البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : بارك الله لكم في رمضان    قيّم
التقييم :
( من قبل 8 أعضاء )
 زهير 
9 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم برمضان أخوتي الأكارم وأعاننا وإياكم على احتمال هذا الشهر الصعب (آب اللهاب) والذي أنزل فيه القرآن فقد كان أول رمضان في الإسلام رمضان آب عام 610ميلادي،  ولكنه لم يكن قد فرض الصيام فيه بعد.
(رمضان آب في أبوظبي) ذكرى ما مثلها ذكرى لمن عاشها وقد عشت مع أوابدها العام الفائت وتذكرت اليوم صور أصدقائي الصائمين من سكان أبوظبي فكانت هذه القصيدة (رمضان: آب أبوظبي)
الصوم صوم iiالعرب في  آبَ في iiأبوظبي
يـكـاد من iiيصومه يكشف عن وجه نبي
مـعـركـةٌ  بلا قنا وجـنـةٌ مـن iiلهب
ألـمَـحُ في iiنيرانها صوميَ  إذ أنا صبي
يـلـعب  فيها لاهيا والـجد  غير iiاللعب
أبـوظـبي iiأبوظبي أيـن دمـشق iiوأبي
وصـوم آب واحـد فـيك كصوم iiالحقب
رأيت من فتيانك iiال صيام  أقصى عجبي
مـن  مرهف iiمجرد ووادع  iiمــهـذب
يـذوب  في iiقميصه مـضـمخا  iiبالأدب
أغفو  وأصحو iiبينما أرسـمهم  عن iiكثب
حـقـيقة لا iiقصصا نـقرؤها  في iiالكتب
وصـورا  تلمع iiفي ذاكـرتـي iiكالذهب
 
 1  2  3  4  5 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
هذا كتاب الله ، لا يأتيه الباطل...لا يَخلَق من كَثرة الرّد...    ( من قبل 10 أعضاء )    قيّم
 
"إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ" {الدخان44/3}
" فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ" {44/4}
" أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ" {44/5}
" رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" {44/6}
" إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ" {القدر97/1}
" لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ" {97/3}
"تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ" {97/4}
" سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ" {97/5}
" اختلفوا في هذه الليلة المباركة، فقال الأكثرون: إنها ليلة القدر، وقال عكرمة وطائفة آخرون: إنها ليلة البراءة، وهي ليلة النصف من شعبان أما الأولون فقد احتجوا على صحة قولهم بوجوه أولها: أنه تعالى قال: إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ }[القدر: 1] وهٰهنا قال: { إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَـٰرَكَةٍ } فوجب أن تكون هذه الليلة المباركة هي تلك المسماة بليلة القدر، لئلا يلزم التناقض وثانيها: أنه تعالى قال:شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِي أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ }[البقرة: 185] فبيّن أن إنزال القرآن إنما وقع في شهر رمضان، وقال هٰهنا { إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَـٰرَكَةٍ } فوجب بأن تكون هذه الليلة واقعة في شهر رمضان، وكل من قال إن هذه الليلة المباركة واقعة في شهر رمضان، قال إنها ليلة القدر، فثبت أنها ليلة القدر وثالثها: أنه تعالى قال في صفة ليلة القدرتَنَزَّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم مّن كُلّ أَمْرٍ * سَلَـٰمٌ هِيَ }[القدر: 4، 5] وقال أيضاً ههنا
{ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } وهذا مناسب لقوله { تَنَزَّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا } وههنا قال:
 { أَمْراً مّنْ عِنْدِنَا } وقال في تلك الآية { بِإِذْنِ رَبّهِم مّن كُلّ أَمْرٍ } وقال ههنا { رَحْمَةً مّن رَّبّكَ } وقال في تلك الآية { سَلَـٰمٌ هِيَ } وإذا تقاربت الأوصاف وجب القول بأن إحدى الليلتين هي الأخرى ورابعها: نقل محمد بن جرير الطبري في «تفسيره»: عن قتادة أنه قال: نزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان، والتوراة لست ليال منه، والزبور لاثنتي عشرة ليلة مضت منه، والإنجيل لثمان عشرة ليلة مضت منه، والقرآن لأربع وعشرين ليلة مضت من رمضان، والليلة المباركة هي ليلة القدر وخامسها: أن ليلة القدر إنما سميت بهذا الاسم، لأن قدرها وشرفها عند الله عظيم، ومعلوم أنه ليس قدرها وشرفها لسبب ذلك الزمان، لأن الزمان شيء واحد في الذات والصفات، فيمتنع كون بعضه أشرف من بعض لذاته، فثبت أن شرفه وقدره بسبب أنه حصل فيه أمور شريفة عالية لها قدر عظيم ومرتبة رفيعة، ومعلوم أن منصب الدين أعلى وأعظم من منصب الدنيا، وأعلى الأشياء وأشرفها منصباً في الدين هو القرآن، لأجل أن به ثبتت نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم، وبه ظهر الفرق بين الحق والباطل في سائر كتب الله المنزّلة، كما قال في صفتهوَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ }[المائدة: 48] وبه ظهرت درجات أرباب السعادات، ودركات أرباب الشقاوات، فعلى هذا لا شيء إلا والقرآن أعظم قدراً وأعلى ذكراً وأعظم منصباً منه فلو كان نزوله إنما وقع في ليلة أخرى سوى ليلة القدر، لكانت ليلة القدر هي هذه الثانية لا الأولى، وحيث أطبقوا على أن ليلة القدر التي وقعت في رمضان، علمنا أن القرآن إنما أنزل في تلك الليلة، وأما القائلون بأن المراد من الليلة المباركة المذكورة في هذه الآية، هي ليلة النصف من شعبان، فما رأيت لهم فيه دليلاً يعول عليه، وإنما قنعوا فيه بأن نقلوه عن بعض الناس، فإن صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه كلام فلا مزيد عليه، وإلا فالحق هو الأول، ثم إن هؤلاء القائلين بهذا القول زعموا أن ليلة النصف من شعبان لها أربعة أسماء: الليلة المباركة، وليلة البراءة، وليلة الصك، وليلة الرحمة، وقيل إنما سميت بليلة البراءة، وليلة الصك، لأن البندار إذا استوفى الخراج من أهله كتب لهم البراءة، كذلك الله عزّ وجلّ يكتب لعباده المؤمنين البراءة في هذه الليلة، وقيل هذه الليلة مختصة بخمس خصال الأول: تفريق كل أمر حكيم فيها، قال تعالى: { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } والثانية: فضيلة العبادة فيها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صلّى في هذه الليلة مائة ركعة أرسل الله إليه مائة ملك ثلاثون يبشرونه بالجنة، وثلاثون يؤمنونه من عذاب النار، وثلاثون يدفعون عنه آفات الدنيا، وعشرة يدفعون عنه مكايد الشيطان " الخصلة الثالثة: نزول الرحمة، قال عليه السلام: " إن الله يرحم أمتي في هذه الليلة بعدد شعر أغنام بني كلب " والخَصلة الرابعة: حصول المغفرة، قال صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى يغفر لجميع المسلمين في تلك الليلة، إلا لكاهن، أو مشاحن، أو مدمن خمر، أو عاق للوالدين، أو مُصِرّ على الزنا " والخصلة الخامسة: أنه تعالى أعطى رسوله في هذه الليلة تمام الشفاعة، وذلك أنه سأل ليلة الثالث عشر من شعبان في أمته فأعطي الثلث منها، ثم سأل ليلة الرابع عشر، فأعطي الثلثين، ثم سأل ليلة الخامس عشر، فأعطي الجميع إلا من شرد على الله شراد البعير، هذا الفصل نقلته من «الكشاف»، فإن قيل لا شك أن الزمان عبارة عن المدة الممتدة التي تقديرها حركات الأفلاك والكواكب، وأنه في ذاته أمر متشابه الأجزاء فيمتنع كون بعضها أفضل من بعض، والمكان عبارة عن الفضاء الممتد والخلاء الخالي فيمتنع كون بعض أجزائه أشرف من البعض، وإذا كان كذلك كان تخصيص بعض أجزائه بمزيد الشرف دون الباقي ترجيحاً لأحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح وإنه محال، قلنا القول بإثبات حدوث العالم وإثبات أن فاعله فاعل مختار بناء على هذا الحرف وهو أنه لا يبعد من الفاعل المختار تخصيص وقت معين بإحداث العالم فيه دون ما قبله وما بعده، فإن بطل هذا الأصل فقد بطل حدوث العالم وبطل الفاعل المختار وحينئذ لا يكون الخوض في تفسير القرآن فائدة، وإن صح هذا الأصل فقد زال ما ذكرتم من السؤال، فهذا هو الجواب المعتمد، والناس قالوا لا يبعد أن يخص الله تعالى بعض الأوقات بمزيد تشريف حتى يصير ذلك داعياً للمكلف إلى الإقدام على الطاعات في ذلك الوقت، ولهذا السبب بيّن أنه تعالى أخفاه في الأوقات وماعيته لأنه لم يكن معيناً جوز المكلف في كل وقت معين أن يكون هو ذلك الوقت الشريف فيصير ذلك حاملاً له على المواظبة على الطاعات في كل الأوقات، وإذا وقعت على هذا الحرف ظهر عندك أن الزمان والمكان إنما فازا بالتشريفات الزائدة تبعاً لشرف الإنسان فهو الأصل وكل ما سواه فهو تبع له، والله أعلم.
روي أن عطية الحروري سأل ابن عباس رضي الله عنهما عن قولهإِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ }[القدر: 1] وقوله { إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَـٰرَكَةٍ } كيف يصح ذلك مع أن الله تعالى أنزل القرآن في جميع الشهور؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما: يا ابن الأسود لو هلكت أنا ووقع هذا في نفسك ولم تجد جوابه هلكت، نزل القرآن جملة من اللوح المحفوظ إلى البيت المعمور، وهو في السماء الدنيا، ثم نزل بعد ذلك في أنواع الوقائع حالاً فحالا، والله أعلم.
بيان نظم هذه الآيات:
 اعلم أن المقصود منها تعظيم القرآن من ثلاثة أوجه:
 أحدها: بيان تعظيم القرآن بحسب ذاته .
الثاني: بيان تعظيمه بسبب شرف الوقت الذي نزل فيه.
 الثالث: بيان تعظيمه بحسب شرف منزلته.
 * أما النوع الأول: وهو بيان تعظيمه بحسب ذاته فمن ثلاثة أوجه:
 أحدها: أنه تعالى أقسم به وذلك يدل على شرفه .
وثانيها: أنه تعالى أقسم به على كونه نازلاً في ليلة مباركة، وقد ذكرنا أن القسم بالشيء على حالة من أحوال نفسه يدل على كونه في غاية الشرف.
 وثالثها: أنه تعالى وصفه بكونه مبيناً وذلك يدل أيضاً على شرفه في ذاته.
*
وأما النوع الثاني: وهو بيان شرفه لأجل شرف الوقت الذي أنزل فيه فهو قوله { إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـٰرَكَةٍ } وهذا تنبيه على أن نزوله في ليلة مباركة يقتضي شرفه وجلالته، ثم نقول إن قوله { إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـٰرَكَةٍ } يقتضي أمرين: أحدها: أنه تعالى أنزله والثاني: كون تلك الليلة مباركة فذكر تعالى عقيب هذه الكلمة ما يجرى مجرى البيان لكل واحد منهما، أما بيان أنه تعالى لم أنزله فهو قوله { إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } يعني الحكمة في إنزال هذه السورة أن إنذار الخلق لا يتم إلا به، وأما بيان أن هذه الليلة ليلة مباركة فهو أمران: أحدهما: أنه تعالى يفرق فيها كل أمر حكيم، والثاني: أن ذلك الأمر الحكيم مخصوصاً بشرف أنه إنما يظهر من عنده، وإليه الإشارة بقوله { أَمْراً مّنْ عِنْدِنَا }.
*
وأما النوع الثالث: فهو بيان شرف القرآن لشرف منزله وذلك هو قوله { إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } فبيّن أن ذلك الإنذار والإرسال إنما حصل من الله تعالى، ثم بيّن أن ذلك الإرسال إنما كان لأجل تكميل الرحمة وهو قوله { رَحْمَةً مّن رَّبّكَ } وكان الواجب أن يقال رحمة منا إلا أنه وضع الظاهر موضع المضمر إيذاناً بأن الربوبية تقتضي الرحمة على المربوبين، ثم بيّن أن تلك الرحمة وقعت على وفق حاجات المحتاجين لأنه تعالى يسمع تضرعاتهم، ويعلم أنواع حاجاتهم، فلهذا قال: { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } فهذا ما خطر بالبال في كيفية تعلق بعض هذه الآيات ببعض.
أما قوله تعالى: { إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَـٰرَكَةٍ } فقد قيل فيه إنه تعالى أنزل كلية القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا في هذه الليلة، ثم أنزل في كل وقت ما يحتاج إليه المكلف، وقيل يبدأ في استنساخ ذلك من اللوح المحفوظ في ليلة البراءة ويقع الفراغ في ليلة القدر فتدفع نسخة الأرزاق إلى ميكائيل، ونسخة الحروب إلى جبرائيل وكذلك الزلازل والصواعق والخسف، ونسخة الأعمال إلى إسماعيل صاحب سماء الدنيا وهو ملك عظيم، ونسخة المصائب إلى ملك الموت.
أما قوله تعالى: { فِيهَا يُفْرَقُ } أي في تلك الليلة المباركة يفرق أي يفصل ويبين من قوله فرقت الشيء أفرقه فرقاً وفرقاناً، قال صاحب «الكشاف» وقرىء يفرق بالتشديد ويفرق على إسناد الفعل إلى الفاعل ونصب كل والفارق هو الله عز وجل، وقرأ زيد ابن علي نفرق بالنون.
أما قوله { كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } فالحكيم معناه ذو الحكمة، وذلك لأن تخصيص الله تعالى كل أحد بحالة معينة من العمر والرزق والأجل والسعادة والشقاوة يدل على حكمة بالغة لله تعالى، فلما كانت تلك الأفعال والأقضية دالة على حكمة فاعلها وصفت بكونها حكيمة، وهذا من الإسناد بالمجازي، لأن الحكيم صفة صاحب الأمر على الحقيقة ووصف الأمر به مجاز، ثم قال:
 { أَمْراً مّنْ عِنْدِنَا } وفي انتصاب قوله { أمْراً } وجهان: الأول: أنه نصب على الاختصاص، وذلك لأنه تعالى بيّـن شرف تلك الأقضية والأحكام بسبب أن وصفها بكونها حكيمة، ثم زاد في بيان شرفها بأن قال أعني بهذا الأمر أمراً حاصلاً من عندنا كائناً من لدنا، وكما اقتضاه علمنا وتدبيرنا والثاني: أنه نصب على الحال وفيه ثلاثة أوجه: الأول: أن يكون حال من أحد الضميرين في { أَنزَلْنَـٰهُ } ، إما من ضمير الفاعل أي: إنا أنزلناه آمرين أمراً أو من ضمير المفعول أي: إنا أنزلناه في حال كونه أمراً من عندنا بما يجب أن يفعل والثالث: ما حكاه أبوعلي الفارسي عن أبي الحسن رحمهما الله أنه حمل قوله { أمْراً } على الحال، وذو الحال قوله :
{ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ }. ثم قال: { إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } يعني أنا إنما فعلنا ذلك الإنذار لأجل إنا كنا مرسلين يعني الأنبياء. ثم قال: { رَحْمَةً مّن رَّبّكَ } أي للرحمة فهي نصب على أن يكون مفعولاً له. ثم قال: { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } يعني أن تلك الرحمة كانت رحمة في الحقيقة لأن المحتاجين، إما أن يذكروا بألسنتهم حاجاتهم، وإما أن لا يذكروها فإن ذكروها فهو تعالى يسمع كلامهم فيعرف حاجاتهم، وإن لم يذكروها فهو تعالى عالم بها فثبت أن كونه سميعاً عليماً يقتضي أن ينزل رحمته عليهم" .(الرازي).
 
*د يحيى
13 - أغسطس - 2010
كتاب الله يَهدي للتي هي أقْوَم.....    ( من قبل 9 أعضاء )    قيّم
 
" إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا {الإسراء17/9}
" يقول الحقّ جلّ جلاله: { إِنَّ هذا القرآن يَهدي للتي }؛ للطريق التي { هي أقومُ } الطرق وأعدلها، { ويُبشِّرُ المؤمنين الذين يعملون } الأعمال { الصالحاتِ أنَّ لهم أجرًا كبيرًا } وهو: الخلود في النعيم المقيم، وزيادة النظر إلى وجهه الكريم. { و } يخبر { أنَّ الذين لا يُؤمنون بالآخرة أعتدنا } أي: أعددنا { لهم عذابًا أليمًا } ، أو: ويُبشر المؤمنين ببشارتين: ثوابهم،
وعقاب أعدائهم.
الإشارة: لا شك في أن القرآن يهدي إلى طريق الحق؛ إما إلى طريق تُوصل إلى نِعم جنانه، أو إلى طريق تُوصل إلى شهوده ودوام رضوانه، فالأولى طريق الشرائع والأحكام، والثانية طريق الحقائق والإلهام، لكن لا يدرك هذا من القرآن إلا من صفت مرآة قلبه بالمجاهدة والذكر الدائم، ولذلك أمر شيوخُ التربية المريد بالاشتغال بالذكر المجرد، حتى يُشرق قلبه بأنوار المعارف، ويرجع من الفناء إلى البقاء، ثم بعد ذلك يُمر بالتلاوة، ليذوق حلاوة القرآن، ويتمتع بأنواره وأسراره، وقد أنكر بعضُ من لا معرفة له بطريق التربية على الفقراء هذا الأمر - أعني: ترك التلاوة في بدايتهم -؛ محتجًا بهذه الآية، ولا دليل فيها عليهم، لأن كون القرآن يهدي للتي هي أقوم يعني: التمسك والتدبر في معانيه، دليل فيها عليهم؛ لأن كون القرآن يهدي للتي هي أقوم يعني: التمسك والتدبر في معانيه، ولا يصح ذلك على الكمال إلا بعد تصفية القلوب، كما هو مجرب، ولا ينكر هذا إلا من لا ذوق له في علوم القوم، وربما يُذكر وجود التربية من أصلها، ويسد البابَ في وجوه الناس، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فإذا اتصل العبد بأهل هذا الطريق ثم تأخر الفتح عنه فلا يقنط" ( البحر المديد/ ابن عجيبة).
" المعنى: أن هذا القرآن يا محمد يرشد من اهتدى به للحال التي هي أقوم الحالات أي: أصوبها. وذلك دين الله [سبحانه] المستقيم وتوحيده [جلت عظمته] والإيمان بكتبه ورسله وهو مع هدايته يبشر المؤمنين العاملين الأعمال الصالحة أن لهم أجراً كبيراً وهو الجنة. وكل شيء في القرآن أجر كريم وأجر كبير ورزق كريم فهو الجنة. وقيل: المعنى: ويبشر [الله] المؤمنين بذلك. قال مقاتل وغيره: التي هي أقوم شهادة أن لا إله إلا الله. وقيل معناه يهدي للخصال التي هي أصوب مما أمر الله [عز وجل]، ودعا إليه ووعد عليه العطاء الجزيل والثواب العظيم وعلى هذا أكثر المفسرين. ولا إله إلا الله أصل الخصال الحسنة وأعظم ما دعا الله إليه عباده وندبهم إلى اعتقاده فهي العروة الوثقى والكلمة المنجية من العذاب".
( الهداية إلى بلوغ النهاية/ مكي بن أبي طالب القيسي).
*د يحيى
13 - أغسطس - 2010
القرآن الكريم سعادة البشَريّة ، والإسلام رسالة عالمية.    ( من قبل 10 أعضاء )    قيّم
 
القرآن للسعادة:
"طه" {طه20/1}
"مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى" {20/2}
" إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى" {20/3}
" أسند القاضي عياض في كتابه " الشفاء " من طريق عبد بن حميد في تفسيره: حدثنا هاشم بن القاسم عن ابن جعفر عن الربيع بن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى، قام على رجل، ورفع الأخرى، فأنزل الله تعالى: { طه } يعني: طأ الأرض يا محمد { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ لِتَشْقَىٰ } ثم قال: ولا يخفى بما في هذا الإكرام وحسن المعاملة. وقوله: { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ لِتَشْقَىٰ } قال جويبر عن الضحاك: لما أنزل الله القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلم قام به هو وأصحابه، فقال المشركون من قريش: ما أنزل هذا القرآن على محمد إلا ليشقى، فأنزل الله تعالى: { طه مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ لِتَشْقَىٰ إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } فليس الأمر كما زعمه المبطلون، بل من آتاه الله العلم، فقد أراد به خيراً كثيراً، كما ثبت في " الصحيحين " عن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ". وما أحسن الحديث الذي رواه الحافظ أبو القاسم الطبراني في ذلك حيث قال: حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا العلاء بن سالم، حدثنا إبراهيم الطالقاني، حدثنا ابن المبارك عن سفيان عن سماك بن حرب، عن ثعلبة بن الحكم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقول الله تعالى للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لقضاء عباده: إني لم أجعل علمي وحكمتي فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان منكم ولا أبالي " إسناده جيد، وثعلبة بن الحكم هذا هو الليثي، ذكره أبو عمر في استيعابه، وقال: نزل البصرة، ثم تحول إلى الكوفة، وروى عنه سماك بن حرب. وقال مجاهد في قوله:" مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ لِتَشْقَىٰ"هي كقوله:فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ }[المزمل: 20] وكانوايعلقون الحبال بصدورهم في الصلاة. وقال قتادة: { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ لِتَشْقَىٰ } لا والله ما جعله شقاء، ولكن جعله رحمة ونوراً ودليلاً إلى الجنة { إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } إن الله أنزل كتابه وبعث رسوله رحمة رحم بها عباده ليتذكر ذاكر، وينتفع رجل بما سمع من كتاب الله، وهو ذكر أنزل الله فيه حلاله وحرامه". ( تفسير ابن كثير).
" تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ الْعُلَى" {طه20/4}
" في قوله { تنزيلاً } أوجه كثيرة من الإعراب ذكرها المفسرون. وأظهرها عندي أنه مفعول مطلق, منصوب بنزل مضمرة دل عليها قوله,مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ }[طه: 2]؛ أي أنزله الله { تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَق ٱلأَرْضَ } الآية, أي فليس بشعر ولا كهانة, ولا سحر ولا أساطير الأولين, كما دل لهذا المعنى قوله تعالى:وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ }[الحاقة: 41 - 43] والآيات المصرحة بأن القرآن منزل من رب العالمين كثيرة جداً معروفة, كقوله:وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }[الشعراء: 192] الآية, وقوله:تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ }[الزمر: 1] وقوله:تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ }[فصلت: 2] والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً." ( الشنقيطي).
" إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ" {الواقعة56/77}
" فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ" {56/78}
" لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ" {56/79}
" تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ" {56/80}
" ... قال ابن جرير: حدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا ابن ثور، حدثنامعمر عن قتادة:
{ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } قال: لا يمسه عند الله إلا المطهرون، فأما في الدنيا، فإنه يمسه المجوسي النجس، والمنافق الرجس، وقال: وهي في قراءة ابن مسعود:
(ما يمسه إلا المطهرون)، وقال أبو العالية: { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } ليس أنتم، أنتم أصحاب الذنوب، وقال ابن زيد: زعمت كفار قريش أن هذا القرآن تنزلت به الشياطين، فأخبر الله تعالى: أنه لا يمسه إلا المطهرون؛ كما قال تعالى:وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَـٰطِينُ وَمَا يَنبَغِى لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ إِنَّهُمْ عَنِ ٱلسَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ }[الشعراء: 210 /212] وهذا القول قول جيد، وهو لا يخرج عن الأقوال التي قبله، وقال الفراء: لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به. وقال آخرون:
{ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } أي: من الجنابة والحدث، قالوا: ولفظ الآية خبر، ومعناها الطلب، قالوا: والمراد بالقرآن ههنا المصحف، كما روى مسلم عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو؛ مخافة أن يناله العدو، واحتجوا في ذلك بما رواه الإمام مالك في " مُوطئه " عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: أن لا يمس القرآن إلا طاهر. وروى أبو داود في المراسيل من حديث الزهري قال: قرأت في صحيفة عند أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ولا يمس القرآن إلا طاهر " وهذه وجادة جيدة قد قرأها الزهري وغيره، ومثل هذا ينبغي الأخذ به، وقد أسنده الدارقطني عن عمرو بن حزم وعبد الله بن عمر وعثمان بن أبي العاص، وفي إسناد كل منهما نظر، والله أعلم. وقوله تعالى: { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } أي: هذا القرآن منزل من الله رب العالمين وليس هو كما يقولون: إنه سحر أو كهانة أو شعر، بل هو الحق الذي لا مرية فيه،...".
 ( تفسير ابن كثير).
 
*د يحيى
13 - أغسطس - 2010
تحدي الثقلين    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم
 
 
" قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا {الإسراء17/88}
" { قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ } في البلاغة وحسن النظم وكمال المعنى. { لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ } وفيهم العرب العرباء وأَرباب البيان وأهل التحقيق، وهو جواب قسم محذوف دل عليه اللام الموطئة، ولولا هي لكان جواب الشرط بلا جزم لكون الشرط ماضياً كقول زهير:
وَإِنْ أَتَاهُ خَلِيلٌ يَوْمَ مَسْأَلَة
   
يَقُولُ لاَ غَائِبٌ مَالي وَلاَ حَرَمُ
{ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } ولو تظاهروا على الإِتيان به، ولعله لم يذكر الملائكة لأن إتيانهم بمثله لا يخرجه عن كونه معجزاً، ولأنهم كانوا وسائط في إتيانه، ويجوز أن تكون الآية تقريراً لقوله: { ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً }.( البيضاوي).
" لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ" {فُصّلت41/42}
" قَوْلُهُ تَعَالَى: { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ }؛ أي لا يأتيهِ التكذيبُ من الكتب التي قبلَهُ ولا يجيءُ بعده كتابٌ فيبطلهُ، وقال الزجَّّاج: (مَعْنَاهُ: أنَّهُ مَحْفُوظٌ مِنْ أنْ يُنْقَصَ مِنْهُ فَيَأْتِيْهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، أوْ يُزَادَ فِيْهِ فَيَأْتِيْهِ الْبَاطِلُ مِنْ خَلْفِهِ)، فمعنى الباطلِ على هذا الزيادةُ والنقصانُ. وفي عَينِ المعانِي: (الْبَاطِلُ إبْليْسُ).
وقَوْلُهُ تَعَالَى: { تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }؛ أي مُنَزَّلٌ من عالِمٍ بوجوه الحكمةِ، مستحقٍّ للحمدِ على خَلْقِهِ بإنعامهِ عليهم.( الطبراني).
*د يحيى
14 - أغسطس - 2010
القرية والمدينة    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم
 


                                               الفرق بين القرية والمدينة
 

بسم الله الرحمن الرحيم
 أشكركم كثيرًا على هذا الموقع الرائع، جعله الله في ميزان حسناتكم، إن شاء الله !
ولي سؤال أتمنى أن أعرف إجابته.. في سورة الكهف قال الله تعالى:
﴿ حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ(الكهف:77).
ثم قال سبحانه:
﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ(الكهف:82).
لماذا اختلفت التسمية: ( قرية )، ثم  ( مدينه  ) ؟
وشكرًا لكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د/ماهر الزمزمي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا سؤال وردنا من الأخ الدكتور ماهر الزمزمي، وأحلناه إلى الأستاذ محمد إسماعيل عتوك الباحث في أسرار الإعجاز البياني للقرآن، فوافانا مشكورًا بهذا الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم.. والصلاة والسلام على سيد المرسلين.. أما بعد:
فجوابًا عن سؤال الأخ الدكتور ماهر أقول وبالله المستعان:
أولاً- لفظ ( القرية ) مشتق من ( القاف والراء والحرف المعتل )، وهو أصل صحيح يدل على جمع واجتماع. وسمِّيت القرية قرية لاجتماع الناس بها. ومنه: قريت الماء في الحوض. أي: جمعته. والنسبة إلى القَرْية: قَرَويٌّ بفتح القاف، وتجمع على ( قُرًى ) بضم القاف، وهي لغة أهل الحجاز، وبها نزل القرآن. قال تعالى:﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً (الكهف:59). ولغة أهل اليمن: قرية؛ بكسر القاف، ويجمعونها على ( قِرى ) بكسر القاف.
أما لفظ ( المدينة ) فهو مشتق من ( الميم والدال والنون )، وليس فيه إلا ( مدينة )، على وزن: فعيلة. ومنهم من يجعل الميم زائدة، فيكون وزنها: مَفْعِلة، من قولهم: دِينَ. أَي: مُلِكَ. ويقال: مَدَنَ الرجل ؛ إذا أتى المدينة. وهذا يدل على أن الميم أصلية. وقيل: مَدَنَ بالمكان: أقام به ؛ ومنه سمِّيت المَدينَةُ.
وقيل: المدينة هي الحصن، وكل أرض يُبنَى بها حِصْنٌ في وسطها فهو مدينتها، وتجمع على: ( مُدُن ) بضمتين، و ( مُدْن ) بضم فسكون. وتجمع أيضًا على: ( مَدائن )، وأصلها: ( مداين )، همزت الياء ؛ لأنها زائدة، ومنها قوله تعالى:﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (الشعراء:53).
ثانيًا- إذا عرفت ذلك فاعلم أن اسم ( القرية ) يطلق في اللغة، ويراد به ( المدينة )، كما يطلق اسم ( المدينة ) ويراد به ( القرية ) , والدليل على ذلك قوله تعالى:﴿ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ ، فسمَّاها: قرية، ثم قال:﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ، فسمَّاها: مدينة بعد أن سمَّاها: قرية.
ومثل ذلك قوله تعالى:﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (يس:13)، ثم قال:﴿ وَجاءَ مِنْ أقصى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى (يس:20)، فسمَّاها: مدينة، بعد أن سمَّاها قرية، فدل ذلك على جواز تسمية إحداهما بالأخرى.  
ومن ذلك إطلاق اسم ( أم القرى ) على مكة المكرمة، وإطلاق اسم ( القريتين ) على مكة والطائف، ومن الأول قوله تعالى:﴿ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ، ومن الثاني:﴿ لَوْلاَ نُزّلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مّنَ القريتين عَظِيمٍ ﴾. وقيل: سمِّيت مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة خاصة، وغلبت عليها هذه التسمية؛ تفخيمًا لها، شرَّفها الله.
ثالثًا- ومن الفروق بين ( القرية )، و( المدينة ):
1- أن عدد من يسكن ( القرية ) أقل من عدد من يسكن ( المدينة ). ومن هنا قيل: إن قلُّوا قيل لها: قرية، وإن كثروا قيل لها: مدينة. وقيل: أقل العدد الذي تسمى به قرية ثلاثة فما فوقها. فالمدينة أوسع من القرية وأكبر.
محمد إسماعيل عتوك
تابع التتمة على موقع55a.net  
 
*د يحيى
14 - أغسطس - 2010
الفروق بينهما    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
" الفوارق… بين المدينة والقرية  
1 ـ المدينة أكثر ناساً بخلاف القرية.
2 ـ روابط الأفراد في المدينة عادية، بينما الروابط في القرية شديدة، وهكذا معاداة أفراد المدن بعضهم لبعض ضعيفة بينما معاداة أفراد القرية شديدة والسر أن كثرة أعمال روابط فرد المدينة لا تدع له مجالاً لشدة الولاء، أو شدة العداء بخلاف القرية.
3 ـ سعة مجال العمل والزواج والانضمام إلى الجمعيات والمؤسسات في المدينة دون القرية.
4 ـ قوة العلم والدين والأخلاق والآداب في المدينة، لكثرة المدارس والمعلمين والوعاظ والمربين في المدينة دون القرية.
5 ـ كثرة الأمراض ويسر العلاج في المدينة، وبالعكس من الأمرين القرية، حيث تلوث البيئة في المدينة أكثر والطب والوسائل الطبية فيها أكثر بخلافهما في القرية.
6 ـ تعقد النفس في المدينة دون القرية، وذلك لأن كثرة الروابط وتناقضها، وشدة الطبقية وكثرة الحرمان في المدينة توجب ذلك، والقرية ليست كذلك.
7 ـ سهولة المعاملات، وعدم التدقيق في أمرها في المدينة، وذلك لأن كثرة الشأن فيها لا يسمح بالدقة، بخلاف القرية حيث قلة الشأن فيها فتكون مسرحاً للدقة.
8 ـ ضعف مراقبة الأهل والأولاد في المدينة، وشدتها في القرية، إذ سعة المدينة من ناحية، وكثرة شغل الإنسان فيها من ناحية ثانية، تجعل الأولاد ونحوهم بمنأى عن عين الأب والأم، ثم إن أشغالهما يمنعان من المراقبة الدقيقة وبالعكس من كلا الأمرين القرية.
9 ـ في المدينة الدخل أكثر والأرباح أوفر، بخلاف القرية، وذلك من جهة ارتفاع مستوى المعيشة في المدينة دون القرية من ناحية، ومن جهة وجود النقد أكثر في المدينة مما يجعله أكثر ابتذالاً، وبالعكس من ذلك القرية.
10 ـ التحرك الاجتماعي في المدينة عمودياً وأفقياً، حيث مختلف المؤسسات، ومتفاوت الدرجات، فيتمكن الإنسان أن ينتقل من وظيفة إلى وظيفة، كما يتمكن أن يصعد من مرتبة نازلة إلى مرتبة رفيعة، وأحياناً بالعكس وليس كذلك القرية، ولذا يكون هناك الجمود.
11 ـ أخطار المدينة أكثر من حيث السرقة، والسطو، والاختطاف، والدهس وغيرها، حيث كثرة السيارات، وتنوع الناس، وإمكانية المفسد من الاختفاء، في بحر الناس بخلاف القرية في كل ذلك.
12 ـ كثرة الفساد في الـمديــنــة من زنا ولـــواط واستعمال المخدرات ونـــحوها بخلاف القرية،.....
13 ـ زيادة الحر والبرد في القرية لقلة العائق لهما من الأبنية والعمارات بخلاف المدينة لكثرة العائق، ولذا يمكن الاستفادة من الطبيعة أكثر من القرية من المدينة.
14 ـ تشتد النزاعات القومية والطائفية والعرقية وغيرها في القرية دون المدينة، وذلك لأن المدينة بحضارتها الكثيرة ترقق من المشاعر وتعطي رؤية أوسع، بخلاف القرية في ذلك.
15 ـ تجعل القرية أفرادها أبعد عن عين الحكومة ومتناولها، حيث تضعف أجهزة الحكومة في القرية، وحيــــث القرابة والصداقة الشديدة في القـــرية، مما يستر بعضهم على بعض، وليس كذلك المدينة، ولذا تشد القرية من إزر التنظيمات المناوئة للحكومة…
ولا يخفى أنه تختلف المدن والقرى الساحلية، والجبلية، والغابية، والسطحية في بعض تلك الجهات، كما أن حركة التهريب في الساحلية، والحرب في الجبلية والغابية، وغيرهما تختلف اختلافاً كبيراً، كما أن المدن الصناعية تختلف عن غيرها من بعض الحيثيات المتقدمة، وكذلك بالنسبة إلى القرية." .
( منقول من دون تدخل).
*د يحيى
14 - أغسطس - 2010
التوصيف القرآني لمجتمعات القرية والمدينة    ( من قبل 9 أعضاء )    قيّم
 
 
 
 
                             التوصيف القرآني لمجتمعات القرية والمدينة

                              الدكتور وليد أحمد السيد

معماري وأكاديمي ومدير مركز دراسات العمارة الإسلامية بلندن

" من الملاحظ أن العمارة ومتعلقاتها الحضرية والإجتماعية قد ورد ذكرها في القرآن الكريم بدلالات وإشارات بعضها صريح مباشر وبعضها الآخر ضمني. ففي الإطار الأول وضمن العمارة الدينية ورد ذكر المسجد الحرام في مواضع متعددة منها في سورة الاسراء {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله}. وورد ذكر العمارة السكنية في مواضع عديدة منها ما يخص الانسان ومنها ما يخص المخلوقات الاخرى. ففي سورة النحل قوله تعالى {والله جعل لكم من بيوتكم سكنا}، وفي سورة النمل { قالت نملة يا أيها النمل أدخلوا مساكنكم } - النمل، بالاضافة الى ذكرالمسجد والصوامع والجنة والسد في قصة ذي القرنين، أو السلم أو الصرح (قيل أدخلي الصرح) - النمل، في قصة بلقيس ملكة سبأ، أو البروج أو المدخل {إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر}- القمر، أو السرادق أو الغرفات { في الغرفات آمنون} - سبأ، أو {لنبوئنهم من الجنة غرفا } - العنكبوت، أو قصة ثمود الذين جابوا الصخر بالواد، أو الاشارة الى عظم مدنية ثمود وعاد التي لم يخلق مثلها في البلاد مما يدل على علو شأو مدنيتهم وعمارتهم. ولكن ما يلاحظ هو دقة ألفاظ القرآن الكريم في التمييز بين كلمة (مدينة) وبين كلمة (قرية)، اذ تمت الإشارة الى لفظة (قرية) مثل قوله تعالى {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} - الزخرف، أو في قصة موسى والخضرعليهما السلام {فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما} الكهف، وفي آية لاحقة من سورة الكهف {وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة}. أو قوله تعالى {قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل ساحر عليم} – الاعراف. أو لفظة أم القرى بالاشارة الى مكة المكرمة في قوله تعالى {وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها} الانعام. جميع هذه الاشارات واستعمال الالفاظ المتعددة بين قرية ومدينة لها مدلولات ومعان دقيقة، فما هي الحكاية؟ وما هو الفرق بين اللفظتين، وماذا يعني ذلك من ناحية حضرية تخطيطية عدا عن الجوانب الاجتماعية؟
بداية من المهم الإشارة الى أن لفظة قرية الواردة في القرآن الكريم لا تعني البتة مفهوم القرية الريفي الذي نعرفه اليوم، بل إن الدلائل والمعاني تدل على المدنية ووجود المجتمع الذي يشكل المدينة بحسب تعريفاتها في التخطيط الحضري اليوم من حيث وجودُ كيان اجتماعي واقتصادي تجاري وهيكل نظام حكم سياسي الى غيره مما يقيم أود المجتمع المتحضر، وهذه مما وردت في أكثر من موضع تاريخيا اذ توفرت هذه العناصر جميعا. فلا فرق بين المدينة وبين القرية من ناحية حضرية وبحسب التعبير القرآني, فقد أطلق القرآن الكريم على مكة المكرمة لفظة أم القرى, وهي في ذلك الوقت قمة الرقي والتمدن فيما حولها من المدن والحواضر وكانت عاصمة التجارة والسياحة الموسمية (الحج بمعنييه في الجاهلية وفي الإسلام) والأدب (سوق عكاظ). ولكن يبدو أننا في العصر الحديث أطلقنا اصطلاحات وتعريفات للتجمعات العمرانية بناء على أسس بيئية عمرانية محضة تم على أساسها التفريق بين البيئة الحضرية (كما في المدينة) وبين البيئة الريفية (كما في القرية) تبعا لمقومات حسية وديموغرافية واقتصادية وسياسية منها العمل والتعداد السكاني وتوفر وسائل المواصلات والرفاهية والتكنولوجيا ومقر الحكم وغيرها. وفي الحقيقة فاللفظ القرآني يفرق بين الإصطلاحين لا من إعتبارات بيئية أو حضرية إنما من نواحي أخرى. وهنا يتردد التساؤل: لماذا وكيف فرق اللفظ القرآني الكريم بين اللفظتين؟
لعل من أبرز التعاريف والتفاسير التي تجلب الانتباه وبخاصة ما ورد في سورة الكهف في استعمال اللفظتين، هو التفريق بين (الطبيعة المجتمعية) لسكان القرية والمدينة. ففي حين أن اللفظتين قد اطلقتا على نفس المكان في قصة موسى والخضر عليهما السلام، في قوله في الآية الاولى { فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما} الكهف، فقد اطلقت لفظة المدينة على نفس المكان في معرض تفسير الخضر لأعماله العجيبة مع موسى عليهما السلام. والتفسير لذلك أنهما حينما قدما على المكان توسما الخير في أهل المكان (القرية), واللفظة مشتقة من القرى (بكسر القاف) وتعني إطعام الضيف, فطلبوا الطعام فلم يطعموهما ولذلك حينما أورد الخضر لموسى عليهما السلام ما جرى في المكان باقامته الجدار في القرية التي أبى أهلها أن يطعموهما، فسر له الخضر أن الجدار كان لغلامين يتيمين, واستعمل هنا كلمة (المدينة) ولم يستعمل التعبير القرآني لفظة (قرية) في المرة الثانية. ففي المرة الأولى استعمل الوصف القرآني لفظة (القرية) حينما توسم الخضر وموسى الخير في المكان وأهله في إقراء الضيف أي إطعامه, واستعمل مرة أخرى لفظة (المدينة) لنفس المكان حين أبى أهلها أن يطعموهما, وفي هذا دلالة على طبائع وخصائص المجتمع في المكانين وليس توصيفا للمكانين أو تمييزا لهما من ناحية حضرية أبدا. أما في القرية – وبحسب التوصيف القرآني- فيبدو أن الطباع والعادات والتقاليد الاصيلة هي التي تسود بخلاف ما يترتب على تغيير هذه العادات والطباع الاصيلة في المدينة التي ينحو أهلها ناحية الإنعزالية والأنانية تجاه الغرباء من ناحية، وتجاه جيرانهم من ناحية ثانية. فبالمقارنة بين المجتمعين - مجتمع القرية ومجتمع المدينة الحضري بالمفهوم الذي نعرفه اليوم - يسهل تبين مجموعة من الخصائص المتباينة التي قد يبدو أنها انعكاس لتحورات أساسية بين المجتمعين في المكانين وفي البنية التركيبية للبيئات المختلفة من اجتماعية واقتصادية ودينية وغيرها. فمثلا يعرف أهل القرية, بصرف النظر عن نسبية حجمها مقارنة بتعداد سكانها أو بتوافر وسائل الإتصالات والمواصلات الحديثة, بعضهم بعضا وفي الغالب تسود العلاقات الاجتماعية الوطيدة والحميمة، فيما تفتقد هذه العلاقات في مجتمع المدينة, التي تعكس المدنية والتمدن بصرف النظر عن نسبية حجمها وتوفر وسائل الإتصالات والمواصلات التي تقرب البعيد, وتضمحل رويدا رويدا في المدينة ليس فقط بين الجيران وانما بين الأرحام والأقارب في بعض الأحيان. وفيما تسود عادات الطيبة والكرم مجتمع القرية وتعد من الشهامة والعادات المحبذة مثل إطعام الضيف ومساعدة الغرباء وعابري السبيل، تجد أن هذه المفاهيم قد أعيدت تركيبتها في مجتمع المدنية والتمدن بطريقة مختلفة تماما. فالتعامل مع الغرباء محدود ومكروه، بل إن المدينة قد تسببت في خلق عادات أنانية وبرزت فكرة (لا يخصني) بحيث أن احدهم اذا سقط في الشارع العام وبحاجة للمساعدة قد لا يجد الكثير ممن يستوقفه هذا المشهد ويهب للمساعدة، بخلاف مجتمع القرية الذي لا يستوقفه هذا المشهد طويلا بل يجد المحتاج من الغرباء يد العون رغم شح الموارد وقلة ذات اليد في بعض الاحايين. والأمثلة على ذلك من وقائع الحياة العملية لا تعد ولا تحصى, فمثلا أذكر أنني اثناء سفرة لزيارة الاهرامات بمصر قبل عقد من الزمن وأثناء التجول بالموقع حيث السياح والزائرين ممن يركب بعضهم الخيل والجمال للتجول بالمكان، سقط أحدهم عن ظهر الحصان الذي جنح وولى بعيدا بعد أن أسقط حمله، ولسوء حظ الرجل المسكين فقد سقط على أرض صخرية وأغشي عليه والدماء تسيل من رأسه، واذ سارعت إليه تناهى الى سمعي جملة أحد الاصدقاء الذين معي: لا يخصنا، لنبتعد عن هنا! وفي المقابل أذكر أنني ومع زملاء الدراسة في أواخر الثمانينيات قمنا بزيارة لمنطقة عراق الامير, وأثناء التجوال تمكن منا العطش فطلبنا شربة ماء من سيدة طيبة مسنة فحصلنا على شربة ماء وبعضا من خبز الطابون ودعوة صادقة لتناول الغداء, بيد أن البحث وضيق الوقت حال دون تلبية الدعوة التي قابلناها بالشكر الجزيل. هاتان صورتان متغايرتان من مجتمعي القرية والمدينة, يبدو للرائي فيما يبدو أنهما انعكاس مباشر لخصائص المكان, فهل هذه هي الحقيقة؟ وهل البيئة المكانية هي التي تحدد خصائص السكان أم أنهم مسؤولين مسؤولية مباشرة عن الموروث من العادات الإجتماعية والأعراف والممارسات اليومية التي تتحور مع الزمن إن لم يتعهدها أهلها بالرعاية؟
وفي الحقيقة تبدو جملة (لا يخصني) هي عنوان الحياة الاجتماعية في المدينة بمفهومنا الحديث لها وفي غالب الأحيان. وقد يجد لها البعض تبريرا من حيث تجنب الدخول في المتاعب أو ربما لطبيعة الحياة المصلحية التي فرضتها المدينة وتبعاتها من ماديات طاحنة. فبمقارنة البساطة التي يعتادها القاطنون في مجتمع القرية من ناحية المتطلبات المادية، تجد ان سكان المدينة يركضون في كل الاتجاهات سعيا وراء لقمة العيش لتلبية الاحتياجات المادية المتزايدة، والتساؤل هو: هل ينبغي للمكان الحضري الذي اصطلحنا على تسميته بالمدينة بالضرورة أن تفرض مثل هذا النمط الأناني والجشع على ساكنيها أم أن الساكنين هم الذين فرضوا طبيعتهم في المدينة؟ وبكلمات أخرى، هل تبعات متطلبات العيش في المدينة هي التي تولد الخصائص السلبية في المجتمع كالأنانية والتقوقع أم أن العكس هو الصحيح, وأنها نتاج الجشع والسعي المتزايد نحو المزيد؟ وهل الموقع الجغرافي للمكان الحضري على ضفاف الأنهار وشواطئ البحار وخطوط التجارة والسياحة هو الذي يقولب سلوكيات السكان أم أن لهم إرادة سلوكية تظل مناط التكليف والمحاسبة, إذ أن كل نفس بما كسبت رهينة؟ ولماذا تختلف طبيعة المجتمعات بين المدن الحديثة المختلفة؟ فهذا مجتمع منفتح على الإغراب ومضياف, وذاك منغلق لا يكاد يرد السلام على طارحه؟
نترك الاجابة والتفكير مليا بهذا التساؤل للقارئ الكريم ،إنما يهمنا أن القرآن الكريم قد قرر في توصيفه للإختلاف بين المجتمعين أن الفرق يكمن في التركيبات الإجتماعية والتدرج الهرمي التكويني بين المجتمعين, ففي القرية تقوى الروابط الإجتماعية في مقابل تراخيها في المدينة لإعتبارات العمل والمال والمصالح, وربما الموروث الإجتماعي للخلف من السلف على القاعدة التكاسلية "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم لمقتدون" والتي كرست العادات الخبيثة في المجتمعات وكانت سببا مباشرا في تقويض المدنيات والحضارات وإهلاك الأمم. ويبدو أن الالفاظ القرآنية قد حسمت القضية، فبالنظر الى التعبيرات القرآنية المختلفة، يتبين انه حيثما وردت لفظة (قرية) تجد الخير أو النزعة نحو الخير، ولذلك وصفت مكة في القرآن الكريم بأم القرى. أما المتأمل في لفظة (مدينة) في القرآن الكريم فيجد أنها تدل على تغير الطبيعة المجتمعية وظهور الصفات المتحورة التي غالبا ما تنزع نحوالدنيا وتبتعد عن الخيرية. فمثلا لم يستعمل التعبير القرآني لفظة (القرى) في قصة سحرة موسى إنما كان التعبير المستعمل هو (المدائن) جمع مدينة (وأرسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل ساحر عليم). ومن هنا تدل الالفاظ, في جملة ما تدل عليه, على نوعية المهن التي تتطلبها طبيعة العيش في المدينة والتي تخلو منها القرية, فالسحرة هم من أهل المدائن بالتوصيف القرآني. وفي المجتمعات الحديثة وبالذات المجتمعات الحضرية الحديثة تعاني المدينة من ظهور الحرف التي لم تعهدها البشرية في تاريخها الطويل، إذ تظهر الحرف التي تعتمد النصب للحصول على لقمة العيش دون بذل ادنى مجهود، وتعلو نسب الجريمة والسرقة والسطو، وهي من آفات البيئة الحضرية الحديثة. ونطرح التساؤل للقارئ الكريم مجددا، أهي المدينة أم سكانها؟
( منقول من غير إصلاح الكتابة).


 
*د يحيى
14 - أغسطس - 2010
وجوب غض الصوت عند رسول الله حياً وميتاً    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم
 
غض الصوت :
" إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ" {49/3}
" قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ } أي يخفِضون أصواتهم عنده إذا تكلموا إجلالاً له، أو كلموا غيره بين يديه إجلالاً له. قال أبو هريرة: لما نزلت { لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ } قال أبو بكر رضي الله عنه: والله لا أرفع صوتي إلا كأخي السِّرَار. وذكر سنيد قال: حدثنا عباد بن العوام عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة قال: لما نزلت: { لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } قال أبو بكر: والذي بعثك بالحق لا أكلمك بعد هذا إلا كأخي السِّرار. وقال عبد الله بن الزبير: لما نزلت:
 { لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ } ما حدث عمر عند النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فسمع كلامه حتى يستفهمه مما يخفض؛ فنزلت: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱمْتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ }. قال الفراء: أي أخلصها للتقوى. وقال الأخفش: أي اختصها للتَّقْوَى. وقال ابن عباس: «ٱمْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى» طهّرهم من كل قبيح، وجعل في قلوبهم الخوف من الله والتقوى. وقال عمر رضي الله عنه: أذهب عن قلوبهم الشهوات. والامتحان افتعال من مَحَنْتُ الأدِيمَ مَحْناً حتى أوسعته. فمعنى ٱمتحن الله قلوبهم للتقوى وسّعها وشرحها للتقوى. وعلى الأقوال المتقدمة: امتحن قلوبهم فأخلصها؛ كقولك: امتحنت الفضة أي اختبرتها حتى خلصت. ففي الكلام حذف يدل عليه الكلام، وهو الإخلاص. وقال أبو عمرو: كل شيء جَهَدته فقد محنته. وأنشد:
أتت رذايَا بادِياً كَلالها
   
قد محنت واضطربت آطالها
{ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ }." ( القرطبي).
*د يحيى
14 - أغسطس - 2010
متعتك ومتعة زوجك الصلاة ؛ إذ الراحة بها واللهِ.    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم
 
" وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى" {طه20/132}
"ذِكر الأهل هنا مقابل لذِكر الأزواج في قوله:إلى ما متعنا به أزواجاً منهم }
[طه: 131] فإن من أهل الرجل أزواجَه، أي مِتْعَتُك ومتعةُ أهلك الصلاةُ فلا تلفتوا إلى زَخَارف الدنيا. وأهل الرجل يكونون أمثل من ينتمون إليه.
ومن آثار العمل بهذه الآية في السنّة ما في «صحيح البخاري»:
" أن فاطمة،رضي الله عنها، بلغها أن سبياً جيء به إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فأتت تشتكي إليه ما تلقى من الرحى تسأله خادماً من السبي فلم تجده. فأخبرت عائشةُ بذلك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فجاءَها النبي، صلى الله عليه وسلم ، وقد أخذت وعليّ مضجعَهما فجلس في جانب الفراش وقال لها ولِعَليّ: «ألا أُخبِركُما بخير لكما مما سألتما تسبّحان وتحمدان وتكبران دُبر كلّ صلاة ثلاثاً وثلاثين فذلك خير لكما من خادم» " . وأمَر الله رسوله بما هو أعظم مما يأمر به أهله وهو أن يصْطبر على
الصلاة. والاصطبار: الانحباس، مطاوع صبره، إذا حبسه، وهو مستعمل مجازاً في إكثاره من الصلاة في النوافل." ( ابن عاشور).
" وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِإِقَامَةِ الصَّلاَةِ فِي أَوْقَاتِهَا، لِتُنْقِذَهُمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ، وَاصْبِرْ أَنْتَ عَلَيْهَا وَأَدِّها كَامِلَةً حَقَّ أَدَائِها، فَالوَعْظُ بِالفِعْلِ أَشَدُّ أَثَراً مِنْهُ بِالقَوْلِ. وَإِذَا أَقَمْتَ الصَّلاَةَ أَتَاكَ الرِّزْقُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَحْتَسِبُ، وَلَمْ تُكَلّفْ أَنْتَ رِزْقَ نَفْسِكَ. وَكَانَ الأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ إِذَا نَزَلَ بِهِمْ أَمْرٌ فَزِعُوا إِلَى الصَّلاَةِ. وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ القُدُسِيِّ: " يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أمَلأْ صَدْرَكَ غِنًى، وَأَسُدَّ فَقْرَكَ. وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ مَلأْتُ صَدْرَكَ شُغْلاً، وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ " (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ). وَإِنَّ حُسْنَ العَاقِبَةِ - وَهِيَ هُنَا الجَنَّةُ - سَتَكُونُ جَزَاءً لِمَنِ اتَّقَى رَبَّهُ وَأَطَاعَهُ"
( أيسر التفاسير/ أسعد حومد).
* " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم66/6}
" ... وقد ثبت في " صحيح مسلم " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل " وذكر تمام الحديث، فدل على صحة ما قلناه. وقوله: { وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِٱلصَّـلَوٰةِ وَٱلزَّكَـوٰةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً } هذا أيضاً من الثناء الجميل والصفة الحميدة، والخلة السديدة، حيث كان مثابراً على طاعة ربه عز وجل، آمراً بها لأهله، كما قال تعالى لرسوله:وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا }[طـه: 132] الآية، وقال:يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }[التحريم: 6] أي: مروهم بالمعروف، وانهوهم عن المنكر، ولا تدعوهم هملاً؛ فتأكلهم النار يوم القيامة، وقد جاء في الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء. رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء " أخرجه أبو داود وابن ماجه. وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا استيقظ الرجل من الليل، وأيقظ امرأته، فصليا ركعتين، كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات " ، رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، واللفظ له."( ابن كثير).
*د يحيى
14 - أغسطس - 2010
أم القرى : مكة ، و مَن حولها : سكان العالم.    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم
 
رسالة عالمية :
" وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ {الشورى42/7}
" يقول تعالى: وكما أوحينا إلى الأنبياء قبلك، { أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْءَاناً عَرَبِيّاً } أي: واضحاً جلياً بيناً { لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ } وهي مكة { وَمَنْ حَوْلَهَا } أي: من سائر البلاد شرقاً وغرباً، وسميت مكة أم القرى؛ لأنها أشرف من سائر البلاد؛ لأدلة كثيرة مذكورة في مواضعها، ومن أوجز ذلك وأدله ما قال الإمام أحمد: حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب عن الزهري، حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن قال: إن عبد الله بن عدي بن الحمراء الزهري أخبره: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، وهو واقف بالحزورة في سوق مكة: " والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت " هكذا رواية الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث الزهري به، وقال الترمذي: حسن صحيح. وقوله عز وجل:
 { وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ } وهو يوم القيامة، يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد. وقوله تعالى: { لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي: لا شك في وقوعه، وأنه كائن لا محالة، وقوله جل وعلا: { فَرِيقٌ فِى ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِى ٱلسَّعِيرِ } كقوله تعالى:يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ }[التغابن: 9] أي: يغبن أهل الجنة أهل النار، وكقوله عز وجل:إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ ٱلأَخِرَةِ ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِىٌّ وَسَعِيدٌ }[هود:103 / 105] قال الإمام أحمد: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا ليث، حدثني أبو قبيل المعافري عن شفي الأصبحي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان، فقال: " أتدرون ما هذان الكتابان؟ " قلنا: لا، إلا أن تخبرنا يا رسول الله قال صلى الله عليه وسلم للذي في يمينه: " هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم وقبائلهم، - ثم أجمل على آخرهم -، لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبداً " ثم قال صلى الله عليه وسلم للذي في يساره: " هذا كتاب أهل النار بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم، لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبداً " فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأي شيء نعمل إن كان هذا الأمر قد فرغ منه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سددوا وقاربوا؛ فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة، وإن عمل أي عمل، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار، وإن عمل أي عمل " ثم قال صلى الله عليه وسلم بيده فقبضها، ثم قال: " فرغ ربكم عز وجل من العباد ، ثم قال باليمنى فنبذ بها فقال : فريق في الجنة ، ونبذ باليسرى وقال : فريق في السعير " وهكذا رواه الترمذي والنَّسائي جميعاً عن قتيبة عن الليث بن سعد وبكر بن مضر، كلاهما عن أبي قبيل عن شفي بن ماتع الأصبحي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما به، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، وساقه البغوي في تفسيره من طريق بشر بن بكر عن سعيد بن عثمان عن أبي الزاهرية عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بنحوه، وعنده زيادات منها: ثم قال: " فريق في الجنة وفريق في السعير عدل من الله عز وجل " ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن عبد الله بن صالح كاتب الليث عن الليث به، ورواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن أبي قبيل عن شفي عن رجل من الصحابة رضي الله عنهم، فذكره.
ثم روي عن يونس عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث وحيوة بن شريح عن يحيى بن أبي أسيد: أن أبا فراس حدثه: أنه سمع عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يقول: إن الله تعالى لما خلق آدم نفضه نفض المزود، وأخرج منه كل ذريته، فخرج أمثال النغف، فقبضهم قبضتين، ثم قال: شقي وسعيد، ثم ألقاهما، ثم قبضهما، فقال: فريق في الجنة، وفريق في السعير. وهذا الموقوف أشبه بالصواب، والله سبحانه وتعالى أعلم. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد، يعني: ابن سلمة، أخبرنا الجريري عن أبي نضرة قال: إن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له أبو عبد الله دخل عليه أصحابه، يعني: يزورونه، فوجدوه يبكي، فقالوا له: ما يبكيك؟ ألم يقل لك رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ من شاربك ثم أقره حتى تلقاني، قال: بلى، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن الله تعالى قبض بيمينه قبضة، وأخرى باليد الأخرى، قال: هذه لهذه، وهذه لهذه، ولا أبالي " فلا أدري في أي القبضتين أنا؟ وأحاديث القدر في الصحاح والسنن والمسانيد كثيرة جداً، منها حديث علي وابن مسعود وعائشة وجماعة جمة رضي الله عنهم أجمعين. وقوله تبارك وتعالى: { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَٰحِدَةً } أي: إما على الهداية، أو على الضلالة، ولكنه تعالى فاوت بينهم، فهدى من يشاء إلى الحق، وأضل من يشاء عنه، وله الحكمة والحجة البالغة، ولهذا قال عز وجل:
 { وَلَـٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِى رَحْمَتِهِ وَٱلظَّـٰلِمُونَ مَا لَهُمْ مِّن وَلِىٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }.
وقال ابن جرير حدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي سويد: أنه حدثه عن ابن حجيرة أنه بلغه: أن موسى عليه الصلاة والسلام قال: يا رب خلقك الذين خلقتهم جعلت منهم فريقاً في الجنة، وفريقاً في النار، لو ما أدخلتهم كلهم الجنة، فقال: يا موسى ارفع درعك، فرفع، قال: قد رفعت، قال: ارفع، فرفع، فلم يترك شيئاً، قال: يا رب قد رفعت، قال: ارفع، قال: قد رفعت، إلا ما لا خير فيه، قال: كذلك أدخل خلقي كلهم الجنة، إلا ما لا خير فيه." ( ابن كثير).
 
* " هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ" {57/9}
" يقول تعالى ذكره: الله الذي ينزّل على عبده محمد { آياتٍ بَيِّناتٍ } يعني مفصَّلات
{ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ } يقول جلّ ثناؤه: ليخرجكم أيها الناس من ظُلمة الكفر إلى نور الإيمان، ومن الضلالة إلى الهُدى. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ } قال: من الضلالة إلى الهدى.
وقوله: { وَإنَّ اللّهَ بِكم لَرَءوفٌ رَحِيمٌ } يقول تعالى ذكره: وإن الله بإنزاله على عبده ما أنزل عليه من الآيات البيِّنات لهدايتكم، وتبصيركم الرشاد، لذو رأفة بكم ورحمة، فمن رأفته ورحمته بكم فعل ذلك"  (الطبري).
" قوله تعالى: { هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } يريد القرآن. وقيل: المعجزات؛ أي لزمكم الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ لما معه من المعجزات، والقرآنُ أكبرها وأعظمها. { لِّيُخْرِجَكُمْ } أي بالقرآن. وقيل: بالرسول. وقيل: بالدعوة. { مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ } وهو الشرك والكفر { إِلَى ٱلنُّورِ } وهو الإيمان. { وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ }." ( القرطبي).
*د يحيى
14 - أغسطس - 2010
 1  2  3  4  5