البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : كتاب "أعداء اللغة العربية"/ سليم إسحق الحشيم    قيّم
التقييم :
( من قبل 2 أعضاء )
 سليم 
15 - فبراير - 2010
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا رابط كتاب "أعداءاللغة العربية" إلكترونيك /سليم إسحاق الحشيم:
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
خطوة رائعة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
أخي سليم رضي الله عنك، وسدد خطاك، وجعلك دائمًا مرابطًا على ثغور الإسلام، ومنها ثغر اللغة العربية الفصحى، الذي يتعرض لمكائد ليل نهارَ، ولا مجير أو مغيث، فالكل غافل، والكل لاهٍ، وإن وجد من يهتم بها فهو متاجر، ومتكسب من ورائها!
 وحسبنا الله ونعم الوكيل، وأصرخ معك:
وفصحاااااه
 
*صبري أبوحسين
16 - فبراير - 2010
لسْنا معصوبي الأعيُن ..    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
 
مـحمد برادة


أسـتـعــيــر من يوسف إدريس عنوان مقالة نـشـرها في مجلة الآداب العامَ 1956، بعد انعقاد أول مؤتمـر لاتحاد الأدباء العرب في بلودان بسوريا، وبحضور طه حسيـن. في ذلك المؤتمر التاريخي، وقف يوسف إدريس الشابّ ليقول لجيل الأدباء الكهول، وفي سياق مغايــر:« لسنــا معصوبي الأعين». وأنا هنا، أتوجه إلى رئيس اتحاد الأدباء العرب، بعد أن قرأتُ خبرا عن تـمـويل الرئيس القذافي لقمـّـة ثقافية عربية، دعا إليها الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب :«لمواجهة خطـر العولمة المتنامي على الهوية العربية»، وأن تـُـعـقـَـد خلال قمة القادة العرب القادمة في ليبيا. وعــلـّـل الاتحاد ضرورة هذه القمة الموازية التي يقتـرحها بـكـوْن اللغة العربية تـتـآكـل، وبات الناطقون بها عبر أجهزة الإعلام وبينهم قادة ُ دول «يقـعـون في أخطاء لغوية بـشـعة، ومن ثم فإن هذه القمة الثقافية المرتقــبة سـتـضـع الإجراءات الكفيلة بحماية الثقافة العربية في ظـلّ العـولمة التي تستهدف مـحـوَ الهويات القومية».
كلام جميل، كلام عظيم ! لكن دعونا نحلل السياق، ونتوقف عند هذا الزواج شبه الكاثوليكي بين الاتحاد والقذافي، ونستحضر مهمـات وإمكانات الأدباء العرب .
أول مسألة تـُطـالـعـنـا، هي العلاج عن طريق الـقـمــم: ما أكـثـر قمـم القادة العرب، وما أكثـر قراراتهم وبياناتهم، فهل استطاعت أن تعالج واحدا من الأدواء المزمنة التي يشتكي منها الجسم العربي؟ هل استطاعت أن توقف الحروب الصغيرة والكبيرة بين أعضاء ينتمون لنفس الجامعة ؟ هل فتحت الحدود في وجــه المواطنين العرب ؟ هل فتحت سوقا عربية مشتركة أو سوقا ثقافية تـُـروّج لإنتاجات المبدعين ضمن فضاء يشتمل على أكثر من 300 مليون نســَـمّة ؟ الجواب هو كلام الليل يمحوه النهار !
المسألة الثانية هي : ما مـهمة الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب، حالـيا، في سياق تاريخي- ثقافي لا يـتـّـسمُ فقط بتـعـاظـُـم مخـاطـر العـوْلـمة ؟ المرحلة التي نعيشها كأدباء واتحادات تمـثـل الكتابَ والمبدعين، مليئة بالمخاطـر الملموسة، المُـتحـدرة من داخل بـنــيــاتنا وأنظمــتنـا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ؛ وهي مخاطـر يمكن أن نـُـجمـلهـا في: غياب الديمقراطية وتهميش المواطن مقابل تقوية الحكم الفـردي والتبعية لقوى خارجية، استفحال التقوقع الإقليمي والتحارُب بين «الإخوة الأشقاء» ، تحجــيم الثقافة الحداثيـة والبحث العلمي مقابل تشجيع واحتضان الثقافة الأصولية الماضوية، تخــلـّــي الدولة العربية عن حماية المفكرين والأدباء والمثقفين الذين يعـبـرون عن آرائهم بحرية وشجاعة ... في هكذا وضعــيـة، يكون من البَـدَهـِـيّ والطبيعي أن تـغـدو َ مهـمة الاتحاد العام هي الدفاع عن الشروط الضرورية التي تـتـيح للمجتمعات العربية أن تستعـيد قدرتها على الانتماء إلى الحضارة الإنسانية، وأن تخرج من مأزق التدهور الذي أضحت سجينة له منذ هزيمة 1967 . ولكن المهمة الأكثر استعجالا هي أن يدافع الاتحاد عن الشروط التي تؤمـّـنُ للكتاب العرب أن يكتبوا وينتقدوا وأن يبدعوا من دون أن يتعرضوا للقمع والمنـع والاضطهــاد .
وإذا كان الاتحاد العام يريد مواجهة خطـر العولمة على الهوية العربية، فإن علينا أن نـُـذكره بأن أول خطـــر هو حكــم الاستبداد الذي يلـغي كيان المواطن وحقوقه، ويمنعه من أن ينتـقد سياسة التبعية والفروق الطبقية المهولة، ويمارس مسلسلات غسل الأدمغة والترويج لعولمة خادعة ... مثل هذا الحكم هو ما يجعل المواطن العربي كارهاً للهوية والانتماء، باحثا عن الهجرة والفرار من قوقعة الاضطهاد .
والمسألة الثالثة التي يريد الاتحاد معالجتها من خلال مؤتمر يـشـحذه من نظام عربي«شقيق» ، هو الدفاع عن اللغة العربية التي باتت مهددة في قــعــر دارها ومن أهلــها ! الواقع أن لـغـتـنـا مهددة منذ أمــد، وقبل العولـمة، لأن السياسة التعليمية وأنساقها البيداغوجية المُـتـّـبعة أبعد ما تكون عن خدمة اللغة وحمايتها من التآكـل. وهذا ليس سـرا، فالجميع ينادي بسياسة تعليمية تضع مناهج تدعم تـلقين وتطوير اللغة، وتستفيد من اتساع الرقعة العربية لتـبـلور طرائق وأنساقا تجعل لغتــنـا تنتمي إلى عصر العلم والتكنولوجيا، وتفتح للناطقين بها أبواب المعرفة والتنافس على المستوى العالمي ...لا نجد أثـرا لشيء من ذلك لدى المسؤولين عن اللغة والتعليم والثقافة، فكيف يظن الاتحاد اليوم أن القمة التي يدعو إليها ستجعل الحماس والإصلاح يعوّضان الجمــود واللامبالاة اللذيْـن يوجهان سلوك وممارسات الأنظمة التي لا تـفـكر سوى في استدامة سلطتها ؟
أما أخطــاء القادة العرب اللغوية التي سارتْ بذكرها الركبــان، فهي تـُذكرنا أيضاً للأسف، بالأخطاء الفادحة التي يرتكبها رؤساء بعض اتحادات الأدباء العرب عندما يقرؤون نصوصا أمام الملإ، على نحو ما حصل في معرض فرانكفورت منذ سنوات، حين كان الأدب العربي ضيف الشرف، وأرسل نجيب محفوظ كلمة افتتاحية، نـابَ عنه في قراءتها أحد رؤساء الاتحادات الأدبية، فلـم يـنـْـدَ له جبين وهو ينصبُ الفاعل ويرفع المفعول به !
لأجل ذلك، وباستحضار تفاصيل من واقعنا السياسي والثقافي، أقول إن هذه المبادرة إلى تنظيم «قمة ثقافية عربية» إنما هي حركة جوفاء تريد أن تــذر ّ الرماد في العـيون لتـُـخـفـي التناقض الفاضح: أن يوهمنـا الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب بأن الأنظمة اللاديمقراطية، المشلولة، تريد الدفاع عن الهوية العربية التي فقـدَتْ مـُقـوماتها نتيجة لسياسة التبعية والدوس على حقوق المواطن، قبل أن تضيف العولمة إلى هذا الواقع المريض أدواء أخرى. ولحسن الحظ ليس الأدباء والمثقفون العرب معصوبي الأعين، فهم يستطيعون التميـيـز وإدراك المناورات لتـمـريـر الصفقات بأسماء لا تطابق مسمياتها. وما دام الشيء بالشيء يـُذكر، ما معنى أن يخصص الاتحاد العام، في مؤتمره السابق، جلسات وندوات لـمناقشة وتحليل قصـص ونصوص كتبها الرئيس القذافي في أوقات فراغه، إذا سلمنا أن وقته يتـسع للكتابة، وكأنها فعلا نصوص قــلّ أن يجود الزمان بمـثـلها وتـعـبـر عن تجارب لا يـمـتُّ صاحبها بـصلةٍ إلى نسـق الحكم الفرديّ والمــسلك النـزواتي؟
اسمحوا لي أن أقولها بأعلى صوت: ليس الأدباء العرب معصوبي الأعين ليصادقوا على مثل هذا التمويه الذي يـتـدثـر بغلائل الهوية واللغة المـهددتـيْـن، لـيـبـرر مــدّ اليد لتلــقــّـي مساعدات من شأنها أن تفرض على الاتحاد مهادنة الأنظمة المسؤولة عن خـرابنا. ما يستطيعه الاتحاد العام ليكون معبرا عن إرادة الأدباء والمثقفين اليوم هو أن يجاهـر بالنقد، ويدافع عن حرية الفكر والإبداع، لأن ذلك هو السبيل لإنقاذ الهوية واللغة المحبوستـيْـن في زنازن القمع والاستبداد والقـمــم الجوفاء.
2/26/2010
الملحق الثقافي -جريدة الاتحاد الاشتراكي( المغربية)
*abdelhafid
27 - فبراير - 2010
بين الفصحى والعامية    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
http://www.aljazeera.net/Channel/archive/archive?ArchiveId=1094372
*د يحيى
16 - مارس - 2010
مستقبل اللغة العربية للعالم يوسف القرْضاوي ، حفظه الله تعالى،....    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
 
*د يحيى
16 - مارس - 2010
العربية لغة العلم (2)    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم
 
و إن تعجب فعجب أن يزعُم هؤلاء المبهورون أن حضارتنا العلمية إنما قامت على أكتاف غير العرب. وأنّ علماءنا المسلمين كانوا غالباً من الفرس والروم والموالي الذين دخلوا في دين الله أفواجاً وهم ينتمون إلى أصول مختلفة وألسنة شتى ! بل إن سيبويه شيخ النحو والنحاة كان فارسياً ! .
وأقول:  وما يَضيرهم ذلك ؟ بل ما يَضيرنا أو يَضير العربية ؟ ألم يصنف هؤلاء جمعياً كتبهم بالعربية ؟! أولم يفكروا بالعربية ؟‍‍! أولم يشعروا ويتحسسوا بالعربية ؟!أولم يبكوا ويضحكوا بالعربية؟! أولم تظلهم جميعاً راية العربية وهي لغة قرآنهم ومنبع إلهامهم ومصدر قوتهم ؟! أخبرني بربك عن واحد من هؤلاء الأعلام بدءاً من سيبويه والبخاري ومروراً بالبيروني والفارابي وانتهاء بالزمخشري والخفاجي ألّف بغير العربية ! أو أبدع بغير العربية !أو قامت له قائمة بغير العربية !أو دان لغير العربية .
بل استمع معي إلى سيد من سادتهم وعلم من أعلامهم وهو الإمام الزمخشري يقول في مستهل كتابه المفصل : " أحمد الله على أن جعلني من علماء العربيةوجبلني على الغضب للعرب والعصيبة ‘ وأبى لي أن أنفرد عن صميم  أنصارهم وأمتاز، وأنضوي إلى لفيف الشعوبية وأنحاز ... ولعل الذين يغضّون من العربية ويضعون من مقدارها ويريدون أن يخفضوا ما رفع الله من منارها ،حيث لم يجعل خيرة رسله وخير كتبه في عجم خلقه ،لكن في عربه ،لا يبعدون عن الشعوبية منابذة للحق الأبلج و زيغاً عن سواء المنهج".
  ثم يقول موضحاً أهمية العربية ودورها في كتابة كل العلوم :"والذي يُقضى منه العجب حال هؤلاء في قلة إنصافهم ، وفرط جورهم واعتسافهم ، وذلك أنهم لا يجدون علماً من العلوم الإسلامية فقهها وكلامها وعلمي تفسيرها وأخبارها إلا وافتقاره إلى العربية بيّن لا يدفع ، ومكشوف لا يتقنع . ويرون الكلام في معظم أبواب أصول الفقه ومسائلها مبنياً على علم الإعراب،والتفاسير مشحونة بالروايات عن سيبويه ، والأخفش ، والكسائي ، والفراء ، وغيرهم من النحْويين ، البصريين  والكوفيين،  والاستظهار في مآخذ النصوص بأقاويلهم ، والتشبث بأهداب تفسيرهم وتأويلهم . وبهذا اللسان منا قلتهم في العلم ومحاورتهم ، وتدريسهم ومناظرتهم . وبه تقطُر في القراطيس أقلامُهم ، وبه تسطُر الصكوكَ والسجلات حكامُهم . ".
ثم يُفحم هؤلاء الكارهين للعربية المدعين أنهم يستطيعون الاستغناء عنها بقوله : " فهم ملتبسون بالعربية أيةً سلكوا ، غير منفكين منها أينما وجهوا ، كَلٌّ عليها حيثما سيَّروا ، ثم إنهم في تضاعيف ذلك يجحدون فضلها ويدفعون خَصْلَها ، ويذهبون عن توقيرها وتعظيمها ، وينهون عن تعلّمها وتعليمها ، و يمزقون أديمها ، ويمضغون لحمها ، فهم في ذلك على المثل السائر :( الشعير يُـؤدَمُ ويـُذمٌّ ).".(2)
والمصيبة الأعظم بل العظمى أن يتعامى هؤلاء، وهم أبناء ديننا وجلدتنا،عن أن الله جلت حكمته شرف العربية بأن جعل كلامه المنزل على نبيه المرسل صلى الله عليه وآله وسلم بها فقال جل شأنه : "بلسان عربي مبين" [الشعراء/195]، وقال عز وجل : "  إنا أنزلناه  قرآناً عربياً لعلكم تعقلون "[يوسف/2 [ .
ثم تحدى الخلائق من إنس ومن جن بأن يأتوا بمثل هذا القرآن فقال سبحانه : " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ".[الإسراء/88[.
فإذا كان الله سبحانه قد اصطفى هذه اللغة من بين سائر اللغات ، وتخير هذا اللسان من بين سائر الألسنة ، فكيف غاب عن هؤلاء أن في هذا اللسان سراً ؟ وأن في هذه اللغة مزيّة. وإن كان فهمهم قاصراً عن إدراك ذلك السر وهذه المزيّة أفلا يكلون ذلك إلى خالقهم الذي جعل اختلاف اللغات آية من آياته : " ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم و ألوانكم إن في ذلك لآيات للعالـِمين "[الروم /22] . و إذا كانوا عاجزين عن استبانة أوجه الجمال في العربية ، وأسرار البلاغة في هذا اللسان ، ودلائل الإعجاز في هذا البيان ! أفلا ردوا ذلك إلى العالمين به ، المدركين لأبعاده ، المبصرين ما يشتمل عليه من خصائص وما ينطوي عليه من مزايا ؟!! " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" [ النساء/83].  
وإذا قعد بهم إدراكهم عن كل ذلك ,وارتد إليهم طرفهم مكابرة وعناداً ،  فليس لي إلا أن أقول لهم : " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ؟"[  محمد24
[
والأنكى من ذلك كله أن يجرد هؤلاء المتعالمون العرب من كل مكرمة، و أن ينظروا إلى ما صارت إليه الأمة من هوان وتشتت وتقهقر فيزعموا أن هذا شأنها أبداً ، وأنها لم تعرف العزَّ في يوم من الأيام ، وأنها لولا الإسلام لم تكن شيئاً مذكوراً ، ناسين أو متناسين أن العرب هم ظئر الإسلام ولبّه، وأن الإسلام ما قرن بأمة من الأمم كاقترانه بأمة العرب ، وغافلين أو متغافلين عن أن محبة العرب من محبة هذا الدين ، والعناية بلغتهم من العناية بشعائر هذا الدين ، ولله درُّ الإمام الثعالبي النيسابوري حين قدم لكتابه الرائع فقه اللغة وسر العربية بقوله : " أما بعد حمد الله على آلائه ، والصلاة والسلام على محمد وآله ، فإنّ مَن أحب الله أحب رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ومن أحب النبي العربي أحب العرب ، ومن أحب العرب أحب اللغة العربية التي نزل بها أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب ، ومن أحب العربية عُني بها وثابر عليها وصرف هِمته إليها . ومن هداه الله للإسلام وشرح صدره للإيمان وآتاه حسن سريرة فيه ، اعتقد أن محمداً خير الرسل ، والإسلام خير الملل ، والعرب خير الأمم ، والعربية خير اللغات والألسنة "(3).
وثمة حقيقة لغوية يؤيدها الواقع ويؤكدها التاريخ ، وهي ارتباط اللغة _ أي لغة _ بحضارة أصحابها . فاللغة والحضارة يتناسبان طرداً وهذا يعني أن اللغة ظاهرة اجتماعية تعيش مع الإنسان جنباً إلى جنب تضعُف بضعفه ، وتنمو وتزدهر بنموه وازدهاره .
وبهذا المعنى جاء قولهم " لسانك أنت " وعبّر عن ذلك شاعرنا العربي القديم بقوله :
لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤادُه ** فلم يبق إلا صورةُ اللحمِ والدمِ
والمعنى العميق لهذا الكلام أن لسان الفتى هو كل الفتى لأن اللسان لا ينزع من فراغ ، وإنما يستمد مادته من العقل المعبر عنه في البيت بالفؤاد . فاللغة لا تعيش وحدَها بحال ، بل لا بد لها من مجتمع . ولا حياة لمجتمع بدون لغة بينها وبين أصحابها رباط قوي دائم وتفاعل مستمر .وبقدْر ما يكون هذا التفاعل كيفاً وكماً وقوة وضعفاً يكون حال القبيلين معاً(4).
ومن تأمل في تاريخ العربية وقف على حقيقة ذلك ، إذ لم تكن هذه اللغة في غابر أيامها تصلح إلا للشعر والأدب، وكانت مزويّة في بداوتها وجزيرتها ، فلما جاء الإسلام ، وقامت حضارته ، أصبحت العربية لغة العلم والمعرفة ، وخرجت من حدودها الضيقة لتعمّ الدنيا بأسرها ، وأصبح العلم لا ينال إلا بها ، وغدت المعرفة لا تحصل إلا بإتقانها، بل غدا تعلمها في نظر الشرع واجباً من واجبات المسلم؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وتعلم القرآن وحفظه وفهمه ، وفهم  كثير من أبواب هذا الدين مرهون بإتقان هذه اللغة، فلا مندوحة إذن عن إتقانها . و هذا عمر الفاروق ،رضي الله عنه، يكتب إلى أبي موسى الأشعري :"تعلموا العربية فإنها من دينكم، وأعربوا القرآن فإنه عربي"(5)
*د يحيى
21 - مارس - 2010
العربية لغة العلم(3)    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم
 
وقد يقول قائل ما لنا وللتاريخ دعونا من التغني بالماضي الغابر وتعالوا معنا إلى الواقع الحاضر ، نحن في عصر التطور فأين العربية من التطور؟ ونحن في عصر الحاسوب فأين العربية من الحاسوب ؟
و الجواب عن هذا ذو شعبتين :
الأولى تلك التجربة الناجحة التي خاضتها و ما تزال  الجامعات السورية تخوضها بتعريب التعليم فيها على اختلاف الاختصاصات؛ إذ يعلم الطب و الهندسة و الفيزياء و الكيمياء.. و غيرها من العلوم والفنون بالعربية، و يتـلقى الطلبة علومـهم بلغـتهم الأم فلا ينشغلون عن تحصيل العـلم بـفك رموز اللغة ، و يوفرون مشقة فهم اللغة ليبذلوها في فهم المادة العلمية و إدراكها إدراكاً حقيقياً يؤهلهم للإبداع فـيها، والتـجديد والابـتكار في حقـولها المختلفة .
و قد كـتب الكثير عن هذه الـتـجربة العـظـيمة و حفلت مجلة المجمع ببحوث قيّمة تناولت بعضاً من جوانبها، أذكر منها مقالات الأستاذ الدكتور عبد الله واثق شهيد أمين المجمع  في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، و مقالات الأستاذ الدكتور محمد هيثم الخياط عضو المجمع الذي جمعها في كتابه الماتع : ( في سبيل العربية) ، وختمها بمقولة رائعة لأديب العربية الكبير الأستاذ أحمد حسن الزيات يقول فيها :
"
هذا العلم الذي يسخّر السموات والأرض لهذا الإنسان الضعيف ، ويذلّل القطعان الملايين للراعي الفرد ، سيبقى غريباً عنا ما لم ننقله إلى مِلْكنا بالتعريب ، ونعمّمه في شعبنا بالنشر، و لا يمكن أن يصلنا به أو يدنينا منه كثرة المدارس ولاوفرة الطلاب، فإن من المُحال أن ننقل الأمة كلها إلى العلم عن طريق المدرسة، ولكن من الممكن أن ننقل العلم كله إلى الأمة عن طريق الترجمة "(6(
والثانية تجربة متواضعة و لكنها غنية ثرية خضتها بنفسي على امتداد عشرين عاماً في مركز الدراسات والبحوث العلمية بدمشق حيث سنى الله لي أن أنخرط في فريق عمل متكامل ضم أناسأً من اختصاصاتٍ شتى في العربية والرياضيات و الحاسوب و الإلكترونيات . كان من أولى مهامه  معالجة اللغة العربية بالحاسوب، وقد آتى العمل أكله على خير وجه بحمد الله إذ أنجزنا  عدة مشاريع علمية في هذا المجال، أهمها: النظام الصرفي العربي بالحاسوب، و نظام تحويل الكلام  المكتوب إلى مقروء، و قواعد تعليم العربية بالحاسوب ، وهي ترمي إلى أهداف عظيمة وغايات بعيدة، على رأسها الترجمة الآلية من العربية وإليها، واكتشاف الأخطاء اللغوية في النصوص وتصحيحها، وتعرف الكلام وتركيبه، والقراءة الآلية للنصوص المكتوبة، والكتابة الآلية للنصوص المنطوقة، والتحاور مع الآلة باللغة الطبيعية، والفهرسة الآلية للنصوص، وضغط النصوص واسترجاعها، وشكل النصوص غير المشكولة أو المشكولة جزئيا ...وغير ذلك(7).
ولابد لي هنا أن أشير إلى ظاهرتين في العربية تبدّتا لي واضحتين جليّتين من خلال عملي هذا ، وأنا أزعُم أنهما مِيزتان للعربية لا تكادان توجدان في لغة من لغات العالم.
أما المِيزة الأولى فهي الاشتقاق القياسي في العربية ، وأعني بالاشتقاق القياسي قابلية العربية لتوليد عشرات الآلاف من المشتقات القياسية اعتماداً على عدد محدود من الجذور، وقد بلوت ذلك بنفسي إذ اعتمد النظام الصرفي الحاسوبي الذي شاركت فيه على نحو سبعة آلاف جذر عربي أدخِلت إلى الحاسوب، ووَضع المبرمجون القواعد الثابتة التي تشتق بها المشتقات وتتصرف بها الأفعال وتتولد بها الكلمات، فإذا بالحاسوب يولد آلاف الكلمات بل مئات الآلاف اعتماداً على هذا العدد المحدود من الجذور، ويتم التوليد آلياً فما هو إلاّ أن يدخل المستثمر الجذر الذي يريد توليده حتى يتولى الحاسوب أمر التوليد والاشتقاق والتصريف ويحصل المرء على مبتغاه، فأيّ قياسية هذه وأي مزيّة ؟!‍‍‍‍‍‍‍.
ولكي أوضح ذلك سأكتفي بعرض جدولين مقبوسين من بحثنا "أسلوب معالجة اللغة العربية في المعلوماتية(الكلمة- الجملة) " يمثل الأول جذور المعجم الحاسوبي المعتمد في نظامنا الصرفي الاشتقاقي وما يتفرع عنها من مواد ثلاثية ورباعية وما يتولد عن كل منهما من أفعال مجردة ومزيدة. ويمثل الثاني مراحل اشتقاق الكلمة العربية انطلاقاً من مادتها المعجية أو جذرها.
وأما الميزة الأخرى فهي موافقة المنطوق للمكتوب في العربية ، وبعبارة أخرى فالعربية تكتب كما تلفظ وتلفظ كما تكتب وَفق قواعدَ صوتيةٍ معروفةٍ لا يستثنى من ذلك سوى ألفاظٍ محدودة يخالف فيها اللفظ الكتابة؛ من مثل:
( لكن، وأولئك، وعمرو، وهذا.... ) ولذلك لم نَحتج في نظام تحويل الكلام المكتوب إلى منطوق إلّا إلى قائمة واحدة شذت فيها الألفاظ من قواعدِ النطق العربية , وأما قوام النظام فكان تلك القواعد الصوتية لنطق ألفاظ العربية ؛من مثل ( اللام القمرية ، واللام الشمسية، والتفخيم، والألف الفارقة ..... إلخ ) على حين احتاج الأمر في نظام مماثل للغة الإنجليزية إلى مئات القوائم التي تخالف  فيها الكتابة عن النطق ، ويخالف فيها النطق عن الكتابة، وكأن الأصل في النطق الشذوذ‍‍‍. آية ذلك أنك تحتاج إلى معرفة تهجئة الكلمة في كثير من كلمات الإنجليزية، فإما أن تتلقاها من أستاذ خبير، وإما أن تعود إلى المعجم الذي يرسم لك رموز التهجئة قبل أن يشرع ببيان معنى الكلمة،على حين لا يحتاج الأمر في العربية إلا إلى كتابة الكلمة مضبوطة بالشكل.
ليست اللغة إذن قاصرة ،ولكننا نحن المقصرون، وليست اللغة ضعيفة ، ولكننا نحن الضعاف، وليست اللغة إذن ميتة، ولكننا نحن النيام ، فمتى متى نستفيق ؟!.
رموني بعُقم في الشباب وليتني ** عقمت فلم أجزع لقول عداتي
وسِعت كتاب الله لفظاً وغاية ** وما ضقت عن آي به وعظاتِ
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة ** وتــنــسيق أســــماء لمــخترعـــاتِ
أنا البحر في أحشائه الدر كامن ** فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسني ** ومنكم وإن عز الدواء أساتي
فــلا تــكلـــوني للـزمان فإنـني ** أخاف عليكم أن تحين وفاتي
****************
 (1)من كلمة الدكتور محمد حسان الطيان التي ألقاها بمناسبة حصوله على جائزة الملك فيصل العالمية. مجلة تراثيات،العدد الخامس، ذو الحجة= 1425 يناير2005.
 (2)المفصّل في صنعة الإعراب للزمخشري ص 30
 (3) فقه اللغة وسِر العربية للثعالبي ص5 .
(4) القول القوام في ما يثار حول اللغة العربية من كلام للدكتور كمال بشر.الأهرام 6 /12 /2005
(5) إعراب القراءات لابن خالويه 1 /27
(6) في سبيل العربية ، د/ محمد هيثم الخياط  ص 184
(7)بسطت الكلام على هذا في فصل كامل كتبته بمشاركة الأستاذ مروان البواب بعنوان "أسلوب معالجة اللغة العربية في المعلوماتية ( الكلمة- الجملة) " نشر في كتاب : "استخدام اللغة العربية في المعلوماتية" من منشورات المنظمة
*د يحيى
21 - مارس - 2010
العربية لغة العلم ( 1).    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم
 
يحلو لبعض المثقفين في عصر العولمة أن يجردوا العربية من أي فضيلة أو مكرمة، وأن يلصقوا بها كل نقيصة أو مذمة، غافلين أو متغافلين عما تتمتع به العربية من مزايا وخصائص، وناسين أو متناسين أنها كانت لغة العلم والحضارة، لا يكاد فن من فنونه يكتب إلا بها، ولا يتعلم إلا بواسطتها، ولا ينشر إلا تحت لوائها.
ويقيني أن أمثال هؤلاء إنما أُتي إما من انبهار بما حققته الإنجليزية من تقدم وانتشار وقدرة على التعبير عن العلوم والفنون والشؤون الحضارية. وإما من إحباط بما تردَّتْ إليه العربية بل أصحابها من تأخر وانحسار وعجز عن التعبير عن متطلبات الحضارة الحديثة في العلم والفن وما إليهما.
وبادئَ بَدْءٍ أقول لهؤلاء وأمثالهم:
فــيا قـــائـــلا هـــــذا بــدون تـحـقّـــــقٍ ** كأنـك لا تـدري ولا أنت تعـلـمُ
فإن كنتَ لاتدري فتلك مصيبة ** وإن كنتَ تدري فالمصيبة أعظمُ
إي و ربي إنها لمصيبة حقاً ألا يعلم هؤلاء أن العربية من اللغات القلائل الثابتة الأصول المتينة البنيان الممتدة العمر ، يفهم الآخر فيها ما كتب الأول, و تمخر نصوصها عبر العصور والقرون ، ويتواصل أبناؤها عبر الزمان والمكان ، فما كتبه امرؤ القيس ، والنابغة، وعنترة في أقدم عصورها ، حاضر ماثل اليوم يتغنى به الشعراء والكتاب ، بل يتعلمه التلاميذ والطلاب ، ويسير في الناس مسير الأمثال .
على حين لا يفهم الإنجليزي اليوم ما كتبه شكسبير وأمثاله قبل بضع مئات من السنين ‍‍‍! فأين من أين ؟ بل أين من لا أين ؟.
وإنها لمصيبة حقاً أن يتعامى هؤلاء عن أن هذه العربية حملت لواء العلم زهاء عشَرة قرون بعد أن جبيت إليها ثمار العلوم والفنون من كل لغات الدنيا في حركة للترجمة والتعريب لم يعرف لها التاريخ مثيلاً ، حتى لقد بلغت مكافأة ترجمة الكتاب وزنه ذهباً ، ووزن الكتاب ما هو آنذاك ! ثم ماذا ؟! لقد وعت العربية تلك العلوم ، وتمثلت تلك الفنون ، وقدمت للبشرية جمعاء خير حضارة أخرجت للناس بلسان عربي مبين .
يقول د. حسين نصار: " إن أكبر تحدٍّ واجهته العربية كان عندما أخرجها الإسلام من جاهلية غنية كل الغنى في الإبداع الأدبي فقيرة كل الفقر إلى حد الإملاق في الإنتاج العلمي, ثم ألقى بها في القرنين الثاني والثالث الهجريين في بحر زاخر من الحضارات والعلوم والفلسفات والفنون وكل صنوف المعرفة التي ابتكرتها الأمم المتاخمة للجزيرة العربية كالفرس والروم والسريان والمصريين,والأمم البعيدة عنها كالهنود والصينيين والأتراك والبربر وشعوب أسبانية. ولكن العربية صمدت لهذا التحدي بفضل ما بثه الإسلام في العرب من رغبة في المعرفة وسعي في طلبها وطموح وعزم وتخطيط وتنفيذ وتعاون مع غير العرب من أبناء الشعوب العارفة باللغات الأجنبية واللغة العربية فلم يمض إلا وقت غير طويل حتى نقلت العربية كل ما وجدت عند هذه الأمم إليها, فاستطاع أبناؤها بعدُ أن يتمثلوها فهماً, ولم يمض كبير وقت حتى شاركوا في الإنتاج والابتكار. فصار ما كتبه هؤلاء المفكرون والعلماء منذ القرن الثالث نبراسا استضاءت به شعوب العالم القديم. لا يستطيع أن ينكر ذلك إلا منكر لعقله, منكر لشمس النهار الصحو, منكر لتاريخ الإنسان وتطوره الحضاري.".(1)
وليس يصح في الأذهان شيء ** إذا احتاج النهار إلى دليل
و هكذا انعتقت العربية من إسارها ، و انطلق المارد من القمقم لتشهد هذه اللغة حركة من الترجمة ما شهدتها لغة ، فقد ا نطلق أهلوها يجوبون البلاد ، و يتخيرون منها ما ألّفه الأوائل في علومهم المختلفة بشتى لغات المعمورة الفارسية و الهندية و اليونانية والرومانية و النبطية... و غيرها لتنقل إلى العربية ، فإذا بالعربية تستوعب كل علوم الأوائل على اختلاف لغاتهم ، حتى لقد وسم ذلك العصر بسمة هذه الحركة من الترجمة فسمي عصر الترجمة الذهبي ، وأقيمت للترجمة مؤسسات وبيوتات اشتهر منها بيت الحكمة، و تجاوزت معرفتهم باللغات حدود اللغات السائدة إلى اللغات البائدة ، التي لم يبق منها إلا حروفها و باتت أبجديتها تستعمل في تعمية بعض العلوم المضنون بها على غير أهلها ، ومن هنا أن    نشأ علم التعمية و استخراج المعمى ( الشفرة و كسر الشفرة) الذي أخرجنا فيه سفرين اثنين في هذا المجمع المبارك ، ومن هنا أيضاً أن ألفت كتب مفردة كشفت اللثام عن أبجديات اللغات القديمة و أقلام الأقوام المندثرة ككتاب شوق المستها م  في معرفة رموز الأقلام لابن  وحشية النبطي الذي نعمل على إخراجه ليكون  الجزء الثالث من موسوعة علم التعمية و استخرج المعمى عند العرب . إن شاء المولى سبحانه.
 
*د يحيى
21 - مارس - 2010
ما رأيكم بهذا المقال ؟    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم
 
ألد أعداء اللغة العربية مدرسوها!
2010-02-14


ليس هناك أدنى شك بأن الكثيرين يسيئون للغة العربية، بقصد أو بغير قصد. فبعض مالكي الفضائيات العربية مثلاً يشجعون العاملين في قنواتهم الإساءة للغة العربية جهاراً نهاراً، كأن يطلبوا من المذيعات والمذيعين التونسيين مثلاً أن يتحدثوا باللهجة التونسية، واللبنانيين باللهجة اللبنانية، والمصريين باللهجة المصرية، وهلم ما جرى، وكأنهم بذلك ينفذون مخطط "سايكس- بيكو" لغوياً، كما لو أنه لا يكفينا هذا التشرذم الجغرافي والسياسي اللذين ولــّدتهما الاتفاقية البريطانية الفرنسية المشؤومة لتشطير العالم العربي، فلا بد، بنظرهم، من تكريسها لغوياً.
أما بعض الأفلام العربية فقد فعلت كل ما بوسعها للنيل من اللغة العربية عندما راحت تصور المأذون الذي يوثق عقود الزواج بطريقة كوميدية، وكأنها تسخر بذلك من كل من يحاول أن يتقن لغة القرآن نطقاً ونحواً.
ولا ننسى الكثير من الحكام العرب الذين يتقنون العربية كما أتقن أنا اللغة الصينية، فيظهر بعضهم على شاشات التلفزيون ليقترف مجازر لغوية ما أنزل الله بها من سلطان. والأغرب من ذلك أن بعض حكامنا يتحدث اللغات الأجنبية بشكل أفضل مما يتحدث لغته الأصلية. ناهيك عن أن الكثير من المثقفين العرب المزعومين يجرون الفاعل وينصبون المجرور.
وحدث ولا حرج عن أولئك الذين يتباهون بكتابة أسماء محالهم التجارية باللغة الانجليزية بدل لغتهم الأصلية. وهنا لا بد من الإشادة بالخطوة السورية القاضية بمنع استخدام غير العربية في كتابة اللافتات وأسماء المحال التجارية، مما اضطر الكثيرين في سورية في الآونة الأخيرة إلى تغيير واجهات محالهم ،وهو إجراء جدير بالثناء والتقدير.

ولو افترضنا أن أصحاب الفضائيات العربية، ومخرجي الأفلام، والحكام العرب، والمتباهين باللإنجليزية على حساب العربية معذورون في عدم الاهتمام باللغة العربية لأسبابهم الخاصة، مع أنها ليست أسباباً وجيهة، فإننا يجب أن لا نلتمس أي عذر لمدرّسات ومدرّسي اللغة العربية الذين من المفترض أن يفعلوا المستحيل للذود عن لغة الضاد وتقديمها بالشكل الأفضل والأسهل للطلاب والطالبات في مدارسنا كي يتخرجوا متقنين للعربية بالشكل الأمثل، وكي تبقى لغة الضاد حية في خطابنا. لكن لو نظرنا إلى طرق تدريس اللغة العربية في المدارس العربية من المحيط إلى الخليج لوجدنا أن المدرّسين والمدرّسات هم ألد أعداء اللغة بامتياز، وهم يشاركون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في المؤامرة على اللغة العربية مع الفضائيات، والحكام شبه الأميين لغوياً، والأفلام، والمفتونين باللغات الأجنبية بسبب عقدة النقص. كيف؟
جلست قبل أيام مع مجموعة من التلميذات والتلاميذ العرب، وبدأنا نتجاذب أطراف الحديث عن وضع اللغة العربية في المدارس العربية الخاصة والحكومية، فإذ بالجميع يشتكي  بصوت عال من صعوبة اللغة العربية، لا بل إن بعضهم راح يتباهى بلغته الإنجليزية وسهولة تعلمها. فقلت لهم: "ومن أخبركم بأن اللغة العربية لغة صعبة وعصية على التعلم"، فأجابوا بأنهم يجاهدون كثيراً لتعلمها، لكنهم لا يفلحون. وراح بعضهم يشتكي من صعوبة الفاعل، والمفعول به، والمجرور، والمفتوح والمضموم، والمكسور. لا بل إنهم صرخوا بصوت واحد عندما سألتهم عن المضاف إليه في اللغة العربية، وطالبونني على الفور بأن أشرح لهم هذا المصطلح اللغوي المبهم بنظرهم. فسألتهم وهم على وشْك الانتقال إلى المرحلة الثانوية: "أولم يعلموكم ما هو المضاف"، فقالوا: "نعم، لكننا لم نفهمه حتى الآن". لقد بدت تلك القواعد البسيطة جداً لغزاً محيراً لأولئك التلميذات والتلاميذ، مما جعلني أشعر بحزن شديد. فقد ظننت أن طرق تعليم اللغة العربية في المدارس العربية قد تطورت أسوة بطرق تعليم اللغات الأخرى، لكن، على ما يبدو، أن الأمور مازالت على حالها، وأن المدرّسين والمدرّسات مازلوا في واد واللغة العربية في واد آخر.
طبعاً لا ألوم التلاميذ والتلميذات اللواتي قابلتهن، لأن الأمر نفسه حصل معي، فقد تخرجت في الجامعة دون أن أعرف ما هو المضاف إليه. وأتذكر أنني تعرفت إلى المضاف إليه بعد ذهابي إلى بريطانيا للتحضير لشهادة الدكتوراه في الأدب الإنجليزي، قسم المسرح السياسي، إذ عُرض علي قبيل التخرج من الجامعة العمل في هيئة الإذاعة البريطانية، وكان مطلوباً مني اجتياز امتحان اللغة العربية، لكنني لم أكن مستعداً، خاصة وأنني كنت أجهل المضاف إليه، فما بالك بالأعداد أو الممنوع من الصرف، مما حدا بي فوراً إلى تعلم اللغة العربية من جديد، وإذ إنه لم تتوفر في الجامعة التي كنت أدرس فيها كتب عربية، لجأت إلى كتاب يعلم اللغة العربية بالإنجليزية، وليتني اطلعت على ذلك الكتاب الرائع من قبل، فهو الذي رمم لي لغتي العربية، وجعلني متقناً لها خلال أشهر، لا بل عاشقاً لها بعد أن تعرفت إلى قواعدها السهلة، فاللغة العربية لغة منطقية بامتياز، وقواعدها دقيقة، لكن بمجرد حفظها تصبح اللغة طيعة للغاية.
تصوروا أنني أمضيت أكثر من عشرين عاماً في تعلم اللغة العربية في العالم العربي، ومع ذلك لم أفهم منها إلا القليل، حتى علمني إياها كتاب إنجليزي رائع لكاتب يدعى "رايت" . لا شك أنني مسؤول بالدرجة الأولى عن عدم تعلم اللغة العربية، لكن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق المدرّسات والمدرّسين الذين فشلوا في تعريفنا على المضاف إليه طيلة تلك السنين الطويلة. تصوروا أن الكتاب الإنجليزي قدم لي كل القواعد العربية بطريقة مبسطة وسهلة للغاية، مما جعلني أستسهل اللغة العربية، وأتحسر على تلك السنين التي أمضيتها وأنا أجاهد لأتقن الجار والمجرور دون جدوى. يا الله تصوروا أننا لا نستطيع أن نعلم لغتنا. تصوروا أن الأجنبي يستطيع تعليمنا لغتنا بطريقة أفضل وأسهل وأبسط وأسرع. وبالمناسبة أفضل قاموس عربي إنجليزي وضعه لغوي ألماني وليس عربياً، واسمه "هانز فير".

وبالعودة إلى الطالبات والطلاب العرب الذين اشتكوا لي من صعوبة اللغة العربية في المدارس العربية، قلت لهم إنني سأعلمكم أساسيات القواعد العربية خلال ساعة، مما جعلهم يضحكون، فتحديتهم وبدأت بتعريف المضاف والمفعول به والأعداد والمجرور وغيره، فتعلموها بسرعة رهيبة، لكنهم لم يصدقوني لأنهم وجدوا تلك القواعد في غاية السهولة، وهو ما لم يعلمهم إياه مدرّسوهم ومدرّساتهم في المدرسة. لقد قالوا لي إن مدرّسيهم يجعلون تلك القواعد البسيطة تبدو أصعب من نظرية "النسبية" لأنيشتاين، لأن طريقتهم في التدريس عقيمة وبائدة ومتحجرة. وفعلاً خرج الطالبات والطلاب الذين قابلتهم مسرورين للغاية لأنهم تعلموا أشياء كانوا يظنون أنها عصية على التعلم. لا بل إن بعضهم بدأ يتصل بزملائه وزميلاته في اليوم التالي ليخبروهم بأنهم تعلموا قواعد اللغة العربية، وأنهم سيتحدون المدرس من الآن فصاعداً.  والفضل في ذلك لا يعود إلي بأي حال من الأحوال ، بل إلى ذلك اللغوي الإنجليزي الذي علمني اللغة العربية، وجعلني أهضمها وأنقلها للغير بنفس الطريقة البسيطة والممتعة.
فيا أيتها الطالبات والطلاب الذين تذمرتم لي من صعوبة اللغة العربية في المدارس العربية، أنصحكم بأن تبحثوا عن كتب إنجليزية وألمانية لتعليم اللغة العربية، فستجدونها أروع وأسهل وأكثر إلماماً بلغة الضاد من الكتب التي وضعها بعض المدرّسين العرب الذين يعطونكم الانطباع بأن تعلم اللغة العربية أصعب من الصعود إلى القمر.  
تباً لكم أيتها المدرّسات والمدرّسون العرب، فأنتم ألد أعداء اللغة العربية. وأنصحكم بأن تتعلموا كيف تعلمون قبل أن تعلموا! 
*د يحيى
7 - أبريل - 2010