| تعليقات | الكاتب | تاريخ النشر | | مساء الخير.. ( من قبل 3 أعضاء ) قيّم
هدئ من روعك يا أستاذ أحمد، واكتب بهدوء فالأخطاء كثيرة كثيرة.. كل عام وجميع أمهات العالم بخير.. | *أحمد عزو | 21 - مارس - 2010 | | يارب !!!!! اللهمّ بصِّرْنا بعيوبنا. آمين. ( من قبل 7 أعضاء ) قيّم
ومتى كانت الام تحتاج الى عيدا الأم، إلى هل قبّلتَ قدميها؟ هل أطعتها فصمتَ ، وصليت وواجبَكَ نحوها أدّيت؟ نَعم ، هي بعد الله ورسوله، ورضا الله في رضا الوالدين . والناس قد أشغلتْهم هموم الحياة ، ولعلّ هذا النداء يسترعي انتباه الغافلين ، فيبادرون بوردتين : وردة الاعتذار عن التقصير، ووردة حية خلقها ، تُقدّمُ إليها..... ما المانع؟ | *د يحيى | 21 - مارس - 2010 | | تاء التأنيث المتحركة ( من قبل 4 أعضاء ) قيّم الكـتـابـــة الـنـسـائيــة في خــصــائــص الــزمـــان والـمـكــان ابتعدنا كثيراً عن الروائية البريطانية جين اوستن، التي عاشت قبل مائتي سنة تقريبا، حين كانت تسرع، لإخفاء أوراقها تحت منضدة المطبخ، أثناء دخول زائر ما، لتعاود تقشير البطاطس. إلا أن هذا لم يمنع كاهناً معاصرا لها يُدعى لويس، من التذمر حول لجوء المرأة إلى الكتابة قائلا متبرما: " لدي مقت ورثاء وازدراء لكل النساء المخربشات، إن ابرة الخياطة لا القلم هي الآلة التي يجب أن يتعاملن معها، وهي الوحيدة التي هن قادرات على استعمالها ." ليس صعبا علينا الآن معرفة من بقي من الاثنين خالدا. مَن بقي في الأرض نافعاً ومَن ذهب جفاءً .على ِغراره، عندما شعر ابو الثناء الآلوسي ببغداد في نهاية القرن التاسع عشر، برغبة المرأة في الكتابة، انبرى، مؤكداً في إحدى مخطوطاته المعنونة ( الإصابة في منع النساء من الكتابة) وهي موجودة، كما يُذكر، في مديرية الأوقاف العامة ببغداد، محذرا من النساء وتعلّم الكتابة بما يلي:" فأما تعليم النساء القراءة والكتابة فأعوذ بالله إذ لا أرى شيئا أضَّر منه لهن، فإنهن لما كنّ مجبولات على الغدر، كان حصولهن على هذه الملكة من أعظم وسائل الشر والفساد. وأما الكتابة، فأول ما تقدر المرأة على تأليف كلام بها، فإنه يكون رسالة إلى زيد أو رقعة إلى عمر وبيتاً من الشعر إلى عزب وشيئاً آخر إلى رجل آخر، فمَثل النساء والكتب والكتابة كمَثل شرير سفيه تُهدي إليه سيفا أو سكير تعطيه زجاجة خمر، فاللبيب من الرجال من ترك زوجتَه في حالة من الجهل والعمى فهو أصلح لهن وانفع". اتفق الرجال في الماضي، على مايبدو، وهم قلما يتفقون، على الرغبة في حرمان المرأة من الكتابة . بالرغم من ذلك، شقت المرأة طريقها بصبر ودأب، وبدرجات متفاوتة، في كل أنحاء العالم، وكأنها جذر نبات حي مثمر، لتتحرر من قيودها تدريجيا، ومن الضغوط والحواجز التي خلقها البشر فيما بينهم، اولئك الذين انهمكوا طيلة العصور المدونة في التأريخ ، على قتل أولادها وهم لا ريب أولادُهم، من أجل كلمات أو بضعة كيلومترات من الأرض أو من أجل أشياء أخرى وجدت لتزيد من نزاعاتهم واختلافاتهم. القرن العشرون هو قرن المرأة عن جدارة، متزامناً مع دخول العلم الحديث لبيوت بعض النسوة للتخفيف عن أعبائهن المنـزلية التي نادراً ما تنساها ذاكرتُهن . تبارت بعضهن في طرح أفكارهن وتصوراتهن عن طريق الكتابة، مندهشات، أحيانا، من الكيفية التي وجدن بها هذا العالم المضطرب، اللاعابىء، الذي يقاسي فيه الإنسان من ظلم اخيه الانسان، والأخير مجنون مغرم بالحروب بسبب الصراعات على أنواعها، ولاسيما الدينيةُ والعقائدية، المتوجه لدور البغاء واشباهها، الساعي لتدمير البيئة الطبيعية، المتكالب على السلطة والمال . استعملت المرأة، كما الرجل من قبل، شتى أنواع الكتابة عندما تعلمتها، فمن الشعر إلى القصص والروايات ومن السير الذاتية إلى البحوث في المواضيع المحرمة والخطرة. صار العنصر النسائي، في أحيان كثيرة، يشدّ أزرَ الرجال المنصفين الحكماء، المنادين بضرورة التآلف بين البشر والمحبين للعالم أجمع. وبينما روايات جين اوستن، التي امتعت أجيالا واغنت الصور المرئية والمسموعة إلى الوقت الحالي، لم تتطرق إلى حروب نابليون الدائرة رحاها باوربا زمانَها، لكنها استطاعت البحث عن السلوك الممكن المعقول للإنسان، ساعية في الوقت نفسه كي تجعله يحس بالجمال والقبح، بأسلوب ذي خلطة كوميدية درامية ماهرة، رغم أنها تحكي عن بيئة بيتية ضيقة، وعلاقات عاطفية بين الجنسين . وعلى منوالها، بعدئذ، استطاعت الكاتبتان اميلي برونتي البريطانية وكوليت الفرنسية هزّ أعمدة المنازل المنخورة بالبلاد الاوربية على الرغم من اللامبالاة في ادبهما. فالأخيرة، كما يقول بعض النقاد، استعملت البيت كقلب في انبساطه وانقباضه، تحاول دقاته إرواء العالم. تظهر شكوى بعض النسوة، في أحيان أخرى، باسلوب خفي، إذا حرمن من أوطانهن واهلهن، لتفرض الغربة والوحدة عليهن بسبب النـزاعات اللادخل لهن بها، كما حصل في القرن العشرين، أنهن يصفن قسوة الحياة العصرية في العالم بكل تشذرها واقتلاعاتها وملصقاتها، جاعلاتٍ الفن وسيلة شاملة لتوضيح مناطق الشعور والأحاسيس عند الإنسان عموما وليس لتصوير اشياء شخصية خاصة، البعد عن أوطانهن عدسة يرينه فيها بصورة أشمل واكثر وضوحا. هذا الشمول في الرؤية استطاعت فيه، على سبيل المثال، عفاف كنفاني، اللبنانية الأصل المتزوجة من فلسطيني، وهي في الثمانين من العمر الساكنة في كاليفورنيا، أن ترى وطنها والعالم حوله عن طريق سيرة حياتها. تلك الحياة الباذخة بالتضحية والإقدام، بالإرادة الحرة وروح الأمل فعلا! لا عجب إذا كان عنوان الكتاب (نادية: أسيرة الأمل). لم تكتب هذه المرأة بأنانية لإثبات وجودها فقط، وانما لإثبات وجود الآخرين ايضاً. أدركت بثاقب غريزتها الأنثوية، أن مصير البشرية واحد، وهي كإنسانة نموذج مؤلم للصراعات التي ذكرتها. ولدت، كما ذكرتْ في الكتاب، بعد سنة واحدة من صدور وعد (بلفور) سنة 1917، حيث أدت مغبة الإساءة في تطبيقه حتى هذه اللحظة، ليحصد الظلم أجيالا من شعبها وعموم أبناء المنطقة العربية. بدورها، تدلنا راشيل كارسون Rachel Carson، في كتابها: (ربـيع صامت)، عما حلّ ببقعةٍ واعدة خضراءَ بوسط وطنها في الولايات المتحدة الأميركية، لقد اسُتغلتْ تلك البقعة لدرجة الإنهاك، بعد أن ُسلطت عليها أنواع الأسمدة الكيمياوية ومبيدات مكافحة الآفات الزراعية المستعملة بلا تحفظ. صمتت تلك البقعة وأمثالها في موسم الربيع وحُرمت من أغاريد طيورها المقيمة والمهاجرة وأسماكها السابحة بمياهها العذبة ليصبح ربيعها صامتاً للابد. إن نظرة المرأة الشمولية للكون لا تخفى بالنسبة لهذه العالمة، المؤسسة الأولى لحركة الحفاظ على البيئة الطبيعية من التلوث بالعالم أجمع، هداها تفكيرها العميق إلى ما ينفع الناسَ جميعاً دون مصلحة شخصية لها، فاسرع أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرون في الشركات الكبرى لإسكاتها محاولين منع نشر كتابها سنة 1963 خائفين من الفضيحة المدوية. لقد دعتْ، آنذاك، إلى طريقة جديدة في التفكير، ليس في عدم استخدام المبيدات الكيمياوية العشوائي فقط، ولكن إلى علم وفلسفة جديدين للبشر، مؤكدةً: "أن إضافة المبيدات الكيمياوية للمياه في اية بقعة من العالم ستلوث المياه في المناطق الأخرى حتماً، ومن يدعي العكس هراء في هراء ". على أية حال، لحسن الحظ لم يستطع الكاهن لويس ولا الآلوسي منع المراة من الكتابة في القرن العشرين، والا لما سمعنا إلا قليلا عما يجري في بعض الاوطان، الذي بعضهم قلما يتطرق اليه من كثرة الانهماك في التستر والتخفي وغض النظر . ولو كان الآلوسي وامثاله أحياء، أيضا، لما ظهرت أمثال الشاعرتين نازك الملائكة وفدوى طوقان، وبالتأكيد لن يتسلم أحد من الرجال رسالة غرامية! وكما كان القرن العشرون الفترة التي استطاعت فيها المرأة تحقيق احترام وجودها الفكري، فلا يجرؤ أحد، الآن، على الآستخفاف بعقلها، إلا في المجتمعات المتخلفة الجاهلة التي ما زالت متشبثة بقرونها الوسطى، كانت نهاياته، أي في التسعينيات منه على وجه التقريب، فترة الإكثار من آستدراجها مرة اخرى ليكون جسدُها أداة تسلية، مهملة الجانب العقلي فيها. إنه قَرن الآستهلاك والأسواق المغرية، عصر الفضائيات الهوائية المرئية الداخلة على البيوت كالادمان. لم تبعد القارئ عن المطالعة فقط، بل أخذت والهتْ الكاتب معه. لم يعد الأخير منـزويا في صومعته، كما يقال، يتأمل العالم بمفرده مع من يرغب من زواره، كلاً من وجهة نظره واجتهاده. صارت الساحة مفتوحة لجميع الآراء، من النادر التخلص من تأثير الأضواء والضوضاء وهو/ هي في حالة مقاطعة دائمة من قبل وسائل الإعلام، تقتحم العزلة في غرف الجلوس والنوم بالبيانات والقرارات العشوائية والأخبار المريعة المفزعة. عدو الكتابة اليوم، بشكل خاص، متربص بالكاتبة العربية، لاسيما عندما تتسطح بعض برامج الفضائيات الأدبية، حيث يديرها أناس لا علاقة لهم بموضوع الكتابة الفنية، فيلتجئون إلى تقييم الفن بالعلاقات الشخصية العامة أو لجمال المرأة وملابسها ، العادة التي لم يتخلص منها الجنس البشري بعدُ. هنا تفوت اللعبة على بعضهن ويستولي هلع حب الظهور والشهرة، لتمتد رغبتهن إلى مجرد إظهار صورهن على الشاشة أو في المجلات وأغلفة الكتب الملونة، مكتفيات بالقارئ العابر على الواجهات الزجاجية من أجل النجاح السريع. في عالم اليوم المملوء باللغط والصياح، بالقلق والعنف وضيق الصدر، لاندري ماذا يدفع المرأة والرجل الى الخوض في لحظة فضاء الكتابة والتزاماتها. حين يُمسك القلم – قبل الحاسوب - ليبدأ بتسطير أفكاره/ أفكارها. أيظل التعاطف الشديد والرغبة في المشاركة الروحية بشكل خافت وهادئ سبباً وجيهاً للكتابة؟ لمَ لا يكتفي البعض بالسكوت بعد أن يسمع ما يشبه هذا البيت لشاعرنا المتنبي حين يقول: فليت هوى الأحبة كان عدلاً فحمّل كل قلب ما أطاقا فيُظهر انفعاله باللاعدالة في بيت شاعري رومانتيكي حسب؟!. الاحتمال أن يكون الساعي/ الساعية، لفهم هذا النص وأمثالِه، المتأثر به، المتعاطف معه، على الرغم من صغر السن أو عدم الوقوع في تجربة الحب بعدُ، الأقدر على الاحتجاج والاستغراب والدهشة، في المستقبل، عما يجري له أو لغيره من أمور لا يقبل السكوت عنها صامتا. هؤلاء الحالمون/ الحالمات ُيسمون بالمشاغبين/ المشاغبات، في نظر المنتفعين الأنانيين اللآعابئين من بؤس البشرية وآلامها. يظلون المعذبين بسبب الدجل والقسوة والظلم، الساعين إلى عالم اكثر نقاءً وعدلا، لا يستطيعون أن يصمتوا صمتا تاما، ولو حاولوا تكميمهم. يظل هؤلاء غرباء عن هذا الكون، على الرغم من شعورهم بالحاجة للمشاركة في معاناة الأنسان والحيوان والنبات والجماد .* * نص المداخلة التي أُلقيت في الدورة الثانية للملتقى الدولي الثاني، بتنظيم من اتحاد كتاب المغرب، تحت عنوان "المرأة والكتابة: ذاكرة المكان " المنعقد في مدينة آسفي بالمغرب سميرة المانع / كاتبة من العراق | *د يحيى | 8 - مايو - 2010 | | اللغة والمرأة ( من قبل 4 أعضاء ) قيّم اللغة والمرآة" من لا يكون عاشقاً فهو وحده الذي يرى صورته في المرآة. هذا ما يقوله جلال الدين الرومي مبيّناً علّة نرسيس المأخوذ بصورته. والماء كما نعلم هو المرآة الأولى، مثلما عيون الآخرين هي مرآتنا، لكن جملة الرومي لا تشكّل تلخيصاً أو نتيجة لكتاب حورية عبد الواحد مع أنها تأتي متأخرة، والأخرى بنا أن نشير إلى أنه كتاب عصيّ على التلخيص، فهو يذهب إلى خلخلة مجموعة من النصوص وتعريضها للانقسام والتشظّي مثلما تفعل المرايا بالصور. هنا تتجاور المعرفة باللغة مع التحليل النفسي مع إعطاء الأولوية للّغة، فعالم النفس لم يعد أخصائيّاً بالمعنى الطبي للكلمة وحسب، بل يتطلّب الأمر منه أن يكون عارفاً باللغة لأنّه يتعاطى أولاً مع نصوص. المحلل النفسي، الذي يستمع إلى مريض يسرد حلما، لا يشاهد الحلم، بل يستمع إلى نصّ يُسرد، وبالتالي فإنّ مجال معرفته يتبدى في مقدرته على قراءة هذا النصّ، وفي إدراك المسافة بين الحلم وسرد الحلم. أما هذا الكتاب فلا يناقش حالات سريرية إلا فيما ندر، لأن الكاتبة تذهب إلى النصوص الكبرى المؤسِّسة للوعي، وتعرّضها لقراءة دقيقة وكثيفة في آن واحد، وكأنها بذلك تذهب إلى مقاربة "الوجدان" الثقافي العربي، إن في ينابيعه اللغوية، أو في ينابيعها لدينية. تحتل موضوعة الرؤية موقعاً مركزياً في أطروحات حورية عبد الواحد، ولا يغيب عنها ذلك التنافس "التاريخي" بين حاستي البصر والسمع. أما البصر فهو يؤذن ببدء سيرورة الحضارة كما سبق وعبّر عن ذلك فرويد، فالإنسان المنتصب، الذي يرفع أنفه ويرى بدلاً من أن يشمّ، هو إنسان الحضارة،وهو في الوقت ذاته إنسان اللغة بمعناها التركيبي، حيث يغدو الابتعاد عن الأرض فارقا في قلب اللغة، فيولد المجاز من انتصاب الإنسان على قدميه، إذ أن المبدأ الذي يتيح إنشاء حقول دلالية هو ذلك الذي يحافظ على انفصال بالنسبة إلى المعنى الحقيقي،وعلى مسافة بالنسبة إلى الشيء الأول. فالمسافة بين الرأس المنتصب والأرض هي مسافة ضرورية من أجل الحقول الدلالية التي بنت الحضارة، وفي التعبير الأدقّ للكاتبة فإنه ثمّة ضرورة لعمودية من أجل أن يكون النظر مخترَقاً بتجربة الفقد. ليس من المصادفة إذن أن كلمة "إنسان" تعني أيضاً بؤبؤ العين، مثلما لم يكن من المصادفة أن اسم النبي إبراهيم مشتقّ من الجذر اللغوي "ب ر ه م" ومعناه أدام النظر، فرحلة إبراهيم من الشكّ إلى اليقين تبدأ بإنكاره ألوهية الأصنام بالقول: كيف أعبد من أراه ولا يراني؟. لهذا يتحول إلى عبادة الشمس والقمر، لكنه ما يلبث أن ينكر ألوهيتهما فهما يبزغان ثم يغيبان، بينما هو في بحثه الدؤوب عن الدائم الذي لا يأفل ولا يغيب. لم يكن من السهل عليه اكتشاف المعنى بوصفه غياباً، لأن التخلص من الانشغال بالمرئي أمر صعب حين يكون اسم المرء إبراهيم، فالانصراف عن التقليب بالنظر، عن الملامسة بالعينين، حينما يحمل اسمنا تلك الإشارة إلى البصري لا يمكن أن يحدث إلا عبر اقتلاع رهيب. ومع هذا فإن مسألة الرؤية التي وجدت لها حلاً عند إبراهيم بقيت إشكالية مستمرة. فموسى يطالب: أرني أنظر إليك. ويأتيه الجواب: لن تراني. فاستحالة الرؤية معادل للعذاب الناجم عن الانفصال، وكان الحلاج مسكوناً بهذا الغياب، كان الغياب يمزقه، وقد انتزع منه هذه الصرخة من الألم: ولكن أين تحتجب؟ إذن، بقي نرسيس رهين صورته، هلك ضحية عينيه، لأنه لم يكتشف الفراغ المكوِّن للعلاقة بين الدال والمدلول. لم تكن علة نرسيس في حبه لذاته، فالإنسان لا يحب إلا نفسه ولكن بعد أن يقوم بنقلة، وهذه النقلة هي المرور عبر الآخر. لقد كان نرسيس جاهلاً لقاعدة بسيطة بقدر ما هي جوهرية مفادها أن الإنسان لا يستطيع الوصول إلى ذاته من دون أن يتحول عبر الآخر، والإيروس هو الذي يتكفل بهذا التحول. بإلغائه لمسافة الفقد فإن عذاب نرسيس كان في بقائه فيحيّز الرؤية التي لا تحتمل أي مجاز، بل إنه كان في حيّز الصورة التي لا تنقسم ولا تولّد أي دلالة. نرسيس افتقد التفكير، من حيث أن التفكير هو جعل الغيرية حاضرة في الذات. لقد كان يرى صورته، والأرجح أنه لم يكن يسمع إطلاقاً، وعلى هذا فإن مأساته تتلخص في أنه لم يغادر المرئي إلى اللامرئي. ولم يدرك أن لفظ الكلمة هو الذي يخلق الصورة، وبالطبع لم يتوصل أبداً إلى ذلك الحب الصوفي الذي يلخصه محي الدين ابن عربي بأن أصل الحب الذي نكنّه لله موجود في السمع لا في البصر، بمقتضى تلك الكلمة التي خاطبنا بها حين كنا مادة أولية من العماء: كن. فمن دون هذه الكلمة كنا سنظل في عدم مطلق ولكنه قال: كن. فكان أول متكلم وكنت أول سامع، ولهذا فإن الصفة الإلهية التي خلقت الكون هي الكلام. يتوافق الادعاء الصوفي بأولوية الكلام "السمع" مع النظريات اللغوية الحديثة، ولهذا فإن الكاتبة تجد سنداً قوياً في نصوص محي الدين ابن عربي. فالأخير بصوفيته اللغوية قد صدّع اللغة، وخلخل بنيانها بتأويلات لم تكن متداولة من قبل. وبإحالته الخلق إلى كلام فإن ابن عربي يصنع جسداً للّغة يخترقه النَفَس وتموج فيه الأهواء، أو تتصارع أحياناً. وإذا تذكرنا إشارة غاستون باشلار إلى أن الإنسان صنيعة الرغبة وليس صنيعة الحاجة، وأضفنا هذه الإشارة إلى ما سبق، فإن ما يحدث هو أن الرغبة محمولةٌ على أثير الكلام، فلا يتوقف الكلام عند حدوده اللغوية، بل يصبح جسداً مخترَقاً بالنفس البشرية، فهو مخترَق بحركاتالرغبة، مثلما هو مخترَق بنبضات عدوانية، والموروث الاجتماعي اللغوي يشي بهذا فنحن نقول إن اللسان جارح، واللسان قاتل أيضاً، وليس عبثاً أن المعادل لجملة "قالوابزيد" هو "قتلوه". فالعودة إذن إلى الجذر اللغوي، واقتفاء أثر القرابة أو الاختلاف،يكشفان عن التأسيس النفسي للجماعة اللغوية. وبهذا المعنى فإن بنية اللغة هي بنية نفسية في الوقت ذاته، وليس غريباً إذن أن مريض "الذهان" هو شخص فاقد للنظام اللغوي،أو على الأقل هو يفتقد القطب الحسي للّغة، في حين يسعى مريض الشيزوفرينيا إلى أن يستنطق الجماد. النصّ اللغوي مسكون بتصدّعات النفس، حتى وإن حاول المتكلم إخفاء أو تمويه هذه التصدّعات، فليس من السهل كبت النبضات التي تسري في الكلام، أما امتلاكا لقدرة على كبت هذه النبضات تماماً فهو يشي بصدع أكبر. ولعل من الغريب في هذا الصددأن الكاتبة تناقش بعض النصوص المؤسِّسة للجماعة اللغوية العربية من دون أية إشارة إلى مؤسس علم النفس الجمعي يونغ، أو حتى فروم، في الوقت الذي تحضر فيه مقولات فرويد سواء لجهة تثبيتها، أو على الأغلب لجهة نقضها. إذا خيّل لك للوهلة الأولى أنعنوان هذا الكتاب هو "اللغة والمرأة" فهذا ليس بالخطأ الكبير لأن المرأة تتقاسم الجذر اللغوي نفسه مع المرآة، ولأن الكاتبة نفسها لم تغفل عن هذا الجذر إذ تشير إلى أن المرأة تظل متعلقة بما هو مرآوي، فهي بصرية بعمق لأنها مقيمة لغوياً في الموقع الذي تسكنه الرؤية والرؤيا. ومن خلال تجاورها مع الرؤية والرؤيا يمكن إعادة قراءة "ألف ليلة وليلة"، حيث تمتلك شهرزاد سحر المعرفة، وبتعبير أدقّ تمتلك المرأة هنا الأسرار، إذ لطالما نُظر إلى المرأة على أنها حقل دلالي كثيف، ولكن يكتنفه الغموض . طبعاً لا يفوت الكاتبة المغربية الأصل أن تذكّر بالإقصاء الذي تتعرض له المرأة في المجتمعات العربية، هذا الإقصاء الذي لا بدّ وأن ينعكس لغوياً، فعندما تُجمع "المرأة" على "نساء" فإنها تقصى خارج جذرها اللغوي، فجذر كلمة "نساء" يعني جاء متأخراً، وأيضاً النسء في اللغة هو المخدر الباعث على الدوار أو الشراب الذي يُفقدالعقل، وليس من المصادفة أيضاً أن أم إسماعيل التي تركها زوجها ابراهيم وحيدة في الصحراء مع ابنها كان اسمها "هاجر"، وعندما تُبعد المرأة عن جذرها اللغوي لتصبح "نساء" فهذا يعادل أن تعيد كل امرأة سيرة النفي الأولى لهاجر وابنها، ولربما كان منباب العزاء أن تبني الكاتبة على سيرة النفي هذه بالقول: إذا كان المنفى هو ما يتيح الكتابة فإن الكتابة تكون إذن أنثوية الجوهر. ولعل المفارقة الوحيدة التي تقبض عليها في هذا السياق هي الحديث النبوي: حُبّب إليّ من دنياكم ثلاث: النساء والطيب وجعلت قرّة عيني في الصلاة. فهذا الحديث يخرج عن مألوف اللغة العربية، إذ من المعلوم أن هذه اللغة تكرّس هيمنة المذكر على المؤنث، حتى وإن جاء مذكر وحيد وسط مجموعة من التأنيث، وبما أن العدد "ثلاثة" يخالف المعدود فمن الغريب أن يقال "ثلاث" مع ورود الطيب "المذكر" ضمن المعدود. في العناق الحميم للترجمة، فإن اللغات مثلها مثل العشاق تحتضن ما تجهله. تقتبس حورية عبد الواحد هذه الجملة عن بول فاليري، ولربما صحّت هذه المقولة بشكل مزدوج على هذا الكتاب، فالكاتبة تعالج بالفرنسية نصوصاً وثقافة عربيتين مستفيدةً من آخر منجزات علم النفس، وعلى وجها لخصوص مستفيدةً من آخر منجزات علم التفسير المعاصر، فتحضر تلك الاقتباسات الهامة من بول ريكور وبيير فيديدا وغيرهما في تجسيد لمقولة "إن التفكير هو جعل الغيرية حاضرة في الذات". أما الحاضر الأكبر فهي نصوص محي الدين ابن عربي، فوحده ابن عربي يستطيع القول إن الألف تنحني من عشقها لحرف اللام فيشكلان معاً حرف النفي، هذا قبل قرون من مقولة فرويد المختلفة عن أن النفي هو علامة إثبات الأنا. وطبعاً وحده ابنعربي من يقترح أخوة بين حواء والمسيح، لأن الأولى ولدت من ذكر بلا أنثى، أما الثاني فولد من أنثى بلا ذكر، وأهمية هذا الاقتراح لا تأتي من طرافته بل من قفزه على تاريخية الحدث لإظهار تكامل الخلق، فمرة ذكورة تلد الأنوثة ومرة أنوثة تلد الذكورة،وهذا ليس بالغريب عن صاحب مقولة "كل ما لا يؤنّث لا يعوّل عليه"، لكنه بالتأكيد يختلف عما ساد طويلاً في الحداثة الغربية المعممة، سواء لجهة أولوية الرجل أو لجهةردّ فعل الحركات النسوية وأطروحاتها عن أولوية المرأة. وعلى العموم فإن النص الصوفي، بهامشيته وطاقته الإيروسية، يسعف الكاتبة في محاورة الكثير من النصوص السابقة واللاحقة عليه، ولعل من المهم الإشارة إلى كثافة الحقل الدلالي الذي تخلقه الكاتبة بلغة تنأى عن الإسهاب، وإذا كانت أهمية بعض النصوص تنبع من قدرتها على دفع القارىء ليعيد النظر في بعض مما تلقاه دونما انتباه أو تمحيص فإن هذا الكتاب يفعل هذا بامتياز ومتعة. عمر قدور / كاتب من سورية | *د يحيى | 8 - مايو - 2010 | | أنثى ضد الأنوثة !!!!!!!!!!!!!!!!! ( من قبل 3 أعضاء ) قيّم
سيمون دو بوفوار أنثى ضدّ «الأنوثة»؟ مئة عام على ولادة صاحبة «الجنس الثاني» بعد قرابة ربع قرن على رحيلها، ما زالت تثير الجدل. الأم الروحيّة للحركة النسويّة في العالم، ورفيقة درب بطريرك الوجوديّة جان بول سارتر، صار عمرها اليوم مئة عام... عمر من النضالات السياسية والاجتماعيّة، طبعته الجرأة في الفكر والممارسة. لأول مرّة منذ تأسيسها، قبل نصف قرن، تصدرّت غلاف مجلة «نوفيل أوبسرفاتور» الفرنسية الرصينة صورة امرأة عارية. لكنّ المجلة الفرنسية المعروفة بنخبويتها، لم تقدِم على ذلك بدافع الإثارة الرخيصة أو الكسب المالي. وهي لم تختر صورة لعارضة أزياء أو مغنّية أو ملكة جمال، بل كانت الصورة لسيمون دو بوفوار، الأديبة والمفكرة والمناضلة النسائية الفرنسية، التي تحتفل فرنسا والعالم، اليوم، بالذكرى المئوية لولادتها (9 كانون الثاني/ يناير 1908)! والصورة التقطها المصوّر الشهير آرت شاي، في شقة عشيق دو بوفوار، الروائي الأميركي نيلسون ألغرين، في شيكاغو، خلال خمسينيات القرن الماضي. أما سبب اختيار الصورة مع مانشيت بعنوان: «سيمون الفضائحية»، فيعود إلى أنّ «نوفيل أوبسرفاتور» ـــــ التي كانت إحدى المنابر الرئيسة لصاحبة «الجنس الثاني» وتوأمها الفكري جان بول سارتر، منذ نصف قرن ـــــ تعمّدت إبراز المفارقة الكبيرة التي تطبع الاحتفاء العالمي الحالي بمئوية بوفوار، إذ غلب الجدل بشأن تفاصيل حياتها الشخصية والحميمة على النقاش الفكري المتعلّق بأعمالها وفكرها. اللافت أنّ خيارات الكاتبة الفرنسيّة سيمون دو بوفوار ومواقفها، سواء في فكرها وأعمالها أو في حياتها الشخصية والعاطفية، ما زالت تثير الجدل، على رغم مرور ربع قرن على رحيلها، ما يبيّن إلى أي مدى كانت سابقة لعصرها، من حيث تحرّرها الفكري وتمرّدها على الأعراف الاجتماعية. وقد رافق الجدل سيمون دو بوفوار منذ بداياتها، لكنّه اتخذ طابعاً أكثر عنفاً وتجنّياً، مع صدور مؤلفها الأبرز: «الجنس الثاني» (1949)، الذي يعدّ بمثابة البيان المؤسّس للحركة المطلبية النسويّة في العالم أجمع. حقّق الكتاب نجاحاً فورياً، وبيعت من طبعته الأولى قرابة مليون ومئتي ألف نسخة، وتُرجم إلى 27 لغة. لكن ذلك لم يمنع مفكّرين بارزين من التجنّي عليه والتهجّم على مؤلّفته. إذ وصف ألبير كامو الكتاب بـ«العار الذي يدنّس شرف الذكر الفرنسي»! أما فرانسوا مورياك، فقد ذهب إلى حد القول، خلال حوار شهير مع مجلة «الأزمنة المعاصرة» التي كان الثنائي سارتر ـــــ دو بوفوار يشرفان على إصدارها: «الشيء الوحيد الذي أفادني به هذا الكتاب هو أنني عرفت أدقّ التفاصيل عن الجهاز التناسلي لمؤلّفته»! حتى الحزب الشيوعي الفرنسي، الذي كان آنذاك يمثّل طليعة الفكر التقدمي في بلد ديكارت، فقد علّق على الكتاب في جريدته «لومانيتيه»، مشيراً إلى أن «الأفكار التي يتضمنها، رغم ادّعاءاتها التقدّمية، ستُقابل بالسخرية، بلا شك، من عاملات مصانع «رينو» في «بولوني بيانكور» لو أُتيحت لهن فرصة الإطلاع عليها»! لماذا كل ذلك التجنّي على الكتاب؟ لأنه بكل بساطة جاء في خضم الثورة التحرّرية التي تلت الحرب العالمية، ليطلق رصاصة الرحمة على الأعراف الذكورية السائدة. «لا تولد الواحدة منّا امرأة، بالمفهوم التقليدي ـــــ تقول دو بوفوار ـــــ بل تصبح كذلك، بفعل التأثيرات الاجتماعية التي ترى الأنوثة مزيجاً من الروح الداعرة والتمرّس في فن الرضوخ والعبودية». وتضيف: «الأنوثة بالمفهوم التقليدي السائد هي منتج مصطنع ومفبرك من الحضارة الذكورية. إن ما يشاع عن غرائز الغنج والخضوع لدى النساء، إنما هو انحراف مكتسب اجتماعياً، تماماً مثل غريزة الغرور والأنا الذكورية المنتفخة التي هي مكتسبة وغير فطرية لدى الرجال»! أحدثت الأفكار الجريئة والرؤى الراديكالية التي تضمّنها «الجنس الثاني» ثورةً اجتماعيةً ومنعطفاً فكرياً مرجعياً، خرجت من معطفه أجيال عدة من مناضلات (ومناضلي) الحركة النسائية العالمية. وإن كان تطوّر الحركة النسائية، لاحقاً، قد سمح بتدارك شطط البدايات، حيث لم تعد مناضلات الحركة النسائية حالياً ترى أنّ «الأنوثة» هي بالضرورة نقيض للتحرّر. وقد أثبتت المؤلفات التي صدرت أخيراً، بالاستناد إلى أوراق ومراسلات دو بوفوار، أنّ حياتها الشخصية لم تكن متطابقة مع الصرامة المتداولة عنها وتقشف الصورة النمطية التي اقترنت بها... ولم تكن تعزف عن «المتع الأنثوية» (راجع البرواز). بصدور «الجنس الثاني»، لم تعد دو بوفوار مجرد رفيقة درب وتوأم فكري لجان بول ساتر، زعيم التيار الوجودي في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، بل أصحبت رمزاً ومرجعاً فكرياً للحركة النسائية العالمية. وقد رافق سارتر بالتأييد والدعم نضالات دو بوفوار النسائية، بالقدر نفسه الذي أيّدت هي مواقفه ونضالاته ومعاركه الفكرية، حتى الخاسرة منها، كتأييده الأعمى للاتحاد السوفياتي في العهد الستاليني. ولم يفرّق بين الاثنين سوى انحياز الأخير الصارخ لإسرائيل في أواخر حياته، تحت تأثيرات «سكرتيره الفكري» بيني ليفي. فهذا الأخير لم يتوّرع عن الاستغلال المغرض لشيخوخة سارتر، الذي كان قد أصبح أعمى وشبه أصم، بشهادة جان دانييل، مؤسس أسبوعيّة «نوفيل أوبسرفاتور» العريقة، ورئيس تحريرها حتى اليوم. لكن قطيعة السنوات الأخيرة بين دو بوفوار ورفيق دربها الأزلي، الذي كان يلقبها بكاستور Castor، لم تخرج إلى العلن سوى بعد رحيلهما، حين كشفت عنها بعض الوثائق والمراسلات التي نشرتها ابنة دو بوفوار بالتبنّي، سيلفي لوبون ـــــ دو بوفوار. عثمان تزغارت / باريس | | *د يحيى | 8 - مايو - 2010 | | امرأة استثنائية ( من قبل 4 أعضاء ) قيّم
امرأة استثنائية أغنية تضرب عنان السماء قد يكون من الصعب اختيار مدخل للكتابة عن كتاب " امرأة استثنائية _ تجارب من الإبداع النسائي العالمي " للمترجمة مريم جمعة فرج الصعوبة تكمن في هل أتحدث عن الترجمة كوسيلة اتصال بالاخر أم عن شخصيات الكتاب وتأثرن بإبداعهن وفرحتنا بالحصول على رواية لـ ارونداتي أو الليندي أو أتوود أو توكاركزوك أوتوني موريسون أو ايريس ميردوخ وغيرهن الكثير. قرأنا لهن دون ان نتعرف عليهن ، عن علاقتهن بالأشياء من حولهن وعن الكتابة وعما يبحثن من خلالها. لذلك وجدت ان الصعوبة ستختفي عندما أتحدث عن الكتاب وشخصياته ال " 40 " هن روائيات وكاتبات قصة تقوم المترجمة بنقل حوارات أجريت معهن في كبريات الصحف العالمية. مدخل كل حوار ملامسة لأهم روايات الكاتبة ومقطع هذه الرواية. حيث كل حوار يكشف عن خصوصية كل مبدعة في الطرح وطريقة الكتابة التي تختلف وتتنوع باختلاف بلدان الكاتبات. فهذه الروائية أرونداتي روي تقول في مقطع من حوارها " أنا مؤمنة بأن هناك كتاباً أنانيين وكتاباً شديدي السخاء و الكتاب الأنانيون يتركونك لتعيش في حدود العمل بعد قراءتهم، أما الكتاب الأكثر سخاء فيتركونك لتعيش في حدود العالم الذي تنطلق منه تجاربهم الروائية ". وتجيب الروائية ايزابيل الليندي عن السؤال حول العيش في اللحظة فتقول " لا أشعر بأن هناك ما يقيدني، لقد تعودت طوال حياتي على ان أترك الأشياء ورائي كما تعلمت ان اعمل كل أشيائي الهامة، بداخلي أحمل قوتي ونظامي و الأشياء التي أحتاج إليها لكسب قوتي و الواقع إنني لست متعلقة إلى هذا الحد بالبيت أو الأشياء أو الأماكن أو المهن التي أزاولها. أما الروائية جامايكا كينكيد فتجيب عن سؤال: هل تشبهين شخصياتك في عنادها؟ " أتمنى أن أكون كذلك ولو أنني ولدت أمة أو في بلد يحكمه نظام دكتاتوري فلن أطيق هذه الحياة، الموت أفضل من العيش في ظل الطغيان، أفضل من أن يتحكم فيك الآخرون ". ومن شخصيات الكتاب اثنان من المتحصلات على جائزة نوبل في الآداب هن: الروائية الجنوب افريقيةنادين غورديمر عام 1991 و الروائية الأمريكية توني موريسون عام 1993. كتاب " امرأة استثنائية " يهدف إلى تسليط الضوء على جزئية هامة في سياق الإبداع الإنساني تتعلق بالمرأة و الكتابة الإبداعية من حيث الخصوصية الشخصية و الخصوصية الشاملة. خلود الفلاح | | *د يحيى | 8 - مايو - 2010 | | لورا كازشكي ( من قبل 3 أعضاء ) قيّم لورا كازشكي: أميركا من خلال نسائها لورا كازشكي, الكاتبة الاميركية, تضيء دوماً في اعمالها على اميركا, وخصوصاً على ضواحيها. انها ترسم في روايتها بورتريه للنساء ذوات الوجوه التي تخفي اسراراً وشكوكاً. لورا كازشكي الشابة ذات الـ45 عاماً, هي روائية وشاعرة في الوقت نفسه, كما انها تدرس الادب في كلية ان اربور في ميتشيغان. وهي حتى الآن اصدرت خمس روايات, اقتبس منها اثنتان للسينما وهما «A Suspicious River» و«الحياة امام عيني». حالياً ترجمت روايتها الاخيرتين الى الفرنسية وهما بعنوان «R€ves de gar€ons» و«A moi pour toujours». ومن خلال هاتين الروايتين نتعرف الى الاديبة الشابة. النساء: هذا ما يهم لورا كازشكي, بدءاً من الاضطرابات الجنسية الى العلاقة بين الأم والابنة, مروراً بالكشف عن المراحل المفاتيح كما مرحلة المراهقة ومرحلة الامومة. رواياتها الخمس تبرز بكثير الحدس والحساسية نساءكن مرتعاً للشكوك او للندم, او للاوهام. انها تثير في اعمالها مخاوفهن السرية, عنفهن المخبوء, المآسي التي يعانينها وراء مظاهر كاملة. كريستي سويتلاند رواية «R€ves de gar€ons» هي امرأة شابة عصرية جداً تقضي اجازتها في مخيم صيفي مع شابات يشابهنها. وابتسامة واحدة لفلاحين التقتهما بالمصادفة كانت كافية ليبدأ بعدها الرعب. كذلك شيري سيمور بطلة «A moi pour toujours» تبدو انها تملك كل شيء لتكون سعيدة, فهي تعيش حياة آمنة الى اقصى حد: عائلة محبة, منزل جميل. الى ان مجرد كلمة سربت الى خزانتها يوم عيد سان فالنتين فجعلت كل حياتها تنحدر نحو الزنا والخيانة ثم الى المأساة ثم الى تحطيم كل ما تؤمن به. إذاً تأملنا الحبكات التي تحيكها لورا كازشكي فاننا نرى كأنها خارجة من صفحة القضايا في الصحف الصغيرة. كما مثلاً تلك الحبكة في احدى رواياتها عن اختفاء أم بواسطة ابنتها. وهي قصة حقيقية احتلت العناوين الكبرى في الصحف المحلية. والكاتبة ترى «ان هذه الاحداث التي تظهر في الصحف هي مؤلفة من اشخاص, من ظروف, من اشياء يجب حلها او شرحها انا ابحث قبل اي شيء عندما اكتب, عن كيف أحيك لغتي, كيف العب على موسيقى الكلمات. كيف اخلق الصور. ولكن الناس هم بحاجة الى سيناريو مثير يبقيهم يقظين, واختيار الحبكة المشوقة الجاهزة يسهل على ان اعمل على ما يهمني اولاً وبالعمق». ان فن هذه الروائية والشاعرة التي تسكن في مدينة صغيرة في ميتشيغان كما بطلتها شيري سيمور, يرتكز على الدقة السيكولوجية وعلى اسلوب غني بالتوريات غير المرتقبة. وعلى الوصف المثير للذكريات, وعلى البناء المشبع بالمؤثرات والاصداء. في رواياتها تصف لورا اميركا او المجتمع الاميركي, ففي «A moi toujours» تحكي عن تلك المرأة الناضجة التي ترى عالمها ينزلق تحت عينيها, ولكنها تحكي ايضاً قصة الشاب البريء الذي ينتمي الى طبقة اجتماعية اخرى, طبقة تدفع الثمن عن الآخرين, كما اولئك الجنود الذين يرسلون للحرب في العراق والذين لا ينتمون الى الطبقات المرفهة والمرتاحة في المجتمع. ولورا كازيشكي تقول هنا: «من دون شك يمكن قراءة كتبي على انها نقد للقوالب والعيوب البشرية في اميركا المعاصرة, ولكن انا في البداية لا افكر في ذلك. انا اركز على مشهد استثنائي, او على شخص يجتاز هذه المرحلة من العمر او تلك الازمة. كل تشهير هو بالنسبة إلي ضمني, لأن ما اصفه هو احيانا ليس رمزياً ولكنه واقعي. يوجد كثير من المدن الاميركية الصغيرة الجذابة حيث التلفزيون يهيمن, وحيث الثقافة تقارب اللاشيء او العدم, من دون ان يرى اي شخص في ذلك ما يجب ان يقول عنه شيئاً». اعداد: سهام خلوصي | *د يحيى | 8 - مايو - 2010 | | لينا لاندر والأدب الفنلندي ( من قبل 3 أعضاء ) قيّم
لينا لاندر لينا لاندر في «بيت الفراشات السوداء»: أكتب عن اليتم والأيتام كي أقاوم الألم والقسوة شهد الأدب الفنلندي في السنين العشرين الأخيرة ازدهارا وانتشارا واسعا تخطى الحدود القومية, وانتقل إلى الكثير من لغات العالم, ومع ذلك فإن معرفة القارئ العربي برموز هذا الأدب وأسمائه اللامعة ماتزال محدودة جدا, وهي ربما لا تتعدى في أحسن الأحوال الإطلال على بعض ملامح تجربة الشاعر بوكاربلان والقاص ايسا ساريولا, وفرانز إيميل سيلانيا الحائز على جائزة نوبل للآداب في العام 1939, وهو الأمر الذي جعل من صدور رواية «بيت الفراشات السوداء» للكاتبة لينا لاندر باللغة العربية سابقة من نوعها, أولا لأنها الرواية الأولى التي تُرجمت عن الفنلندية مباشرة وليس عن لغات أخرى, وثانيا لأنها نص أدبي مميز يدخلنا إلى تجربة هامة من تجارب الكتابة النسوية على المستوى العالمي.
لينا لاندر كاتبة فنلندية من مواليد العام 1955, درست العلوم الإنسانية, والتحقت للعمل بجريدة «أخبار توركو» منذ العام 1989, وما زالت تعمل هناك وروايتها «بيت الفراشات السوداء» التي صدرت أخيراً عن دار قدمس بدمشق ضمن سلسلة ولادة وبالتعاون مع برنامج التبادل الأدبي الفنلندي, كانت الرواية قد ظهرت في فنلندة العام 1991, وهي الرواية السابعة للمؤلفة في قائمة رواياتها العشر, وقد تُرجمت إلى عشر لغات مختلفة, ورُشحت لنيل جائزة فنلنديا للآداب. أما مترجمة هذه الرواية مارية الهلالي فهي مغربية الأصل من مواليد 1977, درست الأدب الإنكليزي في جامعة محمد الأول, وترجمت كتابين عن الإنكليزية قبل أن تختار العاصمة الفنلندية مقرا لإقامتها وعملها, وقد قامت بإنجاز أول قاموس عربي فنلندي تم صدوره اخيرا. في روايتها تأخذنا الكاتبة لاندر إلى مجاهل عالم مليء بالوحشة والبؤس, تُدخلنا إلى جزيرة نائية ومعزولة عن العالم, وإلى مأوى لإصلاح الأطفال والأحداث الجانحين والمشردين, تجول بنا ما بين مدير قاس ومتسلط وبين حيوات ومعاناة هؤلاء المحرومين من الحب والحنان, تفعل ذلك عبر شخصية يوهاني يوهانسن حين تبدأ ذاكرته باستعادة تفاصيل دخوله إلى ذلك المأوى وتفاصيل حياته فيه بعد أن تخلى عنه والداه الفاسدان, وعبر تداخل الماضي بالحاضر واختلاط الذكريات بالوقائع والأخيلة وتقنية الرسائل والوثائق تتخلّق الشخصيات الأخرى, ترسم صورا متشابكة للرذيلة والحب والأخلاق والرغبة في مقاومة الشر. وحين تكتب لينا وترسم ملامح شخوصها فهي تفعل ذلك أصلا كي تثير الأسئلة الشائكة على قارئها, فمن خلال شخصية الطفل يوهاني اليتيم تثير العديد من الأسئلة التي تتعلق بقيمة وجودنا وأفعالنا كبشر في ظل غياب العدالة وتكافؤ الفرص من الحياة؟ ومن خلال شخصية المدير الصارم تطرح سؤالها إن كانت الرغبة في الإصلاح والنوايا الطيبة تبرر الاستبداد والتسلط؟ وعبر شخصية زوجة المدير التي تقع في حب أحد فتيان المأوى تفتح الكاتبة صفحاتها على الشهوة الجامحة التي تعيد صياغة مفاهيم الخطيئة والإثم والرغبة الجارحة, وحين تكتب لينا تتكشف خصوصيات لغتها الماثلة بالإيجاز والصور البليغة القادرة على الوصول إلى الجوهري والحقيقي في الحياة. أُعلن عن صدور رواية «بيت الفراشات السوداء» باللغة العربية في حفل استقبال نظمته السفارة الفنلندية بدمشق يوم الخامس والعشرين من تشرين الأول بحضور مؤلفة الرواية والمترجمة, وعلى هامش هذه المناسبة التقينا الأديبة لينا لاندر, وسألناها بداية عن المؤثرات التي دفعتها لخوض تجربة الكتابة الروائية عموما, وولوج عالم الأطفال الجانحين بشكل خاص؟ فقالت: بشكل عام نحن الفنلنديين شعب يقرأ ويكتب كثيرا, وقد نكون من أكثر البلدان اهتماما بهذا المجال, وبشكل خاص فقد عشت طفولتي في مركز تربوي للأطفال الجانحين, ولم يكن هناك ما أفعله غير القراءة, وكان ذلك المركز مخصصا للأطفال الذكور فقط, وقد سكنت فيه لان أبي كان يعمل هناك, والمركز كان مغلقا على هؤلاء الجانحين, ولم يكن لدي ما أفعله سوى أن أخترع قصصا وأحكيها لأخوتي, ومن خلال ذلك تعلمت أن أرتب العالم في حكايا وقصص, وكانت تلك طريقتي التي ابتكرتها للعيش في ذلك المكان ومقاومة القسوة. واستطردت لاندر بعد زفرة حزينة: إن متابعة المصير المحتوم لأولئك الأطفال الذين كانوا يعاملون بقسوة مبالغ فيها, ويفتقدون للحب والحنان, جعلني منذ طفولتي أفكر في ما إذا كان هذا العالم المملوء بالقسوة مكاناً جديراً لأن يعيش الإنسان فيه؟ وهل هناك إمكانية فعلية لتغيير شروط الحياة غير العادلة, هل هناك من أمل؟ € وهل توصلت إلى إجابة عن هذه الأسئلة المريرة؟ حتى الآن مازلت أبحث في هذه الأسئلة, وأتقصى فيها, وهذا ما يجعلني أكتب روايات جديدة, وفي الحالات التي أكون فيها متشائمة أرى أشياء غير عادلة في المحيط الذي أعيش فيه وأشعر باليأس, ولكن الهدف من الأدب في نهاية المطاف, هو أن نعطي الأمل للقارئ, والحياة بكل وجوهها المختلفة تستحق أن تعاش, وكل الروايات التي كتبتها تحكي عن الشقاء والبؤس الإنساني والظروف الصعبة التي يعيشها الإنسان, ولكن في الوقت نفسه كنت دائما أحاول في نهاية النفق المظلم أن أجد بصيص ضوء, أن أختلق أمل ما. € وماذا تقولين في تجربتك الروائية؟ حتى اليوم كتبت عشر روايات, ورواياتي الأولى كانت تاريخية, لكني أعترف أنها لم تكن بالقدر الكافي من العمق, وكان الهدف منها الترويح عن الآخر, فقط كتبتها في ظروف معيشية قاسية, وتحت ضغط الحاجات المادية اليومية, ولكن مع روايتي «بيت الفراشات السوداء» وهي الرواية السابعة لي, وهي أول رواية استندت فيها إلى تجربتي الشخصية, وغيّرت مصيري بشكل هائل, فقد حولتني إلى روائية تناضل من أجل فكرة معينة, ورواياتي التي كتبتها بعد هذه الرواية تتابع القصة ذاتها في نفس المدرسة التي هي بمثابة سجن, تتابع وجوهاً أخرى من حيوات هؤلاء الأطفال الجانحين, من خلال أجيال ومراحل مختلفة, تغوص أكثر في حياة هريولا التي استلهمتها أصلا من شخصية والدي. عموما أنا أكتب كثيرا عن اليتم, وعن أناس أيتام يبحثون عن ملجأ آمن, ويصرخون أعطونا حبا وحنانا, أكتب عن مواضع الألم في سيرة هؤلاء, وحين أكتب عن الألم أشعر أنني أقاومه. € وما هي الحدود الفاصلة ما بين الواقع والخيال في تركيب شخوص الرواية؟ الأدب عموما يقوم على الخيال مع أنه يستلهم الواقع في جزء منه, وكذلك الأمر بالنسبة لشخوصي, ففي كل شخصية منها ثمة جانب حقيقي, لكن الخيال بلوره وصقله, وكما ذكرت فإن شخصية هاريولا تشبه إلى حد كبير شخصية والدي, لكن شخصية زوجته تختلف تماما عن شخصية والدتي, لأنها كانت امرأة متدينة, ولا يمكن أبدا ان تختلط مع أولئك الأولاد, وان تأتي بالآثام التي صورتها الرواية, أما بالنسبة ليوهاني فهي شخصية تتراكب فيها الكثير من الخصال المشتركة, كما تجمع إليها شخصية أخ زوجي, الذي قُتل في سن مبكرة, وقد اهديت هذه الرواية لروحه. € ما هو سبب استخدامك لصيغة الرسائل والوثائق في بداية الرواية ونهايتها؟ على الكاتب دوما أن يبحث ويتقصى عن الحقائق, وصيغة الوثيقة التي اعتمدتها في الرواية هي بالأصل وثائق حقيقية استخرجتها من الدوائر الرسمية, وقمت بتغيير الأسماء والتواريخ فقط بما ينسجم مع العمل الروائي, وهي وثائق تخص جنحاً قام بها أطفال وفتيان, منهم من ينتمي إلى أسر فقيرة, وبعضهم ينتمي إلى أسر غنية, وهناك بعض الأطفال الذين لم يفعلوا أي جنحة أو إثم غير أنهم كانوا ينتمون إلى أسر مفككة وأبوين فاسدين. € كيف تشعرين إزاء صدور إحدى رواياتك بالعربية؟ ما كنت سوف أكون في سوريا وأشعر بهذه الغبطة, لولا هذه المترجمة الرائعة €مارية الهلالي€ التي أتاحت للقارئ العربي أن يتعرف على جزء من نتاجي الأدبي, وأعتقد أنها خطوة هامة لبداية مد جسور حوار بين الثقافتين العربية والفنلندية, ومن جهتي فأنا أهتم بالمنطقة العربية وبالثقافة العربية وبمدى إسهام المرأة في الحياة العامة. € وماذا عن المرأة الفنلندية, وهل تطرقّت لواقعها في إحدى رواياتك؟ حصلت المرأة الفنلندية على حق الانتخاب منذ العام 1906 وكانت بذلك الأولى من بين النساء الأوروبيات التي تحصل على هذا الحق, وفي روايتي «الأمر» التي صدرت بعد «بيت الفراشات السوداء» تناولت واقع المرأة المناضلة من خلال تناول أحداث الحرب الأهلية الفنلندية بين الحمر والبيض التي جرت في العام 1918 وامتدت لعدة شهور. € عفوا للمقاطعة, هل تقصدين بالحمر اليساريين؟ كان الحمر من الطبقات الكادحة والفقيرة, ومن أولئك الذين يحملون ميولا يسارية من دون أن يكونوا منخرطين في أحزاب سياسية, وكان البيض من الطبقات الأخرى, لكن المهم في هذه الأحداث التي انتصر فيها البيض هو إسهام النساء في صفوف الحمر, وأن البيض المنتصرين في نهاية المعركة, لقنوا الحمر درسا قاسيا للغاية, فقتلوا أربعين ألف شخصا, وهو رقم خيالي بالنسبة الى تعداد سكان فنلندة €حاليا خمسة ملايين نسمة€ وأكبر نصيب من تلك المذابح كانت من نصيب المقاتلات الحمر, فكن ضحايا مرتين, مرة حين قٌتلن, ومرة أخرى لأنهن أنجبن الرجال الذين قضوا في تلك الأحداث. € ما هو أثر تجربتك الصحفية الطويلة في نتاجك الصحفي؟ العمل الصحفي علمني الكثير, ففي عدد محدود جدا من الصفحات على الصحفي أن يقول الكثير, ويقدم كما كبيرا من المعلومات, وكانت التجربة الصحفية بالنسبة إلي بمثابة مدرسة للكتابة جعلتني أكتب بطريقة مختزلة, تصل مباشرة إلى صميم الموضوع. € هل حدث وقرأت شيئا من الأدب العربي, وما هو انطباعك؟ قرأت من الأدب العربي الشعر, قرأت مجموعات كاملة مترجمة إلى الإنكليزية, ومجموعة شعرية كانت مترجمة إلى الفنلندية, وقد لا أستطيع الآن أن أتذكر أسماء الشعراء والأعمال الشعرية التي قرأتها, لكنني أذكر جيدا أنني قرأت في هذا الشعر تعابير عن الحب كانت من أجمل وأرق التعابير التي قرأتها في حياتي, وأعتقد أن التعبير عن الحب من أكثر الأحاسيس البشرية سمواً, وهو القوة الأولى المحرّكة في هذه الحياة. حاورتها: تهامة الجندي | | *د يحيى | 8 - مايو - 2010 | | الشاعرة اليابانية تادا تشيماكو ( من قبل 3 أعضاء ) قيّم تادا تشيماكو Tada Chimako (1930-2003) الشاعرة اليابانية تادا تشيماكو تحوز على أفضل الترجمات بعد أن أضحك.. تضحك المرآة قليلاً تعد تادا تشيماكو الراحلة من سنوات قليلة واحدة من أهم الشعراء الحديثين، نساء ورجالاً، في اليابان. يزخر شعرها بثروة من الصور المدهشة المقطوفة من الميثولوجيا والفكر الياباني القديم. وهي توصف بأنها شاعرة العقل وسعة الإطلاع، كما الحسية والعاطفة اللتين تكتشفان عن جانب غير تقليدي للثقافة اليابانية المعاصرة. يتحدث الشاعر والناقد الياباني ماكوتو بإعجاب عن ميزة العقل المحرك في شعر تادا تشيماكو. ولا بد من الإشاة الى أنه كان هناك اعتقاد قوي دعمته الرومانطيقية الغربية يقول أن أفضل الشعر ينبع من أعماق الإنسان من دون ألم التردد المفروض من قبل العقل. تادا تشيماكو استثناء لهذا الاعتقاد. نحن هنا أمام صوت مميز وعميق ينبض بالمعضلة الإنسانية وبقوة مصدرها: العقل. قطعت تشيماكو مع التقليد الحديث الذي يوجب أن يكون شعر النساء متميزاً بالصراحة، الإخلاص ووضوح النيّة، بمعنى ألا تكون العاطفة مقيّدة بالعقل. لم تنف تشيماكو عن نفسها صفة «شاعرة العقل» وهي شرحت في مقالة لها بعنوان «مرآة فيلا سكويز» أنها تحاول الجمع بين الفكر والشعور العاطفي لخلق لذة سامية. تقول تشيماكو في المقالة: «كل عناصر الشعر تعمل سوية، كل كلمة تتميز بقيمة أشبه بالرقمية تنتقل أو تنحرف مع تغيرات تراكيب الكلام. وحتى في قصيدة قصيرة يفترض بالقارئ استعمال عقله ليسجل الإمكانات المتوفرة لتعقيداتها اللامتناهية. كيف يمكن لكتابة معقدة كهذه أن تخلق متعة؟ واقعاً، إن الصور والمواقف والتراكيب الخاصة بالقصيدة تُرضي ليس فقط العواطف والحواس، بل أيضاً تقاطعات الفكر الحساسة أو الدقيقة. يمكن للمتعة المتأتية من ذلك بلوغ الهناء الخالص الذي يعتبر من أسمى التجارب السامية للكائن البشري». كتبت تشيماكو مختلف أنواع الشعر أسلوباً وتركيباً. فهي استخدمت الشعر الحرّ غير التقليدي («ألعاب نارية»، حلبة المصارع» و«عالم الوردة») كما استعملت لقصائدها أشكالاً يابانية تقليدية من مثل قصيدتي التانكا والهايكو («راذاذ ماء» و«لدى نزع الختم»)، كما كتبت قصيدة النثر «سجل خاطئ للعصور» و«الدرب ذو الأربعة وجوه». مع أواخر عام 2009 نالت مجموعة مختارة من قصائد تادا تشيماكو جائزة الكتاب المترجم الى الإنكليزية من جامعة كولومبيا الأميركية. [إلتقاء يشطف المطر بقايا الصيف، داخل الحديقة يجثم الخريف مقطراً ماء.
لساني، البارد يحتبس كلمات هادئة ناعمة داخل صدفتها المعتادة على موج المد والجزر.
فوق راحة يدي المفتوحة أضع حبة حص لتتأملها عيناي،
وتؤوب في النهاية تطليعتي الطويلة الى نفسها، هاجرة ذاكرة. تجنح ثم تغرق مثل سفينة محطمة في البعيد.
[ ألعاب نارية صباحية صباح وردي، علكة بايتة، تمشيت قرب البحر
فوق الرمال تمثال صخري مشوّه سدّ دربي. وليد سرطان بحر منهمك بخدش كعبه المتشقق.
من بين أصابع قبضتي رشح الرمل أحلاماً رملية لم تلبث أن ضاعت. فاغرة فاهها، ثابرت مزهرية مرمية على شرب الريح الجافة جداً.
في عرض البحر بدت الجزر مجرد نقاط لا علاقة للواحدة منها بالأخرى. من وقت لآخر، ولما أوشك أن أنساها كانت ألعاب نارية بلون الثلج تنطلق ثم تنفجر في السماء. [أسطورة الثلج وأخيراً بدأ الثلج بالتساقط بعد إنهمار المطر، وهبوب الريح، وتطاير الرمال
مُوقفاً عقارب كل الساعات تابع الثلج التراكم بهدوء فوق أبراج المعابد الشريرة النية فوق جدران قلاع الريبة الكريهة فوق الحزوز التي تركتها العربات في الوحل الأسود.
ملفوفة داخل شرنقة الثلج غدت المدينة أسطورة غدت شاهد قبر خفاني يحوي عدداً لا يحصى من الثقوب حفرتها فيه الأرواح (مهما كانوا مرضى وسقيمين، يغدو المتقدمون في العمر جميلين قبل الممات).
أين كان الوفاق؟ نسيت مدينة البشر أثقال وزنها وممعنة في الإرتجاف كزهرة يتيمة فوق ساق نحيلة لم تتوقف عن فتح بتلة بيضاء إثر بتلة (مثل جرح عميق نبيل تحول الى مسرح مقدس)
أين كانت الصلاة؟ الثلج الذي بدأ بالتساقط أخيراً بعد الريح والمطر والرمل ألبس الليلة البيضاء نهاراً أبيض [ المرآة المرآة دائماً أطول مني بقليل وتضحك قليلاً بعد أن أضحك أنا. تحمرّ وجنتاي كما الزعرور وأتخلّص بالمقص من أجزائي الناتئة خارج الإطار.
أُقرّب شفتيّ من المرآة فيصيبها الغمام وأختفي بدوري خلف تنهيدتي تماماً مثلما يختفي الأرستقراطي خلف شعار نبالته مثلما يختفي الوغد خلف وشمه.
هذه المرآة، مقبرة الابتسامات، يا المسافر، إذهب الى لاكاديمون وأخبر التالي: من خلال مرآة ذاك القبر المدهون بالأبيض والمبنيّ بحجارة ثقيلة، وحدها الريح تهبّ. [ الحقل الذابل الرياح التي تلفح الشجر تكتب وتضرب، العقل الذي لا يقطنه أحد ليس له أفق. ببساطة، إنه واسع بشكل لا يمكن تخيّله. داخل الأحذية ثمة الأقدام. يالبعد تلك الأقدام! دافعة الشمس عني ومكتوية بالجوع اليوم أيضاً، بسبب السن المعرض للهواء، أهيم في حقل الشتاء. [ إعدام رويداً، على مهل يستنشق الرجل الهواء، ينتفخ صدره العريض، ترتفع ذراعاه الغليظتان يرتفع فأسه المتلألئ، صوب السماء الزرقاء، نحو السماء الزرقاء حيث تطير العصافير، يرتفع فأسه اللامع.
تحت قدمه ثمة رأس ضئيل، رقبة التفكير، جذع جسد، وسيقان مصوباً نحو هدف، يبقى الفأس ساكناً، في السماء الزرقاء حيث تطير العصافير، يبقى ساكناً؛ يخيم الصمت على أرجاء العالم، في تلك اللحظة، أُنظر، الرقبة البيضاء تشرع بالتمدد، منزلقة تحت الفأس المرفوع، هاربة بعيداً عن الجذع المقيّد، تتمطى الرقبة البيضاء، منزلقة، بلا توقف. [رزنامة شعر أنا التي أنتظر لنفسي أنا التي لا تظهر اليوم، أيضاً، قلبت صفحة من المحيط ورميت سمكة البطلينوس الصدفية وقد ماتت فاغرة فاهها
النهار الذي لا يمكنه أن يفضّ شاطئاً أبيض مثابة رحم أم لا يلد مجذافاً مكسوراً
أنا التي أنتظر لنفسي أنا التي لا تُظهر اليوم، أيضاً، قلبتُ صفحة أفق ورميتُ جلد حية خفيفاً جداً
اليوم الذي لا يمكنني فيه كسر مظلة شمس مهترئة تنقلي ضحكة مريبة على البارد
أنا التي أنتظر لنفسي أنا التي لا تظهر اليوم، أيضاً، قلبتُ ورقة سماء كنست غبار النجوم السخامي ورميته بعيداً
في اليوم الذي لا أستطيع فيه تهشيم عشب دامع أقلبُ وأقلبُ، لكن دون أن أظهر
أنا التي تنتظر لنفسها عالم الحب الأعزل الخيالي الأعداد [ تبرّج واقفة بمواجهة المرآة أتبرّج بشكل خفيف. هذا ما أفعله دائماً، عادةٌ أمارسها كل ليلة. أما الذي هو غير عادة يومية: الليلة سأغدو صبياً!
قميص وسترة فضفاضة لصبي في الخامسة عشرة بنطلون واسع أيضاً لصبي في الخامسة عشرة هذه جميعها تناسبني بشكل لا يصدق وأغدو صبياً حتى قبل أن تبدأ اللحية بالظهور
هذه المقامرة لا تكلّف الكثير ولا هي خطرة كمقامرة قد أستبدل الشاب في ورق اللعب بالملكة لكن لا بأس: لا أحد سيلاحظ ذلك (أُعيد دهن جسد السفينة الصدئ فيما مقدمتها محملة بالعيون وقد وُضعت في الخدمة منذ الزمن الأرثوذكسي القديم)
من الآن فصاعداً لن أحسد أي رجل أو إمرأة لن أحتاج الى العطور أو الى مسدسين إذا شئت، يمكنني أن أصبح إمرأة من لحم ودم صبي من عالم التجريد
أرخى الليل سدوله وأوغل أُنجزت التحضيرات وسأغادر الآن الى شخص ليس بالزوج أو الحبيب وداعاً، أيها الصبي الغريب في المرآة الذي يوشك أن يصبح رجلاً حال إمتلاك بزوغ الفجر رائحة حليب الأم [ الى المحطة الأخيرة كل مرة أستيقظ أجد المنظر قد تغيّر في أي اتجاه ينساب الوقت الى الأمام وإلى الوراء، تومض قضبان سكة الزئبق - أين ستنزلين - إني قاصدة المحطة الأخيرة فيما الحشائش تنمو كثيفة وجامحة أستسلم للنوم ملفوفة بخيطان أشعة الشمس الناعمة وذنب الحلم داخل الفم (ربما الرأس ليس البداية ولا الذنب النهاية) يبدو وكأنني لم أولد بعد والعالم هو النور خلف قشرة البيضة ساعة منبه ترنّ في البعيد صباح من ذاك؟ حبات البيض تفقس في نفس الوقت ألعاب مدرسية بين فرق فرحة حالما تطلق رصاصة الإنطلاق ثمة مدفأة عند بوابة المدرسة إنجرفت بعيداً داخل الحلم كلما استيقظت يتغير المشهد الهواء مكتنز بالفراشات مع وقوعها تغدو أوراقاً ميتة وتتبعثر تاركة وراءها نفق مزمجر من الفراغ الأجوف - أين المحطة الأخيرة - ألا تعرفين هذه أيضاً. ترجمة وإعداد: فوزي محيدلي -
| *د يحيى | 8 - مايو - 2010 | | الشاعر العالمي المعاصر أريك بانكي ( من قبل 3 أعضاء ) قيّم
حوار مع الشاعر العالمي المعاصر أريك بانكي لا أعتقد أننا نعيش عصراً رديئاً للشعر، بل إننا نعيش عصراً غنياً ومفعماً بالحيوية * انا اتلقى الموسيقا في جميع الاوقات (...) انها طريقة لصرف نفسي عن الوعي بذاتي باني امارس كتابة قصيدة. عندما قررت تحديد عنوان كتابك الجديد (النصب) ("القبر الفارغ" في اللغه الأغريقية) هل كنت تفكر تحديدا في النصب التذكاري الذي صممه السير ادوين لوتينز تكريما للجنود الذين فقدوا في الحرب العالمية الأولى، ام انك ببساطه افتتنت بفكرة النصب التذكاري؟ - لقد كنت منجذبا لفكرة القبر الأجوف، الشيء الذي عليه ان يحوي شيئا ما لكنه ليس كذلك، أي انه فارغ. في الديوانين الأول والثاني من هذه السلسلة: (كتابات مشكوك في مؤلفها) و(قصص الحب الأخيرة) هناك تضارب روحي في الأيمان بمعجزة القبر الفارغ ارتباطا بموت السيد المسيح ثم قيامه يحصل لدى المتكلم في (كتابات مشكوك في مؤلفها). فهذا المتكلم لا يرى الآن غير الفراغ. إن فكرة النصب لهذا السبب تفرض نفسها علي بالقوة. عندما كنت اكتب القصيدة الحقيقية (النصب) كان مصير الشاعر هارت كرين (1899 - 1932) مؤلف السلسلة المعروفة بعنوان "الجسر" الذي مات في البحر يشغل بالي. لقد انتحر ولم يسترد جسده ابدا. فعندما كنت اكتب القصيدة الأصلية تملكتني فكرة قصيدة تكون بمثابة "نصبا تذكاريا" لهارت كرين بكل الجوانب التي تم حذفها منها. لقد كانت القصيدة اطول من ذلك. انا دائما اعتقد بأني سوف اقوم بكتابة قصيدة بطول كتاب كامل لكنها تنتهي دائما بأثنى عشر بيتا فقط. * أشرت إلى إن (النصب) هو الجزء الثالث من سلسلة. هل تتصور نهاية لهذه السلسلة ام إنها مشروع مستمر في التطور؟ - إن “النصب” توشك ان تضع نهاية لهذا المشروع بشكل خاص. لقد أطلقت عليه اسم "لوح ثلاثي" وليس "ثلاثية" لأني لا اريد ان تكون العلاقة بين الكتب ذات طابع تسلسلي بالضرورة، بل اريدها مصممه بطريقه يمكن من خلالها تقديم هموم وقضايا محدده مثلما يقدمه اللوح الثلاثي في الفن المرئي. في اللوح المركزي يسود الوضع النفسي والحكاية بينما يروي اللوحان على الجانبين قصص اخرى تتحدث عن أمور ذات علاقة بما يجري في المركز. وانا ارى حقا إن (قصص الحب الاخيرة) تكون في المركز، فهو افضل ما يمثل الوضع النفسي الراهن لدي، من الجانب الآخر يكون اللوحان الآخران بمثابة النهايتين. * كما جاء في نموذج المحراب في أوربا القرون الوسطى التي من المحتمل انك رأيت فيها الفردوس على اللوح الأيسر ورأيت الدينونة النهائية او الجحيم على اللوح الأيمن؟ * اجل، تلك الأنواع من الحدود هي فضاءات بين الفردوس والدنيا، بين الدنيا والجحيم او بين الروح والمادة، إنها قضايا تثار في الكتب الثلاثه. * هناك شخصية "بروسبيرو" تظهر في العديد من قصائد (قصص الحب الأخيرة) وبعض قصائد (النصب) المتأخرة. أثناء قراءتي كنت أتساءل أي بروسبيرو يدور في ذهنك. أكثرهم وضوحا هو ذلك القادم من "عاصفة" شكسبير، لكن فيما يبدو وكأنك ترى في ذهنك في نفس الوقت (بوب بينيدكت الرابع عشر) و بروسبيرو لامبرتيني (1675-1758،بوب 1740-1758) المعروف بثقافته الواسعه وشفقته. * بروسبيرو قصائدي يشبه الى حد بعيد شخصية بروسبيرو شكسبير في "العاصفة". فقد كان في جزيرة، وعاد الآن الى ايطاليا،المكان الذي تدور فيه قصائدي. يمكن ان يكون من رموز النهضة، او قد يكون على قيد الحياة الآن. انه لا يمكث في ميلان لأنها مليئة بفساد المدينة، لذا فهو يسافر الى مكان آخر، يذهب إلى سيناء. انها لحماقة في الواقع أن نتقبل شخصيه مثل بروسبيرو الذي يتكلم بعضا" من اجود الشعر في لغته. فأنا افضّل فكرة أن يكون بروسبيرو قوه خلاقة، انه والشاعر في موقع واحد. أي انهما يستطيعان أن يتحكما بجزائرهما بقوة السحر، لكن ذلك لا يمنحهما سلطه كبيرة على امتداد العالم. انه شديد الوعي بذاته فيما يتعلق بعملية الخلق وبكل براعة اليد والخدع والمهارات المرتبطة بذلك. هناك مسألة الفن والأفتتان والحرفه ودراسة اصل الكلمة مثل "الحرفة" وكل ما ينبغي ان تعمله في عملية خلق القصائد. * إن غلاف "النصب" هو صورة (لغز الوصول) و(المساء) لجورجيو دي جيريكو، هل جرى ذلك باختيارك الشخصي؟ - أنا اخترت ذلك فعلا. وكان الأمر في غاية التعقيد في الحقيقة، لأن الصورة كائنه في مجموعة شعرية، ونحن حتى في آخر دقيقة كنا نتدافع من أجل الحصول على حق إعادة إنتاجها. وقد واصلت الكفاح من اجل تلك الصورة الاستثنائية، حيث حالفني الحظ مع مجموعة (نوبف). لقد اخترت أغلفة الكتب الثلاثة التي احتوتها وكان ذلك مدهشا. لقد عكست الأغلفة بحق أجواء القصائد داخلها. وإذا قدر لك أن تصدر حكما على الكتاب على ضوء الأغلفة، فلابد أن تتوصل إلى انه كتاب رائع (يضحك). إن العديد من تلك القصائد كانت قد كتبت أثناء قراءتي لكتابات (جيريكو)، وكنت أفكر بالرسم الإيطالي الميتافيزيقي؛ حيث كانت فكرة السحر والغموض والغرابة هي الطاغية. في أعماله يمتلك جيريكو احساسا بالعيش في العالم المتمدن، العالم الذي يعيش فيه الفنان، وفي ذات الوقت ترى هذه الأعمال عتيقة وأثرية. وكنت أتمنى أن القصائد قد استطاعت الإمساك بذلك، إنها تتحرك جيئة وذهابا بصوره فردية مميزه، بين الأسلوب العالي والأداء الشعبي المتصاعد مع الأغاني الحزينة واغاني بوب ديلان. * لقد نشرت (الأرق الميتافيزيقي) اولا في جريدة والاس ستيفنس. هل كان ثمة تأثير لستيفنس على فكرك عندما كنت تكتب ذلك؟ - آه، أجل. الغريب ان يثار موضوع (وولس ستيفنس ) في كل مره جرى تقديم كتابيّ الأخيرين فيها في العديد من الأماكن. لذا قررت الإفصاح عن نواياي واكتب قصيده تتضمن اعترافا مباشرا بقصائده. في (الأرق الميتافيزيقي) ذكرت قصيدته "نجوم تالابوسا" ،فانا اتخيل صورة مشابهة لحال ستيفنس وهو يعيش لياليه الأخيرة دون زواج سعيد. انه الشاعر الذي احتل الموقع المركزي طيلة العقد الأخير على الأقل وبشكل قاطع في مجال موسيقى الشعر التي اسمعها. إنني مأخوذ بشكل خاص بالأسلوب التأملي الذي اتبعه. إحدى عباراته الأثيرة لدي هي تلك التي يصف فيها (البهرجة الجوهرية للشعر). إن أحد الأشياء التي تثير إعجابي بأسلوبه هو إن الشك لا يتسرب إليك مطلقا في انك تعيش أجواء قصيدة. لكن هناك كمّ هائل من الشعر يفعل كل ما يستطيع من اجل إنكار براعته وليس جلب الاهتمام إليه والى الخطاب الواضح البسيط الذي يشبه الصوت.إن محاولة إدخال "لغو الكلام" في القصيدة هي إحدى روافد الحداثة في الماضي. بالنسبة لي ككاتب إن فكرة فرض الحديث – مثلما نفعل الآن - ضمن قصائدي ترعبني وهي آخر شىء يمكن أن أرغبه. لكن لابد من القول ان الشعراء الذين أثاروا إعجابي مثل ستيفنس وهوبكن واليوت في اعماله المتأخرة يميلون إلى خلق مظاهر خارجية مكثفة ومتقنة. * أشرت إلى (جدول الربيع البارد) في (النصب) هل نستطيع الافتراض إن ذلك مكان حقيقي؟ - أجل، لقد قضينا أنا وزوجتي الاربعة عشر أو الخمسة عشر صيفا الأخيره في (كونيكتكت) وهو المكان الذي كتبنا فيه معظم قصائدنا. يقع المنزل في ( لونغ اتلاند ساوند)، لذا عندما تنظر عبر النافذة الخلفية ترى على جهة اليسار هناك المضيق والشاطىء، ويوجد على جهة اليمين المستنقع الملحي. وهناك جدول يتأثر بالمد والجزر يجري في المستنقع الملحي، وهذا هو (جدول الربيع البارد). كان شيئا جميلا يستهوي النظر اكثر من الخليج الذي لم يكن اكثر من بحيرة هادئة بحق. أنا في الاصل من الغرب الاوسط الامريكي، لذا فقد قاومت في البدء كلمة "جدول"، فنحن لم نكن لنستعمل تلك المفرده في المكان الذي أتيت منه، حيث أنها قد تعني نهرا أو قد تعني جدولا. * من ترى من بين الشعراء الشباب يثير الأعجاب؟ - هناك شاعر من شعراء الديوان الأول يدعى (جان فايسميلر)، ديوانه الأول (النور المتفرق) يضم قصائد هجينة من كل من ديكنسون ودونالد جستس ان استطعت تصور ذلك. أما شاعر الديوانين الذي أفضله كثيرا فهي الشاعرة بربارة جوردن في ديوانيها (كل هذا الطريق من اجل رحله قصيرة) و(مجرى النهر)، أنا أتكلم عن الشاعرة وليست السيناتور (ضحك). * وماذا عن الشعراء المعروفين؟ - سيموس هيني وسيزلو ميلوز هم افضل شاعرين من الأحياء، وجارلس رايت هو الأثير الشخصي. ومؤكد أنى احب انتوني هيخت ودونالد جستس، واحب لوسي كلوك كثيرا، واعتقد إنها متفاوتة في عدد من المرات، إلا إنها فيما عدا ذلك تكون في حالاتها الأفضل. وهناك شاعر رائع رغم أني افهم قصائده بشق النفس هو جيوفري هيل. إن قصائده متراصه بكثافة. * أحد الأبيات المفضلة من بين جميع الأشعار مأخوذة من (انكماش المجد)، الجزء التاسع من (دفاعا عن نهضة العمارة المسيحية في إنكلترا) هي: "غرف السيدات المهيبة حيث يلمس البلور برفق في خزانات الجمشيت الأرجواني والزجاج البلوري". - اجل، أجل. لقد تعلمت الكثير من هذه السلسلة حقا. وتعلمت اشياء حول قدرات البيت الشعري وكم يستطيع البقاء، ومقدار التعقيد. * وماذا عن "حال" الشعر اليوم؟ - لا أعتقد إننا نعيش عصرا رديئا للشعر، بل إننا نعيش عصرا غنيا ومفعما بالحيوية حقا. بوسعي أن اذكر أسماء لا حصر لها لشعراء غنائيين تأمليين. غير ان هناك آخرين مثل سوزان هاو ومايكل بالمر وجوري غراهام ممن يواصلون توسيع حدود الشعر. إنني أجد جميع هؤلاء شعراء مثيرين. حالة الفزع الوحيدة بالنسبة لي حول قضية الشعر هي إلى أي مدى يتحول الشعر إلى حال يشبه حال الممثل السينمائي الثانوي في بعض الأحيان. إن جانب الشهرة فيه يعكر الأمور كثيرا تماما. فمن العسير التحدث عن قصائد "س" من الشعراء مثلا دون إرهاقها بسيرتها الذاتية. * غالبا ما تتخذ من الرسومات كمواضيع جزئية، او كلية لقصائدك. وقد لا يتيسر جواب شاف على هذه المسألة، لكن السؤال هو هل هناك عصر ما بعينه يشكل مصدر جذب اليك؟ - لقد أردت ان أكون فنانا متخصصا بالصور المرئية في مطلع حياتي. لكني اكتشفت أنى اكثر قدرة على الشعر،مع ذلك واصلت اشغال نفسي كفنان هاو في الصور المرئية. لقد انجذبت في المقام الأول الى الفنانين الإيطاليين، فهناك يسكن قلبي. ورغم قولي ذاك، سأقول ايضا بأني أحب (اغنز مارتن) الرسام الايطالي المعتدل المعاصر. واحب (السوورث كيلي). اعطني ايقونة دينيه وستجدني سعيدا لساعات. اعتقد اني منجذب لأي شىء باستثناء ذلك الوضوح الذي تقدمه ما نسميها الآن ما بعد الحداثه حيث يكون التظاهر بالجهل هو الأمكانية العاطفية الوحيدة. وحتى في ذلك أنا اعثر على عنصر دعابة اكثر مما يقصد الفنان. إن ابرز فنان انجذب اليه هو جوزيف كورنيل في الوقت الحالي. إن صناديق الصور المنعكسة العائدة له تماثل قصائدي بشكل ما، فأنا أتناول تراكم من الشظايا، مجموعة من الأبيات ثم ابحث عن وعاء أستطيع ان اضعها في داخله. * هل حدث وان ألهمتك الموسيقى عند الكتابة؟ - أجل، لقد كتبت ديوان (كتابات مشكوك في مؤلفها) بمصاحبة معزوفة باخ "فن موسيقى الفيوكََـ" وكانت "المزمار السحري" تغطي الخلفية عند كتابة (قصص الحب الأخيرة) وربما كان ذلك وراء الطبيعة الأوبرالية للكثير من القصائد. انا أتلقى الموسيقى في جميع الأوقات. إنها تدحرج زوجتي إلى أعلى الجدار. فهي كاتبة ايضا ولا تستطيع الكتابة دون ان تكون هناك موسيقى متواصلة. إنها طريقه لصرف نفسي عن الوعي بذاتي بأني أمارس كتابة قصيدة. كذلك أقوم بمعاينة أشكال فنية أخرى حول الطرق الممكنة لتشكيل القصيدة. ان فكرة (الفيوكَـ) هي فكره مشوقه للغاية. لقد حاولت ايجاد وسائل لمحاكاة حبكة (الفيوكَـ) المعقدة تلك بواسطة الصوت المفرد للقصيدة. أمضيت الوقت الطويل في تنظيم الدواوين لكي تقرأ باعتبارها كتبا نقيضه لقصائد التشكيلة المتنوعة. افترض أشكال سمفونية اكبر. لقد سبق وان ذكرت إن فكرة الألواح الثلاثية هي اكثر أهميه بالنسبة لي من الثلاثية، وآمل في إقناع (نوبف) لنشر الكتب الثلاثة في مجلد واحد وهي (كتابات مشكوك في مؤلفها) و(قصص الحب الأخيرة) و(النصب). * ماذا لديك هذه الأيام؟ - أعمل على قصائد جديدة هي بمثابة ابتعاد نغمي عن القصائد المبكرة. فقد كانت أعمالي الأقدم كئيبة ووقورة ورثائية، اما القصائد الجديدة فهي قصائد عابثة واكثر شهوانية، الجانب الحسي فيها يتجه نحو المتعة الجسدية اكثر منه نحو الاتهام المضاد للنفس (يضحكان). أنا اعرف أنى لا زلت أواصل اكتشاف طريقي. فحتى وان توفر لدي عدد من القصائد المكتوبة يغطي نصف ديوان فأني أواصل عندها إيجاد العناوين الفعالة لقصائد جديدة مخصصه لتلك المجموعة. وهذا مؤشر لي يوضح أنى قد أفلحت في وضع القصائد القديمة ورائي. أجرى الحوار ارني هيلبرت ترجمة: عبدالعزيز لازم | | *د يحيى | 8 - مايو - 2010 |
|