البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : اللغة العربية

 موضوع النقاش : أوجــه التشبيه ...    كن أول من يقيّم
 زين الدين 
10 - فبراير - 2010
تحية طيبة ،
يعرّف الرماني التشبيه بأنّه " العقد على أحد الشيئين، يسد مسد الآخر في حس أو عقل " ، و يتحقق البليغ منه في "إخراج الأغمض إلى الأظهر بأداة التشبيه " ؛ 
فما القول في عكس هذه المسألة، حيـن يُـخرج الأظهر إلى الأغمض ؟ كما في قوله تعالى " إنها شجرة في أصل الجحيم ، طلعها كأنه رؤوس الشياطين "  ، "وإنما يقع الوعد بما عُرِفَ مثله، وهذا ممّا لم يُعرف " .... أو كما قال الثعالبي .
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
البلاغة والغموض    كن أول من يقيّم
 
طابت أوقاتكم أستاذنا الفاضل زين الدين، وأوقات جميع الأساتذة الأفاضل،
القول في عكس المسألة التي ذكرتها  ورد ذكره في العديد من الكتب الأدبية.  ومن أصدق ما طالعته في ذلك ما ذكره الجاحظ رحمه الله في " الحيوان" ( نشرة الموسوعة الشعرية) حين قال:
"وقد قال الناس في قوله تعالى: "إنّها شَجَرةٌ تَخْرُجُ في أصْلِ الجحيمِ، طلْعُها كأَنَّهُ رُؤُوس الشَّياطِين"، فزعم ناس أنّ رؤوس الشياطين ثمر شجرةٍ تكون ببلاد اليمن، لها منظر كرِيه.*
والمتكلّمون لا يعرفون هذا التَّفسير، وقالوا: ما عنى إلاّ رؤُوس الشياطين المعروفين بهذا الاسم، من فَسَقة الجن ومَرَدتهم، فقال أهل الطَّعن والخلاف: كيف يجوز أن يضرب المثل بشيء لم نرَه فنتوهمه، ولا وُصِفت لنا صورته في كتابٍ ناطق، أو خبر صادق، ومخرج الكلام يدلُّ على التخويف بتلك الصُّورة، والتفزيع منها، وعلى أنّه لو كان شيءٌ أبلغَ في الزَّجر من ذلك لذكَرَه، فكيف يكون الشَّأن كذلك، والناس لا يفزعون إلاّ من شيء هائل شنيعٍ، قد عاينوه، أو صوّره لهم واصفٌ صدوقُ اللسان، بليغٌ في الوصف، ونحن لم نعاينها، ولا صوَّرها لنا صادق، وعلى أنَّ أكثر الناس من هذه الأمم التي لم تعايشْ أهل الكتابين وحَمَلَة القرآن من المسلمين، ولم تسمع الاختلاف لا يتوهَّمون ذلك، ولا يقفون عليه، ولا يفزعون منه،
فكيف يكون ذلك وعيداً عاماً؟.
قلنا(والقول للجاحظ): وإن كنّا نحن لم نر شيطاناً قطّ ولا صوّر رؤوسها لنا صادقٌ بيده، ففي إجماعهم على ضرْب المثل بقُبح الشيطان، حتَّى صاروا يضعُون ذلك في مكانين: أحدهما أن يقولوا: لهو أقبح من الشيطان**، والوجه الآخر أن يسمَّى الجميلُ شيطاناً، على جهة التطيُّر له، كما تُسمَّى الفرسُ الكريمةُ شَوهاء، والمرأة الجميلة صَمّاء، وقرناء، وخَنْساء، وجرباء وأشباه ذلك، على جهة التطيُّر له، ففي إجماع المسلمين والعرب وكلِّ من لقيناهُ على ضرْب المثل بقُبْح الشيطان، دليلُ على أنه في الحقيقة أقبحُ من كل قبيح. والكتابُ إنَّما نزل على هؤلاء الذين قد ثبّت في طبائعهم بغاية التثبيت. وكما يقولون: لهو أقبحُ من السحر، فكذلك يقولون، كما قال عمر بن عبد العزيز لبعض من أحسنَ الكلام في طلب حاجته - هذا واللّه السِّحر الحلال. وكذلك أيضاً ربّما قالوا: ما فلانٌ إلا شيطان على معنى الشَّهامة والنَّفاذ وأشباه ذلك. " .
ـــــــــــــــ
*ومنهم من زعم أن الشياطين هي الحيات، كما في " ثمار القلوب..." لأبي منصور الثعالبي وفي غيره.
**يذكرنا هذا بما ورد في كتب الأدب من قصة الجاحظ مع المرأة التي أرادت نقش صورة سحنة الشيطان في خاتمها ، ولكن الصائغ أخبرها بأنه لا يعرف سحنة الشيطان كيف هي؛ فما كان من تلك المرأة إلا أن أحضرت الجاحظ للصائغ وقالت له : الشيطان مثل هذا..
 
*ياسين الشيخ سليمان
13 - فبراير - 2010
القول فيما لم تألفه العرب من تعبير ...    كن أول من يقيّم
 
حيّاك الله أستاذنا الفاضل ياسين حفظه الله ورعاه ،
شاكرا لك تعقيبك الثمين ، وددت أن أنبّه بأنّ الثعالبي لا يميل إلى زعم المفسرين بأن الشياطين في هذا الموضع هي الحيات ، كما في " ثمار القلوب في المضاف والمنسوب "
وأنقل من الكتاب ، تفصيلا آخر لهذه المسألة ؛
 
" .... وحدث الصولي، بإسناد له عن أبي عبيدة، قال: لما قدمت من البصرة، وصلت إلى الفضل بن الربيع، فسلمت عليه بالوزارة، فضحك إلي واستدناني، حتى جلست بين يدي فرشه، ثم لاطفني واستنشدني، فأنشدته عيون أشعارٍ أحفظها جاهليةً؛ فقال: قد عرفت أكثر هذه، وأريد من ملح الشعر، فأنشدته منها، فطرب لها وضحك، وزاد نشاطه.
ثم دخل رجل في زي الكتاب، له هيئة، فأقعده إلى جانبي، وقال له: أتعرف هذا؟ قال: لا قال: هذا علامة أهل البصرة، أبو عبيدة؛ احضرناه لنستفيد من علمه. فدعا له الرجل وقرظه لفعله هذا، وقال لي: والله إني كنت مشتاقاً إليك؛ وقد سئلت عن مسألةٍ، أفتأذن أن أعرفك إياها؟ قلت: هات. قال: قال الله عز وجل: " طلعها كأنه رؤوس الشياطين " ؛ وإنما يقع الوعد وإلا يعاد بما عرف مثله، وهذا لم يعرف!.
فقلت: إنما كلمهم الله تعالى بما يعرفون، وعلى كلام العرب؛ أما سمعت قول امرئ القيس:
أيقتلني والمشرفي مضاجعي ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال
وهم لم يروا الغول، ولكن لما كان أمر الغول يهولهم أوعدوا به.
فاستحسن الفضل ذلك، واستحسنه السائل، فاعتقدت منذ ذلك الوقت أن أضع كتاباً لمثل هذا وأشباهه.
فلما رجعت إلى البصرة علمت كتابي الذي سميته كتاب المجاز." - إنتهى
 
ومثله في كتاب حياة الحيوان الكبرى للدميري ...
******
أمّا عن الشاهد من كل هذا ، فقد كنت قرأت للأستاذ الشيخ " عبد الرحمن الجيلالي " كتابه " محمد بن أبي شنب " ، يذكر فيه ، أنّه حين تعاظم الجدل وكثر اللغط بخصوص كتاب طه حسين " في الشعر الجاهلي " ، سيما حول مسألة انتحاله ، ضرب العلامة ابن أبي شنب ، من كتاب فقه اللغة للثعالبي ، بهذا المثل ، للتدليل على جواز أن يستعمل العرب أسلوبا لم يألفوه من قبل ....
 
فهلا أفدتمونا رحمكم الله .... 
 
 
*زين الدين
14 - فبراير - 2010