 | صفحتان ونصف الصفحة كن أول من يقيّم
.
وأشكر ابنتى بسمة المحامية.. لكتابة هذه السطور، التى تتجاوز صفحتين من ..مفهوم النص ..طبعة 1990م -ص29،28،27الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر . "إن النص فى حقيقته وجوهره منتج ثقافى .والمقصود بذلك أنه تشكل فى الواقع والثقافة خلال فترة تزيد عن العشرين عاماً،واذا كانت هذه الحقيقة تبدو بديهية ومتفقا عليها. فأن الإيمان بوجود ميتافيزيقى سابق للنص يعود لكى يطمس هذه الحقيقة البديهية ويعكر_من ثم_إمكانية الفهم العلمى لظاهرة النص.
أن الايمان بالمصدر الإلهى للنص, ومن ثم لامكانية أى وجود سابق لوجوده العينى فى الواقع والثقافة,أمر لايتعارض مع تحليل النص من خلال فهم الثقافة التى ينتمى اليها. ولنقل بعبارة أخرى أن الله سبحانه وتعالى حين أوحى للرسول(صلى الله علية وسلم)بالقرآن اختار النظام اللغوى الخاص بالمستقبل الأول. وليس اختيار اللغة اختياراً لوعاء فارغ وإن كان هذا مايؤكده الخطاب الدينى المعاصر, ذلك أن اللغة أهم أدوات الجماعة فى ادراك العالم وتنظيمه. وعلى ذلك لايمكن أن نتحدث عن لغة مفارقة للثقافة والواقع, ولايمكن من ثم أن نتحدث عن نص مفارق للثقافة والواقع أيضا مادام أنه نص داخل اطار النظام اللغوى للثقافة. ان ألوهية مصدر النص لاتنفى واقعية محتواه ولاتنفى من ثم انتماءه إلى ثقافة البشر.
إن القرآن يصف نفسه بأنه رسالة, والرسالة تمثل علاقة اتصال بين مرسل ومستقبل من خلال شفرة, أو نظام لغوى. ولما كان المرسل فى حالة القرآن لايمكن أن يكون موضوعا للدرس العلمى, فمن الطبيعى أن يكون المدخل العلمى لدرس النص القرآنى مدخل الواقع والثقافة, الواقع الذى ينتظم حركة البشر المخاطبين بالنص وينتظم المستقبل الأول للنص وهو الرسول, والثقافة التى تتجسد فى اللغة. بهذا المعنى يكون البدء فى دراسة النص بالثقافة والواقع بمثابة بدء بالحقائق الامبريقية, ومن تحليل هذه الحقائق يمكن أن نصل الى فهم علمى لظاهرة النص. ان القول بأن النص منتج ثقافى يكون فى هذه الحالة قضية بديهية لاتحتاج لاثبات. ومع ذلك فان هذه القضية تحتاج فى ثقافتنا الى تأكيد متواصل نأمل أن تقوم به هذه الدراسة.
لكن القول بأن النص منتج ثقافى يمثل بالنسة للقرآن مرحلة التكون والاكتمال, وهى مرحلة صار النص بعدها منتجا للثقافة, بمعنى أنه صار هو النص المهيمن المسيطر الذى تقاس عليه النصوص الأخرى وتتحدد به مشروعيتها. ان الفارق بين المرحلتين فى تاريخ النص هو الفارق بين استمداده من الثقافة وتعبيره عنها وبين امداده للثقافة وتغييره لها. ولكن علينا دائما أن نكون على وعى بأن القول بوجود مرحلتين فى تاريخ النص لايعنى أنهما مرحلتان متقابلتان متعارضتان, فالنص فى مرحلته الأولى_ فى تعبيره عن الثقافة_ لم يكن مجرد حامل سلبى لها, فقد كانت له فعاليته الخاصة_ بوصفه نصا _ فى تجسيد الثقافة والواقع, وهى فعالية لاتعكسهما عكسا آليا, بل تجسدهما تجسيدا بنائيا, أى تجسيدا يعيد بناء معطياتهما فى نسق جديد. وفى المرحلة الثانية ليس المقصود بأن النص منتج للثقافة تحويل الثقافة الى صدى سلبى للنص, فللثقافة أيضا آلياتها الخاصة فى التعامل مع النص وذلك باعادة قراءته وتأويله.
ان العلاقة بين النص والثقافة علاقة جدلية معقدة تتجاوز كل الأطروحات الأيديولوجية فى ثقافتنا المعاصرة عن النص. ومن أجل الكشف عن بعض جوانب هذا التداخل العلاقى بين النص والثقافة تعتمد هذه الدراسة بصفة أساسية المدخل اللغوى. ولما كانت اللغة نظاما للعلامات,فانها بالضرورة نظام يعيد تقديم العالم بشكل رمزى, انها وسيط من خلاله يتحول العالم المادى والأفكار الذهنية الى رموز. والنصوص اللغوية ليست الا طرائق لتمثيل الواقع والكشف عنه بفعالية خاصة, لكن للغة وظيفة أخرى الى جانب وظيفتها العامة السابقة, تلك هى وظيفتها الاتصالية التى تفترض علاقة بين متكلم ومخاطب وبين مرسل ومستقبل. واذا كانت الوظيفة الاعلامية الاتصالية للغة لاتنفصل عن طبيعتها الرمزية فان وظيفة النص فى الثقافة_ وهى وظيفة اعلامية بوصف النص رسالة كما سبقت الاشارة_ لاتنفصل كذلك عن النظام اللغوى الذى ينتمى اليه, ومن ثم لاتنفصل عن مجال الثقافة والواقع.
ان اختيار منهج التحليل اللغوى فى فهم النص والوصول الى مفهوم عنه ليس اختيارا عشوائيا نابعا من التردد بين مناهج عديدة متاحة, بل الأحرى القول انه المنهج الوحيد الممكن من حيث تلاؤمه مع موضوع الدرس ومادته. ان موضوع الدرس هو ( الاسلام), ولاخلاف بين علماء الأمة على خلاف مناهجهم واتجاهاتهم قديما وحديثا ،أن الاسلام يقوم على أصلين هما ( القرآن) و( الحديث) النبوى الصحيح. هذه حقيقة لايمكن التشكيك فى سلامتها. الحقيقة الثانية التى لايمكن التشكيك فى سلامتها كذلك أن هذه النصوص لم تلق كاملة ونهائية فى لحظة واحدة, بل هى نصوص لغوية تشكلت خلال فترة زادت على العشرين عاما. وحين نقول (تشكلت) فأننا نقصد وجودها المتعين فى الواقع والثقافة بقطع النظر عن أى وجود سابق لهما فى العلم الالهى أو فى اللوح المحفوظ." | *عبدالرؤوف النويهى | 3 - سبتمبر - 2010 |
 | يحلّق عند الغروب: موجز القول في محمد عابد الجابري كن أول من يقيّم
** ورحم الله نصرا حامد أبوزيد ، ومحمدا عابد الجابري ** .. " وعواشر مبروكة الأستاذ النويهي والأخت الكريمة أ. بسمــة ".. ***************************************************************** عزمي بشارة* في مقدمة كتابه «أسس فلسفة القانون»، كتب جورج فلهلم فريدريك هيغل يقول: «حين تباشر الفلسفة الرسم باللون الرمادي، فما ذلك إلا إشارة إلى أن تكوينًا معينًا للحياة بات مسنًّا عاجزًا، ولا يعيد الرمادي لهذا التكوين شبابَه بل وعيَه: فبومُ المنيرفا (أي طائر الحكمة) يبدأ تحليقه مع ضوء الغروب الخافت». ليس هذا التصوير الهيغلي السوداوي لانطلاق طائر الحكمة ساعة الغسق، وصفًا متشائمًا للفلسفة، بل هو وصف واثق، قانع، مكتف بالفلسفة كتجلٍّ لتاريخ الحقيقة وتاريخيتها، وكتلخيص لروح العصر وأسئلته الفكرية. الفلسفة حكمة «ما بعد»، وليست نبوءة «ما قبل». تبقى الإفادة منها «ما بعد» في ما تجده فيها الأجيال اللاحقة كي تبني عليه. فهي تتحقّقُ في إدراك الوعي لتاريخه. وإذا سمح لنا الغروب بتوسيع نطاق استعارته لقلنا إن فلسفةَ مرحلةٍ تنطلق مع أفول تلك المرحلة. هكذا ازدهرت حين بدأ الانحطاط في التاريخ العربي الفعلي، وتوحّدت الفلسفة حيث تفرّق التاريخ، ووصلت قمّتها في ابن رشد. لقد ازدهرت الثقافة الأندلسية في مرحلة ملوك الطوائف، وكتب ابن رشد في نهايتها مع بزوغ أمل وحدوي، أمل المرابطين والموحّدين الذي انتهى إلى تشتت أدهى بانتقال شعلة الحضارة والمدنية إلى أوروبا أخرى. وبعد ابن رشد بثمانية قرون، وفي بداية انحطاط عصر الدولة القطرية العربية في نهاية مرحلة ما بعد الاستعمار المباشر لاحتْ معالم انتعاش فكر عربي نقدي. وتقاطعَ وتوحّدَ عند الجابري، ابنِ هذه الحقبة العربية الكبير وكاتبها، وحافظ مسائلها وأسئلتها وإشكالاتها. فمنذ عقود وهو يرسم بالرمادي. وعقله يحلِّق عند الغروب بصمت خافق حائزًا بجدارة لقب الفيلسوف. أبدع كل من الجابري وسلفه الكبير ومثاله ابن رشد على تخوم زمان دول الطوائف، على تخوم الخيبات التي سعيا ليحوِّلاها إلى مقدّمات لآمال جديدة. فهل ينجح مجتمع الجابري حيث أخفق مجتمع ابن رشد؟ يلخّص الجابري حاجتنا لابن رشد بجمل تصلح في وصف حاجتنا للجابري نفسه. إنها الحاجة «إلى روحه العلمية النقدية الاجتهادية، واتّساع أفقه المعرفي، وانفتاحه على الحقيقة أينما تبدّت له، وربطه بين العلم والفضيلة على مستوى الفكر ومستوى السلوك سواء بسواء». هل حاول أن يكون في حياته وفي إنتاجه العلمي تعبيرًا عن وعي غياب ابن رشد؟ من يعرف الجابري يعرف أنه لا يحاول أن يكون شيئًا، فهو يتصرّف على سجيّته كما هو. وفعلُ ربطِ المعرفة بالفضيلة كما يطرحه الجابري في وصف ابن رشد هو أهم ما يميّز تفاؤلية الأنوار والتنوير. يجوز التفاؤل بالرمادي في التنوير فقط. لأن التنوير يستند إلى ربط الفضيلة بالمعرفة، وربط الخير الاجتماعي والفردي بتبديد ما تعتبره فلسفة التنوير ظلماتِ الجهل. هل تؤدي المعرفة إلى الفضيلة؟ لا ندري، ما نعرفه قطعاً هو أن الجهل أسهل انقيادًا للرذيلة. يلحّ الجابري علينا بابن رشد لأنه برأيه «المدخل الضروري لكل تجديد في الثقافة العربية الإسلامية في داخلها»، ولأنه «أنموذج المثقف العربي المطلوب اليوم وغدًا، الذي يجمع بين استيعاب التراث وتمثل الفكر المعاصر والتشبّع بالروح النقدية، وبالفضيلة العلمية والخلقية». فأصبح الجابري مدخلاً ومدرسة في تجديد الثقافة العربية المعاصرة. ليس لأن كل ما يقوله صحيح، ولا لأن الحكمة اكتملت عنده ـــــ فهنالك ما يناقش ويجب أن يناقش عند الجابري (وتلح المهمة من جديد وخصوصاً بعد عمله الكبير الأخير في التعريف بالقرآن) ـــــ بل لأنه قام بمهمة لا يمكن، ولا يحق أصلاً، لأي كان، أن يضطلع بها. فمن خلال قراءته المتأنية والعالمة والنقدية للتراث بأجندة نقد الحاضر العربي، فتح الطريق لمثقفي اليوم والمستقبل للاستمرار، من نقطة انطلاق جديد، فقد علّمهم الجابري العربي السير في التراث كأنه امتداد للتاريخ والبلاد، للزمن والوطن، كأنه أرض حميمة. ولمن لا يملك الموهبة التي يملكها، وضع دليلاً وخريطة تجنِّبه التيه في مساحاته الشاسعة ومسالكه الوعرة، فبوّبه، ومَفْهَمه في مفاهيم، واصطلحه في مصطلحات، واستنبط منه أدوات معرِفية... وطرح قضايا العقل فيه، وولج إلى اللاشعور المعرفي كاشفًا أصنامه المعيقة للعقل. ووضع نقطة جديدة يمكن أن نبدأ من عندها. هل تبشّر نهايةُ مرحلةٍ بنهضة مرحلة أخرى أم بمنازعة طويلة مع الموت؟ هذا ما لا يقرّره الفلاسفة. يطرح الجابري الشروط المعرفية، لا الاقتصادية ولا الاجتماعية لنهضة قائمة على الوصل والفصل (والوصل شرط الفصل)، ولبزوغ عقلانية عائدة إلى التراث العقلاني لوصل ما انقطع فيكون ممكنًا بالوصل نفي ما كان نفيًا جدليًا في إطار التاريخ العربي. يشغله التحرر من ثنائيات الشورى والديموقراطية، والدين والدولة، والأصالة والمعاصرة، والحداثة والتراث. إنه يطرح لنا الإمكانية بعد دراسة معمّقة ومستفيضة لتاريخنا الفكري. ولكنه لا يحسم السؤال حول المستقبل، بل يشير لنا إلى الطريق. وهذه مهمته. وهو لا يستشرف الطريق في إشراقة ولمعة (لا عرفانًا ولا بيانًا بلغته)، بل يمشي خطواته المعرفية في بحث كرّس له حياته. لقد اكتفى منظّرو النهضة المبشّرون بها في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بطرح السؤال المفجوع، عن السبب في تقدّم أوروبا وتخلّف المسلمين، وازدهار الغرب وتردّي أحوال العرب. أما الجابري فتحرّر من فجيعة السؤال. تحرّر من الصدمة. وطرح السؤال من جديد على شكل أسئلة مصوغة عقلانياً، وبالتالي قابلة للفحص. لم يطرح سؤالاً مفجوعًا مصدومًا خائبًا، بل صاغ الأسئلة مشروعًا فكريًا. وانكبّ على معالجته. وهذا ما لم يفعله مفكّرو النهضة وإصلاحيوها. وبهذا فإن فكر الجابري ليس بداية ممكنة لنهضة جديدة، بل صياغة الأسئلة الحقيقية لأي نهضة عربية ممكنة. صاغها معرفيًا وإبستمولوجيًا وفلسفيًا. لم يطرح الجابري العودة إلى أصول الدين جوابًا، ولا محاكاة أوروبا. ولا الارتداد المتواتر عن هذه لتلك. والصيرورتان جاريتان لا تحتاجان إلى فيلسوف، بل طرح العودة لوصل ما انقطع من المشروع الفكري العربي منذ عصر التدوين، بتشخيص غير العقلاني في الأدوات المعرفية وتمييز العقلاني عنه، وبالبناء لعقلانية وحداثة عربية بلغة العرب وأدواتهم مستخدمًا في بحثه نفسه آخر أدوات الفلسفة والعلوم الاجتماعية من إنتاج الحداثة الأوروبية. هنا مفكر أصيل. من داخل التراث العربي نقد الجابري الأصنام، كما فعل فرانسيس بيكون في المنطق الجديد حين انتقد أصنام العقل البشري التي تمنع التعاطي العقلاني مع الدنيا. ولكن الجابري تعامل مع أصنام عينية تطورتْ تاريخيًا، هي جملة المفاهيم والإجراءات التي تكسب المعرفة بنيتها اللاشعورية الثقافية في خصوصية معيقات العقل العربي. وكان عمل الجابري الفلسفي هنا عملاً نقدياً بما في كلمة نقد من معنى. إنه نقد العقل العربي أي «نقد البنية الذهنية الثاوية في الثقافة العربية كما تشكّلت في عصر التدوين». يقول الجابري في الجزء الثالث من نقد العقل العربي، في كتابه عن العقل السياسي العربي: «كل كتابة في السياسة هي كتابة متحيّزة، ونحن متحيّزون للديموقراطية. والتحيّز للديموقراطية في الدراسات التراثية يمكن أن يتخذ أحد سبيلين: إما إبراز الوجوه المشرقة والتنويه بها والعمل على تلميعها بمختلف الوسائل... وإما تعرية الاستبداد بالكشف عن مرتكزاته الإيديولوجية (الاجتماعية واللاهوتية والفلسفية). وقد اخترنا هذا السبيل الأخير لأنه أكثر جدوى». ربط المعرفة بالفضيلة، كما يطرحه الجابري في وصف ابن رشد، هو أهم ما يميّز تفاؤلية الأنوار والتنوير
قبل أن يضطلع بهذه المهمة، فعل الجابري ما يفعله الناس؛ فنشط في النضال السياسي، ولم يترفع عن الحزبية، بل كان قياديًا حزبيًا، وكتب مشاريع سياسية حزبية استراتيجية لامعة، وأصدر العديد من الكتب الفكرية. يذكّرني هذا بصغار المترفعين عن الحزبية والسياسة من المثقفين الذين يبتعدون عن السياسة (إلا العمل في جهاز الدولة، فهو في عرفهم ليس سياسة) كإثبات على الفكر والعلم، وللتغطية على انعدام الفرادة والأهلية. وعمل الجابري ودرّس من أجل قوت يومه ولكي يساهم في بناء جيل من المثقفين، وأنشأ عائلة كريمة، وكتب في السياسة واهتم بقضايا العرب يوميًا، وتابع الأخبار والتطوّرات والأحداث، وكان له فيها رأي. ومنذ أن طرح الأسئلة الكبرى ووضع قدمه على الطريق بعد كتاب الفكر العربي المعاصر، كرّس نفسه لها كلياً. لم ينشغل الجابري بأمور خارج ما يمليه الواجب السياسي والاجتماعي، ليس لأنه زاهد متنسك، ولا لأنه مترفع عن أمور الدنيا، بل ببساطة لأنه لا يملك الوقت. لقد دافع عن وقته بصرامة وبسالة نحسده عليها. فالجابري أعقل من أن يكون مغرورًا، والغرور نوع من الغباء الذي يؤدي إلى ارتكاب حماقات فعلاً، أو يأتي للتغطية عليها. ولم يرغب في سلوكه أن تروى عنه طرائف. ولا كان لديه الوقت لاستعراض صورة المفكّر المشغول أو التائه أو الفوضوي أو ما ينتشر من صور عن المفكّرين من غرائبية أو فظاظة غير مبرّرة. لم يكن لديه وقت لهذه التفاهات، ولا للتطرّف الاستعراضي من أي نوع، فقد كان الجابري مثل كل الكبار إنسانًا عاديًا متواضعًا في حياته ومعاملاته. لم يصمّم أسطورة عن ذاته في حياته خلافًا لما يفعل بعض نجوم الشعر والفكر والأدب. لم يكن بحاجة إلى صورة المفكّر لأنه مفكّر فعلاً، ولا كان بحاجة إلى أن يثبت للقارئ شيئًا عن ذاته، بل كتب لكي يُقرَأ، وقد كان في غنى عن الادعاء لأنه حقيقي حقًا. (نص كلمة الدكتور عزمي بشارة في حفل تأبين أربعينيّة المفكر محمد عابد الجابري يوم 8 حزيران في الرباط، قاعة محمد الخامس) * مفكّر عربي عزمي بشارة*
| *abdelhafid | 6 - سبتمبر - 2010 |