البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الجغرافية و الرحلات

 موضوع النقاش : تطور علم الجغرافيا مع المسلمين    قيّم
التقييم :
( من قبل 2 أعضاء )
 طماح 
27 - يناير - 2010
 "تطور علم الجغرافيا مع المسلمين"
 1430ـ 1431 هـ ،
2009ـ 2010م
 -----------------------------------------------------------------------
 
 
(المقدمة)
 
الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وبعد:
فهذا الموضوع عن تطور الجغرافيا مع العرب، وهو موضوع مهم؛ لأنه يتصل بحضارتنا الإسلامية، وأردتُ توسيع ثقافتي حول هذه الحضارة الإسلامية و الإنسانية، ومعرفة حدود هذا العلم ـ علم الجغرافيا ـ ومدى اهتمام المسلمين بها، ومن أين بدأت الإرهاصات للاتجاه إلى هذا العلم؟ و ما الجديد الذي قدمه المسلمون لهذا العلم وللبشرية؟
 
ومن ثـَمّ فقد أودعتُ السطور معلومات مُستهلـّة ً بتعريفٍ للجغرافيا ، ثم تطرَّقتُ لتطور علم الجغرافيا من الجاهلية وعبر العصور الإسلامية، وكيف وصلت إرهاصاته من الأمم الأخرى، وأشهر الجغرافيين المسلمين، والمعاجم والمصورات والآلات الجغرافية، والاكتشافات والمعلومات العامة ملخصة فيها ما كان للمسلمين من فضل على ازدهار علم الجغرافيا.
 
أهدي جهدي إلى  كل من حمل في قلبه حبًّا للحضارة الإسلامية، ورغب في استعادة أمجادها..
 
  
والله من وراء القصد يهدي السبيل
الثلاثاء:10/11/2009م
6:15 م
----------------------------
 
 
* معنى الجغرافيا:                                                                                  
 
كلمة جغرافيا يونانية الأصل معناها علم وصف الأرض و أطلق العرب على هذا العلم أسماء متعددة منها علم تقويم البلدان , علم المسالك والممالك , علم مسالك البلدان والأمطار.
 
    * تطور علم الجغرافيا :
 
_ في الجاهلية : انتشرت بين عرب الجاهلية كثير من المعارف الجغرافية وخاصة ما يتعلق بالأنواء والهداية بالنجوم لمعرفة الجهات و مسالك الطرق الصحراوية و إنتاج الممالك المجاورة و ما يصلح منها للتجارة , لأن العرب كانوا واسطة النقل التجاري .)1 (
 
_ في الإسلام : خرج العرب للفتح من جزيرتهم , و انساحوا في بلاد امبراطورية واسعة شملت معظم العالم المتمدن في حينه، فاطلعوا على أحوالها الجغرافية من طبيعة أرض وإنتاج وإقليم، ونشاط بشري، فزادت معارفهم الجغرافية بطبيعة الحال، ولكنهم خصوا الجغرافيا كعلم قائم بذاته بكثير من عنايتهم، فلم يكتفوا بترجمة أبحاث اليونان كـ"كتاب المجسطي لبطليموس" بل درسوها وزادوا عليها، وقاموا بالتجارب العديدة، فقاسوا محيط الأرض ورحلوا برًّا وبحرًا، وسجلوا ملاحظاتهم، ولعل مما دفع إلى تقدم علم الجغرافيا عند العرب:
 
1.  الفتوح؛ حيث يستلزم الفتح عادة معرفة الطرق والمسالك، وأماكن المياه وتموين الجيش، والمسافات الواقعة بين المراكز المدنية وما شابه ذلك، مع دراسة مشاكل البلاد الاقتصادية لجباية الضرائب ولإدارتها، والكتب في ذلك عديدة.
 
2.  الحج؛ فقد أخذ المسلمون يفدون إلى الحجاز ويطلعون على الطرق الموصلة إليه، وأحوال الجماعات التي يمرون بها، وقد سجل الكثيرون في ذلك.
 
 
3.  تدوين الأدب والتاريخ؛ فقد رحل العلماء إلى البادية يتتبعون أخبار القبائل وأقوالها، فدونوا خلال ذلك مشاهداتهم الجغرافية كما فعل الهمذاني في كتابه"صفة جزيرة العرب.) 2 (
 
4.  الرحلات؛ فقد كثرت الرحلة في العصور الإسلامية واشتهر عدد من الرحالين الذين دونوا مشاهداتهم حتى غدت كتبهم أحسن مصدر لنا عن أحوال عالم العصور الوسطى، والرحلة كانت لأسباب سياسية أو تجارية أو علمية أو حبًّا للرحلة والتعرف على الأراضي، ومن أشهر الرحالة ابن بطوطة وابن جبير.
 
 
5.  الترجمة؛ حيث لم يتجه المترجمون إلى علم واحد، بل نقلوا جميع ما عثروا عليه من كتب قديمة، فكانت من بينها كتب جغرافية)  3(.
فقد كان التأثير الهندي على الجغرافيا الإسلامية قد وصل عن طريق الفرس والتأثير اليوناني في المجال نفسه وصل عن طريق السريان، ويبدو الأثر الإغريقي كان أقوى كما هي الحالة الظاهرة في أغلب العلوم العقلية. ورغم هذا نجح المسلمون في تجاوز هذا التأثير كعادتهم بمراحل من حيث كمية الإنتاج، أو من حيث الموقف النقدي لذلك التراث الذي اطلعوا عليه من نظريات ونتائج. ومن ذلك أن الخوارزمي في كتابه"صورة الأرض" اقتبس كثيرًا من إنتاج بطليموس الجغرافي، ونقدَه وصححه وأضاف إليه، ومن ذلك أنه قسّم الأرض حسب درجات العرض إلى سبعة أقسام بينما قسّمها بطليموس إلى إحدى وعشرين منطقة، وصحح كثيرًا من مواقع المدن وتباعدها، وحددها بدقة عن طريق عمل جداول"أزايج" جغرافية، عين فيها درجات المواقع بالنسبة لخط الزوال"خط الطول الرئيس".   
 
ومما جاء في المصادر أن بواكير النهضة الجغرافية الإسلامية بدأت على يد" النضر البصري" الذي نشر معلوماته في كتاب سنة 123هـ، وكانت معلومات جغرافية بدائية، ولكنها كانت الخطوة الأولى الضرورية في الطريق العلمي الجغرافي الطويل. ([1])
 


)1 (  كتاب الإسلام في حضارته ونظمه الإدارية والسياسية والأدبية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية والفنية، أنور الرفاعي، ط3، دار الفكر، دمشق، 1406هـ، 1986، ص588.
) 2 (  المصدر نفسه ، ص589.
)  3(  المصدر نفسه ، ص590.
[1] . جهود العلماء المسلمين في تقدم الحضارة الإنسانية،خالد سليمان الخويطر،مكتبة الملك فهدالوطنية،1425هـ،2004م،ص127.
 
... يتبع...
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
أشهر الجغرافيين    كن أول من يقيّم
 
* أشهر الجغرافيين ومؤلفاتهم:
 
1.     ابن خرداذبه(ت232هـ) مؤلِّف كتاب" المسالك والممالك".
2.     أبو القواسم بن حوقل(ت367هـ) وكتابه هو"المسالك والممالك والمفاوز والمهالك" وزين الكتاب بكثير من الخرائط.
3.  شمس الدين أبو عبد الله البشاري المقدسي(ت380هـ) وكتابه"أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" مزيَّن بالخرائط وفيه وصف للعالم الإسلامي الذي زاره بنفسه.
4.  الإدريسي صاحب كتاب "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق" وهو أشهر جغرافيي العرب بسبب الكرة التي رسم عليها صورة للأرض مثبتـًا أن الأرض كروية،    وأهداها  لملك صقلية النورماندي وهي الآن في برلين.([1])
5.  ياقوت الحموي(ت626هـ) ولعله أول من صنف البلدان تصنيفـًا جيدًا كالمعاجم، وذكر أحوالها وتاريخها في كتاب "معجم البلدان".
6.     ابن جبير، وهو رحالة أندلسي له كتاب اسمه "رحلة ابن جبير".
7.  ابن بطوطة(ت777هـ) رحالة أندلسي وصل إلى روسيا وتركستان والهند والصين وجزيرة سرنديب ـ أي سيلان ـ وجزر أندونيسيا، ومر بالبلاد الإسلامية، وجمع مشاهداته بكتابه"تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"والمشهور باسم   "رحلة ابن بطوطة".
8.     الحسن بن محمد الوزان: من مواليد غرناطة بالأندلس، له كتاب " وصف أفريقيا وتاريخها ".(2)
9.  المسعودي: والذي أسهم كمؤرخ في الجغرافيا، وذكرت الدكتورة فتحية النبراوي في كتابها "تاريخ النظم والحضارة الإسلامية" أن المسعودي عرف الرياح الموسمية في المحيط الهندي وحدد مواعيدها ووصف أثرها على الملاحة.
10.     الكِندي: والذي قال بأن سطح البحر كروي كاليابسة.
11.  الأصطخري: ويُعَد أول عالم جغرافي ذا منهجية واضحة المعالم، وقد توفي عام300هـ ، وخلف لنا كتابه"المسالك والممالك" ذكر فيه أقاليم بلاد الإسلام وغيرها، وكان فيه دقيقـًا لم يعتمد فيه على النقل من غيره، وقد أحصى فيه كثيرًا من المدن والأنهار والجبال...إلخ(3)
12.  شهاب الدين أحمد بن ماجد السعدي النجدي(ت بعد 904هـ): وهو أبرز ملاح ٍ مسلم أنجبتـْه القرون الوسطى"المتأخرة"، وقد ترك لنا ترثـًا مكتوبًا ومنظومًا كما في كتابه "الفوائد في أصول البحر والقواعد" وفيه ترك لنا علوم البحر النظرية في الملاحة إلى جانب خبرته العملية في إرشاد البحارة بالعلامات ووصفه لشواطئ المحيط الهندي، وهو أول من اقترح فكرة شق قناة السويس.(4) 
13.  ثابت بن قرة الحراني: الذي يُعَد من أوائل المهتمين بالجغرافيا، وله مؤلفات قيمة حول الكسوف وعلته، وحركة الفلك، كما كتب شروحًا وتفسيرات على المجسطي لبطليموس، وله أرصاد قيّمة قام بها في بغدادَ وحسبَ حركة الشمس.([5])
14.  أبو عبيد الله محمد بن جابر البتاني: وهو من أهم جغرافيي القرن الرابع الهجري(ت317هـ ،929م)، وقد كان يدرس في مرصده حركات النجوم، ويطابق معلوماته على ما ورد في المجسطي والسند هند، ومن أشهر كتاباته "الزيج الصابئ" الذي حققه المستشرق نيللينو. ومن أعماله الهامة كتاب"الأطوال والعروض" التي كانت أساسًا للجداول الجغرافيةGeographical Tables التي وضعها المسعودي .
15.  البيروني: الذي استنتج أن سهول شمال الهند كانت قاع بحر رَدَمته الرواسب، ويفرق بين الخليج والمصب الخليجي، فيذكر أن الأول عبارة عن ذراع من البحر يتوغل في اليابس، وأن الآخر عبارة عن بئر غمرتها المياه، وفسّر حركة المد والجزر وربط بينهما وبين أوجه القمر.([6])
 

[1] . الإسلام في حضارته ونظمه الإدارية والسياسية والأدبية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية والفنية، أنور الرفاعي ، ص 592.
[2]. المصدر نفسه، ص593 .
3. جهود العلماء المسلمين في تقدم الحضارة الإنسانية، خالد خويطر، ص128.
 
4. المصدر نفسه، ص 130، 131.
[5]. كتاب تاريخ النظم والحضارة الإسلامية، د/ فتحية النبراوي، ط 18، دار الفكر العربي، القاهرة، 1429هـ ، 2008م،ص 203،204.
[6] . تاريخ النظم والحضارة الإسلامية، د/فتحية النبراوي، ص205.
*طماح
27 - يناير - 2010
المعاجم الجغرافية    كن أول من يقيّم
 
 
* المعاجم الجغرافية:
 
  وفي هذا المجال كان المسلمون أول من طرق فنها، وقد برع فيها أبو عبيد الله البكري من الأندلس(ت487هـ)، وقد وضع كتاب "المسالك والممالك" وله كتاب آخر اشتهر به وهو من أوائل المعاجم الجغرافية، وعنوانه"معجم ما استــُـعْجــِم"،  ومن أشهر المعاجم على الإطلاق "معجم البلدان" لياقوت الحموي، وقد تميز بالدقة والشمولية، وتناول بلاد الإسلام دون استثناء.([1])
 
*المصورات الجغرافية "رسم الخرائط":
 
    استطاع المسلمون نقل صورة الأرض على خريطة مسطحة ، وإن كانوا ليسوا الأوائل في هذا الفن، إلا أنهم أحدثوا فيه تطورًا نوعيًّا من حيث الدقة والشكل والأسس العلمية التي يقوم عليها رسم الخرائط مثل مقياس الرسم وتعيين خطوط الطول ودوائر العرض، ويرى بعض المؤرخين أن كلمة خريطة ليست عربية، وأنهم كانوا يسمونها سابقـًا "صورة"أو "ترسيم"...إلخ.([2])
ورسم العرب خرائط لأكثر الأماكن التي زاروها، وذكروا أن المقدسي زين كتابه بخريطة مثـّل فيها الأقاليم وحدودها وخططها، ولوّنها فجعل الطرق المعروفة بلون الحمرة، والرمال بصفرة، والبحار بالخضرة، والأنهار بزرقة، والجبال بغبرة، ولم تصلنا الخريطة.
و الخريطة المأمونية , اجتمع على صنعتها عدد جغرافيي عصره فقامت كل الخرائط التي رسمها مارينوس و بطليموس و غيرهما من القدامى و كانت مصورة بأنواع الأصباغ .
و لم يكتفِ العرب برسم الخرائط البرية , بل رسموا كثيرًا من الخرائط البحري للبحار التي جابوها , و قيل إن العرب أول من رسم الخرائط البحرية .
 
 
* الآلات الجغرافية:
 
*    البوصلة: وكان أول ذكر لها في القرن الخامس الهجري،ويستخدمها معظم الملاحين.
*  آلة الكمال: لتحديد مواقع النجوم، وهي عبارة عن خشبة مربعة مدرجة توضع بشكل عمودي في وجه الراصد ويسحب منها خيط فيه عدة عقد، ويتم الرصد بتحريك ذلك الخيط مع موازنة تلك العقد مع ما في الخشبة من هيئة نجوم للتعرف على موقعها في قبة السماء.
*    آلة السدس البحري: لتحديد ارتفاع الأجرام السماوية ليلا في لجة البحر.
*    آلة الذبّان: عبارة عن قصبة، وقد ورد ذكرها عند العلامة أحمد بن ماجد في كتابه الفوائد.([3])
 
*الاكتشافات الجغرافية و المعلومات العامة :
 
-عرف العرب كروية الأرض, و قاسوا أبعادها في عهد المأمون بطريقة لم يسبقهم إليها أحد.
 
-اتخذوا إحدى جزر الباليار مبدءًا لخطوط الطول.([4])
 
ـ كان المسلمون أول من ربط العلوم الفلكية بالجغرافيا، وذلك بأن سخروا العلوم الفلكية في جهودهم الجغرافية خاصة في الملاحة البحرية.
 
ـ وهم أول من قسّم العالم إلى سبعة أقاليم حسب دوائر العرض، والذي قام به الخوارزمي.
 
ـ كان أبو زيد البلخي(ت315هـ) أول من ربط بين المعلومات التاريخية والجغرافية على الخريطة، وأول من وضع أطلسًا عربيًّا .
 
ـ وهم أول من طرق التصنيف في المعاجم الجغرافية كـ "معجم ما استـُعجـِم" للبكري، و "معجم البلدان" لياقوت الحموي.
 
ـ ومنذ سنة 550هـ كان المسلمون أول من رسم خرائط صحيحة ودقيقة قائمة على مقاييس الرسم.
 
ـ أول من درس الجغرافيا الاجتماعية العلامة ابن خلدون في مقدمته الشهيرة، وذلك سنة 800هـ.([5])
 
ـ عرفوا أوروبا الشمالية قبل الأوروبيين، وعرفوا النصف الجنوبي من إيطاليا معرفة دقيقة، وحددوا القارة الأفريقية، وعرفوا المحيط الأطلنطي وسمَّوه بحر الظلمات.([6])


[1] .جهود العلماء المسلمين في تقدم الحضارة الإنسانية، ص132، 133.
[2] . جهود العلماء المسلمين في تقدم.......، ص136.
[3] .جهود العلماء السلمين........، ص138، 139.
[4] . كتاب الإسلام في حضارته ونظمه...... ،ص 594.
[5] . جهود العلماء المسلمين......، ص139، 140.
[6] .تاريخ النظم والحضارة الإسلامية، د/فتحية النبراوي، ص205.
*طماح
27 - يناير - 2010
الخاتمة    كن أول من يقيّم
 
(الخاتمة)
  
وهكذا نرى أن باع المسلمين طويل في العلوم المختلفة، وهذا العلم ـ أي علم الجغرافياـ جزء لا يتجزأ من كل تلك العلوم، ومع أن العرب اقتبسوه من الأمم القديمة العريقة كاليونان إلا أنهم لم يكتفوا بما أخذوه بل درسوه فزادوا عليه، وبذلك كونوا لأنفسهم بصمة يشهد لهم العالم بها.
 
و نرى جهود الجغرافيين المسلمين في حفاظهم على التراث الجغرافي القديم، و دورهم في إقامة هذا العلم على أسس من التجربة والملاحظة والابتكار أسهمتْ في تطوير الفكر الجغرافي الأوروبي مما أدى إلى نجاح حركة الكشوف الجغرافية.([1])
 
وعلينا أن نحاول استعادة أمجاد الماضي بالطموح والإرادة والمثابرة والتحدي حتى تبزغ شمسنا من جديد. 
 
 
هذا والله ولي التوفيق
طمّاح الذؤابة


[1] . تاريخ النظم والحضارة الإسلامية، د/ فتحية النبراوي، ص 206.
*طماح
27 - يناير - 2010