من أجمل القصائد المغناة كن أول من يقيّم
تحياتي للأساتذة الكرام، شاكرا لهم ما قدموا من أشعار في غاية الجمال؛ أتقدم بما لدي من تعليق: من أجمل ما سمعت من الشعر المعاصر في باب التقبيل وبث لواعج الأشواق ما غنته اسمهان للأخطل الصغير: اسقنيها ، بأبي أنت وأمي لا لتجلو الهم عني ، أنت همي املأ الكأس ابتساما وغراما فلقد نام الندامى و الخزامى زحم الصبح الظلاما فإلاما! قم ننهنه شفتينا ونذوّب مهجتينا رضي الحب علينا يا حبيبي بابي أنت وأمي اسقنيها لا لتجلو الهم عني أنت همي غنني واسكب غناك ولماكْ في فمي، فديت فاكْ هل أراك وعلى قلبي يداك ورضاكْ! هكذا أهل الغزل كلما خافوا الملل أنعشوه بالقبل يا حبيبي، بأبي أنت وأمي اسقنيها لا لتجلو الهم عني ، أنت همي صبها من شفتيكا في شفتيا ثم غرق ناظريكا في ناظريا واختصرها ، ما عليكا أو عليا إن تكن أنت أنا ، وجعلنا الزمنا قطرة في كأسنا يا حبيبي، بأبي أنت وأمي اسقنيها لا لتجلو الهم عني ، أنت همي ولقد بحثت عن معنى" النهنهة" في أشعار السابقين، فألفيت معناها لا يتعدى الأمر بالكف عن فعل أو قول دون أن يستجيب المنهي للأمر ؛ ولكن بشارة الخوري في قوله : "قم ننهنه شفتينا "بدا لي وقد أوحى للقاريء بمعنى النهم والشره في التقبيل، ولا أظن أحدا سبقه إلى هذا المعنى. . قصيدة " اسقنيها " تصور ، كما هو ظاهر ، حالة عاشقين يتطارحان كؤوس الهوى والقبل، مما يجعل القارئ، أو السامع، كأنه يشهد تلك الحالة أمامه . فالخوري لم يقم بوصف الشفاه، ولا الثنايا، ولا الريق الشبم الرضاب ، الى آخر هذه الأوصاف التي برع فيها الشعراء ؛ وإنما وظف القبلة والشفاه واللمى للدلالة على حرارة العشق التي لا تنضب. |