البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : أمـــة القـــاف     كن أول من يقيّم
 زين الدين 
19 - ديسمبر - 2009
" ليشهدوا منافع لهم "  ...... من منافع تواجدني بموسم الحج مطالعتي جريدة الشرق الأوسط يوميا ، وقد قرأت البارحة مقالا شيقا لللأأستاذ خالد القشطيني ، أقتبسه هنا ... مع إهداء خاص لأستاذنا أمير العروض عمر خلوف ، ولأستذنا زهير ، على اعتبار لغة الشعر وكذا لأن قائلها هو أحمد شوقي ....
 
أمة القاف
اعتدنا على تسمية أنفسنا بأننا أمة الناطقين بالضاد. والظاهر أن القدرة على نطق الضاد هي الميزة الوحيدة التي نستطيع فيها التميز على بقية الأمم. ولكن إذا كان حرف الضاد يجمعنا فحرف القاف يفرقنا. فحسب معرفتي، لم أجد أحدا ينطق القاف بالصوت الكلاسيكي القرآني غير يهود العراق. وقد أخذوا معهم ذلك إلى إسرائيل. المصريون وأهل الشام لا ينطقون القاف مطلقا ويحلون الهمزة محله. في السودان وجنوب العراق يحلون حرف الغين محله. وفي منطقة الخليج ووسط العراق وصعيد مصر ينطقون القاف بالكاف المعجمة، وهكذا.
بيد أن القوميين ودعاة الوحدة العربية حاولوا التمسك بنطق القاف بالصورة الكلاسيكية. هكذا كنا نسمع أحمد سعيد يتكلم من إذاعة صوت العرب من القاهرة. وكان من هذا الرهط الأديب المصري الدكتور محجوب ثابت. كان بينه وبين سليمان فوزي ما صنع الحداد، وإن كنت لا أعرف ماذا صنع الحداد. لكنه كان يقول عنه متشكيا «يشتمني في زفة ويصالحني في عطفة».
بذل أحمد شوقي قصاراه ليصلح بينهما ولم يوفق. فكتب قصيدة يداعب فيها صاحبه الدكتور ويظهر إصراره على لفظ حرف القاف بالصوت القرآني. استهل القصيدة بسلسلة من القافات:
يمينا بالطلاق وبالعتاق                       وبالدنيا المعلقمة المذاق
لم يكن لمحجوب ثابت زوجة ولا عشيقة ليطلقها أو يعتقها ولكنها كانت كلمات ذات جرس قافي أو قفقاني لذيذ. ومضى الشاعر يقعقع ويقوقي بالقافات:
وبالخطب الطوال وما حوته                  وإن لم يبق في الأذهان باق
وكسري الشعر إن أنشدت شعرا             ونطقي القاف واسعة النطاق
أيشتمني سليمان ابن فوزي                  و«بايبي» في يدي ومعي «تباقي»
تقاقي ذقنه من غير بيض                   ولي ذقن تبيض ولا تقاقي
أنا الطيار رجل في دمشق                  إذا اشتدت ورجل في العراق
ألا «طز» على العيهود «طز»              وإن أبدى مجاملة الرفاق
بقارعة الطريق ينال مني                   ويوسعني عناقا في الزقاق
فسبحان المفرق، حظ قوم                  قناطير، وأقوام أواقي
أمور يضحك السعداء منها                ويبكي البلشفي والاشتراقي
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
براغيث محجوب    كن أول من يقيّم
 
تحية طيبة لأستاذنا زين الدين ، وللسراة والقراء الأكارم ، وشكرا له على المقال الطريف ،
وتعليقا على ما ورد في المقال من القول بأن أهل الشام قاطبة ينطقون القاف همزة ، أقول إنه قول غير دقيق . فأهل المدن الشامية الذين يبدلون الهمزة بالقاف آباؤهم لم يفعلوا ذلك كلهم . فقد نطقوا بالقاف القرءانية ، ونطق بعضهم بالهمزة بدلا من القاف  ، وما زال منهم من الصنف الأول من يعيش بيننا في هذه الأيام . أما إخواننا من العرب الدروز ، في سوريا وفلسطين ولبنان ، فقافهم العربية معروفة مشهورة . كما أن أهل القرى الفلسطينية  ينطقون القاف كافا أحيانا ولا ينطقونها همزة أبدا، وهم أيضا ينطقون القاف غينا مثل السودانيين في كلمتين : عند قولهم مثلا : " أنا مش غادر..."، يعنون بغادر: قادر  ، وعند قولهم مثلا " لا تزغزغ الولد " يريدون بها الزقزقة، وهي ان تضع أصابعك في خاصرة الصبي لإضحاكه . وعلى اية حال، فهناك من يقول بأن القاف ربما تنقلب إلى همزة او العكس ، ويوردون على ذلك شواهد لغوية أوردتها كتب اللغة .
ولقد ذكرني هذا المقال الطريف بقصيدة طريفة أخرى لأمير الشعراء قالها في براغيث  الدكتور محجوب صديقه ، وكنت قد طالعتها في عدد من أعداد مجلة الرسالة الزياتية ، تحت عنوان : مداعبة شوقية لم تنشر / براغيث محجوب . وها هي ، أنقلها لمن لم يطلع عليها :
براغيثُ محجوبَ لم أنسها  ولم أنس ما طعِمَت من دمي
تشقُّ خراطيمُها جوربي   وتنفذ في اللحم والأعظُم
وكنتُ إذا الصيف راح  احتجمـتُ  فجاء الخريف ولم أُحجم
ترحبُ بالضيف فوق الطريـق   فباب العيادة فالسلم
قد انتشرت جوقة "جوقة"   كما رُشّت الأرض بالسمسم
وترقص رقص المواسي الحدادِ  على الجلد والعَلق الأسحم
بواكير تطلع قبل الشتاء   وترفع ألوية الموسم
إذا ما ابن سينا رمى بلغما   رأيت البراغيث في البلغم
وتبصرها حول "بيبا" الرئيــس   وفي شاربيه وحول الفم
وبين حفائر أسنانه   مع السوس في طلب المطعم
*ياسين الشيخ سليمان
21 - ديسمبر - 2009
بيني وبين البراغيث ثأر    كن أول من يقيّم
 
 
 وكنت قبل مدة قد ورطت نفسي بتسميد أرض حديقة منزلي بسماد عضوي من بعر الشاة ، تبرع لي به صديق لي واحضر منه خمسة عشر كيسا، وأوصاني بتفريغها من محتواها وخلطه بتراب الأرض . ولما خشيت من انتشار رائحة السماد؛ فضلت أن ابقي على الأكياس مغلقة حتى يقترب موعد المطر . بعد أسبوع تقريبا انتشرت البراغيث حول المنزل وفي داخله انتشارا أوسع من انتشار الجراد ، مما أحال حياة أسرتي جحيما لم يذقه أولادي طوال حياتهم . أما الذي كان يقترب من الأكياس فيا ويله ويا سواد ليله . فهذه البراغيث تقفز بالجملة عليه كما تقفز السباع على فرائسها في مجاعة ، ثم تعلق به وبملابسه علوقا لا فكاك له منه إلا أن يستحم كل ساعة لتعود بعدها البراغيث تنهش في بدنه نهش الوحوش الضواري . قمت برش الأكياس بنوع من مبيدات البراغيث ولكن عبثا كان الرش وقد استفحل شرها استفحالا ، وباتت المبيدات غير ذات جدوى!
فكرت بالتخلص من الأكياس ؛ ولكن كيف وأنا لا أقبل بأن أسبب ضررا لأحد من الجيران ولو كان الجار الثلاثين؟! قام أبنائي بدفن ما في الأكياس في التراب دفنا ، ثم رشوا عليها من الماء الغزير المتدفق من خرطوم طويل رشّا ، فتقلص هجومها ، إلا أنه لم يتوقف تماما حتى انعم الله علينا بشتاء ماطر غزير المطر .
قصتي مع البراغيث جعلتني أعود إلى صورة مخطوطة كنت حملتها من الشبكة من زمان ولم أطالعها رغم أني دهشت يوم تحميلها من عنوانها الذي يوحي بأن للبراغيث فوائد لا أعلمها . والمخطوطة بعنوان : " الطرثوث في فوائد البرغوث" للإمام الجلال السيوطي . ولم أكن أعرف ما هو الطرثوث، فإذا به نوع من النبات يشبه الفطر ، ويبدو أن الناس في عصر السيوطي كانوا يستجيدونه ، وإلا لماذا سمى السيوطي رسالته بالطرثوث...؟!
المهم أني عرفت من فوائد البرغوث اثنتين رواهما السيوطي نظما على لسان ناظم :
لا تكره البرغوث إن اسمه بـرّ  وغوث لك لو iiتدري
فـبـره مـص دم iiفـاسد وغـوثـه  الإيقاظ iiللفجر
يمص ما فسد من الدم على زعمهم ، ويوقظ لصلاة الفجر ، وان أصل اسمه برّ وغوث .على أن المخطوطة ذكرت مضار البرغوث ذكرا كثيرا ؛ ولكنها جعلت فوائده عنوانا لها لما جاء في الأثر ، وذكره السيوطي ، من النهي عن سب البرغوث كما يبدو .
بقي القول : عجبا والله لقوة البرغوث ما اشدها! لقد شاهدته على شاشة التلفاز يجر عربة أثقل منه بمرات يصعب حصرها، فكان كالخيل او البغال أو اشد قوة منهما بالقياس إلى حجمه . وشاهدته وقد وضعوا عليه قطعة عملة معدنية يفوق وزنها وزنه ربما مئات المرات ، فإذا به يقفز من تحتها؛ فيقلبها ويتخلص منها ، فسبحان الله الخالق .
 
 
*ياسين الشيخ سليمان
21 - ديسمبر - 2009