حديث له صلة..     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
مما جاء في كتاب الأشباه والنظائر للخالديين (نشرة الوراق) تعليقاً على قول ابن الدمينة: وما ماءُ مُزنٍ في هضابٍ يحفُّها مناكبُ مِن شُمّ الذُّرَى ولُهوبُ بأطيبَ مِن فِيها اغْتباقاً وإنَّني بشَيمٍ إذا أبصرتهُ لمُصيبُ أمَّا هذا البيت الأخير فقد أكثرت الشعراء فيه وما جوَّد ابن الدُّمَيْنة أخذه ونحن نذكر أوَّل من أتى به وبعض من جوّد وأحسن في تناوله فأوَّل من أتى به النابغة في قوله: زعمَ الهُمامُ بأنَّ فاها طيِّبٌ عذْبٌ إذا قبَّلتَه قلتَ ازْدَدِ زعمَ الهُمامُ ولم أذُقهُ بأنَّه يُشفَى ببردِ لِثاتهِ العطِشُ الصَّدِي وأخذه المجنون فقال: وتجلو بمسواكِ الأراك مُفلّجاً له أُشُرٌ عذبٌ متى ذاقَ ذائقُ وما ذقتهُ إلاَّ بعينِي تفرّساً كما شِيمَ في أعلَى السَّحابةِ بارقُ مثله: وتجلو بمسواك الأراكِ مُفلّجاً حليقَ الثَّنايا بالعذوبة والبردِ أخذه بشَّار فقال: يا أطيبَ النَّاسِ ريقاً غيرَ مُختبرٍ إلاَّ شهادةَ أطرافِ المساويكِ وقد نظر إليه البحتري فقال: وتعجَّبتْ من لَوعتي فتبسَّمتْ عن طيّباتٍ لو لُثِمْنَ عذابِ وشبيه به قول ابن المعتزّ: فلمَّا انتهَى قولُ السَّلام ورَدُّه لفظْنَ حديثاً عطَّرتهُ الملافظُ هذا البيت ليس هو المعنى نفسه وهو تجوُّزٌ فيه، ومثله لأبي تمَّام: تُعطيك منطقَها فتعلَمُ أنَّه لجنَى عُذوبته يمرُّ بثَغرِها وأما من جوّده وأحكمه واحتجَّ فيه بحجّة لا تُدفع فأبو تمَّام بقوله: بأبي فمٌ شهِدَ الضَّميرُ له قبلَ المذاقة أنَّه عذْبُ كشهادةٍ لله خالصةٍ قبلَ العيان بأنَّه ربُّ وقال الراجز: وبارِدٍ عذْب المذاق أشنبْ ما ذقتُهُ وليس ظنِّي يكذبْ مثله لبشَّار: تجلو بمسواكها عن باردٍ رتِلٍ كذاكَ خبَّرني مسواكُها الأرِجُ مثله لحمَّاد عجرد: وأغرُّ ذو أُشرٍ وما إن ذقتُهُ شهدَتْ بذاك عذوبةُ المسواكِ وهذا مثل معنى بيت بشار إلاَّ أنَّ بيت بشار أجود وأصحّ وأخذه بعض الكتَّاب فقال: يخبِّرنا المسواكُ عن طيبِ ثَغرها بما لم يخبِّرنا به قطُّ ذائقُ ومثله لابن الرومي: وفم بارد المذاقة بالظَّـ ـنِّ ولم يُختبرْ ولمْ يُذقِ وأخذه عمارة بن عقيل فقال: وأشهدُ عند الله يومَ لقائِهِ بأنَّ ثنايا أُمِّ سعدٍ لطائمُ وما ذاقَها غيري ولا أنا ذقتُها ولكنَّني بصحَّة الظَّنِّ عالمُ وهذا معنى يطول ويتَّسع متى أردنا استغراقه ولا بدَّ من ذكره في مواضع إن شاء الله.
|