن تمكن وتمكين العقيدة في نفوس المؤمنين أثناء الاستضعاف في مكة؟ فترى ضعفًا في البنيان والصحة والجسد، وقوة في العقيدة والفهم والفكر والتصور، وقوة العقيدة أوجدت استعلاءً إيمانيًّا لم يتأثر هذا الاستعلاء بالضعف الجسدي والمادي؛ بل لم يضعف في تصوره وفكره؛ بل لم يبالِ هذا الاستعلاء الإيماني بالظروف المحيطة به المكبلة له، والاستعلاء ناتج عن عقيدة صحيحة أدت إلى فهم وشعور وإحساس وسلوك يستشعر به المؤمن المستضعف عظمة الإسلام، ويرى أن المستقبل والريادة لهذا الدين رغم إحكام وغطرسة الظالمين. 
  هذا الاستعلاء لا يورث التكبر والتعالي على العباد؛ بل هذا اليقين بغلبة هذا الدين تجعل النفس المؤمنة نفس واثقة متواضعة متمنية لكل الناس أن يدخلوا في دين الله مشفقة عليهم من عذاب الله، ترى هذا الاستعلاء واضحًا جليًّا في سلوك ورد فعل بلال على معذبيه وجلاديه بالصدع وترديد: (أحد أحد)، وترى أبا بكر يشتري العبيد الذين أسلموا ويعتقهم ليكثر من عدد السادة المؤمنين ويقلل من عدد العبيد المؤمنين.
  أخي المتأمل أخي الواعي الراصد الجيد لا تنظر إلى هذا العمل والفعل من الجانب الثوابي فقط، ألست معي أن هذا الفعل صورة من صور التمكين وسط خضم وركام الاستضعاف؟! ألست معي أن هذه الجيل الفريد أدرك حقيقة الإسلام وقام بتفعيل الإسلام قولًا وعملًا؟! هل تعلمنا من هذه الدروس وقمنا بتنفيذها؟! أم أننا ما زلنا في طور التعريف والتنظير، والكلام والتأهيل والتعليم، لا نقلل من قدر التعليم وأهميته؟!
  لماذا لا نسعى لإنشاء مجتمع أخوي فاهم واعٍ بدينه في كل حي وكل مركز حسب الاستطاعة، أو حتى داخل المسجد، مجتمع يحكم ويتحاكم لشرع الله فيما بينه؟   هذا المجتمع له عاداته وله تقاليده، يسعى لحل مشاكله ولا يصتدم مع المجتمع فيقع على عاتق ومسئولية أغنيائه تزويج فقرائه وينشئ أغنياؤه مشاريع يعمل فيها فقراء هذا المجتمع، ويتم حصر العانس من بنات هذا المجتمع وتحل مشكلة العنوسة؛ كل هذا على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر، وهذا السعي ليس من خلال باب الصدقات أو المساعدات فحسب ولكن من خلال التصور الصحيح لمعنى لا إله إلا الله؛ فنرى التعايش والتكافل الاجتماعي من خلال الفهم الصحيح والسليم، ولا نراه بعين الأعمال الخيرية فقط.   نراه مكتمل الأركان ونراه بصورة واجبة على أبنائه، نراه نموذجًا حيًّا يؤكد ويبرهن على عظمة النموذج الإسلامي لأبنائه، ويبهر الآخرين فيدخلون في دين الله التزامًا، أم أننا سنظل نحاضر ونحاضر ونرى فينا ومنا شبابًا لا يستطيع أن يعف نفسه؟!   
  وفي المقابل ونقولها بصراحة ووضوح، نرى فينا ومنا أناسًا يركبون سيارات فارهة بصورة كبيرة لو كانت أقل موديلًا لزوج الفرق العديد من الشباب، نعيب على العلمانية التفاوت الطبقي ونرى في أنفسنا ومنا تفاوتًا طبقيًّا صارخًا؟!
 
 أي نعم الأمر لا يخلو ولن يخلو من بعض أعمال الخير، ولكن شتان بين التصورين؛ إنفاق الصدقات المجزأة التي تستجدي وتدفع على استحياء، وتصور إيجاد نموذج إسلامي واقعي جعل من لا إله إلا الله منهج حياة، نموذج تدرب أبناؤه عمليًّا على البذل والعطاء، نموذج أوجد نفسه وسط العلمانية فانتزع انبهار المعارضين له رغم أنوفهم.
 
   والسؤال الذي يجب أن يطرح بقوة، هل العلمانية أرحم بأبنائها؟! والإسلام عاجز عن إيجاد رحمة لأبنائه وبأ بنائه؟!
 
   الإجابة معروفة للجميع، إن الإشكال لا يوجد في الإسلام كعقيدة وكمنهج وكفكر، ولكن الإشكالية في مطبقية ومنفذيه؛ بل بعض الداعين إليه، الأمر يحتاج إلى فهم ووعي وتصور صحيح وحكمة.
 
   العلمانية أنشأت مجتمعًا وأوجدت منظومة متكاملة، فعلى سبيل المثال أوجدت بنوكًا يسطتيع المحتاج أو صاحب المشروع الذي يملك ضمانات أن يقترض؛ بل ما يحزنك من نفسك وعلى نفسك أن تبتكر هذه المجتمعات العلمانية حلولًا وندعي نحن أصحاب الفهم والوعي الإسلامي عجزًا؟!
 
  في ظل هذا المجتمع العلماني على سبيل المثال؛ إذا تأزمت الأوضاع المالية لفرد ما واستدان عمل عرسًا أو ختانًا ولو كاذبًا ودعى الناس إليه وأتى بالراقصين والراقصات، وفتح باب ما يُسمى بالنقطة "المساهمة بالنقود"، وفي نهاية عرسه يجمع العديد من الآلاف فيسدد دينه وتفك أزمته، وقد باعد هذا العمل بينه وبين السجن.
 
  أنا لا أنبهر بالمعصية؛ فالمعصية معصية ولن ارتضي لحلول المعاصي، ولكن أتضايق حينما لا نحاول أن نجد حلولًا منهجية لمشاكلنا، ولا تفعيلًا لأفكارنا، ولا واقعًا لما نطرحه.
  لماذا لا يحرص العديد من الملتزمين على حضور عرس الأخ الفقير؟ فلو اجتمع ألف فرد وساهم كل فرد بعشرين جنيه "هدية لاترد" لتمكن هذا الأخ الفقير من سداد دينه ليلة عرسه؛ فزاد هذا العمل من سعادته، ولكن للأسف الشديد يحرص الآلاف من الملتزمين لحضور عرس ابن أو بنت الأخ الداعية أو الأخ الغني!
 
  والفقير فقير في كل أحواله، وحتى نكون منصفين تأتيه بعض المساعدات التي تزيد من عرق جبينه وتزيد من ضعفه النفسي الداخلي، وهي تأتيه تحت عنوان "تهادوا تحابوا".
 
  فهل أدركنا الفرق بين الأمرين؟! هل آن لنا أن نضع التصور العملي لإنشاء نموذج إسلامي عملي يضاهي ما تفعله العلمانية على الأقل ولكن بأسلوب شرعي؟! أم أننا نتعامل بتجزئة الشرع وكأننا لا نملك منهجية لعمارة الدنيا وإصلاحها، وتكون المساعدات علي استحياء، وفي ظروف ضرورية ملحة فاضحة، فلا نساعد إلا من دخل غرفة الإنعاش أو احتاج غسيل كلوي، أو أصيب بسرطان؟! أي أننا نساعد من هم في نهاية المطاف والراحلين عنا، وكأننا نريد أن نكسب رضاهم وهم راحلين، ولم نسعَ لمعرفة وحل مشاكلهم وهم أحياء، كواجب علينا أو من خلال فهمنا لـ"لا إله إلا الله" كمنهج حياة.
 
  ومن الأشياء الملفتة؛ نجد إعلانًا في بعض المساجد "يوجد كفن بالمجان"، ولا نقرأ "يوجد عندنا عمل للأحياء"، وهل الذي مات ولم نسمع عن حياته أو عن مأساته إلا من خلال طلب واستجداء ورثته لكفنه؟ ألا يدل ذلك على جرمنا نحن الأحياء في حق هذا الراحل عنا في حياته؟ ألا يعد هذا الطلب وثيقة إدانة لنا تشعرنا بالخجل وتأنيب الضمير؟
 
  وهذا يدفعنا إلى سؤال آخر؛ ما مفهوم الدعوة عندنا؟ أليست الدروس والمحاضرات والمناظرات ما هي إلا وسائل لإنشاء مجتمع مسلم بحق يسعد أبناؤه في الدنيا والآخرة؟ فهل آن لنا أن نثبت لأنفسنا بداية ولغيرنا عظمة ديننا كمنهج حياة أم أننا سنظل ننتظر الخليفة المرتقب أو المهدي المنتظر؟!
 
   وأختم مقالي بكلمات للأستاذ سيد قطب رحمه الله: لقد انتصر الرسول صلى الله عليه وسلم (يوم أن صنع من أصحابه رضي الله عنهم صورًا حية من إيمانه، تأكل الطعام وتمشي في الأسواق، يوم أن صاغ من كل منهم قرآنًا حيًّا يدب على الأرض، يوم أن جعل من كل فرد نموذجًا مجسمًا للإسلام يراه الناس فيرون الإسلام، إن النصوص وحدها لا تصنع شيئًا، وإن المبادئ وحدها لا تعيش إلا أن تكون سلوكًا، ومن ثَم جعل الرسول صلى الله عليه وسلم هدفه الأول أن يصنع رجالًا لا أن يلقي مواعظ، وأن يصوغ ضمائر لا أن يدبج خطبًا. وأن يبني أمة لا أن يقيم فلسفة، أما الفكرة ذاتها فقد تكفل بها القرآن، وكان عمل الرسول صلى الله عليه وسلم أن يُحَوِّل الفكرة المجردة إلى رجال تلمسهم الأيدي، وتراهم العيون لقد انتصر الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أن صاغ من الإسلام شخوصًا، وحول إيمانهم بالإسلام عملًا، وطبع من المصحف عشرات من النسخ ثم مئات وألوفًا؛ ولكن لم يطبعها بالمداد على صحائف الورق، وإنما طبعها بالنور على صحائف من القلوب، وأطلقها تعامل الناس وتأخذ منهم وتعطي وتقول بالفعل والعمل، ما هو الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم) [من كتاب دراسات إسلامية، سيد قطب، بتصرف]، فهل أدركنا التصور الصحيح وسعينا لتنفيذه؟!
 
 
 
*د يحيى
14 - أغسطس - 2010
الدعاء العبادة    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم
 
 
يا إلهنا وإله كل شيء إلهاً واحداً لا إله إلا أنت رُدَّ لنا الأقصى ، واحفظ شعب فلسطين من شياطين الإنس.... آمين.
 
إخوتي الأحبة : هذا هو الهم الإسلامي.... اجتماع القلوب...... الكلمة الواحدة..... القوة.... الصلاة..... الزكاة.... الالتجاء إلى رب الأرباب : كن فيكون..... جنود لا نراها تُخيف اليهود ، وتُرهبهم..... أليس الله بقادرٍ على أن يردّ لنا أقصانا ، ويعيش الفلسطينيون حياة كريمة.....؟ بلى ربُّنا - لا إله إلا هو - قادرٌ ، وثقتنا بك يا مولانا عظيمة..... اللهم كما غرتَ على الكعبة ، فأرسلتَ على الأوباش طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلتهم كعصف مأكول..... فندعوك يا قادر، يا منتقم ، يا قهار ، يا جبار أن تُرينا غَيرتَك على المسجد الأقصى..... آمين.آمين.آمين.
*د يحيى
14 - أغسطس - 2010
حاول أن يسب الإسلام فعقد الله لسانه.    ( من قبل 8 أعضاء )    قيّم
 
المِثال أفصحُ من المَقال.... أنا صائمٌ ولن أُمرِّرَ على لساني اسمَه!!!
 
*د يحيى
14 - أغسطس - 2010
الماء يكذّب الغطاس    ( من قبل 8 أعضاء )    قيّم
 
http://www.youtube.com/watch?v=-CkiC_-6FNw&feature=related
*د يحيى
15 - أغسطس - 2010
رحمة الله سبحانه وتعالى....    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم
 
 
 

" ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكراً عليماً " [النساء: 147]
انسابت كلمات هذه الآية إلى مسمعي بهدوءٍ لا يُضاهى .. وكأنني أسمعها لأول مرة ..
فأدمعت عيني وأيقظت في قلبي نبضاً اشتقتُ له ..
وجلستُ أتأمل معناها.. يا الله! .. ما أرحمك بنا! 


:
:
(( جعل الله الرحمة مئة جزء، أنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه )) حديث صحيح
(( الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )) حديث صحيح

(( إن رحمتي تغلب غضبي )) حديث قدسي صحيح

(( فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَـٰفِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرحِمِينَ )) [يوسف:64]

(( وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْء فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـوٰةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِـئَايَـٰتِنَا يُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِىَّ ٱلامّىَّ ))
[الأعراف:156، 157]

(( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَـٰتٍ لّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبّكَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ ))
[الزخرف:22]

ورحمة ربك خير مما يجمعون ..

كم مرة يسّر لنا الله عز وجل طاعة ً ؟ وكم مرة عسّر علينا معصية وأبعدها عنا ؟

كم مرة كان بيننا وبين الموت بضعة شعيرات فأنجانا برحمته ؟ كم مرة ابتُلينا بكربٍ عظيم لم نعلم الحكمة منه إلا بعد سنوات ؟

كم مرة يسّر الله عز وجل لنا سبُلاً لأمور ٍ كنا نشعر أنه يستحيل علينا تحقيقها فأتانا التيسير من حيث لم نحتسب ..؟
كم مرة سمعنا أو قرأنا عن قصة رجل أخّره نومه عن موعد الطائرة فغادرت المطار قبل أن يصل.. فحزن لذلك واشتد همّه فإذا به عند المساء يسمع خبر سقوط تلك الطائرة التي كان سيستقلها ؟

كم مرة سمعنا قصصاً مشابهة لتلك القصة التي تتجلى فيها رحمة الله جل في علاه ، ولطفه بنا ..؟

كم مرة سمعنا عن خطبة شابٍ وفتاة انتهت لسببٍ مفاجئ لم يفهم كلا الطرفين مغزاه إلا بعد فترة من الزمن ..
فحمدا الله أن أنهى أمرهما وأبدلهما خيراً وإلا كانت حياتهما ستصبح بحراً متلاطم الأمواج ..؟
:
فالحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه..
الحمد لله على نعمة الرحمة التي يغمرنا بها جل في علاه..

فيضٌ من الرحمة واللهِ نعيش فيه يا أخواتي .. فهلا استشعرنا هذه الرحمات التي تحيط بنا وشكرنا هذه النعمة ؟

والكون كله يشهد بذلك..

فمن رحمة الله عز وجل بنا أننا لا نرى الجراثيم والبكتيريا وإلا لأصبحت حياتنا لا تُطاق ..

ومن رحمة الله عز وجل بنا أننا لا نسمع الأصوات العالية جداً والتي يبلغ ارتفاعها : 16000 هرتز.. وإلا لتسبب ذاك الارتفاع لآذاننا بفقدان السمع ..

ومن رحمة الله بنا أن لم يجعل كل أعمال المؤمن تنقطع بعد وفاته.. بل جعل الدعاء والصدقة تصلان ميزان حسناته..
فتكون له رحمة من الله جل في علاه.. وبنفس الوقت تكون سلواناً لمن فارقه من أهله وأحبابه.. تثلج صدورهم وتشعرهم بشيء من الاطمئنان على من فارقوا ..

من رحمة الله عز وجل أنه يرسل لنا رسائل بسيطة المبنى عظيمة المعنى .. تهز كياننا وتغيّر مجرى حياتنا من الخطأ إلى الصواب وتوقظ نفوسنا الغافلة ..
فمن تلك الرسائل : موت قريب أو صديق .. حادث .. خبر مؤثر .. كلمة نسمعها في محاضرة.. والكثير الكثير من الرسائل الربانية التي تصلنا فتحدث نقلة نوعية في حياتنا..

حتى همومنا وجراحنا ما هي إلا هدايا القدر .. أرسلها لنا الله عز وجل لكي تكون كفارة ً لذنوبنا في الدنيا..

ولـولا الـهــدى ربنــا واليقـيـن ........ لضاعت زهــور الجـراح سـدى
جــراحـي ومــاذا تكـون الجـراح ....... أليسـت جراحي هدايـا القـدر؟
إذا ما ارتضيـت يــطيــر الجنــاح ...... يـكحــل بالنــور عـيـن القمــر
لك الحمد في الليل حتى الصباح ... لك الحمد في الصبح حتى السحر
جراحــي وما لي جراح ســوى ...... ذنـوبـي فكيـف أداوي الـذنـوب
؟

لو تأمل كلّ منا ما حوله لوجد رحمة الله عز وجل تحيط به من كل جانب..

سبحان من أجرى لهاجر زمزما بين الرمال القاحلة..

سبحان من ساق الهداية لأهل سبأ من خلال هدهد ..

سبحان الرحمن الرحيم .. 

موقع لكِ
*د يحيى
15 - أغسطس - 2010
صلاة الجمعة    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم
 
صلاة الجمعة:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ"
 {الجمعة62/9}
فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {62/10}
" إنما سميت الجمعة جمعة؛ لأنها مشتقة من الجمع، فإن أهل الإسلام يجتمعون فيه في كل أسبوع مرة بالمعابد الكبار، وفيه كمل جميع الخلائق؛ فإنه اليوم السادس من الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض، وفيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه إياه، كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحاح. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا عبيدة بن حميد عن منصور عن أبي معشر عن إبراهيم عن علقمة عن قرثع الضبي، حدثنا سلمان قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم " يا سلمان ما يوم الجمعة؟ " قلت: الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يوم الجمعة يوم جُمع فيه أبواكم، أو أبوكم " وقد رُوي عن أبي هريرة من كلامه نحو هذا، فالله أعلم.
وقد كان يقال له في اللغة القديمة يوم العروبة، وثبت أن الأمم قبلنا أمروا به، فضلوا عنه، واختار اليهود يوم السبت الذي لم يقع فيه خلق آدم، واختار النصارى يوم الأحد الذي ابتدىء فيه الخلق، واختار الله لهذه الأمة يوم الجمعة الذي أكمل الله فيه الخليقة؛ كما أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم إن هذا يومهم الذي فرض الله عليهم، فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع، اليهود غداً، والنصارى بعد غد " لفظ البخاري. وفي لفظ لمسلم: " أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا، فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، المقضي بينهم قبل الخلائق " وقد أمر الله المؤمنين بالاجتماع لعبادته يوم الجمعة فقال تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } أي: اقصدوا واعمدوا واهتموا في سيركم إليها، وليس المراد بالسعي ههنا المشي السريع، وإنما هو الاهتمام بها؛ كقوله تعالى:وَمَنْ أَرَادَ ٱلأَخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ }[الإسراء: 19] وكان عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما يقرآنها (فامضوا إلى ذكر الله) فأما المشي السريع إلى الصلاة، فقد نهي عنه؛ لما أخرجاه في الصحيحين، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  إذا سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا " لفظ البخاري. وعن أبي قتادة قال: بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ سمع جلبة رجال، فلما صلى قال: " ما شأنكم؟ " قالوا: استعجلنا إلى الصلاة، قال: " فلا تفعلوا، إذا أتيتم الصلاة، فامشوا وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا " أخرجاه. وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إِذا أقيمت الصلاة، فلا تأتوها تسعون، ولكن ائتوها تمشون، وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا " رواه الترمذي من حديث عبد الرزاق كذلك، وأخرجه من طريق يزيد بن زُرَيع، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة بمثله. قال الحسن البصري: أما والله ما هو بالسعي على الأقدام، ولقد نهوا أن يأتوا الصلاة إلا وعليهم السكينة والوقار، ولكن بالقلوب والنية والخشوع. وقال قتادة في قوله:
{ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } يعني: أن تسعى بقلبك وعملك، وهو المشي إليها، وكان يتأول قوله تعالى:فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْىَ }[الصافات: 102] أي: المشي معه، وروي عن محمد بن كعب وزيد بن أسلم وغيرهما نحو ذلك.
ويستحب لمن جاء إلى الجمعة أن يغتسل قبل مجيئه إليها؛ لما ثبت في الصحيحين عن عبد الله ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا جاء أحدكم الجمعة، فليغتسل " ولهما عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " غُسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم " وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " حق الله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام، يغسل رأسه وجسده " رواه مسلم، وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " على كل رجل مسلم في كل سبعة أيام غسل يوم، وهو يوم الجمعة " رواه أحمد والنسائي وابن حبان.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا ابن المبارك، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أوس بن أوس الثقفي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، واستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة أجر سنة؛وعن أبي هريرة، رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى، فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام، حضرت الملائكة يستمعون الذكر " أخرجاه.
ويستحب له أن يلبس أحسن ثيابه، ويتطيب ويتسوك، ويتنظف ويتطهر. وفي حديث أبي سعيد المتقدم
" غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، والسواك، وأن يمس من طيب أهله " وقال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن إبراهيم التيمي عن عمران بن أبي يحيى، عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبي أيوب الأنصاري: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من اغتسل يوم الجمعة، ومس من طيب أهله إن كان عنده، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتي المسجد، فيركع إن بدا له، ولم يؤذ أحداً، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى " وفي سنن أبي داود وابن ماجه عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: " ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته " وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم الجمعة، فرأى عليهم ثياب النمار، فقال: " ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته " رواه ابن ماجه.
وقوله تعالى: { إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ } المراد بهذا النداء هو النداء الثاني الذي كان يفعل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج فجلس على المنبر، فإنه كان حينئذ يؤذن بين يديه، فهذا هو المراد، فأما النداء الأول الذي زاده أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، فإنما كان هذا لكثرة الناس؛ كما رواه البخاري رحمه الله حيث قال: حدثنا آدم، هو ابن أبي إياس، حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن السائب بن يزيد قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلما كان عثمان بعد زمن، وكثر الناس، زاد النداء الثاني على الزوراء، يعني: يؤذن به على الدار التي تسمى بالزوراء، وكانت أرفع دار بالمدينة بقرب المسجد.
 صيامها وقيامها " وهذا الحديث له طرق وألفاظ، وقد أخرجه أهل السنن الأربعة، وحسنه الترمذي.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو نعيم، حدثنا إبراهيم، حدثنا محمد بن راشد المكحولي، عن مكحول: أن النداء كان في يوم الجمعة مؤذن واحد، حين يخرج الإمام، ثم تقام الصلاة، وذلك النداء الذي يحرم عنده الشراء والبيع إذا نودي به، فأمر عثمان رضي الله عنه أن ينادي قبل خروج الإمام حتى يجتمع الناس. وإنما يؤمر بحضور الجمعة الرجال الأحرار دون العبيد والنساء والصبيان، ويعذر المسافر والمريض، وقيّم المريض، وما أشبه ذلك من الأعذار؛ كما هو مقرر في كتب الفروع.
وقوله تعالى: { وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ } أي: اسعوا إلى ذكر الله، واتركوا البيع إذا نودي للصلاة، ولهذا اتفق العلماء رضي الله عنهم على تحريم البيع بعد النداء الثاني، واختلفوا هل يصح إذا تعاطاه متعاط أم لا؟ على قولين، وظاهر الآية عدم الصحة كما هو مقرر في موضعه، والله أعلم. وقوله تعالى: { ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي: ترككم البيع، وإقبالكم إلى ذكر الله وإلى الصلاة، خير لكم، أي: في الدنيا والآخرة إن كنتم تعلمون. وقوله تعالى: { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ } أي: فرغ منها، { فَٱنتَشِرُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ } لما حجر عليهم في التصرف بعد النداء، وأمرهم بالاجتماع، أذن لهم بعد الفراغ في الانتشار في الأرض، والابتغاء من فضل الله؛ كما كان عراك بن مالك رضي الله عنه إذا صلى الجمعة، انصرف فوقف على باب المسجد فقال: اللهم إني أجبت دعوتك، وصليت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك، وأنت خير الرازقين، رواه ابن أبي حاتم.
وروي عن بعض السلف أنه قال: من باع واشترى في يوم الجمعة بعد الصلاة، بارك الله له سبعين مرة؛ لقول الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ }. وقوله تعالى: { وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } أي: في حال بيعكم وشرائكم، وأخذكم وإعطائكم، اذكروا الله ذكراً كثيراً، ولا تشغلكم الدنيا عن الذي ينفعكم في الدار الآخرة، ولهذا جاء في الحديث:
" من دخل سوقاً من الأسواق، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة " وقال مجاهد: لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيراً حتى يذكر الله قائماً وقاعداً ومضطجعاً."
 ( ابن كثير).
*** " إذا أدرك المأموم تشهد الإمام [ في صلاة الجمعة] فقد شهدها
(عند الأحناف والظاهرية).( المفصل 1/ 272، د: عبد الكريم زيدان).
*صلاة الجمعة نصف النهار، أو قبله. ( معجم فقه السلف 2/66 للكتاني).
* صلاة الجمعة 4 ومعهم الإمام عند ( الأحناف) ، و12 عند المالكية ، و40 عند الحنابلة ، والإمام وواحد أو الإمام وامرأة عند الظاهرية.
( المفصل 1/267).
* كان عراك بن مالك ، رضي الله عنه، إذا صلى الجمعة ، انصرف فوقف على باب المسجد فقال : اللهم إني أجبت دعوتك ، وصليت فريضتك ، وانتشرت في الأرض كما أمرتني ، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين ".( تفسير الرازي20/9 ، والقرطبي18/108).
 
*د يحيى
15 - أغسطس - 2010
المسلم والمؤمن.    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
هل مِن فرق بين المسلمين والمؤمنين؟
 
" أخبر تعالى بـ { إن المسلمين والمسلمات } وهم الذين استسلموا لأوامر الله وانقادوا له، وأظهروا الشهادتين، وعمِلوا بموجبه { والمؤمنين والمؤمنات } فالإسلام والإيمان واحد، عند أكثر المفسرين، وإنما كرر لاختلاف اللفظين. وفي الناس من قال: المؤمن هو الذي فعل جميع الواجبات، وانتهى عن جميع المقبحات، والمسلم هو الملتزم لشرائط الإسلام المستسلم لها و{ القانتين والقانتات } يعني الدائمين على الأعمال الصالحات { والصادقين } في أقوالهم{ والصادقات } مثل ذات { والصابرين والصابرات } على طاعة الله وعلى ما يبتليهم الله من المصائب وما يأمرهم به من الجهاد في سبيله { والخاشعين } يعني المتواضعين غير المتكبرين { والخاشعات } مثل ذلك { والمتصدقين } يعني الذين يُخرجون الصدقات والزكوات { والمتصدقات } مثل ذلك { والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم } من الزنى وارتكاب أنواع الفجور { والحافظات } فروجهن، وحذف من الثاني لدلالة الكلام عليه { والذاكرين الله كثيراً والذاكرات } الله كثيراً، ثم قال { أعد الله لهم } يعني من قدم ذكرهم ووصفهم { مغفرة وأجراً عظيماً } يعني ثواباً جزيلاً. لا يوازيه شيء.
قيل: إن سبب نزول هذه الآية أنّ أم سلمة قالت: يا رسول الله: ما للرجال يُذكرون في القرآن ولا يذكر النساء؟ فنزَلت الآية. فلذلك قال { إنّ المسلمين والمسلمات } وإن كانت المسلماتُ داخلاتٍ في قوله { المسلمين } تغليباً للمذكر فذكرهن بلفظ يخصهن؛ إزالةً للشبهة.".
( تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي ).
*د يحيى
15 - أغسطس - 2010
 2  3  4  5  6