البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : ساعة الفجر الحزينة    قيّم
التقييم :
( من قبل 12 أعضاء )

رأي الوراق :

 عبدالرؤوف النويهى 
6 - يوليو - 2010
وليهنأ الجبناء ..هكذا قالت لى نفسى ،لما آتانى الخبر الذى هزنى .
مات الدكتور نصر .
 
لم أستوعب الخبر ،وعاودت التساؤل ،من مات؟؟
فقال لى محدثى :مات الدكتور نصر حامد أبو زيد،.اليوم الإثنين 5/7/2010م وسيدفن بقحافة بطنطا.
 
أحسست برعدة تشملنى ودموع حارقة تسيل على وجهى ،وقلت لمحدثى :إنا لله وإنا إليه راجعون ..رحم الله الدكتور نصر وجزاه خيراً لما عاناه من ألم الغربة والحسرة من غلاظ القلب ،أنصاف المثقفين وسدنة الفكر المتحجر ،لا أكثر الله منهم، وقصّر أعمارهم .
 
عانى الكثير والكثير ،وشاركته آلامه وأحزانه وخيبة أمله  من عقول خربة ونفوس مريضة وألسن حداد وأقوال سقيمة .
إنها السيدة الفاضلة الدكتورة إبتهال يونس  ،زوجة الدكتور نصر ، جزاها الله بكل خير .
 
 
 
 3  4  5  6 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
رد أبو زيد على محمد عمارة    كن أول من يقيّم
 
نحو حوار عقلاني متكافيء: نعم لتحرير مضامين المصطلحات
 
سعدت أيما سعادة بالحوار الذي بدأه الدكتور محمد عمارة حول بعض المفاهيم والمصطلحات الأساسية التي استخدمتها في مقالتي عن "المقاصد الكلية للشريعة"، وقبل أن أدخل في حوار معه حول "تحرير مضامين المصطلحات "، أحب أن أبرز نقطة الاختلاف الأساسية التي أخشى أن تجعل من الحوار "حوار طرشان" حسب تعبيره.
 
         نقطة الاختلاف الأساسية تكمن في حقيقة هذه "الازدواجية/ الثنائية" التي يفترض البعض وجودها بين تيارين فكريين يمثلان قطبي النهضة في تاريخ هذه الأمة قديما وحديثا، وانطلاقا من تصور وجود هذه الازدواجية الثنائية يحدث هذا الفصل/ الفجوة فى تصور خطاب كل تيار لخطاب التيار الآخر، إذ يتصور أصحاب "الحل الإسلامي " أن الخطاب الآخر يستبعد "الإسلام " بالضرورة استبعادا كليا من مفهوماته ومن مضامين مصطلحاته، ومن هنا منبع القول بأن هذا الخطاب الآخر "وافد" تماما، هكذا يقسم الدكتور عمارة الخطابات إلى خطاب "أهل الموروث " وخطاب "أهل الوافد"، مع أن هذه القسمة ليست صحيحة على الأقل فيما يتصل بخطاب الدكتور عمارة ولا فيما يتصل بخطابي كما ظهر في المقالة التي يناقشها.
 
         لا أريد أن أطيل في مناقشة نقطة الاختلاف الأساسي تلك، ويكفي أن أشير إلى أنها هي المسئولة عن حالة "التوجس" وتوقع "سوء القصد" إذا تصدى للكتابة عن الإسلام والتراث الإسلامي باحث لا ينتمي بدرجة أو بأخرى إلى تيار " الحل الإسلامي ". كلنا نعيش واقعا تداخلت فيه على المستوى الثقافي والفكري عناصر الوافد والموروث وتفاعلت، بحيث يصبح الكلام عن "أهل الوافد"، و"أهل الموروث " هكذا على الإطلاق مسألة في حاجة إلى مراجعة، والدكتور عمارة نفسه يشكو من أنه صار "متهما" من "النصوصيين" المقلدين ومن "الظاهرية الجديدة" بأنه رائد الاتجاه العقلاني، وفي تقديري أن جزءا من هذا الاتهام نابع من أرضية هذه "الفجوة" التي يحرص البعض على تأكيد وجودها بين "الوافد" و"الموروث"، ويعلم الدكتور عمارة أن بعض الكتابات تعتمد على تصور وجود هذه الفجوة لكي تنفى "الفلسفة الإسلامية" قاطبة من تاريخ "الفكر الإسلامي"، وذلك على أساس أنها فكر تسربت إليه عناصر "وافدة" من التراث السابق على الإسلام، ولا أظن الدكتور عمارة يوافق على هذا الرأي، أو يحبذ مثل هذه الكتابات.
 
         لو أمكننا حسم هذه القضية لأزلنا حالة "التوجس" ودخلنا في حوار حقيقي عقلاني، على أرض الندية والتكافؤ المغايرة لأرضية " الاستبعاد" الحالية على أساس "وافد" و"موروث".
 
         عن المقاصد الكلية الثلاث "العقل- الحرية- العدل" التي اقترحتها في مقالتي يتساءل الدكتور عمارة عن "المضامين" المختبئة داخل كل مصطلح من هذه المصطلحات، والتساؤلات تنبع جميعا من "التوجس" وتصور "سوء القصد" النابعين من تلك الفجوة التي أشرت إليها في تصور الدكتور عمارة للوافد والموروث.
 
         يتساءل الدكتور عمارة عن أى عقل وعن أي عقلانية نتحدث: عقلانية التنوير الغربي أم العقلانية المؤمنة؟! مع أن المقال شرح مفهوم "العقل " و"العقلانية" على أساس أن المقصود بهما " الحلم " الذي يمثل نقيضا للجهل المتمثل في السلوك الجاهلي والقيم الجاهلية التي جاء المشروع الإسلامي مناقضا لها، وهو مفهوم يبدأ من "ضبط " السلوك وفق قوانين "التعقل " و"التسامح "، لا وفق قوانين "العصبية"، لكن تساؤل الدكتور عمارة يتيح لنا الفرصة لمزيد من الشرح والتوضيح لأنه أثار مسالة القيمة المعرفية للعقل. يرى الدكتور عمارة أن "العقلانية المؤمنة" تجعل سبل المعرفة أربع هدايات، هي "العقل، والنقل، والتجربة الحسية، والوجدان " "فلا تقف فقط عند العقل والتجربة كما صنعت عقلانية التنوير الغربي: الوضعية والمادية"، وهو بذلك يجعل "العقل " إحدى وسائل المعرفة، بل ويبالغ إلى حد جعل "النقل " هو الذي يحكم "العقل " بعد أن يكون "النقل " مقروءا به. ومن الواضح فعلا أننا مع الدكتور عمارة إزاء مفهوم للعقل لا يكاد يتجاوز دلالته اللغوية قبل الإسلام، حيث هو "الإمساك " بالمعرفة والقبض عليها، كما يمسك "عقال " الدابة بها في مربطها فلا تنفلت وتكون سائبة، هذا المفهوم النابع من الدلالة اللغوية طوره علماء الكلام فميزوا بين "العقل الضروري " و"العقل النظري " على أساس أن الأول يمثل البديهيات المشتركة بين الناس جميعا، في حين أن الثاني هو النظر في الأدلة للوصول إلى المعرفة انتقالا من المعلوم إلى المجهول، وهذه الأدلة هي "المحسوسات والتجارب والنقل"، التي يجب أن تمر جميعها من خلال "العقل" لكي تتحول إلى معرفة. إن الأدلة وحدها لا تمثل معرفة دون عمليات التحليل والتصنيف والتجريد، التي يقوم بها العقل المفكر، العقل إذن ليس "العضو المادي " وليس " الجوهر المجرد" وليس " الغريزة والملكة اللطيفة "، بل هو "الفعالية" الذهنية التي تحول الأدلة- حسية كانت أم نقلية أم تجارب وجدانية- إلى معرفة تعمق بدورها هذه الفعالية وتمنحها مزيدا من الصقل والصفاء والحدة.
 
         والنص الطويل الذي اقتبسه الدكتور عمارة من "الاقتصاد في الاعتقاد" لأبى حامد الغزالي لا تتضح دلالته إلا في سياق فكر الغزالي الأشعري المختلط بأبعاد إشراقية غنوصية " وافدة "، وكان الأولى بالدكتور عمارة أن يستشهد بمفهوم "المعتزلة"- والقاضى عبدالجبار بصفة خاصة- للعقل، وهو المفهوم الذي يمثل الأساس الكلامي لعقلانية ابن رشد التي يفتخر بها الدكتور عمارة ونحن معه تماما. إن مفهوم الغزالي للعقل يسجنه داخل حدود إجرائية هي إثبات صحة "النقل "، وبعدها (كما يقول في المستصفى من علم الأصول، الجزء الأول، ص 6) "ينتهي تصرف العقل، بل العقل يدل على صدق النبي ثم يعزل نفسه ويعترف بأنه يتلقى من النبي بالقبول ما يقوله فى الله واليوم الآخر مما لا يستقل العقل بدركه ولا يقضي أيضا باستحالته، ولا أظن أن أحدا يجادل بأن عملية "فهم " النقل وتحليل مضمونه عملية لا تتم خارج فعالية العقل، إلا إذا زعم زاعم أن عمليات "التفسير" و"التأويل " نشاط لغوي لا علاقة له بفعالية العقل، وذلك زعم لا يتقبله عاقل فضلا عن باحث. وكما فعل الدكتور عمارة مع مصطلح "العقل " يفعل مع مصطلح "الحرية"، أي يناقشه من منطلق "التوجس " وتصور "سوء القصد"، فيتساءل: حرية من؟ وفي مواجهة العبودية لمن؟ ويدخل في مقارنات واستطرادات تقرن الحرية ب "الإباحية" و"الفوضى"، إن مفهوم "الحرية" في المشروع الإسلامي يبدأ من مناهضة مستوى عبودية الإنسان للإنسان على مستوى الامتلاك المادي ويعلو إلى آفاق تحرير الإنسان من وصاية أية قوة إلا أن يختار راضيا بملء إرادته الحرة دينه وعقيدته ونهج حياته.. الإسلام هو الدين الوحيد الذي أطلق للإنسان حرية اختياره ولم يجعل وصاية لأحد على تلك الحرية، وهذا المفهوم الساطع في المشروع الإسلامي لا يستبعد- بداهة- كثيرا من "الضوابط " التي تنظم هذه الحرية حتى لا تتحول إلى فوضى، مسألة "الضوابط " هذه مسألة بديهية، سواء كانت اجتماعية أو فكرية أو سياسية أو دينية، لكن "الضوابط " تلك ليست أزلية وليست بمنأى عن التطور من عصر إلى عصر ومن مجتمع إلى مجتمع والتمييز بين "الثابت " و"المتغير" في القيم والحريات، فضلا عن المفاهيم وأنماط السلوك هو دائما محور "الاختلاف" بل و"الصراع" الذي يفجر الثورات ويحرك التاريخ. وهنا نأتي إلى المماحكة اللغوية التي أحدثها الدكتور عمارة بين قولنا: "سنن التاريخ" ورفضه لهذا التعبير مفضلا عليه "سنن الله" ولا يسعني هنا إلا أن أذكر الدكتور عمارة بمفهوم "الدهر" في التراث الإسلامي الذي يرى أنه لا يجوز للمسلم أن يسب الدهر لأن الدهر هو الله، فالقول بوجود قوانين وسنن تاريخية لا يعني إنكار الوجود الإلهي، نعوذ بالله من الخسران. هذا الخلاف اللغوي على أية حال يجسد مسألة "التوجس" وتصور "سوء القصد"، حتى على مستوى اللغة، وهو من ناحية أخرى يكشف أن كثيرا من أوجه الاختلاف ترجع إلى تمسك البعض بمخاصمة اللغة الفلسفية والعلمية لتوهم أنها لغة تتعارض مع اللغة الدينية أو تحاول أن تنفيها، والدكتور عمارة خير من يعلم أنه لا مشاحة في الاصطلاح أو العبارة إذا اتفقت المعاني والدلالات.  ولكن من المماحكات اللغوية أيضا اعتراض الدكتور عمارة على عبارة "اللحاق بركب الحضارة" لأنه فهم منها "الالتحاق بالمشروع الغربي"، والاندماج فيه، مع أن الدكتور عمارة يعرف الفارق بين مفهوم "الحضارة" ومفهوم "الثقافة"، كما يعرف أن عبارة "الحضارة الغربية" تعكس مفهوما أيديولوجيا يرسخ المركزية الأوربية. والحقيقة أن "الحضارة" سياق إنساني متحرك ساهمت فيه كل المجموعات البشرية، وكل "الثقافات" بها هو جوهري وأصيل وإنساني فيها، والتمايز والخصوصية إنما تكون في "الثقافة" وليس في "الحضارة" خاصة مع تطور وسائل الاتصال وثورة المعلومات التي جعلت العالم "قرية صغيرة" بالفعل وليس على سبيل المجاز، ويعتمد الدكتور عمارة في تأويله لعبارة " اللحاق بركب الحضارة" على التحليل النفسي "الوافد والغربي " قائلا إنها عبارة تمثل "أمنية المهزوم نفسيا"، وأنا أوافق الدكتور عمارة على حالة الهزيمة الملموسة على جميع المستويات والأصعدة في وضعيتنا الراهنة كأمة وثقافة، وهي حالة لا تمكننا من المساهمة في إنتاج الحضارة والمشاركة في صنعها، وتجعلنا نكتفي بموقف المستهلك والتابع، إنها ليست حالة "نفسية" فردية، ولكنها وضع نتفق عليه جميعا، وتجاهله أو التهوين من شأنه يدخل الفكر في دائرة "أحلام اليقظة"، والأماني والرغائب التي مهما تكن عذوبتها تساهم في تكريس الأزمة وتأبيدها. وقبل أن أبين مفهوم الدكتور عمارة لمبدأ "العدل "- ثالث المبادئ الكلية التي اقترحتها- أتوقف عند اختلافنا حول "مركز" المشروع الإسلامي الذي وضعته في "العقل" بالمعنى المشروع، هنا وفي المقال السابق، بينما يحدده الدكتور عمارة في "التوحيد" بمعناه الشامل، وفي "الاستخلاف ". وفي تقديري أن التوحيد والاستخلاف لا يمثلان "مركز" المشروع الإسلامي، وذلك لسبب بسيط هو أنهما جوهر الرسالات السماوية كلها.
 
         لم يتوقف الدكتور عمارة طويلا عند مصطلح "العدل" محررا لمضمونه كما توقف عند "العقل " و"الحرية" لكن وضعه لمفهوم "العدل " داخل مبدأ "الحفاظ على المال "- الذي اعتبره هو التعبير عن قوام الرخاء الإنساني والعدالة الاجتماعية- يجعلنا نستنبط أنه يقصر مفهوم "العدل " على دلالته الاقتصادية.  وإذا كان هذا المفهوم الجزئي للعدل صحيحا- وهو ليس كذلك- فمن حق الدكتور عمارة أن يتساءل عن "الجدة" في القراءة التي نقترحها للمقاصد الكلية للشريعة، إن مفاهيم " العقل " و"الحرية" و"العدل "، مفاهيم كلية تتجاوز حدود المقاصد الجزئية التى صاغها الفقهاء، بمن فيهم الشيخ الطاهر بن عاشور ودلالة جزئيتها واضحة في شرح الدكتور عمارة لها. إن مبدأ "الحفاظ على العقل " لا يستوعب مفهوم العقلانية لأنه يرتبط باستنباط علة تحريم الخمر عند الفقهاء، في حين أن مفهوم "العقلانية" أوسع كثيرا من مفهوم "الوعي" المناقض لحالة "السكر"، وليس المقصود بمبدأ "العدل" ما فهمه الدكتور عمارة فأدرجه في "الحفاظ على المال"، ولم يجد لمبدأ "الحرية" مقابلا في المبادئ الخمسة، فاكتفى بالقول إن الشيخ الطاهر بن عاشور قد أضافه، رغم أنه يعلم أن مفهوم الطاهر بن عاشور للحرية يحتاج لكثير من الإضافات، وإذا كان الدكتور يتقبل اجتهاد الطاهر بن عاشور في الإضافة، فلماذا يتصور ان محاولة اجتهادي تقوم على الحذف والاستبعاد؟! هل المسألة هنا تكمن في الإضافة الكمية التي يعتبرها معيارا للإضافة متجاهلا سياق الاستيعاب "الكيفي "؟! أتمنى ألا تكون الأحكام مصدرها منبع آخر ليس هو "تحرير مضامين المصطلحات "، كأن ذلك لا يمنع إطلاقا أن يستمر الحوار بالعقل وعلى أساس الندية والتكافؤ. وكما اتفقت مع الدكتور عمارة في أهمية "تحرير مضامين المصطلحات" وضرورته، أجدني أتفق معه كل الاتفاق في خاتمة مقالته بعد ان أضيف إليها ما هو موضوع بين قوسين كبيرين، نعم "إن أغلب حواراتنا هي ضحايا بائسة للفوضى الشائعة في مضامين المصطلحات "، (وللتوجس المتبادل والبدء من افتراض سوء القصد)، وعلينا كي يفهم كل منا الآخر، ولتحديد مناطق الاتفاق، ومناطق الاختلاف، ولتنظيم حوار موضوعي وجاد وبناء، أن نبدأ بتحرير وتحديد مضامين ومفاهيم المصطلحات (مع استبعاد تلك الثنائية الوهمية بين الوافد والموروث وما ينطوي فيها من إقصاء واستبعاد).
 
         والله من وراء القصد..
 
  نصر حامد أبوزيد  ( 1/8/1994 العدد 429 من مجلة العربي)
*ياسين الشيخ سليمان
23 - يوليو - 2010
هل كفّروه ، أو فرّقوا شمله ؟    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
توجيهات فاسدة وردود باردة

من أخطر مواضيع النسخ في العصر الحديث ما أثاره الشيخ عبد الحميد بخيت في بحوثه التي نشرها في الصحف بعنوان (صيام رمضان ليس فرضاً) وقد بنى كلامه على عدم وجود النسخ في القرآن، وبالتالي فإن الآية (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين..إلخ) البقرة 184.إذا كانت غير منسوخة أفادت أن للمسلم الخيار بين الصيام والفدية. وهو توجيه فاسد مبني على ما ظنه مسلمات وحقائق في أسباب نزول الآية، من أن الصيام كما يقول المفسرون لم يكن فرضاً حسب ما يفهم من هذه الآية، ثم نسخ ذلك بالآية التي تليها (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) أما سياق الآية فظاهر أن المراد بها صيام المسافر والمريض وأنهما إذا كانا يطيقان الصوم فأفطرا وجب عليهما الفدية عن ذلك مع القضاء. وعلى ذلك فالآية غير منسوخة، وهي تتضمن حكماً الحاجة باقية في السؤال عنه إلى يوم الدين. أما الشيخ عبد الحميد بخيت فكان مدرس مادة (أصول الدين) في الأزهر الشريف، نشر مقالا في الأهرام - كما ذكرنا- حلل فيه الإفطار في رمضان من غير عذر مقابل الفدية، ودعا في مقالاته إلى التحرر من الأوهام الشائعة التي لا علاقة لها بأصول الدين، وطالب بالجهر بالحقائق ومصارحة الناس، فثارت ثائرة رجال الدين في الأزهر وطالبوا بمحاكمته. انظر جريدة الأنباء (5/ 6/ 1955م) وكتب الأستاذ علي أمين أحد أصحاب جريدة الأخبار (8/ 10/ 1955م) كلمة هاجم فيها الأزهر للقرار الذي أصدرته مشيخة الأزهر بشأن تقديم الشيخ عبد الحميد بخيت إلى مجلس التأديب لمجاهرته بأن الصوم ليس إلزاميا، وقال: (نحن نريد أن يكون الأزهر معقلا للفكر لا مقبرة لحرية الرأي، نريد أن يكون حصنا للأحرار لا خندقا للجهل والرجعية) وكتب الشيخ محمد أبو زهرة في مجلة (التحرير) شبه الرسمية أن الأستاذ بخيت بلا شك كان جريئا في هذا الرأي الذي قاله وإن كان مخطئا في اعتقادي، أما رأيي في معالجة الخطأ الذي وقع فيه الشيخ بخيت فإني كنت أحب ان ينبه إلى خطئه بمناقشة علمية بينه وبين فضيلة شيخ الأزهر، أو أحد العلماء، وكم كان بودي لو قابلته وتجادلنا سوية، وقد كان أحد تلاميذي في كلية أصول الدين. (نقلا عن جريدة الإنشاء الصادرة يوم (9/ 10/ 1955م). بعض الكتاب وفي مقدمتهم طه حسين يعارضون محاكمة الشيخ بخيت (الإنشاء 10/ 6/ 1955) ص3. ويذكر هنا أن للشيخ المرحوم عارف المنير الدمشقي (ت 1342هـ 1923م) كتابا يرد فيه على من زعم أن للمطيق للصوم أن يفدي مع عدم المبيح والمانع، ذكره صاحب الأعلام الشرقية في ترجمته (1/ 312)
 * هذه الصفحة من إعداد الباحث الأديب الشاعر الناقد الذواقة ذي الخُلق: زهير ظاظا.
*د يحيى
23 - يوليو - 2010
" فسحة رمضانية "    كن أول من يقيّم
 
فسحة
 معارك ضارية حول القرآن .. سيد القمني: القضاء على وهم الوجود الكتابي للنص في اللوح المحفوظ
إعداد: سعيد منتسب
ما من شك أن موضوع جمع القرآن، ضمانا لحمايته كنص مقدس، عمل «ابتكره» الخليفة عثمان بن عفان. غير أن هذا العمل أثيرت حوله الشبهات وطرح إشكالات كبرى لم يقع تجاوزها تماما، إلا عبر اختيارات إيديولوجية مملاة،. ذلك أن مجموعة من الروايات تذهب إلى أن «المشروع العثماني» قام على مصادرة سلطة القراء (الحفاظ) كمؤتمنين على الذاكرة الشفوية، ومنهم أزواج الرسول، ومجموعة من الصحابة. ولعل هذا ما فتح الباب أمام القائلين بأن عثمان- الذي أمر بحرق المصاحف-كان وراء انفساخ العلاقة بين تلقي الحدث القرآني وبين الأثر المكتوب والمرتب في «المصحف». بل سمح لمجموعة من الباحثين «القرآنيين»- القدامى والمعاصرين- بتقديم بيانات حول وقوع التحريف في القرآن والتغيير في آياته وترتيبه وسقوط أشياء منه»..

إعداد: سعيد منتسب

في كتابه «الأسطورة والتراث»، تعرض سيد القمني لحادثة الغرانيق، أي لذلك «التدخل الشيطاني في الوحي» الذي تنفيه المراجع الإسلامية، ويثبته القرآن في آيات من سورتين: (الإسراء: «لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً»، «وإن كادوا ليفتنوك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره، وإذن لاتخذوك خليلا، ولولا أن ثبتناك لقد كدتَ تركن إليهم شيئاً قليلاً»، ثم (الحج: «وما أرسلنا قبلك من رسول ولا نبي، إلاَّ إذا تمنى، فألقى الشيطان في أمنيته، فينسخ الله ما يلقي الشيطان، ثم يحكم الله آياته».
ولم يتناول القمني حادثة الغرانيق إلا في السياق العام الذي سيج رؤيته لـ«تراث الإله الشرير» المعادل الموضوعي لـ«الإله الأزلي الأبدي الكامل لا يصدر عنه إلاَّ الخير فقط»، ذلك أن الشيطان، من خلال بعض الطرائف التي علق فيها المسلمون صدماتهم ومآسيهم واغترابهم، تحول من مجرد رمز ديني إلى مارد كبير يتدخل في حياتنا فيفسد الأخلاق، ويسبب القحط، وتأخر الأمة الحضاري بإغوائه أبنائها عن الطريق القويم. وكل هذه الأدوار التي يقوم بها الشيطان تلمح «لتمكنه من العقل الشرقي»، كما يقول القمني.
وتعليقا على حادثة الغرانيق، يرى القمني أن شفعاء قريش لدى الله كانوا رموزاً قبلية أيضًا، وهو ما يدعي أن تلتف القبيلة حوله بصفته ربها وشفيعها (...) وقد فهمت قريش دعوة الرسول لإسقاط الشفعاء أنها دعوة لإذابة الأطر القبلية، التي تحمي المصالح التجارية، أو لنقل الأرستقراطية التجارية في قريش. ولهذا سجدتْ قريش مع الرسول محمد بعدما غيَّر رأيه بمسألة الشفعاء. وقد جاء الوحيُ سريعاً لينسخ تلك الآيات، ولينفي أمنية الشيطان إلى الأبد بإزالتها من نص القرآن الكريم. وهكذا ظهر مبحث «الناسخ والمنسوخ» في علوم القرآن. كما سعى البعض إلى الانشغال بالبحث في المفارقات التي يطرحها تاريخ النص القرآني، وخاصة تلك التي ارتبطت بجمع القرآن والسجالات التي أعقبت حرق المصاحف والاعتداء على بعض كتاب الوحي (عبد الله بن مسعود) الذين مانعوا واحتجوا على «جامع النص» وجادلوا في فحواه، أي في ما رُفع منه وما دس عليه.
ونظرا لما لمبحث «الناسخ والمنسوخ» من خطورة بادية، خاصة أنه يطرح التبديل والتغيير مع «علم الله المطلق» الذي لا يقبل التبديل «لا مبدل لكلماته» (الكهف)، لم يتردد سيد القمني في كتابه «الإسلاميات» في التساؤل بشأنه «كيف يمكن التوفيق بين هذه الظاهرة بما يترتب علىها من تعديل للنص بالنسخ والإلغاء، وبين الإيمان الذي شاع واستقر بوجود أزلي للنص في اللوح المحفوظ؟». ويقول في موضع آخر من الكتاب نفسه: «هناك إشكالية ثانية هي إشكالية جمع القرآن. وعن مشكلة الجمع، فإن ما يورده علماء القرآن من أمثلة توضح أن بعض أجزاء النص قد نسيت من الذاكرة الإنسانية، ولم يناقش العلماء ما تؤدي إليه ظاهرة نسخ التلاوة أو حذف النصوص، سواء بقي حكمها أو نسخ أيضا، من قضاء كامل على تصورهم الذي سبقت الإشارة إليه لأزلية الوجود الكتابي للنص في اللوح المحفوظ». مضيفا: «والذي لا شك فيه أيضا أن فهم قضية النسخ عند القدماء لا يؤدي فقط إلى معارضة تصورهم الأسطوري للوجود الأزلي للنص، بل يؤدي أيضا إلى القضاء على مفهوم النص ذاته».
وقد تعرض القمني للتقسيم الذي وضعه د.حامد أبو زيد لظاهرة النسخ.
- ما نسخت تلاوته وبقي حكمه: كآية «الرجم» التي رفعت من القرآن وبقي حكمها معمولاً به في الشرع الإسلامي. وقد أراد عمر في خلافته أن يضيفها للقرآن. وهناك آية في القرآن: «واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم، فاستشهدوا عليهن أربعة منكم، فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت، حتى يتوفاهن الموت، أو يجعل الله لهن سبيلاً» (النساء)، ذهب العلماء اتفاقاً إلى أن هذه الآية منسوخة -رغم بقاء تدوينها في القرآن- بآية الرجم الغير موجودة في النص القرآني. وقد أثبتت أحكام الرجم بأحاديث نبوية أيضًا.
يشير ابن حجر إلى أن آية الرجم رُفعت من القرآن- أي أنها لم تنسخ- مع وجود قرآئن عديدة تدلل لرفض الرسول محمد لتدوين هذه الآية عندما نزلت بعدما سأله عمر بن الخطاب لذلك، ثم أصر زيد بن ثابت الذي جمع القرآن على عدم تضمينها للمصحف.
-ما نسخ حكمه، وبقيت تلاوته: يسوق القمني العديد من الأمثلة هنا عن هذا النوع من النسخ، لكنه يشير إلى أيضًا قضية مهمة، وهي ظهور ما اصطلح تسميته بالمنسأ في قضايا الناسخ والمنسوخ. فالمنسوخ يحرم الرجوع إليه بعد نسخه في الحياة اليومية، لكن العلماء استحدثوا «المنسأ» كي يستطيعون الرجوع للأحكام المكية حينما تحقق المصلحة للمسلمين عوضاً عن الآيات الناسخة. من أمثلة ذلك آيات التسامح مع الأديان الأخرى، وخصوصاً أهل الكتاب. ولكن هذه الآيات -آيات التسامح وحرية الأديان- نسخت تالياً بالآيات التي تقرر أن الإسلام هو دين الله، وأن للآخرين السيف، مثال: «قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله» (التوبة) «اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم» (التوبة). لهذا «المنسأ» هو الأمر بالقتال إلى أن يقوى المسلمون، وفي حال الضعف يكون الحكم وجوب الصبر على الأذى. بمعنى أن كل أمر ورد يجب امتثاله في وقت ما لعلة تقتضي ذلك الحكم» هكذا نقل القمني عن السيوطي في الصفحة 362. لهذا تظهر النفعية في نظرية المنسأ حنى يأني أمر الله كما نقرأ في هذه الآية: «فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره».
- ما نسخ تلاوته وحكمه: هناك روايات عديدة تشير إلى اختفاء أجزاء من القرآن دون أسباب واضحة. لعل أبرزها ما جاء -من طرق متعددة- عن غياب سورة الأحزاب ذات الآيات المئتين، والتي بقت بضع وسبعين آية. ويعلل د.طه حسين كما أورد القمني ذلك إلى مصحف عثمان، وجبر الدولة الإسلامية لنشره وتعليمه في البلاد الإسلامية وإحراق ما سواه من صحف قرآنية.
*abdelhafid
18 - أغسطس - 2010
معارك ضارية    كن أول من يقيّم
 
تحية طيبة أساتذتي الأكارم: يبدو أن الأستاذ عبد الحفيظ يرغب أن نفتح ثانية ملف سيد القمني الذي اضطررنا سابقا إلى إغلاقه، ثم بدا لنا وللكثيرين أننا أخطأنا في ذلك، إذ اعتبر ذلك هروبا من حلبة سيد القمني، ويؤسفني أنني قرأت معظم مؤلفات القمني فرأيت مختصرها أن الهاجس المستبد به والذي يخيم على كل كتاباته هو أنه يريد أن يثبت لمعجبيه أن النبي محمدا عليه الصلاة والسلام ليس إلا (كذاب وكذاب فقط) ويحسب القمني واهماً أن الرد على كلامه يعني الرد على البخاري ومسلم وقائمة لا أول لها ولا آخر، من الفقهاء والمحدثين والمفسرين والمؤرخين الذين لم يحملوا لنا هذه الأخبار على أنها حقائق لا مفر من الرضوخ لها، بل هم في كثير من الأحيان لم يقصدوا من روايتها سوى أمانة النقل لما كان يجري على ألسنة مختلف التيارات والفرق، وتعالوا نسأل القمني: من أين أتي بإجماع العلماء على أن الآية «واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم، فاستشهدوا عليهن أربعة منكم، فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت، حتى يتوفاهن الموت، أو يجعل الله لهن سبيلاً» منسوخة -رغم بقاء تدوينها في القرآن- بآية الرجم الغير موجودة في النص القرآني. وهذا بلا شك كلام باطل، بل أنا لا أعرف مسلما صاحبته يعتقد هذا علاوة على أن جماعة من المفسرين ذهبوا إلى أن المقصود بالآية حكم السحاق، كما ذهب منكرو الرجم قديما وحديثا إلى أن الآية غير منسوخة وهي تنص على مصير الزانيات بعد إقامة حد الزنا عليهن، وتوجب على ولاة أمورهن إجبارهن على الإقامة في البيت حتى يأتيهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا بالزواج من مشرك أو زان. وأعود إلى حديث القمني فأقول: إن كل ما طبّل به وزمّر من أخبار وأساطير حول قصة الغرانيق وضياع سورة الأحزاب ومصحف ابن مسعود وخبر جمع القرآن مجرد أخبار لا ترقى إلى مماثلة قيمة النص القرآني لا تاريخيا ولا اجتماعيا ولا عقليا ولا نقليا، ولا حسيا ولا معنويا، ولا روحيا ولا جسديا، بل هناك مئات الملايين من المسلمين وآلاف الملايين من موتاهم لم يسمعوا بكل هذه القصص. ولقد استفيت المسلمين ثلاثين عاما في كل هذه الأخبار فلم أجد منهم إلا منكرا لها غير مسيغ لذكرها(والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم)
*زهير
19 - أغسطس - 2010
زائد / ناقص ..    كن أول من يقيّم
 
(+ - ) ... زائد / ناقص 
يمكن حذف الموضوع الأستاذ زهير .....
وكنت قد قرأته ضمن ما أواضب على قراءته خلال هذا الشهر المبارك من خلال هذه الفسحة الرمضانية
في جريدة الاتحاد الاشتراكي المغربية
 
 فسحة                                                             
 
 
 معارك ضارية حول القرآن : هل أنزل القرآن حقا بلسان عربي واحد؟
سعيد منتسب
ما من شك أن موضوع جمع القرآن، ضمانا لحمايته كنص مقدس، عمل «ابتكره» الخليفة عثمان بن عفان. غير أن هذا العمل أثيرت حوله الشبهات وطرح إشكالات كبرى لم يقع تجاوزها تماما، تتمة
8/21/2010
  جيل كيبل : يوميات حرب الشرق
ترجمة: محمود عبد الغني
يخصص جيل كيبل كتابه «يوميات حرب الشرق» لرحلته التي قام بها إلى مصر وسوريا ولبنان وقطر ثم الإمارت العربية المتحدة، قصد التقاط شهادات واعترافات من الطلاب والأئمة والمناضلين الإسلاميين من تتمة
8/21/2010
 أيام الشام ولياليها.. : ليل دمشق، رغبات وعطر وقناديل
محمد بهجاجي
في هذه الحلقات ، تركيب لمشاهدات ومرويات توفرت لدي إثر زيارات قمت بها، في مناسبات ثقافية مختلفة، لسوريا التي توصف عادة بأقدم بلاد مأهولة في التاريخ. فقد عبرتها، منذ تكوينها تتمة
8/21/2010
 مسيحيون أسلموا في بلاط السلاطين المغاربة
حكاية «القايد دريس» المسيحي والفرنسي عبد الرحمان دوسولطي سنة 1840!!
لحسن العسبي
ما الذي نعرفه عن المسيحيين الذين أسلموا في بلاطات السلاطين المغاربة منذ العهد الموحدي والسعدي؟!.. هل نعلم أن القائد الذي قاد بحنكة معركة وادي المخازن، مع السلطان عبد الملك السعدي، والذي تتمة
8/21/2010
 نحو خطاطة منهجية أولية لقراءة في أعمال ومسار عالم اجتماع
محمد جسوس قضايا، إشكالات، ومحاور اهتمام
مصطفى محسن
كاتب هذه السطور، وهو يستمع على كرسي التلمذة لهذا الرجل في دروسه الجامعية، لم يكن يشعر أبدا أنه يتكلم «سياسيا» أو يرمز أو يلمز أو يغمز بأي شكل ولأي غرض أو تتمة
8/21/2010
 شعرية التفاصيل في حياة سياسي مغربي
م. اسماعيل العلوي يفتح قلبه ل«الاتحاد الاشتراكي» : موت الزعيم علي يعتة وتحمل مسؤولية الحزب
المختار الزياني
عندما جاء مولاي اسماعيل العلوي، الأمين العام السابق لحزب التقدم والاشتراكية وعضو مجلس الرئاسة بنفس الحزب، إلى الحياة سنة 1940، لتضمه أسرة تقليدية كثيرة العدد، تعيش تحت سقف «الدار الكبيرة» بمدينة تتمة
8/21/2010
 ليونيل جوسبان يتحدث عن نفسه : سنوات الشباب والتكوين (1937-1971)
محمد خيرات
هذا الكتاب ولد عن فيلم يرصد نصف قرن من مسار سياسي وشخصي لصاحبه، الكتاب هو نقل كامل لعشرات الساعات من الحوارات التي تم تكثيفها حتى تستجيب لإكراهات وقت البت التلفزي، لكنه تتمة
8/21/2010
*abdelhafid
22 - أغسطس - 2010
فسحة أخرى..    كن أول من يقيّم
 
 الأكاديمي والناقد إبراهيم السولامي : محاضرة يومية لمحمد مندور، ودرس اختياري لطه حسين
محمد بهجاجي
من التعليم الوطني الحر بالقنيطرة (مسقط الرأس 1938)، إلى جامعات القاهرة والرباط والجزائر وباريس، أرسى الدكتور إبراهيم السولامي مسارات متنوعة للتكوين الأكاديمي، وللبحث والكتابة. في سنة 1964، التحق أستاذا بكلية آداب فاس، ضمن جيل الأساتذة الشباب: أحمد اليبوري، حسن المنيعي، محمد برادة ومحمد السرغيني، لتتخرج على يديه أفواج الطلاب الذين يشهدون بسعة علمه، وروحه الكريمة المفتوحة على الشباب. إلى جانب ذلك، أثرى الخزانة الوطنية بمؤلفات دشنها بديوان «حب» سنة 1967، وواصلها بكتابيه الأساسيين: الشعر الوطني في عهد الحماية (1974) والاغتراب في الشعر العربي الحديث (2009)، إضافة إلى مؤلفاته: تأملات في الأدب المعاصر، رأي غير مألوف، خطوات في الرمال، وكتابه الصادر هذه السنة بعنوان «في صحبة الأحباب».
في هذا الحوار استعادة لمعالم من هذه المسارات التي هي جزء من ذاكراتنا الثقافية المشتركة.


أجواء المرح هاته لم تمنعكم من اجتياز الباكلوريا بنجاح، والالتحاق بالدرس الجامعي.
كيف وجدتم الجامعة المصرية آنذاك؟ وماذا عن الطلاب المغاربة داخل الفضاء الجديد؟

قبل أن أجيبك عن هذا السؤال، أشير إلى تفصيل مهم بخصوص أستاذ الترجمة، فقد فوجئنا، ذات يوم، بعد الالتحاق بالجامعة أنا ومحمد برادة، بإعلان في الكلية يحدد يوم مناقشة أطروحته لدكتوراه، وكان عنوانها «الجريمة والعقاب» في القانون وعلم النفس، فاكتشفنا أن صاحب الأطروحة هو أستاذنا كمال الدسوقي، الولهان والمحب لعبد الحليم حافظ، والذي درس اللغة الفرنسية وتخرج من شعبة الفلسفة، وواصل دراسته العليا في الحقوق ، وانضم إلى مدرسة علم النفس التكاملي التي كان يرأسها يوسف مراد. وكان من أساتذتها مصطفى سويف، صاحب الكتاب الشهير «الأسس النفسية للإبداع الأدبي».
أما بخصوص الجامعة، فأول ما عرفناه من نظامها، هو أنها ثلاث جامعات يدخلها الناجحون حسب درجة نجاحهم في البكالوريا، وهي بالترتيب: جامعة القاهرة، ثم جامعة عين شمس، فجامعة الإسكندرية. والطريف أن اللذين التحقا بجامعة الإسكندرية، هما اللذان نالا مناصب سامية عند رجوعهما إلى المغرب، وهما: عبد الحميد عواد الوزير السابق المكلف بالتوقعات الاقتصادية، وعبد الكريم السمار السفير في السعودية الذي توفي مؤخرا.
أشير هنا إلى أن القاهرة كانت تزخر بالمغاربة. بعضهم سبقونا، وآخرون جاؤوا بعدنا. بعضهم كانوا كبار في السن نسبيا مثل عبد القادر الصحراوي السفير ووزير الأنباء، ومحمد التازي السفير، ومحمد الدغمي الذي كان فنانا مشهورا في ذلك الوقت.
كان بيننا أيضا من قضى مدة قصيرة ثم عاد إلى المغرب بعد الاستقلال، ومنهم : عبد الرحيم السقاط، محمد المزكلدي، محمد بوزوبع، إسماعيل أحمد، الطاهر جمي، خالد مشبال، عبد الكريم الفيلالي وعبد اللطيف السملالي. ومنهم من عاش معنا مدة الدراسة، أكانوا قبلنا مثل أحمد عبد السلام البقالي ومحمد بنعيسى ، وقد غادرا إلى أمريكا. ومنهم من تابع الدراسة حتى النهاية، وهم كثيرون منهم: علي أومليل ، عباس الجراري، عبد الواحد بنمسعود، عبد الرحمان بنعمرو، محمد رونق ، حسن المفتي، والمهدي الدليرو.
التحقت ، محمد برادة وأنا، بشعبة اللغة العربية، فكان من زملائنا من أصبحوا كتابا لامعين، منهم عبد المنعم تليمة، وطه وادي وسيزا قاسم. أما أومليل فالتحق بشعبة الفلسفة، ومن أبرز زملائه محمود رجب وعزة قرني.
أساتذتنا كانوا لا معين، منهم شوقي ضيف، يوسف خليف، حسين نصار، عبد العزيز الأهواني وعبد الحميد يونس، لكن أحبهم إلينا كانت الأستاذة سهير القلماوي، أستاذة النقد لأن أسلوبها مركز دقيق، ومنهجها متكامل مشوق. أما طه حسين فكان يلقي علينا درسا اختياريا، يوم الأربعاء، نحضره مع أساتذتنا ومئات الطلبة من جميع الشعب.

بالإضافة إلى الدراسة النظامية، كانت الجامعة بدون شك محفلا ثقافيا، بالنظر إلى قيمة الأساتذة وتنوع عطاءاتهم، وحيوية الساحة الثقافية المصرية؟

بالفعل، فلقد كان الجو الثقافي غنيا بالندوات، وكانت الجامعة حافلة بالمناقشات الحاملة لكل التيارات، وأذكر أنني عرفت، في مقهى الجامعة الصاخب، وحيد النقاش، وأخته فريدة.
كان وحيد يدرس بشعبة اللغة الفرنسية، وأخته بشعبة اللغة الانجليزية. وفي المقهى عرفت كذلك محسن بدر ونجاة شاهين وأحمد حجازي وغيرهم.
وأشير هنا إلى أن ندوات كثيرة كانت تقام في اليوم الواحد، مما يصيبنا بالحيرة. محمد مندور مثلا كان يلقي، يوميا، محاضرة في المذاهب الأدبية بمتحف الفن الحديث. بينما تقام ندوة لإلقاء الشعر في مكان آخر. ولا أزال أذكر أنني استمعت، في هذه الندوة الشعرية، إلى الشاعرات: ملك عبد العزيز، زوجة محمد مندور ولورا الأسيوطي ووفاء وجدي.
ضمن الأجواء الثقافية والفنية كذلك، وإلى جانب الندوات، والمكتبات الزاخرة وفي طليعتها مكتبة جامعة القاهرة ومكتبة درا الكتب ، كانت تنظم حفلات متتالية، أشهرها حفلة أول خميس من كل شهر لأم كلثوم، حيث يتحلق الناس حول المذياع ليسهروا مع الصوت الشجي، إلى ساعة متأخرة من الليل.
أما الصحف فهي فضاء لأقلام أكبر الكتاب: طه حسين، عباس محمود العقاد، سلامة موسى، محمد زكي عبد القادر، أحمد الصاوي، بيرم التونسي، أنيس منصور، إحسان عبد القدوس، ومحمد مندور، لويس عوض ، ومحمد حسنين هيكل، وأحمد رشدي صالح وغيرهم.
8/26/2010
*abdelhafid
27 - أغسطس - 2010
أقوال ورجال    كن أول من يقيّم
 
بسم الله القائل: (... ومن أصدق من الله قيلا)    والقائل عن كتابه:( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)           والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
 
ليس جديدا ما نراه من صراعات فكرية وعقدية على الساحة الإسلامية فقد كان المشهد الثقافي يعج بعشرات الفرق لكل منهم منهجه وأصوله التي يرتكز عليها ولعل المعتزلة أشهر تلك الفرق.
كانوا يعرضون كل مسائل العقيدة على العقل فإذا ما جابههم خصومهم بآية قرآنية كريمة تناقض ما قرروه ذهبوا يؤولونها بتأويلات فاسدة لكن أحدا منهم لم يكذب القرآن أو يشكك في قدسيته فقد تركوا هذه الكبوة بل هذه العثرة لتلاميذ مرجيليوث.
 
●طه حسين:  [ في الشعر الجاهلي ]
للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل ، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضا ، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي،فضلا عن إثبات هذه القصة. 
ثم يبين السبب الذي من أجله اخترعت قصة إبراهيم وإسماعيل في القرآن فيقول:
ونحن مضطرون إلى أن نرى في هذه القصة نوعا من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة ، وبين الإسلام واليهودية والقرآن والتوراة من جهة أخرى .
ويبدو أن فكرة تكذيب القصص القرآني  التي أطلقها العميد طه حسين قد راقت لأحد تلاميذه فقدمها في رسالة علمية.
●محمد أحمد خلف الله:  [ الفن القصصي في القرآن]
تدور فكرة هذه الرسالة حول:
 أنَّ القَصَص في القرآن عمل فني خاضع لما يخضع له الفن من خلق وابتكار، من غير التزام لصدق التاريخ.
 
والله سبحانه وتعالى يكذبهم ويقول:
)لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُون   (
نصر حامد أبو زيد: [ مفهوم النص ]
 والفكر الرجعي في تيار الثقافة العربية هو الذي يحول النص من نص لغوي إلى شيء له قداسته.
سيد القمني: في بطاقة سابقة قال الأستاذ زهير:
 والذي يخيم على كل كتاباته هو أنه يريد أن يثبت لمعجبيه أن النبي محمدا عليه الصلاة والسلام ليس إلا (كذاب وكذاب فقط )
والعجب كل العجب ممن يقول أني مؤمن بالله وتتوالى جهوده مشككا في الكتاب العزيز مكذبا للنبي الكريم فمن الغباء المحض والتناقض البين أن يدين رجل بدين يعتقد بأن كتابه محرف ونبيه كاذب.
(وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ 51 وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ 52وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ 53وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ 54
*تركي
29 - أغسطس - 2010
فسحة أخرى .. نص رحلي.. مهدى لللأخت لمياء .    كن أول من يقيّم
 

كيف استحضرت أجدادي القدامى وأنا على أرض الجزيرة العربية

كنت أتأمل في الوجوه والسحنات علِّي أعثر على شبيه لي
أحمد المديني
يستعرض أحمد المديني في هذه السلسلة مجموعة من مشاهداته في الديار المقدسة عندما قام برحلة لحج بيت الله الحرام، وهناك عاين مجموعة من الظواهر التي أثارت
انتباهه وجعلته مصرا على ترسيخها في عمل أدبي ينتمي إلى الجنس الرحلي الذي رآه قادرا على قبول تنوع مادته واختلاف أشكالها وأنواعها .
طريق المهاجرين
 إذا قِستَ المسافة من مكة إلى المدينة، في الزمن الذي تمت فيه الهجرة النبوية، وبظروف وأحوال ذلك العهد البعيد الآن، أي أربعة عشر قرنا وثلاثين عاما، تاريخ كتابة هذا السِّفر، فلن تتردد في القول بأن رواد تلك الهجرة العظيمة، الذين خرجوا بأنفسهم وعقيدتهم، كي يغذوها وينشروها بعد ذلكم في الآفاق إنما هم أرواح، فضلا عن كونهم أبدان كانت تمشي في الأرض. وإلا، أي قوة وأي جَلَد على التحمل أوتيه أناس أخرجوا من ديارهم، ليتحملوا مشاق السفر، متنقلين بين الوعر، ومتجشمين من الصعاب ما لا نستطيع اليوم تخيله، ولو تخيلناه لن نتحمله بما هو متاح لنا من ترف. حين وصلت إلى جدة التي سننتقل منها إلى الجنوب، إلى مكة المكرمة لم أفكر في شمالها، حيث المقام النبوي الشريف قط. بدت الجغرافيا الإلهية عندي محصورة، بالأحرى محددة في الأماكن التي ُتقضى فيها المناسك وحدها ويتجسد الحج
وفيها بقي تركيزي منذ البداية إلى اللحظة التي تركنا فيها المسجد الحرام يسبح في كل الأضواء. أمَا وقد عدتُ إلى نقطة الانطلاق في جدة فإن هذه الجغرافيا استعادت حقوقها المؤجلة لتشمل بلاد الله كلها في الجزيرة العربية، في قلبها بعد الذي عشنا المدينة المنورة، المهبط الآخر للوحي، وعماد نشر الدعوة الإسلامية، ومركز خلافتها. بعد يوم استراحة في العاصمة الاقتصادية لآل سعود كنا نطوي الطريق إليها، هذه المرة يقود ركبنا سائق أندونيسي نحيل القامة مثل الألف، لا يتمتع بتاتا بمهارة الدارفوري، ويحترم السرعة حرفيا، طلبت منه السيدة المصون أن يسرع فهي متلهفة للوصول إلى المقام، خاصة بعد أن وعدت مراسليها بأنها «حتدعي» لهم من هناك، وعلى وجه السرعة، فرد بحسم: «مو معقول، ما يقبل أنا، خمسمائة ريال!»، وكان المقصود أنه غير مستعد لدفع هذا المبلغ، ذعيرة، لو ضبطته شرطة الطريق مخالفا. بينما تمنيت أن يبطئ لأملأ عيني أوسع ما يكون من الطريق، من المساحات الفسيحة، حتى وهي شبه جرداء، رحت أعمّرها بخيالي، بمخزون ذاكرتي عن تاريخ العرب.
أنا عربي، أمس واليوم، وسأبقى عربيا، حتى في هذا الزمن الذي صار الانتماء فيه إلى العرب جريرة وسُبّة. في جميع البلدان التي عشت فيها وأعيش، فقد جئت إليها بجَدٍّ أو فرْع، أما هنا فإحساسي أني في أرض أجدادي، لذا ما انفكت مساحة الطريق تتفتق أنسابا ووجوها، حروبا وفرسانا، وقائع ومواقع ومضارب، شعراء وخطباء وكهنة، وقوافل غادية رائحة، والهوادج تحمل ربات الحجال، فيما شعراء يتيمة الدهر وشعرلامية العرب وقوف يتنافسون من سيبجل أكثر تاريخ القبيلة، ويجندل أكثر رؤوس الأعداء، ويذرف الدمع أغزر على الطلل المحيل، وأنا بينهم مثل سيدهم طراً امرئ القيس بن حجر:
 «يجول بآفاق البلاد مُغَرِّبا/ وتسحقه ريح الصَّبا كل مَسْحَق».
 كل نظرة رغبة في الاستعادة، ومن أجل استزادة لما علمت وما لم أعلم. ضبطتني أطيل النظر إلى وجوه العابرين، أتفحص قسمات الجميع ما أمكن، قاماتهم، أنصت للأقوال العابرة، والأحاديث، وللكلمات الشاردة، أيضا. ليس شأني التعرف عن من هم السعوديون، سكان شبه الجزيرة العربية، مواطنو هذه المملكة، هؤلاء الأقوام الذين لدينا عنهم معرفة صحيحة أو خاطئة، ونصدر عليهم وعلى أرضهم وحكامهم أحكاما متفاوتة، وأكثر ما ينظر الغرب إليهم من ناحية ثروتهم النفطية، ومقدار ما سيبرم معهم من صفقات رابحة، فيما لا يضيع فرصة للتعريض بهم/ بنا. شأني الأبعد حدسته في محاولتي الرجوع، ولو تخيّلا ووهما، إلى من كان آبائي وأجدادي، وهل هؤلاء يشبهونهم، والحق أن من رأيت وعاشرت والتقيت تعجبك خلقتهم وخلقهم، ولم يكن ينقصني إلا لحية خفيفة أو شارب بعد ارتداء الزَّيّ لأذوب في أسرابهم، أتحلى بالسماحة، والبشاشة، وعلى لساني دائما فأل حسن: أبشِر! أبشِر!
 أردت أن أستفيق من حلمي، أن أترجل لأمشي فوق بنية صلدة، علني أنسى مؤقتا أرض الأنبياء، هذا المكان المعلق بين الأعلى والأسفل، الممتد خارج الأزمنة. أن أعيش، بلغة اليوم، هنا والآن. إنما الزمن دائما يتداخل في عيني وذاكرتي، وأي كلام أو قول أفوه به أو أكتبه هو قولان، لا يحتمل لا الصدق ولا الكذب، حقيقة ومجاز في آن، يستمد من الواقع نسغه، حسه وجسّه، ومن ورائه يصعد علياءه، فإن جئت وأدركته، لو أدركته، سألت ويحه، كيف يجرؤ أن يقلب الأرض سماءً، يركب السماء كأنها الأرض، على هواه؟! كفر الإنسان ما أظلمه! إنما لا شك جدي الشعري سيعود يسعفني، لا شفيع لي سواه قبل الوصول إلى مقام الحبيب الندِيّ، أسمعه ينشد، لا ُفضَّ فوه، بشجوه المعهود بالشجن:
« هل عاد قلبك من ماوية الطربُ/ بعد الهُدُوّ فدمعُ العين ينسكب
 أم هيّجتك ديار الحي إذ ضعنوا / عنها كأن بعمايا رسمها كتبُ
بل طائفٌ هاج الشوق من فابتدرتْ/ له المدامع لا عانٍ ولا صَقِبُ...
حيّ الديار التي أبلى معالمها / عواصف الصيف بالخرجاء والحقبُ
جر الزمان عليها ذيل حلته / وفي الزمان وفي تصريفه عجبُ»
 قد لا يعجب كلامي كتاب وقراء هذه البلاد، ومن المحتمل أن يصنفوني في دائرة مستشرقين وزوار عجلين، يسيحون باحثين عن غرائب وعجائب، إذ أستطرف وأتخير ما يعجب، وربما رأوني أرسل الكلام على عواهنه. لكن عذري معي، لأني فطِنٌ من البداية إلى مآخذ ليست في وارد حسابي، ما دمت لست سائحا ولا ذا رؤية استشراقية، أولا، ولأني، بالنَّسَب والنَّصَب، جزء من المشهد، طلل قديم فيه، وكائن يقظ، رغم عتو الزمان لم ينقرض. وثالثا، وهذا هو الأهم، ورغم أن أهل مكة أدرى بشعابها، فإني علمت، بل عاينت، كيف أن قسما كبيرا منهم، أغلبهم من مترفيها، يغادرونها بسبب ما تعيشه من الاختناق أيام الحج، ولانقلاب طبيعة حياتهم سافلها عاليها، وبعد أن توسعوا في الرزق، أصبحوا في غنى عن خدمة السِّقاية والرِّفادة، وهكذا يصبح الحجيج هم أهل مكة، ويحق لهم أن يخبروا شعابها وحيثما نقلتهم أقدامهم، حتى وتأشيرة جوازهم محددة زمنيا ب»موسم الحج»، ومنها الطريق التي أخوض الآن، والمدينة، وأي مكان آخر في بلاد الله هذه يهفو إليه الفؤاد، فليعلموا أنها له، لكل من تطلع لرب الكعبة، وعشق نبيه الكريم، لهم بها حق مذ انطلقت منها دعوة الدين الحنيف، لا تثريب عليهم ففي وجههم نظر، ثم أليسوا، من قبل ومن بعد، ضيوف الرحمن؟!
 

*abdelhafid
30 - أغسطس - 2010
من يوميات مسافر إلى القاهرة ..    كن أول من يقيّم
 
فسحة
 يوميات مسافر إلى القاهرة .. قاهرة اليوم الأخير
شعيب حليفي
في الليلة الأخيرة لي بالقاهرة ، عدتُ متأخرا إلى غرفتي بفندق البيراميزا ، وعاد إليَّ شيطان النثر، وهو غير سلطان الشعر الرشيق. فصاحبي جاءني محملا بخاطر متخيل تعج به عدد من الحقائق ،ملأني بالكتب والوثائق... وذكَّرني بالنص النائم الذي يستفيق بداخلي كلما هاجرتُ وطني. فقلت له بأن نصوصا نائمة كثيرة تزدحم في نفسي التي لا ألومها على شيء في كل هذا، سواء هنا أو هناك .
أخرجتُ أوراقي القديمة، وقرأتُ ما كنتُ كتبته في رحلتيَّ السابقتين إلى القاهرة والشام، ثم رميتُ القلم وتمددتُ في الفراش متفكرا في ما جرى لاحقا.وسرعان ما نسيتُ الأمر ونمت تاركا شيطان النثر واقفا دون أن يلوي على شيء من خيالي..
في الغد ، يوم عودتي إلى المغرب، وبعد زيارتي المبكرة لشارع المعز لدين الله ، عدتُ إلى غرفتي واستحممتُ ثم نزلتُ لتناول فطور الصباح مع أصدقائي دون أن أخبرهم برحلتي «العجيبة « إلى القاهرة القديمة ، وقد انتابني شعور مزدوج ، خبأته بداخلي ..
لم يعد أمام الفجر من خيار، أو من حقيقة أخرى، غير الاختباء في نفسي ، فكل ما رأيته ما زال جاثما على خيالي وقد طوح بي بعيدا في التاريخ ، حيث صوتي لم يعد صوتي، بل شريانا من دمي، أكلم به نفسي فيخدش صمتي لتطلع منه أبخرة حارة، لو قشرتها لوجدت دمي الضائع مند قرون.هكذا رأيتُ الأشياء وعشتها في هذا الفجر .
قررتُ رفقة أصدقائي استثمار السويعات المتبقية لنا في جولة أخيرة على الأقدام بوسط البلد ، فعبرنا كوبري الجزيرة صامتين ،لم نكن نتكلم كثيرا في ما بيننا ..فكل واحد منا يتأمل لحسابه الخاص ويختزن الصور الأخيرة لنا في هذه الرحلة الممتعة .
أحسستُ أن أنفاسي وهي تُخالطُ رائحة ماء النيل النفاذة في ذلك الصباح الباكر مثل نهر ممتد تطلع منه أبخرة ندية ضاجة بروائح روحانية..تستولد بدواخلي أحاسيس بائدة ومتوغلة في مناطق قصية من وجداني.أحاسيس تتراءى لي بأني كنت في هذه الأرض قبل مئات القرون ولما تزال آثارها المتجددة.. بنفس الدهشة التي كانت تتلبس سيدنا يوسف وكل الأنبياء الذين مروا من هناك .
مشينا لساعة تحت نفس الشموس التي تشرق على الأحلام الممددة غربا إلى حيث تتبلل بما فاض من ذهولي..بدأنا نحس بشراسة الشمس فوق رؤوسنا فدخلنا إحدى المقاهي الشعبية جالسين لفترة نتحدث ونضحك ونحن نحتسي الشاي.

< < < <

تواصلت جولتنا إلى غاية الواحدة ظهرا ثم ركبنا التاكسي عائدين إلى الفندق بعدما أخذ منا التعب مأخذا. وهناك تناولنا وجبة الغذاء وأسرعنا لجمع حوائجنا في انتظار التوجه إلى المطار مع الأخذ بعين الاعتبار زحمة الطريق والمطار.
كل واحد منا - ونحن في طريق العودة - يشعر بأننا قضينا سنوات طويلة بالقاهرة وليس أسبوعا واحدا ...ولو قيض لكل واحد منا أن يكتب رحلته هذه لشكلت نصوصا تعكس الرؤية الثقافية ، بخصوصياتها، هذا فضلا عما يوحي به السفر من رغبة في الكتابة والتخييل الموازي .



ج. الاتحاد الاشتراكي المغربية
8/28/2010
*abdelhafid
30 - أغسطس - 2010
قلت ذات يوم    كن أول من يقيّم
 

مرتد العصر الحديث ،صديقى وأخى الأستاذالدكتور /نصر أبو زيد.
هذا المفكر والمثقف الذى اغتالته مفاهيم فكرية رأت فى مفهوم نصه (مفهوم النص)كتابه.. الذى كان سبباً فى وقوفه فى وجه الريح العاصف ،وعلى إثره كانت الأحكام القضائية،وغربته خارج مصر و العالم العربى الإسلامى !!وإقامته فى إحدى البلاد الأوروبية، التى طالت وستطول.
حاول د.نصر.. أن يطرح النص القرآنى من خلال العقل ويناقشه وبنص كلامه"أن النص فى حقيقته وجوهره منتج ثقافى .والمقصود بذك أنه تشكل فى الواقع والثقافة خلال فترة تزيد عن العشرين عاماً"

وقلت له _آنذاك _أن ما تطرحه مكمن الخطورة،ولن يتقبله العقل العربى الإسلامى بسهولة ،وستكون الحرب الضروس.
وقد تحقق وبشراسة ما كان يتوقعه وأتوقعه من حرب ضروس ،نالت منه ومن كتبه وأبحاثه.
ولا أنسى المرحوم الدكتور /محمد النويهى (ابن عم والدى يرحمهما الله)ومقالته الإصلاحية فى مجلة الآداب البيروتية ، التى فى حينها،ستينيات وسبعينيات القرن الماضى ،مثلت خطورة فكرية ،جنت على سمعته كباحث متميز ومثقف عربى لايبارى،وبعد وفاته سنة 1981م، صدرت هذه المقالات فى كتاب "نحو ثورة فى الفكر الدينى".
وفى أخريات حياته ،كان عضواً فى لجنة تعديل قوانين الأسرة التى طالبت بها السيدة جيهان زوجة الرئيس الراحل أنور السادات.
وقدم دراسة خطيرة ،طالب فيها بإعمال العقل وطرح المشكلات الحياتية وإيجاد الحلول لها وفقاً للواقع ...
وكانت لدىّ نسخة وحيدة ..وجدتها بمكتبته، أعطيتها للدكتور /نصر ،لقراءتها وكتابة دراسة حول ما طرحه الدكتور النويهى ،وقت حاولت فى منتصف التسعينيات ،إقامة مهرجان ثقافى وفكرى حول فكره وأبحاثه.
ثم جرت فى النهر مياه كثيرة وعلت الأمواج والحكم بارتداد د/نصر والتفريق بينه وبين زوجته الدكتورة إبتهال يونس ،ثم توقف المهرجان ولأجل غير مسمى .

ولا أنسى ماكتبه فى "مفهوم النص"ص11 طبعة 1990م الهيئة المصرية العامة للكتاب .مصر
"لنا أن نقول أن الحضارة المصرية القديمة هى حضارة "مابعد الموت"، وأن الحضارة اليونانية هى حضارة "العقل"،أما الحضارة العربية والإسلامية فهى حضارة" النص".
*عبدالرؤوف النويهى
3 - سبتمبر - 2010
 3  4  5  6