اتفاق الشرائع مع القوانين وافتراقهما السرقة محرمة في الشرع ، ومحرمة في القانون ، فمن ترك السرقة ، ممكن تقول : يخاف من السجن ، والمسؤولية ، ولك أن تقول : يخاف من الله ، ما الحقيقة ؟ الله أعلم ، لكن الذي يغضُّ بصره عن محارم الله ، يقيناً يخاف من الله ، لأنه ليس في الأرض كلها تشريعٌ أو قانونٌ ، يأمرُ بغض البصر ، إذن هنا افترقت الشريعة عن القانون . الصيام ، بإمكانك أن تدخل البيت في أيام الصيف الحارة ، وأن تدخل الحمام بعيداً عن نظر أولادك وزوجتك ، وأن تشرب الماء النمير البارد ، من العداد رأساً ، ولا يدري بك أحد ، إذن الصيام عبادة الإخلاص ، ما دمت تمتنع عن أن تشرب قطرة ماء ، إذن أنت تُراقب الله عزَّ وجل . يعني حكم العِبادات أحياناً ، من أجل أن تعلم أنك تحب الله ، من أجل أن تعلم أنك تعلم أن الله يُراقبك ، من أجل أن ترتفع معنوياتك ، من أجل أن تُحس أنك في رضي الله عزَّ وجل ، إذن لا تستغرب ، أنه يا أخي ما هذه الحياة ، كلها صراع ، نفسي تميل ، وفي الطريق نساءٌ كاسياتٌ عاريات ، والله يأمرني أن أغض بصري ، وضع غير طبيعي ، لا هذا هو الطبيعي ، لأنه خلقك للجنة ، وثمن الجنة ضبط الشهوات ، لأنه خلقكَ لحياةٍ أبدية لا تنتهي وأن ثمن هذه الجنة : ( سورة النازعات ) فأنا أتمنى دائماً أن أوضح لإخواننا الشباب ، كما أنه ليس في الإسلام حرمان ليس فيه تفلُّت ، الله قال : ( سورة الحديد : آية " 27 " ) هم كتبوها على أنفسهم ، هم اجتهدوا فأخطؤوا ، والدليل أنهم أخطأوا : ( سورة الحديد : آية " 27 " ) لم يتمكنوا ، لأنها خلاف الفطرة ، الترهُّب ، الرهبنة ، خلاف فطرة الإنسان لذلك القصص التي تروى ، عن الرهبان في انحرافاتهم الجنسية ، لا تعدُّ ولا تحصى ، لأنهم ألزموا أنفسهم ، ما لا ينبغي أن يكون ، ما كتبناها علينا ، والدليل أنهم : ( سورة الحديد : آية " 27 " ) فالإسلام دين الفطرة ، فكما أن الإسلام ، ما كلفك ما لا تطيق ، كذلك ما أطلقك إلى حيث تريد ، في منهج ، يعني تقريباً ، طريق ، الطريق عريض ، لك حرية الحركة في حدود هذا الطريق ، لكن بعد الطريق هناك ممنوعات . فأجمل حياة يعيشها ، حياة القيم ، حياة المنهج ، حياة الدستور ، أنظر إلى السيارة أروع ما تكون وهي على الطريق المعبَّد ، لأن هذا الطريق صنع لهم ، وهي صنعت له ، فإذا سارت على الطريق المعبدَّ ، تجدها كلها مرتاحة ، لا يوجد أصوات أبداً ، أما إذا نزلت إلى الطريق الوعر ، تحس أن هذه الطريق ليست لهذه السيارة ، وهذه المركبة ليست لهذا الطريق . أردت من هذه المقدمة ، أن نربط الجزئيات بالكليات ، لا أن نبقى في هذه حرام لماذا حرام ؟ أنت تعيش في مجتمع ، هناك أناس ليس لديهم وازع ديني إطلاقاً ، أما آتاهم الله منطقاً ، عندهم عقل ، فإذا ملكت الحجَّة ، بالمناسبة : " ما اتخذ الله ولياً جاهلاً ، لو اتخذه لعلمه ". ( سورة الأنعام : أية " 83 " ) يعني يوجد قوة للمؤمن ، قد تكون غير مادَّية ، قد يكون مؤمن ، يعني من أقل المراتب في المجتمع ، قد يكون موظف ، صغير جداً ، ضارب آلة كاتبة ، حاجب قد يكون لكن قوته نابعةٌ من حجته ، لما ربنا قال : ( سورة الأنعام : أية " 83 " ) لكل مؤمنٍ من هذه الآية نصيب ، قوةٌ ، يجوز حاجب في دائرة ، يناقش المدير العام المتفلت ، الذي عقيدته فاسدة ، هذا الحاجب ، أقوى منه في المناقشة ، المؤمن ، يعلّم لماذا يغضُّ بصره ؟ يعلَّم لماذا يصوم ؟ يعلّم لماذا يصدق ؟ يعلّم لماذا يتكلَّم بالحق ؟ فنحن نريد مؤمن متمكِّن ، لا أريد مؤمن يطبِّق الإسلام إلى حين ، لو أنَّك عرفت الأمر الشرعي من دون حيثيات ، من دون أن تربطه بالكلّيات ، من دون عقيدة صحيحة ، يمكن _أن تنطبق الأمرّ ، لكن مقاومتك هشة ، هشة ، يعني أدنى ضغط ، أو أدنى إغراء ، تجد مقاومتك قد انهارت ، لذلك كلّ إنسان يربي ، كل إنسان يبني إخوانه بناء ، إذا بنى النفوس بناء صحيح بناء علمي ، بناء منطقي ، على أساس من العقيدة الصحيحة ، تجد هذا الأخ قوياً ، أي قوي في دينه ، أينما ذهب مستقيم ، الملاحظ لما ينبني إنسان بناء هش ، أو يبنى بناء نصِّي غير تعليلي . يعني أنت عندما تعرف أن هذا الأمر مربوط ، بهذه العقيدة الصحيحة ، مربوط بهذه الكلِّية ، أي أنت مؤمن بخالق الكون ، أنت مخلوق للجنّة ، والجنّة ثمنها ، ضبط الشهوات الشهوات أودعت فيك لترقى بها إلى الله ، أودعت فيك ، هذا الذي أتمنى أن يكون واضحاً للكل. |