البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : هنا أرض الكنانة    قيّم
التقييم :
( من قبل 20 أعضاء )
 د يحيى 
11 - مارس - 2010
أرسل الرجل هداياه قبل أن تطأ قدماه أرض الكنانة ؛ لتكون له الطريق معبّدة توصله إلى صالون الأوبرا ، متناسياً وصف شيخ إسلامه ابن تيمية بأن( الأشعرية ) هم مخانيث المعتزلة: ( الفتاوى14/349).
 
هنا القاهرة
د. عائض القرني
أرسل لكم هذه المقالة مع التحية من القاهرة وقد تلوت وأنا أدخل مصر قول الباري عز وجل: «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».
* يا مصر كل حديث كنت أحفظه ـ نسيته عند أهل التل والدارِ
* جرت دموعي على أعتاب داركمو ـ يا مصر كل الهوى في نيلك الجاريز.
وقد دُعيتُ إلى جلسة أدبية فحييت مصر بهذه المقامة:
يا مصر، أنت كوكبة العصر، وكتيبة النصر، وإيوان القصر، أنت أم الحضارة، ورائدة المهارة، ومنطلق الجدارة، وبيت الإمارة، ومقر السفارة، ومهبط الوزارة.
من أين نبدأ يا مصر الكلام، وكيف نلقي عليك السلام، قبل وقفة الاحترام، لأن في عينيك الأيام، والأعلام، والأقلام، والأعوام.
يا مصر أنت صاحبة القبول والجاه، كم من قلب فيك شجاه ما شجاه، ونحن جئنا ببضاعة مزجاة؟
* سارت إلى مصر أحلامي وأشواقي ـ وهلّ دمعي فصرت الشارب الساقي
* وفي ضلوعي أحاديث مرتلة - ومصر غاية آمالي وترياقي.
يا ركب المحبين أينما حللتم وارتحلتم، وذهبتم وأقبلتم، اهبطوا مصر فإن لكم ما سألتم. يا أرض العز، يا بلاد العِلم والقطن والبز. سلام عليك يا أرض النيل، ويا أم الجيل، الحب لك أرض والجمال سقف، والمجد لك وقف، ويا داخل مصر منك ألف، ما أحسن الجفن والجيد والكف، التقى الطيب والكافور في مصر، لما التقى أبو الطيب وكافور في القصر، قبل أن يدخل جوهر الصقلي مصر كان عبدا مملوكا، فلما دخلها صار يحكم ملوكا.
* أرض إذا ما جئتها متقلبا ـ في محنة ردتك شهما سيدا
* وإذا دهاك الهم قبل دخولهاـ فدخلتها صافحت سعدا سرمدا.
قل للأخيار المكرمين، الوافدين إليها مغرمين، والقادمين عليها مسلمين: «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».
في مصر تعانقت القلوب، وتصافح المحب والمحبوب، والتقى يوسف بيعقوب، فصفق الدهر ليوسف منشدا، وغنى الزمان له مغردا، (وخروا له سجدا).
في مصر ترعرع الشعر، وسال القلم البليغ بالسحر، فكأن الفضاء لكتاب مصر صفحة بيضاء، يكتب فيه كل ما يشاء، فصارت العقول في ذهول، من روعة المنقول والمعقول، وأذعنت القلوب في قبول، ترحب بالشاعر المصقع، والقلم المبدع، والرأي المقنع.
* دخلنا مصر والأشواق تتلى ـ وكل الأرض أنسام وطلُّ
* جمال يسلب الألباب حتى ـ كأن القتل فيها يُستحلُّ.
في مصر القافية السائرة، والجملة الساحرة، والمقالة الآسرة، والفكرة العاطرة، عالم من الجنود، والبنود، والوفود.
دنيا للقادة، والسادة أهل الإفادة، والإجادة، والرفادة، ديوان للكتاب، والحساب، والأصحاب، والأحباب.
محراب للعباد، والزهاد، والأمجاد، والرواد، علماء، وحكماء، وكرماء، وحلماء، وشعراء، وأدباء، وأطباء، وخطباء، ونجباء، وأذكياء، وأولياء، وأصفياء، وأوفياء.
هنا الدهر يكتب من ذكرياته فنونا، هنا التأريخ يبث من صدره شجونا، هنا الجمال يسكب من إنائه فتونا، هنا خطى الزمان تتسارع، والحضارات تتصارع، والأهرام تقص علينا خبر الأيام، وأحاديث الأقوام، وما فعلته الأعوام:
* أين الذي الهَرَمان من بنيانه؟ ـ ما يومه ما ذِكْره ما المصرعُ؟
* تتخلف الآثار عن أصحابها ـ يوما ويدركها الفناء فتتبعُ.
هنا سحق الطغيان، ومزق جنود الشيطان، ودمر فرعون وهامان، وأحرقت وثيقة الزور والبهتان، وارتفعت ملة الرحمن.
هنا عمرو بن العاص، رحب به العوام والخواص، وفر الظلم في قدومه وغاص، هنا تكتب الدموع على الخدود رسائل الأموات إلى الأحياء، وخطاب الأرض المفتوح إلى السماء، وهنا تلتقي الظلماء والضياء، والظمأ والماء، والصفاء والوفاء، ويتعانق الضحك والبكاء، والفراق واللقاء، لتصبح الحياة في مصر مهرجانا لآلاف الصور والمشاهد، والذكريات مساجد، ومعابد، ومعاهد، وجامعات، وكليات، وشركات، وأمسيات، ومحاضرات، وندوات، ولقاءات، ومحاورات، ومعاهدات.
* دار هي الأرض إلا أنها بلد ـ فيها الزمان وفيها الشمس والقمرُ
* تجمّع الدهر في أرجائها جذلا ـ والغيث داعبها والنهر والشجرُ.
صباح الخير يا أرض الكنانة، وناصرة الديانة، وحاملة التأريخ بأمانة، وحافظة عهد الإسلام في صيانة، وراعية الجمال في رزانة. أدب خلاب، وجمال سلاب، وسحر جذاب، وذكاء وثاب، وظل مستطاب، وأمان عذاب، نهر يتدفق، وحسن يترفق، ودموع تترقرق، وزهور تتفتق، وأكمام تتشقق، ومقاصد تتحقق، وجد الإسلام فيكم يا أهل مصر أعياده، كنتم يوم الفتوح أجناده، وكنتم مدده عام الرمادة، وأحرقتم العدوان الثلاثي وأسياده، وحطمتم خط بارليف وعتاده، وكنتم يوم العبور آساده وقواده. فتفضلوا الشكر والإشادة، وخذوا من القلب حبه ووداده:
* ثمن المجد دم جُدْنا به ـ فاسألوا كيف دفعنا الثمنا.
منكم أمير الشعراء، وكبير البلغاء، وشيخ الفصحاء، وسيد الخطباء، وأستاذ النجباء، وأكبر الأطباء. يسلك العقل في مصر سبيله، ويحفظ الفؤاد من مصر نيله، وتعيد الذاكرة في مصر قصة ألف ليلة وليلة. في مصر لطف الهواء، وطيب الغذاء، ونفع الدواء، وصفاء الماء.
* النيل مائي وفي أرض الكنانة ما ـ يشجي من الحب والأشواق تزدانُ
* فيها الحضارة والأمجاد ماثلة ـ علم وفهم وإسلام وإيمانُ.
سلام على مصر في الآخرين، لأنها كانت خزانة المسلمين، ومدد المجاهدين، وسلة الخبز للجائعين، ومقبرة المستعمرين، أهلك الله أعداءها ثم قال: «فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِم السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ».
بوركتِ يا أرض السنابل، ويا روض الجداول، ويا بلاد الخمائل، لك في قلوبنا من الحب رسائل، ومن الود مسائل:
* من لقلب حل جرعاء الحمى ـ ضاع مني هل له ردّ عليّ؟
* فاسألوا سكان مصر إنه ـ حل فيهم فليعد طوعا إليّ.
لله أنت يا مصر، بَنُوك أهل سعة في الحفظ، وفصاحة في اللفظ، ومنهم سادات القراء، وأئمة الفقهاء.
إذا قرأ منهم القارئ كلام الباري، تكاد تبكي السواري، وينسكب مع ندى صوته الدمع الجاري. وإذا خطب فيهم الخطيب، بذاك الكلام العجيب، سمعت البكاء والنحيب. مصر بلد الحديث المحبّر، والحرف المسطر، والروض المعطر.
سقاها الله الغيث المدرار، وحماها من الأخطار، وصانها من لوثة الأشرار.
 1  2 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
كلمة حق    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
رسالة الامام الروحانی الی السید رجب طیب اردوغان

بسمه تعالی

حضرة السید رجب طیب اردوغان
رئیس مجلس الوزراء الترکی المحترم
                            
السلام علیکم و رحمة الله و برکاته 
إن کلمات الإعجاب والتقدیر لا تفیکم ما تستحقون من ثناء، فقد کان لموقفکم المشرف فی «مؤتمر داغوس» کبیر الأثر فی قلوب الأحرار من کل العالم، الذین اعتمر هم الأسی لا لهول الجرائم البشعه التی مورست بحق الإنسانیه فی غزة، بل لمدی الصمت و التواطؤ والتخاذل الذی اتصف به سلوک القادة والمسئولین فی کثیر من دول العالم.

لقد جاء موقفکم الانسانی الرائد والذی سیسجله التاریخ بأحرف من نور لینسجم مع موقع المسؤولیة بما یثلج القلوب التوّاقة الی کبح جماح الطغیان المستند الی منطق القوة الطاغیة والمتستر بخنوع الانظمة وحکامها، ولتکون تلک الکلمات القلیلة منکم ذات الاثر الکبیر من مصادیق الحدیث الشریف (أفضل الجهاد کلمة حق عند سلطان جائر).
وفقکم الله وأخذ بیدکم لما فیه مواقف العزة والکرامة
والسلام علیکم و رحمة الله و برکاته

قم المقدسه -5صفر1430
محمد صادق الحسینی الروحانی
*د يحيى
14 - مارس - 2010
أكبرعريس صعيدي ، وأحدث عريس في العالم.    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
يمارس واجباته من دون أدوية

أكبر وأحدث عريس في العالم.. صعيدي وعمره 103 أعوام

العريس الحاج أحمد عابدين
العريس الحاج أحمد عابدين
 
القاهرة - عنتر السيد
رجل صعيدي من الزمن الجميل، عاش حياته بالفطرة، له من الأبناء والأحفاد 80 شخصاً، وبعد عام من حياة العزوبية قرر الحاج أحمد عابدين الزواج مرة أخرى وعمره 103 أعوام الآن، وذلك من أجل أن يمارس حياته بشكل طبيعي مع زوجة أحبته ووافقت على الزواج منه دون ضغط عليها من أهلها.
العريس الصعيدي الجديد، والذي يحق له دخول موسوعة "غينس" للأرقام القياسية، أكد في حوار تلفزيوني لبرنامج "90 دقيقة" على قناة المحور الفضائية المصرية، أنه يقوم بواجباته كزوج نحو زوجته من دون منشطات، لافتاً إلى انه يتمتع بصحة جيدة طوال عمره، رغم أنه كان مدخناً للنرجيلة وأقلع عنها فقط منذ عدة أشهر عندما قرر الزواج مجدداً.

وأوضح العريس أنه من قرية "عنيبس" بمركز جهينة محافظة سوهاج جنوب القاهرة بـ466 كيلومتراً، وقال إنه تعوّد على تناول اللبن البقري والسمن البلدي مع السكر وعسل النحل في طعام الإفطار سنوات طويلة.

وشدد على أنه مازال يقوم بعمله في الأرض التي يمتلكها، فيحرص على زراعتها وريّها وحصدها والاهتمام بها إلى الآن، مشيراً إلى أنه مازال يباشر العمل في أرضه وهو بكامل صحته حاملاً فأسه كل صباح.

ونوّه عابدين إلى انه فكّر في الارتباط بزوجته الجديدة "نعمة" التي يراها مناسبة تماماً لسنّه، لأن عمرها الآن 57 عاماً، وأنها لا تفكر في الإنجاب بالطبع ما يجعل هناك تفاهم بين العريسين، حيث أشار إلى انه تزوّج أكثر من مرة من قبل، وأنجب عدداً من الأبناء والبنات الذين بدورهم تزوجوا وأنجبوا عدداً كبيراً من الأحفاد أذكرهم اسماً اسماً، وأعرفهم جيداً كلما زارني أحد من هؤلاء الأحفاد لأنني مازالت أتمتع بذاكرة حديدية وقوية.

وشدّد الحاج أحمد عابدين على أن المأذون في القرية لابد أن يستمع إلى الزوجة بنفسه حول موافقتها على الزوج الذي تقدم لها، وهي بدورها رحبت بذلك عندما تقدمت لخطبتها، لأنني أعي جيداً ما يجب أن أقوم به تجاه زوجتي، ولأن المرأة تريد زوجاً يكافح معها في الحياة.

وقال عابدين: كان من الممكن أن أتزوج فتاة شابة وأصغر منها سناً، ولكن اخترت ما يناسبني في هذه السن، لأن الزواج من وجهة نظري واحد وتكاليفه واحدة سواء كانت الزوجة صغيرة أم كبيرة في السن.

وتابع: فكرت في الزواج لأنني كنت بحاجة إلى إنسانة تقف إلى جانبي أيضاً بعد عام من العزوبية عقب وفاة زوجتي الأخيرة، لأنني كنت أعيش بمفردي بعد أن يذهب أولادي وبناتي إلى منازلهم الخاصة.

وأظهر العريس في حواره التلفزيوني قوة شخصيته إلى الآن، مؤكداً أنه كان من الممكن أن يتزوج شابة اصغر من زوجته، وأنه كان متردداً بعض الشيء في البداية، وأكد انه إذا لم تعجبه كزوجة سيقوم بطردها والزواج من أخرى مجدداً، مشيراً إلى انه "لولا انه أحبها ويعيش معها الآن شهر العسل بروح مرحة وخفة دم كبيرة ما كان تزوجها".

وأكد عابدين انه أدى مناسك الحج في عام 1959 أي قبل أكثر من 50 عاماً وعندما طلبت الزوجة أن تذهب إلى الحج الموسم القادم كطلب شخصي من زوجها أبدى رئيس قناة المحور د. حسن راتب موافقة فورية على ذهاب الحاج أحمد عابدين وزوجته نعمة إلى الحج في الموسم المقبل على حساب القناة، ورحّب راتب بتعيين حفيد وابن من أولاد الحاج أحمد عابدين نظراً لحاجتهما الشديدة للعمل، ووصفه رئيس القناة بأنه رجل من الزمن الجميل، وأنه رجل مُسلٍّ ويتحدث بالفطرة
*د يحيى
14 - مارس - 2010
سبحانك اللهم    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
شيء جميل.. وبديع.. وطريف.. ويدعو للتفاؤل..
عقبال الجميع إذا وصلوا لهذا الحد من العمر أن يكونوا مثل صاحبنا يمارسوا (حياتهم) (طبيعي)!!.
*أحمد عزو
15 - مارس - 2010
الفريق سعد الدين الشاذلي والحرب الأمريكية القادمة ضد إيران.    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
 

الحرب الأمريكية القادمة ضد إيران شكلها وتداعياتها
قراءة فى الحرب الأمريكية
بعد تفكك الاتحاد السوفيتى، وبعد أن أصبحت الولايات المتحدة هى القطب الأوحد فى النظام العالمى الجديد، شنت الولايات المتحدة خمسة حروب ضد عدد من دول العالم الثالث التى أسمتها بالدول الهادفة لمجرد أن تلك الدول رفضت الهيمنة التى كانت أمريكا تريد فرضها على تلك الدول. وتلك الحروب هى ما يلى:
  • حرب الخليج الثانية من 17/1/91 حتى 28/2/91.
  • عملية ثعلب الصحراء ضد العراف من 15/12/98 حتى 18/12/98
  • الحرب ضد يوغوسلافيا من 24/10/2001 حتى 14/11/2001
  • الحرب ضد العراق من 19/3/2003 حتى 9/4/2003
ورغم الاختلاف الظاهرى فى طبيعة العمليات فى كل من تلك الحروب، إلا أنها كانت تتفق فى أسلوب التخطيط وإدارة الحرب من الوجهة السياسية والحربية. ومن هذه الخطط يمكننا أن نكتشف نقاط القوة التى تتمتع بها أمريكا، وكذلك نقاط الضعف التى يمكن للدول والشعوب التى ترفض الهيمنة الأمريكية أن تلجأ إليها.
وإذا كانت الإستراتيجية الأمريكية قبل تفكك الاتحاد السوفيتى مبنية على أساس قدرة الولايات المتحدة أن تقاتل فى جبهتين ضد دولتين من دول العالم الثالث، دون أن يتأثر التوازن العسكرى بينها وبين الاتحاد السوفيتى فى الجبهة الأوروبية، فقد أثبتت حرب الخليج الثانية خطأ هذه النظرية فمن أجل حشد القوات الكافية لضرب العراق، اضطرت أمريكا إلى سحب معظم قواتها التى كانت تتمركز فى الجبهة الأوروبية. وبالرغم من كل ذلك فقد كانت أمريكا فى حاجة إلى دعم عسكرى إضافى من الدول الصديقة المتحالفة معها. وعندما بدأت هجومها ضد العراق، كانت القوات الأمريكية تمثل فقط 50% من حجم قوات التحالف. وهذا يعنى أن أمريكا لا تستطيع وحدها أن تشن حرباً ضد دولة من دول العالم الثالث المتوسطة الحجم، إلا إذا ضمنت مقدماً تأييد جميع أو غالبية دول العالم لها فى هذه الحرب سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.
نقاط الضعف الأمريكية
رغم أن أمريكا تتمتع بتفوق ساحق فى مجال القتال عن بعد بواسطة الطائرات والصواريخ، إلا أن هذه القوة الساحقة تحمل فى طياتها نقاط ضعف خطيرة إلا تحولت الحرب إلى قتال عن قرب. ويمكن تلخيص نقاط الضعف الأمريكية فيما يلى:
- تحرص أمريكا قبل أن تقوم بحرب ضد أى دولة من دول العالم الثالث المتوسطة الحجم، على أن تحصل على تأييد دولى على المستوى السياسى والعسكرى والاقتصادى.
- لا تميل إلى استخدام قواتها البرية إلا فى حالات الضرورة القصوى، لأن استخدامها يؤدى إلى خسائر بشرية كبيرة. وبالتالى فإن أكثر ما يزعج أمريكا فى الحروب هو حرف العصابات. وحربها الأخيرة فى العراق هو خير شاهد على ذلك. فطبقاً للأرقام المعلنة بواسطة السلطات الأمريكية، فإن خسائرها فى الحرب النظامية التى استمرت ثلاثة أسابيع 751 قتيل. أما خسائرها نتيجة حرب العصابات ضد قوات الاحتلال الأمريكى من10/4/2003 وحتى 20/2/2006 بلغ 2278 قتيل وأكثر من 8000 جريح. ولا يدخل ضمن هذه الأرقام القتلى من غير الأمريكيين الذين يتعاونون مع سلطات الاحتلال، حيث أنهم أهداف قوات المقاومة ضد الاحتلال.
- لا تستطيع أمريكا أن يتحمل وحدها تكاليف الحرب. وعلى سبيل المثال، فإن تكاليف الاحتلال الأمريكى لأفغانستان والعراق يبلغ 80 مليار دولار سنوياً ويتحمل حلفاؤها 40 مليار دولار أخرى.
- أمريكا لا تتبع نظام التجنيد الإجبارى. فجميع جنودها من المتطوعين، وبالتالى فإن الجنود الذى يتطوعون للخدمة بالقوات المسلحة الأمريكية هم أكثر الفئات الأمريكية فقراً، وأقلهم حظاً فى الحصول على قدر من التعليم. وهم ينضمون إلى القوات المسلحة الأمريكية، لأن البديل المتاح إليهم هم البطالة. ولكن لا أحد يريد أن يتطوع لكى يموت أو يصاب بعاهة مستديمة من أجل حرب غير عادلة. ونظراً لازدياد عدد القتلى والجرحى فى العراق نتيجة عمليات المقاومة، فهم يهربون من الخدمة أو لا يقومون بتجديد تطوعهم عندما يحل موعد انتهاء عقودهم. وقد خلق هذا الموقف صعوبات كبيرة أمام القيادة الأمريكية لكى تستكمل حاجتها من الجنود.
- رغم أن الألغام البحرية هى أرخص الأسلحة، إلا أن استخدامها بكثافة فى الممرات البحرية تسبب إزعاجاً كبيراً للقوات البحرية الأمريكية.
وأن استغلال الدول التى ترفض الهيمنة الأمريكية لنقاط الضعف المذكورة، لا تعنى أنها قادرة على تحقيق نصر حاسم ضد الولايات المتحدة، ولكنها تعنى أنها ترفع ثمن انتصار الولايات المتحدة على تلك الدول، مما قد يردع الولايات المتحدة ويدفعها إلى الإقلاع عن التفكير فى غزو تلك الدول وإخضاعها بالقوة إلى الهيمنة الأمريكية. وهذا هو ما تفعله حالياً كل من إيران وكوريا الشمالية. وهو أيضاً ما تحاول قوات المقاومة العراقية القيام به ضد الاحتلال الأمريكى للعراق.
السلاح النووى وقيود استخدامه
لم يعد إنتاج القنبلة النووية سراً منذ زمن بعيد. ففى عام 1977 تمكن طالب من جامعة بريستون ، يدعى جون فيليبس ، وكان عمره أقل من عشرين سنة، أن يقدم لأستاذه نموذجاً لقنبلة نووية معتمداً على المعلومات الغير محظورة. كانت القنبلة فى حجم الكرة التى يلعب بها المصطافون على الشواطئ. كانت قوتها التدميرية عشرة آلاف طن من المفرقعات التقليدية،وكان تكاليف تصنيعها ألفين فقط من الدولارات (جاء ذلك فى التقرير السنوى المقدم لمجلس الشيوخ الأمريكى عام 2002) ويعتبر هذا النموذج الذى صممه فيليبس , هو النموذج المثالى لم يمكن أن تنتجه الجماعات الإرهابية، أو الدول الغير نووية. وإذا كان الأمر كذلك، فما الذى يمنعهم من إنتاج هذه القنبلة؟ هناك مشكلتان.
المشكلة الأولى هى أن الدول المالكة للأسلحة النووية، تفرض حصاراً شديداً على انتقال المكونات لتلك القنابل إلى الدول الغير نووية. بل أن بعضها يلجأ إلى التدخل العسكرى لإجهاض أى محاولة لتصنيع تلك القنابل النووية. فقد قامت المخابرات الإسرائيلية بعملية تخريب معدات المفاعل النووى العراقى عندما كانت فى المخازن فى فرنسا فى انتظار شحنها إلى العراق فى إبريل 1979. كما قامت الطائرات الإسرائيلية فى 7 يونيو 1981 بتدمير المنشآت النووية العراقية للمرة الثانية فى بغداد. وأنه لمن المؤسف حقاً أن فرنسا التى أنتجت المفاعلين النووين لحساب العراق، هى نفسها التى ساعدت إسرائيل لكى تدمرهما!!
والمشكلة الثانية هى أن من يمتلك السادح النووى يجب أن يكون لديه القدرة على امتصاص الضربة الأولى، وأن يكون قادراً على توجيه الضربة الثانية إلى الخصم. وهذا يكاد يكون مستحيلاً بالنسبة للدولة، حيث أن المنشآت النووية كبيرة ولا يمكن إخفاؤها، وتعتمد على الخبرات الأجنبية التى لا يمكن أن نضمن ولاءها. ولكن ذلك لا ينطبق على القنبلة النووية البدائية التى يمكن تصنيعها فى غرفة واحدة كما فعل فيليبس عام 1977.
ومن هنا ظهرت مدرستان حول أسلوب استخدام الأسلحة النووية. تقول المدرسة الأولى أنه لا الدول الغير نووية، ولا الجماعات الإرهابية، ولا الجماعات التى تقاوم الاحتلال الأجنبى بقادرة على تحمل الضربة الأولى ثم تكون قادرة على توجيه الضربة الثانية للدولة التى اعتدت عليها. أما المدرسة الثانية فهى تعارض هذا الرأى. وتقول أنه فى الإمكان تصنيع عشرات القنابل النووية البدائية التى لا يزيد وزن الواحدة منها بجميع مكوناتها عن 25كجم، بطريقة سرية. ثم تهريبها إلى خارج البلاد فى حيازة خلايا نائمة يتم إيقاظها فى الوقت المناسب. فإذا تم ذلك فإن الدول أو الجماعات الجائزة لتلك القنابل المنتشرة فى أماكن كثيرة قادرة على امتصاص الضربة الأولى، وأن توجه ضربات انتقامية مؤلمة للطرف الذى اعتدت عليها.
معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية
فى مايو 1995، أصدر مؤتمر نيويورك الذى شاركت فيه 168 دولة من بينها مصر قرارا بحظر انتشار الأسلحة النووية. وفيما عدا إسرائيل والهند والباكستان التى أعلنت رفضها، فقد أصبحت جميع الدول التى حضرت هذا المؤتمر ملتزمة أبدياً بهذه المعاهدة. ورغم أن إسرائيل كانت تمتلك أسلحة نووية منذ عام 1975، ورغم أن المجتمع الدولى كان يعلم ذلك، فإن أمريكا أرادت لإسرائيل أن تستمتع بموقف قانونى يحرم على الوكالة الدولية للطاقة النووية التفتيشات التى تفرضها معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. والآن وطوال العشر سنوات الماضية، وعشرات من السنين القادمة، فإنه كلما تحتج دولة عربية أو إسلامية لدى الأمم المتحدة أو لدى الوكالة الدولية للطاقة النووية، وتتساءل لماذا تفتشون علينا ولا تفتشون على إسرائيل، فإن الإجابة جاهزة: لأنها ليست موقعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
التحالف الأمريكى الصهيونى ضد إيران
فى خلال عام 1993، حصلت إيران على موافقة الصين على تقديم المساعدة الفنية لبناء محطة كهربائية قوتها 300 ميجاوات على أن تعمل بالوقود النووى. ورغم أن معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية التى صدرت فى مايو 1995 لا تحرم استخدام الذرة فى الأغراض السلمية، إلا أن الرئيس الأمريكى Bill Clinton فرض المقاطعة التجارية على إيران فى إبريل 1995. وكان تبريره لهذا القرار ما يلى:
  • إن إيران نسعى لأن نتخذ من وراء اتفاقها مع الصين إلى التوصل إلى التقنيات التى تمكنها من إنتاج الأسلحة النووية.
  • وأنها تقوم بتشجيع عمليات الإرهاب الدولى.
  • وأنها تعرقل التوصل إلى السلام فى منطقة الشرق الأوسط.
  • وأنها تمارس ضغوطاً على أنظمة الدول المجاورة لها.
  • وأنها كانت تقوم بتحديث أسلحتها التقليدية.
وازداد الموقف تدهوراً بين إيران من جانب وبين أمريكا وإسرائيل من جانب آخر بعد أن تولى أحمدى نجاد منصب الرئاسة فى إيران. ففى 26/10/2005 قال الرئيس الإيرانى فى خطاب له "إن إسرائيل يجب شطبها من الخريطة. وأن إيجاد عالم خال من أمريكا وإسرائيل يمكن تحقيقه. ومنذ هذا التاريخ بدأ العد التنازلى لقيام كل من أمريكا وإسرائيل – وبدعم أوروبى – بتوجيه ضربة قوية ضد إيران. والصراع الذى يدور الآن هو: كيف ستكون هذه الضربة. هل تكون على شكل غزو إيران كما كانت الحالة بالنسبة لأفغانستان وبالنسبة للعراق. أم يكون على شكل قصفات جوية وصاروخية، يتم خلالها تدمير جميع المنشآت النووية الإيرانية، بالإضافة إلى تدمير البنية النحتية وفى اعتقادى فإن الحل الثانى هو الحل المتاح.
الخطة الإيرانية للتصدى
إذا افتراضنا أن الخطة الأمريكية ضد إيران ستكون على شكل ضربات جوية وقصفات صاروخية يوجه إلى أهداف من بعد. وان هذه الهجمات قد تستمر إلى أسبوعين تقريباً .. فإن عناصر الخطة الإيرانية سوف تعتمد على ما يلى:
  • تعزيز الدفاع الجوى لإسقاط أكبر عدد ممكن من الطائرات والصواريخ.
  • توجيه ضربات انتقامية ضد إسرائيل.
وإذا استعرضنا الإمكانيات الدفاعية المعروفة لدى إيران، فإننا نجد أنه ليس لديها دفاع جوى قوى يمكن أن يتصدى للطائرات والصواريخ التى تهاجمها. أما بخصوص الضربات الانتقامية ضد إسرائيل فنحن نعلم أن إيران تمتلك صواريخ أرض ذات مدى يمكن أن تصل إلى إسرائيل. ولكن هذه الصواريخ لا تحمل رؤوسا نووية، وأقصى ما يحمله كل صاروخ هو طن واحد من المفرقعات التقليدية، وهى كمية محدودة لا يمكن أن تشكل قوة درع بالنسبة لإسرائيل.
وهذا ما يثير حيرة المحلل السياسى والمحلل العسكرى عندما يسمع التصريحات النارية التى تصدر من الزعماء السياسيين والقادة العسكريين الإيرانيين، والتى تندر كلا من أمريكا وإسرائيل بعظائم الأمور إذا ما فكروا فى الهجوم على إيران.
  • هل توصلوا إلى إنتاج أسلحة دفاع جوى فعال يمكن أن يسقط الطائرات والصواريخ التى ستهاجمهم.
  • هل سيقومون بعمليات استشهادية ضد الأهداف البحرية والبرية.
  • هل سيقومون بعمليات استشهادية ضد أهداف أمريكية وإسرائيلية خارج إيران.
  • هل سيشعلون النيران فى حقول البترول.
  • ما هو مدى استجابة الشعب العربى والأمة الإسلامية إلى النداءات التى سوف تنطلق من طهران لضرب المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وإسقاط الأنظمة الصديقة لهما.
كل هذه الأسئلة لا يستطيع أن يتنبأ بها أحد.
*د يحيى
3 - أبريل - 2010
د/ محمود عكام الحلبي، وعولمة الغرب وعولمة الإسلام    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
بين عولمتين ، عولمة الغرب وعولمة الإسلام ، وعلى العاقل أن يختار
القسم الأول : عولمة الغرب :

أولاً : تعريف العولمة :
العولمة : من العالم ، على وزن " فوعلة " أو " فعللة " وهو رباعي مخترع . وتعولمنا : أي صرنا عالميين . والعالمية : اتحاد شعوب العالم في جميع أمورها على نحو واحد وهيئة واحدة بالجملة . ويغدو الانتماء للعالم كله بدلاً من الانتماء لدولة ، فهي باختصار : إعطاء الشيء صفة العالمية من حيث النطاق والتطبيق .
وقد عرفت العولمة بأنها : الحركة الاجتماعية التي تتضمن انكماش البعدين الزماني والمكاني مما يجعل العالم يبدو صغيراً يحتم على البشر التقارب بعضهم من بعض .
وهناك تعريف يقول : هي التداخل الواضح لأمور الاقتصاد والاجتماع والسياسة والثقافة والسلوك ، دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة ، أو انتماء إلى وطن محدد لدولة معينة ، ودون حاجة إلى إجراءات حكومية . وهي باختصار : هيمنة نمط الإنتاج الرأسمالي وانتشاره في الصميم ، مضافاً إلى انتشاره في الظاهر .
وبعبارة أخرى : هيمنة النمط الرأسمالي الأمريكي ، ليتلازم معنى العولمة في مضمار الإنتاج والتبادل المادي ، مع معنى الانتقال من المجال الوطني أو القومي إلى المجال العالمي وذلك ضمن مفهوم تعيين مكاني جغرافي وهو الفضاء الكوني برمَّته ، وتعيين زماني تاريخي وهو حقبة ما بعد الدولة القومية .
وإن هذا المعنى يصب في عودة الهيمنة الغربية من جديد ، ولكنها تحمله على أجنحة المعلوماتية والعالم المفتوح ومدججة بالعلم والثقافة ، حتى وإن كانت غير إنسانية ، وهكذا خرج النظام الرأسمالي من واجهة المزاحمة والمنافسة الحرة إلى واجهة الاحتكار والهيمنة والاستعمار .
ونؤكد هنا أمراً نستعجل ذكره فنقول : إن الرأسمالية والعولمة مخالفة للفطرة والعقلانية ، وسيكون مصيرها نتيجة لهذا نفس مصير الشيوعية والاشتراكية سقوطاً وزوالاً ، ولعل " عولمة الإسلام " الجادة الصحيحة هي المرشح البديل .

ثانياً : جذور العولمة الغربية :
ظهرت الليبرالية الجديدة بعد انتهاء الحرب الباردة وبعد سقوط الشيوعية وتفكك الاشتراكية وتفسخ اليمين التقليدي ، وكان ظهورها بثوب العولمة لتغزو كل الدول وتدعو إلى حرية انتقال رأس المال ، وإلغاء الحواجز الجمركية ، والإطاحة بالأنظمة لتعزيز حرية المبادلات التجارية ، بحيث أفرز نوعاً من التباعد بين النشاط المالي والنشاط الاقتصادي ، فمن أصل رأسمال قدره ألف وخمسمائة مليار دولار تدور في دوامة العمليات اليومية على الصعيد العالمي نجد أن هناك واحداً بالمائة فقط يخصص للبحث عن ثروات جديدة ، بينما يدوَّر الباقي في إطار المضاربات . ومعه تحول النظام الرأسمالي إلى نظام عالمي بقيادة أمريكا ، والسبب هو أن أمريكا واسعة من حيث الثروات وديموقراطية ولو بنسبة من حيث النظام ، وممتدة من حيث الجغرافية ، ووفيرة من حيث السكان ، وقد ابتدأت أمريكا بسلوك اتجاه فرض هيمنتها على العالم ، مع تعاظم القوة الاقتصادية للشركات المتعددة القوميات ، والتي مثلت سلطة هذه العولمة دون أن تعلن عن هويتها أو ولاءاتها .
وكلنا يعلم ويذكر المظاهرات الاحتجاجية التي نظمت في " سياتل " عام ألفين ، بمناسبة اجتماع وزراء الدول الأعضاء في منظمة التجارة الدولية , وقد استطاع المتظاهرون احتجاز الرئيس الأمريكي " بيل كلينتون " في الفندق أربع ساعات ونصف , وبعد أن وصل إلى المؤتمر أشار في خطابه إلى أن الدول يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الشعارات التي نادى بها المتظاهرون , وقد سمعها بنفسه وكان منها :
- " الرأسمالية وحش قاتل " .
- " نطالب بقيم الإنسان , وليس بقيم ملاَّك الشركات الكبرى " .
- " النظام الرأسمالي يدفع المواطنين إلى الانتحار " .
وكذلك جرى في " ما لبورن " باستراليا , إذ قامت مظاهرة مناهضة ومنددة إبان افتتاح " قمة آسيا المحيط الهادي للمنتدى الاقتصادي العالمي " , وكان من جملة ما رفعه المتظاهرون من شعارات :
- " ناهضوا العولمة قبل أن يملكنا رجال الأعمال والمال " .
وفي بيان وقعته / 1200/ منظمة من سبع وثمانين دولة جاء فيها : " إن منظمة التجارة العالمية في السنوات الخمس الأخيرة قد أسهمت بدور بارز في تركيز الثروة في أيدي أقلية من الأثرياء , جنباً إلى جنب مع تفشي الفقر لأغلبية سكان الأرض , ... إن الاتفاقات التي أبرمت في الأرغواي للتجارة قد استهدفت فتح أسواق جديدة لصالح المؤسسات متعددة الجنسيات , وعلى حساب الاقتصاد الوطني والعاملين الزراعيين " .

ثالثاً – أهداف العولمة الغربية :
إن أهم أهداف العولمة الغربية : سيادة النظام الغربي , وهيمنة الأفكار الغربية وثقافتها , إذ أن جوهر وكُنه عملية العولمة يتمثل - وبصورة خاصة – في تسهيل حركة الناس وانتقال المعلومات والسلع والخدمات على النطاق العالمي .
وتشمل الحركة والانتقال , إذاً , أموراً ستة :
أ – رأس المال .
ب – السلع .
ج – الأفكار .
د – الأفراد .
هـ -الخدمات .
و – المعلومات والمؤسسات الاقتصادية .
وعلى هذا : فالعولمة الغربية تتجلى أكثر ما تتجلى في مجالين أساسيين هما : المجال الاقتصادي والمجال السياسي . وقد تداخل المجالان وتبدًّيا من خلال :
أ – الإقبال المتنامي على التكتل الاقتصادي .
ب – تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات وتنامي أرباحها .
ج – إثارة المشكلات الاقتصادية وتدويلها : كالفقر والأمية والتلوث .
د – تزايد دور التقنيات والتغييرات السريعة في أسلوب الإنتاج ونوعيته .
هـ - شيوع ظاهرة القرية العالمية والأسرة الواحدة , وكثرة الاحتكاك بين الشعوب .
و – تقدم وسائل الإعلام وتطورها , وتأثيرها الكبير على حياة الإنسان , وتشابك الثقافات وتداخلها .
ولا يخفى بعد هذا : أن العولمة أضحت تعني " الأمركة " والأمركة تعني السيطرة والهيمنة والتحكم والتلاعب بالسياسة والاقتصاد في مختلف البلاد والعباد , بل قد أخذت تمتد وتمتد لتطال ثقافات الشعوب , وتنال من الهويات الوطنية والقومية , وطفقت تسعى جادة لتعميم نمط من السلوك والأخلاق والآداب وأساليب العيش والتدبير , والأمر في حقيقته احتلال للعقل وللتفكير , وتسييرهما بعد الاحتلال وفق أهداف المحتل ومصالحه الشخصية , وقد أشار الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب إلى ذلك وأكد عليه حين قال في أجواء الاحتفال بالنصر في حرب الخليج الثانية : " إن القرن القادم سيشهد انتصار القيم الأمريكية وأنماط العيش والسلوك الأمريكي " .

رابعاً : أدوات العولمة الغربية :
1- الشركات متعددة الجنسيات : إن الشركات تعد اليوم من أهم الأدوات التي تستخدمها الرأسمالية الغربية ، ولا سيما الأمريكية ، وذلك للعوامل التالية :
أ – الشيوع الواسع والانتشار السريع ، ولقد بلغ عدد الشركات متعددة الجنسيات ما يقرب من أربعين ألف شركة ، يطال نشاطها القارات الخمس والمحيطات الست .
ب- نهوض تلك الشركات بمهمة تدويل المنتجات والخدمات والتجارة والاستثمارات ، مما أدى إلى سيادة أنماط عالمية في ميدان الاستثمار والاستهلاك والتصدير والتسويق .
جـ - انسلاخ النظام الاقتصادي الرأسمالي العالمي عن المواقف المشرفة وعن المشاعر والعواطف الإنسانية كلما تصادم حق الإنسانية مع حيوية الاقتصاد ، وقد فصل عن العمل في المؤسسات الأمريكية ما يقارب خمسين مليون عامل ، في مدة لا تتجاوز العشرين عاماً الماضية .
2- إسرائيل إحدى أدوات العولمة : لأنها تفتت الوحدة المنشودة لمنطقة الشرق الأوسط ، أو للأمة العربية ، في رأس حربة تغرز في جسم من يمكن أن يحمل لواء عولمة مقابلة ، بل محبطة لعولمة الغرب .
وقد سعت أمريكا منذ فترة ليست وجيزة إلى دعم إسرائيل مادياً وعسكرياً واقتصادياً ، وقد صرَّح أحد الرؤساء الأمريكيين قائلاً : " إن لأمريكا مصلحة خاصة ليس في إسرائيل فقط ، بل في التعاون المشترك بين بلدينا في المنطقة ، ونحن نتفهم ونؤيد بحزم حاجة إسرائيل إلى الاحتفاظ بالتفوق العسكري النوعي على خصومها العرب ، ويلزم إقامة لجنة أمريكية إسرائيلية مشتركة في ميدان التقنيات وصنائع القرن الحادي والعشرين " .
3- الفساد الجنسي : لأنه يجلب اقتصاداً للشركات الكبرى ، وهذه الشركات لا يهمها إلا الربح ، ولم يعد الأمر بالنسبة لها فضيلة أو سواها ، بل القضية احتكار ربح . وتفيد أرقام منظمة الصحة العالمية أن خمسمائة ألف امرأة وصلن إلى دول الاتحاد الأوروبي في نهاية 1995 عبر المتاجرة بهم ، وقدر المسؤولون الأمريكيون في مؤتمر بكين الخامس عدد تلك النساء اللواتي دخلن إلى الولايات المتحدة الأمريكية بخمسين ألف امرأة .

خامساً : سلبيات أخرى في العولمة الغربية :
1- يحكم هذا النظام قانون تضخيم الأرباح ولو على حساب أرواح جياع ملايين من الناس.
2- يحكم هذا النظام العلمانية " التي ترفض كل الشرائع الإلهية ، ومرجعية النظام العلماني : المنفعة الخاصة المادية " .
3- أشاعت الفساد الأخلاقي ، فقد انتشرت المخدرات ، وجرائم القتل ، وسقطت كرامة الإنسان ، وبُدِّل أمنه خوفاً ، وهبطت المثل ، وتفوقت الماديات على المعنويات في كل شيء .
4- انتشر الفقر وازداد سطحاً وعمقاً ، فقد دلت الدراسات على أن ثلاثة مليارات ونصف المليار من سكان العالم لا يحصل إلا على 6% فقط من الدخل العالمي ، فيما يحصل الملياران ونصف المليار الأخرى على 94% من الدخل العالمي ، وفي تقرير رسمي نشر فيه : " إن أربعين ألفاً يموتون يومياً جوعاً ، وإن ما يقرب من مليار إنسان يعانون من سوء التغذية ، وإن حوالي مليار ونصف المليار من دون مياه صالحة للشرب ، وإن مليار إنسان عاطل عن العمل ، وإن ثلاثمائة وخمسين ألف طفل يموت يومياً في أنحاء العالم ، بينما يقدر ما تسيطر عليه شركات السلاح وأسواق المخدرات من المال بـ 90% من الاقتصاد العالمي .
5- إن العولمة الغربية قضت على حقوق الإنسان الثقافية : فالعولمة الغربية كالوحش الكاسر ، التي تأتي على الأخضر واليابس الذي نبت خارج إطارها ، لتمحوه وبدون هوادة ، ومن المعلوم أن لكل مجتمع قيمه المتجذرة فيه ومُثله الراسخة في ضميره ، وهذه القيم وتلك المثل هي التي تشكل نظرته ، لكن العولمة تقضي عليها وتُحلّ محلها قيمها ومثلها المادية ، ولا يخفى أن المعاهدات الدولية تؤكد على أن للإنسان الحق في التمسك بثقافته الخاصة ، والتكلم بلغته الخاصة ، والتجاهر بدينه الخاص والإعلان عن مذهبه الخاص ، ولكن العولمة تبغي تعميم ثقافة واحدة على سائر أركان المعمورة ، وهل هذا إلا افتراء ؟! وقد عرف عن أمريكا تفوقها على بقية الدول في نسبة ما تصدر من مواد ثقافة فكرية وترفيهية ، تنشيطية ، ومسرحيات وأفلام وبرامج ، إلى حد أن صادراتها في هذا الشأن تفوق صادراتها في المجالات الأخرى .
6- بلاء التلوث الذي سببته الصادرات الصناعية الأكثر تلويثاً للبيئة ، وقد تكون المجتمعات المستوردة ليست ذات حاجة ، لكنها وبفعل ضغط الدعاية العولمية والتسهيلات المادية ظاهراً تغدو في حالة شعور بحاجة إلى ذلك .

القسم الثاني : عولمة الإسلام :

أولاً : تمهيد :
خلق الله الإنسان على فطرة اجتماعية ، فهو أبداً يهوى العالمية " العولمة " والتعولم ، فقد قال تعالى : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) الحجرات : 13 . والإنسان أينما كان وحيثما كان موطنه فهو إنسان ، له ذات المشاعر والأحاسيس التي يحملها الآخر بشكل عام ، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم : " المؤمن آلف مألوف ، ولا خير فيمن لا يألف ولا يُؤلف " . ولهذا فالعولمة الصحيحة غاية إنسانية لا بد منها ، ولعل أهم الهواجس الإنسانية لدى الإنسان البحث عنها والدخول فيها فرداً ذو مستوى معين يرتقي ويرتقي حتى يصل إلى سدة الخواص ، فخواص الخواص ، وذلك بالسعي النافع والعمل الناجع والعطاء المفيد ، فخير الناس – على سبيل العموم – عند الله أنفعهم لعياله ، كما ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

ثانياً : الإسلام نادى بالعولمة ودعا إليها :
وها نحن نستعرض نداءات القرآن للناس كافة من أجل أن ينضووا تحت لواء الإسلام , دين الإنسان العالمي منذ بدء الخليقة وإلى قيام الساعة .
قال تعالى : ( إن الدين عند الله الإسلام ) . آل عمران : 19 . ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) . آل عمران : 58 . وقال أيضاً مخاطباً رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم : ( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) . سبأ : 28 . وقال تعالى : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) . الأنبياء : 107 . وقال تعالى : ( يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ) الأعراف : 158 .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم في حديث طويل نذكر منه موطن الشاهد ، أخرجه مسلم : " وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة " . وقال صلى الله عليه وآله وسلم : " أنا سيد ولد آدم ولا فخر " .
أجل ، لقد نادى الإسلام بالعولمة وفق أسس لا مناص من قبولها إذا أعمل الإنسان عقله وفكره فيها وأخلص للخير والنفع العام ، لكن الحكام غير الشرعيين الذين تعاقبوا على حكم قسم أو أقسام من عالم الإسلام غيَّروا وبدلوا وحرفوا وألحقوا بالإسلام ما ليس منه ، نقصوا منه ما هو من صميمه ، فحرموا العالم أو بعضه أو ربما جله رحمة العولمة الخيرة .
وتقدم الزمان وتوالت أجيال محرومة من عولمة الإسلام ، وتململ الغرب من جهته ، وتحرك من تحت سياط الاستبداد ونير الاستعباد باحثاً عن النور فلم يبصر من جهة بلاد الإسلام إلا مظالم صادرة عن حكام ، وأخرى مثلها أنتجها تجار لبسوا لَبُوس الإسلام في ادِّعائهم ، لكنهم كانوا أُسارى منافعهم وأهوائهم وأغراضهم ، لذلك حنقوا على الإسلام ، وجهدوا باتهامه بعدم الصلاحية ، وجدوا في القضاء على الخلافة العثمانية التي ساهمت بنصيب غير قليل في تغيير صورة الإسلام النقية ، وقسموا العالم كتلتين ، إحداهما غربية والأخرى شرقية ، ولما ذاقوا وبال هذا التقسيم عملوا على توحيد العالم فحذفوا الكتلة الشرقية من الخارطة ، وقرروا توحيد العالم تحت عولمة غربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية .

ثالثاً : مقومات العولمة الإسلامية :
إن الواجب علينا نحن الذين أسلمنا لربنا تحقيق العولمة الصحيحة ، وذلك بإعادة الاعتبار للإنسان وفق ما أمر الإسلام ، وإحياء الخلق الإسلامي ، ومفاهيم الحوار الحر ، كما كان الأمر جارياً مع كل الأديان والمذاهب على طول التاريخ الإسلامي ، انطلاقاً من مبدأ الأخوة الإنسانية والإسلامية غير المنحصرة في ضيق القوميات والعرقيات وغير المحدودة في الجغرافية المصطنعة والإقليمية ، وذلك على غرار ما أسسه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة المنورة بعد الهجرة إليها . وعلى ضوء هذه التقدمة نذكر المقومات التي هي :
1- الشرعة الإلهية ، أو الدستور الرباني : فالله هو الخالق والمنشئ والمبدع والعليم والحكيم ، وهو بالتالي المفوّض وحده بالتشريع وإرساء أسس التعامل وقوانين العلاقات المختلفة بين الإنسان والإنسان ، وبين الإنسان وربه ، وبين الإنسان والكون ، ومن أَولى بالإنسان منَ الله بذلك ؟! لا سيما وأنه طرح ذاته لهذه القضية فقال : ( ألا له الخلق والأمر ) الأعراف : 54 . أي له وحده خلق الخلق والتشريع ، وقال تعالى : ( ومن أصدق من الله قيلاً ) النساء : 122 . وقال تعالى : ( إنِ الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين ) الأنعام : 57 . ( ثم رُدُّوا إلى الله مولاهم الحقِّ ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين ) الأنعام : 172 . ( إنِ الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ) يوسف : 40 . ( وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ) القصص : 70 . ( ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم ) الممتحنة : 10 . ( واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين ) يونس : 109 .
2- شخصية النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن قبله سائر الأنبياء عليهم السلام : والأنبياء يقومون بتجسيد الشرعة والتشريع , و تجلية الدستور في سلوك وسيرة , والإنسان عامة ً بحاجة ماسة بعد المبدأ المنطقي المناسب بحد ذاته إلى رؤيته مطبًّقاً منفذاً , وقد قلت في أكثر من مناسبة : " منطقية الفكرة تورث القناعة , ورؤيتها من خلال أنموذج عملي واقعي تخلِّف في القلب – مركز الإنسان – الاستقرار والاطمئنان " .
وقد قال تعالى عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وينسحب هذا على سائر إخوانه الأنبياء : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) آل عمران : 31 . وقال أيضاً : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) الأحزاب : 21 . وها هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذاته يخاطب العالم كله عبر رسائل وجهها إلى الملوك والرؤساء الذين كانوا في عهده ، ويبقى خطابه موجهاً إلى كل من جاء بعدهم فملكَ أو رأسَ أو حكم ، وحسبي هنا أن أشير إلى بعض ما ورد في هاتيك الرسالات على سبيل المثال وليس الحصر ، فقد جاء في الرسالة التي وجهها إلى هرقل عظيم الروم : " من محمد عبد الله ورسوله ، إلى هرقل عظيم الروم ، أسلم تسلم ، يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإنما عليك إثم الأريسيين : ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) آل عمران : 64 . وجاء في رسالته صلى الله عليه وآله وسلم إلى كسرى : " أدعوك بدعاية الله عز وجل ، فإني رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين " وقال في رسالته إلى ملك البحرين : " فإنه من صلّى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم ، له ذمة الله وذمة رسوله ، فمن أحب ذلك من المجوس فإنه آمن ومن أبى فعليه الجزية " .

4- الاعتراف بالإنسان الآخر والإقرار بحقوقه كاملة :
جعل الإسلام الإنسان وحقوقه محور عولمته ، فالإنسان مكرّم أيَّما تكريم ، وحقوقه جدُّ مصونة ، وينبغي الأخذ بعين الاعتبار اتساع دائرة حقوق الإنسان اليوم اتساعاً كبيراً ، بحيث أصبحت تتناول قضايا لا يمكن معالجتها في نطاق إقليمي محدود ، بل تجب معالجتها على مستوى العالم ، كالحق في تحقيق السلام الذي غدا بحاجة إلى تصميمات أوسع نطاقاً من الدول المتنازعة والأطراف المتخاصمة ، وكذلك الحق في تحقيق التنمية الذي غدا بحاجة إلى تصميمات أوسع نطاقاً من الدول المتنازعة والأطراف المتخاصمة ، وكذلك الحق في تحقيق التنمية الذي أضحت فيه مسؤولية الدول القادرة متجلية واضحة تجاه الدول التي تنعدم فيها إمكانات التنمية ، لنقص الموارد وفقد المواد الخام ، وكذلك يكون الحق في امتلاك بيئة نظيفة عديمة التلوث . وعلى هذا فالحقوق الإنسانية كلها ما قَدُم منها وما جدّ ، ما ضاق وما اتسع ، مرعية ومحفوظة ومعتبرة ، بدءاً من حق الحياة ، ومروراً بحق الكرامة ، وانتهاءً بحق التعبير عن الرأي والفكرة .
ولا نريد هنا سرد الآيات والأحاديث التي فصَّلت هذا الشأن ، لكننا نكتفي بالتقرير فقط ، لنحيل راغب الإطلاع على المستندات والأدلة الشرعية ، إلى محالِّها من المصحف الشريف وكتب الحديث وكتب السيرة النبوية ، ومؤلفات الوقائع الاجتماعية لمراحل إسلامية ، وهكذا .

خامساً : وفي النهاية أمران :
1- تحذير : إذا لم ينتبه المسلمون لأنفسهم ويُعنَوا بأحوالهم ، فستكون خاتمتهم استعماراً جديداً تلفهم به العولمة ، وإذا ما وَعوا فإنهم قادرون على مواجهة العولمة الغربية الجانحة بعولمة إسلامية عادلة ، وهم يمتلكون مقوماتها ، وقد ذكر العالم الألماني " بول اشميد " في كتاب له كتبه قبل نصف قرن ، يحذر الغربيين من المسلمين ، ويحرِّضهم على إشعال الحروب الصليبية ورعادتها ضدهم ، ويعلل ذلك بأن المسلمين سيتغلبون عليهم إذا لم يتدارك الغرب الأمر ، وذلك لنقاط قوة المسلمين ، وهي :
1- قوة الثروات الطبيعية .
2- كثرة النسل .
3- الموقع الجغرافي ، فهو في منطقة حساسة هامة .
4- وثَّابية الدين الإسلامي ، وانتشاره السريع ، واستقطابه للجماهير ، بما يحمله من سهولة ومرونة وانفتاح وحرية ومنطق وعقلانية وحركة ونشاط .

2- مصير العولمة الغربية : إن العولمة الغربية في نظر ذوي العقول السليمة لم تؤسس على أسس عقلية ومنطقية ، ولا على قواعد أخلاقية ولا إنسانية .
وعولمةٌ هذه ملامحها السقوط مآلها ، كما حدث للعولمة الشرقية الشيوعية التي قامت يوم قامت على ذات المعايير المتخلية عن العدالة والفضيلة ، التي تقوم عليها عولمة الغرب اليوم .
وعلى الجميع أن يعلم :
إن عولمة الإسلام هي التي ستبقى ، لأنها تجمع بين ضرورة الازدهار المادي والعدالة والفضيلة والإحسان ، وليحذر المسلمون الذين يخالفون في دعوتهم للعولمة هذه الأسس أن يصيبهم ما أصاب أصحاب الشرق وما سيصيب أهل الغرب ، لأن لله سنناً عادلة تطال الناس بالسواء دون تمييز ، قال تعالى : ( كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء
 ربك وما كان عطاء ربك محظوراً ) .

- ألقيت في قاعة المركز الثقافي في مدينة إدلب / سوريا ، تاريخ: 25/2/2003
- وألقيت في  مجلس كنائس الشرق الأوسط في دير القديس يوحنا - مطرانية الروم الأرثوذكس -
   الجديدة - جسر الشغور بتاريخ : 21/10/2002
*د يحيى
3 - أبريل - 2010
فتوى بجواز بناء الجدار الفولاذي والرد عليها.    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم
 

      نظرات شرعية في فتوى مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر

      بتحليل بناء الجدار الفولاذي

يقول السائل:ما قولكم في فتوى مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر في فتواه التي قالت بتحليل بناء الجدار الفولاذي، أفيدونا؟
الجواب: ذكر جماعة من العلماء أنه يشترط في المفتي أن يكون متيقظاً بصيراً بمكر الناس وخداعهم وأحوالهم، قال العلامة ابن عابدين:[ شرط بعضهم تيقظ المفتي، قال: وهذا شرط في زماننا، فلا بد أن يكون المفتي متيقظاً، يعلم حيل الناس ودسائسهم، فإن لبعضهم مهارة في الحيل والتزوير وقلب الكلام وتصوير الباطل في صورة الحق، فغفلة المفتي يلزم منها ضرر كبير في هذا الزمان] الموسوعة الفقهية الكويتية 32/30.  وقال العلامة ابن القيم تحت عنوان:[ على المفتي ألا يعين على المكر والخداع، يحرم عليه - أي على المفتي - إذا جاءته مسألة فيها تحيل على إسقاط واجب أو تحليل محرم أو مكر أو خداع أن يعين المستفتى فيها ويرشده إلى مطلوبه أو يفتيه بالظاهر الذي يتوصل به إلى مقصوده، بل ينبغي له أن يكون بصيراً بمكر الناس وخداعهم وأحوالهم ولا ينبغي له أن يحسن الظن بهم بل يكون حذراً فطناً فقيهاً بأحوال الناس وأمورهم يؤازره فقهه في الشرع، وإن لم يكن كذلك زاغ وأزاغ، وكم من مسألة ظاهرها ظاهرٌ جميل، وباطنها مكرٌ وخداعٌ وظلم! فالغر ينظر إلى ظاهرها ويقضى بجوازه، وذو البصيرة ينقد مقصدها وباطنها، فالأول يروج عليه زَغَل المسائل كما يروج على الجاهل بالنقد زَغَل الدارهم، والثاني يخرج زيفها كما يخرج الناقد زيف النقود، وكم من باطلٍ يخرجه الرجل بحسن لفظه وتنميقه وإبرازه في صورة حق، وكم من حقٍ يخرجه بتهجينه وسوء تعبيره في صورة باطل! ومن له أدنى فطنة وخبرة لا يخفى عليه ذلك، بل هذا أغلب أحوال الناس ولكثرته وشهرته يستغنى عن الأمثلة ...] إعلام الموقعين4/229. أقول هذا أفضل وصف ينطبق على فتوى مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر بتحليل بناء الجدار الفولاذي، حيث فقد أعضاء المجمع الذين أفتوا بتحليل إنشاء الجدار شرط تيقظ المفتي، وإذا كان العلامة ابن عابدين الحنفي قد قال: وهذا شرط في زماننا، فلا بد أن يكون المفتي متيقظاً، يعلم حيل الناس ودسائسهم، فإن لبعضهم مهارة في الحيل والتزوير وقلب الكلام وتصوير الباطل في صورة الحق، فغفلة المفتي يلزم منها ضررٌ كبير في هذا الزمان، أقول إن كان شرط تيقظ المفتي شرطاً في زمان ابن عابدين، فهو أولى في زماننا، حتى لا يقع بعض المفتين قصيري النظر في مكر ودسائس الساسة، وينطلي عليهم ما يروج له الساسة من التزوير وقلب الكلام وتصوير الباطل في صورة الحق. هذا أولاً، أما ثانياً: فإني أذكر أعضاء المجمع الذين أفتوا بتحليل إنشاء الجدار ببعض البدهيات التي لا يجهلها مسلم عادي فضلاً أن يجهلها أعضاء المجمع الأزهري! أين أنتم من قول الله عز وجل:{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }سورة التوبة الآية 71، ومن قوله تعالى:{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }سورة الحجرات الآية 10. ومن قوله تعالى:{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}سورة الأنبياء الآية 92، ومن قوله تعالى:{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ } سورة المؤمنون الآية 52، ومن قوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَالمِينْ }سورة المائدة الآية51. وأين أنتم من قَولَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:( مَثَلُ المُؤْمِنينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمهمْ وَتَعَاطُفِهمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى ) رواه البخاري ومسلم، قال القاضي عياض:[فتشبيه المؤمنين بالجسد الواحد تمثيلٌ صحيحٌ، وفيه تقريبٌ للفهم وإظهار للمعاني في الصور المرئية، وفيه تعظيم حقوق المسلمين، والحض على تعاونهم وملاطفة بعضهم بعضاً. وقال ابن أبي جمرة: شبَّه النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بالجسد وأهله بالأعضاء لأن الإيمان أصل وفروعه التكاليف، فإذا أخلَّ المرءُ بشيءٍ من التكاليف شأن ذلك الإخلال بالأصل، وكذلك الجسد أصل الشجرة وأعضاؤه كالأغصان، فإذا اشتكى عضو من الأعضاء اشتكت الأعضاء كلها، كالشجرة إذا ضرب غصن من أغصانها اهتزت الأغصان كلها بالتحرك والاضطراب] فتح الباري 10/540.  ومن قوله صلى الله عليه وسلم: ( المُؤْمِنُ للْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضَاً وشبَّكَ بَيْنَ أصَابِعِهِ ) رواه البخاري ومسلم ومن قوله صلى الله عليه وسلم: ( من لا يرحم لا يرحـم ) رواه البخاري ومسلم ، ومن قوله صلى الله عليه وسلم قال:(المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره … كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله) رواه البخاري. ومن قوله صلى الله عليه وسلم: (كم من جارٍ متعلقٍ بجاره يوم القيامة يقول يا رب هذا أغلق بابه دوني فَمنع معروفه) أخرجه البخاري في الأدب المفرد وحسنه العلامة الألباني في صحيح الأدب المفرد.  ثالثاً: ورد في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( لا ضرر ولا ضرار ) رواه أحمد وابن ماجة والبيهقي والحاكم وقال: صحيح الإسناد على شرط مسلم ووافقه الذهبي وقال العلامة الألباني: صحيح  . إرواء الغليل 3/408 .وقد قرر فقهاء الإسلام قاعدة شرعية مأخوذة من الحديث النبوي السابق تقول: " لا ضرر ولا ضرار"، فمن حق الإنسان أن يتصرف فيما يملك، ولكن بشرط أن لا يلحق الضرر بغيره، وإذا طبقنا هذه القاعدة على واقع الجدار يعرف الجواب بأدنى تأمل.رابعاً: ألم تسمعوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:(عُذبت امرأةٌ في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ). رواه البخاري ومسلم. خامساً: ألم تسمعوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:(كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته) رواه البخاري ومسلم. وقد عدَّ العلماء ما ورد في هذا الحديث والذي قبله من كبائر الذنوب. انظر الكبائر للإمام الذهبي. سادساً: ألا تعلمون أيها المشايخ أن قطاع غزة كان تحت الحكم المصري منذ عام 1948م وحتى وقع تحت الاحتلال عام 1967م فدولتكم مسؤولة عن القطاع وسكانه شرعاً وقانوناً وعرفاً.  سابعاً:توافق صدور فتواكم مع قيام عدد كبير من المتضامنين الغربيين بالتظاهر وسط القاهرة مطالبين برفع الحصار عن قطاع غزة، وتزامن صدور فتواكم مع قيام مجموعة أخرى من الغربيين بتسيير قافلة شريان الحياة المحملة بمواد الإغاثة للذهاب إلى غزة ، فهؤلاء الغربيين قاموا بما تمليه عليهم انسانيتهم تجاه أهل غزة!! وأنتم تناسيتم ما يمليه عليه دينكم من وجوب الوقوف مع إخوانكم في الدين وما تمليه عليكم عقيدتكم، أما عرفتم ما تقرره عقيدة أهل السنة والجماعة في هذه القضية، إن كل مسلم يفهم حقيقة هذا الدين فهماً صحيحاً، لا بد أن يقدم ما يستطيع لنصرة المسلمين المستضعفين الذين يتعرضون لأشرس الحروب وأقذرها، ومن لم يفعل فعليه أن يراجع نفسه، لأن منهج أهل السنة والجماعة يقضي أن يقف المسلم مع أخيه المسلم، وأن يكون عوناً له، قال شيخ الإسلام ابن تيمية عند حديثه عن أصول أهل السنة والجماعة:[ ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة. ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء أبراراً كانوا أو فجاراً، ويحافظون على الجماعات. ويدينون بالنصيحة للأمة، ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم:(المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص؛ يشدُ بعضُه بعضاً وشبَّك بين أصابعه، وقوله صلى الله عليه وسلم:(مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو؛ تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر). ويأمرون بالصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء والرضا بمر القضاء] العقيدة الواسطية. وأما من يخذل المسلمين ويسهم في حصارهم ويمنع العون عنهم فإن الله عز وجل سيخذله، كما أخبر  رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما من امرئٍ يخذل امرأ مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته، وما من أحدٍ ينصر مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته) رواه أحمد وأبو داود وحسنه العلامة الألباني في صحيح الجامع حديث رقم 5690.
وخلاصة الأمر أن فتوى مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر بتحليل بناء الجدار الفولاذي، باطلة شرعاً، ولا تعتمد على أي مستند أو دليل شرعي، وهي باطلة أيضاً لأنها من باب التعاون على الإثم والعدوان، وتتناقض مع أبسط قواعد الدين الإسلامي، وتتنافى مع عقيدة المسلم بوجوب نصرة أخيه المسلم، وتتعارض مع أبسط القواعد الإنسانية في تقديم الطعام والشراب والدواء لمن يحتاجه، وتتعارض مع قواعد الرفق بالحيوان فضلاً عن الرفق بالإنسان. كما أن هذه الفتوى العرجاء تقر الظلم وتظاهر الكافرين ضد المسلمين. وهذه الفتوى نموذج واضح على تلبيس الحق بالباطل، وستكون هذه الفتوى وصمة عارٍ في جبين من صدرت عنه. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
 (أ.د/ حسام الدين عفانة، جزاه الله خيراً).
*د يحيى
7 - أبريل - 2010
 1  2