البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الفلسفة و علم النفس

 موضوع النقاش : غواية العشق ووهم الوصال    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )

رأي الوراق :

 عبدالرؤوف النويهى 
20 - يناير - 2010
ترددت كثيراً وكثيراً جداً ..فى نشر كتاب يتحدث عن الموت ، فكل دقيقة وكل ساعة نرى الموت يحصد الأرواح
 
فالموت على رقاب العباد لامهرب منه ولامفر.
 
هذا كتاب عن الموت الذى نخشاه وهو لنا بالمرصاد.
أعددته للنشر ..ولكنى أتراجع خطوة بعد خطوة .فى طرحه بالأسواق.
 
كان كتاباً عن" قمر "ماتت منذ ثلاثين عاماً  ..وعن" قمر"آخر ماتت منذسنوات ، فى بلد بعيد ،وفى ذكراهما  ،أضع زهرة على قبر الأولى ،وأضع  زهرة فى البحر علّها  تصل إليها فى مستقرها ، بقارة صغيرة فى المحيط..
 
سأجازف بنشره  فى الوراق .
فالحياة غواية لاتنتهى والموت وصال لن يدوم .
 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
أيها الفتى من قرية الحمير    كن أول من يقيّم
 
23- أكرمان

مع مرور الوقت تتضح للمرء الحقيقة: من تعلم الكثير, أجاد التعبير. أن أقوالك حلوة معسولة, أستسيغ بعضها الآن بسهولة. الا أنه لو كان لابد من محو الفرح والحب واللذة والمتعة من الدنيا, لكانت الدنيا حينئذ على أسوأ حال. اننى أستند فى رأيى هذا الى الرومان, فقد جربوا بأنفسهم وعلموا أطفالهم أن يحافظوا على السعادة والسرور, وأن يتباروا ويتبارزوا ويتسابقوا فى الجرى والقفز. وأن يمارسوا مختلف الفنون التربوية الراقية فى أوقات فراغهم, وذلك بقصد أن يتجنبوا السوء ويبتعدوا عن الشرور, حيث ان العقل الانسانى لايستطيع أن يقف مشلولا, فقد أخذ على النسيج طول الوقت, اما خيرا أو شرا, فهو لايكف حتى فى النوم عن عمله ونشاطه. فلو جردناه من الأفكار الطيبة, فسوف تتزاحم عليه الأفكار السيئة: خروج الصالح يعنى دخول الطالح, والعكس بالعكس. ولابد أن يستمر هذا التغيير حتى نهاية الدنيا. فمنذ أن خلت الدنيا من السرور والعفة والطهارة والحياء والحشمة وغيرهم من الفضائل والمحامد,_ منذ ذلك امتلآت الدنيا بمزيد من الخبث والفضائح والغدر والخيانة والسخرية, وهذا ماتراه كل يوم.
فاذا استلزم الأمر أن أطارد ذكرى محبوبتى الغالية من رأسى وعقلى, فسوف تعود اليه أفكار السوء, وذلك هو مايزيد من تشبثى الى الأبد بذكراها . اذا تحول الحب الكبير الى حزن عميق, فمن ذا الذى يستطيع أن ينسى ذلك بمثل هذه السرعة؟ لايفعل ذلك الا الفاسدون. أما الأصدقاء المخلصون فهم دائما يفكرون فى بعضهم. ومهما بعدت المسافات, وطالت السنوات, فهى لاتفرق بين الأرواح المؤتلفات, واذا كانت زوجتى قد ماتت بالجسد, فأنها تعيش فى ذاكرتى الى الأبد.
فيا أيها الموت: لابد أن تخلص فى نصحك, اذا أردت أن تؤتى نصيحتك ثمارها, والا فأناصبك العداء والخصام, فأنت طائر الخراب والظلام.



24- الموت


عاقل كل من لايبالغ فى فرحه عند الربح, ولايتمادى فى حزنه عند الخسارة. وهذا مالاتفعله أنت. من يطلب النصيحة ولاينتصح فلا داعى لنصحه, وليس لنصيحتنا الصادقة أثر لديك. وسواء تألمت أم سعدت, فأننا نريد أن نصارحك بالحقيقة, وليسمعها كل من أراد.
أنت تريد بعقلك الحائر, واحساسك القاصر, وقلبك الشاغر, أن تجعل من الانسان أكثر مما هو عليه قادر. اعتبر الانسان كما تشاء أن تعتبره, انه لايستطيع أن يكون بأكثر مما أقوله لك_ مع احترامى لكل السيدات الطاهرات: الانسان وليد خطيئة, يغذى فى بطن أمه بقاذورات غير طاهرة, ثم يولد عاريا ملوثا مثل خلية ( سلة) النحل, فهو عبارة عن كومة حثالة, وبرميل زبالة, وطعام للديدان, وموطن للآعفان, وطشت غسيل مقرف, وجيفة نتنة, وصندوق عفن, وزكيبة دون قاع, وحقيبة ذات ثقوب, وكور منفوخ, ومزرد طماع, ومبولة كريهة الرائحة, وسطل تفوح منه المكاره, وضوء دمية خداع, ومنزل من الطين يسكنه اللصوص, ووعاء أطفال لايقنع, وخيال مرسوم. ألا فليعلم, من أراد أن يعلم: أن للإنسان كامل النشأة تسع فتحات فى جسده, وتنساب منها جميعا أقذار كريهة نجسة, تفوق فى نجاستها كل شىء. انك لاتستطيع أن ترى انسانا كامل الجمال. فلو كانت لديك عيون الفهد الثاقبة واستطعت أن تبصر داخل الانسان, فسوف تشمئز نفسك ويقشعر بدنك, واذا كشفت عن أجمل سيدة حجابها, ونزعت عنها طلاءها, فسوف ترى دمية حقيرة, وزهرة سرعان ماتذبل, وبريقا لايدوم, وكتلة طينية سرعان ماتتفكك وتذوب. واذا أمكنك أن تذكر لى عدة جميلات من بين الحسناوات اللاتى عشن منذ مائة سنة_ باستثناء المرسومات فى لوحات_ فإنك تفوز منى بتاج القيصر. فلا تعبأ بشىء, وانس الحب والأسى, دع نهر الراين يجرى كالأنهار الآخرى, أيها الفتى الحكيم من قرية الحمير.!!
 
*عبدالرؤوف النويهى
20 - يناير - 2010
هجاء الموت    كن أول من يقيّم
 
25- أكرمان

خسئت يامنبع العار والشنار. كيف يتأتى لك أن تحطم الانسان, وتسىء معاملته, وتجرده من الشرف , وهو المخلوق النبيل, بل وأحب مخلوقات الله إليه؟ إنك بذلك تطعن فى الخالق. لقد أدركت الآن_ والآن فقط_ إنك كذاب أشر, ولم تخلق فى الجنة كما تدعى. فلو كنت من أهل الجنة, لعرفت أن الله أحسن خلق الإنسان وكل الأشياء, ثم رفع الانسان فوق كل شىء قدرا, ومنحه السيادة عليها جميعا, وجعلها تخضع له وتنقاد. ومن ثم يسيطر الانسان فعلا على الحيوانات فى البر, والسمك فى البحر, والطيور فى الجو, والفواكه والثمار على كل الأشجار. فلو صح قولك بأن الانسان حقير, نجس , شرير_ فمعنى ذلك أن الله لم يحسن الخلق والتدبير. ولو صح قولك بأن يد العلى القدير قد خلقت الانسان دنسا نجسا_ كما تدعى_ لكان خالقا مهينا. وعليه فلا يتناسب ذلك مع القول بأن الله أحسن خلق الأشياء كلها, ثم فضل الإنسان عليها جميعا.
أيها الموت, دعك من هرائك الذى لايسمن ولايغنى من جوع. أنك تفضح ألطف مخلوقات الله. فالملائكة والشياطين وعفاريت الغابة وطيور الموتى_ كلها أرواح نفاها الله, أما الإنسان فهو أنبل خلق الله, وأمهرهم, بل وأكثرهم حرية. أحسن الله تكوينه ليكون شبيها به, على حد تعبيره سبحانه وتعالى يوم خلق الدنيا.
فأنى لنا من صانع أجاد صنعه وخلق عملا يتميز بهذه الدقة وتعدد الجوانب؟ أو صنع كرة صغيرة تضاهى فى فنها رأس الإنسان؟ إن ذلك الرأس يحتوى على قوى فنية عجيبة, تعجز كل الأرواح عن فهمها وإدراكها.
ففى مقلة العين نجد الإبصار, وهو أهم شاهد ودليل, وقد ركب تركيبا فنيا على طريقة المرآة, ويصل فى مداه حتى عنان السماء. وفى الأذنين تكمن حاسة السمع التى تصل الى أمد بعيد, وهى بديعة الخلق وتحميها جلدة رقيقة وهى تستقبل وتميز بين الأنغام الخلابة الساحرة. والأنف يحتوى على حاسة الشم, وله فتحتان لدخول الروائح وخروجها, وهو مزود بالإحساس اللازم للتمتع بالروائح الطيبة العطرة.
وفى الفم نجد الأسنان, وهى تطحن كل يوم غذاء الآبدان, ثم نجد اللسان, وهو صحيفة رقيقة, تفصح للإنسان عن رأى غيره من الخليقة. وهناك أيضا حاسة التذوق لمختلف الأطعمة. أضف إلى ذلك أن الرأس هو أيضا متلقى الأفكار الواردة من أعماق القلب, والتى يصل بها المرء بسرعة إلى حيث يريد, ويحلق بها فى السماء, بل ويصعد إلى مابعدها. ثم تميز الإنسان دون غيره بالعقل وهو كنز الكنوز. والإنسان هو وحده المخلوق الذى لايقدر على خلقه سوى الله, هو آية الله فى خلقه, أحكم تركيبه بمهارة وفن وإجادة. كفى هذرا, أيها الموت. إنك عدو الانسان , ومن ثم فأنت لاتذكره بخير.






 
 
*عبدالرؤوف النويهى
20 - يناير - 2010
التماس العون    كن أول من يقيّم
 
الفصل الرابع

فلاح بوهيميا و محاكمة الموت

26- الموت

مهما زاد العتاب واللعن والسباب, أو حتى التمنى والرجاء, فإنهم لايملآون كيسا ولو كان صغيرا. يضاف الى ذلك : أن الجدال مع كثيرى الكلام لاينفع. فلنبدأ برأيك القائل بأن الإنسان مزود بكل أنواع المعرفة والجمال والكرامة. رغم ذلك لابد من وقوعه فى شباكنا ولامفر له من خيوطها. أن علم النحو_ وهو أساس كل حديث بليغ_ لايساعدة بكل مافيه من حسن البيان ودقة التعبير_ وعلم البلاغة وهو النبع الفياض لكل أحاديث التملق_ لايساعده أيضا بتعبيراته الوردية ذات الألوان الجذابة. وعلم المنطق_ وهو أعدل سيف يفصل بين الحقيقة والزيف_ لاينفع أيضا رغم أسلوبه الملتوى وطرقه المعوجة فى التضليل عن الحقيقة. والهندسة_ وهى التى تكشف معالم الأرض وتقدرها وتقيسها_ لاتجدى هى الأخرى بقياسها السليم وتقديرها القويم وعلوم الرياضة بتنظيمها الدقيق للآعداد, لاتنفع رغم حساباتها وعدها وحصرها ورموزها.وعلم الفلك_ المسيطر على الكواكب_ لاينفع أيضا فى مثل هذا الوضع, ورغم قوة نجومه وتأثير كواكبه السيارة. والموسيقى_ وهى الذراع الأيمن للصوت والمغنى_ لاتجدى رغم حلاوة أنغامها ورقة أصواتها. والفلسفة_ وهى حقل الحكمة الخصيب, الذى حرث طولا وعرضا وغرست فيه أنواع المعرفة لتثمر أطيب العادات _ لافائدة عندئذ فيها, رغم كمال نباتاتها. كذلك لاتجدى: الطبيعة رغم مشروباتها المفيدة فى حالات عديدة, والتنجيم الذى يجيب بمهارة على كثير من التساؤلات الدنيوية بمساعدة تحديد مسار الكواكب وعلامات النجوم فى القبة السماوية, وكشف الطالع الذى يزيح الستار عن المستقبل عن طريق استطلاعه فى المياه, والفلك هو المفسر للأحداث الدنيوية بمساعدة الظواهر السماوية, وقراءة الكف ومعرفة أسرار اليد من تقاسيم سطحها الداخلى, والسحر بتحضيره لأرواح الموتى وطلاسمه المبهمة, والتعزيم والشعوذة بطلاسيمها وترانيمها وتوسلاتها الفعالة, والكاهن المتفهم للغة الطيور وبذلك يتنبأ فعلا بمستقبل الأمور, وعراف المستقبل عن طريق ذبائح القربان, والسحر بأمعاء الأطفال وأحشاء الطيور البرية, ورجل القانون_ ذلك المتدين المنعدم الضمير_ لايجدى هو الآخر رغم قلبه لأوضاع الحق والباطل ورغم أحكامه المعوجة.
كل هذه الفنون ومايتصل بها لاتنفع فعلا: لابد أن نحصد كل إنسان, ونطحنه فى ماجورنا, ثم نصفيه وننقيه فى برميلنا..... صدقنى, أيها الفلاح المتغطرس.





27- أكرمان

لايصح أن يقبل المرء الإساءة بالإساءة , بل ينبغى أن يتحلى الإنسان بالصبر ويتحرى تعاليم الفضيلة. وأريد أن أشق هذا الطريق, فربما تقلع عن ثورتك وتتوخى الصبر وطول البال.
وكما فهمت من حديثك, فأنت تدعى أنك تخلص لى النصيحة. وإذا كنت فعلا تعرف الاخلاص, فأرجو أن تنصحنى بإخلاص, كما لو كنت قد قطعت على نفسك عهدا بذلك: كيف أخطط الآن لحياتى؟ عشت سابقا فى ظل الحياة الزوجية البهيجة,فأى وجهة أتجه الآن؟ هل أسلك سبيل الدنيويين من بنى الإنسان أم أختار طريق الرهبان؟ فالطريقان أمامى مفتوحان. لقد فكرت فى حياة بعض الناس, ووزنتها وقيمتها بمنتهى العناية والاحتراس: فوجدتها كلها غير كاملة, على الانهيار مقبلة, وفى الخطايا نازلة. اننى فى حيرة من أمرى, فإلى أين أتوجة, لاأدرى...... إن الإنسان فى أى وضع ومكان, مكتوب عليه الهوان. أيها الموت, عليك بالنصيحة, فهذا وقتها. إننى أجد , بل وأظن وأعتقد, أنه لن يعود لى فعلا مثل ماافتقدت من بيت طاهر وإنسان بحب الله ظافر. أقسم لك بروحى:لو كنت أدرى أننى سأوفق فى الحياة الزوجية كما كنت , لما ترددت أن أعيش فى كنفها مهما امتد بى العمر. فالرجل الذى رزق بزوجة صالحة, هو رجل متمتع سعيد, منشرح الصدر, معتدل المزاج, أينما كان وحيثما وجد. مثل ذلك الرجل يجد متعة فى السعى وراء لقمة العيش, وفى الطموح إلى المجد والشرف , كما أنه يشعر بالسعادة فى أن يدفع الشرف بالشرف, ويقابل الاخلاص بالاخلاص, ويجازى الحسنة بالحسنة. إنه ليس فى حاجة أن يحرس زوجته, لأن أحسن حراسة ورعاية هى التى تمارسها السيدة الفاضلة بنفسها. فمن لايصدق زوجته ويثق فيها, دامت الهموم له صديقا والمنغصات رفيقا.
يا إله السموات العلى, ويامن بيده مقاليد السعادة الروحية, هنيئا لمن أنعمت عليه بزوجة فى مثل ذلك الطهر والنقاء..... عليه أن يتجه بقلبه الى السماء, رافعا يديه لك دائما بالشكر والثناء.
أما أنت أيها الموت_ ياصاحب النفوذ الواسع, فافعل خير ماتستطيع.

 
 
*عبدالرؤوف النويهى
20 - يناير - 2010
فاضحو النساء لابد وأن يفضحوا    كن أول من يقيّم
 
28- الموت

تعود كثير من الناس على المغالاة فى المدح أو المبالغة فى القدح, عندما يريدون تنفيذ أمر من الآمور_ لكن يجب أن يعرف المدح أو القدح حد الاعتدال, ليطابق مقتضى الحال.
فأنت تمتدح الحياة الزوجية مدحا يفوق كل حد. لكننا نريد أن نحدثك عنها. وبغض النظر عن النساء الطاهرات نرى أنه بمجرد أن يتزوج الرجل, فقد دخل هو وزوجته السجن لدينا. عليه عندئذ واجبات ومسئوليات وتبعات, كأنه يجر زلاقة, وفى رقبته طوق وزناق, تثقل كاهله الأعباء والمشاق, التى لايستطيع التخلص منها طبقا للقانون, طالما لم نمنحه رضانا( أى نتوفاه). لايخلو بيت المتزوج كل يوم من الرعد والعواصف الثلجية, والذئاب والثعابين. فالمرأة تطمع دائما أن تكون هى رجل البيت ( لها اليد العليا): اذا أراد النهوض, فضلت القعود, واذا أراد هذا, أرادت ذلك, واذا أراد شرقا, أرادت غربا. وكل يوم تتكرر هذه المأساة, فيشعر فيها بغلبه وأساه, ان المرأة تستطيع فى لحظه واحدة أن تخدع وتمكر وتتملق وتهذى وتلاطف وتزمجر وتضحك ثم تبكى, فكل ذلك فى دمها. هى فى ساعة العمل سقيمة, وفى أوقات المتعة سليمة, ثم وديعة أو متوحشة حسب ظروفها. هى فى غنى عن أى مساعدة, اذا أرادات المعارضة..... اذا أمرت بشىء تركته, واذا نهيت عن شىء فعلته. فلا يعجبها العجب: اذ تجد شيئا شديدا فى حلاوته, وآخر زائدا فى مرارته, هذا أكثر من اللازم, وذاك أقل من اللازم, هذا قبل الأوان, وذاك بعد فوات الأوان. وهكذا تعيب على كل الأمور..... فاذا حدث وامتدحت شيئا, فانها تعيد فيه وتزيد . حتى المدح والثناء لايخلو من السخرية والهجاء. أما الزوج فلا ينفعه أى حل وسط: فان كان طيبا مسالما, أو قاسيا صارما, فهو فى كلا الحالتين ملام. حتى اذا مزج الطيبة بالشدة, فليس هناك من حل وسط, لآن الأمر ينتهى به دائما الى سوء الجزاء. فى كل يوم طلب جديد, أو خناقات وتهديد, فى كل أسبوع عناد أو عكننة , فى كل شهر سيئات وبدع أو رعب وفزع, فى كل عام ملابس جديدة أو مشاحنات يومية_ كل ذلك يواجهه الرجل المتزوج, مهما فعل. ولنسكت عن مآسيه فى لياليه, فنحن نستحى لكبر سننا. ولولا حرصنا على الترفق والرحمة بالسيدات المحصنات لكنا نضيف الكثير ونحكى الوفير عن غير الفاضلات. عليك اذن أن تنتبه وتعرف ماذا تمدح..... فأنت لاتستطيع أن تميز بين الذهب والرصاص.


29- أكرمان

" فاضحو النساء لابد وأن يفضحوا"_ هكذا يقول الحكماء العارفون. فلماذا دهاك اذن أيها الموت؟ ان مسبتك الهوجاء للنساء, حتى ولو كانت بعد استئذانهن, هى فى الحقيقة عار عليك, واهانة لهن.
نجد فى مؤلفات بعض الحكماء أن المرأة اذا لم تأخذ بزمام الآمور وتوجه دفة السفينة, فلا يمكن أن أن يصل الزوج الى بر الآمان, أو يشعر بالسعادة والاطمئنان. فالزوجة والأطفال هم جزء غير يسير من السعادة فى الدنيا. وعلى ضوء هذه الحقيقة فاضت الفلسفة الحكيمة بالسلام على روح حكيم المواساة الفيلسوف الرومانى بوتيوس. وشاهدى على ذلك هو كل عاقل حكيم ومفكر عظيم: لاوجود لرجل عفيف طاهر الا فى كنف سيدة طاهرة عفيفة. وليتقول القائلون كما يريدون. فالمرأة المؤدبة الجميلة صاحبة الصون والعفة أفضل من أى سعادة دنيوية أخرى.
ليس هناك رجل ذو رجولة حقة, دون أن يكون وراءه امرأة. وكلما اجتمع عليه القوم فى أى مناسبة_ فى كل ميدان وكل بلاط وكل سباق وكل تحركات الجيش_ فأن المرأة تبلى أحسن البلاء. أن من يقوم على خدمة النساء( يتغنى بهن مثل الشعراء) لابد وأن يكون طاهر السريرة, مبتعدا عن كل إثم وجريرة.
فالفاضلات لهن مدرسة يغرسن فيها الشرف والتربية القويمة. والنساء تمتلكن زمام السعادة الدنيوية: هن حريصات على شرفهن , كما أن مجرد اشارة تهديد من إصبع امرأة طاهرة, يعتبر تربية للرجل وعقابا أمضى من أى سلاح. وبالاختصار ودون محسنات : ان المحصنات من النساء هن سر بقاء الدنيا وتكاثرها وثباتها.
ومع ذلك فلابد من وجود الرصاص الى جانب الذهب, والزمير الى جانب القمح, والعملات المزيفة الى جانب الحقيقية, والفاجرات الى جانب المحصنات. الا أنه لايصح أن نجازى الصالح بذنب الطالح. صدقنى فى ذلك, ياوحش الجبل!!!
*عبدالرؤوف النويهى
20 - يناير - 2010
الاحتكام إلى الله    كن أول من يقيّم
 
30- الموت

أحمق هو من يعتبر كوز الذرة كتلة ذهب, والعظم ياقوتا أصفر, والزلط ياقوتا أحمر, ومغفل مخبول هو من يعتبر الحطب حصنا, ونهر الدانوب بحرا, والصقر بازا. وها أنت تمتدح مايفتن العيون, دون أن تفكر فى المسببات, ذلك لأنك لاتدرى أن كل شىء فى هذا الكون عبارة عن شهوة الجسد أو شبق العيون وطمعها, أو زهوة الدنيا وخيلائها. فأما شهوة الجسد فهى تبتغى المتعة واللذة, وأما شبق العين وطمعها فهو يشتهى التملك والثراء, وأما زهوة الدنيا وخيلاؤها فهى تطمع فى المجد والشرف. ثم ان الامتلاك يجلب الجشع والطمع, واللذة تذهب بالحياء, والمجد يصاحبه الغرور والخيلاء. أما النتيجة الحتمية للثراء فهى الجشع والفزع, كما أن عاقبة اللذة هى الشر والخطيئة, والمجد والشهرة يأتيان بالزهو والكبرياء. فلو كان بامكانك ادراك ذلك, لكنت تلاحظ مابالدنيا كلها من غرور وخيلاء. وعندئذ تتحمل راضيا ماقد يصيبك من أفراح وأحزان وتكف عن لومنا وعتابنا.
ألا أنه لو كان الحمار يجيد اللعب على القيثارة, لاستطعت أنت أيضا أن تدرك الحقيقة. ولذلك فنحن فى قلق عليك شديد. إننا عندما فرقنا بين الفتى بيراموس ومحبوبته تيسبى , وكانا عبارة عن قلب واحد وروح واحدة, وعندما انتزعنا من الاسكندر سيطرته وسلطانه الواسع, وعندما حطمنا باريس أمير طروادة, ومعبودته هيلينا اليونانية_ عندما فعلنا كل ذلك , لم نصادف من اللوم مثل مانلنا على يديك الآن. بل لم يصبنا الكثير من المتاعب والمضايقات, عندما قبضنا على روح القيصر كارل, والشريف فيلهيم ( وليام),ديتريش فون بيرن, بوب المتين, سيجفريد الحصين. ومع أن كثيرا من الناس تنعى حتى اليوم موت أرستطاليس وابن سينا, فلم يتعكر لنا صفو. بل إنه عندما توفى الملك القاهر داود, وتوفى سليمان الحكيم, فقد حصدنا من الشكر مايزيد عن اللعنات. لقد مات كل من سبقهم من السلف, وسيموت كل من جاء بعدهم من الخلف, كما أنك وكل من يعيش اليوم أو مستقبلا, لابد وإنكم بهم لاحقون, وعلى دربهم سائرون. أما نحن_ الموت_ فنظل السيد السائد فى الكون.


31- أكرمان

كثيرا مايوقع الحديث صاحبه فى الشرك, خصوصا إذا أدلى المتحدث الآن بأقوال تخالف أقواله بعد قليل. سبق أن قلت إنك شىء وفى نفس الوقت لاشىء, وإنك لست روحا, ولكنك نهاية الحياة, وأن البشر جميعا تحت وصايتك. أما الآن فأنت تقول: لابد وأن نفنى جميعا, الاأنت أيها الموت, فستبقى السيد السائد. هذان قولان متعارضان, ولايمكن أن تثبت صحتهما فى آن واحد. إن صح أننا جميعا نفارق الدنيا, وإن كان للحياة الدنيا لابد من نهاية, وأنت تمثل _ على حد قولك_ تلك النهاية, فإننى ألفت النظر إلى الملحوظة الآتية: إذا لم تكن هناك حياة, فلن يوجد اطلاقا موت أو وفاة, فإلى أين تذهب إذن أيها السيد الموت؟ أنت لاتستطيع أن تقيم فى الجنة, فهى مكتوبة للأرواح الطاهرة الصالحة, وأنت لست روحا كما تقول بنفسك. فعندما تنتهى مهمتك على الأرض, ثم تفنى الأرض , لابد إذن أن تشق طريقك مباشرة إلى النار, وبداخلها لابد وأن تتعذب بلا نهاية. وفى ذلك انتقام للأحياء والأموات منك. إن حديثك المتغير لايمكن أن يهتدى به أحد.
هل يعقل أن تكون كل الأشياء الدنيوية قد خلقت شريرة, بائسة يائسة, عاطلة باطلة؟ إن الخالق الخالد ماكان ليسمح بذلك أبدا. فمنذ بدء الخليقة للآن يحب الله الفضيلة, ويكره الشر والرذيلة, ويغفر الخطايا أو يعاقب عليها. وأنا أعتقد أنه مازال يفعل ذلك دائما وأبدا. اننى منذ صباى وأنا أستمع لما يقرأ, ثم تعلمت أن الله هو خالق كل شىء فى الدنيا, وأنت تقول بأن الحياة والكينونة لابد وأن تفنى وتزول. بينما يقول أفلاطون وغيره من الحكماء إن فناء شىء يشتمل على مولد شىء آخر, وأن كل الأشياء قامت على أساس البعث من جديد, وأن أحداث الأرض والسماء متجاوبة الأصداء, وتؤثر إحداها فى الأخرى باستمرار. لقد أردت بحديثك المزعزع المتقلب_ الذى لايمكن أن يعتمد عليه أحد_ أن تفزعنى لأتراجع عن شكواى. ولذلك أحتكم معك إلى الله, فهو ملاذى, أيها الموت المهلك المضلل, فليصب الله عليك غضبه.
 
 
*عبدالرؤوف النويهى
20 - يناير - 2010
الوقوف بين يدى الله    كن أول من يقيّم
 
32- الموت

فى كثير من الأحيان لايستطيع الانسان أن يكف عن حديث بدأ فيه, إلا إذا قاطعه غيره. وتنطبق عليك هذه القاعدة. لقد سبق أن قلنا, ومازلنا نقول حتى تصل بالحديث الى نهاية:إن سنة الحياة الدنيا بكل مافيها هى الفناء والزوال. وفى وقتنا هذا تغيرت معايير الدنيا, وانقلبت الأمور وأوضاعها: فصارت المؤخرة فى الأمام, والمقدمة فى الوراء, وانخفض الجبل, وارتفع الوادى, وأصبح الباطل حقا لدى أغلبية الشعب, لقد رميت بالجنس البشرى كله إلى نار جهنم الموقدة. أصبح من شبه المستحيل فى هذه الدنيا أن يعيش المرء على بصيص من النور يهتدى به, أو يجد صديقا صدوقا دائم الاخلاص. أصبح الناس جميعا أكثر ميلا إلى الشر منه الى الخير. فاذا عمل أحدهم اليوم عملا طيبا, فإنما يفعله خوفا منا. أصبح الناس جميعا مغرورين بأعمالهم. إن أجسادهم وزوجاتهم وأطفالهم وأمجادهم وممتلكاتهم وكل ثرواتهم_ هذه كلها الى زوال: ففى لحظة واحدة تفنى وتزول, تذروها الرياح, فلا يبقى أثر فى المظهر أو المخبر.ألا فلتلاحظ وتدرك, وترى وتتحقق من نوايا أبناء آدم اليوم: فهم يعيثون فى الأرض, ينقبون فى الوادى والجبل,فى الخشب والصخر, فى الحقول والبرارى والغابات, فى قاع البحر وبطن الأرض_ بحثا وراء متاع الدنيا. وهم يملآون جوف الأرض بالأنفاق والخنادق ويقطعون أوصال الأرض وعروقها, باحثين عن التربة البراقة(الذهب) التى يحبونها لندرتها أكثر من أى شىء. وهم يقطعون الأخشاب ليقيموا منها الحوائط والمخازن والبيوت, كما تفعل العصافير. وهم يزرعون الحدائق ويطعمون أشجارها, ويفلحون الحقول, ويغرسون الكروم, ويبنون المطاحن, ويرفعون العوائد والضرائب , ويمارسون الصيد فى البر والبحر والجو, ويسوقون قطعان الماشية, ويمتلكون كثيرا من الخدم والجوارى, ويمتطون صهوات الجياد, ويختزنون ويكنزون صناديق الدهب والفضة والأحجار الكريمة والثياب الفخمة, ويحافظون على الشهوات والملذات ويسعون وراءها ليلا ونهارا. فماذا يعنى كل ذلك؟ كله غرور وخيلاء يصدر عن نفوس مريضة. كل شىء زائل زوال نهار أمس, وهم يحصلون على ذلك كله عن طريق الحرب والسرقة والنهب , فكلما زادت الامتلاكات, دل ذلك على كثرة السرقات. ثم هم يتركونها وراءهم لتسبب النزاع والعراك والخلاف والشقاق. أواه, أن بنى الانسان يعيشون دائما فى مخاوف وكدر,فى أحزان وهموم, فى خوف وفزع, فى فترات ألم, وأيام مرض, فى حزن ونكد, فى تعاسة وشقاء, وكرب وبلاء, وفى مختلف المكاره والشدائد. وكلما زادت عقارات الانسان, كثرت لديه الآحزان . يضاف الى ذلك أمر من أخطر الآمور, وهو أن الإنسان لايدرى متى وأين وكيف ننقض فجأة علية ونزج به فى طريق الأموات. وهذا الهم لابد وأن يقع تحت طائله السيد والمسود, الذكر والأنثى, الغنى والفقير, الطيب والشرير, حديث السن والطاعن فيه_ واأسفاه , كم يجهل الأغبياء ذلك, وبعد فوات الآوان, يريدون جميعا الصلاح والايمان. وكل ذلك خيلاء فوق خيلاء, وتحميل للنفس بالأعباء.
ولذلك فلنترك الشكوى, وتنضم لأى طبقة تهوى, فسوف تجد فى كل منها العيب والغرور. ومع ذلك فعليك أن تربأ بنفسك عن المساوىء والشرور, وتفعل الخير وتنشد الهدوء والسلام, وتتمسك به على الدوام, ولتحب نقاء الضمير وصفاءه أكثر من حبك لكل متاع الدنيا. لقد أخلصنا لك النصيحة, والآن نقف معك بين يدى الله, الخالد, الكبير, ذى القوة المتين.
*عبدالرؤوف النويهى
20 - يناير - 2010
صوت الحق    كن أول من يقيّم
 
صوت الحق في حق الموت

33

الربيع والصيف والخريف والشتاء_ وهم قوام السنة ومحيوها الأربعة_ اختلفوا فيما بينهم وتنازعوا أمرهم. أخذ كل منهم يتباهى بحسن نواياه, ويبرر حالات المطر والرياح والرعد والرذاذ, وكل مظهر من مظاهر سوء الأحوال الجوية, كما أراد كل منهم أن يبز الآخرين فيما يفعل.

فقال الربيع إنه يبعث الحياة فى كل الثمار, ويجعلها كثيرة وفيرة. وقال الصيف إنه ينضج الثمار حتى يحين قطافها.
وقال الخريف إنه موسم الحصاد والتخزين, ففيه تمتلىء الشون والمخازن والبيوت بالثمار.

أما الشتاء فقال إنه يلتهم الثمار ويستهلكها, ويطارد كل الديدان السامة.

أخذ الأربعة يتباهون بصنيعهم ويتنازعون أمرهم. لكنهم نسوا أنهم بذلك إنما يفاخرون بقوتهم الشخصية, ويمتدحون سلطتهم الذاتية.

وهكذا تفعلان. إذ يبكى الشاكى فقيدته, وكأنها كانت ملكاً له, ولم يخطر له على بال , أنها كانت وديعة أودعناها لديه. أما الموت فهو يفخر بسلطته ويتباهى بسلطانه, ذلك السلطان الذى لم يعره إياه سوانا.

ذاك يشكو من فقدان شىء لايملكه, وهذا يتباهى بسلطة استمدها من غيره. ومع ذلك فليست أسباب النزاع واهية, بل لها وجاهتها: لقد أحسن كل منكما فى دفاعه عن وجهة نظره, ذاك تدفعه آلامه إلى الشكوى, وهذا يضطره هجوم الشاكى إلى قول الحقيقة.

لهذا نحكم لك بالشرف والكرامة أيها الشاكى, ولك بالغلبة والنصر أيها الموت.... فقد كُتِب على كل إنسان أن يدفع حياته للموت. ويعطى جسده للأرض , ويسلم روحه إلينا.
 
 
*عبدالرؤوف النويهى
20 - يناير - 2010
صلاة ودعاء    كن أول من يقيّم
 
نمـــوت لتستمـــر الحيــاة

الفصل الأخير
فلاح بوهيميا يصلي



الموت زائر ليس غريباً عن ديارنا .. يأتينا على غفلة و يرحل دائماً مصطحباً حبيباً لنا ، و دائماً يترك في صدورنا جرحاً ليلكياً و في قلوبنا نزيفاً لا يطيب .......

"إن بَلْبَـلَ المـوت عينـيكم بمطـرة ... و إن أثقـل عليـكم بغمـرة... يبقـى العـزاء شهـادة إيمـان ، فـي المـوت أَبَـتْ أن تُقْهَـرَ" ....


هكذا نرى فلاح بوهيميا يعود ليفتح الباب لإيمانه مرحباً ، رافعاً وجهه نحو الخالق في تضرعاته لهيب الجراح و بَرَد الإيمان ......
 
34- أكرمان
و يصلي :


يارقيبا لا تغفل عيناه, يارب الآرباب, ياصانع المعجزات وصاحب السيادة فوق كل السادة, ياروحا أقوى من كل الأرواح, ياأمير كل الإمارات,
أنت البئر الفياض بكل خير,
أنت أقدس القديسين,
أنت المتوج والتاج,
أنت المجزى والجزاء,
أنت أمير الأمراء وصفوة النبلاء, بقبضة يدك كل دواء: فهنيئا لمن ترضى عنه ويتشرف اليك بالانتماء.
أنت بهجة الملائكة الأبرار, وسعادة الأطهار, ياخالق أعظم الصيغ والأشكال, من كهول وأطفال: اللهم أستجب لى.
يانورا غير مستمد من نور آخر.
أنت النور الذى تتضاءل أمام اشعاعاته كل الأضواء الأخرى.
أنت الضوء الذى تخفت أمامه كل الاضواء, وتتلاشى لتصير ظلمة قاتمة.
أنت النور الذى يضيىء ظلال الأنوار.

أنت النور الذى نطق فى البداية قائلا:" فلتنر الدنيا....".

أنت اللهب الدائم الاشتعال.

أنت البداية و أنت النهاية ، اللهم أستجب لى.

ياخيرا فوق كل خير، وسعادة لا تدانيها سعادة.

أنت الصراط المؤدى إلى الحياة الآبدية دون متاهات.

أنت أفضل من الآفاضل

أنت الحياة لكل حى ، والحق الذى يعلو كل حقيقة ، والحكمة الفياضة على كل حكمة .

أنت القادر على كل قدرة، الرقيب على كل يد عادلة أو ظالمة، الشافى من كل عاهة أو عيب.

أنت شبع المحتاجين والبلسم الشافى للمرضى.

أنت خاتم الجلالة العليا,أنت حافظ الانسجام فى السماء والعارف الوحيد بأفكار العبيد.

أنت المصمم البارع لمختلف الوجوه البشرية.

أنت أقوى من كل الكواكب, وصاحب كل نفوذ على الأفلاك السائرة

أنت أقوى وأمتع رئيس لديوان السماوات .
أنت القانون الذى تثبت أمامه النظم السماوية الخالدة.

أنت الشمس الساطعة اللهم فاستجب لى.

أنت المصباح الخالد والنور الأبدى, وخير قبطان يوجه دفة السفينة ورافع الراية التى ينتصر من استظل بظلها . خلقت الجنة والنار وبنيت الكرة الأرضية ( رافع السموات والأرض)

أنت مقيم السدود فى وجه تيار البحر وخالط الرياح المتغيرة ومقوى لهيب النيران وخالق كل العناصر من رعد وبرق وسحاب ورذاذ وجليد ومطر وقوس قزح وندى وريح وصقيع.

وأنت الموجه الوحيد لها جميعا ولفاعليتها .

أنت الدوق (المشير) القوى للجيش السماوى.

أنت القيصر المطاع والخالق السمح القوى الرحيم . رحماك بى اللهم واستجب لى.

أنت الكنز الذى تنبثق عنه جميع الكنوز والمنبع الذى تنساب منه الينابيع النقية الطاهرة.

أنت المرشد الذى لايضلل أحدا فى أى طريق.

أنت المغيث من كل ضائقة . تجتذب إليك كل الأشياء الطيبة كما تجتذب الوردة النحلة.

أنت الأصل لكل الأشياء ، اللهم استجب لى.

أنت الطبيب الشافى من كل داء ووباء ، أنت خبير الخبراء ورب الأرض والسماء ، العليم بكل نهاية وكل طريق ، حارس المخلوقات من بطون أمهاتهم حتى أعماق قبورهم.

أنت المصمم لكل الصور والأشكال و أنت الأساس المتين لصالح الأعمال.

أنت المحب لكل طهارة وبراءة و المبغض للنجاسة والدناءة و المجزى على كل عمل صالح .

أنت وحدك أعدل القضاة ، أنت الواحد الأحد ، المهيمن على كل شىء الى الأبد ، اللهم فأستجب دعائى.

أنت المعين فى كل الأزمات والمخاوف.

أنت رباط متين لايقوى على فكه أحد من العالمين.

أنت الذات العليا الكاملة فوق كل كمال

أنت العليم حقا ببواطن الأمور وظواهرها.

أنت الوهاب للسعادة الآبدية ومحطم المتع الدنيوية.
أنت أهل لكل الصالحين ورب بيتهم . و أنت الصياد الذى لايخفى عليه أى أثر والمصب الدقيق لكل الحواس ومركز الدائرة فى كل قياس.

أنت السميع المجيب لكل من ناداك فاللهم استجب دعائى.

ياأقرب عون للمحتاجين ومفرج كرب من هم عليك معتمدون وفيك آملون .
أنت مشبع الجائعين .
أنت وحدك القادر على خلق الأشياء من العدم وتحويلها إلى العدم

أنت المحيى والمبقى والمميت لكل سبب ودوام وتوقيت.

لايستطيع أحد أن يفهم كينونتك وجوهرك أو يراك أو يرسمك ويحدد معالمك.
تقبل برحمتك روح زوجتى العزيزة... اللهم امنحها الراحة الأبدية. وانعشها بقطرات من ندى رحمتك واظلها بظلك.

امنحها يارب خير كفاية ، حيث تكفى صغار الناس وكبارهم.

اسكنها يا الهى فى عرشك_ من حيث أتت _ بين الأرواح الصالحة الخالدة.

إن قلبى يتألم لفراق مارجريتا زوجتى المختارة.

امنحها ياغنيا الرحمة بقوة ألوهيتك الأبدية ، مرآة ترى فيها نفسها إلى الأبد وتنظر فيها وتبتهج حيث تجد كل الملائكة الأطهار تشع منهم الأنوار.

فليساعدنى كل من يستظل بظل الرحمن من إنس وجان على أن أنطق من الأعماق بكل إخلاص وأقول: آميـن.
 
*عبدالرؤوف النويهى
20 - يناير - 2010
وفى الختام    كن أول من يقيّم
 
تذييل لابد منه

فلاح بوهيميا و محاكمة الموت :

من الرقم 1 إلى الرقم 5:

عرض القضية ويتبين منها أن المجنى عليه فلاح بوهيميا يتعرض للموت ويلقى عليه أشد اللوم وسبب الإدعاء هو موت زوجته وأن المتهم هو الموت الذى سلبها حياتها وأنه قاتل شرس لارحمة فى قلبه ولارأفة ، وتستبين من الحوار أن فلاح بوهيميا ثائر ثورة عنيفة لموت زوجته لكن الموت بغطرسته يتعامل معه وكأنه اليد العليا التى لارد لها ويستهزأ بفلاح بوهيمي بل يتعجب (اسمعوا اسمعوا فلتسمعوا العجب العجاب شكاوى ثائرة ضدنا وأصوات ظالمة تطعن فينا) صيغة الجمع والسخرية على فلاح بوهيميا وإصدار الحكم بأن حديثه شكاوى ظالمة .


من الرقم 6 الى الرقم 12

يبدأ المتهم فى تبرير فعلته بل يصف كل من يبكى على الأموات بالحم وببطلان شكواه ويصف فلاح بوهيميا (بأنه جرو صغير ساذج وأهوج)وينتقد فلاح بوهيميا أقوال الموت ويقول ( أيها السفاح الذى لايعرف الحياء ،فيك تستتر الرذيلة فى أخبث رداء)


من الرقم 13 الى الرقم 18

فلاح بوهيميا يطالب بالقصاص من الموت ويطالب بالعدالة ويحكى ويقص ويلوذ العدل يلتمس الحكم الرادع للموت ويطلب محوه من الوجود والانقام منه والعذاب له. ويدافع الموت عن نفسه ساخراً من فلاح بوهيميا ويقول له:إنك حقا حمار ذكر حكيم !!!

من الرقم 19 الى الرقم 23

فلاح بوهيميا مصمم على الدفاع عن الحياة لكن الموت يهزأ به ومنه ويصفه
ببطء الفهم وقلة الدراية


من الرقم 24 الى الرقم 32

تهدأ حدة الحوار والتراشق الكلامى بين فلاح بوهيميا والموت ونلاحظ أن
فلاح بوهيميا بدأ يتنازل عن بعض ما يعتوره من آلام وأحزان ،فقد استطاع
الموت بمنطقية وسلاسة أن يؤكد أن الموت والحياة لاينفصلان ولايمكن أن يبقى
واحد دون الآخر فهما متلازمان .
الموت ساخر إلى أقصى درجات السخرية يصرخ فى وجه فلاح بوهيميا (أيها
الفتى الحكيم من قرية الحمير !!)
ويرد عليه فلاح بوهيميا (خسئت يامنبع العار والشنار) وبعد الصراع الدامى بين الموت وفلاح بوهيميا نجد أن الموت يقول فى استكانة واحترام (الآن نقف معك بين يدى الله ،الخالد،الكبير، ذى القوة المتين)


رقم 33

وبكلمات معدودة حكم الواحد القهار وبحكم قاطع نافذ لامرد له ليشيد بالمجنى عليه وبالموت ، فلقد أحسن كل منهما فى دفاعه عن وجهة نظره ..
ولهذا يحكم الواحد الأحد بالشرف والكرامة للشاكى (فلاح بوهيميا) و (للموت)بالغلبة والنصر .

ويأتى الحكم القاطع (فقد كتب على كل إنسان أن يدفع حياته للموت وأن يعطى جسده للأرض ويسلم روحه إلينا).

"وهنا تتولانى رعدة تهزنى هزاً وتنهمر على روحى ونفسى آيات الذكر الحكيم
(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتي ) صدق الله العظيم"

رقم 34

صلاة فلاح بوهيميا على روح زوجته ،وأشهد الله وأشهدكم أن هذا الدعاء من أروع وأعمق وأرق الكلمات .

فلنقرأ هذا الحوار الرائع ولنترحم على أمواتنا وعلى أنفسنا وندعو الله جل جلاله أن يشملنا بعفوه وغفرانه إنه نعم المولى ونعم النصير.

                                  خاتمة

لايسعنى إلا التقدم بالشكر ،للشمسين اللتين غمر نورهما ،هذا الكتاب (غواية العشق ووهم الوصال).

أختى العزيزة سلوى فريمان ،لما تفضلت به من المراجعة الدقيقة والتنسيق والتعديل .

وابنتى الجميلة بسمة ،التى قامت بالكتابة والمراجعة والتصحيح .

لهما منى عظيم الشكر والتقدير.
 
                       والحمدلله رب العالمين
 


*عبدالرؤوف النويهى
20 - يناير - 2010
جدل الفلاسفة عن الموت وحسم القرآن في المسألة    كن أول من يقيّم
 
لا زلت أذكر أن هاته المسألة (لغز الموت)شغلتني ولا زالتن تشغلني
حاولت منذ مدة طويلة قراءة الموت في الفكر الوجودي وقرأت ملخصا للفيلسوف المشهور عبد الرحمان البدوي رحمه الله  في موسوعته الفسلفية عن رسالة ماجيستير(فكرة الموت في الفكر الوجودي )
وملخص المسألة  أن الحياة كلها عبث  وتمتع ما شئت  واستقبل الموت كما تستقبل الحياة.حاول مؤسس الفسفة الوجودية حل هذا الإشكال(جون بول سارتر)من خلال روايات وأبحاث واتبعه  الكاتب المخصرم ألبرت الكامو في رواياته المختلفة.
وحاول الفيلسوف عبد الرحمان البدوي رحمه الله شرح هذه الفكرة من خلال أصول وأدبيات ومصطلحات هذه المدرسة ولم تخرج المسألة عن عمق في التفكير  يلد أفكارا متسلسلة  تجد فيها متعة البحث ولن تجد أبدا فيها طمأنينة وراحة الأجوبة الحاسمة لهذه المسألة الغامضة جدا
وقد ختم الله لهذا الفيلسوف عبد الرحمان بدوي  خاتمة حسنة  حسب شهادة الآلاف من الناس
فقد تخلي عن كل تلك الأفكار وعاد لمعين القرآن والسنة وصار من أحسن المدافعين  عن الإسلام
مسألة الموت بكل وضوح  لن نجد لها أجوبة مفحمة مسكتة تبعث علي الطمأنينة والهدوء سوي في القرآن والسنة
فالموت مجرد فناء لهذا الجسم أما الروح فتصعد إلي بارئها
ومع انتهاء مرحلة البرزخ (فناء البشر كلهم وبعث الحياة من جديد)تستعيد الأجسام نشاطها  بقدرة قادر (قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم)
ربما تعب الفلاسفة والماديون في فهم بعث الأجسام من جديد ونفخ الروح
لكننا بساطة نؤمن بما قال كتاب الله وسنة رسوله ونطمئن بما جاء فيهما
وبعد بعث الحياة من جديد يؤتي بالموت علي شكل  كبش فيذبح ثم (حياة بلا موت)
فيخلد الأخيار في الجنة ويخلد الأشرار في النار
نعلم أن المسألة فيها تجاذبات فكرية متعددة الاتجاهات
لكن الاتجاه السليم والأصوب  والذي تلقفه غالب البشر قديما وحديثا هو ماجاءت به الأديان السماوية جميعها (باعتبار الأصل بغض النظر عن تحريفها)
صلاح الدين
21 - يناير - 2010
 1  2  3