مطلق الجمع والترتيب كن أول من يقيّم
تحية طيبة أستاذ محمد سعد، " وأما الواو غير العاملة فقد ذكر بعضهم لها أقساماً كثيرة. وهي راجعة إلى ثمانية أقسام: الأول: العاطفة. وهذا أصل أقسامها وأكثرها. والواو أم باب حروف العطف، لكثرة مجالها فيه. وهي مشركة في الإعراب والحكم. ومذهب جمهور النحويين أنها للجمع المطلق. فإذا قلت: قام زيد وعمرو، احتمل ثلاثة أوجه: الأول أن يكونا قاما معاً، في وقت واحد. والثاني أن يكون المتقدم قام أولاً. والثالث أن يكون المتأخر قام أولاً. قال سيبويه: وليس في هذا دليل على أنه بدأ بشيء قبل شيء، ولا بشيء بعد شيء. وذهب قوم إلى أنها للترتيب. وهو منقول عن قطرب، وثعلب، وأبي عمر الزاهد غلام ثعلب، والربعي، وهشام، وأبي جعفر الدينوري. ولكن قال هشام والدينوري: إن الواو لها معنيان: معنى اجتماع، فلا تبالي بأيتهما بدأت، نحو: اختصم زيد وعمرو، ورأيت زيداً وعمراً، إذا اتحد زمان رؤيتهما. ومعنى اقتران، بأن يختلف الزمان، فالمتقدم في الزمان يتقدم في اللفظ، ولا يجوز أن يتقدم المتأخر. وعن الفراء أنها للترتيب حيث يستحيل الجمع. وقد علم بذلك أن ما ذكره السيرافي والفارسي والسهيلي، من إجماع النحاة، بصريتهم وكوفيهم، على أن الواو لا ترتب، غير صحيح. قال ابن الخباز: وذهب الشافعي، رضي الله عنه، إلى أنها للترتيب. ويقال: نقله عن الفراء. وقال إمام الحرمين في البرهان: اشتهر، من مذهب أصحاب الشافعي، أنها للترتيب، وعند بعض الحنفية للمعية، وقد زل الفريقان. وقال ابن مالك في التسهيل: تنفرد الواو بكون متبعها في الحكم محتملاً للمعية برجحان. وللتأخر بكثرة، وللتقدم بقلة. قيل: وهو مخالف، في ذلك، لكلام سيبويه وغيره. وقال ابن كيسان: لما احتملت هذه الوجوه، ولم يكن فيها أكثر من جمع الأشياء، كان أغلب أحوالها أن يكون الكلام على الجمع، في كل حال، حتى يكون في الكلام ما يدل على التفرق." . الجنى الداني في حروف المعاني ،ص: 25، 26 ، لابن ام قاسم / مكتبة الوراق التراثية قوله تعالى: "وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا" هذا إنكار منهم للآخرة وتكذيب للبعث وإبطال للجزاء. ومعنى: "نموت ونحيا" أي نموت نحن وتحيا أولادنا؛ قاله الكلبي. (القرطبي في الجامع لأحكام القرءان) أ.هـ . والواو بهذا المعنى تفيد الترتيب على ما يبدو حين ابتدئ بذكر الموت أولا ، كما أنها تفيد الترتيب أيضا لو ذكرت الحياة أولا ، فالموت والحياة يتعاقبان بأيهما بدأنا بالكلام ، ولن يكون موت وتكون حياة في آن معا . وتفيد الواو مطلق الجمع إذا اعتبرنا أن الولد ربما يموت قبل والده ، وأن الوالد ربما يموت قبل ولده ، فلا ترتيب في هذه الحال . والله تعالى اعلم . على ان ابتداء منكري البعث بذكر الموت يمكن ان يكون من معانيه اعتبارهم ما تجري العادة فيه من موت الكبير حين يهرم قبل الصغير ، ويحتمل معه اعتبار رغبتهم في أن لا يموت اولادهم قبلهم . |