البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التربية و التعليم

 موضوع النقاش : اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.    قيّم
التقييم :
( من قبل 64 أعضاء )

رأي الوراق :

 د يحيى 
11 - مايو - 2010
                    اتفاق الشرائع مع القوانين وافتراقهما
السرقة محرمة في الشرع ، ومحرمة في القانون ، فمن ترك السرقة ، ممكن تقول : يخاف من السجن ، والمسؤولية ، ولك أن تقول : يخاف من الله ، ما الحقيقة ؟ الله أعلم ، لكن الذي يغضُّ بصره عن محارم الله ، يقيناً يخاف من الله ، لأنه ليس في الأرض كلها تشريعٌ أو قانونٌ ، يأمرُ بغض البصر ، إذن هنا افترقت الشريعة عن القانون .
الصيام ، بإمكانك أن تدخل البيت في أيام الصيف الحارة ، وأن تدخل الحمام بعيداً عن نظر أولادك وزوجتك ، وأن تشرب الماء النمير البارد ، من العداد رأساً ، ولا يدري بك أحد ، إذن الصيام عبادة الإخلاص ، ما دمت تمتنع عن أن تشرب قطرة ماء ، إذن أنت تُراقب الله عزَّ وجل .
يعني حكم العِبادات أحياناً ، من أجل أن تعلم أنك تحب الله ، من أجل أن تعلم أنك تعلم أن الله يُراقبك ، من أجل أن ترتفع معنوياتك ، من أجل أن تُحس أنك في رضي الله عزَّ وجل ، إذن لا تستغرب ، أنه يا أخي ما هذه الحياة ، كلها صراع ، نفسي تميل ، وفي الطريق نساءٌ كاسياتٌ عاريات ، والله يأمرني أن أغض بصري ، وضع غير طبيعي ، لا هذا هو الطبيعي ، لأنه خلقك للجنة ، وثمن الجنة ضبط الشهوات ، لأنه خلقكَ لحياةٍ أبدية لا تنتهي  وأن ثمن هذه الجنة :
 
( سورة النازعات )
 
فأنا أتمنى دائماً أن أوضح لإخواننا الشباب ، كما أنه ليس في الإسلام حرمان  ليس فيه تفلُّت ، الله قال :
 
( سورة الحديد : آية " 27 " )
 
هم كتبوها على أنفسهم ، هم اجتهدوا فأخطؤوا ، والدليل أنهم أخطأوا :
( سورة الحديد : آية " 27 " )
 
لم يتمكنوا ، لأنها خلاف الفطرة ، الترهُّب ، الرهبنة ، خلاف فطرة الإنسان   لذلك القصص التي تروى ، عن الرهبان في انحرافاتهم الجنسية ، لا تعدُّ ولا تحصى ، لأنهم ألزموا أنفسهم ، ما لا ينبغي أن يكون ، ما كتبناها علينا ، والدليل أنهم :
( سورة الحديد : آية " 27 " )
 
فالإسلام دين الفطرة ، فكما أن الإسلام ، ما كلفك ما لا تطيق ، كذلك ما أطلقك  إلى حيث تريد ، في منهج ، يعني تقريباً ، طريق ، الطريق عريض ، لك حرية الحركة في حدود هذا الطريق ، لكن بعد الطريق هناك ممنوعات .
فأجمل حياة يعيشها ، حياة القيم ، حياة المنهج ، حياة الدستور ، أنظر إلى السيارة أروع ما تكون وهي على الطريق المعبَّد ، لأن هذا الطريق صنع لهم ، وهي صنعت له ، فإذا سارت على الطريق المعبدَّ ، تجدها كلها مرتاحة ، لا يوجد أصوات أبداً ، أما إذا نزلت إلى الطريق الوعر ، تحس أن هذه الطريق ليست لهذه السيارة ، وهذه المركبة ليست لهذا   الطريق .
أردت من هذه المقدمة ، أن نربط الجزئيات بالكليات ، لا أن نبقى في هذه حرام  لماذا حرام ؟ أنت تعيش في مجتمع ، هناك أناس ليس لديهم وازع ديني إطلاقاً ، أما آتاهم الله منطقاً ، عندهم عقل ، فإذا ملكت الحجَّة ، بالمناسبة :
" ما اتخذ الله ولياً جاهلاً ، لو اتخذه لعلمه ".
 
( سورة الأنعام : أية " 83 " )
 
يعني يوجد قوة للمؤمن ، قد تكون غير مادَّية ، قد يكون مؤمن ، يعني  من أقل المراتب في المجتمع ، قد يكون موظف ، صغير جداً ، ضارب آلة كاتبة ، حاجب قد يكون  لكن قوته نابعةٌ من حجته ، لما ربنا قال :
 
( سورة الأنعام : أية " 83 " )
 
لكل مؤمنٍ من هذه الآية نصيب ، قوةٌ ، يجوز حاجب في دائرة ، يناقش المدير العام المتفلت ، الذي عقيدته فاسدة ، هذا الحاجب ، أقوى منه في المناقشة ، المؤمن ، يعلّم لماذا يغضُّ بصره ؟ يعلَّم لماذا يصوم ؟ يعلّم لماذا يصدق ؟ يعلّم لماذا يتكلَّم بالحق ؟ فنحن نريد مؤمن متمكِّن ، لا أريد مؤمن يطبِّق الإسلام إلى حين ، لو أنَّك عرفت الأمر الشرعي  من دون حيثيات ، من دون أن تربطه بالكلّيات ، من دون عقيدة صحيحة ، يمكن _أن تنطبق الأمرّ ، لكن مقاومتك هشة ، هشة ، يعني أدنى ضغط ، أو أدنى إغراء ، تجد مقاومتك قد انهارت ، لذلك كلّ إنسان يربي ، كل إنسان يبني إخوانه بناء ، إذا بنى النفوس بناء صحيح  بناء علمي ، بناء منطقي ، على أساس من العقيدة الصحيحة ، تجد هذا الأخ قوياً ، أي قوي في دينه ، أينما ذهب مستقيم ، الملاحظ لما ينبني إنسان بناء هش ، أو يبنى بناء نصِّي غير تعليلي .
يعني أنت عندما تعرف أن هذا الأمر مربوط ، بهذه العقيدة الصحيحة ، مربوط بهذه الكلِّية ، أي أنت مؤمن بخالق الكون ، أنت مخلوق للجنّة ، والجنّة ثمنها ، ضبط الشهوات الشهوات أودعت فيك لترقى بها إلى الله ، أودعت فيك ، هذا الذي أتمنى أن يكون واضحاً للكل.
 4  5  6  7  8 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
ترويحة    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
كافـر يحفظ القرآن
كان إبراهيم بن هلال الصابئ الحراني المشرك - الذي مات سنة 384هـ – يأبى الدخول في الإسلام .
وكان مع كفره
يصوم رمضان ، ويحفظ القرآن .
فانظر كيف عرف هذاالحق وأعماه
الحقد على الإسلام عن اتباعه .
المصدر : نزهة الفضلاء 3/1196
 
 
كلما هم بالزواج رأى زوجته !
كلما هم بالزواج رأى زوجته !
كان رجل من أصدقاء إبراهيم بن محمد بن عبد المحسن الحنفي المتوفى سنة 803 للهجرة ماتت امرأته،فطالت عزبته.
فسئل عن ذلك فقال : لم أهم بالتزويج إلا رأيتها فأواقعها فأصبح وهمتي
باردة عن ذلك .
قال : فاتفق أنه تزوج أختها بعد ثلاث سنين
فلم يرها بعد ذلك في المنام.
المختار المصون من أعلام القرون 1/333
 
حيلة ودهاء
من الغريب أن ابن خطيب داريا كان يشهد في قيمة الأملاك بدمشق .
فكتب كتاب قيمة دار وصفها وحددها ، وقدمه للبرهان بن جماعة القاضي
ليأذن في عمله فبان له تلاعبه وأن هذه الدار هي الزاوية المعروفة بالغزالية من جامع بني أمية وأنه سلك في صنيعه طريقته في التصرف في الكلام وسماها الغزانية ليتمكن بعد من إصلاحها الغزالية ويبلغ مراده من التشنيع على القاضي في كونه أذن في بيع قطعة من الجامع الأموي ففطن القاضي لصنيعه ورام الإيقاع به إلى القاهرة .
المرجع
: المختار المصون من أعلام القرون للدكتور محمد موسى الشريف (1/491).
 
 
جزرة يداوي بها المرضى
حدث سهل بن شاذويه ، أنه سمع الأمير خالد بن أحمد يسأل أبا علي [ أي : الإمام الحافظ صالح بن محمد ، الملقب جزرة ]: لم لقبت جزرة ؟
قال : قدم علينا عمر بن زرارة ، فحدثهم بحديث عبدالله بن بسر : أنه كان له خرزة
للمريض ، فجئت وقد تقدم هذا الحديث ، فرأيت في كتاب بعضهم وصحت بالشيخ : يا أبا حفص ، يا أبا حفص ، كيف حديث عبد الله بن بسر: أنه كان له جزرة يداوي بها المرضى ، فصاح المحدثون المجان ، فبقي علي حتى الساعة .
نزهة الفضلاء 2/1011
 
 
خرج من لثغته خلاف بغيته
كان عبد الوهاب بن عبد الوهاب السيد تاج الدين الصلتي
المتوفى عام اثنين وثمانين وتسع مئة يلثغ بالراء ، ووقعت لولده محنة اتهم فيما بقتل ، فشكا حاله وبث حزنه للشيخ الوالد فكان يقول : ظلموا ولدي واتهموه و والله إنه لبغيء مما اتهموه، يريد إنه بريء،فقال الوالد وتلطف :
             قد جاءني التاج يوماً               يقــول أنت غضي 
             وإن نَجْـــــــــلي ندْب               مثل السحاب غوي 
             قد اتهمـــــــــوه بقتل               وإنه لبغـــــــــــي
يريد رضي ، وروي ، وبري ، فخرج من لثغته خلاف بغيته.
المختار المصون من أعلام القرون ، للدكتور محمد موسى الشريف
(831/2)
 
المصدر: موقع د/ محمد موسى الشريف.
 
 
 
 
 
 
*د يحيى
17 - مايو - 2010
لقب ( خادم الحرمين الشريفين).    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم
 
 
 
 : 280
لقب خادم الحرمين الشريفين في النقوش والكتابات التاريخية
 د / محمد عقل
 
كان صلاح الدين الأيوبي المكنى أبا المظفر يوسف بن أيوب أول من اتخذ لنفسه لقب خادم الحرمين الشريفين، ويبدو أنه فعل ذلك بعد تحريره لبيت المقدس عام 583ھ/1187م إذ لم نجد في المصادر قبل هذا التاريخ ذكراً لهذا اللقب، في سنة 587ھ/1191م قام صلاح الدين ببناء سور(عمارة) وحفر خندقاً حول مدينة القدس، وقد خلد ذلك في كتابة تذكارية موجودة حالياً في قبة يوسف الواقعة في الجهة الجنوبية لصحن قبة الصخرة المشرفة بين القبة النحوية ومنبر برهان الدين، ولأهمية هذه الكتابة التذكارية في بحثنا نوردها كاملة:
كتابة تذكارية من عهد صلاح الدين الأيوبي في قبة يوسف في القدس الشريف
{بسم الله الرحمن الرحيم وصلواته على محمد النبي وآله. أمر بعمارته وحفر الخندق مولانا صلاح الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين خادم الحرمين الشريفين وهذا البيت المقدس أبو المظفر يوسف بن أيوب محي دولة أمير المؤمنين أدام الله أيامه ونصر أعلامه في أيام الأمير الاسفهسلار الكبير سيف الدين علي بن أحمد أعزه الله في سنة سبع وثمانين وخمسماية للهجرة النبوية}(1 ).
واضح من الكتابة الواردة أعلاه أن صلاح الدين الأيوبي سَمَّى نفسه خادم الحرمين الشريفين وهذا البيت المقدس، أي خادم المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي في المدينة والمسجد الأقصى في مدينة القدس، معتبراً الأقصى في المرتبة الأولى بعد الحرمين الشريفين، وقد أكد من أرخّوا للدولة الأيوبية على كون صلاح الدين منقذ القدس وخادم الحرمين الشريفين كما فعل ابن شداد في مقدمة كتابه النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية حيث يقول عنه: {مولانا السلطان، الملك الناصر، جامع كلمة الإيمان...صلاح الدنيا والدين، سلطان الإسلام والمسلمين، منقذ بيت المقدس من أيدي المشركين، خادم الحرمين الشريفين}(2).
دأب سلاطين المماليك على إظهار تمسكهم بالإسلام والذب عنه ، واعتنوا كثيراً بالأماكن المقدسة في الحجاز والقدس، ولقب كل واحد منهم نفسه بخادم الحرمين الشريفين، فقد ذكر ابن بطوطة في كتابه تحفة النظار في غرائب الأمصار أنه زار مصر سنة 725ھ/1324م وهو في طريقه للحج وأشاد بالسلطان المملوكي بقوله :{وكان سلطان مصر على عهد دخولي إليها الملك الناصر أبو الفتح محمد بن المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي ...وللملك الناصر السيرة الكريمة والفضائل العظيمة، وكفاه شرفاً انتماؤه لخدمة الحرمين الشريفين، وما كان يفعله كل سنة من أفعال البر التي تعين الحجاج من الجمال التي تحمل الزاد والماء للمنقطعين والضعفاء، وتحمل من تأخر أو ضعف عن المشي في الدربين المصري والشامي}(3).
وفي كتابة تذكارية على مدخل قبة مدرسة قايتباي بالقرافة في القاهرة مؤرخة في سنة 879ھ/1474م ورد: {ملك البرين والبحرين، خادم الحرمين الشريفين، سيد ملوك العرب والعجم، السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي أعَزَّ الله تعالى أنصاره وختم بالصالحات أعمالنا وأعماله...}(4).
 يبدو أن الحكم في الحجاز قد آل لفترة معينة إلى ملوك اليمن ، ولكن أحداً منهم لم يلقب نفسه بخادم الحرمين الشريفين ، وإنما بلقب سلطان الحرمين كما يتبين ذلك من نقش الملك الأفضل العباس بن علي الرسولي الذي ترك على مدخل قلعة الدملؤة (المنصورة) باليمن حجراً عليه كتابة تذكارية مؤرخة في 24 رجب سنة 768ھ/26 آذار 1367م هذا نصها:{بسم الله الرحمن الرحيم إنّا فتحنا لك فتحاً مبيناً، أمر بعمارته مولانا ومالك عصرنا السلطان بن السلطان العالم العادل ضرغام الإسلام غياث الأنام سلطان الحرمين والهند واليمن مولانا السلطان الأفضل من الأنام والملك المجاهد أمير المؤمنين العباس بن علي بن داود بن يوسف بن عمر بن علي رسول- خلد الله ملكه ونصره- رفعت العتبة المباركة بتاريخ الرابع والعشرين من رجب سنة ( ثمان وستين وسبعمائة) مؤيداً بالنصر والتوفيق ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم }5.
يبدو أن المماليك انشغلوا في أمورهم الداخلية، ولكنهم سرعان ما استعادوا السيطرة على بلاد الحجاز محتفظين بلقب خادم الحرمين الشريفين ، وما يترتب على ذلك من رعاية للأماكن المقدسة سواء في مكة أو المدينة أو القدس، حيث كان سلطان مصر يشرف بنفسه على صناعة كسوة الكعبة وتسفيرها مع ركب المحمل (6 ).
في عهد السلطان المملوكي قانصوه الغوري أتى البريد بأن السلطان العثماني سليم الأول يحشد حشوده لغزو الشام ومصر فوجه رسالة إلى السلطان سليم الأول جاء فيها: {علمنا أنك جمعت عساكرك ، وأنك عزمت على تسييرهم علينا فتعجبت نفسنا غاية التعجب لأن كلنا والحمد لله من سلاطين أهل الإسلام ، وتحت حكمنا مسلمون موحدون} فرد السلطان سليم بما يلي :{ يعلم الله وكفى به شهيداً أنه لم يخطر ببالنا طمع في أحد سلاطين المسلمين أو في مملكته ، أو رغبة في إلحاق الضرر به ، فالشرع الشريف ينهى عن ذلك}(7 ).
تفاقمت الأمور بين الاثنين فجرد العثمانيون جيشاً وأرسلوه إلى الشام حيث التقى الجمعان في معركة مرج دابق، فقُتِلَ قانصوه وهُزِمَ المماليك ، ودخل السلطان سليم خان الأول مدينة حلب ، وصلى في مسجدها ، وعن ذلك يقول قطب الدين النهروالي في كتابه الإعلام بأعلام بيت الله الحرام: {وحضر صلاة الجمعة ، وخطب الخطيب باسمه الشريف، ودعا له ولآبائه ، وأسلافه وبالغ في المدح ... وعندما سمع السلطان سليم الخطيب يقول في تعريفه خادم الحرمين الشريفين سجد لله تعالى شكراً ، وقال: الحمد لله الذي يَسَّر لي أن صِرْتُ خادم الحرمين الشريفين، وأضمر خيراً وإحساناً جزيلاً لأهل الحرمين الشريفين، وأظهر الفرح والسرور بتلقبه بخادم الحرمين الشريفين وخلع على الخطيب خلعاً متعددة وهو على المنبر وأحسن إليه إحساناً كثيراً بعد ذلك، وأقام بحلب أياماً يسيرة وهو يمهّد الملك ويجري أحكام المعدلة والسياسة ويحسن إلى العرب} (8).
كان ذلك في يوم الجمعة 15 شعبان 922ھ/14 أيلول 1516م، ويقول ابن طولون : إنه في يوم الجمعة 7 رمضان حدث شيء مشابه في الجامع الأموي :{وكان الخطيب القاضي الشافعي الولوي بن الفرفور أجاد في خطبته ، واستطرد في الخطبة الأولى إلى ذكر السبعة، الذين يُظّلهم الله (يوم لا ظل) إلا ظله، ومنهم الإمام العادل، وطَبَّقَ ذلك على ملك الروم الحاضر مُسجّعاً ؛  وذكر في الثانية نسبه باختصار عند الدعاء له، ولقبه بالملك المظفر ، وصَرَّحَ بأنه سلطان الحرمين الشريفين }...
ولما فرغت الصلاة أرسل للخطيب خلعاً متعددة ، ومثلها للمؤذنين ، ومثلها لأئمة الجامع المذكور، وألفاً لبواب المقصورة، ومع ذلك مائة رأس من الغنم اقتسموها ثم ذهب إلى المصطبة (9).
بناء على ورد أعلاه يمكننا أن نستنتج أن خطباء المساجد في الشام هم الذين أطلقوا على السلطان العثماني لقب خادم الحرمين الشريفين، ولا بد أن هؤلاء فعلوا ذلك لاعتقادهم بأن سليم الأول ليس أقل شرفاً من السلطان المملوكي، أو أن سليماً أوحى إلى بطانته برغبته في أن يرث لقب خادم الحرمين الشريفين، وهؤلاء أوحوا إلى خطباء المساجد ففعلوا ما فعلوا..!. 
دأب الخلفاء العثمانيون على رعاية المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي بالمدينة والمسجد الأقصى في بيت المقدس باعتبار الأخير أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين متأسين بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم:{لا تُشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجد الأقصى}-رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة، فهذا السلطان سليمان القانوني بن سليم الأول يبني سبيلاً للشرب في المسجد الأقصى ، ويخلد عمله هذا بكتابة تذكارية مؤرخة في 22 رجب 943ھ/6 كانون الثاني 1537م وفيما يلي نصها:{أمر بإنشاء هذا السبيل المبارك مولانا السلطان الملك الأعظم الخاقان المُكبَّر ، ومالك رقاب الأمم سلطان الروم والعرب والعجم ، عز الإسلام والمسلمين ، ظل الله في العالمين ، حامي الحرمين الشريفين ، السلطان سليمان بن السلطان سليم خان خَلَّدَ الله ملكه وسلطانه ، وأدام الله عدله وإحسانه بتاريخ ثاني وعشرين شهر رجب المرجّب من شهور سنة ثلاث وأربعين وتسعماية}(10).
كتابة تذكارية على السبيل الموجود قبالة باب السلسلة فيالحرم القدسي الشريف
كان مصطلح حامي الحرمين الشريفين أقل تواضعاً من خادم الحرمين الشريفين، ولذلك نرى أن من جاء بعدسليمان من السلاطين يؤكد على تواضعه، ففي عهد السلطان العثماني مراد الثالث جدد جدار القبلة والروضة في المسجد النبوي الشريف عام 999ھ/1590م وقد نقش على الجدار ما نصه:{اللهم خَلِّدْ من جدد هذا الجدار المحترم وهو مولانا السلطان الأعظم والخاقان الأكرم سلطان القبلتين وخادم الحرمين الشريفين السلطان مراد خان...}، وفي عهد السلطان أحمد الأول جرى عام 1133 ھ/1720م إصلاح الحجرة النبوية الشريفة كما يفصح النقش التالي:{ اللهم أيد وانصر دولة من جدد هذه المنامتين الشريفتين ملك البرين والبحرين خادم الحرمين الشريفين السلطان بن السلطان الغازي أحمد خان بن الغازي محمد خان خَلَّدَ الله ملكه وذلك بمباشرة العبد الضعيف الحاج موسى ووافق بتجديد تاريخ المنامتين بالمسجد سنة ألف ومائة وثلاثة وثلاثين}، وفي عهد السلطان محمود الأول أُضيف في المسجد النبوي الشريف رواق من جهة القبلة وذلك في عام 1149ھ/1736م وعليه هذا النقش:{أمر بعمارة هذا الرواق الشريف ملك البرين والبحرين خادم الحرمين الشريفين مولانا السلطان الغازي محمود خان بن المرحوم سلطان مصطفى خان عَزَّ نصره وذلك بمعرفة الحاج أحمد باشا محافظ بندر الجدة المعمورة وبمباشرة تابعه الحاج محمد آغا في 1149}(11). كان السلطان العثماني يعين مسئولاً عن رعاية شؤون المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي في المدينة اسمه "ناظر الحرمين الشريفين (12).
يُروى أن أول من لَقَّبَ نفسه بخادم الحرمين الشريفين في العصر الحديث كان الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، ولكنه لم يُعلن ذلك رسمياً ، في عام 1407ھ/1986م قام الملك السعودي بتغيير لقب صاحب الجلالة ليصبح خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، وليكون بذلك أول ملك للمملكة العربية السعودية يلقب بهذا اللقب رسمياً ، كان الملك فهد يلقب بخادم الحرمين الشريفين قبل ذلك بقليل ، إذ في عام 1405ھ/ 1984م قام بوضع حجر الأساس لمشروع التوسعة السعودية الثانية لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وكُتِبَ عليه: { بسم الله الرحمن الرحيم: "في بيوت أذن الله أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال " صدق الله العظيم. بفضل الله تعالى تشرف خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله تعالى بوضع حجر الأساس لمشروع توسعة وعمارة المسجد النبوي الشريف في يوم الجمعة 9/2/1405ھ الموافق 2/11/1984م}.
ولما اكتمل العمل وضع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد آخر لبنة في هذا المشروع المبارك، وهي مثبتة بجانب المدخل رقم 38 المجاور لباب النساء، كُتِبَ عليها:{بسم الله وعلى بركة الله وتأسياً برسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود بوضع آخر لبنة يوم الجمعة 4/11/1414ھ الموافق 15/4/1994 في توسعة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خدمة للإسلام والمسلمين. والحمد لله رب العالمين}(13).
بعد وفاة الملك فهد في الأول من شهر آب سنة 2005 م ومبايعة أخيه ولي العهد الأمير عبد الله ملكاً للمملكة العربية تمسك الملك عبد الله بلقب خادم الحرمين الشريفين وهو لا يزال يفعل ذلك حتى يومنا هذا.
 وتتلخص خدمة الحرمين الشريفين في مكة والمدينة أولاً بالعمارة، حيث يقوم خادم الحرمين الشريفين بأعمال الترميم والصيانة والتحديث للمبنيين مانعاً عوامل الزمن من أن تعمل يدها فيهما، كما يقوم بتوسيع المبنيين من فترة لأخرى حتى يتمكنا من استيعاب الأعداد المتزايدة للمعتمرين والحجاج الوافدة إليهما.
أما الخدمة الثانية التي يؤديها خادم الحرمين فهي تقديم الخدمة للحجاج حيث يؤمن لهم الطعام والشراب وأماكن للمبيت، ويعرف ذلك بالسقاية والرفادة، ناهيك عن الخدمات المقدمة في مشاعر الحج، وكسوة الكعبة المشرفة.
في نهاية هذا المقال نود أن نُشير إلى أن جميع من تلقبوا بخادم الحرمين الشريفين احتفظوا بألقاب أخرى مثل الملك والسلطان وغيرهما، وكانوا يضعون المسجد الأقصى في سُلَّم أولوياتهم باعتباره أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
______
الهوامش:
1)        انظر الصورة المرفقة المنقولة عن كتاب أُستاذي البروفيسور موسى شارون، أبيجرافيا عربية- مجموعة كتابات عربية، الجامعة العبرية، القدس، 1969، ص 12. وقد قرأ عارف العارف (كيانه) بدلاً من (أيامه)، وحذف كلمة (الاسفهسلار) وكأنه لم يعرف معناها فلم يكتبها. عارف العارف، المفصل في تاريخ القدس، ط2، مكتبة الأندلس، 1406ھ/   1986م، ص 181. وكلمة الأسْفَهْسَلار أعجمية بمعنى مقدم العسكر وهي وظيفة من وظائف أرباب السيوف وعامة الجند وصاحبها زمام كل زمام وإليه أمر الأجناد، انظر: القلقشندي، صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، ج3، 479. الأسفهسلار: قائد الفرسان.
2)        ابن شداد بهاء الدين، النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية (سيرة صلاح الدين الأيوبي)، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، 1964، ص:3-4.
3)        ابن بطوطة: تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار المسمى برحلة ابن بطوطة، دار التراث، بيروت، 1388ھ/1968م، ص:38-39.
4)        أحمد الصاوي، "مآذن لها تاريخ- مئذنة مدرسة قايتباي في القاهرة"، جريدة الجريدة ، الكويت، العدد 407 بتاريخ 11/9/2008م.
5)    
11)   
 
*د يحيى
17 - مايو - 2010
لقب خادم الحرمين (2).    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
انظر: توفيق السامعي، "حصن وقلعة الدملؤة(المنصورة)... خزانة اليمن" على الرابط التالي:
6)        راجع كتاب: أخبار مكة المشرفة، سلسلة روائع التراث العربي، مدينة غُتّنغة، 1274-1275ھ/ 1857-1858م. في العهد المملوكي كانت هناك في فلسطين وظيفة ناظر الحرمين: الحرم القدسي والحرم الإبراهيمي في الخليل، انظر:عارف العارف، المفصل في تاريخ القدس، ص 219-220.
7)        ابن إياس، بدائع الزهور في وقائع الدهور، ج2، 124.
8)        قطب الدين النهروالي، الإعلام بأعلام بيت الله الحرام، أخبار مكة المشرفة، ج3، ص 278-279.
9)        شمس الدين بن طولون، مفاكهة الخلان في حوادث الزمان، الدار المصرية للتأليف والترجمة، 1384ھ/1964م: ج2، 32-33:
10)    انظر الصورة المرفقة المنقولة عن كتاب أُستاذي البروفيسور موسى شارون، أبيجرافيا عربية- مجموعة كتابات عربية، الجامعة العبرية، القدس، 1969، ص 20. يقع هذا السبيل قبالة باب السلسلة في حرم المسجد الأقصى في القدس الشريف.
11)    انظر مقالة بعنوان "النقوش الكتابية والخطوط في المسجد النبوي الشريف" على الرابط التالي:
كان السلطان مراد الثالث يلقب نفسه خادم الحرمين الشريفين انظر: قطب الدين النهروالي، الإعلام بأعلام بيت الله الحرام، أخبار مكة المشرفة، ج3، ص399 حيث يصفه بقوله:{ سلطان العصر والزمان، خاقان خواقين العهد والدوران، مالك ملوك المشرقين والمغربين، سلطان سلاطين الخافقين، خادم الحرمين الشريفين، عامر البلدين المحترمين المنيفين... المنصوب له على أوج سرير السلطنة سُرادق الخلافة العظمى...السلطان مراد خان بن سليم خان بن سليمان خان بن سليم خان}.
12)    قطب الدين النهروالي، الإعلام بأعلام بيت الله الحرام، أخبار مكة المشرفة، ج3، 412، 417.
13)    انظر مقالة بعنوان "النقوش الكتابية والخطوط في المسجد النبوي الشريف" على الرابط التالي:
يروى أن الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود كان يلقب نفسه بخادم الحرمين الشريفين والدليل على ذلك كتابة تذكارية فوق باب الكعبة المشرفة جاء فيها:{صُبَّ في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك خالد بن عبد العزيز...}.
*د يحيى
17 - مايو - 2010
" يا علي لأنْ يهديَ الله بك رجلاً خير من حُمْر النَّعَم ".    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
                              مالكوم إكس 
زعيم من الملوّنين الأمريكيين
هو الداعية الإسلامي المشهور "مالكوم إكس" أو "مالك شباز" الأمريكي الأصل والجنسية، الذي صحَّح مسيرة الحركة الإسلامية التي انحرفت بقوَّة عن الحق في أمريكا، ودعا للعقيدة الصحيحة، وصبر على ذلك حتى راح شهيدًا لدعوته ودفاعه عن الحق.
 مولده ونشأته
وُلِد مالكوم إكس بمدينة ديترويت في 6 من ذي القعدة 1343هـ/ 29 من مايو 1925م في أسرة فقيرة قُتِلَ عائلُها في حادث عنصري، وكانت هذه الفترة في أمريكا شديدة الاضطراب بالتمييز العنصري البغيض بين البِيض والسُّود، فنشأ مالكوم مشحونًا بالكراهية والبغض ضد البيض، وطرد من المدرسة رغم حِدَّة ذكائه، فانتقل إلى مدينة نيويورك حيث عاش حياة اللهو والعبث، والتي انتهت به إلى السجن وهو في العشرين، وبالسجن تغيرت حياته؛ إذ اعتنق الإسلام وأقبل على قراءة الكتب الإسلامية، واستفاد من فترة سجنه استفادة كبيرة؛ حيث أتى على كتب كبار لم يتوفر لغيره قراءتها، كما تعلم فن المحاورة والمناظرة مع قساوسة السجن.
 
الخروج من السجن:
بعد أن خرج من السجن سنة 1952م قرَّر "مالكوم إكس" أن يُعمِّق معرفته بتعاليم إليجا محمد[1]، فذهب إلى أخيه في ديترويت، وهناك تعلم الفاتحة وذهب إلى المسجد، وتأثر بأخلاق المسلمين. وفي المسجد استرعت انتباهه عبارتان: الأولى تقول: "إسلام: حرية، عدالة، مساواة"، والأخرى مكتوبة على العلم الأمريكي، وهي: "عبودية: ألم، موت".
قابل "مالكوم إكس" إليجا محمد زعيم حركة أمة الإسلام[2] التي انضم إليها بعد ذلك، والتي حفِلت بالانحرافات العقائدية التي انتهت بإعلان إليجا محمد النبوة.
عمل "مالكوم إكس" في شركة "فورد" للسيارات فترة ثم تركها، وأصبح رجل دين، وامتاز بأنه يخاطب الناس باللغة التي يفهمونها؛ فاهتدى على يديه كثير من السود، وزار عددًا من المدن الكبرى، وكان همُّه الأول هو "أمة الإسلام"، فكان لا يقوم بعمل حتى يقدِّر عواقبه على هذه الحركة.
وقد تزوج في عام 1958م ورُزق بثلاث بنات، سمَّى الأولى عتيلة، على اسم القائد الذي نهب روما، وفي نهاية عام 1959م بدأ ظهور مالكوم في وسائل الإعلام الأمريكية كمتحدث باسم حركة أمة الإسلام، فظهر في برنامج بعنوان: "الكراهية التي ولدتها الكراهية"، وأصبح نجمًا إعلاميًّا انهالت عليه المكالمات التليفونية، وكتبت عنه الصحافة، وشارك في كثير من المناظرات التلفزيونية والإذاعية والصحفية؛ فبدأت السلطات الأمنية تراقبه، خاصةً بعد عام 1961م، وبدأت في تلك الفترة موجة تعلُّم اللغة العربية بين أمة الإسلام؛ لأنها اللغة الأصلية للرجل الأسود.
توسَّم إليجا محمد في مالكوم إكس النباهة والثورية والقدرة الإقناعية؛ فضمَّه لمجلس إدارة الحركة، وجعله إمامًا لمعبد رقم 7 بنيويورك. أبدى مالكوم كفاءة دعوية فائقة وزار الجامعات والحدائق والسجون وأماكن تجمُّع الناس، وأسلم على يديه الكثيرون، منهم الملاكم العالمي "كلاي"، وفتحت له قنوات التلفاز أبوابها، وعقد المناظرات على الهواء، وذاع صيته بقوَّة.
نقطة التحول في حياته:
ثمَّ حدث تحول جذري في حياة مالكوم إكس، عندما ذهب إلى لحج سنة 1960م/ 1379هـ، وهناك التقى مع العلماء والمشايخ، وقابل الملك فيصل الذي قال له: "إن حركة أمة الإسلام خارجة عن الإسلام بما تعتقده من ضلالات". فطاف مالكوم بلاد الإسلام للاستزادة من العلم، فزار مصر والسودان والحجاز، والتقى مع شيخ الأزهر ومع الشيخ حسنين مخلوف مفتي مصر، ثم عاد إلى أمريكا وأعلن إسلامه من جديد، وبدأ مرحلة جديدة وخطيرة وأخيرة من حياته.
 
عاد "مالك شباز" إلى أمريكا سنة 1961م/ 1380هـ، وأخذ في الدعوة للعقيدة الصحيحة، وحاول إقناع إليجا محمد بالحق والذهاب للحج، ولكن إليجا رفض بشدة وطرده من الحركة، فشكَّل "مالك" جماعة جديدة سماها "جماعة أهل السنة"، وأخذ في الدعوة للدين الصحيح، فانضم إليه الكثيرون، وأوَّلهم: والاس بن إليجا محمد نفسه، وأخذ إليجا محمد في تهديد "مالك" بالقتل، لكنه لم يخف أو يتوقف؛ فشنَّ عليه إليجا حملة دعائية إعلامية شرسة لصرف الناس عنه، فلم تزد هذه التهديدات مالكًا إلا إصرارًا، واشتركت الصحف الأمريكية في التضييق على مالك، مع أنها كانت من قبل تفتح له أبوابها عندما كان يدعو للدين الباطل والعقيدة الفاسدة.
من أقواله:
- "على الوطنية أن لا تعمي أعيننا عن رؤية الحقيقة، فالخطأ خطأ بغضِّ النظر عمّن صنعه أو فعله".
 "لا أحد يمكن أن يعطيك الحرية، ولا أحد يمكن أن يعطيك المساواة والعدل، إذا كنت رجلاً فقم بتحقيق ذلك لنفسك".
 - "لا تستطيع فصل السلام عن الحرية، فلا يمكن لأحدٍ أن ينعم بالسلام ما لم يكن حرًّا".
 اغتياله:
ظل مالك شباز يدعو للعقيدة الصحيحة غير عابئٍ بتهديدات إليجا محمد، حتى كان يوم 18 من شوال سنة 1381هـ/ 21 من فبراير 1965م، وهو اليوم الذي أطلق فيه ثلاثة من الشبان السود النار على مالك شباز أثناء إلقائه محاضرة في جامعة نيويورك، فمات على الفور، وكان في الأربعين من عمره، وكانت عملية اغتياله نقطة تحوُّل فاصلة في سير حركة أمة الإسلام، حيث تركها الكثير من أتباعها والتحقوا بجماعة أهل السنة، وعرفوا الدين الحق. وبعد وفاة إليجا محمد تغيرت أفكار الحركة، وتولى والاس بن إليجا محمد رياسة الحركة، وتسمى بوارث الدين محمد، وقام بتصحيح أفكار الحركة، وغيَّر اسمها إلى "البلاليين" نسبة إلى بلال بن رباح .

[1] زعيم حركة أمة الإسلام.
[2] حركة ظهرت بين السود في أمريكا، وقد تبنّت الإسلام بمفاهيم خاطئة غلبت عليها الروح العنصرية.
 
*د يحيى
17 - مايو - 2010
كتاب الله محفوظ ، ومن قال غير ذلك فهو دجال كذاب.....    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم
 
القرآن الكريم:
 
" بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ" {البروج85/21}
" فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ "{85/22}
" أي متناهٍ في الشرف والكرم والبركة، وهو بيان ما بالناس الحاجة إليه من أحكام الدين والدنيا، لا كما زعم المشركون. وقيل «مجيد»: أي غير مخلوق. { فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ } أي مكتوب في لوح. وهو محفوظ عند الله تعالى من وصول الشياطين إليه. وقيل: هو أمّ الكتاب؛ ومنه انتُسخ القرآن والكتب. وروى الضحاك عن ابن عباس قال: اللوح من ياقوته حمراء، أعلاه معقود بالعرش وأسفله في حجر مَلَك يقال له ما طِرْيون، كتابه نور، وقلمه نور، ينظر الله عزّ وجلّ فيه كل يوم ثلثمائة وستين نظرة؛ ليس منها نظرة إلا وهو يفعل ما يشاء؛ يرفع وضيعا، ويضع رفيعاً، ويغنى فقيراً، ويفقر غنياً؛ يحيى ويميت، ويفعل ما يشاء؛ لا إله إلا هو. وقال أنس بن مالك ومجاهد: إن اللوح المحفوظ الذي ذكره الله تعالى في جبهة إسرافيل. وقال مقاتل: اللوح المحفوظ عن يمين العرش. وقيل: اللوح المحفوظ الذي فيه أصناف الخلق والخليقة، وبيان أمورهم، وذكر آجالهم وأرزاقهم وأعمالهم، والأقضية النافذة فيهم، ومآل عواقب أمورهم؛ وهو أم الكتاب. وقال ابن عباس: " أوّل شيء كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ «إني أنا الله لا إله إلا أنا، محمد رسولي، مِن استسلم لقضائي، وصبر على بلائي، وشكر نعمائي، كتبته صدِّيقاً وبعثته مع الصدّيقين، ومن لم يستسلم لقضائي ولم يصبِر على بلائي، ولم يشكر نعمائي، فليتخذ إلهاً سواي» " وكتب الحجاج إلى محمد ابن الحنفية رضي الله عنه يتوعده؛ فكتب إليه ابن الحنفية: «بلغني أن لله تعالى في كل يوم ثلثمائة وستين نظرة في اللوح المحفوظ، يُعِز ويذلّ، ويبتلي ويُفْرح، ويفعل ما يريد؛ فلعل نظرة منها تشغلك بنفسك، فتشتغل بها ولا تتفرغ». وقال بعض المفسرين: اللوح شيء يلوح للملائكة فيقرأونه. وقرأ ابن السَّمَيْقع وأبو حَيْوة «قرآن مجيد» على الإضافة؛ أي قرآن ربٍّ مجيد. وقرأ نافع «في لوحٍ محفوظ» بالرفع نعتاً للقرآن؛ أي بل هو قرآن مجيد محفوظ في لوح. الباقون (بالجر) نعتاً للوح. والقرّاء متفقون على فتح اللام من «لوح» إلا ما روي عن يحيى بن يعمَر؛ فإنه قرآن «لُوحٍ» بضم اللام؛ أي إنه يلوح، وهو ذو نور وعلو وشرف. قال الزمخشريّ: واللُّوح الهواء؛ يعني اللوح فوق السماء السابعة الذي فيه اللوح. وفي الصحاح: لاح الشيء يلوح لَوْحاً أي لَمَحَ. ولاحهُ السفر: غيره. ولاح لوحاً ولواحاً: عطِش، والتاح مثله. واللَّوح: الكتِف، وكل عظم عريض. واللوح: الذي يكتب فيه. واللُّوح (بالضم): الهواء بين السماء والأرض. والحمد لله" . (القرطبي).
" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {الحجر15/9}
"القرآن قد جاء بعد كُتب متعددة، وكان كل كتاب منها يحمل منهج الله؛ إلا أن أيَّ كتاب منها لم يَكُنْ معجزة؛ بل كانت المُعْجزة تنزل مع أيِّ رسول سبق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعادة ما تكون المعجزة من صنف ما نبغ فيه القوم الذين نزل فيهم.
وما دام المنهج مفصولاً عن المعجزة؛ فقد طلب الحق سبحانه من الحاملين لكتب المنهج تلك أنْ يحافظوا عليها، وكان هذا تكليفاً من الحق سبحانه لهم. والتكليف ـ كما نعلم ـ عُرْضة أنْ يُطَاع، وعُرْضة أنْ يُعصى، ولم يلتزم أحد من الأقوام السابقة بحفظ الكُتب المنزّلة إليهم.
ونجد الحق ـ سبحانه وتعالى ـ يقول:

إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ بِمَا ٱسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ ٱللَّهِ... }[المائدة: 44]
أي: أن الحق ـ سبحانه وتعالى ـ قد كلّفهم وطلب منهم أنْ يحفظوا كتبهم التي تحمل منهجه؛ وهذا التكليف عُرْضة أنْ يطاع، وعُرْضة أنْ يُعصى؛ وهم قد عَصَوا أمر الحق سبحانه وتكليفه بالحفظ؛ ذلك أنهم حرّفوا وبدلوا وحذفوا من تلك الكتب الكثير.
وقال الحق سبحانه عنهم:
...وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }[البقرة: 146]
بل أضافوا من عندهم كلاماً وقالوا: هو من عند الله؛ لذلك قال فيهم الحق سبحانه:

فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِنْدِ ٱللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ }[البقرة: 79]
وهكذا ارتكبوا ذنوب الكذب وعدم الأمانة، ولم يحفظوا الكتب الحاملة لمنهج الله كما أنزلها الله على أنبيائه ورُسله السابقين على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولذلك لم يَشَأ الحق سبحانه أن يترك مهمة حفظ القرآن كتكليف منه للبشر؛ لأن التكليف عُرْضة أن يطاع وعُرْضة أنْ يُعصى، فضلاً عن أن القرآن يتميز عن الكتب السابقة في أنه يحمل المنهج، وهو المعجزة الدالة على صِدْق بلاغ رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفس الوقت.
ولذلك قال الحق سبحانه: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9]
والذِّكْر إذا أُطلِق انصرف المعنى إلى القرآن؛ وهو الكتاب الذي يحمل المنهج؛ وسبحانه قد شاء حِفْظه؛ لأنه المعجزة الدائمة الدالة على صدق بلاغ رسوله صلى الله عليه وسلم.
وكان الصحابة يكتبون القرآن فَوْرَ أن ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجدنا
في عصرنا من هم غير مؤمنين بالقرآن؛ ولكنهم يتفنّنون في وسائل حفْظه؛ فهناك مَنْ طبع المصحف في صفحة واحدة؛ وسخَّر لذلك مواهب أُناسٍ غير مؤمنين بالقرآن.
وحدث مثل ذلك حين تَمّ تسجيل المصحف بوسائل التسجيل المعاصرة. وفي ألمانيا ـ على سبيل المثال ـ توجد مكتبة يتم حِفْظ كل ما يتعلق بكل آية من القرآن في مكان مُعيّن مُحدّد."
( متولي الشعراوي).
"  قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }؛ الذي جعلنَاهُ مُعجِزاً لا يقدرُ على الإتيان بمثلهِ، فهو محفوظٌ من الزِّيادة والنقصان، ويقال: هو محفوظٌ من كَيْدِ المشركين بالإبطال." . (الطبراني)
" أي: نزلنا القرآن وإنا له لحافظون أن يزاد فيه باطل وما ليس منه، أو ينقص منه ما هو منه. قال مجاهد وقتادة. وقد قيل: أن الهاء [التي] في " له " لمحمد صلى الله عليه وسلم" ( مكي القيسي).
" حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { إنَّا نَـحْنُ نَزَّلْنا الذّكْرَ وإنَّا لَهُ لـحَافِظُونَ } قال فـي آية أخرى:لا يَأْتِـيهِ البـاطِلُ }.والبـاطل: إبلـيس،
مِنْ بـينِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَـلْفِهِ }
فأنزله الله ثم حفظه، فلا يستطيع إبلـيس أن يزيد فـيه بـاطلاً ولا ينتقص منه حقًّا، حفظه الله من ذلك.
حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { وإنَّا لَهُ لـحَافِظُونَ } قال: حفظه الله من أن يزيد فـيه الشيطان بـاطلاً أو ينقص منه حقًّا.
وقيل: الهاء فـي قوله: { وإنَّا لَهُ لـحَافِظُونَ } من ذكر مـحمد صلى الله عليه وسلم بـمعنى: وإنا لـمـحمد حافظون مـمن أراده بسوء من أعدائه." ( الطبري).
*د يحيى
17 - مايو - 2010
لك الله العزيز المنتقم الجبار يا أقصى !    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم
 
هدم الأقصى
لطف الله بن ملا عبدالعظيم خوجه
الصهاينة يمضون خطوات واثقة نحو بناء الهيكل، مما يعني ضرورةً: هدم المسجد الأقصى؛ أولى القبلتين، وثالث المسجدين، مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي بارك الله حوله، حيث سيبنى مكانه ذلك الهيكل.
ومنذ مدة، هم ينخرون - كالسوس - تحت المسجد الأقصى؛ لتهوي أساساته مع أدنى زلزال، فيبدو وكأنه سقط من ذاته، وهم يفعلون ذلك بشكل مكشوف ومعلن، لا يخافون !!!.
ولم لا، وقد ضمنوا وأمنوا ألا معترض إلا أصوات خجولة، ضعيفة، متفرقة..
وما يفعل الصوت - وحده - مع المدفع والدبابة والنووي ؟!!.
الحقيقة كل المؤشرات تذهب إلى قرب هدم المسجد المعظم، ليس آخرها بناؤهم كنيس الخراب – خرب الله بيوتهم بأيديهم – بالقرب من الحائط للمسجد.
هذا البناء الذي ظهر فجأة، وهو يبنى من سنوات، لكن وسائل إعلامنا – إلا القليل - مشغولة عن تهويد القدس بأمور أهم؛ مشغولة بالرقص، والأغاني، والتمثيل، وبأخبار السوق وطرائق الترفيه..
هي أمور أهم من تحرير الأوطان، ونفي الظلم والجور على العباد ؟!!!!.
نعيش أزمة مستحكمة، لا يبدو حلها في الزمن القريب، هي بلايا تدع الحليم حيران ؟!.
نرى مقدسات معظمات - عظمها الله تعالى - في خطر، لا نملك حيالها أي فعل يمكن أن يقال عنه: مفيد، مانع، رادع.
فنرجع إلى الحوقلة، والحسبلة، والتهليل، والتكبير.. وأنعم بذكر الله تعالى.
الأيام دول، وهذه دولة الصهاينة هي المتربعة على العرش، ودولة الإسلام متأخرة، هي من تأخر، ولا مكان للضعفاء والمتأخرين.
نعم هناك مقاومة، وإن شئنا مصطلحا أكثر نعومة، فهي ممانعة، من فئة مغلوب على أمرها، تحارب بكل ما تملك، وأول من يقاومها ليس الصهاينة، بل إخوتها وبنو جلدتها، وهي مقاوَمة مباركة في كل حال، حالت دون تقدم المشاريع الاستعمارية، أو عَرْقَلَتْها وأَخَّرَتْها.
نعم هناك فئات، تفعل وتقدما ما بطاقتها، والله يرعاها ويثبتها، ولولا ذلك، لكانت جميع بلاد المسلمين تحت تحكم بني صهيون المباشر.. لكن مع كل ذلك، فالألم والخسارة في تزايد كل يوم.
الله ربنا جل شأنه يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (7) سورة محمد.
ونحن لم ننتصر إلى اليوم منذ قرن وزيادة، فمن المقطوع به إذن: أننا لم ننصر الله تعالى، فنستحق النصر. وفقا لقاعدة: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}.
في أنفسنا لم ننصر الله تعالى، ولا في مجتمعاتنا، ولا في دولنا.. ولا يصح أن نسمي محاولات خجولة، مترددة، خائفة: نصرة.
إن ربنا جل في علاه يريد أكثر من ذلك، يريد أموالا تنفق، وأنفسا تزهق في سبيل الإسلام:
 {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (111) سورة التوبة.
فضلا عن ذلك: يريد من عباده: الزهد في الدنيا. وليس المعنى ألا تملك منها شيئا، لكن المعنى: أن تكون في يدك لا في قلبك. فلو دعاك الحق: أن تبذل منه كثيرا وفيرا، ما ترددت ..حبا للمال.
وهذا عامل رئيس من عوامل النصر، لكن قوما أحبوا المال، حتى يصيروا عبيدا للدرهم والدينار، حقيقون بالتعاسة والانتكاسة: (تعس عبد الدرهم... تعكس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش).
بهذا دعا النبي صلى الله عليه وسلم على من تعبد للمال، حتى شح به وبخل، قال تعالى:
{هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} (38) سورة محمد
ومن عوامل النصر الرئيسة: الصدق مع الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} (119) سورة التوبة .
وليس بصادق من طلب الحيل والمخارج، يتبع هواه؛ إذا لم يألف حكم الشريعة، أو لم يجده يحقق شهوته ولذاته: تيمم نحو المقاصد يلتمس مخرجا، أو نحو المسهلين يتسهل بفتواهم، أو بحث عن متشابه ينقض به المحكم.
كلا، ليس ذاك بصادق، إنما الصادق الذي يأخذ الكتاب بقوة: {خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
هو الذي يدع هواه وشهوته من أجل الله تعالى، ويستغفر الله من ألاعيب المحتالين، وتخريج الشياطين، فإن الله تعالى لا يخدعه أحد، هو خادع كل مخادع: {يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ } (142) سورة النساء.
من أهم عوامل النصر: الالتفاف حول الكتاب والسنة، والعمل بهما كعمل الصحابة والتابعين وتابع التابعين. ونبذ كل خلاف بعد ذلك، نبذ وترك كل مذهب أو فرقة لا تعمل بهذا الأصل الكبير.
مع خلط ذلك بإحسان الظن، والصبر على من خالف، وتعريفه المنهج النبوي بالحسنى والمجادلة الحسنة، وترك تصنيف الناس، والحكم عليهم بالضلالة بمجرد خطأ أو زلة، أو حتى ركوب بدعة.
أن تتسع القلوب للخير، والاختلاف، فما كان منه سائغا مقبولا، فلا وجه للإنكار فيه، وما كان ضلالة، فإنكار برفق، وصبر، وحلم، وتعليم..
فعامة المسلمين محبون للدين والخير، وإنما يدخلهم الخطأ في الدين، من جهة التكوين والتنشئة، والبيئة والمصر.. وهي أمور لا يملكها الإنسان، فمن نشأ في بيئة صوفية سيكون كذلك، ومن نشأ في مجتمع متشيع، في نشئته وتكوينه، لن يكون إلا شيعيا.
فمن أراد بيان حق لأحد، وإيقافا على خطأ، ليس له من سبيل، إلا الرفق والبلاغ المبين، وعدم التسرع بالطرح والاستعداء، بداعي مخالفة الحق، والخروج عن السبيل.
واتفاق الأمة أهم سبب لحصول النصر على الصهاينة، وتخريب خرابهم وهيكلهم، والعكس بالعكس، قال تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين}.
لن نوقف الزحف الخرابي الهيكلي بمجرد المقاومة السياسية، كما يصفون. ولا بالعمل الحربي وحده. بل قبل ذلك لا بد أن نكون: عباد الله إخوانا. وعباد الله صدقا، واتباعا، وعباد الله زهدا، وإنفاقا.
ومن وعد الله تعالى – ووعيده أيضا – أنه قال:   {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (11) سورة الرعد.
يعني لا يغير ما بهم من ذل إلى عز، إلا إذا غيروا ما بأنفسهم من ذل المعصية، إلى عز الطاعة.
كذلك لا يغير ما بهم من عز إلى ذل، إلا غيروا من الطاعة إلى الآثام.
ونحن نحيا، لكن ليس بالعز نحيا، وبالقطع أننا لسنا على ما يريد الله تعالى، وإلا لغير ما بنا.
من الأساليب التي اعتدنا أن نواجه بها الأزمات التي تصيبنا: أن نفر إلى التاريخ والتراث، نطلب سلوة، أو مخرجا. وتاريخنا مليء بكل ما يسلي ويكشف الهم والغم، وفيه أيضا المخارج. لكن:
هل يستحسن: أن ننظر خلفنا كلما ألمت بنا فاجعة، كالطفل يعود إلى ورائه يلتمس سندا من أبويه؟.
ألم تشب الأمة، لتقف على قدميها، وتنظر أمامها، فتطلب حلولها مما تستقبل، لا مما تستدبر، فتعمل على إعداد القوة العسكرية، والصناعية، والتقنية، والمالية، لتقارع قوة الغرب، الداعم والمنشيء لهذه الدولة الصهيونية المقيتة ؟.
هو سؤال واستنكار في محله، على من اكتفى بالنظر إلى الوراء، ومنع من النظر إلى الأمام، ليس شرط النصر: أن نستعيد أدواته من التراث القديم فحسب.
بل نأخذ من القديم ما ننطلق به، ونعتمد عليه في التأسيس؛ لأن القديم فيه ذكرنا:
{لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون}.
وفيه هدايتنا: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم..}.
وفيه الشفاء: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء..}.
قال صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما إن تمسكم به لن تضلوا بعدي، كتاب الله،وسنتي).
نحن نرجع، لنقف على خطئنا، ونتعرف على الصواب.. نرجع لنستمد اليقين والإيمان، ثم ننطلق مستصحبين هذا الميراث؛ ليهدينا من ضلالة، ويخرجنا من غواية، ولا نمنع من النظر إلى الأمام؛ بمعنى تحصيل كافة وسائل القوة الحديثة، من سياسية، ومال، وسلاح، وصناعة، وثقافة.. إلخ.
إنما الممنوع تحصيلها بعيدا عن ضابط يضبط - والضابط موجود في التراث - وإلا استوينا نحن وأمة الكفر في الأخذ بها، بكل تفاصيلها، حلها وحرامها، فكيف نستوي نحن وهم، وقد فرق الله بيننا ؟.
ومما نرجع إليه من التراث؛ نبتغي الاستدلال على الطريق؛ طريق الفتح: قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في فتحه بيت المقدس.
فقد قدم رضي الله عنه الشام لتسلم مفاتيح بيت المقدس، على جمل أورق، يلبس قميصا قد رَسِمَ وتَخَرّق.. عرضت له مخاضة فنزل عن بعيره ونزع موقيه، فأمسكهما بيده، وخاض الماء ومعه بعيره، فقال أبو عبيدة: "قد صنعت اليوم صنيعا عظيما عند أهل الأرض"، فصك في صدره وقال: "أولو غيرك يقولها يا أبا عبيدة ؟!، إنكم كنتم أذل الناس، وأحقر الناس، وأقل الناس، فأعزكم الله بالإسلام، فمهما تطلبوا العزة بغيره يذلكم الله". ابن كثير
بهذه الروح العزيزة القوية فتح بيت المقدس.
وفي رواية أخرى تاريخية: أقبل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام فاستقبله الأمراء في الجابية، إلا أبا عبيدة، فقال: أين أخي أبو عبيدة؟، قالوا: يأتيك الآن، فجاء على ناقة مخطومة بحبل، فسلم عليه، ثم قال للناس: انصرفوا عنا، فسار حتى أتى منزله، فنـزل عليه، فلم ير في بيته إلا سيفه وترسه ورحله، فقال له عمر: لو اتخذت متاعا. أو قال: شيئا. فقال: يا أمير المؤمنين! إن هذا سيبلغنا المقيل. سير أعلام النبلاء 1/17
قائد جيوش الإسلام، ليس في بيته شيء، إلا عدة الحرب، وخليفة المسلمين يأتي إلى الشام على جمل يتناوبه هو وغلامه، ولباسه رَسِمٌ مُخَرّقٌ، بمثل هذا الزهد الصادق انتصروا على: فارس، والروم.
ومما روي: أن عمر أتي ببرذون فركبه، فلما سار جعل يتخلّج به، فنـزل عنه وضربه في وجهه، وقال: " لا علم الله من علمك، هذا من الخيلاء"، ولم يركب برذونا قبله ولا بعده.ابن جرير 2/250
هذا عامل آخر من عوامل النصر، قال تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (47) سورة الأنفال، فالخيلاء والكفر صفة الكفار، أما المؤمنون فسيماهم التواضع والسكون وخفض الجناح.
دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه المسجد الأقصى فصلى بالمسلمين صلاة الفجر، فقرأ في الأولى بسورة ص~ وسجدة فيها بسجدة داود عليه السلام، وفي الثانية بسورة الإسراء، ثم أتى الصخرة فاستدل على مكانها من كعب الأحبار، وكان الروم قد جعلوها مزبلة؛ لأنها قبلة اليهود، مكافأة لما عاملت به اليهود القمامة، وهي المكان الذي صلبوا فيه المصلوب، فشرع عمر في تطهير الصخرة من الأوساخ والمسلمون معه. ابن كثير 7/55/56
قال تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (55) سورة النــور.
 
المصدر: صيد الفوائد
*د يحيى
18 - مايو - 2010
كسوف العقل    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
كسوف العـقـل
د. عبدالعزيز العبداللطيف
25جمادى الأولى 1431هـ
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
لو أن أهل الحساب والمشتغلين بالفلك والهيئة اقتصروا في تفسير كسوف الشمس أو خسوف القمر وَفْق ما يعرفونه من أسبابٍ ظاهرةٍ طبعيةٍ لهان الأمر؛ فقيمة المرء ما يحسنه، لكن أن يدَّعوا أن كسوف الشمس ليس سـببه ذنـوب العباد، ولا أثَر ولا صلة له بمعاصي بني آدم، فذاك ظن بلا علم، وتخرُّص بلا فهم، بل هو جهالة بالعلميات، وقساوة قلب بالعمليات والإرادات، كما هو مبيَّن في السطور التالية
- مقولة الفلكيين السالفة قد تجد آذاناً صاغية في عصور غابرة، زمن الصراع بين الكنيسة والدين في أوروبا؛ فتأليه العلم التجريبي لا يتحقق إلا بمحاربة إله الكنيسة وخرافة الدين النصراني المحرَّف؛ فإن أردتَ العلم فانسلخ من تلك العبادة، وكذا العكس... وهكذا ظل الصراع قائماً بين الدين المحرَّف والعلم في بلاد الغرب.
وأما دين الإسلام - وعند مذهب أهل السُّنة والجماعة على سبيل الخصوص - فتصريح المعقولات موافق لصحيح المنقولات؛ فلا عداء مفتعلاً بين العلم والدين؛ فما أثبته العلم التجريبي من حقائقَ يستحيل أن تعارض هذا الشرع التامَّ والدين الخاتم؛ فالشرع أنزله الله - تعالى - والعقل خلقه الله، عز وجل. والأدلة الشرعية والبراهين العقلية يصدق بعضها بعضاً.
- قررتِ الأدلة النقلية أن للكسوف أسباباً شرعية في وقوعه وارتفاعه؛ فذنوب العباد من أسباب وقوعه وانعقاده، كما أن الصلاة والصدقة والدعاء والتوبة... سبب في زواله وارتفاعه؛ فعن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: كنا عند رسول الله "صلى الله عليه وسلم" فانكسفت الشمس فقام النبي "صلى الله عليه وسلم" يجرُّ رداءه حتى دخل المسجد، فدخلنا، فصلى بنا ركعتين حتى انجلت الشمس، فقال "صلى الله عليه وسلم": «إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد فإذا رأيتموها فصلُّوا وادعوا حتى يُكشف ما بكم» .
قال الحافظ ابن حجر: «قوله (آيتان) أي علامتان، (من آيات الله)؛ أي: الدالة على وحدانية الله وعظيم قــدرته، أو على تخويف العباد من بأس الله وسطوته، ويؤيده قوله - تعالى -: {
وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إلاَّ تَخْوِيفًا} [الإسراء: ٩٥]» .
وبيَّن الحافظ ابن حجر - رحمه الله - بطلان مزاعم أهل الهيئة (الفلك)، فقال: «قوله "صلى الله عليه وسلم": (يخوِّف بهما عباده) فيه ردٌّ على من يزعم من أهل الهيئة أن الكسوف أمر عادي لا يتقدم ولا يتأخر؛ إذ لو كان كما يقولون لم يكن في ذلك تخويف، ويصير بمنزلة الجَزْر والمدِّ في البحر، وقد ردَّ ذلك عليهم ابن العربي وغير واحد من أهل العلم بما في حديث أبي موسى الأشعري؛ حيث قال: «فقام فزعاً يخشى أن تكون الساعة».قالوا: إن ظاهر الأحاديث أن ذلك يفيد التخويف، وأن كــل ما ذُكِر من أنواع الطاعة يُرجَى أن يُدفَع به ما يُخشَى من أثر ذلك الكسوف» .
وقال العلامة العيني: «لا خلاف في مشروعية صلاة الكسوف والخسوف، وأصل مشروعيتها الكتاب والسُّنة وإجماع الأمة: أما الكتاب فقوله - تعالى -: {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إلاَّ تَخْوِيفًا} [الإسراء: ٩٥]، والكسوف آية من آيات الله المخوِّفة، والله - تعالى - يخوِّف عباده ليتركوا المعاصي ويرجعوا إلى طاعة الله التي فيها فوزهم».
وأخرج الشيخان من حديث أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته؛ فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبِّروا وصَلُّوا وتصدَّقوا. ثم قال: يا أمَّة محمد! والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده، أو تزني أَمَته، يا أُمَّة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً».
قال الحافظ ابن حجر: «قال الطيبي وغيره: لَـمَّا أُمِروا باستدفاع البلاء بالذكر والدعاء والصلاة والصدقة، ناسب ردعَهم عن المعاصي التي هي من أسباب جلب البلاء، وخصَّ منها الزنا؛ لأنه أعظمها في ذلك. وفي الحديث ترجيح التخويف في الخطبة على التوسع في الترخيص؛ لِـمَا في ذكر الرخص من ملاءمة النفوس لما جُبلَت عليه من الشهوة. والطبيب الحاذق يقابل العلة بما يضادها لا بما يزيدها».
- من أعظم الآفات أن يكذِّب أقوام بما لم يحيطوا بعلمه؛ فكون الكسوف والخسوف له أسباب ظاهرة طبعية قد تُعرَف بالحساب؛ فهذا لا ينفي ما سبق تقريره أن ذنوب العباد وتفريطهم من أسباب انعقاد الكسوف وحصوله؛ فلا مانع من ذلك كله، وأمَّا حصر هذه السببية فيما ادَّعاه أهل الهيئة فهذا قصور في العلم، وضيق في الأفق.
فالعلماء المحققون من أهل الإسلام والسُّنة اتسعت عقولهم وأفهامهم؛ فأثبتوا السبب الطبعي والشرعي؛ فابن دقيق العيد يقول: «ربما يعتقد بعضهم أن الذي يذكره أهل الحساب ينافي قوله "صلى الله عليه وسلم": «يخوِّف الله بهما عباده» وليس بشيء؛ لأن لله أفعالاً على حسب العادة، وأفعالاً خارجة عن ذلك، وقدرته حاكمة على كل سبب؛ فله أن يقتطع ما يشاء من الأسباب والمسببات بعضها عن بعض، وإذا ثبت ذلك فالعلماء بالله لقوة اعتقادهم في عموم قدرته على خرق العادة، وأنه يفعل ما يشاء إذا وقع شيء غريب حدث عندهم الخوف لقوة ذلك الاعتقاد؛ وذلك لا يمنع أن يكون هناك أسباب تجري عليها العادة إلى أن يشاء الله خرقَها، وحاصله أن الذي يذكره أهل الحساب إن كان حقاً في نفس الأمر لا ينافي كون ذلك مخوفاً لعباد الله، تعالى» .
وتحدث ابن القيم عن سببية الكسوف والخسوف قبل مئات السنين فأثبت السبب الطبعي المعتاد، فقال: «فأما سبب كسوف الشمس فهو توسط القمر بين جرم الشمس وبين أبصارنا، وأما سبب خسوف القمر فهو توسط الأرض بينه وبين الشمس حتى يصير القمر ممنوعاً من اكتساب النور من الشمس...» .
كما قرر السبب الشرعي قائلاً: «إن الله - سبحانه - يُحدِث عند الكسوفين من أقضيته وأقداره ما يكون بلاءً لقوم ومصيبة لهم، ويجعل الكسوف سبباً لذلك؛ ولهذا أمر النبي "صلى الله عليه وسلم" عند الكسوف بالفزع إلى ذكر الله والصلاة والعتاقة والصيام؛ لأن هذه الأشياء تدفع موجب الكسوف الذي جعله الله سبباً لما جعله؛ فَلَولا انعقاد سبب التخويف، لما أمر بدفع موجبه بهذه العبادات.
ولله - تعالى - فـي أيـام دهـره أوقـات يُحْـدِث فيها ما يشاء من البلاء والنعماء، ويقضي من الأسباب بما يدفع موجب تلك الأسباب لمن قام به، أو يقلله أو يخففه؛ فمن فزع إلى تلك الأسباب أو بعضها، اندفع عنه الشر الذي جعل الله الكسوف سبباً له أو بعضه؛ ولهذا قلَّ ما يسلم أطراف الأرض؛ حيث يخفى الإيمان، وما جاءت به الرسل فيها من شر عظيم يحصل بسبب الكسوف، وتسلم منه الأماكن التي يظهر فيها نور النبوة، والقيام بما جاءت به الرسل، أو يقلُّ فيها جداً» .
كما قرر أيضاً أنه لا تناقض بين حساب الكسوف، وبين الفزع إلى الصلاة والدعاء والصدقة، والذي هو أنفع للأمة وأجدى عليهم في دنياهم وأخراهم من اشتغالهم بعلم الهيئة وحساب الكسوف .
- وإذا تقرر أن للكسوف سبباً يُعرف بالحساب، وحكمةً إلهية في تخويف العباد، فلا يُظَن أن ما جاءت به السنَّة في الكسوف يعارض معرفة وقت الحساب كما حـرره ابن تيميـة بقـوله: «ومـا أخبـر به النبي "صلى الله عليه وسلم" لا ينافي كون الكسوف لـه وقت محـدود يكون فيه؛ حيث لا يكون كسوف الشمس إلا في آخر الشهر ليلة السرار، ولا يكون خسوف القمر إلا وسط الشهر وليالي الأبدار. ومن ادَّعــى خــلاف ذلك من المتفقهة أو العامة؛ فلعدم علمه بالحساب».
كما أن كسوف الشمس سبب في حوادث أرضية؛ فالكسوف سبب للشر وليس مجرد اقتران كما تقوله الجهمية ولا يسوغ أن يُدَّعى أنه لا أثر لشيء من الكواكب العُلْويَّات في السفليات مطلقاً، كما بيَّنه ابن تيمية في غير موطن
وأخيراً: فإن معارضة الرسل - عليهم السلام - توجب فساداً في العقل، وسوءاً في الفهم، وكلما كان الرجل عن أتباع الرسول أبعد، كان عقله أقلَّ وأفسد .
فدعوى أن كسوف الشمس مجرد أمر معتاد يُعرف بالحساب، لا تنفك عن جهالة بالعلم، وفظاظة في القلب؛ فما ينشره أهل الفلك من أخبار الكسوف هذه الأيام، قد أعقب بلادةً في الوجدان، وتهويناً لشأن هذه الحوادث العظام.
ولئن كسفت الشمس لحِكَم إلهية، وأسباب قدرية، فلقد اعترى عقولَ أهل الفلك نوع من الكسوف؛ لضعف الاستجابة لله - تعالى - ورسوله "صلى الله عليه وسلم"، وظهور الأهواء، وكما قال الشاعر:
إنارة العقل مكسوفٌ بطوعِ هوى ** وعقلُ عاصي الهوى يزدادُ تنويرا
*د يحيى
18 - مايو - 2010
هل غدت ( غزة العزة) نسياً منسياً ؟    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم
 
المفاهيم العقدية في أحداث غزة
بين الثبات والضياع
علوي بن عبدالقادر السَّقَّاف
المشرف على موقع الدرر السنية
14/1/1430هـ
 
الحمد لله الواحد القهار، والصلاة والسلام على النبي المختار، وعلى آله وصحبه الأخيار.
أما بعد:فلقد أظهرت أحداث غزة المؤمنة، غزة الصابرة، كثيراً من المعاني والمفاهيم العقدية التي تكلم عنها العلماء قديماً وحديثاً، فكانت ابتلاءً وامتحاناً للمسلمين وتمحيصاً لهم: ﴿وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ﴾ [العنكبوت:11]، فأظهر الله حقائق الإيمان وأثرها على أرض الواقع وهذا مما يزيد المؤمن يقيناً ويزيد أهل هذه المعاني ثباتاً على دينهم وجهادهم.
فما حصل في غزة ليس شراً محضاً بل فيه خيرٌ كثير يعرفه من نوَّر الله بصيرته بالإيمان، قال الله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُون﴾
[البقرة:216]
ومن تابع الأحداثَ، ومجرياتِ الأمور، وشاهدَ ما حصل لأهل غزة، وما تبع ذلك من تصريحاتٍ، وبياناتٍ، وفتاوى، ومظاهراتٍ، ظهر له جلياً الفرقُ بين دراسة مسائل الإيمان والعقيدة نظرياً في المساجد والفصول الدراسية، وبين تطبيق مقتضياتها في ميادين الجهاد وعلى أرض الواقع، حيث تُمحَّص القَناعات، ويظهر أثرُ اليقين على النفوس، ويثبِّتُ الله من أراد به خيراً من أهل الصدق وحسن التوكل عليه، ويوفقه للعمل بمقتضيات الإيمان والتقوى، و أسُّ هذا الأمر: المعتقد الصحيح الذي من تمسَّك به علماً واستدلالاً كان أقرب للتحقق به عملاً، فجمع الله لأهل الثغر بين الفضيلتين، ومن هذه المعاني التي تجلت بوضوح سواءً لأهالي غزة أو لغيرهم من المؤمنين الصادقين والتي دلت على ثباتهم ورسوخ عقيدتهم: الإيمانُ بالقضاء والقدر، وصدقُ اللجوء إلى الله عز وجل والتوكلُ عليه، ومعاني الأخوة الإيمانية، وحُسْنُ الظن بالله، واليقينُ بموعودِ الله ونصره، وفي المقابل: هناك قوم سقطوا في الفتنة وخدشوا توحيدهم أو نقضوا إيمانهم بمظاهرة الكافرين على المسلمين وإخلالهم بعقيدة الولاء والبراء وسوء ظنهم بالله تعالى.
ومن هنا كان لابد من إيضاح هذه المعاني لأن أحداث غزة باتت امتحاناً عملياً اجتازه من وفقه الله وسقط فيه من لم يرد الله به خيراً ﴿ألا في الفتنة سقطوا﴾ [التوبة:49]
أمّا الإيمانُ بقضاءِ الله وقدرِه: فهو ركنٌ من أركان الإيمان، كما في الحديث الصحيح: (وأن تؤمن بالقدر خيره وشره) فلا يستقيم إيمانُ العبد إلا به، وقد تجلَّى هذا واضحاً في أحداث غزة، حيث شاهد كثيرٌ من الناس على الشاشات الإعلامية مرات عديدة من فقدوا جميع أهليهم وذويهم أو أكثرهم والطائرات فوق رؤوسهم وهم يرددون: الحمد لله، الحمد لله على قدر الله. ومنهم من يقول: نحسبهم شهداء عند الله، وغيرها من العبارات الإيمانية، فلله درُّهم!. أمَّا المجاهدون فقد ضربوا أروع المثل بإيمانهم بقضاء الله وقدره، صبرٌ بلا جزع، ورضىً بلا هلع، ونحن بدورنا علينا أن نؤمن بأن ما يصيب أهل غزة اليوم من قتلٍ وتدميرٍ وجرحٍ وألمٍ وجوعٍ هو قضاء الله في عباده المؤمنين، ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (التوبة:51) ، وأن تكالب الأعداء من اليهود والنصارى والمنافقين على إخواننا المسلمين في غزة وحصارهم وقتلهم إنما هو من قدر الله، وقدر الله نافذ وهو موافق لحكمته ولا يكون قدر الله إلا خيراً. ﴿وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾ [محمد:4]
وأمَّا صدق اللجوء إلى الله والتوكل عليه: فمن فوائد هذه الأحداث انقطاع حبل التوكّل بين المجاهدين في غزة وبين الخلق أجمعين، فالله لا يرضى أن يصرف عبدُه قلبَه إلى غيره، وقد رأينا هذا وسمعناه مراراً في تصريحاتِ عددٍ من مسؤوليهم وقادتهم، ونحسبهم –والله حسيبهم- من الصادقين والمتوكلين على ربهم وقد أخذوا بكافة الأسباب الممكنة عسكرياً وسياسياً، ثم فوضوا أمرهم إلى الله ولم يركنوا لسواه مع علمهم بأن كبرى دول العالم ضدَّهم، يخوفونهم ويهددونهم، والله تعالى يقول في كتابه ﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ، وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (الزمر:36)، وبهذا يكونون قد ضربوا للعالم أروع معاني التوكل على الله، وقد فطن لهذا المعنى كثيرٌ من علماء المسلمين ودعاتهم الذين سعوا لتثبيت إخوانهم في بياناتهم وخطاباتهم عندما أكَّدوا على هذا المعنى ونصحوا إخوانهم في غزة بأن لا يلجأوا إلا إلى الله، ولا يؤمِّلوا خيراً في مجلس الأمن، ولا الأمم المتحدة، ولا منظمات حقوق الإنسان ولا يستجدوا فلاناً أوفلاناً، فكلُّ هؤلاء لا يُغنون عنهم من الله شيئاً، فالتوكُّلُ يكون عليه وحده دون سواه، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى في سورة (التوبة): ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾: (يذكر تعالى للمؤمنين فضله عليهم وإحسانه لديهم في نصره إياهم في مواطن كثيرة من غزواتهم مع رسوله وأن ذلك من عنده تعالى، وبتأييده وتقديره، لا بِعَددهم ولا بِعُددهم، ونبههم على أن النصر من عنده، سواء قل الجمع أو كثر، فإن يوم حنين أعجبتهم كثرتهم ومع هذا ما أجدى ذلك عنهم شيئاً فولّوا مدبرين إلا القليل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أنزل الله نصره وتأييده على رسوله وعلى المؤمنين الذين معه ... ليعلمهم أن النصر من عنده تعالى وحده، وبإمداده، وإن قلّ الجمع، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين)أ.هـ، وفي انقطاع ما بينهم وبين الخلق كما هو حالهم الآن ما يفضي إلى مزيدِ تعلُّقٍ بالله عز وجل، مع يأسهم مما في أيدي الناس وهو مُؤْذِنٌ إن شاء الله بعاجل نصر الله.
وفي المقابل: كان هذا الأمر امتحاناً وفتنة سقط فيها كثيرٌ من الزعماء والعلمانيين والإعلاميين، كما أوجدت خَدْشاً في بعض البيانات والخطابات والتحركات التي كان من ضمنها مناشدة هذه المنظمات بوضع حدٍّ للحرب وكأنه خافٍ عليهم قول الله تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ [البقرة:120]
أمَّا الأخوة الإيمانية والولاء للمؤمنين: فقد ظهرت أسمى معانيها في أحداث غزة ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التوبة:71]، فما أن اندلعت الحرب حتى هُرِعَ المسلمون من جميع أقطار المعمورة - عرباً وعجماً- يجأرون إلى الله تعالى بالدعاء في صلاتهم إحياءً لسنة قنوت النازلة، ثم تتابعت البيانات والفتاوى التي تدعو لنصرة إخواننا في غزة، وخرج كثيرٌ من الناس بشتى أجناسهم وأعمارهم وطبقاتهم إلى الشوارع يطالبون بإيقاف الحرب، بل طالب كثيرٌ منهم بفتح باب الجهاد ليجاهدوا في سبيل الله معهم، لكن حيل بينهم وبين ذلك! فلله الأمر من قبلُ ومن بعد، كما أنه ما أن أعلنت بعضُ الجهات المختصة بجمع التبرعات لمنكوبي غزة حتى قام كثيرٌ من الناس رجالاً ونساءً بالإنفاق في سبيل الله، وكلُّ ذلك دليلٌ على الأخوةِ الإيمانية وولائهم للمؤمنين.
وفي المقابل: سقط آخرون وأصبحوا يتحدثون عن أخطاء حماس وأنها سبب كل ما يحدث، بل إن أحدهم كتب في إحدى الصحف العربية: اضربيهم إسرائيل ولا تبقي منهم أحداً!! فأين هذا من الأخوة الإيمانية؟!
ومما يؤسف له أن بعض أهل العلم والفضل لا تجد لهم أثراً رغم كل هذه الأحداث العصيبة، وكأن الأمر لا يعنيهم! وهم من أفقه الناس –نظرياً- بحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في (صحيح البخاري) مرفوعاً: (وذِمَّة المسلمين واحدة ، يسعى بها أدناهم)
وأمَّا عقيدة البراء من الكافرين وعدم مظاهرتهم على المسلمين: فهذه أصبحت من النظريات، ولا علاقة لها بالواقع مع أن الله عزَّ وجلَّ يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51] وقد عدَّ علماءُ الإسلام مظاهرة المشركين على المسلمين من نواقض الإسلام.
ألا فليحذر كلُّ من أعان اليهود أو النصارى أو غيرهم من الكفار على قتال المسلمين من مقت الجبَّار وغضبه وعقابه.
وأما حسن الظن بالله: فينبغي للمسلم أن لا يسيء الظن بالله تعالى فمن ظنَّ أنَّ الله ينصر اليهود أو النصارى أو غيرهم من الكفار على المسلمين نصراً دائماً، أو أن الحق سيظل مغلوباً من قبل الباطل، أو أن ما يجري لا حكمة فيه، أو أنه يحصل عبثاً، فقد أساء الظنَّ بالله ، والله تعالى يقول محذراً من سوء الظن به ﴿يظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ [آل عمران:154] فهذه الأمور المؤلمة التي نراها إنما تحدث لحكمة يعلمها الله، فَالله تعالى مَا قدَّرها سُدًى، ولا أنشأها عبثاً، ولا خلقها باطلاً، فهذا من حسن الظن بالله تعالى.
أما اليقين بموعود الله ونصره: فهذا من مقتضيات الإيمان بالله والتصديق برسوله صلى الله عليه وسلم فقد جاء عن أبى هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: (لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِىُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِىٌّ خَلْفِى فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ. إِلاَّ الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ) فمن مقتضيات الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم تصديق هذا الوعد بأن نهاية اليهود على أيدي المسلمين، فابشروا أيها المسلمون، وأمِّلوا، وأحسنوا الظنَّ بربكم، فالنصر آت، وانصروا الله ينصركم ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج:40]
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
*د يحيى
18 - مايو - 2010
الأدب الصيني    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
يعد سور الصين اعجوبة الاعاجيب فالصينيون الذين يعيشون حياة تنبض بالحيوية والابداع يبنون اسواراً جديدة من العزة والنهضة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والفكر والفنون.
ولم يكن ابداعهم ليتوقف لحظة مع جريان نهر الحياة الدفاق بالعطاء والعمل والانتاج وعلى سور الصين العظيم لم تغب عن ذاكرتي تلك الكلمات التي اخذ الشعب الصيني يرددها نشيداً وطنياً لشاعرهم الكبير تيان هان ومطلعها:‏
انهضوا يا من ترفضون‏
ان تكونوا عبيداً..‏
من دمنا من لحمنا‏
نبني لنا ..‏
سوراًَ عظيماً جديداً.‏
وليس بعيداً عن الامة الصينية المشهود بها عبر التاريخ بأنها صانعة للحضارة لتستوعب كافة الثقافات الخارجية بصدر واسع لاثراء ثقافتها الأم فانتشرت في الصين ثقافات معظم دول قارة آسيا واوروبا وأفريقيا ما كان لها عظيم الاثر في ازدهار ثقافة الامة الصينية ولم تكن الصين ايضاً بعيدة عن التأثيرات الثقافية الخارجية بكل انواع الادب والفنون المختلفة حتى اصبحت جزءاً لا غنى عنه في الثقافة الصينية.
وكان تأثير الثقافة الكلاسيكية الصينية واسعاً وكبيراً في ثقافات الدول المجاورة وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر انتشرت الفنون والثقافة الصينية في الغرب مثل الرسم والفنون المعمارية والاوبرا الصينية والشعر والانواع المختلفة من التحف والكتب القديمة ما زاد من شهرة الصين في اوروبا، واثار فيها تياراً صينيا حيث استفاد كثير من المفكرين والمثقفين الاوروبيين من الفنون الصينية بقدر متفاوت ، كما اثرت الفنون الثقافية الصينية في حركة التنوير التي قامت في اوروبا واليوم تنشط الصين في مجال التبادلات الثقافية مع بلدان العالم لتدخل مرحلة جديدة من التطور الشامل الذي ينبض بالقوة والحيوية.‏
ان الادب الصيني اثبت قدرته وديمومته على مدى التاريخ بأفكاره الزاخرة فالقارئ لتاريخ الأدب الصيني يشعر بأهميته في ساحة الادب العالمي وفي الفترة من القرن الرابع قبل الميلاد حتى القرن الثالث قبل الميلاد ولد اول شاعر في تاريخ الادب الصيني وهو الشاعر - تشيوى يوان- ومن اهم اعماله (لي شاو) الذي يعد المنبع لابداع الرومانسية الصينية واحد الاعمال الكلاسيكية الخالدة في تاريخ الادب الصيني وتاريخ الادب العالمي.
وفي الفترة من القرن السابع حتى القرن التاسع وصلت ابداعات الشعر الكلاسيكي الصيني الى قمته الشامخة في عهد اسرة تانغ حيث بزغ شاعر الرومانسية العظيم - لي باي- الذي لقب بإله الشعر ثم بزغ الشاعر -دو فو- صاحب اهم الابداعات في مجال الشعر الواقعي وقد اطلق عليه اسم (الشاعر المقدس) وسميت ابداعاته ب (التاريخ المدون بالشعر).‏
لقد بلغت الروايات الكلاسيكية الصينية في عهد اسرة مينغ وأسرة تشينغ مستوى عالياً من الابداع ومن اشهر هذه الاعمال رواية (قصص الممالك الثلاث) للأديب - لواقوان تشونگ ورواية (ابطال على شاطئ البحيرة) من تأليف - شينايآن-ورواية (رحلة الى الغرب) من تأليف ووتشنغان ثم ظهرت اهم ابداعات الفن الروائي الصيني وهي رواية (حلم المقصورة الحمراء) للكاتب تساوشيوي تسين وتتميز هذه الرواية بالشخوص المتعددة والتناقضات المعقدة والتركيب المحكم حيث سميت بالموسوعة التي تصف المجتمع الاقطاعي الصيني و تعتبر قمة الابداع الروائي الكلاسيكي الصيني وقد ترجمت هذه الروايات الكلاسيكية الصينية المشهورة جميعا الى اللغات الاجنبية المختلفة.‏
وكان الادب الصيني القديم عاطفياً ونشأ الادب الصيني القصصي متأخراً ولم تظهر الملاحم الكبيرة الا عند بعض الاقليات القومية في الادب التقليدي كان الشعر وتسي والنثر التيار الرئيسي للأدب واعتبرت القصص (حوارات الشوارع) والمسرحية لعامة الشعب فلم تحظيا بالاهتمام لذلك بدأت القصص والمسرحيات الصينية تطورهما في الفترة ما بين القرنين الرابع عشر والثامن عشر وظهرت العديد من الاعمال الرائعة مثل الروايات الكلاسيكية الصينية والتي ظلت الى اليوم محط اعجاب النقاد واهتمام الكتاب.‏
( موقع المعرفة)
*د يحيى
19 - مايو - 2010
الأرمن    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم
 
الأرمن بالأرمنية (Հայեր)شعب ينتمي إلى العرق الآري (الهند أوروبي)، ويعود وجودهم في أرض أرمينيا التاريخية-الهضبة الأرمنية (أرض أرمينيا العظمى والصغرى) الممتدة في الأجزاء الوسطى والشرقية من آسيا الصغرى (تقع حالياً في تركيا) يعود إلى الألف الثالث ق.م، حسب الدراسات اللغوية والآثارية الحديثة والتقليد المتوارث القديم. وتمتد أرمينيا التاريخية إلى الشرق من المنابع العليا لنهر الفرات وحتى بحر قزوين وإيران، وتحدها من الجنوب سلسلة جبال طوروس الأرمنية في حين تمتد أرمينيا الصغرى إلى الغرب من منابع نهر الفرات. وتبلغ مساحة أرمينيا العظمى وأرمينيا الصغرى معاً، حسب بعض fلمؤرخين، نحو 358 ألف كيلومتر مربع، وهي تعادل نحو اثني عشر ضعف مساحة جمهورية أرمينيا الحالية.
وتنبع من أرمينيا عدة أنهار رئيسة مثل آراكس، والكر، ودجلة والفرات. وعُرفت أرمينيا في مدونات الملك سركون الأكدي وحفيده نرام سين (الألف الثالث ق.م) باسم أرماني-أرمانم. وقد دخلت الإمبراطورية الآشورية مع الجارة الشمالية مملكة اورارتو (آرارات) في أرمينيا في علاقات تحالف تارة وحروب تارة أخرى.
ويذكر المؤرخ اليوناني هيرودوتس (484 ق.م-425 ق.م) عن علاقات أرمينيا أن الأرمن كانوا ينقلون عبر نهر الفرات بالمراكب البضائع إلى بابل، حيث كانوا يبيعونها.
ومن القرن السادس ق.م. وحتى بداية القرن الأول الميلادي، حكم أرمينيا ملوك من الأسرة اليروانتية-الارداشيسية. ومن أشهر ملوك هذه الحقبة الملك ديكران (تيكرانيس) الثاني (95 ق.م-55 ق.م) الملقب بـ (ملك الملوك) بعد أن تنازل عن اللقب الأخير له ملك فارس. وقد ضم إلى مملكته أجزاء من بلاد فارس وشمال العراق وسوريا وفلسطين ولبنان. وكانت تلك بداية للعلاقات الأرمنية-العربية الفعلية في التاريخ. في عام 301 م، اعتنقت أرمينيا الديانة المسيحية بشكل رسمي. وبهذه الخطوة، تكون أرمينيا أول دولة اعتنقت المسيحية في العالم. وفي عام 406 م، اخترع الراهب ميسروب ماشدوتس الأبجدية الأرمنية، وتمت ترجمة الانجيل إلى الأرمنية، وبذلك بدأ العصر الذهبي للأدب الأرمني، إذ تمت ترجمة أغلب المؤلفات العلمية والثقافية والتاريخية والدينية الموجودة آنذاك إلى اللغة الأرمنية، حتى أن الأصول لبعض هذه المؤلفات قد فقدت وبقيت ترجماتها الأرمنية. وقد سبق عصر الترجمة في أرمينيا عصر الترجمة في الدولة العربية الإسلامية بعدة قرون، وسبق الشعب الأرمني الشعب الألماني في ترجمة الكتاب المقدس (على يد مارتن لوثر) بنحو 1100 سنة.
*د يحيى
19 - مايو - 2010
 4  5  6  7  8